تعميم الوزارة حول أخطار الإباحية وعواقبها .. وندعوك يا [you] للمشاركة

تعلمون يا خطباءنا الكرام ويا أصدقاء الخطباء الأوفياء عن بعض الظواهر المتفشية في المجتمعات والتي تصنف بانها من الموضوعات التي تحت الرماد؛ حيث يتجنبها الخطباء والمصلحون لما في الكلام عنها صراحة من الحساسية ومن ذلك ما يتعلق بالإباحية التي تمطر على الناس من الفضائيات أو يجدونها في بعض المواقع على الشبكة خصوصًا عندما تستعمل البرامج المزيلة للحجب والترشيح، وحيث إن ذلك له آثار خطيرة على المجتمع، وقد تكلم كثير من المصلحين في هذا الموضوع، ويوجد مواقع متخصصة تعالج هذا الموضوع من جميع جوانبه، ولم يتبق إلا منبر الجمعة لم يتكلم عن هذا الموضوع.
وقد جاء تعميم من فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالرياض مستشعرًا أهمية الحديث عن موضوع الإباحية وأخطارها وعواقبها وتكرار ذلك.

ولذلك تدعوكم شبكتكم - ملتقى الخطباء- لمناقشة هذا الموضوع، وطريقة طرحه ومعالجته بما لا يُسِف بمنبر الجمعة، ولا يشيع الفاحشة، مع اقتراح بعض الأطروحات المميزة حول الموضوع



799410443.jpg
المشاهدات 7302 | التعليقات 11

يا من تريد النظر إلى الحرام:

فكر بالعواقب قبل النظر وإلا أفسد القلبَ البصرُ


[font="]أفضل أن يعالج هذا الموضوع كما عالجه الإمام ابن القيم رحمه وهذا فصل ماتع من كتابه الجواب الكافي أُفَضل أن تشرح كل نقطتين أو ثلاث في خطب الجمعة على أن تكون آخر خطبة عن دور التوحيد والمعرفة بالله في صرف الفواحش عن الإنسان.
[/font]

[font="]قال ابن القيم رحمه الله : فَصْلٌ: عِشْقُ الصُّوَرِ[/font]
[font="]وَنَخْتِمُ الْجَوَابَ بِفَصْلٍ مُتَعَلِّقٍ بِعِشْقِ الصُّوَرِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْمَفَاسِدِ الْعَاجِلَةِ وَالْآجِلَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ أَضْعَافَ مَا ذَكَرَهُ ذَاكِرٌ ، فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الْقَلْبَ بِالذَّاتِ ، وَإِذَا فَسَدَ الْقَلْبُ ؛ فَسَدَتِ الْإِرَادَاتُ وَالْأَقْوَالُ وَالْأَعْمَالُ ، وَفَسَدَ ثَغْرُ التَّوْحِيدِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَكَمَا سَنُقَرِّرُهُ أَيْضًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .[/font]
[font="] وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ [/font][font="]وَتَعَالَى إِنَّمَا حَكَى هَذَا الْمَرَضَ عَنْ طَائِفَتَيْنِ مِنَ النَّاسِ ، وَهُمُ اللُّوطِيَّةُ وَالنِّسَاءُ ، فَأَخْبَرَ عَنْ عِشْقِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ لِيُوسُفَ ، وَمَا رَاوَدَتْهُ وَكَادَتْهُ بِهِ ، وَأَخْبَرَ عَنِ الْحَالِ الَّتِي صَارَ إِلَيْهَا يُوسُفُ بِصَبْرِهِ وَعِفَّتِهِ وَتَقْوَاهُ ، مَعَ أَنَّ الَّذِي ابْتُلِيَ بِهِ أَمْرٌ لَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ صَبَّرَهُ اللَّهُ ، فَإِنَّ مُوَاقَعَةَ الْفِعْلِ بِحَسَبِ قُوَّةِ الدَّاعِي وَزَوَالِ الْمَانِعِ ، وَكَانَ الدَّاعِي هَاهُنَا فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ ، وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ :[/font]
[font="]أَحَدُهَا :[/font][font="] مَا رَكَّبَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي طَبْعِ الرَّجُلِ مِنْ مَيْلِهِ إِلَى الْمَرْأَةِ ، كَمَا يَمِيلُ الْعَطْشَانُ إِلَى الْمَاءِ ، وَالْجَائِعُ إِلَى الطَّعَامِ ، حَتَّى إِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَصْبِرُ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَلَا يَصْبِرُ عَنِ النِّسَاءِ ، وَهَذَا لَا يُذَمُّ إِذَا صَادَفَ حَلَالًا ، بَلْ يُحْمَدُ كَمَا فِي كِتَابِ الزُّهْدِ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ يُوسُفَ بْنِ عَطِيَّةَ الصِّفَارِ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ ، أَصْبِرُ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَلَا أَصْبِرُ عَنْهُنَّ .[/font]
[font="]الثَّانِي :[/font][font="] أَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ شَابًّا ، وَشَهْوَةُ الشَّبَابِ وَحِدَّتُهُ أَقْوَى .[/font]
[font="]الثَّالِثُ :[/font][font="] أَنَّهُ كَانَ عَزَبَا ، لَيْسَ لَهُ زَوْجَةٌ وَلَا سُرِّيَّةٌ تَكْسِرُ شِدَّةَ الشَّهْوَةِ .[/font]
[font="]الرَّابِعُ :[/font][font="] أَنَّهُ كَانَ فِي بِلَادِ غُرْبَةٍ ، يَتَأَتَّى لِلْغَرِيبِ فِيهَا مِنْ قَضَاءِ الْوَطَرِ مَا لَا يَتَأَتَّى لَهُ فِي وَطَنِهِ وَبَيْنَ أَهْلِهِ وَمَعَارِفِهِ .[/font]
[font="]الْخَامِسُ :[/font][font="] أَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ ذَاتَ مَنْصِبٍ وَجِمَالٍ ، بِحَيْثُ إِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ يَدْعُو إِلَى مُوَاقَعَتِهَا .[/font]
[font="]السَّادِسُ :[/font][font="] أَنَّهَا غَيْرُ مُمْتَنِعَةٍ وَلَا آبِيَةٍ ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يُزِيلُ رَغْبَتَهُ فِي الْمَرْأَةِ إِبَاؤُهَا وَامْتِنَاعُهَا ، لِمَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ مِنْ ذُلِّ الْخُضُوعِ وَالسُّؤَالِ لَهَا ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَزِيدُهُ الْإِبَاءُ وَالِامْتِنَاعُ إِرَادَةً وَحُبًّا ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :[/font]
[font="] وَزَادَنِي كَلَفًا فِي الْحُبِّ أَنْ مَنَعَتْ أَحَبُّ شَيْءٍ إِلَى الْإِنْسَانِ مَا مَنَعَا[/font]
[font="] فَطِبَاعُ النَّاسِ مُخْتَلِفَةٌ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَضَاعَفُ حُبُّهُ عِنْدَ بَذْلِ الْمَرْأَةِ وَرَغْبَتِهَا ، وَيَضْمَحِلُّ عِنْدَ إِبَائِهَا وَامْتِنَاعِهَا ، وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ الْقُضَاةِ أَنَّ إِرَادَتَهُ وَشَهْوَتَهُ تَضْمَحِلُّ عِنْدَ امْتِنَاعِ امْرَأَتِهِ أَوْ سُرِّيَّتِهِ وَإِبَائِهَا ، بِحَيْثُ لَا يُعَاوِدُهَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَضَاعَفُ حُبُّهُ وَإِرَادَتُهُ بِالْمَنْعِ فَيَشْتَدُّ شَوْقُهُ كُلَّمَا مُنِعَ ، وَيَحْصُلُ لَهُ مِنَ اللَّذَّةِ بِالظَّفَرِ بِالضِّدِّ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ وَنِفَارِهِ ، وَاللَّذَّةُ بِإِدْرَاكِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ اسْتِصْعَابِهَا ، وَشِدَّةِ الْحِرْصِ عَلَى إِدْرَاكِهَا .[/font]
[font="]السَّابِعُ :[/font][font="] أَنَّهَا طَلَبَتْ وَأَرَادَتْ وَبَذَلَتِ الْجُهْدَ ، فَكَفَتْهُ مُؤْنَةَ الطَّلَبِ وَذُلَّ الرَّغْبَةِ إِلَيْهَا ، بَلْ كَانَتْ هِيَ الرَّاغِبَةَ الذَّلِيلَةَ ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْمَرْغُوبُ إِلَيْهِ .[/font]
[font="]الثَّامِنُ :[/font][font="] أَنَّهُ فِي دَارِهَا ، وَتَحْتَ سُلْطَانِهَا وَقَهْرِهَا ، بِحَيْثُ يَخْشَى إِنْ لَمْ يُطَاوِعْهَا مِنْ أَذَاهَا لَهُ ، فَاجْتَمَعَ دَاعِي الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ .[/font]
[font="]التَّاسِعُ :[/font][font="] أَنَّهُ لَا يَخْشَى أَنْ تَنِمَّ عَلَيْهِ هِيَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ جِهَتِهَا ، فَإِنَّهَا هِيَ الطَّالِبَةُ الرَّاغِبَةُ ، وَقَدْ غَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَغَيَّبَتِ الرُّقَبَاءَ [/font][font="]الْعَاشِرُ :[/font][font="] أَنَّهُ كَانَ فِي الظَّاهِرِ مَمْلُوكًا لَهَا فِي الدَّارِ ، بِحَيْثُ يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَحْضُرُ مَعَهَا وَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ ، وَكَانَ الْأُنْسُ سَابِقًا عَلَى الطَّلَبِ وَهُوَ مِنْ أَقْوَى الدَّوَاعِي ، كَمَا قِيلَ لِامْرَأَةٍ شَرِيفَةٍ مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ : مَا حَمَلَكِ عَلَى الزِّنَى ؟ قَالَتْ : قُرْبُ الْوِسَادِ ، وَطُولُ السَّوَادِ ، تَعْنِي قُرْبَ وِسَادِ الرَّجُلِ مِنْ وِسَادَتِي ، وَطُولَ السَّوَادِ بَيْنَنَا . [/font][font="]الْحَادِيَ عَشَرَ :[/font][font="] أَنَّهَا اسْتَعَانَتْ عَلَيْهِ بِأَئِمَّةِ الْمَكْرِ وَالِاحْتِيَالِ ، فَأَرَتْهُ إِيَّاهُنَّ ، وَشَكَتْ حَالَهَا إِلَيْهِنَّ ؛ لِتَسْتَعِينَ بِهِنَّ عَلَيْهِ ، وَاسْتَعَانَ هُوَ بِاللَّهِ عَلَيْهِنَّ ، فَقَالَ : وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ [/font]
[font="]الثَّانِيَ عَشَرَ :[/font][font="] أَنَّهَا تَوَعَّدَتْهُ بِالسِّجْنِ وَالصَّغَارِ ، وَهَذَا نَوْعُ إِكْرَاهٍ ، إِذْ هُوَ تَهْدِيدُ مَنْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ وُقُوعُ مَا هَدَّدَ بِهِ ، فَيَجْتَمِعُ دَاعِي الشَّهْوَةِ ، وَدَاعِي السَّلَامَةِ مِنْ ضِيقِ السِّجْنِ وَالصَّغَارِ .[/font]
[font="]الثَّالِثَ عَشَرَ :[/font][font="] أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ الْغَيْرَةُ وَالنَّخْوَةُ مَا يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَهُمَا ، وَيُبْعِدُ كُلًّا مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ ، بَلْ كَانَ غَايَةَ مَا قَابَلَهَا بِهِ أَنْ قَالَ لِيُوسُفَ : أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَلِلْمَرْأَةِ : وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ [/font][font="][ سُورَةُ يُوسُفَ : 29 ] [/font][font="]وَشِدَّةُ الْغَيْرَةِ لِلرَّجُلِ مِنْ أَقْوَى الْمَوَانِعِ ، وَهُنَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ غَيْرَةٌ .[/font]
[font="] وَمَعَ هَذِهِ الدَّوَاعِي كُلِّهَا فَآثَرَ مَرْضَاةَ اللَّهِ وَخَوْفَهُ ، وَحَمَلَهُ حُبُّهُ لِلَّهِ عَلَى أَنِ اخْتَارَ السَّجْنَ عَلَى الزِّنَى : قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ [ سُورَةُ يُوسُفَ : 33 ] .[/font]
[font="]وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يُطِيقُ صَرْفَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ ، وَأَنَّ رَبَّهُ تَعَالَى إِنْ لَمْ يَعْصِمْهُ وَيَصْرِفْ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ؛ صَبَا إِلَيْهِنَّ بِطَبْعِهِ ، وَكَانَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ، وَهَذَا مِنْ كَمَالِ مَعْرِفَتِهِ بِرَبِّهِ وَبِنَفْسِهِ .[/font]


