خطبة المواساة

عبدالوهاب بن محمد المعبأ
1438/01/27 - 2016/10/28 03:06AM
خطبة الجمعة
(المواساة )
عبدالوهاب المعبأ
الخطبة الاولى
الحمد لله الذي أمر بالإحسان، ونهى عن الامتنان، الكريم الذي جازى الإحسان بالإحسان، لا إله إلا هو ألرحيم الرحمن، وأشهد أن لا إله إلا الله ذو فضل على العالمين، وأشهد أن سيدنا محمدًا رسول الله، إمام المحسنين وملجأ البائسين، اللهم صلِّ وسلِّم على سيدنا محمد وآله وصحبه الرحماء المخلصين.

أما بعد:
فقد قال الله تعالى: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾
عباد الله أمرعظيم من أمور الإسلام، أمر حثّ عليه الله سبحانه في كتابه العزيز وأرشد إليه رسولنا الكريم في الكثير من أقواله وأفعاله، إنه مبدأ التكافل الاجتماعي، مبدأ تكاتف المسلمين بعضهم مع بعض، مبدأ تفقّد المسلمين بعضهم لبعض، مبدأ إعانة المسلمين بعضهم بعضا. هذا المبدأ الذي كان من المفترض أن يتعامل به المسلم مع أخيه المسلم مهما ابتعدت بينهما الأجناس والأرحام أصبح وللأسف غائبًا حتى بين من تربطهم الرحم والقرابة؛ فلا يدري بعضهم عن بعض شيئا، بل قد ترى إنسانًا يكاد يتفجر من الغنى والأموال وأقرب الناس إليه تحت خط الفقر ولا يشعر نحوه بشيء فالله المستعان.

