خطـــــــــــب عن عيد الحب ....
ابن وائل
والأخوة الكرام من لديه أي شيءممكن يستفاد منه حول هذا الموضوع يفيدنا
ملخص الخطبة
1- كمال الدين وتمام النعمة. 2- محاسن الإسلام. 3- مكر اليهود والنصارى بالأمة الإسلامية. 4- حال المسلمين اليوم. 5- حقيقة عيد الحب وحكمه. 6- تحريم موالاة الكفار والاحتفال بأعيادهم. 7- ضلال عقيدة النصارى. 8- معنى الحب في الإسلام. 9- تلبيس أعداء الدين.
أيها المؤمنون:
إن الله سبحانه قد حبانا بدين عظيم، وهدانا إلى صراط مستقيم، فيه الغنية والكفاية، وبه السعادة والهداية، منه الأمن والسلام، وإليه الحب والوئام، من تمسك به أعزه الله بقدر ما تمسك وأخذ، ومن تهاون أذله الله بقدر ما ترك وجحد.
إن الدين قد كمل فلا نفتقر بعده إلى مقنِّن مشرِّع، وإن النعمة قد تمت فلا نحتاج معها إلى عيد مفرِّح، اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا [المائدة: 3].
ديننا ـ أيها المؤمون ـ أكمل الأديان وأفضلها، جمع بين مصالح الأولى والأخرى، خدم الروح ولم يغفل الجسد، وأمَّ الآخرة ولم يهمل الدنيا قال تعالى: وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا [القصص: 77].
ديننا ـ أيها المؤمنون ـ دين الوسطية؛ لا إفراط فيه ولا تفريط، ولا إسراف ولا تقتير، لا غواية فيه ولا رهبانية، ولا غلو ولا تقصير وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا [البقرة: 143].
فبالله عليكم كيف يرضى المسلم لنفسه أن يضيّع هذه المكانة التي جعلها الله بين يديه، وأن يرضى بالهوان والكتاب والسنة نصب عينيه؟! أم كيف يرضى لنفسه الأبيّة أن يكون مقودًا بعدما كان قائدًا، وأن يكون مقلِّدًا بعدما كان مرشدًا؟ كيف يرضى لنفسه أن يصبح ضالاً بعدما كان دالاً، وأن يصير عبدًا مطيعًا بعدما كان سيّدًا؟ ولكنه قول النبي : ((لتتبعنّ سَنَنَ من كان قبلكم شبرًا بشر وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبّ تبعتموهم))، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟))[1].
أيها المسلمون:
ليس بخاف عليكم مكر اليهود والنصارى بالأمة الإسلامية، ومحاولتهم القضاء على قيمها ومبادئها الأخلاقية، إنهم يبذلون في ذلك أعزّ أوقاتهم وأنفس أموالهم، سخّروا لذلك العقول والطاقات، وسطروا المناهج والمخططات، ولقد ـ والله ـ أصابت سهامهم، وأثخنت رماحهم، كيف لا؟ والسنة الكونية تقول: من جدّ وجد، ومن زرع حصد. فصرنا اليوم نرى مظاهر ما كنا نراها بالأمس القريب، صرنا نرى التفنّن في السفور والإمعان في التبرّج، صرنا نرى الجرأة على الدين، والتبجّح بالمعاصي.
اذكروا معي ـ رحمكم الله ـ قبل بضع عشرة سنة كيف كانت المبادئ الأخلاقية والقيم المرضية منتشرة في المجتمع، كان الحياء والعفاف هو السائد في هذا المجتمع، كان الشاب لأن يحمل فوق ظهره جبلاً أهون عليه من أن يراه من يعرفه يمشي مع فتاة، وكذا شأنها هي بل أشد؛ إذا دخلا حيًا من الأحياء طردهما سكانه، وإذا مشيا بين الناس كان شزَر أعينهم إليهما أشدَّ عليهما من الكلام اللاذع، ثم انظروا إلى ما صرنا إليه اليوم، واعتبروا يا أولي الألباب.
وهاهي جيوش الكفر وجنود الإلحاد تَكِرّ من جديد، وتروّج لعيد ما أمكَرَه من عيد، عيدٍ سموه بغير اسمه تدليسًا وتلبيسًا، سمّوه باسم شريف، ليروج على التقي النقي العفيف، سموه عيد الحب وهو في الحقيقة عيد الخنا والرذيلة والعهر، ينشرون الرذائل في أثواب الفضائل، وهذه سنة إبليسية قديمة، فضحها الله تعالى وكشف أمرها لعباده المؤمنين، فقال عن مكر إبليس بأبينا آدم وأمنا حواء: وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين [الأعراف: 152].
فاحذروا أيها المسلمون، احذروا المضِلَّ الخائن الذي يأتي في لباس الناصح الأمين، إنه لو جاء في ثوبه، ما أدرك مطلوبه ولا وصل إلى إربه،ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين [الأنفال:30].
وللأسف الشديد لقد غُرّر بكثير من الشباب والفتيات لضعف إيمانٍ منهم ونقص توجيهٍ وإرشادٍ من الدعاة الناصحين، غُرّر بهم فاغترّوا بهذا العيد، وراحوا يحتفلون به ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ألا فليعلموا وليعلم كل مسلم أن الاحتفال بهذا العيد من أعظم البدع الكفرية، وأنه محرّم في دين الإسلام، لا خلاف في ذلك بين أهل العلم المعتبرين، إنه لو كان هذا العيد من إحداث المسلمين لكان الاحتفال به حرامًا لقوله : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))[2]، ولقوله ـ لما جاء إلى المدينة ووجد أهلها يلعبون في يومين هما من أعياد الجاهلية ـ: ((إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر))[3]، إنه لو كان هذا العيد من ابتداع المسلمين لكان الاحتفال به حرامًا فكيف وهو من ابتداع الكافرين الضالين؟ أما كفى الدعاةَ إلى الله ـ يا عباد الله ـ أن يحاربوا البدع التي أحدثها المسلمون بعد نبيهم، حتى تشغلوهم بالبدع التي أحدثها المشركون في أديانهم؟.
فاتقو الله يا عباد الله، اتقوه وابتغوا رضاه، واجتنبوا سخطه.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، حذرنا من مشابهة الكفار وموالاتهم، فقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوًا ولعبًا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين [المائدة: 57].
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله القائل: ((من تشبه بقوم فهو منهم))[4].
صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها المسلمون:
اعلموا أن الأعياد من شعائر الأديان، فمن دان بدين احتفل بأعياده، ولم يحتفل بأعيادِ سواه، واعلموا أن للضلال سبلاً، أخصرها موالاة الكفار، فإن كان للموالاة دليل، فدليله تقليدهم، فإن كان للتقليد عنوان، فعنوانه الاحتفال بأعيادهم.
فكيف يرضى مسلم بعد ذلك؛ كيف يرضى لنفسه ولمن يعول ويرعى أن يحتفل بعيد فسقي بدعي كفري، عيد الحب المزعوم؟ كيف يرضى أن يحتفل بعيد القسيس فالنتاين الذي يسبّ إلهنا ويقول: إنه ثالث ثلاثة، وإنه اتخذ صاحبة وولدًا، تعالى الله عما يقول الأفاكون علوًا كبيرًا.
ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل: وقالوا اتخذ الرحمن ولدًا لقد جئتم شيئًا إدًا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدًا أن دعوا للرحمن ولدًا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدًا إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا لقد أحصاهم وعدهم عدًا وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا [مريم: 88 ـ 95].
فاحذر يا عبد الله، احذر أن تكون السماء والأرض والجبال أغير منك على الله تعالى، احذر أن تكون هذه الجمادات أفضل منك إذا أنت لم تكترث لما يقوله الأفاكون المبطلون، فرُحْت تحتفل بهذا العيد أو بغيره من أعيادهم الباطلة الزائفة.
أيها المسلمون:
إنه مهما تكلم الضالون عن الحب، ومهما مجَّدوه وعظَّموه واحتفلوا به، فنحن أولاهم به، نحن أولى الناس بالحب؛ عَقْدُ الدين مبني عليه، وأساس الإيمان راجع إليه، لا يؤمن أحدٌ ولا يأمنَ حتى يحب الله، ويحب دينه وأحكامه وشريعته، ولا يؤمن أحد ولن يأمن حتى يحب رسول الله، ويحب آله وأزواجه وصحابته، لا يؤمن أحدٌ حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير.
المسلم يحب الخير وأهله، ويحب الخير للناس.
الملسم يحب والديه فيبرهما ولا يعصيهما، يأويهما ولا يرميهما، يرعاهما ولا يلقيهما في ديار العجزة كما هو حاصل في بلاد الغرب، ديار الكفر والفسوق والعصيان.
المسلم يحب أبناءه فيعولهم ولا يضيعهم، ويعدل بينهم ولا يظلمهم، ويرشدهم ولا يطردهم.
المسلم يحب زوجته فيحترمها ولا يحتقرها، ويوفيها حقها ولا يبخسها، ويعينها ولا يستغلها.
المسلم يحب إخوانه فينصحهم ولا يفضحهم، ويدعوهم ولا يقصيهم، ويحفظ أعراضهم ولا يغتابهم.
المسلم يحب نساء المؤمنين، يحبهن فيدفع الأذى عنهن ولا يؤذيهنّ، يحبهن فيحترمهنّ ولا يخلو بهن، يحبهم فيغض بصره عنهن ولا يسلّطه عليهن.
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي حتـى يـواري جارتي مثواها
إن الحب عند المسلمين معنى عظيمٌ شريف، يقول ابن القيم رحمه الله: " فبالمحبة وللمحبة وجدت الأرض والسموات، وعليها فطرت المخلوقات، ولها تحركت الأفلاك الدائرات، وبها وصلت الحركات إلى غاياتها، واتصلت بداياتها بنهاياتها، وبها ظفرت النفوس بمطالبها، وحصلت على نيل مآربها، وتخلصت من معاطبها، واتخذت إلى ربها سبيلاً، وكان لها دون غيره مأمولاً وسؤلا، وبها نالت الحياةَ الطيبة وذاقت طعم الإيمان لما رضيت بالله ربا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولاً"[5]. انتهى كلامه رحمه الله.
