كنيس الخراب.. للشيخ محمد مبارك حسن الطواش
مازن النجاشي-عضو الفريق العلمي
1431/04/09 - 2010/03/25 19:24PM
كنيس الخراب..
محمد مبارك حسن الطواش
إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا . من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أ ن محمداً عبدُه و رسولُه . ] يَاأَيها الذين آ مَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَا ته ولاتموتن إلا وأنتم مُسلمُون [ ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [ . ] يَا أ يها الذين آ منوا اتقوا الله وقولوا قَولاً سَديداً يُصلح لَكُم أَ عمالكم وَ يَغفر لَكُم ذُ نُوبَكُم وَ مَن يُطع الله وَ رَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيماً[ . أ ما بعد :
في هذا الزمان العجيب : من ليس له تاريخ .. يسرق مَن تاريخ له .. و من ليس له شرعية .. يسرق من شرعية له ؟! .. هذا ما فعلته وتفعله يوميا الحكومات الصهيونية المتعاقبة .. من أجل فرض شرعية تاريخية ودينية لليهود في القدس .. و لو عن طريق سرقة التاريخ الأثري الإسلامي .. ونسبته لليهود .. و اعتبار الآثار إسلامية .. و التي تضم مساجد ومقابر .. مثل المسجد الإبراهيمي في الخليل .. و مسجد بلال أبن رباح .. و غيرها آثارا يهودية !؟
و أخطر هذه المحاولات الصهيونية لتزوير التاريخ .. وتهويد القدس .. هي بناء كنيس (الخراب) .. علي بعد 50 مترا فقط من الأقصي .. بني هذا الكنيس بجانب المسجد العمري الكبير داخل البلدة العتيقة في القدس الشريف .. على أنقاض حارة الشرف الإسلامية .. التي قامت السلطات الإسرائيلية بتحويلها إلى (حارة اليهود) .. بعد أن هدموا وبدلوا معالمها .
هذا الكنيس .. كنيس الخراب .. الذي افتتح قبل أيام .. الهدف منه بداية هدم الأقصى .. وبناء هيكلهم المزعزم عليه !! كنيس الخراب - جعله الله عليهم خرابا - هو أضخم وأكبر كنيس يهودي في العالم ، وبقبة تعلو قبة الأقصي !! لقد فرض اليهود الإغلاق التام علي الأقصي .. مع تكثيف الاقتحامات له من المستوطنين و الجيش .. لإجبار المسلمين علي تقسيم الصلاة فيه . وقد أقام الصهاينة خلال السنوات الأخيرة عدداً من الكُنس الصهيونية .. والمتاحف التي حلت محل الأوقاف الإسلامية بجوار المسجد الأقصى .. و التي يصل عددها قرابة 50 كنيسا .. تحيط بالأقصى إحاطة السوار بالمعصم !!
وتوقعت صحيفة (هآرتس) العبرية في تقريرها بأن تُقدم جماعات يهودية على هدم المسجد الأقصى في شهر مارس آذار الحالي .. لإقامة الهيكل المزعوم مكانه .. باعتبار أن هناك نبوءة تربط بناء هذا الكنيس بهدم الأقصي !! فكنيس (الخراب) يشكل منعطفاً كبيراً في العقيدة الصهيونية ، ضمن مخططها في تهويد مدينة القدس ، ووجود هذا الكنيس بهذا الوقت تحديداً وخلال هذا العام أمر لابد منه -كما يزعمون- كي تتحقق رؤية صهيونية تتعلق ببناء الهيكل الثالث .
ولهذا بدأت شركة تطوير الحي اليهودي ببناء الكنيس فعلاً منذ بدايات 2001م ، وقدرت تكاليف بنائه بــ (7.3 مليون) دولار .. تدفع الحكومة الإسرائيلية منها 2.8 مليون دولار ، و المتبقي يدفعه المتبرعون ..