ويتمثل التكافل الاجتماعي في التعاون بين المسلمين وتناصحهم وموالاة بعضهم لبعض، ويتمثل في مساعدة الفقراء والمساكين والمحتاجين بأن يساهم المسلمون في توفير حاجاتهم وتخفيف معاناتهم، ويتمثل أيضا في مساعدة الأيتام وكفالتهم، وفي مساعدة الأرامل وتوفير احتياجتهن، إلى غير ذلك، يقول تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 71].
ولقد أمرنا الله سبحانه في الكثير من آيات كتابه بهذا المبدأ العظيم مبدأ التكافل، وحثنا على الإحسان إلى كل من يحتاج إلى ذلك، يقول سبحانه: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً [النساء: 36]،
ويقول سبحانه: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَاب [البقرة: 177]،
إلى غير ذلك من الآيات الكريمة التي توجهنا إلى هذا المبدأ العظيم وهذا الخلق الكريم الذي يحفظ كيان المجتمع وكرامة أفراده.
وحث أيضا رسول الله على هذا الأمر المهم، وكان أولَ العاملين به، وأرشد الأمة إلى هذا المبدأ مبينًا لمكانته العظيمة من دين الله عز وجل، يقول : ((من كان معه فضل ظهرٍ فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له)) أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري،
وهذا تحريك لشعور المسلمين وأحاسيسهم حتى يتضامنوا ويتعاونوا على البر والتقوى، وحتى يحس من عنده شيء من فضل الله بمعاناة وشعور من ليس عنده فيعطيه مما عنده، يقول النووي في شرح هذا الحديث: "في هذا الحديث الحث على الصدقة والجود والمواساة والإحسان إلى الرفقة والأصحاب، والاعتناء بمصالح الأصحاب
ويقول صلى الله عليه وسلم : ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربةً فرّج الله عنه كربةً من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة)) أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمر.
فهذا حثٌ على أن يقف المسلم بجانب أخيه إذا احتاج إليه، وله في ذلك الجزاء الحسن من رب العالمين.
ولا يكتفي بهذا، بل يصور لنا المجتمع الإسلامي الحقيقي المتكافل المتكاتف تصويرًا جميلا غايةً في التماسك، فيشبهه بالجسد الواحد الذي يربط أعضاءه نسيج واحد، فلا يصاب فيه عضوٌ إلا أحست به سائر الأعضاء وتأثرت بسبب النسيج الذي يربط بينهم، يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم عن النعمان بن بشير: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)).
فالمسلمون أيضا لهم نسيج يربط بينهم ويجعلهم يحسون بمعاناة بعضهم، هذا النسيج هو وحدة العقيدة وآصرةُ الأخوة في الله سبحانه، فلا يمكن بحال من الأحوال أن يجمع بيننا هذا النسيج ثم لا يحس بعضنا بمعاناة بعض، ولا يسعى بعضنا إلى مساعدة بعض، لا يمكن أن يكون هذا إلا إذا كان في أنفسنا خلل والعياذ بالله.
ولقد أثنى رسول الله على من يتصفون بخلق التكافل ويحققون مبدأه ويحرصون عليه، أثنى عليهم واعتبر نفسه منهم وهم منه، وهؤلاء هم الأشعريون قوم أبي موسى الأشعري الصحابي الجليل رضي الله عنه، يقول فيما رواه الشيخان عن أبي موسى: ((إن الأشعريين إذا أرملوا ـ أي: إذا قارب زادهم على النفاد ـ في الغزو أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم)). فانظروا إلى هذا التوحد في إحساس هؤلاء القوم ببعضهم، حتى صار من يملك شيئًا يقتسمه مع من لا يملك بكامل الرضا والسماحة، وانظروا إلى الشرف العظيم الذي نالوه بهذا الصنيع، وأي شرف أكبر من أن يقول عنهم رسول الله : ((فهم مني وأنا منهم))؟!
وأما عن ثواب هذا التكافل ـ يا عباد الله ـ فإنه ثواب عظيم في الدنيا والآخرة، فلقد عدّه رسول الله كالجهاد في سبيل الله الذي هو ذروة سنام الإسلام، يقول في الحديث الذي رواه الشيخان من حديث أبي هريرة: ((الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله))، فهل نعجز عن تحصيل ثواب هذا الجهاد بمثل هذا العمل الذي قد يكون أيسر على كثير منا من الجهاد بالنفس؟!
بل ويرفع رسول الله هذا المبدأ ويشجع عليه حتى يجعل من يقوم بهذا الواجب الإسلامي العظيم رفيقًا له في الجنة، فيقول فيما رواه البخاري من حديث سهل بن سعد: ((أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا))
وأشار بالسبابة والوسطى وفرّج بينهما. فمن ذا الذي يرغب عن مصاحبة رسول الله في الجنة؟! ومن ذا الذي يزهد في هذا الفضل العظيم؟!
هذا هو التكافل الاجتماعي الذي نادى به الإسلام قبل أن تنادي به النظريات الاجتماعية الوضعية، وحث أتباعه عليه، وكان قدوةَ الناس في هذا، شاعرًا بمعاناة المسلمين، يعيشها معهم بكل جوارحه، ولم يكن محجوبًا عنهم متعاليًا عليهم، كان يجوع إذا جاعوا، ويأكل إذا أكلوا، بل قد يأكلون ولا يأكل ، كل ذلك ليعلم الأمة أهمية أن يشعر بعضهم بهموم بعض، وأن يساعد بعضهم بعضا.