ثم يأتي هؤلاء الأفاكون المبطلون، وحلفاؤهم من ضعفة النفوس والمنافقين، وأذنابهم من المخدوعين المغرورين، فيستغلون هذا الاسم بدهاء، ويستخدمونه بمكر، ويطلقونه كذبًا وزورًا على العلاقات الغرامية، والأحلام الوهمية التي سرعان ما تتبخر في أرض الواقع، وتخفق في أرض التجربة.
إننا في زمان انقلبت فيه الموازين، وسميت فيه الأشياء بغير أسمائها؛ فسمي الفسوق والخنا، والفجور والزنا حبًا، وسمي الحياء والعفة والحشمة مرضًا، وسمي الزواج والحياة الأسرية النبيلة عبءًا وقيدًا، وسمي قطع الطريق وقتل الأبرياء جهادًا، وسمي الجهاد الحق، الجهاد في سبيل الله، سمي إرهابًا، وسمي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اعتداءً، وسميت التقاليد البالية تراثًا وثقافة، وسمي التمسك بالدين وإحياء السنة رجعية وتخلفًا، وسمي تقليد الكفار والتشبه بهم رقيًا وتقدمًا، وسمي الغناء والمجون فنًا، إنها ـ والله ـ لمن أشراط الساعة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فيا عبد الله، لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جنهم وبئس المهاد [آل عمران: 196، 197]، لا يغرنك ما هم عليه، فإنها دنيا زائلة، والآخرة خير وأبقى [الأعلى: 17]. كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها [النازعات: 46]. فالثبات الثبات، الثبات حتى الممات. نسأل الله حسن الخاتمة.
ويا أمة الله، لا يستخفنك الذين لا يوقنون، ولا يضلنك الذين لا يؤمنون، اعتزي بدينك، وافخري بأعيادك، وإياك ثم إياك من تقليد الكفار؛ فإنه طريق الهلاك وسبيل النار. نسأل الله السلامة والعافية.
[1] أخرجه البخاري [3269،6889] ومسلم [2669] من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[2] أخرجه البخاري [2697] ومسلم [1718] من حديث عائشة رضي الله عنها.
[3] أخرجه أبو داود (1134) من حديث أنس وصححه الألباني.
[4] أخرجه أحمد (2/50، 92)،وأبو داود (4031) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما،وقال الألباني في تعليقه على المشكاة (4347): "إسناده حسن".
[5] من مقدمة روضة المحبين ونزهة المشتاقين
المشاهدات 8419 | التعليقات 7
1- تعريف بعيد الحب وتاريخه. 2- حرمة المشاركة في أعياد الكفار وشعائرهم. 3- موقف الإسلام من الحب. 4- الحياة الزوجية والحب. 5- حقائق عن فشل ما يسمونه بزواج الحب. 6- حقائق عن موضع الزوجية في المجتمع الغربي. 7- واجب المسلمين تجاه هذا العيد.
ففي سلسلة من الهجمات الشرسة التي يشنها الكفار على الأمة الإسلامية لطمس معالمها والقضاء على قيمها يروج الإعلام الغربي وحلفاؤه لعيد خبيث، سموه باسم شريف، لينشروا الرذائل في أثواب الفضائل تلبيسًا وتدليسًا على المسلمين، ذلكم هو عيد الحب، أو عيد القديس فالنتاين!!
ماذا تعرفون عن يوم 14 فبراير؟!
ربما يقول البعض: لا نعرف عنه شيئاً، أو هو يوم كغيره من الأيام، ولكن الكثيرين سيقولون: إنه يوم الورود الحمراء والقلوب الحمراء والهدايا الحمراء... إنه عيد الحب ( Valantine’s day).
ولكن هؤلاء وأولئك ربما لا يدركون قصة هذا اليوم ولا سببه، ولا أنهم بذلك يشاركون النصارى في إحياء ذكرى قسيس من قسيسيهم.
ولكن ما قصة هذا اليوم وماأصله؟!
جاء في الموسوعات عن هذا اليوم أن الرومان كانوا يحتفلون بعيد يدعى (لوبركيليا) في 15 فبراير من كل عام، وفيه عادات وطقوس وثنية؛ حيث كانوا يقدمون القرابين لآلهتهم المزعومة، كي تحمي مراعيهم من الذئاب، وكان هذا اليوم يوافق عندهم عطلة الربيع؛ حيث كان حسابهم للشهور يختلف عن الحساب الموجود حالياً، ولكن حدث ما غير هذا اليوم ليصبح عندهم 14 فبراير في روما في القرن الثالث الميلادي.
وفي تلك الآونة كان الدين النصراني في بداية نشأته، حينها كان يحكم الإمبراطورية الرومانية الإمبراطور كلايديس الثاني، الذي حرم الزواج على الجنود حتى لا يشغلهم عن خوض الحروب، لكن القديس (فالنتاين) تصدى لهذا الحكم، وكان يتم عقود الزواج سراً، ولكن سرعان ما افتضح أمره وحكم عليه بالإعدام، وفي سجنه وقع في حب ابنة السجان ، وكان هذا سراً حيث يحرم على القساوسة والرهبان في شريعة النصارى الزواج وتكوين العلاقات العاطفية، وإنما شفع له لدى النصارى ثباته على النصرانية حيث عرض عليه الإمبراطور أن يعفو عنه على أن يترك النصرانية ليعبد آلهة الرومان ويكون لديه من المقربين ويجعله صهراً له، إلا أن (فالنتاين) رفض هذا العرض وآثر النصرانية فنفذ فيه حكم الإعدام يوم 14 فبراير عام 270 ميلادي ليلة 15 فبراير عيد (لوبركيليا)، ومن يومها أطلق عليه لقب "قديس".
وبعد سنين عندما انتشرت النصرانية في أوربا وأصبح لها السيادة تغيرت عطلة الربيع، وأصبح العيد في 14 فبراير اسمه عيد القديس (فالنتاين) إحياء لذكراه؛ لأنه فدى النصرانية بروحه وقام برعاية المحبين، وأصبح من طقوس ذلك اليوم تبادل الورود الحمراء وبطاقات بها صور (كيوبيد) الممثل بطفل له جناحان يحمل قوساً ونشاباً، وهو إله الحب لدى الرومان كانوا يعبدونه من دون الله!!وقد جاءت روايات مختلفة عن هذا اليوم وذاك الرجل، ولكنها كلها تدور حول هذه المعاني.
هذا هو ذلك اليوم الذي يحتفل به ويعظمه كثيرٌ من شباب المسلمين ونسائهم، وربما لا يدركون هذه الحقائق.
لماذا الحديث عن هذا اليوم؟
لعل قائلاً يقول: إنكم بذلك تروجون لهذا اليوم الذي ربما لم يكن يعرفه الكثير؟!
ولكن نقول لأخينا إن المتأمل في أحوال كثير من الشباب في هذا اليوم وكذلك الحركة التجارية والتهاني المتبادلة في هذا اليوم ليدرك مدى انتشار هذا الوباء وتلك العادة الجاهلية والبدعة المذمومة في بلاد الإسلام انتشار النار في الهشيم، وهي دعوة وراءها ما وراءها من أهداف أهل الشهوات وإشاعة الفحشاء والانحلال بين أبناء المسلمين تحت اسم الحب ونحوه.
ثم قد يقول قائل: أنتم هكذا تحرمون الحب، ونحن في هذا اليوم إنما نعبر عن مشاعرنا وعواطفنا وما المحذور في ذلك؟!
والجواب:
أولاً: من الخطأ الخلط بين ظاهر مسمى اليوم وحقيقة ما يريدون من ورائه؛ فالحب المقصود في هذا اليوم هو العشق والهيام واتخاذ الأخدان والمعروف عنه أنه يوم الإباحية والجنس عندهم بلا قيود أو حدود . . . وهؤلاء لا يتحدثون عن الحب الطاهر بين الرجل وزوجته والمرأة وزوجها.
ثانياً: ثم إن التعبير عن المشاعر والعواطف لا يسَوِّغ للمسلم إحداث يوم يعظمه ويخصه من تلقاء نفسه بذلك، ويسميه عيداً أو يجعله كالعيد فكيف وهو من أعياد الكفار؟! .
وقد تضافرت نصوص الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم على التحذير من ذلك أشد التحذير:
فمن النصوص التي جاءت تحذر من المشاركة في أعيادهم:
1ـ قول الله تعالى في وصف عباد الرحمن : والذين لا يشهدون الزور[الفرقان:72]. قال ابن سيرين: "هو الشعانين" (عيد من أعياد النصارى). وقال مجاهد: "أعياد المشركين". وروي نحوه عن الضحاك.
2 ـ وقوله : لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه[الحج: 67].
3- وقوله تعالى :لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا[المائدة: 48].
قال ابن تيمية: "الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله سبحانه لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا وقال: لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه كالقبلة والصلاة والصيام فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره, ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروطه. وأما مبدؤها فأقل أحواله أن يكون معصية وإلى هذا الاختصاص أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((إن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا)) [البخاري 952، ومسلم 892ا"[الاقتضاء (1/471ـ472)].
كما أن الأعياد من خصائص الأديان:
جاء في حديث عائشة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا)) [البخاري 952، ومسلم 892].
وفي حديث عقبة بن عامر مرفوعًا: ((يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب))[أبو داود 2419،وهو صحيح].
قال ابن تيمية: "هذا الحديث وغيره قد دل على أنه كان للناس في الجاهلية أعياد يجتمعون فيها، ومعلوم أنه لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محا الله ذلك عنه فلم يبق شيء من ذلك، ومعلوم أنه لولا نهيه ومنعه لما ترك الناس تلك الأعياد ..... وهذا يوجب العلم اليقيني بأن إمام المتقين صلى الله عليه وسلم كان يمنع أمته منعًا قويًا عن أعياد الكفار ويسعى في دروسها وطموسها بكل سبيل". [الاقتضاء (1/444 ـ 445)].
