خطبة (الهداية أعظم نعم الله) للدكتور صالح بن مقبل العصيمي - الجمعة القادمة 3/4/1436

د صالح بن مقبل العصيمي
1436/03/29 - 2015/01/20 09:53AM
الخطبة الأولى
إنَّ الحمدُ للهِ،نَحْمَدُهُ،ونستعينُهُ،ونستغفِرُهُ،ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا،مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ،وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ،وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ،وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عِبَادَ اللهِ،إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا اصْطَفَى مُحَمَّداً نَبِياً , وَاتَّخَذَهُ خَلِيلاً وَبَعَثَهُ إِلَى خَلْقِهِ رَسُولاً , وَجَعَلَهُ إِلَى دِينِهِ دَلِيلاً , فَبَلَّغَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرِسَالَةَ حَقَّ البَلَاغِ , فَالسَّعِيدُ مَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ , وَالشَّقِيُّ مَنْ نَقَضَ عَهْدَهُ .
عِبَادَ اللهِ،اعْلَمُوا أَنَّ الهِدَايَةَ أَعْظَمُ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللهُ بِهَا عَلَى الإِنْسَانِ,فَهِيَ أَعْظَمُ مِنْ نِعْمَةِ المَالِ,وَالمُلْكِ,وَالجَّاهِ,وَالحَيَاةِ,نِعْمَةٌ تُعَدُّ رَحْمَةً مِنَ اللهِ,فَالهِدَايَةُ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ,مِنَ اللهِ؛قَالَ تَعَالَى: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [القصص : 56]، لَا يَمْتَلِكُهَا نَبِيُّ مُرْسَلٌ,وَلَا مَلَكٌ مُقَرَبٌ, لَا تُشْتَرَى بِالْمَالِ وَلَا بِالْجَاهِ،وَلَوْ كَانَتْ تُبَاعُ وَتُشْتَرَى لَبُذِلَتْ مِنْ أَجْلِهَا الْمِلْيَارَاتُ؛فَفِيهَا الثِّقَةُ وَالْيَقِينُ،وَالْأَمْنُ يَوْمْ يَقُومُ النَّاسُ بَيْنَ يَدَي رَبِّ الْعَالَمِينَ . وَبِهَا تُنَالُ الْجِنَانُ،وَيُنَجَّى مِنَ النَّيرَانِ،يَخْتَصُّ بِهَا رَبِّي مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ؛ فَهُوَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ،فَيَصْطَفِي الْأَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ وَأَتْبَاعَهُمْ،فَهِيَ بِيَدِهِ وَحْدَهُ،جَلَّ وَعَلَا، لَا أَحَدَ غَيْرُهُ،لَمْ يَسْتَطِعْ خِيرَةُ خَلْقِ اللهِ,مِنْ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ,أَنْ يُوصِلُوهَا إِلَى بَعْضِ أَبْنَائِهِمِ,وَأَزْوَاجِهِمْ, وَآَبَائِهِمْ,وَأَعْمَامِهِمْ,وَوُفِّقْتَ إِلَيْهَا أَنْتَ أَيُّهَا العَبْدُ المُسْلِمُ,بِتَوْفِيقٍ مِنَ اللهِ,وَنِلْتَهَا بِرَحْمَةٍ مِنَ اللهِ وَمِنَّةٍ وَفَضْلٍ، قَالَ تَعَالَى:(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [الحجرات : 17],فَحَافِظْ عَلَيْهَا بِالدُّعَاءِ بِالثَّبَاتِ .
عِباَدَ اللهِ،لَمْ يَسْتَطِعْ نُوحٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ,أَنْ يَهْدِي اِبْنَهُ,ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ,إِلَى الإِيمَانِ,حَتَّى وَالْاِبْنُ فِي لَحَظَاتِ الغَرَقِ وَالهَلَاكِ, لَمْ يَسْتَجِبْ لِدَعْوَةِ وَالِدِهِ, قَال تَعَالَى : (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ * وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [هود 42-44]،لَقَد تَأَلَّمَ هَذَا النَّبِيُّ الصَّالِحُ ,عَلَى مَا آَل إِلَيْهِ ابْنُهُ,دَاعِياً له,كَمَا قَالَ تَعَالَى:(وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ) [هود : 45]؛فَجَاءَ الأَمْرُ الإِلَهِي,إِلَى نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ,بِالإِعْرَاضِ عَنِ الدُّعَاءِ,لِمَنْ كَفَرَ بِاللهِ,(قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (هود : 46 ). فَاسْتَجَابَ نُوحٌ لِأَمْرِ اللهِ وَاسْتَغْفَرَهُ؛ فَغَفَرَ اللهُ لَهُ, قَالَ تَعَالَى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ* قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) [هود : 47 ،48] . كَذَلِكَ لَمْ يَسْتَطِعْ نُوحٌ,عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ,وَهُوَ أَوْلُ رُسُلِ رَبِّي العَالَمِينَ,أَنْ يَجْلِبَ الهِدَايَةَ لِزَوْجِهِ,قَالَ تَعَالَى:(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) [التحريم : 10]؛ فأَصْبَحَتْ مَثَلاً لِأَهْلِ الكُفْرِ,مَعَ زَوْجَةِ نَبِيٍّ آخَرَ وَهُوَ لُوطٌ,عَلَيْهِ السَّلَامُ . لَقَدْ نَجَا لُوطٌ وَأَهْلَهُ,وَالصُّلَحَاءُ مِنْ قَوْمِهِ, وَهَلَكَتْ زَوْجُهُ مَعَ القَوْمِ الكَافِرِينَ قَالَ تَعَالَى : (قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ * فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) (هود : 81-83 ) .
عِبَادَ اللهِ :لَمْ يَسْتَطِعْ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ,إِبْرَاهِيمُ,عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ,أَنْ يَهْدِيَ وَالِدَهُ إِلَى الْإِسْلَامِ,ولَقَدْ ذَكَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ,ذَلِكَ النِّدَاءَ العَظِيَم,الَّذِي وَجَّهَهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى وَالِدِهِ,بِأَرَقِّ عِبَارَةٍ,وَأَلْطَفِ دَعْوَةٍ,بَلْ وَأَجْمَلِ نِدَاءٍ,يُوَجِّهُهُ ابْنٌ إِلَى أَبِيهِ,فَلَمْ يُحَاوَرَهُ إِلَّا بِقَوْلِهِ : يَا أَبَتِي,قَالَ تَعَالَى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً * (يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً) [مريم :41- 45]
وَمَعَ هَذِهِ الرِّقَّةِ فِي العِبَارَاتِ,لَمْ يَسْتَجِبْ لِدَعْوَةِ وَلَدِهِ,كَمَا قَالَ تَعَالَى: (قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً) [مريم : 46]. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبً فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ،وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ،وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى،وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى،وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
عِبَادَ اللهِ،لَمْ يَسْتَطِعْ المُصْطَفَى , المُخْتَارُ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنْ يَهْدِيَ عَمَّهُ لِلْإِسْلَامِ , مَعَ عِلْمِ عَمِّهِ بِصِدْقِ دَعْوَةِ ابْنِ أَخِيهِ , مُحَمَّدٍ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , حَيْثُ قَالَ أَبُو طَالِبْ مَادِحًا دِينَ الإِسْلَامِ , وَمَادِحًا خَيْرَ رُسُلِ الأَنَامِ .
وَدَعَوْتَنِي،وَعَرَفْتُ أَنَّكَ نَاصِحِي ** وَلَقَدْ صَدَقْتَ،وَكُنْتَ ثَمَّ أَمِينَا
وَعَرَضْتَ دِيناً قَدْ عَرَفْتُ بِأَنَّهُ *** مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ البَرِيَّةِ دِينًا
لَوْلَا المَلَامَةُ أَوْ حَذَارِ مَسَبَّةٍ *** لَوْجَدَتَّنِي سَمِحًا بِذَاكَ مُبِينًا
لَقَدْ بَذَلَ النَّبِيُ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مَعَ عَمِّهِ مَا بَذَلَ مِنَ الجُهُوِدِ,حَتَّى فِي سكرات موت عمه, يَحْضُرُ النَّبِيُ, صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, إِلَى بَيْتِهِ,لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَهْدِيَهُ,وَتَحْضُرُ عِنْدَهُ,صَنَادِيدُ قُرَيْشٍ,وَأَئِمَّةُ الكُفْرِ , فَالنَّبِيُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ,يَقُولُ: (يَاعَمُ , قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ,كَلِمَةٌ أُحَاجُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ , يَوْمَ القِيَامَةِ),وأَئِمَّةُ الْكُفْرِ يَقُولُونَ لِأَبِي طَالِبٍ: أَتَرْغَبُ عَنْ دِينِ عَبْدِ المُطَّلِبِ ؟ فَكَانَتْ نِهَايَتُهُ أَنَّهُ قَالَ: بَلْ عَلَى دِينِ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَمَاتَ عَلَى الشِّرْكِ,فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:(إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (القصص : 56 )، وَحَدَّثَنَا القُرْآنُ عِنْ ذَلِكَ العَتِي العَنِيدِ,الَّذِي جَادَلَ وَالِدَيْهِ,وَقَالَ لَهُمَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [الأحقاف : 17] ؛ فَاِشْكُرُوا الْمُنْعِمَ عَلَى نِعْمَةِ الْإِسْلَامِ .
عِبَادَ اللهِ،اِعْلَمُوا أَنَّ هِدَايَةَ التَّوْفِيقِ لِلْإِسْلَامِ وَالإِيمَانِ,مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ,وَهِدَايَةُ الدَّلَالَةِ وَالإِرْشَادِ,مِنَ الأَنْبِيَاءِ,وَالرُّسُلِ,وَالدُّعَاةِ,إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ؛فَالعَبْدُ لَهُ الخَيَارُ وَحِسَابِهِ عَلَى اللهِ : فَإِمَّا تَقِي إِلَى الجَنَّةِ,وَإِمَّا شَقِيٌ إِلَى النَّارِ , قَالَ تَعَالَى:(فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) (الشمس : 8 ) وَقَالَ تَعَالَى :( فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ) . فَاِثْبَتُوا - عِبَادَ اللهِ - عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ،وَاِسْأَلُوا اللهَ أَنْ يُثَبِّتَكُمْ عَلَيهِ أَنْتُمْ وَذُرِّيَاتِكُمْ،وَوَالِدِيكُمْ،وَإِخْوَانَكُمْ،وَأَحْبَابَكُمْ. فَلَقَدْ رَزَقَكُمُ اللهُ نِعْمَةً لَمْ تَسْعَوا لَهَا،وَلَمْ نَدْفَعْ أَمْوَالًا لِنَيْلِهَا،حُرِمَ مِنْهَا أَبْنَاءُ،وَآبَاءُ،وَأَزْوَاجُ أَنْبِيَاءَ وَرُسُلٍ،وَحُرِمَ مِنْهَا مُلُوكٌ،وَعُظَمَاءٌ وَأَثْرِيَاءٌ؛وَرُزِقْتَ أَنْتَ بِهَا؛فَاِحْذَرْ أَنْ تُنْزَعَ مِنْكَ خَاصَّةً مَعَ هَذِهِ الْفِتَنِ الْمُدْلَهِمَّةِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ
اللَّهُمَّ ثَبِّتْنَا عَلَى دِينِكِ،الَّلهُمَّ اجْعَلْنَا مِمنْ خَافَكَ وَ اتَّقَاك .
المرفقات

مَشْكُولَةٌ.docx

مَشْكُولَةٌ.docx

غير مشكولة.docx

غير مشكولة.docx

مَشْكُولَةٌ.pdf

مَشْكُولَةٌ.pdf

المشاهدات 1955 | التعليقات 0