أيها المسلمون – و المتابع لهذه الأحداث .. يسمع كثيرا من عبارات اليأس و الأسى .. لما يحدث للمسلمين في بلاد الإسلام .. من احتلال لبلادهم .. وهدم لبيوتهم و مساجدهم .. وقتل لنسائهم وأطفالهم .. و طمس لهويتهم و ثقافتهم .. إخواني – الحزن لما يحلّ بإخواننا المسلمين من النكبات و الابتلاءات .. هذا أمر لابد منه .. فالمسلمون جسد واحد .. يألم المسلم لألم أخيه .. و يحب لنفسه ما يُحب لأخيه .. و أيضا يكره لأخيه ما يكره لنفسه .. ولكن أعداء الإسلام – من يهود ونصارى – يريدون من وراء هذه الأحداث و تضخيمها .. بثّ روح الهزيمة في نفوس المسلمين .. و إدخال اليأس في قلوبهم .. نعم يجب أن نجاهد و نقاوم من يتعدّى على ديننا و بلادنا و أرضنا .. نعم يجب أن نحزن لما يحُل يُصيب إخواننا من بلاء و ألم !! و لكن نُقاوم بلا خنوع .. و نجاهد و نحن واثقين بنصر الله وعونه .. و نحزن بلا يأس ..
معاشر المسلمين- لقد حلّت بالإسلام و المسلمين نكبات و كوارث .. فما أوهنت من عزائمهم .. و لا نالت من كرامتهم .. وبقي الإسلام عزيزا شامخا .. مرّت بإسلام و المسلمين مصائب و نكبات عظيمة .. فمات محمد .. النبي .. والقائد .. والمربي .. والإمام .. وهي أعظم مصيبة حلّت بأمة الإسلام .. ومع ذلك ظل الأسلام باقيا حيا : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً } ..
و ارتدّت معظم قبائل العرب .. بعد موت النبي .. في وقت كانت فيه أعظم دولتين : الفرس والروم .. تحيطان بدولة الإسلام الفتية .. و حدث للمسلمين من ذلك بلاء و فتنة .. و لكن خرج الإسلام والمسلمون من تلك المحنة أقوى عزما .. و انتشر الإسلام في الأرض حتى بلغ بلاد فارس والروم ! قُتل ثلاثة من خُلفاء النبي .. عمر و عثمان و علي .. و بقي دين الله ظاهرا عزيزا .. في سنة 317هـ اجتاح القرامطة المسجد الحرام .. في موسم الحج .. و قتلوا كثيرا من الحجاج .. و ألقوا بالجثث في بئر زمزم .. و قلعوا باب الكعبة .. و أخذوا الحجر الأسود معهم .ز ومكث عندهم اثنتين وعشرين سنة .. حكم الرافضة كثيرا من بلاد المسلمين .. البويهيون في بغداد .. والقرامطة و الفاطميون في مصر .. وبنو حمدان في حلب والموصل .. الصُليحيون في اليمن .. حكم الرافضة بلاد المسلمين في بعض الأماكن أكثر من ثلاثمائة سنة .. طمسوا خلالها السنة .. و أحيوا البدعة .. و أذاقوا المسلمين الويلات .. و لكن أين ملكهم الآن !! أذهب الله شرهم .. و أزال ملكهم .. و رجع الإسلام و السنة إلى بلاد الإسلام .. عباد الله – و من الكوارث التي حلّت بالمسلمين : سقوط الخلافة العباسية في بغداد .. على يد التتار .. بتآمر من ابن العلقمي - الوزير الرافضي – و قُتل الخليفة المستعصم بالله .. و قُتل من أهل بغداد ما يُقارب مليون و ثمانمائة نفس !!
و مرّت قُرون .. و احتل الصليبيون بلاد الشام و بيت المقدس .. و رُفع الصليب على قُبة الصخرة .. و جعلو المسجد الأقصى مكانا للقمامة و الخنازير ..و بقي الأقصى كذلك 91 سنة ..حتى حرره صلاح الدين ..