كما أنه جاءت نصوص كثيرة في الأمر بمخالفة الكافرين واجتناب أفعالهم الدينية والدنيوية:
1- قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم)) [البخاري 3462، ومسلم 2103].
2- وقال عليه الصلاة والسلام: ((خالفوا المشركين؛ أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى)) [البخاري 5892، ومسلم 259].
3 ـ وقال عليه الصلاة والسلام: ((صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود،صوموا قبله يوماً أو بعده يوماً)) [أحمد 1/241.قال أحمد شاكر (2154): إسناده حسن].
علة النهي عن التشبه بالكافرين:
من الحكم العظيمة التي من أجلها نهى الله عز وجل عن التشبه بالكافرين أن مشابهتهم تورث محبتهم وموالاتهم، وذلك ينافي الإيمان.
قال ابن تيمية: "لو اجتمع رجلان في سفر أو بلد غريب وكانت بينهما مشابهة في العمامة أو الثياب أو الشعر أو المركوب ونحو ذلك لكان بينهما من الائتلاف أكثر مما بين غيرهما، وكذلك تجد أرباب الصناعات الدنيوية يألف بعضهم بعضاً ما لا يألفون غيرهم".
هذا في المشابهة في الأمور الدنيوية، فكيف بمشابهتهم في الأمور الدينية؟ لاشك أن إفضاءها إلى المحبة والموالات أكثر وأشد.
وبعد أخي الحبيب وأختي الكريمة أما يكفينا معاشر المسلمين ما شرعه لنا رب العالمين وسنه لنا إمام المرسلين ؟!
اسمعوا لهذا الحديث لحبيبكم صلى الله عليه وسلم وهو ينهى الأنصار عن الاحتفال بعيديهم في الجاهلية: ((إن الله قد أبدلكما خيراً منهما: يوم الأضحى وعيد الفطر)) [أبو داود 1134، والنسائي 1556، وأحمد(3/103)، وهو صحيح].
ثالثاً:لا يوجد دين يحث أبناءه على التحابب والمودة والتآلف كدين الإسلام، وهذا في كل وقت وحين لا في يوم بعينه بل حث على إظهار العاطفة والحب في كل وقت كما قال عليه الصلاة والسلام: ((إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه)) [أبو داود 5124، والترمذي 2392، وهو صحيح]، وقال: ((والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا أَوَلاَ أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم)) [مسلم54
بل إن المسلم تمتد عاطفته لتشمل حتى الجمادات فهذا جبل أحد يقول عنه عليه الصلاة والسلام : (( هذا أحد جبل يحبنا ونحبه)) [البخاري 2889، ومسلم 1365].
ثم إن الحب في الإسلام أعم وأشمل وأسمى من قصره على صورة واحدة وهي الحب بين الرجل والمرأة، بل هناك مجالات أشمل وأرحب وأسمى؟ فهناك حب الله تعالى وحب رسوله عليه السلام وصحابته وحب أهل الخير والصلاح وحب الدين ونصرته، وحب الشهادة في سبيل الله وهناك محاب كثيرة؛ فمن الخطأ والخطر إذن قصر هذا المعنى الواسع على هذا النوع من الحب.
الحياة الزوجية والأسرية الناجحة إنما تقوم على المودة والرحمة:
لعل البعض متأثراً بما تبثه وسائل الإعلام والأفلام والمسلسلات ليل نهار، لعله يظن أنه لا يمكن أن ينشأ زواج ناجح إلا إذا قامت علاقة حب كما يقولون بين الشاب والفتاة حتى يتحقق الانسجام التام بينهما ومن ثم تكون حياة زوجية – إن وجدت – ناجحة.
وناهيك عما في ذلك الكلام من دعوة للاختلاط والانحلال وكثير من الانحرافات الخلقية وما ينشأ عنه من فساد كبير وجرائم عظيمة وضياع للحرمات والأعراض، لن نتناول الرد على هذه الدعوى من هذا المنطلق ولكن من واقع الدراسات والأرقام:
ففي دراسة أجرتها جامعة القاهرة (وهي جامعة علمية محايدة وليست جهة إسلامية حتى يشكك فيها)حول ما أسمته زواج الحب، والزواج التقليدي، جاء في الدراسة:
الزواج الذي يأتي بعد قصة حب تنتهي 88من حالاته بالإخفاق. أي بنسبة نجاح لا تتجاوز 12%. وأما ما أطلقت عليه الدراسة الزواج التقليدي فقد حقق 70من حالات النجاح.
وبعبارة أخرى فإن عدد حالات الزواج الناجحة في الزواج الذي يسمونه تقليدياً تعادل ستة أضعاف ما يسمى بـ"زواج الحب".[رسالة إلى مؤمنة 255].
وهذه الدراسة أكدتها جامعة سيراكوز الأميركية في دراسة تبين منها بما لا يقبل الشك إطلاقاً أن الحب أو العشق ليس ضمانة لزواج ناجح بل في الأغلب يؤدي إلى الإخفاق، وما هذه النسب المخيفة في حالات الطلاق إلا تصديق لهذه الحقائق.
ويقول الدكتور صول جوردن الأستاذ المحاضر في الجامعة السابقة تعليقاً على هذه الظاهرة: "إنك حين تكون في حالة حب؛ فإن العالم كله بالنسبة إليك يدور حول شخص من تحب، ويأتي الزواج ليثبت عكس ذلك، وليهدم تصوراتك كلها، لأنك تكتشف أن هناك عوالم أخرى لابد أن ننتبه لوجودها ليس عوالم البشر فقط؛ بل عوالم المفاهيم والقيم والعادات التي لم تكن لتنتبه لوجودها من قبل". [المرجع السابق].
ويقول د.فريدريك كونيغ أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة تولين: "إن الحب الرومانسي قوي وعاطفي جداً ولكنه لا يدوم، بينما الحب الواقعي مرتبط بالأرض والحياة ويستطيع أن يصمد أمام التجربة". ويضيف: "إنه من المستحيل أن يصل الإنسان إلى تطويع العواطف القوية في الحب الرومانسي؛ إن هذا الحب يبدو مثل الكعكة، يحس الإنسان بالمتعة وهو يتناولها، ثم يجيء زمن الهبوط، بينما الحب الواقعي هو الذي يعني تقاسم الحياة اليومية، والتعاون من أجل أن يستمر، وفي مثل هذا التعاون يستطيع الإنسان أن يصل إلى حاجته الإنسانية". [ملحق جريدة القبس 5537 نقلاً من رسالة إلى حواء 296].
وذلك الذي يتحدث عنه الكاتب ولا يدركه ويسميه الحب الواقعي هو ما عبر القرآن عنه بالمودة في قوله تعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة [الروم:21].
فالصلة بين الزوجين صلة مودة ورحمة وليست علاقة عشق وهيام وصبابة وغرام؛ فهي صلة محبة هادئة (مودة) وصلة (رحمة) متبادلة، لا أوهام عشقية لا تثبت على أرض الواقع، ولا خيالات غرامية لم يقم عليها أي زواج ناجح.
وما أفقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال ـ مخاطبًا النساء ـ: "إذا كانت إحداكن لا تحب الرجل منا فلا تخبره بذلك، فإن أقل البيوت ما بني على المحبة وإنما يتعاشر الناس بالحسب والإسلام".
ولكن لا يفهم أحد من كلامنا أننا ندعو إلى إغفال العواطف بين الأزواج أو جفاف المشاعر والأحاسيس بين الزوجين ...
وهذا رسولنا عليه الصلاة والسلام يضرب لنا أروع الأمثلة في محبته لأهل بيته كما جاء في السنة المطهرة :فيحرص عليه الصلاة والسلام أن يشرب من الموضع الذي شربت منه زوجه عائشة رضي الله عنها، وفي مرض موته يستاك بسواكها ويموت عليه الصلاة والسلام على صدرها،بين سحرها ونحرها فأي حب أشرف وأسمى من هذا؟!
ولكن هذا شيء وما يهدفون إليه من وراء دعوتهم هذه شيء آخر.
ثم أين دعوى الحب وتخصيصهم يوم عيد له، وهذا واقعهم كما تقول دراساتهم وإحصاءاتهم:
1 ـ في دراسة أمريكية عام (1407 هـ/ 1987م) جاء فيها:79من الرجال يقومون بضرب النساء، بخاصة إذا كانوا متزوجين ....!!
[جريدة القبس (15/2/1988)].
2 ـ وفي دراسة أعدها المكتب الوطني الأمريكي للصحة النفسية جاء فيها: 17من النساء اللواتي يدخلن غرف الإسعاف من ضحايا ضرب الأزواج أو الأصدقاء. 83دخلن المستشفيات سابقًا مرة على الأقل للعلاج من جروح وكدمات أصبن بها: كان دخولهن نتيجة الضرب. وأضافت الدراسة أن هناك نساء أكثر لا يذهبن إلى المستشفى للعلاج بل يضمدن جروحهن في المنزل.
3ـ وفي تقرير للوكالة الأمريكية المركزية للفحص والتحقيق F.P.T فإن هناك زوجة يضربها زوجها كل 18 ثانية في أمريكا.
4 ـ ونشرت مجلة التايم الأمريكية أن حوالي 4000 زوجة من حوالي ستة ملايين زوجة مضروبة تموت نتيجة ذلك الضرب!!
5 ـ وفي دراسة ألمانية: ما لا يقل عن 100 ألف امرأة تتعرض سنويًا لأعمال العنف الجسدي أو النفساني التي يمارسها الأزواج أو الرجال الذين يعاشرونهن مع احتمال أن يكون الرقم الحقيقي يزيد على المليون.
6 ـ وفي فرنسا تتعرض حوالي مليوني امرأة للضرب.
7 ـ وفي بريطانيا في أحد استطلاعات الرأي شاركت فيه 7 آلاف امرأة قالت 28منهن: إنهن يتعرضن للهجوم من أزواجهن أو أصدقائهن.
ما الواجب على المسلمين تجاه هذه الانحرافات:
أولاً: التأكيد على عقيدة الولاء والبراء، ولوازمها، والتحذير من مشابهة أهل الكتاب في مظاهرهم وأعيادهم وأيامهم.