فاتقوا الله عباد الله، وتعاونوا وتآزروا وتناصحوا، ولا يقل كل واحد منا: نفسي نفسي؛ لأنه لا غنى لمسلمٍ عن إخوانه.
أسأل الله أن يوفقنا إلى العمل بمرضاته، وأن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر. أقول قولي هذا، وأستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
إخوة الإيمان، وموضوع التكافل الاجتماعي نحن مأمورون بإحيائه والعمل به؛ أولا: لإرضاء ربنا عز وجل وما يترتب على هذا من ثواب عظيم في الدنيا والآخرة، وثانيا: لحفظ أنفسنا وإخواننا ومجتمعاتنا من التمزق وانتشار الرذائل والجرائم، والناظر في الانحرافات والجرائم المنتشرة في المجتمع يرى أن العامل الأساسي المشترك بينها هو غياب التكافل الاجتماعي وغياب إحساس المسلمين بعضهم ببعض،
ايها المسلمون المؤمن يبكي ويتحسّر عندما يرى من هو مشرّد جائع ومحتاج ضائِع وبائس فقير ، المسلم لا يشبع وأخوه جائع، ولا يرتاح وأخوه يعاني الفاقة والشدة والحاجة
كيف نفرح وبين أظهرنا فقراء محاويج؟!
كثير من الناس في ضل هذا الصراع المرير والوضع المتردي ليس عندهم ماياكلون ، بيوتهم خاويه، ليس بها زاد إلا رحمة ربّ العباد،
كم من أرمله مغمومة مهمومة، يتلوّى صغارها، ويتقطع خمارها، ولكن هيهات أن تجد مغاثها إلا من الرحمن الرحيم، ونحن متفرّجون ولها مكذّبون، نظنّ حالهم أعلى من حالنا، والله أعلم بما تخفي وتكِنّ من فقرها.
وتلك نبذها أهلها ومعها أبناؤها وصغارها فمن يعلوهم ويقوم بحقهم ويعطيهم الزاد والطعام حسبناوحسبهم الله ونعم الوكيل
أيها المسلمون؟! ايها المسؤلون هل يهنأ لكم عيش وتفرحون ومن حولكم يتجرّعون غصص الجوع؟! انظروا المحاويج والمعسرين، ما أكثر من أثقلتهم المتغيرات والخطوب وطحنتهم الاحداث والحروب فأصبحوا في فقر وبطاله وذل ومهانة
وتشريد ونزوح لا تأويهم البيوت، ولا يسعهم مكان
كم متعفّف بات خاليًا، وكم من آيسة ضائِقة بائسة استهواها الشيطان وحزبه لفقرها وحاجتها وبكاء صغارها، والذئاب يريدون أن يفتكوا بعرضِها، أينكم يا مسلمون؟!
الكثير من الأسر بيوتهم أوهى من بيت العنكبوت،برد الشتاء القارص ياكل أجسامهم ويؤذي فلذات اكبادهم نقص كبير
في الغذاء وانعدام للفراش والكساء ؟!
أينكم يا من بالملذات تفتخرون وتتنعمون ولها تنوِّعون؟! موائدكم متعدّدة، وبطونهم متيبّسة من خواها،( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ [البقرة:254]،
عباد الله أَمِنَ الرحمة أن تكونوا في رَغَدٍ من العَيْش، وسعةٍ من الرزق، ومَنْ قسى عليهم الزمان في شدة من الضيق، وألم من الإعسار؟!
إنَّ الغَنِيَّ الذي لا يحسُّ بأنَّ عليْه للبُؤَساء والفُقَراء حقوقًا وواجبات - لقاسي القلب، خالٍ من الشفقة، بعيدٌ من رحمة الله، ﴿ إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [3].
عباد الله ومما لفت اليه الاعلام هذه الايام مجاعة أهل تهامة وهي مجاعة من لادخل لهم
من أهل تهامة ومالفرق بين التهامي والتعزي والإبي والضالعي والذماري ممن ليس لهم دخل من الفقراء كلهم يعيشوا شبح المجاعة
البلاد كلها تعيش المجاعة وكل البلاد تهامة
شاهدت بعض الناس يرسل الى تهامة
بخمسة الف ريال اوعشرة الف ريال
وهذا عمل انساني كبير ولكن للاسف يرسل
ذلك وعنده من جيرانه الملتصقين بجدار بيته
تهيمة جائعين ياعباد الله بعيدا عن الانانية
بعيدا عن الحساسية نحتاج الى فقه الأولويات
في تكافلنا في اعمالنا الانسانية
هناك اشياء اهم من غيرها وهناك من هو اولى
من غيره يا أخي بابه الى بابك وجداره الى جدارك
وشكا زوجته واطفاله تسمعه بأذنك محتاج جائع
وانت تقفز من فوق رأسه اين حق الجواراين فقه
الاولويات
وأقول لكم لفتة مهمة تخص الاخوة الموظفين
مع انقطاع الرواتب اخي الموظف يا من انقطع راتبك منذُفترة قصيرة
اطالبك بنظرة منك سريعة لحال الملايين الذين
ليس لهم رواتب ولادخل من ابناء بلدك ووطنك
كيف عاشوا سنوات طويلة إلى يومنا هذا!!وهم
ليس لهم راتب شهري ولا ضمان اجتماعي
غير عطاء من قال"ومامن دابةٍ في الأرض إلا على (الله) رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها
كلٌّ في كتاب مبين"
اخي الكريم أُشكره جلّ وعلاعلى ما أعطاك وعلى ماوهبك واسأله من فضله وواسع رزقه
فهو يعلم بحالك ومكانك وشكواك إسأل المعاش من ربك اطلب الرزق منه جلا جلاله وابذل الأسباب المتاحة والمستطاعة وسترى فضل الله عليك وستره
متجه اليك
ورسالة اوجهها للأخوة التجار وذوي المال واليسار
قال صلى الله عليه وسلم : ((تَلَقَّت الملائكة روحَ رجل ممن كان قبلكم، فقالوا: أعملتَ من الخير شيئًا؟ قال: لا. قالوا: تذكَّر. قال: كنتُ أداين الناس، فآمر فتياني أن يُنْظِروا المعسر ويتجاوزوا عن الموسر. قال: قال الله عز وجل: نحن أحق بذلك منه، فتجاوزوا عنه)) رواه البخاري ومسلم.
لتعلم اخي التاجر إن ما تبذله من جاه أو عون أو مساعدة أو قرض لن يضيعه الله وايضا لن ينسيه الزمان
وكل شيء يذهب ولن يبقى سوى المعروف
اقرضوا المحتاجين نفسوا عن المعسرين
تجاوزوا عن الفقراء والمساكين ارحموا
تراحموا أفلا يجدر بنا أن نتعاون ونتراحم ونبذل المعروف لبعضنا البعض حتى يرحمنا الله