أيها المسلمون – و لو أخذنا نتأمل في مآسي المسلمين .. لطال بنا المقام .. من سقوط الأندلس .. و الخلافة العثمانية .. و الاستعمار الذي اجتاح العالم الإسلامي بأكمله .. مرورا باحتلال اليهود لفلسطين .. وحرب الغرب على الإسلام .. الذي أطلقوا عليه تمويها بالحرب على الإرهاب .. وما نعيشه الآن من احتلال للعراق و أفغانستان .. وغيرها من النكبات .. التي أراد أعداء الإسلام منها .. قَتْلَ الإسلام .. و وأد حضارته .. وطمس هويته .. و اقتلاع عقيدته و ثقافته .. و لكن .. هل تحققت أمانيهم ؟!! كلا والله .. خاب سعيُهم .. و أبقى الله عليهم ما يُغيظهم .. و بقي الإسلام عزيزا .. و دين الله ظاهرا .. بل وزاد انتشاره أكثر .. ودخلت فيه أمم وشعوب .. لأنه دين الله وشرعه .. الذي ارتضاه للناس .. { وما كيد الكافرين إلا في ضلال } ..
الخطبة الثانية:
أيها المسلمون- إن هذه الاعتداءات و الابتلاءات .. التي يتعرّض لها إخواننا في فلسطين .. لا تزيد المؤمن إلا صلابة و ثباتا .. فحتى مع الاحتلال .. الذي قارب 60 سنة .. و مشاريع التهويد .. وطمس الهوية الإسلامية .. و القتل والحصار .. إلا أن أهل فلسطين .. لازالوا صامدين .. ثابتين .. مستمسكين بدينهم و أرضهم .. فمهما حاول اليهود طمس هوية القدس .. فإن الهوية الإسلامية في فلسطين – بإذن الله – لن تُطمس .. ومهما حالوا هدم آثار الإسلام هناك .. فإن الإسلام باقيا .. لا يتأثّر بهدم معلم من معالمه .. ولا بموت قائد من قادته .. { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ . هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ . وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ . وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ . أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ . وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَتَمَنَّوْن الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ . وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ . وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ . وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ . وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ . فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } ...
محمد مبارك حسن الطواش
إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا . من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أ ن محمداً عبدُه و رسولُه . ] يَاأَيها الذين آ مَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَا ته ولاتموتن إلا وأنتم مُسلمُون [ ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [ . ] يَا أ يها الذين آ منوا اتقوا الله وقولوا قَولاً سَديداً يُصلح لَكُم أَ عمالكم وَ يَغفر لَكُم ذُ نُوبَكُم وَ مَن يُطع الله وَ رَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيماً[ . أ ما بعد :
في هذا الزمان العجيب : من ليس له تاريخ .. يسرق مَن تاريخ له .. و من ليس له شرعية .. يسرق من شرعية له ؟! .. هذا ما فعلته وتفعله يوميا الحكومات الصهيونية المتعاقبة .. من أجل فرض شرعية تاريخية ودينية لليهود في القدس .. و لو عن طريق سرقة التاريخ الأثري الإسلامي .. ونسبته لليهود .. و اعتبار الآثار إسلامية .. و التي تضم مساجد ومقابر .. مثل المسجد الإبراهيمي في الخليل .. و مسجد بلال أبن رباح .. و غيرها آثارا يهودية !؟
و أخطر هذه المحاولات الصهيونية لتزوير التاريخ .. وتهويد القدس .. هي بناء كنيس (الخراب) .. علي بعد 50 مترا فقط من الأقصي .. بني هذا الكنيس بجانب المسجد العمري الكبير داخل البلدة العتيقة في القدس الشريف .. على أنقاض حارة الشرف الإسلامية .. التي قامت السلطات الإسرائيلية بتحويلها إلى (حارة اليهود) .. بعد أن هدموا وبدلوا معالمها .