ثانياً:التحذير من الانسياق وراء الشعارات البراقة والدعاوى الكاذبة والمظاهر الخداعة، والتي تهدف في حقيقتها إلى جر المسلمين إلى حمأة موبوءة وفساد عريض.
ثالثاً: نداء إلى القائمين على أجهزة الصحافة والإعلام والمسؤولين عن عرض تلك الأفلام والمسلسلات والتي تزين الحب بين الفتى والفتاة، وتصور العشق مقدمة لابد منها لأي زواج ناجح كما يزعمون، فهي مع كونها ترسخ في أذهان الفتيات الصغيرات أوهاماً وخيالات تجعلهن عرضة للخطأ، وصيداً سهلاً لشباك الشباب الزائغ الضائع، فإلى جانب ذلك تعمل على هدم المجتمع وترفع نسب الطلاق؛ فتهدم المجتمع بإثارة الفتنة والشهوات بين أبنائه، وترفع نسب الطلاق حين تحسب الفتاة بعد الزواج أن زواجها قد أخفق؛ لأن مشاعر العشق توقفت، وواقعية الزواج ظهرت، والمسؤوليات تسارعت؛ فتحسب المخدوعة أن زواجها أخفق.
وكذلك يحسب الفتى الذي يجد زوجته قد انشغلت ببيتها وأولادها، ولم تعد تظهر له العواطف القديمة ومشاعر العشق الوالهة، أن زواجه قد أخفق؛ فينشأ الشجار لأتفه الأسباب، وتشتد الخلافات، ويحتدم الشقاق، ليقع الطلاق أو يمسكه على هون!!.
رابعاً: نداء إلى أصحاب المحلات والتجار المسلمين ألا يدفعهم حرصهم على ربح عاجل يوشك أن يفنى ألا يدفعهم ذلك إلى مشاركة هؤلاء في أفعالهم وإعانتهم عليها ببيع ما يستعينون به على ذلك، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إن بيعهم في أعيادهم للأكل والشرب واللباس يكره كراهة تحريم؛ لأن هذه إعانة قد تفضي إلى إظهار الدين الباطل وكثرة اجتماع الناس لعيدهم وظهوره، وهذا أعظم من إعانة شخص معين" . [اهـ بتصرف يسير من الاقتضاء (1/251)].
وهذا المنع إذا كان يبيعه لأهل الكتاب ليستعينوا به على دينهم ؛ فكيف ببيعه للمسلم المأمور بعدم التشبه بهم أصلاً؟!
فتوى الشيخ عبد الله بن جبرين في الاحتفال بهذا اليوم
سئل فضيلته: انتشر بين فتياننا وفتياتنا الاحتفال بما يسمى عيد الحب (يوم فالنتاين)وهو اسم قسيس يعظمه النصارى يحتفلون به كل عام في 14 فبراير، ويتبادلون فيه الهدايا والورود الحمراء، ويرتدون الملابس الحمراء، فما حكم الاحتفال به أو تبادل الهدايا في ذلك اليوم وإظهار ذلك العيد جزاكم الله خيرًا. فأجاب حفظه الله:
أولاً: لا يجوز الاحتفال بمثل هذه الأعياد المبتدعة؛ لأنه بدعة محدثة لا أصل لها في الشرع فتدخل في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) أي مردود على من أحدثه.
ثانيًا: أن فيها مشابهة للكفار وتقليدًا لهم في تعظيم ما يعظمونه واحترام أعيادهم ومناسباتهم وتشبهًا بهم فيما هو من ديانتهم وفي الحديث: ((من تشبه بقوم فهو منهم)).
ثالثًا: ما يترتب على ذلك من المفاسد والمحاذير كاللهو واللعب والغناء والزمر والأشر والبطر والسفور والتبرج واختلاط الرجال بالنساء أو بروز النساء أمام غير المحارم ونحو ذلك من المحرمات، أو ما هو وسيلة إلى الفواحش ومقدماتها، ولا يبرر ذلك ما يعلل به من التسلية والترفيه وما يزعمونه من التحفظ فإن ذلك غير صحيح، فعلى من نصح نفسه أن يبتعد عن الآثام ووسائلها.
وقال حفظه الله: وعلى هذا لا يجوز بيع هذه الهدايا والورود إذا عرف أن المشتري يحتفل بتلك الأعياد أو يهديها أو يعظم بها تلك الأيام حتى لا يكون البائع مشاركًا لمن يعمل بهذه البدعة والله أعلم.
وبعد: أيها المسلمون، أما لكم في عيد الأضحى وعيد الفطر غنية وكفاية؟! أوليس دينكم هو دين السعادة والهداية؟! فاحذروا هذه الأعياد البدعية الكفرية، احذروها وحذِّروا الناس منها، واعتزوا بدينكم، وتميّزوا عن الضالين من غيركم، واربؤوا بأنفسكم عن أن تسيروا على آثارهم، أو تتأثروا بأفكارهم، فلأنتم أشرف عند الله من ذلك.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
عيد الحب: حقيقته وحكمه
1628
الإيمان
الولاء والبراء
مصطفى بن سعيد إيتيم
مكة المكرمة
غير محدد
1- كمال الدين وتمام النعمة. 2- محاسن الإسلام. 3- مكر اليهود والنصارى بالأمة الإسلامية. 4- حال المسلمين اليوم. 5- حقيقة عيد الحب وحكمه. 6- تحريم موالاة الكفار والاحتفال بأعيادهم. 7- ضلال عقيدة النصارى. 8- معنى الحب في الإسلام. 9- تلبيس أعداء الدين.
الخطبة الأولى
أما بعد: فاتقوا الله -عبادَ الله- حقَّ التقوى، فتلكم هي الجُنَّة، وراقبوه في السر والنجوى، فذلكم طريق الجَنَّة.
أيها المؤمنون، إن الله سبحانه قد حبانا بدين عظيم، وهدانا إلى صراط مستقيم، فيه الغُنيةُ والكفاية، وبه السعادة والهداية، منه الأمن والسلام، وإليه الحبُّ والوئام، من أقبل عليه أعزَّه الله بقدر ما تمسَّك وأخذ، ومن أعرض عنه أذلَّه الله بقدر ما ترك وجحد.
إن الدين قد كمُل بالإسلام، فلا نفتقر بعده إلى رأيِ مخترِع ولا هوى مبتدِعٍ ولا تصويت مقنِّنٍ مشرِّع، وإن النعمة قد تمَّت بالإيمان، فاكتملت الفرحة وتمَّ السرور فلا نحتاج بعد ذلك إلى موسم بدعي ولا عيد مفرِّح، اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا [المائدة: 3].
ديننا -أيها المؤمنون- خير الأديان وأفضلها، وأتمُّ الشرائع وأكملها، جمع بين مصالح الأولى والأخرى؛ خدم الروح ولم يغفل الجسد، وأمَّ الآخرة ولم يهمل الدنيا، قال تعالى: وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا [القصص: 77].
ديننا -أيها المؤمنون- دين الوسطية؛ لا إفراط فيه ولا تفريط، ولا إسرافَ ولا تقتير، لا غواية فيه ولا رهبانية، ولا غلوَّ ولا تقصير، وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا [البقرة: 143].
فبالله عليكم، كيف يرضى المسلم لنفسه أن يضيِّع هذه المكانة التي جعلها الله بين يديه، وأن يرضى بالهوان والكتاب والسنة نصبَ عينيه؟! أم كيف يرضى لنفسه الأبيّة أن يكون مقودًا بعدما كان قائدًا، وأن ينقلب مقلِّدًا بعدما كان مرشدًا؟ كيف يرضى لنفسه أن يصبح ضالاً بعدما كان دالاً، وأن يصير عبدًا منفِّذا بعدما كان سيّدًا؟ ولكنه قول النبي : ((لتتبعُنّ سَنَنَ من كان قبلكم، شبرًا بشر، وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضبّ تبعتموهم))، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟!))[1].
أيها المسلمون:
ليس بخاف عليكم مكرُ اليهود والنصارى بالأمة الإسلامية، ومحاولتُهم القضاء على قيمها ومبادئها الأخلاقية، إنهم يبذلون في سبيل ذلك أعزَّ أوقاتهم وأنفسَ أموالهم، سخّروا لذلك العقول والطاقات، وسطَّروا المناهج والمخططات، ولقد -والله- أصابت سهامهم، وأثخنت رماحهم، كيف لا؟! والسنة الكونية تقرِّر أن من جدَّ وجد، ومن زرع حصد. فصرنا اليوم نرى مظاهر ما كنا نراها بالأمس القريب، صرنا نرى التفنّن في السفور والإمعان في التبرّج، صرنا نرى الجرأة على الدين والتبجّح بالمعاصي، ناهيكم عن التشكيك في ثوابت هذه الأمة، وزعزعة مبادئها وأصولها.
اذكروا معي -رحمكم الله- قبل بضع عشرة سنة كيف كانت المبادئ الأخلاقية والقيم المرضية منتشرة في المجتمع، كان الحياء والعفاف هو السائد في هذا المجتمع، كان الشاب لأن يحمل فوق ظهره جبلاً أهونُ عليه من أن يراه من يعرفه يمشي مع فتاة، وكذا شأنها هي بل أشد؛ إذا دخلا حيًا من الأحياء طردهما سكانُه، وإذا مشيا بين الناس كان شزَرُ أعينهم إليهما أشدَّ عليهما من الكلام اللاذع، ثم انظروا إلى ما صرنا إليه اليوم، واعتبروا يا أولي الألباب.
وها هي جيوش الكفر وجنود الإلحاد تَكِرّ من جديد، وتروّج لعيد ما أمكَرَه من عيد، عيدٍ سموه بغير اسمه تدليسًا وتلبيسًا، سمّوه باسم شريف، ليروج على التقي النقي العفيف، سموه عيد الحب وهو في الحقيقة عيد الخنا والرذيلة والعهر، ينشرون الرذائل في أثواب الفضائل، وهذه سنة إبليسية قديمة، فضحها الله في كتابه، وكشف أمرها لعباده، فقال عن مكر إبليس بأبينا آدم وأمنا حواء: وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين [الأعراف: 152].