شريط قلوب زائغة
خالد الجبير.

مقال عبودية الشهوات
د. عبدالعزيز العبداللطيف




سلام عليكم أيها المشايخ الكرام
وتلبية لطلبكم بالمشاركة في هذا الموضوع أقول:
لا أجد أي حساسية من معالجة هذا الموضوع البتة، وقد تكلمت عن هذا البلاء من بدايات انتشاره عدة مرات:
1-فأول ما جاءت الدشوش اللاقطة للقنوات الفضائية خصصتها بخطبة تفصيلية لكن للأسف أظنها ضاعت. ثم كتبت مقالة طويلة في مجلة الجندي المسلم كانت هي غلاف العدد لأهمية الموضوع وكان فيها فقرات كثيرة عن مسألة الإباحية.
2-لما جاء البلوتوث انتشرت موضة عند الشباب والفتيات في تناقل الصور والمقاطع الإباحية، وأفردت هذا الموضوع بخطبة رأيت أثرها ولله الحمد في عدد من الشباب بتقليل الشر قدر المستطاع وسأرفقها لكم في مربع مستقل لأنني وجدتها بعد بحث طويل في ملفاتي.
3-أفردت مقالة مطولة عن هذا الموضوع بخصوصه نشرت في مجلت البيان بعنوان (تناقل الصور الإباحية خطر ماحق ومعصية جارية) واعتمد عليها عدد من مشاهير الدعاة أثناء تناولهم لهذا الموضوع في محاضراتهم وسجلت وانتشرت، وهذا رابط المقالة في أحد المواقع http://www.islamdor.com/vb/showthread.php?t=30495
4-انتقيت المفاسد الثلاث التي ذكرتها في المقال آنف الذكر في أسطر قليلة بناء على طلب مكتب توعية جاليات الربوة لوضعها في نشرات صغيرة ولوحات حائط وقد طبعوها ورأيتها في ذلك الحين معلقة في عدد من المساجد والمدارس.
5-ألقيت محاضرات عن هذا الموضوع في عدد من مدارس البنين والبنات وفي عدد من القطاعات العسكرية، بل كانت أول محاضرة تقام في درة العروس في جدة هي عن هذا الموضوع وتأثر عدد من الشباب والفتيات به، وأذكر أنه في بعض القطاعات العسكرية جاء عدد من الجند عند ضابط لهم يعلنون توبتهم من ذلك ونظفوا جوالاتهم أمامه وفي مكتبه واتصل الضابط بي حينها يشكرني وهو فرح جدا، ويقول إن المحاضرة أثرت كثيرا في جنده.
6-كتبت خطبتين أو ثلاث نسيت الآن بعنوان: خطورة النظر إلى المحرمات، وأظنها موجودة عندكم في الشبكة.
شكر الله تعالى لكم جهودكم، والخطبة التي وعدتكم بها تجدونها بعد هذا التعليق.


وهذه هي الخطبة التي كتبتها آنذاك:

خطورة إشاعة المحرمات
5/4/1426
الحمد لله ؛ خلق الخلق فدبرهم ، وكلف البشر وهداهم ، أحمده حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ (علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم)، وأشهد أن نبينا وقدوتنا محمدا عبده ورسوله ؛ أرسله الله تعالى على حين فترة من الرسل إلى قوم بلغوا من الجهالة ما بلغوا ؛ فهدى به من الضلالة، وأصلح به من الغواية ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ؛ اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه ، وتبليغ دينه ، فبلغوا ونصحوا ، وصدقوا ما عاهدوا الله عليه ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين0
أما بعد:فاتقوا الله تعالى وأطيعوه ؛ فإن الأمر يزداد شدة ، وإن الدين أضحى لأهل الغربة ، وإن الساعة لقريب (يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد)0
أيها الناس: من فضل الله تبارك وتعالى على البشر :أن علمهم ما ينفعهم في الدنيا والآخرة ، وسخر لهم ما في الأرض(هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) وركب فيهم وسائل تحصيل العلوم والمعارف من: الأسماع والأبصار والعقول؛ فبها يسمعون العلم ويبصرونه ، وبالعقول يفكرون ويحللون ويستنبطون (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون)
إنها نعم وأي نعم ؛ بها عرف الإنسان ما يضره مما ينفعه ، وبها تبادل البشر المنافع والمصالح ، وتناقلوا العلوم والمعارف ، وما يكتب في الغرب يترجم في حينه ويصل إلى الشرق ، وما يقع من أحداث في أقصى الشمال ينقل حال وقوعه إلى أقصى الجنوب 00 وبما فتح الله تعالى على البشر في مجالات الاتصال ؛ صار الواحد من الناس يحمل في جيبه أجهزة في حجم الكف يختزن الواحد منها ما لا يحصى من المحفوظات ، ويلتقط صورا كثيرة ثابتة ومتحركة ، وفيه من النفع ما يعز على الحصر؛ ولكن إذا أسيئ استخدامها فإن أضرارها بليغة ، وعواقبها وخيمة ؛ فبها تكشف العورات ، ويهتك ستر المخدرات ، وتشاع الفواحش والمنكرات0
وبها ينشر أهل الفساد فسادهم ، ويحققون أهدافهم وأغراضهم ، ويصلون إلى أهل البيوت في بيوتهم ، وكم من امرأة عفيفة طعنت في عفافها من صديقة أو زميلة نشرت سوءتها على ملأ من الناس ؟ وكم من أسرة مجتمعة فرقتها صورة أشيعت هنا وهناك ؟ حمى الله نساءنا ونساء المسلمين من كل خزي وفضيحة0
إن فئاما من شباب المسلمين قد ركبوا سنة من كان قبلهم من الكفرة والمنافقين والمجان والفاسقين وذلك بالاستهانة بالمشاهد الخليعة ، والصور القبيحة ، ولم يكتف أكثرهم بحفظها والنظر إليها مع في ذلك من إسخاط الرب جل جلاله ، وقتل الغيرة والمروءة ، بل راح كثير منهم يشيعونها في المسلمين ، ويتناقلونها مع أصحابهم وأقرانهم ، ويهدونها إلى من يعرفون ومن لا يعرفون ؛ ولا يدركون مغبة ما يفعلون!!
إنني -أيها الإخوة- وفي هذا المقام الجامع لن أتحدث عن الأضرار الأخلاقية أو النفسية أو الاجتماعية أو الأمنية التي تنتج عن تبادل هذه الصور الخليعة بين الشباب ؛ فالحديث عن ذلك يطول ، بيد أن حديثي سيكون عن الجناية التي يجنيها الشاب على نفسه وعلى صحيفة حسناته حين يحتفظ بهذه الصور ويوزعها على أقرانه ، إنه لا يدري عظم ما يفعل ، ولا يدرك حجم الأوزار التي يحملها على ظهره ، ولو أدرك الشباب ذلك لامتنعوا عنه ولو كانوا من ضعاف الدين والمروءة0
إن من يهدي مثل هذه الصور الآثمة إلى غيره فإنه يحمل وزره مع وزره ، من غير أن ينقص من وزر المهدى إليه شيء ؛ وذلك بقول الله عز وجل(ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير) وتناقل الصور الإباحية ، ثابتة كانت أو متحركة ؛ من أعظم الضلال ، كيف وقد أضلوا بها أغرارا ما عرفوا الخنا حتى أسروهم بها ، (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون) وقال النبي صلى الله عليه وسلم :(ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا)رواه مسلم
إنها لخسارة فادحة أن ترد الصورة الماجنة إلى شاب مسلم ، فيحفظها في آلته ، ويهديها إلى أقرانه وأقاربه ، ثم هم يرسلونها إلى غيرهم ؛ حتى تصل إلى في يوم أو يومين إلى مئة أو مئتين ، وفي جمعة إلى ألف أو ألفين ، وما تمضي أشهر قليلة إلا وتبلغ أعداد من وصلتهم تلك الصورة الخالعة عشرات الآلاف يحمل وزرهم جميعا من وصلت إليهم عن طريقه من غير أن ينقص شيء من أوزارهم في أعداد من الأوزار والآثام تزداد بمرور الأيام ولا تنقص ، ما كان يظن من وزعها في أول الأمر أن تبلغ ما بلغت ، ولو لم يكن من مفسدة لهذه العادة القبيحة إلا حمل أوزار الغير بلا مقابل لكان ذلك كافيا في رد الشباب إلى الجادة ،والمرء تكفيه ذنوبه فكيف يرضى بحمل ذنوب غيره ، وبأعداد وفيرة جدا ، وبهذا يتصور-أيها الإخوة- كم من الأوزار يحملها يوم القيامة من تبرعوا لإبليس فأسسوا قنوات فضائية عربية تفسد ولا تصلح ، وتستبق إلى جبذ الشباب إليها بإثارة غرائزهم ، وقتل مروءاتهم ، وتعطيل عقولهم 0
وقد يرسل الشاب مادة إباحية إلى زميله ؛ فيرتكب زميله بسببها الزنى ، أو يفعل فعل قوم لوط ، أو يغتصب عفيفة ، أو يقع على ذات محرم وما أغواه إلا صاحبه في حال ضعف وغفلة ، وغلبة شهوة ، وتسلط الشيطان الرجيم وجنده0
ولو نقلت هذه الحقيقة المرعبة إلى الشباب لكف كثير منهم عن غيه ، وخافوا تكاثر الذنوب بتداول هذه الصور0
كيف وتلك الممارسة الخاطئة تخرج فاعلها من دائرة المعافاة إلى المجاهرة التي نفيت المعافاة عن صاحبها؟!
إن من نعمة الله تعالى على العاصي أن يستره ربه ، فلا يفتضح أمره أمام الناس ، ولا سيما من يشتد حياؤه منهم كوالديه وأقاربه وأساتذته ، والشاب الذي يقتني صورا محرمة عاص لله عز وجل ، والله تعالى قد ستره في معصيته تلك ، فإذا أطلع غيره على ما يحمل من صور محرمة فقد هتك ستر الله تعالى عليه ، وجاهر بعصيانه ، وبقدر توزيعه لتلك المواد المحرمة تكون مجاهرته حتى تبلغ الآفاق ، والمجاهر بعصيانه حري أن لا يعافى في الدنيا من العقوبة أو من الإقلاع عن ذنبه؛ كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه) متفق عليه
فإن مات وهو مصر على المجاهرة ؛ فهو بعيد عن العافية ، جدير بالموءاخذة ، كما ثبت في صحيح البخاري:(أن رجلا سأل ابن عمر رضي الله عنهما: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى ؟ قال: يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقول: عملت كذا وكذا فيقول نعم ويقول عملت كذا وكذا فيقول نعم فيقرره ثم يقول إني سترت عليك في الدنيا فأنا أغفرها لك اليوم) في رواية:(فيلتفت يمنة ويسرة فيقول الله عز وجل: لا بأس عليك إنك في سترى لا يطلع على ذنوبك غيري)
قال العلماء:إذا تمحض حق الله تعالى فهو أكرم الأكرمين ، ورحمته سبقت غضبه ؛ فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة ، والذي يجاهر يفوته جميع ذلك0000 وستر الله تعالى مستلزم لستر المؤمن على نفسه ، فمن قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربه فلم يستره ، ومن قصد التستر بها حياء من ربه ومن الناس من الله عليه بستره إياه0
فليعلم من يتناقلون الصور المحرمة أنهم حريون بالخروج من ستر الله تعالى إلى المجاهرة بعصيانه ، ويخشى عليهم الحرمان من المعافاة في الدنيا والآخرة ؛ مما ينذر بسوء الخاتمة ، وشؤم العاقبة ، نسأل الله العافية0
ومن المفاسد العظيمة لمن سلك هذا المسلك الخاطيء أنه بتبادل هذه المواد الفاسدة مع غيره معدود فيمن يشيعون الفاحشة في مجتمعهم ، والله تعالى يقول:(إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة) فإذا كان هذا الوعيد الشديد في حق من يحب إشاعة الفاحشة فكيف بمن تولى بنفسه أشاعتها بما أنعم الله تعالى عليه من رزق ومعرفة في استخدام التقنيات المعاصرة0
فليتق الله تعالى في نفسه كل من تلطخ بهذا الإثم المبين ، وليبادر بتوبة نصوح قبل أن يدهمه الموت وهو على هذه الحال السيئة0
ومن ابتلي بهذه القاذورات حتى صار أسيرا لها فلا أقل من أن يستتر بستر الله تعالى ، ولا يكون عونا للشيطان الرجيم على شباب المسلمين وفتياتهم ، وليقصر هذا الإثم على نفسه ولا يعديه إلى غيره ، فمن فعل ذلك رجيت له التوبة ، وهو حري أن يعتق من أسر تلك الخطيئة المردية، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله)رواه مالك في الموطأ
وعلى كل أب وأم أن يتعاهدوا أولادهم بالنصيحة والتوجيه بالرفق واللين ، والكلمة الطيبة ، مع بيان مخاطر سوء استخدام التقنيات المعاصرة،عسى الله أن يصلح أولادنا وأولاد المسلمين ، وأن يكفيهم شرور أنفسهم وشرور شياطين الإنس والجن ، إنه سميع مجيب 0
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :(يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ولا أمن إلا للمؤمنين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين00
أما بعد:فاتقوا الله-عباد الله- وأطيعوه،واشكروه على نعمه ولا تكفروه فإن في الشكر دوام النعم وزيادتها وفي كفرها زوالها وتبديلها؛فيحل الخوف محل الأمن،وتكون القلة بعد الجدة،ويمنع العباد أرزاق السماء وبركات الأرض 00
أيها المسلمون:كلما تقادم زمن النبوة كثرت الفتن ، وعظمت الشرور ، وانتشرت الفواحش والمنكرات؛ حتى إن الفواحش في آخر الزمان ليعلن بها ، ويقوى أهلها ، ويضعف المنكرون لها وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:( والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيارهم يومئذ من يقول لو واريتها وراء هذا الحائط)رواه أبو يعلى بإسناد جيد
ولما كانت قيادة البشر في هذا العصر بيد أقوام ، لا يؤمنون بالله العظيم ، ولا يصدقون بيوم الدين، وغاية همهم إشباع شهواتهم ؛ فإنهم لن يأبهوا بتردي العالم في نواحي الأخلاق والسلوك ، بل هم يتاجرون في أخلاق الأمم ، ويشترون الذمم ،في مبادئ لا تعرف المبادئ ،وأخلاق أبعد ما تكون عن الأخلاق ؛إن هي إلا النفعية والانتهازية أينما وجدت،وبأي وسيلة كانت ،فالغايات عندهم تسوغ الوسائل وتفرضها0وقد تبعهم في ضلالهم هذا كثير من أبناء المسلمين وتجارهم فسلكوا مسلكهم ،واختطوا خطتهم في المتاجرة بالغرائز،ولو كان في ذلك تدمير شباب أمتهم؛وقد قال الصادق المعصوم :(لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن)رواه الشيخان من حديث أبي سعيد
وروى الحاكم من حديث عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثلا بمثل حذو النعل بالنعل حتى لو كان فيهم من نكح أمه علانية كان في أمتي مثله)
ولن يزول هذا البلاء عن البشرية مادام من يديرها يدينون بتلك الأفكار الإلحادية النفعية، ولا سبيل لحفظ المسلمين من هذا البلاء الماحق إلا بتحصين أبنائهم وبناتهم بالدين القويم ،وملئ قلوبهم بمحبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ومحبة ما يحبه الله ورسوله ،وبغض ما يبغضه الله ورسوله ،مع تقليل وسائل الشر والفساد قدر الإمكان ،وتخفيف البيوت منها، وإيجاد البدائل النافعة ،وإشغال الشباب بما يعود عليهم بالنفع عاجلا وآجلا0
وصلوا وسلموا00



بقي أمر أخير وهو أن بعض المحسنين وبعض دور النشر لما وقفوا على المقالة في مجلة البيان طلبوا الإذن لهم بطباعتها في رسالة صغيرة وكتيب جيب ومطوية فأعددتها لهذه الأغراض كلها كونها كانت الوحيدة في موضوعها آنذاك مع مسيس الحاجة إليها وكتبت لهم أذونات بطباعتها وتوزيعها ولكن رفضت وزارة الإعلام فسحها فحبست في أدراج الناشرين.


أنت رجل مبارك يا شيخ إبراهيم ما سألنا عن شيء إلا وجدنا في جعبتك عنه شيئا


تناقل الصور الإباحية.. خطر ماحق ومعصية جارية
إبراهيم بن محمد الحقيل
من نعمة الله ـ تبارك وتعالى ـ على عباده في هذا العصر ما سخر لهم من التقنيات النافعة، وخاصة في مجالات الاتصال؛ إذ صار الواحد من الناس يحمل في جيبه أجهزة في حجم الكف يختزن الواحد منها ما لا يحصى من المحفوظات، ويلتقط صوراً كثيرة ثابتة ومتحركة، وفيه من النفع ما يعز على الحصر؛ ولكن إذا أسيء استخدامها فإن أضراها بليغة، وعواقبها وخيمة؛ إذ بها تكشف العورات، ويهتك ستر العفيفات، وتشاع الفواحش والمنكرات، وبواسطتها ينشر أهل الفساد فسادهم، ويحققون أهدافهم وأغراضهم، ويصلون إلى أهل البيوت في بيوتهم. وكم من امرأة عفيفة طُعنت في عفافها من صديقة أو زميلة نشرت صورتها على ملأ من الناس؟ وكم من أسرة مجتمعة فرقتها صورة أشيعت هنا وهناك؟ حمى الله نساءنا ونساء المسلمين من كل خزي وفضيحة
- الداعي لكتابة هذا الموضوع:
منذ أن ظهرت الجوالات المصوِّرة صوراً ثابتة ومتحركة وخدمة (البلوتوث) ونحن نسمع الفضائح تلو الفضائح، وطالب أناس كثيرون بمنعها، وعارضهم آخرون، وأضحى كثير من النساء يتحرجن من الذهاب إلي المجمَّعات النسائية كحفلات الأعراس وغيرها خوفاً من التقاط صورهن، ومن ثم خراب بيوتهن، وهدم أسرهن.
ثم تطور هذا الموضوع بتخزين مواد إباحية (صوراً وأفلاماً جنسية غربية أو فضائح لممثلات ومغنيات عربيات) وصار الشباب يتناقلونها بشكل دائم، وإذا التقى أحدهم بزميله أو قريبه لا همَّ له إلا أن يطلعه على ما عنده من جديد في جواله ليأخذه منه، ثم يهديه إلى آخرين في سلسلة لا تنتهي من نشر الفاحشة في المجتمع.
علمت بعد ذلك أن مواقع جنسية عربية صارت متخصصة في هذا الإثم المبين، وتهوِّن وقعه على مرتاديها بحيل شيطانية لتصطاد أكبر عدد من الشباب المسلم ولا سيما المراهقين، وزاد من سوء هذه المواقع الخبيثة أنها أتاحت فرصة الاتصال بين مرتاديها؛ ليتبادلوا ما شاؤوا من صور وأفلام جنسية عن طريق البريد الإلكتروني، ثم فتحت صفحات معلنة مجانية للقصص والمغامرات الجنسية المكتوبة على غرار المجلات الجنسية في البلاد المنحلة، وصار كثير من الشباب يرتادها ليقرؤوا ما فيها من إثارة، وبعضهم يكتب قصته الجنسية مع زميلته أو قريبته أو بنت الجيران، إلى جانب قصص أخرى تكتب على ألسن فتيات يحكين مغامراتهن في عالم الجنس المحرم؛ والله أعلم بحقيقة من يكتبونها. وكثير من القصص الموجودة في هذه المواقع لا تخلو من مغامرات جنسية مع المحارم كالأخت والخالة والعمة، بل والبنت والأم، وقصص أخرى تحكي ممارسات جماعية للجنس بين المحارم في البيت الواحد، مما لا تتقبله الخنازير من الحيوان فضلاً عمن كُرِّموا بالعقل، وشُرِّفوا بالعبودية لله رب العالمين.
وهذه (الموضة) من القصص الجنسية المكتوبة بدأت تغزو الهواتف المحمولة الجوالة، ويتداولها الشباب مكتوبة، وخطورتها إن لم تكن أعظم من الصور والأفلام، فهي لا تقل عنها بحال؛ ذلك أن القارئ لها يتخيل أبطال القصة كما يشتهي، ويكيفهم في ذهنه على ما يريد؛ مما يجعلها أكثر إثارة ودفعاً إلى الحرام، وطامَّتها العظمى وبليتها الكبرى: أنها تلفت قارئها إلى محارمه وتهوِّن وقع النظر إليهن بشهوة، ومن أدمنها فلا يؤمَن على محارمه، كيف وقد يكون من محارمه النساء من يطلع على مثل هذه القصص في غيبة الرقابة الأسرية، فيجمع الشيطان بين الشرين في بيت واحد، ويكون خوف أهل البيت من مأمنه، وهتك ستره وحرمته من قِبَل حراسه. نسأل الله العصمة والسلامة لبيوتنا وبيوت المسلمين، وأن يستر على نسائنا ونسائهم، وأن يصلح أولادنا وأولادهم، آمين، آمين، آمين.

- دعوة إلى كل مسلم غيور على حرمات الله تعالى:
لما سبق عرضه ولتفاقُم هذا الأمر المخزي بين الناس وخاصة من يعيشون عنفوان الشباب وقوته، وسني المراهقة وتقلباتها من فتيان وفتيات؛ رأيت أن هذا الأمر يجب أن يتداعى له الغيورون على حرمات الله ـ تعالى ـ ومحارم إخوانهم المسلمين؛ تذكيراً بمخاطره، وبياناً لأضراره، ومشاركة في علاجه؛ لئلا يجتاح البيوت كلها؛ وحينها لا يأمن المسلم الشر ولو تحصن ببيته، وأغلق عليه بابه؛ فهذه الشرور لا تلج من الأبواب، ولا تعيقها الحدود والأسوار، ولا مفزع منها إلا إلى الله ـ تعالى ـ سؤالاً ودعاء بأن يحفظنا والمسلمين أجمعين، مع زرع الحصانة الإيمانية في قلوب أبنائنا وبناتنا وأولادالمسلمين، بالكلمة الطيبة، والموعظة الحسنة، وزجرهم بقوارع الكتاب والسنة، مع ترغيب من تلوَّث بشيء من هذه القاذورات، وتذكيره بالتوبة التي تجبُّ ما كان قبلها.
وإنني أدعو كل صاحب قلم ولسان، ومنبر وبيان، من العلماء والدعاة والخطباء والكتاب في الصحف والمجلات، والمدرسين والمدرسات، أن يقوموا بحملة إصلاح لقلوب أبناء المسلمين وبناتهم، ومكافحة هذه الظاهرة الخبيثة؛ نصرة لدين الله تعالى، ومعذرة إليه، ودفعاً لعقوبته، وإغاظة لأهل الفساد والنفاق. كما أدعو المسؤولين وصناع القرار أن يفكروا في الوسيلة تلو الوسيلة؛ لتقليل هذا الشر المستطير، وحماية الشباب من الضياع والانحلال؛ فبضياعهم ضياع البلاد والعباد؛ وهم يعرفون أن تدمير الشباب وإغراقهم في الشهوات هدف استراتيجي لكل أمة تعادي الأخرى؛ وشباب الإسلام مستهدَف من القوى المستكبرة عن شرع الله ـ تعالى ـ كفاراً كانوا أم منافقين، والله المستعان في كل الأحوال، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.

- أضرار تناقل الصور الإباحية:
لن أتطرق هنا للأضرار التي تنتج عن حيازة هذه الصور والأفلام على من يحوزها ويشاهدها وخاصة من أدمن عليها، وهي أضرار عظيمة: دينية، وأخلاقية، وصحية، ونفسية، وتعود بأضرار أخرى على كل مجتمع تنتشر فيه، ويكفي فيها قول النبي - - : «فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام» .
بيد أن مقالتي هذه تتناول أضرار تناقل هذه الصور والأفلام والقصص الجنسية؛ إذ يحصل شاب عليها من زميله أو قريبه، أو تحصل عليها فتاة من زميلتها أو قريبتها، أو يحصلان عليها من المواقع الإباحية في الشبكة العالمية (الإنترنت)، أو من جهاز جوال مماثل (البلوتوث) في سوق أو حفلة أو مقهى، أو أثناء الانتظار في مستشفى أو مطار أو عند إشارة مرور أو غير ذلك، فيقوم الشاب أو الفتاة بتخزين هذه المواد الجديدة في الجهاز، ومن ثم يقوم بإهدائها إلى الأصدقاء والصديقات، عن طريق نقلها على أجهزتهم؛ وأكثر من يفعلون ذلك من الشباب والفتيات ـ إن لم يكن كلهم ـ يرون أنهم عصوا الله ـ عز وجل ـ بحيازة هذه المواد المحرمة، ولا يرون أن في ذلك كبير خطر لو أعطوها للغير، وأكثرهم مقتنع بأن حيازتها أعظم جرماً من إهدائها لغيرهم، بل قد يرى بعضهم أن لا إثم عليه في دفعها لغيره؛ لأنه هو من يطلبها وستصله عن طريقه أو طريق غيره؛ وهذا المفهوم الخاطئ عند من يتداولون هذه المواد المحرمة كان سبباً في انتشارها انتشار النار في الهشيم، وصاروا يدفعونها إلى من يعرفون ومن لا يعرفون، وربما تبرع بعضهم بإنزالها في الإنترنت وأعلن عنها في كثير من المواقع؛ ليتلقفها عنه بشر لا يعلم عدتهم إلا الله تعالى.
إنني أفهم أن تدفع الغريزة الجنسية وحب الاستطلاع، بعض الفتيان والفتيات إلى حيازة هذه المشاهد الإباحية وحفظها، والاستمتاع بها، ولست أقلل من مخاطر ذلك الدينية والنفسية والأخلاقية على من يشاهدها؛ بل هي إثم وذنب، ودرك سحيق من المعصية قد ينزل بصاحبه إلى كبائر الذنوب، ويدفعه إلى الوقوع في الموبقات التي توبق صاحبها؛ لكن الجرم الأعظم، والإثم الأكبر: أن يتولى من حازها وحفظها في جهازه توزيعها يمنة ويسرة، دون دافع لذلك سوى الاستهانة بهذا الإثم المبين، وعدم إدراكه لمفاسد ذلك.

