وقفات مع سورة الحجرات

عايد القزلان التميمي
1440/05/04 - 2019/01/10 22:32PM

الحمد لله الذي أدبنا بالقرآن الكريم ، وهذب أخلاقنا بسنة صاحب الخلق العظيم ، ودعانا إلى مكارم الأخلاق بالموعظة الحسنة والأسلوب الحكيم. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، افترض أشياء وحرّم أشياء وحدَّ لنا حدودا ، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا

أما بعد فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل .

أيها المؤمنون :ما أجملَ أن نعيشَ أفضلَ اللحظاتٍ في رِحابِ آياتٍ بيِّنات، نستلهِمُ النفحَات والعِظات، ونجنِي أطايِبَ الثمرات، من سُورة الآداب والأخلاق "سورة الحجرات"، فسورة الحجرات مدرسة متكامِلة جاءت تربّى الفرد والمجتمع بل الأمة جميعًا على سموّ الأخلاق وفضائل الأعمال وعلوّ الهمم.

أيها المؤمنون : خاطب الله - عز وجل - المؤمنين في هذه السورة خمس مرات بقوله {يا أيها الذين آمنوا}، في كل نداء من هذه النداءات توجيه إلى مكارم الأخلاق التي ينبغي التحلي بها، ثم خاطب في المرة السادسة عموم الخلق بقوله ((يا أيها الناس)) ليرشدهم إلى طريقة تحفظ أمن الجميع وسلامتهم وتعاونهم على البر والتقوى . 
عباد الله قال الله تعالى -:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )
فالمؤمن مطالب بعدم تقديم رأيه على أوامر الله ورسوله في الكتاب والسنة، بل يكون رأيه تبعاً لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وتكون محبته وولاؤه لله ورسوله أقوى وأشد من محبته وولائه لنفسه وأهوائه ومصالحه.

عباد الله والنداء الثاني في هذه السورة : الأدب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ 
وقد أجمعَ أهلُ العلم على أن الأدبَ مع النبي صلى الله عليه وسلم حالَ موته كالأدب معه في حياته.

عباد الله والنداء الثالث في هذه السورة: التعامل مع الفسقة:
قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ 
ولقد بين لنا  ربنا كيفية التغلب على هذه الفتنة بقوله: { وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ۚ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ  }.

عباد الله والنداء الرابع في سورة الحجرات في علاقة المؤمن مع إخوانه المؤمنين في حال حضورهم والتعامل المباشر معهم
قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)

وسواء كانت السخرية واللمز والنبز بين الأفراد أو بين الأقوام والجماعات ؛ فإن ذلك محرم يجب الإقلاع عنه ، والمؤمن أحق من يلتزم بذلك ؛ لأنه داعية إلى الإسلام وقدوة فيه ، لاسيما إذا ارتكب هذا الإثم في حق المؤمنين ؛ لأنه بذلك يكون قد نبز نفسه وحقرها وسخر منها ، فالمؤمنون جسد واحد
عباد الله والنداء الخامس في سورة الحجرات : في تعامل المؤمن مع إخوانه المؤمنين في حال غيبتهم وعدم حضورهم:
قال - تعالى -: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ )، وقد أخرج البخاري ومسلم قوله - صلى الله عليه وسلم -: { إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا . رواه البخاري }.
عباد الله والغيبة ثلاثة أوجه في كتاب الله - تعالى -: الغيبة، والإفك، والبهتان. الغيبة أن تقول ما في أخيك، والإفك أن تقول فيه ما بلغك عنه، والبهتان أن تقول ما ليس فيه.
وقد عد - سبحانه وتعالى - هذه الموبقات بمثابة أكل لحم المؤمن ميتا، فقال: {أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه.
عباد الله والنداء السادس في هذه السورة: نداء البشرية كافة:
قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} يا أيها الناس.إن هناك ميزان واحد تتحدّد به القيم، ويعرف به فضل الناس هو تقوى الله عز وجل

وتقوى الله سبحانه، فعل أوامر الله جل وعلا رغبة في ثوابه وترك المحرمات خوفاً من عقابه سبحانه .

بارك الله لي ولكم .....

الخطبة الثانية

 الحمد لله الذي هدانا للإيمان, وعلمنا الحكمة والقرآن, وحذّرنا من المخالفة والعصيان, والتكبر على شرعه والطغيان, وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد الديَّان, وأشهدُ أن محمدًا عبد الله ورسوله خيرة الإنس والجان, وسيِّد ولد عدنان, وخير من صلى وصام ورتل القرآن, صلى الله وسلّم عليه وعلى آله وصحابته وزوجاته, ومن مضى على نهجهم واتبع سيرتهم وسلك طريقهم إلى يوم الدين.

عباد الله اعلموا أن في سورة الحجرات تسع وصايا

للتعامل مع الناس قوله
فتبينوا – فأصلحوا  -وأقسطوا - لايسخر -ولاتلمزوا – ولاتنابزوا - اجتنبوا كثيرا من الظن- ّولاتجسسوا  - ولايغتب بعضكم بعضا .

أيها الإخوة المؤمنون، ما أحوجنا أن نعيش مع القرآن ونحيا به لتحيا به قلوبنا وتنشرح صدورنا وأن يكون منهج حياتنا ومهذِّب نفوسنا ومزكّيها ومقوّم أخلاقنا ، ،  فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى   وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا  [

عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ...

المرفقات

مع-سورة-الحجرات-5-5-1440

مع-سورة-الحجرات-5-5-1440

المشاهدات 4946 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا شيخنا الكريم

خطبة مفيدة واختيار موفق

تصرفت بالخطبة وقمت بتنسيقها 

https://minbarkhateeb.blogspot.com/2019/01/blog-post_17.html