فاحذروا أيها المسلمون، احذروا المضِلَّ الخائن الذي يأتي في لباس الناصح الأمين، إنه لو جاء في ثوبه، ما أدرك مطلوبه ولا وصل إلى إربه، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين [الأنفال:30].
فهل تعرفون حقيقة هذا العيد الفسقي البدعي الكفري؟! أتدرون قصته وتاريخه؟!
زعموا أن الرومان الوثنية كانت تحتفل في يوم 15 فبراير من كل عام، وكان هذا اليوم عندهم يوافق عطلة الربيع، وفي تلك الآونة والنصرانية في بداية دعوتها أصدر الإمبراطور كلايديس الثاني قرارا بمنع الزواج على الجنود، وكان رجل نصراني راهب يدعى فالنتاين تصدى لهذا القرار، فكان يبرم عقود الزواج خُفيةَ، فلما افتضح أمرُه حُكم عليه بالإعدام، وفي السجن وقع في حب ابنة السجّان، وكان هذا سرًّا لأنَّ شريعة النصارى تحرّم على القساوسة والرهبان الزواج وإقامة علاقات عاطفية، ولكن شفع له لديهم ثباتُه على النصرانية، حيث عرض عليه الإمبراطور أن يعفوَ عنه على أن يترك النصرانية ويعبُد آلهة الرومان، ويكون لديه من المقربين ويجعله صهراً له، إلا أنه رفض هذا العرض وآثر النصرانية، فأُعدم يوم 14 فبراير عام 270ميلادي ليلةَ 15 فبراير عيد الرومان، ومن ذلك الحين أطلق عليه لقب القديس. وبعدما انتشرت النصرانية في أوربا أصبح العيد يوم 14 فبراير، وسمي بعيد القديس فالنتاين، إحياءً لذكراه، لأنه فدى النصرانية بروحه، وقام برعاية المحبين زعموا.
هذه هي قصة هذا العيد، ومع ذلك وللأسف الشديد غُرِّر بكثير من الشباب والفتيات لضعف إيمانٍ من بعضهم وجهلِ وغفلة من آخرين، ونقص توجيهٍ وإرشادٍ من الدعاة الناصحين، غُرّر بهم فاغترّوا بهذا العيد، وراحوا يحتفلون به ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ومن مظاهر ذلك لبسُ الفساتين الحمراء، وانتشار الورود الحمراء، وتبادل التهاني والتحيات، والهدايا والبرقيات، وتذكر الزوجات والخليلات، بل عَدُّوا ذلك من علامات الإخلاص في الحب، وأن من لم يهنِّئ زوجته في ذلك اليوم، أو لم يهد لها هدية فليس بمخلص لها في حبها، فإلى الله المشتكى.
ألا فليعلم هؤلاء وليعلم كل مسلم أن الاحتفال بهذا العيد من أعظم البدع الكفرية، وأنه محرّم في دين الإسلام، لا خلاف في ذلك بين أهل العلم المعتبرين، إنه لو كان هذا العيد من إحداث المسلمين لكان الاحتفال به حرامًا لقوله : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))[2]، ولقوله لما جاء إلى المدينة ووجد أهلها يلعبون في يومين هما من أعياد الجاهلية: ((إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر))[3]، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "استُنبِط منه كراهة الفرح في أعياد المشركين والتشبه بهم، وبالغ الشيخ أبو حفص الكبير النسفي من الحنفية فقال: من أهدى فيه بيضة إلى مشرك تعظيما لليوم فقد كفر بالله تعالى"[4].
إنه -يا عباد الله- لو كان هذا العيد من ابتداع المسلمين لكان الاحتفال به حرامًا فكيف وهو من ابتداع الكافرين الضالين؟! أما كفى العلماء والدعاةَ إلى الله -يا عباد الله- أن يحاربوا البدع التي أحدثها المسلمون بعد نبيهم، حتى نشغلهم بالبدع التي أحدثها المشركون في أديانهم؟!.
فاتقو الله رحمكم الله، اتقوه وابتغوا رضاه، واجتنبوا سخطه.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
[2] أخرجه البخاري في كتاب السنة (4606)، ومسلم في كتاب الأقضية (1718) من حديث عائشة رضي الله عنها.
[3] أخرجه أحمد (12006)، وأبو داود في كتاب الصلاة (1134)، والنسائي في كتاب العيدين (1556)، والضياء في المختارة (1911) من حديث أنس رضي الله عنه، وصححه الحافظ في الفتح (2/442).
[4] فتح الباري (2/442).
الحمد لله شرع لنا دينًا قويمًا، وهدانا صراطًا مستقيمًا، والحمد لله أكرمنا بالإيمان، وفضَّل ديننا على سائر الأديان. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، حذرنا من اتباع الكفار وموالاتهم، أمرنا بمخالفتهم، فقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوًا ولعبًا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين [المائدة: 57]، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله القائل: ((من تشبه بقوم فهو منهم))[1]. صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
اعلموا أن الأعياد من شعائر الأديان، فمن دان بدين احتفل بأعياده، ولم يحتفل بأعيادِ سواه، واعلموا أن للانحراف طرقا وللضلال سبلاً، أخصرها موالاة الكفار، فإن كان للموالاة دليل، فدليله تقليدهم، فإن كان للتقليد عنوان، فعنوانه الاحتفال بأعيادهم.
فكيف يرضى مسلم بعد ذلك؛ كيف يرضى لنفسه ولمن يعول ويرعى أن يحتفل بعيد فسقي بدعي كفري، عيد الحب المزعوم؟! كيف يرضى أن يحتفل بعيد القسيس فالنتاين الذي كان يسبّ الله صباحَ مساء ويقول: إنه ثالث ثلاثة، وإنه اتخذ صاحبة وولدًا، تعالى الله عما يقول الأفاكون علوًا كبيرًا.
ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل: وقالوا اتخذ الرحمن ولدًا لقد جئتم شيئًا إدًا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدًا أن دعوا للرحمن ولدًا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدًا إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا لقد أحصاهم وعدهم عدًا وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا [مريم: 88 ـ 95].
فاحذر يا عبد الله، احذر أن تكون السماء والأرض والجبال أغيرَ منك على الله تعالى، احذر أن تكون هذه الجمادات أفضل منك إذا أنت لم تكترث لما يقوله الأفاكون المبطلون، فرُحْت تحتفل بهذا العيد أو بغيره من أعيادهم الباطلة الزائفة.
أيُّ حبٍّ هذا الذي يحتفل به أعداء الإنسانية بل أعداء أنفسِهم؟ كم أبادوا من قرى، وقهروا من شعوب؟! كم نهبوا من أموال ودمَّروا من ممتلكات؟! اضطهدوا الإنسان باسم حقوق الإنسان، وقتلوا الأنفس باسم الدفاع عن النفس، أين حبُّ من يصنع أسلحة الدمار وعتاد الفساد، ثم يجرِّبها على أضعف العباد وأفقر البلاد؟! متى عرف الحبَّ من سفك دماء الأبرياء، ويتَّم الأطفال ورمَّل النساء، وأخذ البريء بجريرة المشبوه فضلا عن المسيء؟! إنه ما عرف العدل حتى يعرف الحب! كيف يُتَصوَّر حبٌ ممَّن خرق البنود والعقود، ونقض الوعود والعهود، وتجاوز المواثيق والأعراف، متى علمتم -يا عباد الله- الوحشَ استأنس؟! وهل تلد الأفاعي إلا الأفاعي؟!
أيها المسلمون:
إنه مهما تكلم الضالون عن الحب فإن إجرامهم يفضحهم، ومهما مجَّدوه وعظَّموه فنحن أولاهم به، نحن أولى الناس بالحب؛ عَقْدُ الدين مبني عليه، وأساس الإيمان راجع إليه، لا يؤمن أحدٌ ولا يأمن حتى يحب الله، ويحب دينه وأحكامه وشريعته، ولا يؤمن أحد ولن يأمن حتى يحب رسول الله ، ويحب آله وأزواجه وصحابته، لا يؤمن أحدٌ حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير.
المسلم يحب الخير وأهله، ويحب الخير للناس.
الملسم يحب والديه فيبرهما ولا يعصيهما، يأويهما ولا يرميهما، يرعاهما ولا يلقيهما في ديار العجزة كما هو حاصل في بلاد الغرب، ديار الكفر والفسوق والعصيان.
المسلم يحب أبناءه فيعولهم ولا يضيِّعهم، ويعدل بينهم ولا يظلمهم، ويرشدهم ولا يطردهم.
المسلم يحب زوجته فيحترمها ولا يحتقرها، ويوفيها حقها ولا يبخسها، ويعينها ولا يستغلها.
المسلم يحب إخوانه فينصحهم ولا يفضحهم، ويدعوهم ولا يقصيهم، ويحفظ أعراضهم ولا يغتابهم.
المسلم يحب نساء المؤمنين، يحبهن فيدفع الأذى عنهن ولا يؤذيهنّ، يحبهن فيحترمهنّ ولا يخلو بهن، يحبهم فيغض بصره عنهن ولا يسلّطه عليهن.
أيها الأحبة في الله:
إن الحب عند المسلمين معنى عظيمٌ شريف، يقول ابن القيم رحمه الله: " فبالمحبة وللمحبة وجدت الأرض والسموات، وعليها فطرت المخلوقات، ولها تحركت الأفلاك الدائرات، وبها وصلت الحركات إلى غاياتها، واتصلت بداياتها بنهاياتها، وبها ظفرت النفوس بمطالبها، وحصلت على نيل مآربها، وتخلصت من معاطبها، واتخذت إلى ربها سبيلاً، وكان لها دون غيره مأمولاً وسؤلا، وبها نالت الحياةَ الطيبة وذاقت طعم الإيمان لما رضيت بالله ربا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولاً"[2]. انتهى كلامه رحمه الله.