- المفاسد المترتبة على تناقل الصور الإباحية:
والمفاسد المترتبة على هذا العمل القبيح عديدة، أهمها ثلاث مفاسد كبرى تكفي إحداها لرد من فعل ذلك عن غيه، وإعادته إلى رشده، ولأن كثيراً ممن يقارف هذا المنكر لا يدرك عواقبه، ولا يعي مخاطره عليه هو قِبَل الناس والمجتمع، وعلى من أهدى إليه هذه المواد المحرمة؛ فإنني سأذكر المفاسد الثلاث لتناقل هذه الصور أو الأفلام أو القصص الجنسية، مع ذكر الأدلة التي تبين حجم هذا الضرر:
المفسدة الأولى:
أن من أرسل الصور أو الأفلام أو القصص الجنسية إلى غيره فإنه يبوء بإثم صاحبه مع إثمه من غير أن ينقص من إثم من أُرسلت إليه شيء، ومن أدلة ذلك:
1 - قول الله ـ عز وجل ـ: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: 25] . وهذه المواد الإباحية من أعظم الضلال، ومن أرسلها إلى غيره فهو يضله، ويدعوه لمشاهدة المحرم، ويعينه عليه؛ بل يدفعه إليه دفعاً، وقد ينتج عن ذلك: وقوعه في الزنى أو عمل قوم لوط أو الاغتصاب أو الوقوع على ذات محرم، نسأل الله السلامة والعصمة.
ولا يمكن لأحد من الناس أن يقول إنها ليست من الضلال، وأن دفعها للغير ليس إضلالاً له؛ حتى لو كان عند المرسلة إليه مواد غيرها؛ فما يرسل إليه يزيده إضلالاً إلى ضلاله، ومعصية إلى معصيته، لا يختلف في ذلك مسلمان، ولا يجادل فيه مجادل.
بل إن كثيراً من الدول الكافرة التي تستبيح المحرمات، وتقر الزنى والشذوذ ونكاح المحارم؛ لا تسمح بتداول هذه المواد الجنسية إلا وفق ضوبط يضعونها، وأنظمة يشرعونها.
وإذا تقرر أنها من الضلال؛ فالذي ينشرها فهو ناشر للضلال، وإذا أهداها الشاب لزميله فهو يضله، وكذلك الفتاة إذا أرسلتها لصديقتها فهي تضلها، وكلاهما يحمل أوزار من أُرسلت إليهم عن طريقهما؛ كما هو نص الآية. قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله تعالى ـ: «أي: يصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم، وخطيئة إغوائهم لغيرهم واقتداء أولئك بهم» .
2 - قول الله ـ تعالى ـ: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [العنكبوت: 13] . قال مجاهد ـ رحمه الله تعالى ـ: «يحملون ذنوبهم وذنوب من أطاعهم، ولا يخفف عمن أطاعهم من العذاب شيئاً» .
3 - قول الله ـ عز وجل ـ: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ} [الانفطار: 5] ، قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ في معناها: «ما قدَّمتْ من سُنَّة صالحة يعمل بها من بعده فله أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً، وما أخرت من سُنة سيئة يعمل بها بعده؛ فإن عليه مثل وزر من عمل بها من غير أن ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً» .
4 - حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله - - قال: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً» .
5 - حديث جرير بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله - - : «من سن سنة خير فاتُّبِع عليها فله أجره ومثل أجور من اتبعه غير منقوص من أجورهم شيئاً، ومن سن سنة شر فاتبع عليها كان عليه وزره ومثل أوزار من اتبعه غير منقوص من أوزارهم شيئاً» . قال النووي ـ رحمه الله تعالى ـ: «من دعا إلى هدى كان له مثل أجور متابعيه، أو إلى ضلالة كان عليه مثل آثام تابعيه سواء كان ذلك الهدى والضلالة هو الذي ابتدأه أم كان مسبوقاً إليه».
فدلت هذه الآيات والأحاديث على أن من هدى غيره إلى ضلالة فهو يحمل وزره مع وزره؛ ومن أهدى غيره صورة أو أفلاماً أو قصة جنسية فهو كذلك؛ وبحسب أعداد من أعطاهم هذه المواد المحرمة، وهم أعطوها غيرهم ما أعطاهم يحمل من أوزار، بحيث تصير أعدادهم بعد مدة أعداداً كبيرة جداً، تزيد ولا تنقص بسبب التطور الهائل في وسائل الاتصال وتبادل المواد بالهواتف الجوالة أو الإنترنت. والعاقل تكفيه ذنوبه؛ فكيف يرضى بحمل أوزار الآخرين، وبأعداد مهولة تزيد بتقدم الأيام؟
وقد يأخذ الفيلم من الشاب أو من الفتاة من يقع بسببه في الزنى، أو على ذات محرم، أو يفعل فاحشة قوم لوط، وما أغواه إلا صاحبه في حال ضعف وغفلة، وغلبة شهوة، وتسلط الشيطان الرجيم وجنده.
ولو لم يكن في تبادل هذه المواد المحرمة إلا هذه المفسدة لكانت كافية في امتناع كل من عنده ذرة من إيمان وعقل عن إعطائها لغيره مهما كان قريباً إليه، عزيزاً عليه.
ولو نقلت هذه الحقيقة المرعبة إلى الشباب والفتيات لكف كثير منهم عن غيه، وخافوا تكاثر الذنوب بتداول هذه الصور.
المفسدة الثانية:
أن في إعطاء هذه المواد المحرمة للغير مجاهرة بالذنب، وخروجاً من المعافاة التي يُحرَم منها المجاهرون.
إن من نعمة الله ـ تعالى ـ على العاصي أن يستره ربه، فلا يفتضح أمره أمام الناس، ولا سيما من يشتد حياؤه منهم كوالديه وأقاربه وأساتذته. والفتاة أو الشاب الذي يقتني صوراً محرمة عاصٍ لله ـ عز وجل ـ والله ـ تعالى ـ قد ستره في معصيته تلك؛ فإذا أطلع غيره على ما يحمل من صور محرمة فقد هتك ستر الله ـ تعالى ـ عليه، وجاهر بعصيانه، وبقدر توزيعه لتلك المواد المحرمة تكون مجاهرته حتى تبلغ الآفاق. والمجاهر بعصيانه حري أن لا يعافى في الدنيا من العقوبة أو من الإقلاع عن ذنبه.
فليعلم من يتناقلون الصور المحرمة أنهم حريون بالخروج من ستر الله ـ تعالى ـ إلى المجاهرة بعصيانه، ويُخشى عليهم الحرمان من المعافاة في الدنيا والآخرة؛ مما ينذر بسوء الخاتمة، وشؤم العاقبة، نسأل الله العافية. ودليل ذلك حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله - - يقول: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه» .
قال ابن الجوزي ـ رحمه الله تعالى ـ: «المجاهرون الذين يجاهرون بالفواحش ويتحدثون بما قد فعلوه منها سراً، والناس في عافية من جهة أنهم مستورون وهؤلاء مفتضَحون» .
وقال ابن الأثير: هم الذين جاهروا بمعاصيهم وأظهروها وكشفوا ما ستر الله تعالى .
وقال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ: «والمجاهر في هذا الحديث يحتمل أن يكون من (جاهر بكذا) بمعنى جهر به، والنكتة في التعبير بـ (فاعَلَ): إرادة المبالغة، ويحتمل أن يكون على ظاهر المفاعلة، والمراد: الذين يجاهر بعضهم بعضاً بالتحدث بالمعاصي، وبقية الحديث تؤكد الاحتمال الأول. وقال أيضاً: «الذي يجاهر بالمعصية يكون من جملة المُجَّان، والمجانة مذمومة شرعاً وعرفاً، فيكون الذي يظهر المعصية قد ارتكب محذورين: إظهار المعصية، وتلبُّسه بفعل المُجَّان .
فمن أعطى غيره هذه المواد الفاسدة فهو حري أن يحرم المعافاة في الدنيا والآخرة؛ لأنه مجاهر بذنبه، دال عليه غيره:
1 - أما في الدنيا فهو مستحق للعقوبة بالتعزير، وقد يعاقبه الله ـ تعالى ـ في نفسه أو عرضه، وقد يعاقب بانطماس قلبه، وعدم رجاء توبته، وأسره بالمعصية. نسأل الله العافية من ذلك كله.
قال ابن القيم وهو يعدد أضرار المعاصي: «ومنها أنه ينسلخ من القلب استقباحها، فتصير له عادة فلا يستقبح من نفسه رؤية الناس له، ولا كلامهم فيه، وهو عند أرباب الفسوق غاية التفكه وتمام اللذة حتى يفتخر أحدهم بالمعصية، ويحدِّث بها من لم يعلم أنه عملها، فيقول: يا فلان! عملتُ كذا وكذا، وهذا الضرب من الناس لا يعافون، وتسد عليهم طريق التوبة، وتغلق عنهم أبوابها في الغالب» .
وقال ابن بطال ـ رحمه الله تعالى ـ: «في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله - - وبصالحي المؤمنين، وفيه ضرب من العناد لهم، وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف؛ لأن المعاصي تذل أهلها من إقامة الحد عليه إن كان فيه حد، ومن التعزير إن لم يوجب حداً» .
قلت: لا يحصل العاصي على المعافاة الواردة في الحديث إلا بحصوله على الستر، ولا يتأتى له الستر إلا إذا ستر هو على نفسه، فلم يُطْلِع غيره على معصيته، ومن أخبر غيره أنه يملك صوراً أو أفلاماً أو قصصاً جنسية لم يكن ساتراً على نفسه، بل هو فاضح لها؛ فكيف بمن زاد على ذلك بإطلاعهم عليها، أو إعطائهم إياها؟
قال الحافظ ابن حجر: «ستر الله ـ تعالى ـ مستلزم لستر المؤمن على نفسه؛ فمن قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربه فلم يستره، ومن قصد التستر بها؛ حياء من ربه ومن الناس منَّ الله عليه بستره إياه» .
2 - وأما في الآخرة فهو حري بالمؤاخذة على عصيانه، بعيد عن عفو الله تعالى؛ ودليل ذلك ما رواه ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ حيث قال: سمعت رسول الله - - يقول: «إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره، فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب! حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك، قال: سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم» .
قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ: «المستخفي بما يرتكبه أقل إثماً من المجاهر المستعلن، والكاتم له أقل إثماً من المخبر المحدث للناس به؛ فهذا بعيد من عافية الله ـ تعالى ـ وعفوه» .
قال ابن بطال ـ رحمه الله تعالى ـ: «وإذا تمحض حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه؛ فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة، والذي يجاهر يفوته جميع ذلك» .
فإذا انضم إلى ما سبق أنه يعطي غيره هذه المواد المحرمة، ويدعوه إلى الاستمتاع بها؛ فإن إثمه أشد؛ لأنه صار داعية إلى الإثم مع مقارفته للمعصية، ومجاهرته بها. نسأل الله أن يعافينا وإخواننا المسلمين.
قال المناوي ـ رحمه الله تعالى ـ: «وذلك خيانة منه على ستر الله الذي أسدله عليه، وتحريك لرغبة الشر فيمن أسمعه أو أشهده؛ فهما جنايتان انضمتا إلى جنايته فتغلظت به؛ فإن انضاف إلى ذلك: الترغيب للغير فيه، والحمل عليه؛ صارت جناية رابعة، وتفاحش الأمر؛ فيكشف ستر الله ـ عز وجل ـ عنه فيؤاخذ به في الدنيا بإقامة الحد؛ وهذا لأن من صفات الله ـ تعالى ـ ونعمه: إظهار الجميل، وستر القبيح؛ فالإظهار كفران لهذه النعمة وتهاون بستر الله» .
مسألة مهمة: لو أخبر بمعصيته أحداً من أهل العلم والصلاح لا مجاهرةً بها؛ لكنه يريد أن يشير عليه بما يكون سبباً في الإقلاع عنها، والتوبة منها، أو الدعاء له؛ فهل هذا الفعل يُعَدُّ مجاهرة أم لا؟
الجواب: يسأل من يسأل لا على أنه صاحب المعصية؛ فإن كان الجواب لا يتأتى إلا بأن يصرح بذلك صرح به، ولا يأثم به؛ لأنه مسترشد لا مجاهر؛ ودليل ذلك حديث الذي جامع أهله في نهار رمضان، فأخبر النبي -- فلم ينكر عليه إخباره له، ولا عده مجاهراً بذنبه، وبين له ما يجب عليه.
وقد بوَّب الإمام البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ على ذلك فقال: (باب من أصاب ذنباً دون الحد، فأخبر الإمام فلا عقوبة عليه بعد التوبة إذا جاء مستفتياً) قال عطاء: «لم يعاقبه النبي - - . وقال ابن جريج: ولم يعاقب الذي جامع في رمضان» .
قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ: «واستُدل بهذا على أن من ارتكب معصية لا حد فيها وجاء مستفتياً أنه لا يعزَّر؛ لأن النبي - - لم يعاقبه مع اعترافه بالمعصية؛ وتوجيهه: أن مجيئه مستفتياً يقتضي الندم والتوبة؛ والتعزير إنما جُعِل للاستصلاح، ولا استصلاح مع الصلاح، وأيضاً فلو عوقب المستفتي لكان سبباً لترك الاستفتاء وهي مفسدة، فاقتضى ذلك أن لا يعاقب؛ هكذا قرره الشيخ تقي الدين».
ونقل المناوي عن النووي ـ رحمهما الله تعالى ـ قوله: «يُكره لمن ابتُلي بمعصية أن يخبر غيره بها، بل يُقلِع ويندم ويعزم أن لا يعود؛ فإن أخبر بها شيخه أو نحوه ممن يرجو بإخباره أن يعلمه مخرجاً منها، أو ما يسلم به من الوقوع في مثلها، أو يعرفه السبب الذي أوقعه فيها، أو يدعو له، أو نحو ذلك فهو حسن، وإنما يكره لانتفاء المصلحة. ثم نقل عن الغزالي قوله: الكشف المذموم إذا وقع على وجه المجاهرة والاستهزاء لا على السؤال والاستفتاء، بدليل خبر من واقع امرأته في رمضان، فجاء فأخبر المصطفى - - فلم ينكر عليه» .
المفسدة الثالثة:
إن في تناقل الصور أو الأفلام أو القصص الجنسية إشاعة للفاحشة في الذين آمنوا؛ وقد قال الله ـ تعالى ـ: {إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور: 19] .
قال البغوي ـ رحمه الله تعالى ـ: «يحبون أن تشيع الفاحشة: يعني: يظهر ويذيع الزنى» .
وقال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ: «هذا إذا أحبوا إشاعتها وإذاعتها؛ فكيف إذا تولوا هم إشاعتها وإذاعتها؟» .
وقال الرازي ـ رحمه الله تعالى ـ: «لا شك أن ظاهر قوله: {إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ} يفيد العموم، وأنه يتناول كل من كان بهذه الصفة .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ: «ولهذا نهى الله ـ تعالى ـ عن إشاعة الفاحشة، وكذلك أمر بستر الفواحش... فما دام الذنب مستوراً فعقوبته على صاحبه خاصة، وإذا ظهر ولم ينكر كان ضرره عاماً؛ فكيف إذا كان في ظهوره تحريك لغيره إليه؟!» .
وقال أيضاً: «كل عمل يتضمن محبةَ أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا داخلٌ في هذا، بل يكون عذابه أشد؛ فإن الله قد توعد بالعذاب على مجرد محبة أن تشيع الفاحشة بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة، وهذه المحبة قد لا يقترن بها قول ولا فعل؛ فكيف إذا اقترن بها قول أو فعل؟! بل على الإنسان أن يبغض ما أبغضه الله من فعل الفاحشة، والقذف بها، وإشاعتها في الذين آمنوا، ومن رضي عمل قوم حشر معهم كما حشرت امرأة لوط معهم ولم تكن تعمل فاحشة اللواط؛ فإن ذلك لا يقع من المرأة لكنها لما رضيت فعلهم عمها العذاب معهم، فمن هذا الباب قيل: من أعان على الفاحشة وإشاعتها مثل القوَّاد الذي يقود النساء والصبيان إلى الفاحشة لأجل ما يحصل له من رياسة أو سحت يأكله، وكذلك أهل الصناعات التي تنفق بذلك مثل: المغنين وشَرَبة الخمر وضُمَّان الجهات السلطانية وغيرها؛ فإنهم يحبون أن تشيع الفاحشة ليتمكنوا من دفع من ينكرها من المؤمنين» .
وقال الشيخ ابن سعدي ـ رحمه الله تعالى ـ: {إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ} «أي: الأمور الشنيعة المستقبحة، فيحبون أن تشتهر الفاحشة {فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: موجع للقلب والبدن؛ وذلك لغشه لإخوانه المسلمين، ومحبة الشر لهم، وجراءته على أعراضهم؛ فإذا كان هذا الوعيد لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة، واستحلاء ذلك بالقلب؛ فكيف بما هو أعظم من ذلك من إظهاره ونقله؟!» .
فليتق الله ـ تعالى ـ في نفسه كل من تلطخ بهذا الإثم المبين، وليبادر بتوبة نصوح قبل أن يدهمه الموت وهو على هذه الحال السيئة.
ومن ابتلي بهذه القاذورات حتى صار أسيراً لها فلا أقل من أن يستتر بستر الله تعالى، ولا يكون عوناً للشيطان الرجيم على شباب المسلمين وفتياتهم، وليقصر هذا الإثم على نفسه ولا يعدِّيه إلى غيره؛ فمن فعل ذلك رُجيت له التوبة، وهو حري أن يُعتق من أسر تلك الخطيئة المردية، وقد جاء عن النبي - - أنه قال: «اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها، فمن ألمَّ فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله».


خطبة بعنوان :
[font=&quot]( فتنة النساء )[/font]
[font=&quot]مجمد صالح المنجد
[/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot]عناصر الموضوع : [/font]
1. [font=&quot]التعلق بالشهوات [/font]
2. [font=&quot]فتنة النساء مستنقع القرن العشرين [/font]
3. [font=&quot]بعض قصص الذين فتنوا بالنساء [/font]
4. [font=&quot]الحكمة من الأمر بغض البصر [/font]
5. [font=&quot]خطورة اختلاط الرجال بالنساء [/font]
6. [font=&quot]بيان خطورة ما يعرض من الفحش على الإنترنت والقنوات المشفرة[/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot]فتنة النساء:[/font]
[font=&quot]إن الناظر إلى أحوال الناس يعرف أن الرجل لابد له من محبوب ينتهي إليه، ومعبود يعتمد عليه، فمن لم يكن الله معبوده ومنتهى حبه وإرادته، فلابد أن يعبد غير الله من الشهوات والملذات؛ ولذلك حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الشهوات، وفي هذا العصر تعاظمت فتنة النساء، وتمادى دعاة الشهوات في الدعوة إليها، تكلم الشيخ حفظه الله عن موقف الشريعة من الشهوات، وحكم التعلق بها وعواقبها، وأقوال السلف في التحذير من فتنة النساء.[/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot]التعلق بالشهوات:[/font]
[font=&quot] إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد: فإن الله سبحانه وتعالى جعل أساس التوحيد لا إله إلا الله، وهو المستحق وحده أن يكون المقصود والمدعو والمطلوب والمعبود عز وجل، فهذه هي الغاية التي من أجلها خلقنا، ومن نظر في الأحوال عرف أن الرجل لا بد أن يكون له محبوبٌ ينتهي إليه، ومعبودٌ يعتمد عليه، فمن لم يكن الله معبوده ومنتهى حبه وإرادته فلا بد أن يكون له مراد ومحبوب آخر يستعبده غير الله عز وجل، إما المال، وإما الجاه، وإما الأشكال. إن الناظر إلى واقعنا -أيها الإخوة- يرى أن الناس قد غرق الكثير منهم في أنواعٍ من التعلق بالشهوات والافتتان بها، فما أكثر المسلمين الذين أشربوا حب الشهوات من النساء والأموال، والملبوسات والمركوبات، والمناصب والرئاسات، والولع بالألعاب والملاهي.[/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] موقف الشريعة من التعلق بالشهوات:[/font]
[font=&quot]ما هو موقف الشريعة تجاه الشهوات؟ إن هذه الشريعة المباركة المنزلة من عند أحكم الحاكمين سبحانه وتعالى سلكت السبيل الوسط بين أهل الفجور وأصحاب الرهبانية والتشدد، فأهل الفجور أضاعوا الصلاة، واتبعوا الشهوات، وغرقوا في المعاصي والآثام، وأهل الرهبانية حرَّموا ما أحل الله من الطيبات، فيقولون: فلان ما ذبح ولا نكح، أي: لم يأكل اللحم، ولم يتزوج النساء، ولم يطأ في عمره؛ فلذلك لم يصبر الناس على طريقتهم، فتركوا الرهبان وهجروهم، بل إن كثيراً من الرهبان لم يصبروا على ما اعتقدوه، فوقعوا هم في أنواع الشهوات الخفية، فاكتشفوا وافتضحوا بين الخلق، وهذه الشريعة هي دين الله عز وجل تراعي أحوال الناس، وأن لهم غرائز وشهوات، وكذلك فإن الشريعة تعترف بها ولكن تضبطها وتهذبها. ولما كان العبد لا ينفك عن الهوى مادام حياً، وأن الهوى ملازمٌ له؛ كان الأمر بخروجه عن الهوى بالكلية غير ممكن، ولذلك فإن الله عز وجل لم يأمرنا بأن نصرف قلوبنا عن هوى النساء بالكلية؛ بل صرفنا إلى نكاح ما طاب من النساء مثنى وثلاث ورباع، ومن الإماء ما شاء الإنسان، فصرف الهوى إلى الحرام بالهوى إلى المباح، وهكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء).[/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot]نتائج التعلق بالشهوات:[/font]
[font=&quot]إن المتتبعين لشهواتهم من الأشكال والصور، والطعام والشراب واللباس، لا بد أن يستولي على قلب أحدهم ما يشتهيه حتى يقهره ويملكه، ويبقى أسيراً للهوى، ولذلك فإن الإنسان إذا صار عبداً لشيءٍ من الدنيا غرق واستولى ذلك الشيء عليه، فصار هو الذي يقوده. قال الشافعي رحمه الله: من لزم الشهوات لزمته عبودية أبناء الدنيا. لا بد أن يكون عبداً لأحدهم، لجمالٍ أو مالٍ، أو شهوة أو رئاسة.. ونحو ذلك، وإذا كان الإفراط في الشهوات مذموماً شرعاً: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ [مريم:59] فكذلك اتباع الشهوات مذمومٌ عقلاً. إن العاقل إذا تبصر في أمور الذين يتبعون الشهوات ويغرقون فيها، يعرف تمام المعرفة بأن هذا الاتباع للشهوات والعبودية لها يصرف الإنسان عن مصالح كثيرة، ويفوت عليه منافع عظيمة، ولذلك فإن الصبر عن الشهوة -أي: الامتناع عن الشهوة المحرمة- أسهل من الصبر على ما تقتضيه إذا غرق فيها، فإن الصبر عن الشهوة المحرمة تعقبه لذة يقذفها الله في قلب الصابر. وأما إطلاق العنان للنفس في الشهوات، فإن ذلك يوجب آلاماً وعقوبةً وإن كان في لحظة الفاحشة أو لحظة الحرام سكران لا يدرك ذلك، ومخمور لا يشعر به. فتأمل يا عبد الله! كيف تورث المعصية بالشهوة حسرة وندامةً بعدها، (لذة ساعة شرٌ إلى قيام الساعة وما بعد قيام الساعة) أو تثلم عرض الإنسان، أي: أنه ينفضح بين الخلق، أو تذهب مالاً له خيراً له أن يبقى عنده، أو تضع قدراً وجاهاً له فيحقر بين الخلق كان حفظ جاهه أنفع له، أو أن تسلب نعمة بقاؤها ألذ وأطيب من قضاء الشهوة، أو أن تطرق لوضيعٍ -إنسان تافه وحقير- طريقاً يتسلط به عليك بسبب الشهوة، فيهدد أو يتوعد، أو يفعل ويأخذ ما يشاء، أو أن تجلب هماً وغماً، وحزناً وخوفاً لا يقارب لذة الشهوة، أو أن تنسي علماً ذكره ألذ من الشهوة، أو تشمت عدواً شماتة تتمنى أنك لم تقع في تلك الشهوة، أو تقطع الطريق على نعمةٍ مقبلة من الله، أو تبقي عيباً وصفةً لا تزول، والأعمال تورث الصفات والأخلاق.[/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot]فتنة النساء مستنقع القرن العشرين:[/font]
[font=&quot] وأما شهوة النساء -يا عباد الله- والوقوع في حبائل الشيطان من هذه الجهة؛ فإن السعار الموجود في هذه الأيام والولوغ في مستنقعات الشهوة الآسنة ما أكثر منه، وهؤلاء الذين يتتبعون القنوات وشبكات الإنترنت والصور وغيرها قد سمروا أعينهم على الشاشات في سبيل ملاحقة برامج الفحش والرذيلة، وما أكثر الذين يشدون رحالهم إلى بلاد الفجور في سبيل تلبية شهواتهم المحرمة، وهذا المستنقع مستنقع القرن العشرين والحادي والعشرين الذي سيقدمون عليه، تعاظمت فيه الشهوات، وبذلت فيه أنواع الفنون في التصوير، وتصوير ذوات الأرواح هو باب الشر العظيم في هذا الزمان، وما أعظم الشريعة حين حرمت تصوير ذوات الأرواح؛ لأن تصوير ذوات الأرواح هو الذي أوقع الناس في ألونٍ كثيرةٍ من الفجور، قال تعالى: وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً [النساء:27] فتكالب شياطين الإنس والجن -يقودهم اليهود- في إفساد العالم، وإغراقه بالجنس، وإشاعة الفاحشة، حتى لا يبقى هناك طهرٌ ولا عفافٌ، ولا عرضٌ محفوظٌ ولا صيانةٌ، ولا تقوى ولا دين، فيسهل لليهود قيادة ذلك القطيع البهيمي، وإرخاء العنان للشهوة، وإحداث السعار والتولع بذلك لا يمكن أن يحدث شبعاً، بخلاف ما يقوله أصحاب النظريات الغربية من أن الإشباع يؤدي إلى الراحة، وهذا لا يمكن إطلاقاً، بل إن الانغماس يؤدي إلى مزيدٍ من الجوع، ولم نسمع أن رجلاً غرق في الزنا فشبع من فتنة النساء فكف وعف. قال علي الطنطاوي رحمه الله: لو أوتيت مال قارون، وجسد هرقل، وواصلتك عشر آلافٍ من أجمل النساء من كل لونٍ وكل شكلٍ وكل نوعٍ من أنواع الجمال هل تظن أنك تكتفي؟! لا. أقولها بالصوت العالي لا. أكتبها بالقلم العريض، ولكن واحدةٌ بالحلال تكفيك. ولا تطلبوا مني الدليل، فحيثما نظرتم حولكم وجدتم في الحياة الدليل قائماً ظاهراً مرئياً، واحدة في الحلال تكفيك كثيراً أو اثنتان في الحلال إلى أربع، وأما في الحرام فلو فجر بألف امرأة من نساء الدنيا فلا يمكن أن يكون عاقبته العفة. ومن وقع في هذه المفاسد أنهك الجسد، وأتلف المال، وجلب العار، وأزال المروءة، وذهبت جلالته ووقاره، والعجيب أن يكون الرجل العاقل الكبير صاحب الأولاد والذرية قد أقبل على أقبح ما يكون بالوقوع في هذا السعار، والله عز وجل حكيمٌ عليم، وقد قال لنا: وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً [النساء:28].[/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] أقوال السلف في النظر إلى النساء:[/font]
[font=&quot]قال طاوس رحمه الله: " من نظر إلى النساء لم يصبر ". وقال ابن عباس : [لم يكن كفر من مضى إلا من قبل النساء ] وهو كائنٌ كفر من بقي من قبل النساء، فهذه فتنة بني إسرائيل التي حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم منها بقوله: (ما تركت بعدي فتنةً أشد على الرجال من النساء) وهذا قد يكون من أسباب الكفر، فإن بعض الناس إذا دخل في هذا المستنقع كفر، وخصوصاً إذا أعجب بكافرة، وخصوصاً من الذين يذهبون إلى بلاد الكفر والانحلال. [/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot]بعض قصص الذين فتنوا بالنساء:[/font]
[font=&quot] ساق المؤرخون المسلمون عدداً من القصص حول هذا الموضوع، ومن ذلك: [/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] قصة صالح المؤذن:[/font]
[font=&quot]قال أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله: بلغني عن رجلٍ كان بـبغداد يقال له: صالح المؤذن ، أذن أربعين سنة وكان يعرف بالصلاح، صعد يوماً إلى المنارة ليؤذن؛ فرأى بنت رجلٍ [/font]
[font=&quot]نصراني كان بيته إلى جانب المسجد، فافتتن بها، فجاء فطرق الباب، فقالت: من؟ فقال: أنا صالح المؤذن ، ففتحت له، فلما دخل ضمها إليه، فقالت: أنتم أصحاب الأمانات فما هذه الخيانة؟! فقال: توافقيني على ما أريد وإلا قتلتك، فقالت: لا. إلا أن تترك دينك، فقال: أنا برئ من الإسلام ومما جاء به محمد، ثم دنا إليها، فقالت: إنما قلت هذا لتقضي غرضك ثم تعود إلى دينك، فكل من لحم الخنزير فأكل، قالت: فاشرب الخمر فشرب، فلما دب الشراب فيه دنا إليها فدخلت بيتاً وأغلقت الباب، وقالت: اصعد إلى السطح حتى إذا جاء أبي زوجني منك، فصعد فسقط فمات، فخرجت فلفته في ثوبٍ، فجاء أبوها، فقصت عليه القصة، فأخرجه في الليل فرماه في الطريق، فافتضح أمره بعد ذلك، فرمي في مزبلة مرتداً!![/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot]قصة ابن عبد الرحيم:[/font]
[font=&quot]ذكر ابن كثير رحمه الله في كتابه البداية والنهاية في حوادث سنة (278هـ) ما يلي: قال: وفيها توفي ابن عبد الرحيم قبحه الله، ذكر أن هذا الشقي كان من المجاهدين كثيراً في بلاد الروم، فلما كان في بعض الغزوات والمسلمون يحاصرون بلدةً من بلاد الروم إذ نظر لامرأة من نساء الروم في ذلك الحصن، فهواها فراسلها، ما السبيل إلى الوصول إليك؟ فقالت: أن تتنصر وتصعد إلي، فأجابها إلى ذلك، فما راع المسلمين إلا وهو عندها، فاغتم المسلمون بسبب ذلك غماً شديداً، وشق عليهم مشقةً عظيمة، فلما كان بعد مدة مروا عليه وهو مع تلك المرأة أثناء الحصار وهو فوق وهم حول السور، فقالوا: يا فلان! ما فعل قرآنك؟! ما فعل علمك؟! ما فعل صيامك؟! ما فعل جهادك؟! ما فعلت صلاتك؟! فقال: اعلموا أني أنسيت القرآن كله إلا قوله تعالى: رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ * ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الحجر:2-3] وقد صار لي فيهم مالٌ وولد، أي: صار لي عند النصارى مال وولد. يقول يزيد بن الوليد محذراً من سببٍ من أسباب الوقوع في الخنا والفجور -وهذا السبب منتشر كثيراً جداً في هذا الزمان-: يا بني أمية! إياكم والغناء، فإنه ينقص الحياء، ويزيد في الشهوة، ويهدم المروءة، وإنه لينوب عن الخمر، ويفعل ما يفعل السكر، فإن كنتم لا بد فاعلين فجنبوه النساء؛ فإن الغناء داعية الزنا. قال ابن القيم رحمه الله: ومن الأمر المعلوم عند القوم أن المرأة إذا استصعبت على الرجل اجتهد أن يسمعها صوت الغناء، فحينئذٍ تعطي الليان وتنقاد، وهذا لأن المرأة سريعة الانفعال للأصوات جداً، فإذا كان الصوت بالغناء، صار انفعالها من وجهين: من جهة الصوت، ومن جهة المعنى، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لـأنجشة الصحابي: (يا أنجشة! رويدك.. رفقاً بالقوارير) أي: النساء. فكيف إذا استمع إلى هذه الأغنية والدف والشبابة والرقص بالتخنث والتكسر، فلو حبلت المرأة من شيءٍ لحبلت من الغناء. [/font]
[font=&quot]لعمر الله كم من حرةٍ صـارت بالغـناء مـن البغـايـا[/font]
[font=&quot]وكم من حرٍ أصبح به عبـداً للـصبيـان أو الصـبايـا[/font]
[font=&quot]وكم من غيورٍ تبدل به اسمـاً قبـيحـاً بيـن البـرايــا[/font]
[font=&quot]وكم من معافى تعرض له فأمسى وقد حلّت به أنواع البلايا[/font]
[font=&quot]الحكمة من الأمر بغض البصر[/font]
[font=&quot] النظر المحرم والغناء طريقان مباشران إلى الزنا، ولذلك حرمت الشريعة الحكيمة النظر، وأمرت بغض البصر، وحرمت الغناء والمعازف، رغماً عن أنف كل قذرٍ يفتي بإباحة الموسيقى التي حرمها الله ورسوله، البصر صاحب خبر القلب.. يأتي إلى القلب بالأخبار.. رسول القلب يرسله فيأتي بأخبار المبصرات فينقشها في القلب، فيجول القلب في هذه الصور ويشتغل ويفكر وينهمك ويهتم بها، ولذلك يكون بعده الوقوع في الحرام: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ * < وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [النور:30-31] بدأ بغض البصر قبل حفظ الفرج، لأن هذا هو الطريق إلى وقوع ذاك في الحرام: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30] وهذا النظر -أيها الإخوة- الذي أطلقه الناس اليوم في النساء العابرات، والفتيات الماشيات، والخارجات، وفي الشاشات وأنواع المسلسلات والصور العاريات؛ خرّب أفئدة كثير من الناس في هذا الزمان، والنظرة سمٌ يؤثر في القلب؛ ولذلك كان من الحكمة أن تقطع من أولها ومبادئها، لأن الناظر إذا استمرأ النظر صعب عليه أن يتركه، ثم تتطور الأمور بامتلاء القلب من الصور المحرمة، وعند ذلك يكون الوقوع في الحرام. نسأل الله عز وجل أن يرزقنا العفة والعفاف، وأن يباعد بيننا وبين المحرمات، وأن يجعلنا من الأتقياء الأطهار، البررة الأبرار، إنه سميعٌ غفار. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.[/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot]خطورة اختلاط الرجال بالنساء:[/font]
[font=&quot] الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين، وأشهد أن محمداً رسول الله خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، والشافع المشفع يوم الدين، صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. عباد الله: كيف إذا انضم إلى ما سبق: الاختلاط وقيام سوق الاختلاط بعمل المرأة مع الرجال؟ كيف إذا انضم إلى ما سبق هذه المخالطة والملابسة والقرب، وأن تجلس بجانبه أو تتكلم إليه، أو يأتي إليها، أو يخلو بها في مستشفى أو مكتب، أو يسمع الصوت بالهاتف، أو يتخذها سكرتيرة.. ونحو ذلك من الأعمال التي ينادي الكفرة والمنافقون بحصولها بيننا، ويرفعون عقيرتهم بأهميتها، وأنه لا بد من الحرص عليها، وتشغيل نصف المجتمع لتحطيم النصف الثاني وتخريبه، ويكون الخراب في النصفين جميعاً؟! كيف إذا صار الطالب مع الطالبة، والموظف مع الموظفة، والعامل مع العاملة؟ كيف إذا صار الاختلاط يعم؟ فماذا يحدث عند ذلك من أنواع الانغماس في الفواحش والقاذورات؟ عباد الله! قال العلماء: لا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، وهو من أسباب الموت العام والطواعين المهلكة. يقول ابن القيم رحمه الله: "ولما اختلط البغايا بعسكر موسى عليه السلام، وفشت فيهم الفاحشة، أرسل الله عليهم الطاعون، فمات في يومٍ واحدٍ سبعون ألفاً". والقصة مشهورة في كتب التفسير، فمن أعظم أسباب الموت العام كثرة الزنا. هذا الكلام يقوله ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية منذ مئات السنين، يقول: من أسباب الموت العام الاختلاط. وقد رأينا الطواعين في هذا الزمان التي تسبب الموت العام نتيجة الفواحش، فالكلام واحدٌ ومتصل من القديم إلى الحديث، وهذا الولع والانكباب على الشهوات سبب ضعف التوحيد، ويؤدي إلى العشق، والعشق هو الذي يبتلى به أصحاب الإعراض عن الله، وأما المخلصون فلا يقعون فيه، كما قال الله عز وجل عن يوسف: كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ [يوسف:24] وامرأة العزيز كانت مشركة، فوقعت -مع زواجها- فيما وقعت فيه من السوء، ويوسف عليه السلام مع عزوبته ومراودتها له واستعانتها عليه بالنسوة والتهديد بالسجن، عصمه الله بإخلاصه. إذاً: لو كان متزوجاً ولا يريد العفاف فسيقع في الحرام. وقال عز وجل عن إبليس: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [ص:82-83]، وقال تعالى إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ [الحجر:42] والغي: هو اتباع الهوى. إن الافتتان بالنساء والولع بهن يورث أنواعاً من البلايا والعقوبات، ويورث عمى لا يبصر حقارة ما يعمله ولا قبحه، كما قال عز وجل: إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ [الحجر:72] هؤلاء قوم لوط الذين في الفواحش، فأعماهم ذلك عن معرفة قبح ذنبهم فأدمنوا عليه، والإنسان إذا أصيب بالإدمان فمن ذا الذي يخرجه؟! والتعلق بالحرام لا يكاد الإنسان يفارقه حتى يعود إليه، ولذلك كانت عقوبتهم في البرزخ (في الفرن.. في التنور) الهبوط ثم الصعود، حتى إذا كادوا يخرجوا من التنور رجعوا في قعره مرة أخرى، كما جاء في حديث البخاري، أنه عليه الصلاة والسلام ( رأى الزناة والزواني في تنورٍ أعلاه ضيق وأسفله واسع توقد تحته نار، فيه رجالٌ ونساءٌ عراةٌ، فإذا أوقدت النار ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا، فإذا أخرجت رجعوا فيها ) وهكذا لا يخرج هذا العاشق ولا المدمن على الحرام منه حتى يرجع إليه، بسبب ما فرط في جنب الله عز وجل.[/font]
[font=&quot][/font]
[font=&quot]بيان خطورة ما يعرض من الفحش على الإنترنت والقنوات المشفرة:[/font]
[font=&quot] أيها الإخوة! ولقد وصلتني عددٌ من الرسائل في هذا المسجد، وخلاصتها ومن آخرها: رسالةٌ من امرأةٍ تقول: زوجي كان صاحب دينٍ يختلط بالأخيار ويغشى مجالسهم، وكانت حالنا في البيت جيدة وعلاقته بي وبأولاده ممتازة، وهناك استقرارٌ بيتيٌ وعاطفي، ومنذ أن أدخل اشتراك الإنترنت في بيته -لا بارك الله فيه- انقلبت الأحوال، فصار يغلق على نفسه الباب، وطال انحباسه عنا، ثم تهاون بصلاة الجماعة في المسجد، ثم تهاون بالصلاة أصلاً حتى في البيت، ثم حلق اللحية، ثم ترك الأخيار وترك مجالس الخير، وصار عاكفاً على هذا الصنم، وساءت العلاقة بيننا، وغاب عن أولاده، وصرنا في غاية السوء، وقال: إذا لم يعجبك الحال الحقي بأهلك. ورسالة ثانية: نفس القضية ولكن بالقنوات الفضائية، وببعض القنوات المشفرة وغير المشفرة التي تبث في أوقاتٍ مختلفة، وبأجهزة تركب على الدش ووو... وغير ذلك من أبواب الفواحش التي انفتحت على الناس، فخربت البيوت، وأفسدت العلاقات، وضاع الأولاد، وأزهقت المرأة من هذه الحياة، والمرأة السليمة تغار أن يرى زوجها هذا الحرام، وتقبل عليه تنصحه ولكن أذنٌ من طينٍ، وأذنٌ من عجين، طينٌ حرام وعجين إبليس الذي يسد به طريق النصيحة فلا تصل. أيها الإخوة: إننا -والله- أمام كارثة كبيرة قد أحدثت ببيوتنا وبشبابنا بل وبشيباننا، وترى الرجل الكبير العاقل تفتنه هذه الأمور القذرة. نحن نعلم أننا في آخر الزمان، وأن كيد يهود في نشر هذه الأمور كبير جداً، ولكن أين ذكر الله؟ أين التحصن بالله؟ أين عبادة الله؟ أين بيوت الله التي تقي من دخل فيها؟ من دخلها كان آمناً من الشهوات إذا دخلها بصدق، أين مرافقة الأخيار الذين يحوطونك فيمنعونك من الوقوع في مثل هذه التراهات إذا أنت عملت فيهم بقول الله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [الكهف:28] لا دشاً ولا شبكةً ولا مجلة ولا سوقاً ولا هاتف مغازلة، ولا باب مدرسة بنات، ولا غير ذلك .. وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً [الكهف:28]. اللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، واجعل قلوبنا معمورة بذكرك، اللهم اصرف عنا الشهوات المحرمة، اللهم اصرف عنا كيد إبليس، اللهم اصرف عنا فتنة النساء، اللهم ارزقنا غض البصر. اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن رزقوا العفاف. اللهم اجعلنا ممن يخافك ويتقيك في الغيب والشهادة.. أمام النا، ومن وراء الناس، وإذا غاب الناس. اللهم اجعلنا ممن يخشاك كأنه يراك، وأسعدنا بتقواك، ولا تذلنا بمعصيتك، واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين، واحفظ أولادنا وأولاد المسلمين، وطهر بيوتنا وبيوت المسلمين. اللهم انصر المسلمين في بلاد الشيشان على الروس الكفرة، وانصر المسلمين في كشمير على هؤلاء الهنود، اللهم إنا نسألك النصر للإسلام وأهله في بلاد فلسطين على اليهود الغاصبين، اللهم إنا نسألك النصر العاجل لأهل الإسلام في أصقاع الأرض يا رب العالمين. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.[/font]