ريب المنون في ذكر من مات بالطاعون من الصحابة والعلماء والقضاة والخلفاء والأمرا

الشيخ السيد مراد سلامة
1441/08/16 - 2020/04/09 22:29PM

Smiley face

مقدمـــة:

إن  الحمد  لله  نحمده  ونستعينه ونستغفره،  ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده  ورسوله.

)       يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ( ([1]).

)     يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ     مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا( ([2]).

)       يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا &  ُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( ([3]).

أما بعد:

      فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى،  وخير الهدي هدي محمد r  وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

ثم أما بعد:

  فالله سبحانه و تعالى يبتلي عباده بالأمراض و الأوصاب إما عقوبة للكفرة و المشركين و الظالمين كما قال الله تعالى {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت: 39، 40]

و قال سبحانه {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ } [الأعراف: 133]

و إما أن يكون تطهيرا لهم و رفعا لمنزلته كما قال الله تعالى { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [البقرة: 155 - 157]

عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ، وَمَنْ جَزِعَ فَلَهُ الْجَزَعُ  ([4])

والأمة الإسلامية  و العالم الأن يعاني من وباء خطير اجتاح أكثر الكرة الارضية تقدما  فشل حركتها و أظهر عجزها أمام جندي من جنود الله تعالى لا يرى بالعين المجردة ألا وهو فيروس كورونا الذي أربك حركة الكون فلم تغن عنه قوته العسكرية ولا وسائله العلمية شيئا .... فالطائرات قابعة في مطارتها و الدبابات واقفة في معسكراتها و الجنود خائفة واجفة أبصارها خاشعة و صدق الله إذ يقول في شان البشرية التي غرتها قوتها    { أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) } {ا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ } [الشعراء: 205 - 209]]

 ولقد مُنيت  الأمة بكثير من الطواعين التي  مات خلالها كثير من الصحابة و العلماء و القضاة و الخلفاء و الأمراء و الشعراء ....

ومن غرائب ما تركه الطاعون من مآس، أنه قتل مؤلفين عرباً كتبوا في الطاعون، من مثل تاج الدين عبد الوهاب السبكي، المتوفى سنة 771 هـ والذي ألف كتاب (جزء في الطاعون) ثم مات فيه.

وشهاب الدين أحمد بن يحيى بن أبي حجلة التلمساني، المتوفى سنة 776 هـ، الذي وضع كتاب (الطب المسنون في دفع الطاعون) ثم قتله الوباء الذي ألّف فيه.

وكتب في الطاعون، وقتل فيه، المؤرخ ابن الوردي، زين الدين عمر بن مظفر، المتوفى سنة 749 للهجرة، إحدى أمرّ السنوات على أبناء المنطقة العربية، إذ أصبح الطاعون في تلك السنة جارفاً ومن كل صوب، بحسب مؤرخين عاصروه بل كتبوا فيه، كابن الوردي الذي كان ترك كتابا بعنوان (النبأ عن الوباء) تحدث فيه باستفاضة عن انتشار الطاعون في البلدان، وصولا إلى بلدات سورية مختلفة، إلا معرة النعمان التي لم تصب به، والتي قال إنها تعاني من طاعون ظلم لا طاعون وباء، كما لو أنه يتنبأ ما تعانيه، الآن، من دمار وقتل في قصف طيران الأسد والطيران الروسي في هذه الأيام، إذ يقول:

رأى المعرة عيناً زانها حورٌ     لكنّ حاجبها بالجور مقرونُ

ماذا الذي يصنع الطاعونُ في بلدٍ     في كل يوم له بالظلم طاعونُ؟!

وقد ضمّن ابن الوردي، جزءا من كتابه في الطاعون، في تاريخه الذي ينتهي، فجأة، بدون تمهيد ملائم تختتم به الكتب عادة، إذ أصيب بالطاعون ومات فيه، في ذات السنة التي كان يؤرخ لها، وهي سنة 749 هجرية، وكان آخر خبر يثبته في تاريخه، يتحدث عن وفاة قاضٍ أصيب بالطاعون!

وفي دمشق، أنهى وباء الطاعون، حياة المصنف المشهور صلاح الدين الصفدي 696-764 هـ، صاحب التاريخ الكبير المعروف باسم (الوافي بالوفيات) وله من المؤلفات ما يزيد عن 600 مجلد، بحسب من ترجم له.

لـــذا

رأيت أن أضع كتابا يشمل من أصابهم و قتلهم الطاعون فجاء ذلك الكتاب الذي سميته (ريب المنون في ذكر من مات بالطاعون من الصحابة والعلماء والقضاة و الخلفاء والشعراء و اشتمل الكتاب على خمسة فصول و هي :

الفصل الأول:  ذكر من مات بالطاعون من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين

الفصل الثاني  : ذكر من مات من العلماء بالطاعون    

الفصل الثالث : من مات من القضاة بالطاعون

الفصل الرابع : فيمن مات من الخلفاء و الأمراء و الملوك بالطاعون

الفصل الخامس:  من مات من الأدباء و الشعراء بالطاعون

و ذكرت في ذلك الكتاب ترجمة يسيرة لكل شخصية و ذكرت تاريخ وفاتها

فالله اسأل أن يرفع عن البلاء و العناء  فهو ولي ذلك و القادر عليه

تحميل الكتاب  اسفل الكتاب من الرابط 

كتبه

أبو أسماء الشيخ السيد مراد سلامة

إمام و خطيب و مدرس بوزارة الأوقاف المصرية

[email protected]

abo_hamam2012@yahoo.com

([1]) سورة آل عمران، الآية: 102.

([2]) سورة النساء، الآية: 1.

([3]) سورة الأحزاب، الآيتان: 70-71.

[4] - مسند أحمد ط الرسالة (39/ 35)وأورده المنذري في "الترغيب والترهيب" 4/283، وقال: رواه أحمد، ورواته ثقات.

المرفقات

كتاب-ريب-المنون-تم-الحفظ-تلقائيًا

كتاب-ريب-المنون-تم-الحفظ-تلقائيًا

المشاهدات 963 | التعليقات 0