ولقد ضرب قدوتنا وحبيبنا المصطفى أروع الأمثلة للحب، فهذه الصديقة بنت الصديق تحكي لنا وفاءَه الصادق المستمر لخديجة فتقول: ما غرت على امرأة للنبي ما غرت على خديجة، هلكتْ قبل أن يتزوجني بثلاث سنين، لِما كنت أسمعه يذكرها، وفي لفظ: من كثرة ذكر رسول الله إياها، وإن كان ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها ـ أي صديقاتها ـ منها ما يسعهن[3]، هذا هو الحب الراسخ الذي يدل على صدقه العمل الصالح.
ومن حرصه على هذه المعاني العظيمة دلَّ أمَّته إلى ما يحقِّق لهم الحبَّ فيما بينهم، وأعظم من ذلك أنه جعل دخول الجنة معلقا على تحقيق هذه الخصلة الكريمة، فقال : ((لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟! أفشوا السلام بينكم))[4]، وقال مبينا سببا آخر لتحقيق الحب: ((تهادوا تحابوا))[5]، وقال : ((إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه))[6] في أحاديث كثيرة تبيِّن حرصه الشديد على إفشاء الحب في المجتمع، والحث على الأسباب المعينة عليه، والتحذير من كل ما يضعفه أو يذهبه.
ثم ترى هؤلاء الأفاكين المبطلين، وحلفاءهم من ضعفة النفوس والمنافقين، وأذنابهم من المخدوعين المغرورين، يستغلون هذا الاسم بدهاء، ويستخدمونه بمكر، ويطلقونه كذبًا وزورًا على العلاقات الغرامية، والأحلام الوهمية التي سرعان ما تتبخر في أرض الواقع، وتخفق في أرض التجربة.
إننا ـ والله ـ في زمان انقلبت فيه الموازين واختلت فيه المقاييس والتبست الحقائق، وسميت فيه الأشياء بغير أسمائها؛ فسمي الفسوق والخنا والفجور والزنا حبًا، وسميت العفة والحياء والحشمة والوفاء مرضًا، وسميت العلاقة الزوجية الكريمة والحياة الأسرية النبيلة عبئا وقيدًا، وسمي قطع الطريق وقتل الأبرياء جهادًا، وسمي الجهاد الحق، الجهاد في سبيل الله ونصرة دينه وإعلاء كلمته، سمي إرهابًا، وسمي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اعتداءً وتدخلا في الشؤون الخاصة، وسميت التقاليد البالية والعادات الدنية تراثًا وثقافة، وسمي التمسك بالدين وإحياء السنة رجعية وتخلفًا، وسمي تقليد الكفار ومشابهة الفجار رقيًا وتقدمًا، وسمي الرقص والغناء والمجون والبغاء فنًا، إنها ـ والله ـ لمن أشراط الساعة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فيا عبد الله، لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جنهم وبئس المهاد [آل عمران: 196، 197]، لا يغرنك ما هم عليه، فإنها دنيا زائلة، والآخرة خير وأبقى [الأعلى: 17]، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها [النازعات: 46].
واحذر هذه الأعياد البدعية الكفرية، وحذر الناس منها، اعتزَّ بدينك، وتميَّز عن الضالين من غيرك، اربأ بنفسك أن تسير على آثارهم، أو تتأثر بأفكارهم، واسأل الله دائما الهداية والتثبيت.
ويا أمة الله، لا يستخفنَّك الذين لا يوقنون، ولا يضلنك الذين لا يؤمنون، اعتزي بدينك، وافخري بأعيادك، وحافظي على شخصيتك وهويتك، وإياك ثم إياك من تقليد الكفار ومشابهتهم؛ فإنه طريق الدمار وسبيل النار. نسأل الله السلامة والعافية.
اللهم أعزنا بالإسلام، وقوِّنا بالإيمان. اللهم احفظ شباب المسلمين وفتياتهم من مضلات الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
اللهم احفظهم واهدهم سبل الرشاد، وقو إيمانهم، وأحسن عواقبهم في الأمور كلها، يا أرحم الراحمين.
وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، والحمد لله رب العالمين.
[2] من مقدمة روضة المحبين ونزهة المشتاقين
[3] أخرجه البخاري في المناقب (3816)، ومسلم في الفضائل (2435).
[4] أخرجه مسلم في الإيمان (54) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[5] أخرجه البخاري في الأدب المفرد (594)، والبيهقي في الكبرى (6/169) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وحسن إسناده الحافظ في التلخيص (3/70)، والألباني في الإرواء (1601).
[6] أخرجه أحمد (17171)، والبخاري في الأدب المفرد (542)، وأبو داود في الأدب (5124)، والترمذي في الزهد (2392) من حديث المقدام رضي الله عنه، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب، وفي الباب عن أبي ذر وأنس"، وصححه ابن حبان (2514)، وهو في السلسلة الصحيحة (417).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
وجزاك الله خيرا على مجهودك، وأحسنت أخي بالتذكير بهذا الموضوع لمن يرى في مجتمعه من يتأثر به، وقد رأينا في هذا العام أن الصحف بدأت تعلن لبعض محلات الذهب عن أحسن هدية لمن تحب ويضعون قلائد على شكل قلوب حمراء ونحو ذلك مما يراد به خدمة هذا العيد وإعادة إحيائه وخدمة المغترين به.
[font="]الحب الشرعي وعيد الحب
[/font]
[font="] 14/12/1423هـ [/font]
[font="]إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره . . .[/font]
[font="]أما بعد فيا عباد الله اتقوا الله حق التقوى. . [/font]
[font="] معاشر المسلمين: [/font][font="]وفي الوقت الذي يحتفل فيه المسلمون بعيدِهم المباركِ، عيدِ التوحيد لله تعالى وتكبيره وتمجيده وشكرِه، وعيدِ الإحسان لعباد الله وبذلِ المعروفِ لهم وإدخالِ السرور عليهم، عيدِ الطهرِ والنقاء والعفاف والصفاء، يحتفل غيرهم بعيدٍ يخالِف اسمه مسمّاه، ويسمونه عيد الحب، وحقيقته الخنا والفجور والعهْر، يُرتَكَب فيه من الفواحش ما لا يخطر على بال، ولا يقبله شريف، يستدرِجون به الناس إلى حمأة الشهوات والرذيلة..[/font]
[font="]وليس الحديث عنه ترويجاً وإنما المقصود هو التحذير منه لأنه في الواقع عيد رائج لا يحتاج إلى ترويج وإنما يحتاج إلى تحذير، يدل على ذلك الحركة التجارية التي تصاحبه والتي تؤكد تفشي هذا الوباء في قطاع من المجتمع لا يستهان به وهم فئة الشباب من البينين والبنات، وهو عادة الجاهلية وبدعة مذمومة، وتقليد أعمى اخترقت به الفضائيات خصوصيات المسلمين. [/font]
[font="]ولا شك أن هذا العيد إنما هو دعوة وراءها ما وراءها من إغراء بالشهوات وإشاعة للفحشاء والانحلال بين أبناء المسلمين تحت مسمى الحب ونحوه.[/font]
[font="]ولسنا نحرم الحب إذا حرمنا هذا العيد فهذا عيد من أعياد الكفار والمسلمون قد عوضهم الله بعيدين شرعيين لا يجوز لهم الاحتفال في غيرهما، والأعياد من خصائص الأمم فلا يجوز لنا أن نشارك أمم الكفر الذين هم أعداؤنا في أفراحهم واحتفالاتهم، ولا شك أنه من الخطأ أن يخلط الإنسان بين ظاهر مسمى اليوم وحقيقة ما يريدون من ورائه ؛ فالحب المقصود في هذا اليوم هو العشق والهيام واتخاذ الأخدان؛ والمعروف عنه أنه يوم الإباحية والجنس عند الكافرين لا قيود أو حدود... ولا شك أنهم لا يتحدثون عن الحب الطاهر بين الرجل وزوجته والمرأة وزوجها، وإنما عن علاقات محرمة.[/font]
[font="]أيها المسلمون: إن التعبير عن المشاعر والعواطف لا يسوِّغ للمسلم إحداثَ يوم يعظمه ويخصه من تلقاء نفسه بذلك ويسميه عيداً أو يجعله كالعيد.[/font]
[font="]ولا توجد أمة من الأمم ولا دين من الأديان يحث أبناءه على التحابِّ والمودة والتآلف كدين الإسلام، وهذا في كل وقت وحين لا في يوم بعينه بل حث على إظهار العاطفة والحب في كل وقت، كما قال عليه الصلاة والسلام:" إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه إياه رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب وجعل المحبة طريقاً إلى الجنة كما [/font][font="]في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة [/font][font="]«[/font][font="] [/font][font="]والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم [/font][font="]»[/font][font="]، [/font][font="]وهذا رسولنا عليه الصلاة والسلام يضرب لنا أروع الأمثلة في محبته لأهل بيته كما جاء في السنة المطهرة؛ فيحرص عليه الصلاة والسلام أن يشرب من الموضع الذي شربت منه زوجه عائشة رضي الله عنها، وفي مرض موته يستاك بسواكها ويموت عليه الصلاة والسلام بين سحرها ونحرها فأي حب أشرف وأسمى من هذا؟! [/font]
[font="]بل إن المسلم تمتد عاطفته لتشمل حتى الجمادات فهذا جبل أحد يقول عنه عليه الصلاة والسلام: ((هذا أحد جبل يحبنا ونحبه))، ولا شك أن الحب في الإسلام أعم، وأشمل، وأسمى من قصره على الحب بين الرجل والمرأة، بل هناك مجالات أشمل وأرحب وأسمك؟ فهناك حب الله تعالى وحب رسوله عليه الصلاة والسلام وصحابته وحب الدين ونصرته، وحب الشهادة في سبيل الله وهناك محاب كثيرة ؛ فمن الخطأ والخطر إذن قصر هذا المعنى الواسع على هذا النوع من الحب.[/font]
[font="]أيها المسلمون : [/font]