هذا الكنيس .. كنيس الخراب .. الذي افتتح قبل أيام .. الهدف منه بداية هدم الأقصى .. وبناء هيكلهم المزعزم عليه !! كنيس الخراب - جعله الله عليهم خرابا - هو أضخم وأكبر كنيس يهودي في العالم ، وبقبة تعلو قبة الأقصي !! لقد فرض اليهود الإغلاق التام علي الأقصي .. مع تكثيف الاقتحامات له من المستوطنين و الجيش .. لإجبار المسلمين علي تقسيم الصلاة فيه . وقد أقام الصهاينة خلال السنوات الأخيرة عدداً من الكُنس الصهيونية .. والمتاحف التي حلت محل الأوقاف الإسلامية بجوار المسجد الأقصى .. و التي يصل عددها قرابة 50 كنيسا .. تحيط بالأقصى إحاطة السوار بالمعصم !!
وتوقعت صحيفة (هآرتس) العبرية في تقريرها بأن تُقدم جماعات يهودية على هدم المسجد الأقصى في شهر مارس آذار الحالي .. لإقامة الهيكل المزعوم مكانه .. باعتبار أن هناك نبوءة تربط بناء هذا الكنيس بهدم الأقصي !! فكنيس (الخراب) يشكل منعطفاً كبيراً في العقيدة الصهيونية ، ضمن مخططها في تهويد مدينة القدس ، ووجود هذا الكنيس بهذا الوقت تحديداً وخلال هذا العام أمر لابد منه -كما يزعمون- كي تتحقق رؤية صهيونية تتعلق ببناء الهيكل الثالث .
ولهذا بدأت شركة تطوير الحي اليهودي ببناء الكنيس فعلاً منذ بدايات 2001م ، وقدرت تكاليف بنائه بــ (7.3 مليون) دولار .. تدفع الحكومة الإسرائيلية منها 2.8 مليون دولار ، و المتبقي يدفعه المتبرعون ..
أيها المسلمون – و المتابع لهذه الأحداث .. يسمع كثيرا من عبارات اليأس و الأسى .. لما يحدث للمسلمين في بلاد الإسلام .. من احتلال لبلادهم .. وهدم لبيوتهم و مساجدهم .. وقتل لنسائهم وأطفالهم .. و طمس لهويتهم و ثقافتهم .. إخواني – الحزن لما يحلّ بإخواننا المسلمين من النكبات و الابتلاءات .. هذا أمر لابد منه .. فالمسلمون جسد واحد .. يألم المسلم لألم أخيه .. و يحب لنفسه ما يُحب لأخيه .. و أيضا يكره لأخيه ما يكره لنفسه .. ولكن أعداء الإسلام – من يهود ونصارى – يريدون من وراء هذه الأحداث و تضخيمها .. بثّ روح الهزيمة في نفوس المسلمين .. و إدخال اليأس في قلوبهم .. نعم يجب أن نجاهد و نقاوم من يتعدّى على ديننا و بلادنا و أرضنا .. نعم يجب أن نحزن لما يحُل يُصيب إخواننا من بلاء و ألم !! و لكن نُقاوم بلا خنوع .. و نجاهد و نحن واثقين بنصر الله وعونه .. و نحزن بلا يأس ..
معاشر المسلمين- لقد حلّت بالإسلام و المسلمين نكبات و كوارث .. فما أوهنت من عزائمهم .. و لا نالت من كرامتهم .. وبقي الإسلام عزيزا شامخا .. مرّت بإسلام و المسلمين مصائب و نكبات عظيمة .. فمات محمد .. النبي .. والقائد .. والمربي .. والإمام .. وهي أعظم مصيبة حلّت بأمة الإسلام .. ومع ذلك ظل الأسلام باقيا حيا : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً } ..