عباد الله اسألوا عن المحتاجين في بيوتِهم، وعن المصابين في أماكنهم، ادخلوا عليهم، وهوِّنوا عليهم الشدائد والآلام، وخفِّفوا عنهم ما هم فيه من الأسقام والأحزان، وتصوَّروا أنكم لو كنتم مثلهم؛ فماذا كنتم تحبون أن يُصنَع بكم؟!

اتَّقوا الله، وأعطوهم من مال الله الذي أعطاكم وجعلكم نوَّابًا عنه، ووكلاءَ فيه - يُعْطِكُم أجرًا عظيمًا وثوابًا جزيلاً: ﴿ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [7].

في الحديث القدسي عن رب العزَّة، يقول الله تبارك وتعالى: ((أنْفِقْ يا ابن آدم يُنْفَقْ عليك))؛ متفقٌ عليه من حديث أبي هريرة.
فلنتق الله تعالى في الجوعى والهلكى ، ولنواسهم بما يعينهم ويخفف مصابهم، فإنهم في مخمصة شديدة، وكربة عظيمة، وحاجة أكيدة. وإطعام الجائع، وتدفئة البردان، وإيواء المشرد فيه حفظ للنفوس من التلف ﴿ وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32] فأحيوا إخوانكم بفضول أموالكم، وتواصوا بمواساتهم فيما بينكم؛ فإن المسلم أخو المسلم: لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، ومن تخلى عن إخوانه في محنتهم ليفترسهم الجوع والبرد والخوف فقد ظلمهم وأسلمهم وخذلهم، ويخشى أن تزول نعمته، وأن تعجل نقمته، وأن تبدل عافيته.

وليتحر من واسى إخوانه أن يقع ما بذل في أيدي مستحقيه ؛ لئلا يستولي عليه تجار الأزمات، الذين يعظم ثراؤهم بمعاناة غيرهم.
وكم هم الذين يتاجرون بدموع الفقراء وانين المساكين
فحرصوا على خيركم حتى يصل لاهله وذويه
المستحقين
وصلُّوا وسلِّموا على خيرِ الورَى؛ فمن صلَّى عليه صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا.

اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة، أصحاب السنَّة المُتَّبعة: أبي بكر، وعُمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمِك وجُودِك وإحسانِك يا رب العالمين.
نسأل الله تعالى أن يقبل من الباذلين، وأن يطعم الجائعين، وأن يدفئ البردانين، وأن يؤوي المشردين، وأن ينصر المظلومين، وأن يكبت الظالمين، إنه سميع مجيب.
اللهم مُنَّ على جميع أوطان المُسلمين بالأمن والاستقرار والرخاء يا رب العالمين.

اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مُبتلانا، وارحم موتانا، وفُكَّ أسرانا، وانصُرنا على من عادانا يا رب العالمين.
اللهم وفقنا إلى ما تحبه وترضاه من الأقوال والأفعال، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها...
عباد الله:
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90].

فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، والله يعلمُ ما تصنعون.

أخوكم عبدالوهاب المعبأ
773027648
المشاهدات 7379 | التعليقات 0