[font="]ولعل البعض يظن متأثراً بما تبثه وسائل الإعلام ليل نهار أنه لا يمكن أن ينشأ زواج ناجح، أو انسجام تام إلا إذا قامت علاقةُ محبة قبله بين الشاب والفتاة، وقد يغفل الإنسان حينما تتكرر عليه العروض الإغرائية عما تتضمنه من دعوة إلى الاختلاط، والانحلال، وكثير من الانحرافات الخلقية، وما ينشأ عنه من فساد كبيرٍ، وجرائم عظيمة، وضياع للحرمات والأعراض، لسنا في مقام بيانها، لكن نشير إلى أن الدراسات العلمية أثبتت نقيض هذا المفهوم الخاطئ الذي تروج له وسائل الإعلام، ففي دراسة أجرتها جامعة القاهرة حول ما أسمته بزواج الحب، والزواج التقليدي جاء في الدراسة:[/font]
[font="]أن الزواج الذي يأتي بعد قصة حب ينتهي بالإخفاق بنسبة ثمان وثمانين في المائة 88%، أي بنسبة نجاح لا تتجاوز 12%.اثنا عشر في المائة.[/font]
[font="]وأما ما أسمته الدراسة زواج تقليدياً فهو يحقق النجاح بنسبة سبعين في المائة 70%. وبعبارة أخرى فإن عدد حالات الزواج الناجحة في الزواج الذي يسمونه تقليدياً تعادل ستة أضعاف ما يسمى بـ"زواج الحب" .[/font]
[font="]وهذه الدراسة أكدتها جامعة سيراكوز الأميركية في دراسة تبين منها بما لا يقبل الشك إطلاقاً أن الحب أو العشق ليس ضمانة لزواج ناجح بل في الأغلب يؤدي إلى الإخفاق، وما هذه النسب المخيفة في حالات الطلاق إلا تصديق لهذه الحقائق، يقول أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة تولين: "إن الحب الرومانسي قوي، وعاطفي جداً، ولكنه لا يدوم، بينما الحب الواقعي مرتبط بالأرض والحياة ويستطيع أن يصمد أمام التجربة..". وهذا الذي يسميه الحبَّ الواقعي هو ما عبر القرآن عنه بالمودة في قوله تعالى: (وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لايَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). فالصلة بين الزوجين صلة مودة ورحمة، وليست علاقةَ عشق وهيام، وصبابة وغرام؛ فهي صلة محبة هادئة، لا أوهامٍ عشقية لا تثبت على أرض الواقع، ولا خيالات غرامية لم يقم عليها أي زواج ناجح. وما أفقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال مخاطبًا النساء : إذا كانت إحداكن لا تحب الرجل منا فلا تخبره بذلك؛ فإن أقل البيوت ما بني على المحبة وإنما يتعاشر الناس بالحسب والإسلام.[/font] بارك الله لي ولكم [font="] [/font]
[font="]الحمد لله حمدا كثيراً طيبا مباركاً فيه [/font]
[font="]أما بعد : فيا أيها الإخوة المتحابون بجلال الله . . [/font]
[font="]إن الاحتفال بمثل هذا الأعياد مناقض لعقيدة الولاء والبراء، ولوازمها، وهو من التشبه بأهل الكتاب في مظاهرهم وأعيادهم وأيامهم، وهو مخالفة صريحة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالكافرين، ومراغمة لأعياد الله التي جعلها كافية لهذه الأمة المحمدية المرحومة، فيا أيها المسلم دع عنك التبعية لأعداء الدين والتفت إلى المحبة في الله والبغض في الله؛ فالمرء مع من أحب يوم القيامة، واقتد بالصحب الكرام في هذا الأمر فلقد ضربوا أروع الأمثلة في المحبة العالية السامقة المقربة إلى الله تعالى فلقد [/font][font="]روى الطبراني في الأوسط من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : [/font][font="]«[/font][font="] [/font][font="]جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنك لأحبُّ إلي من نفسي وإنك لأحبُ إلي من ولدي وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين وإني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم ... ) [/font][font="]».[/font][font="][/font]
[font="]وإذا حقت الحاقة ووقعت الواقعة وزلزلت الأرض زلزالها ودنت الشمس من الرؤوس فحدث و لا حرج عن الكرامات لهؤلاء المتحابين بجلال الله .. يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه [/font][font="]«[/font][font="] [/font][font="]سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكر منهم رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه [/font][font="]»، [/font][font="]وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الله يقول يوم القيامة : [/font][font="]«[/font][font="] [/font][font="]أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي[/font][font="] [/font][font="]». [/font]
[font="]إخوة الإسلام: ولاشك أن الوعي بخطر هذا العيد وتحريمه قد تحسن في المجتمع بشكل كبير وعلم كثير من الشباب والشابات ما في هذا العيد من الخطر على عقيدتهم وسلوكهم، وحتى وسائل الإعلام في هذا البلد بحمد الله تحذر منه وتغري المسؤولين بالتصدي لمظاهره.[/font]
[font="]لكنها ليست بريئة من إفساد عقليات الشباب والشابات بالأفلام التي تعرض، والمسلسلات التي تنشر، [/font][font="]والتي تزين الحب بين الفتى والفتاة، وتصور العشق مقدمة لابد منها لأي زواجٍ ناجح كما يزعمون، فهي مع كونها ترسخ في أذهان الفتيات الصغيرات أوهاماً وخيالات تجعلهن عرضة للخطأ، وصيداً سهلاً لشباك الشباب الزائغ الضائع، فإلى جانب ذلك تعمل على هدم المجتمع وترفع نسب الطلاق؛ فتهدم المجتمع بإثارة الفتنة والشهوات بين أبنائه، وترفع نسب الطلاق حين تحسب الفتاة بعد الزواج أن زواجها قد أخفق؛ لأن مشاعر العشق توقفت، وواقعية الزواج ظهرت، والمسؤوليات تسارعت؛ فتحسب المخدوعة أن زواجها أخفق.[/font]
[font="]وكذلك يحسب الفتى الذي يجد زوجته قد انشغلت ببيتها وأولادها، ولم تعد تظهر له العواطف القديمة ومشاعر العشق الوالهة، أن زواجه قد أخفق؛ فينشأ الشجار لأتفه الأسباب، وتشتد الخلافات، ويحتدم الشقاق، وربما وقع الطلاق. [/font]
[font="]إخوة الإسلام: ويشارك وسائل الإعلام في نشر مثل هذه الأعياد البدعية بعض تجار المسلمين، الذين يدفعهم حرصهم على ربح عاجل إلى بيع مايستعان به على الاحتفال بمثل هذه الأعياد، ولا شك أن هذا لؤم، وتجرد من المسؤولية، ومشابهة لليهود في خيانتهم وإفسادهم لمجتمعاتهم، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن بيعهم في أعيادهم للأكل والشرب واللباس يكره كراهة تحريم؛ لأن هذه إعانة قد تفضي إلى إظهار الدين الباطل ... وهذا أعظم من إعانة شخص معين. وهذا المنع إذا كان يبيعه لأهل الكتاب ليستعينوا على دينهم؛ فكيف ببيعه للمسلم المأمور بعدم التشبه بهم أصلاً؟![/font]
التاريخ: 11/02/2010 م
خطب
وقفة مع عيد الحب "هشام بن محمد برغش"
"1- تعريف بعيد الحب وتاريخه. 2- حرمة المشاركة في أعياد الكفاروشعائرهم. 3- موقف الإسلام من الحب. 4- الحياة الزوجية والحب. 5- حقائق عن فشل مايسمونه بزواج الحب. 6- حقائق عن موضع الزوجية في المجتمع الغربي. 7- واجب المسلمين تجاه هذا العيد."
فقه الحب "بلال بن عبد الصابر قديري"
"1- أهمية الفقه في الدين. 2- حال الناس مع الحب وخروجهم به عنالمعنى الحق. 3- أعظم الحب حب الله وحب رسوله. 4- الأخوّة الإسلامية من الحب المحمود. 5- الحب بين الزوجين. 6- مظاهر من الحب الدنيء. 7- التحذير من عيد الحب."
الأدب مع الله تعالى ـ عيد الحب "إبراهيم بن عبد الله صاحب"
"1- التفكر في نعم الله تعالى. 2- شكر النعم. 3- استحضار العبداطلاع الله تعالى عليه. 4- استحضار العبد قدرة الله تعالى عليه. 5- الطمع في رحمةالله تعالى. 6- الخوف من عذاب الله تعالى وعقابه. 7- واجب المسلم عند الميل للمعصيةوعند الطاعة. 8- عيد الحب والتحذير من التشبه بالكفار."
ابن وائل
إنّ من الحُبِّ الباطلِ ما يُسوّقُ لهُ هذهِ الأيام باِسم ( عيدِ الحُبّ ) ، وهو عيدٌ وثنيٌّ نصرانيّ يدعو للعشقِ والهيام والإباحية ، كما أنهُ حُبٌّ قاصرٌ على حُبِّ اللذة والشهوة فقط!
وحولَ هذا الموضوعِ وحكمِهِ الشرعيّ، وضررهِ العقائديّ، وفسادهِ الأخلاقيّ ، سيكونُ ثمّ عشرَ همساتٍ؛ نصحاً للأمةِ، وأداءاً لواجبِ الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المُنكرالذي بإقامتهِ صلاحُ العبادِ والبِلاد، وحُلولِ الخيراتِ، وارتفاعِ العُقوباتِ، كما قال تعالى : ( وما كان ربُّكَ ليُهلِكَ القُرى بِظلمٍ وأهلُها مُصلِحون )(هـود: 117) ، هذا وأرجو أن يكتُبَ اللهُ بها نفعاً كبيراً ، ويُجزِلَ بسببها أجراً كثيراً ..
الهمسةُ الأولى : إنّ محبةَ غيرِ اللهِ تعالى تندثرُ ولا تدوم ، وتنقطِعُ ولا تستمرّ ، وأعظمُ حبٍّ وأجملُه ما انصرفَ إلى حُبِّ اللهِ تعالى وحُبِّ رسولهِ عليهِ الصلاةُ والسلام، وحُبِّ كلِّ ما يُقرِّبُ إليهما من أقوالٍ وأعمالٍ صالحة، فمحبةُ اللهِ ورسولهِ روحُ الحياةِ، ولذةُ الدنيا، وطعمُ الوجود، وغذاءُ الروحِ ، وبهجةُ القلبِ ، وضياءُ العين، وحياةٌ بعيدةٌ عن حُبِّ للهِ ورسولهِ حياةٌ باهتة، وقلبٌ يخلو من حُبِّ اللهِ وحُبِّ رسولهِ قلبٌ جامد، كما أنّ الحياةَ جسدٌ وحُبُّ اللهِ روحُها؛ فإذا غابتِ الروحُ فلا قيمةَ للجسد ، هذا وإنّ من لوازمِ محبةِ اللهِ تعالى محبةُ ما يَسُرُّهُ ويُرضيه ، واجتنابِ ما يُسخِطهُ ويُبغِضه ، ولا ريبَ أنّ المؤمنينَ هم أشدُّ الناسِ حُباً للهِ جل وعلا : { ومن الناس ِمن يتخذُ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين ءامنوا أشد حبا لله } .
الهمسةُ الثانية : إنّ الأعيادَ في الإسلامِ طاعاتٌ يتقرّبُ بها العبدُ إلى الله، والطاعاتُ توقيفية، فلا يسوغُ لأحدٍ من الناسِ _ كائناً من كان _ أن يضعَ عيداً لم يشرعهُ اللهُ تعالى ولا رسولُهُ عليهِ الصلاةُ والسلام .
الهمسةُ الثالثة : الاحتفالُ بعيدِ الحُبِّ فيه تشبُّهٌ بالرُومانِ الوثنيين، ثمّ بالنصارى الكتابيِّين فيما قلّدوا فيهِ الرُّومان وليس هوَ من دينهم ، وقد حذرَنا نبيُّا _ صلى اللهُ عليهِ وسلم _ من التشبُّه فقال : « مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ » رواه أبوداود 4033 .. قال شيخُ الإسلام ابن تيمية _ رحمهُ الله _ : هذا الحديث أقلُّ أحوالهِ أن يقتضي تحريمَ التشبهِ بهم وإن كان ظاهرُه يقتضي كفر المتشبِّه بهم كما في قوله تعالى : { وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } المائدة 51 ا.هـ ، وقال الصنعاني _ رحمهُ الله _ في ( سبل السلام 8/248 ) : ( فإذا تشبّه بالكافر في زيٍّ واعتقد أن يكونَ بذلك مثلُه كفَرَ، فإن لم يعتقد؛ ففيهِ خلافٌ بين الفقهاء : منهم من قال : يكفر، وهُوَ ظاهرُ الحديث ، ومنهم من قال : لا يكفُر ولكن يُؤدّب) (سبل السلام 8/248) .
الهمسةُ الرابعة : معَ اِعتقادنا بحرمةِ الاِحتفالِ بهذا اليوم، فإنهُ _ أيضاً _ يحرمُ التهنئةُ والمُباركةُ بهِ ، أو مُشاركةُ المحتفلينَ به في اِحتفالهم، أوِ الحضورِ معهم، كما لا يحلُّ لمن أُهديت لهُ هدية هذا العيد أن يقبلها لأنَّ في قبولها إقرار لهذا العيد ، يقولُ ابن القيمِ _ عليهِ رحمةُ ربِّّ العالمين _ : ( وأما التهنئة ُ بشعائرِ الكفار المختصةُ به فحرامٌ بالاتفاق ، مثل : أن يُهنئهم بأعيادهم وصوْمهم فيقول : عيدٌ مبارك عليك ، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلِم قائلهُ الكفر فهو من المحرمات ، وهو بمنزلة أن يُهنئهُ بسجودهِ للصليب ، بل إن ذلك أعظمُ إثماً عند الله وأشدُّ مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس .. وكثيرٌ من لا قدْر للدين عندهُ يقع في ذلك ولا يدري قُبحَ ما فعل ، كمن هنّأ عبداً بمعصيةٍ أو بدعةٍ أو كفر فقد تعرضَ لمقتِ الله وسخطه ) أ.هـ
الهمسةُ الخامسة : بناءاً على ما ذكرتهُ في الهمسةِ السابقة مما قرّرهُ ابنُ القيِّم _ عليهِ رحمةُ الله _ فإنهُ لا يجوزُ لِتُجّارِ المسلمينَ أن يُتاجروا بهدايا عيدِ الحُب من لباسٍ مُعيّن، أو ورودٍ حمراء أو غير ذلك، لأن المُتاجرة بها إعانةٌ على المُنكرِ الذي لا يرضاهُ الله تعالى ولا رسولُهُ صلى الله عليه وسلم ، قالَ الله - جلّ الله - : ( وتعاونوا على البرِّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثمِ والعدوانِ واتّقوا اللهَ إنّ اللهَ شديدُ العِقاب ) .
الهمسةُ السادسة : من المظاهرِ السيِّئة، والشعائرِ المحرّمة التي تكونُ في الاِحتفالِ بهذا اليوم : إظهارُ البهجةِ والسرور فيه كالحال في الأعياد الشرعيةِ الأخرى ، وتبادُلِ الورودِ الحمراء، وذلك تعبيراً عن الحبِّ الذي كان عند الرومان حباً إلهياً وثنياً لمعبوداتهم من دون الله تعالى ، وأيضاً : توزيع بطاقات التهنئة به، وفي بعضها صورة ( كيوبيد) ، وهوَ طفلٌ له جناحانِ يحملُ قوساً ونشاباً ، وهو اِلهُ الحُبِّ عندَ الأمة الرومانية الوثنية ، تعالى اللهُ عن إفكهم وشركهم علواً كبيراً ، كما يكونُ في هذا العيدِ الباطل تبادلِ كلماتِ الحُبِّ والعشقِ والغرام في بطاقات التهنئة المتبادلة بينهم - عن طريق الشعر أو النثر أو الجمل القصيرة، وفي بعض بطاقات التهنئة صور ضاحكة وأقوال هزلية، وكثيرا ما كان يكتب فيها عبارة ( كن فالنتينياً ) وهذا يمثل المفهوم النصراني له بعد انتقالهِ من المفهوم الوثني ، وتقامُ في كثير من الأقطار النصرانية التي تحتفلُ بهذا اليوم حفلاتٌ نهارية وسهراتٌ وحفلاتٌ مُختلطةٌ راقصة، ويُرسلُ كثيرٌ منهم هدايا منها : الورود وصناديق الشوكولاته .
الهمسةُ السابعة : ومنَ المقاصدِ الفاسِدة لهذا العيد : إشاعة المحبة بين الناسِ كلِّهم، مؤمِنِهم وكافِرِهم، وهذا مما يُخالِفُ دينَ الإسلام، فإنَّ للكافرِ على المُسلمِ العدلَ معهُ، وعدمُ ظُلمِه، كما أنّ لهُ _ إن لم يكن حربياً ولم يُظاهر الحربيين _ البِرَّ من المُسلم إن كان ذا رحِم، عملاً بقولهِ تعالى : ( لا ينهاكمُ اللهُ عن الذينَ لم يُقاتلوكم في الدينِ ولم يُخرجوكم من ديارِكم أن تبرُّوهم وتُقسِطوا إليهم إنّ الله يُحبُّ المُقسطين ) (الممتحنة: 8) ، ولا يلزمُ من القسطِ معَ الكافِرِ وبِرِّه صرفُ المحبةِ والمودّةِ لهُ، بل الواجبُ كراهِيَتهُ في الله تعالى لِتلَبُّسِهِ بالكُفرِ الذي لا يرضاهُ اللهُ سبحانهُ، كما قال تعالى : ( ولا يرضى لعبادهِ الكُفر ) (الزمر: 7) .
الهمسةُ الثامنة : إنّ من أوجهِ تحريمِ هذا العيد : ما يترتبُ على ذلكَ من المفاسدِ والمحاذير، كاللهوِ واللعِبِ والغِناءِ والزّمرِ والأشَرِ والبَطَرِ والسُّفورِ والتبرُّجِ واختلاطِ الرجالِ بالنساء، أو بُروزِ النساءِ أمامَ غيرِ المحارم ونحوِ ذلكَ من المُحرمات، أو ما هوَ وسيلةٌ إلى الفواحشِ ومُقدِّماتِها .
الهمسةُ التاسِعة : إنّ القائمينَ على أجهزةِ الصحافةِ والإعلام الذينَ أخذوا على عواتِقِهم نقلَ شعائرِ الكفّارِ وعاداتهم مُزخرفةً مُبهرَجةً بالصوتِ والصورةِ الحيّة من بلادهم إلى بلادِ المُسلمين عبر الفضائيات والشبكة العالمية - الانترنت - ، وعرضَ بعَضِ الأفلامِ والمُسلسلات التي تُزيِّن الحُبَّ بينَ الشابِّ والفتاة، وتُصوِّرُ العشقَ على أنهُ مُقدِّمةٌ لابدّ منها قبلَ أيِّ زواج ناجح - كما يزعمون - ، يقومونَ بهدمِ المُجتمعِ بإثارةِ الفتنةِ والشبُهاتِ والشهواتِ بينَ أبناءه ، وبثِّ أسبابِ الطلاقِ وارتفاعِه ، ويُرسِّخُونَ في أذهانِ الفتياتِ الصغيراتِ أوهاماً وخيالاتٍ تجعلُهُنّ عرضةً للخطأ، وصيداً سهلاً لشِباك ِالشباب ِالزائغ ِالضائع ، فعليهم أن يتّقوا اللهَ تعالى ، وأن لا يكونوا من الذين يُحبونَ أن تشيعَ الفاحشةُ بينَ المؤمنينَ فيشملُهم وعيدُ اللهِ تعالى بالعذابِ الأليمِ في الدنيا والآخرة .
الهمسةُ العاشرة : لابُدّ لأهلِ العلمِ والدعوة من البيانِ لعامةِ الناس ما يخدِشُ العقيدةَ من مُحدثاتِ البِدَع، وأنّ مُجرّد الاِعتقاد بأنّ أيَّ عيدٍ لم يشرَعهُ اللهُ لا يُؤثرُ على سلامة ِالعقيدة هوَ الخطأ ُالبيِّن، وهوَ خدشٌ لصفائها، وأنَّ سلامة َالنية لا تُغني عن الوقوعِ في ذنب ِالابتداع.
عبد الرحمن بن محمد السيد - الرياض
تعديل التعليق