و ارتدّت معظم قبائل العرب .. بعد موت النبي .. في وقت كانت فيه أعظم دولتين : الفرس والروم .. تحيطان بدولة الإسلام الفتية .. و حدث للمسلمين من ذلك بلاء و فتنة .. و لكن خرج الإسلام والمسلمون من تلك المحنة أقوى عزما .. و انتشر الإسلام في الأرض حتى بلغ بلاد فارس والروم ! قُتل ثلاثة من خُلفاء النبي .. عمر و عثمان و علي .. و بقي دين الله ظاهرا عزيزا .. في سنة 317هـ اجتاح القرامطة المسجد الحرام .. في موسم الحج .. و قتلوا كثيرا من الحجاج .. و ألقوا بالجثث في بئر زمزم .. و قلعوا باب الكعبة .. و أخذوا الحجر الأسود معهم .ز ومكث عندهم اثنتين وعشرين سنة .. حكم الرافضة كثيرا من بلاد المسلمين .. البويهيون في بغداد .. والقرامطة و الفاطميون في مصر .. وبنو حمدان في حلب والموصل .. الصُليحيون في اليمن .. حكم الرافضة بلاد المسلمين في بعض الأماكن أكثر من ثلاثمائة سنة .. طمسوا خلالها السنة .. و أحيوا البدعة .. و أذاقوا المسلمين الويلات .. و لكن أين ملكهم الآن !! أذهب الله شرهم .. و أزال ملكهم .. و رجع الإسلام و السنة إلى بلاد الإسلام .. عباد الله – و من الكوارث التي حلّت بالمسلمين : سقوط الخلافة العباسية في بغداد .. على يد التتار .. بتآمر من ابن العلقمي - الوزير الرافضي – و قُتل الخليفة المستعصم بالله .. و قُتل من أهل بغداد ما يُقارب مليون و ثمانمائة نفس !!
و مرّت قُرون .. و احتل الصليبيون بلاد الشام و بيت المقدس .. و رُفع الصليب على قُبة الصخرة .. و جعلو المسجد الأقصى مكانا للقمامة و الخنازير ..و بقي الأقصى كذلك 91 سنة ..حتى حرره صلاح الدين ..
أيها المسلمون – و لو أخذنا نتأمل في مآسي المسلمين .. لطال بنا المقام .. من سقوط الأندلس .. و الخلافة العثمانية .. و الاستعمار الذي اجتاح العالم الإسلامي بأكمله .. مرورا باحتلال اليهود لفلسطين .. وحرب الغرب على الإسلام .. الذي أطلقوا عليه تمويها بالحرب على الإرهاب .. وما نعيشه الآن من احتلال للعراق و أفغانستان .. وغيرها من النكبات .. التي أراد أعداء الإسلام منها .. قَتْلَ الإسلام .. و وأد حضارته .. وطمس هويته .. و اقتلاع عقيدته و ثقافته .. و لكن .. هل تحققت أمانيهم ؟!! كلا والله .. خاب سعيُهم .. و أبقى الله عليهم ما يُغيظهم .. و بقي الإسلام عزيزا .. و دين الله ظاهرا .. بل وزاد انتشاره أكثر .. ودخلت فيه أمم وشعوب .. لأنه دين الله وشرعه .. الذي ارتضاه للناس .. { وما كيد الكافرين إلا في ضلال } ..
الخطبة الثانية:
أيها المسلمون- إن هذه الاعتداءات و الابتلاءات .. التي يتعرّض لها إخواننا في فلسطين .. لا تزيد المؤمن إلا صلابة و ثباتا .. فحتى مع الاحتلال .. الذي قارب 60 سنة .. و مشاريع التهويد .. وطمس الهوية الإسلامية .. و القتل والحصار .. إلا أن أهل فلسطين .. لازالوا صامدين .. ثابتين .. مستمسكين بدينهم و أرضهم .. فمهما حاول اليهود طمس هوية القدس .. فإن الهوية الإسلامية في فلسطين – بإذن الله – لن تُطمس .. ومهما حالوا هدم آثار الإسلام هناك .. فإن الإسلام باقيا .. لا يتأثّر بهدم معلم من معالمه .. ولا بموت قائد من قادته .. { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ . هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ . وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ . وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ . أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ . وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَتَمَنَّوْن الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ . وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ . وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ . وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ . وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ . فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } ...