عوامل بناء النفس
محمد مرسى
1431/10/27 - 2010/10/06 07:16AM
عوامل بناء النفس
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له. أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، شهادة عبده، وابن عبده، وابن أَمَتِه، ومن لا غنى به طرفة عين عن رحمته. أشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين، فشرح به الصدور، وأنار به العقول، وفتح به أعينًا عميًا، وآذانًا صُمًّا، وقلوبًا غلفًا. صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان، وسلِّم تسليمًا كثيرًا. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مسْلِمُونَ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم من نفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (يا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسأل الله أن يجعل هذا الجمع في ميزان الحسنات في يوم تعز فيه الحسنات .
أما بعد أحبتي في الله اعلموا أن النفس بطبيعتها -يا أيها الأحبة- طموحة إلى الشهوات واللَّذَّات، كسولة عن الطاعات وفعل الخيرات، لكن في قَمْعِها عن رغبتها عزُّها، وفي تمكينها مما تشتهي ذلها وهوانها؛ فمن وُفِّق لقمْعِها نال المُنَى، ونفسَه بنى، ومن أرخى لها العنان ألْقَتْ به إلى سُبُل الهلاك والردى، ونفسَه هدم وما بنى؛ فمن هجر اللذات نال المنى، ومن أكبَّ على اللذات عض على اليد.
ففي قمع أهواء النفوس اعتزازها *** وفي نيلها ما تشتهي ذلُّ سرمدِ
فلا تشتغل إلا بما يكسب العلا *** ولا ترضَ للنفس النفيسة بالرَّدِي
وعلى هذا فالناس مختلفون في بناء أنفسهم وتأسيسها وتربيتها اختلافاً بيِّنًا جليًّا واضحًا، يظهر ذلك في استقبال المِحَن والمِنَح، والإغراء والتحذير، والنعم والنِقَم، والترغيب والترهيب، والفقر والغنى؛ فمنهم من أسَّس بنيانه على تقوى من الله ورضوان؛ فلا تضره فتنة ولا تُزَعْزعُه شبهة، ولا تغلبه شهوة ،صامد كالطود الشامخ، فهم الحياة نعمة ونقمة، ومحنة ومنحة، ويسرًا وعسرًا، ثم عمل موازنة، فوجد أن الدهر يومان؛ ذا أمن وذا خطر، والعيش عيشان؛ ذا صفو وذا كدر، فضبط نفسه في الحاليْن؛
وهذه نماذج من هذا الصنف العزيز الشامخ القليل، جديرة بالتأمل، أضعها بين أيديكم، وهي قليل عن كثير.
هاهو [يوسف] –عليه السلام- في عنفوان شبابه، وفي قمة نضجه تخرج إليه وتبرز إليه امرأة العزيز الجميلة، بأبهى حُلَّة، متعطرة، متبهرجة، مبدية لمفاتنها، قد غلَّقت الأبواب، ودَعَتْهُ بصريح العبارة ولم تُكنِّ، فقالت: (هَيْتَ لَكَ) أقبل (قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ) ولم تقتصر الفتنة عند ذلك؛ بل ازدادت سعيرًا حين شملت نساء عِلْيَة القوم؛ حين أُعجِبْنَ بيوسف -عليه السلام- وفُتِنَّ برجولته وجماله؛ فأخذن يطاردْنَه، يُردْنه أن يعمل بهن الفاحشة، وتبلغ الأمور ذروتها يوم تأتي امرأة العزيز تهدده، وتقول: (وَلَئِن لمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونن من الصَّاغِرِينَ) ماذا رد (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن منَ الْجَاهِلِينَ) إنه ثبات أنبياء الله أمام الشهوات وأمام التهديدات، عليهم صلوات الله وسلامه، وهم الأسوة والقدوة، إنه الثبات بكل معانيه، والثبات بكل مبانيه أمام الشهوات وأمام الشبهات، والذي لا يوفَّق له إلا مَنْ علم صدقَه ربُّ الأرض والسماوات.
ولقد تعرض البناة لأنفسهم في كل العصور لمواقف فنجحوا فيها بفضل الله. أحدهم يصدع بكلمة الحق فيشْرَق بها المنافقون والظالمون، ويذيقونه في سبيلها ألوانًا شتى من التعذيب في السجن لا تضاهيها إلاَّ ألوان التعذيب في محاكم التفتيش في القرون الوسطى، كانوا يسلطون عليه الكلاب بعد تجويعها، فتطارده الساعات، ثم تنقض على لحمة تنهشه نهشًا إذا توقف عن الجري وهو صابر ثابت، معتصم بالله، لن يرده ذلك عن هدفه، ولم يصده عن بغيته وغايته، فأغاظهم ذلك فماذا يفعلون؟ حكموا عليه بالقتل، وتلك –والله- فتنة أيما فتنة، ثم جاءه الإغراء أن استرحِمْ ذلك الظالم ليخفف عنك الحكم، فقال: -في إباء واستعلاء-: لئن كنت حوكمت بحقٍ فأنا أرتضي الحق، وإن كنت حوكمت في باطل؛ فأنا أعلى من أن أسترحم الباطل، إن يدي التي تشهد لله بالوحدانية كل يوم مرات لترفض أن تقر حكم ظالم أيًّا كان ذلك الظالم ثم يقاد إلى حتفِه، ولسان حاله:
الله أسعدني بظل عقيدتي *** أفيستطيع الخلق أن يشقوني
ويأتي أحد علماء السوء الذين باعوا دينهم بعرَضٍ من الدنيا، وما بنَوْا أنفسهم ليلقنه كلمة التوحيد التي يُقاد إلى الموت من أجلها، فيقول له: قل: لا إله إلا الله فيبتسم تبسم المغضب، ويقول: يا مسكين أنا أقاد إلى الموت من أجل لا إله إلا الله، وترجع أنت لتأكل فتات الموائد بلا إله إلا الله، لا نامت أعين الجبناء. إنه البناء الحقيقي للأنفس. إنها الثقة بأنهم على الحق. إنها الثقة بغلبة دين الهدى على دين الهوى وبقوة الله على كل القوى
أحبتي في الله، بعد الذي سمعتم لعلكم أدركتم أن الحاجة العظيمة ماسَّة إلى بناء أنفسنا، وتأسيسها على تقوى من الله ورضوان، أشد من الحاجة إلى الطعام والشراب والكساء.
إِي والله لذلك ولعدة أسباب لعلنا أن نقف عليها:
أولاً: لكثرة الفتن والمغريات وأصناف الشهوات والشبهات؛ فحاجة المسلم الآن –لا ريب- إلى البناء أعظم من حالة أخيه أيام السلف، والجهد –بالطبع- لابد أن يكون أكبر؛ لفساد الزمان والإخوان، وضعف المعين، وقلة الناصر.
ثانيًا: لكثرة حوادث النكوس على الأعقاب، والانتكاس، والارتكاس حتى بين بعض العاملين للإسلام، مما يحملنا على الخوف من أمثال تلك المصائر.
ثالثًا: لأن المسؤولية ذاتية، ولأن التبعة فردية (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نفْسِهَا)
رابعًا: عدم العلم بما نحن مقبلون عليه؛ أهو الابتلاء أم التمكين؟ وفي كلا الحاليْن نحن في أَمَسِّ الحاجة إلى بناء أنفسنا لتثبت في الحالين.
خامسًا: لأننا نريد أن نبني غيرنا، ومن عجز عن بناء نفسه فهو أعجز وأقل من أن يبني غيره، وفاقد الشيء لا يعطيه -كما قيل-؛ لذلك كله كان لابد من الوقوف على بعض العوامل المهمة في بناء النفس بناءً مؤسَّسًا على تقوى من الله ورضوان؛ فها هي بين أيديكم -الآن- بعض العوامل غير مرتبة، فما كان من صواب فمن الله، وما كان من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً
من عوامل بناء النفس: التقرب إلى الله -عز وجل وعلا- بما يحب من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وخير ما تقرب به المتقرِّبون إلى الله الفرائض التي فرضها الله -جل وعلا-، وعلى رأس هذه الفرائض توحيد الله -جلا وعلا- وإفراده بالعبادة وحده لا شريك له، ثم إن في النوافل لمجالاً واسعًا عظيمًا لمن أراد أن يرتقي إلى مراتب عالية عند الله -تبارك وتعالى-، وفضل الله واسع يؤتيه من يشاء ؛ فتنبني النفس وتزكو بها، وتأخذ من كل نوع من العبادات المتعددة بنصيب؛ فلا تَكَلُّ ولا تَسْأَمُ. لكن علينا أن ننتبه في هذه القضية إلى أمور:
أولاً: الحذر من تحول العبادة إلى عادة؛ لأن البعض يأْلَف بعض العبادات حتى يفقد حلاوتها ولذَّتها؛ فلذلك تراه لا يستشعر أجرها، فتصبح العبادة حركة آلية لا أثر لها في سَمْتٍ أو قول أو عمل أو بناء.
ثانيًا: عدم الاهتمام بالنوافل على حساب الفرائض؛ لأن البعض يُخطئ، فيهتم بالأدنى على حساب الأعلى –وما في العبادات دنيٌّ-؛ فيقوم الليل -مثلاً- ثم ينام عن صلاة الفجر، فليكن لك من كل عبادة نصيب، وعلى حسب الأهمية؛ كالنحلة تجمع الرحيق من كل الزهور، ثم تخرجه عسلاً مصفًّى شهيًا سائغًا للآكلين.
ثالثاً: إذا تعارض واجب ومستحب فلنقدم الواجب على المستحب
All praise and thanks are due to Allah alone, we thank Him and we seek His assistance and His forgiveness. And we seek Allah’s protection from the evil of our own selves and the evil of our actions. Whoever Allah guides, no one can lead astray, and whomever Allah leaves in misguidance, no one can guide aright.
And I bear witness that there is nothing worthy of worship except Allah alone without any partners and I bear witness that Muhammad is Allah’s servant and messenger.
“Oh you who believe, fear Allah the fear He deserves and do not die except in a state of Islam."
Brothers and sisters in Islam,
Human beings naturally prefer desires and pleasures to doing what is right. And if we only give ourselves what we like and what we enjoy rather than what is good for us, we will eventually destroy ourselves. On the other hand if we train ourselves with self-development, and doing what is right, we will grow and prosper in this life and the next.
If we look at the concept of self-development, we will find that people are different in building and developing themselves.
ط¢آ§ Yousef, the Prophet PBUH, is an excellent example for those who are concerned about developing themselves. When Yousef was a young man, the wife of his master sought to seduce him (to do an evil act). The story is explained fully in the Qur’an where it says that she told him, “Come on, O YOU." While he replied, “I seek refuge in Allah!" It should be understood that he wasn’t just rejecting any woman; this woman had very high status in the society at the time. What a great example! Then he was threatened to go to jail if he didn’t obey his master. So what was Yousef’s reply? He said “O my Lord! Prison is dearer to me than that to which they invite me to."
And as we see, this is a great example of the stability of a strong believer against the desires and temptations of life.
Some people may say, “But Yousef was a Prophet"; they don’t realize that in all ages, those who decide to walk the Straight Path and develop themselves and become better, these people are tested with difficult situations, and if they are patient and firm, they overcome them with the help of Allah.
Nevertheless, here is an example of an ordinary man who strived to better himself:
ط¢آ§ This man used to write about Islam in newspapers, and he tried to influence many people to come to the Straight Path. However, his government did not want Islam to grow, so they detained him in prison. This man suffered much painful torment in jail; however, he was patient and sought refuge in Allah. At last, Al-Zalimoun or the “wrong doers" decided to kill him. And this is the ultimate test! But before killing him they gave him one more chance to live: to live he had to write: “I am sorry for what I wrote". However, he refused and preferred to die rather than accepting their rule!
Dear brothers and sisters, as we can see, there is a big need to build ourselves. We should develop ourselves for the following reasons:
1) The large number of desires and opportunities to go astray.
2) The large number of people who have left Islam أ¢â‚¬â€œ even from among those who work for the Call of Islam.
3) We don’t know what will happen in the near future, is it a new test or is it the victory of Islam? And in both cases we need to develop ourselves.
4) Islam teaches that we need to build and develop others, and if we can’t build ourselves, we will not be able to build other people.
***
Now, the question is, “How do we build ourselves?" Here we have to keep in mind that the base for building ourselves is to obey Allah by doing the deeds that Allah the Almighty commands أ¢â‚¬â€œ the obligatory acts. This is the best thing that we can do to bring us closer to Allah.
And whenever we want to increase our Faith (iman), it is as simple as this: go and do any good deeds like Tasbeeh, or praying Nawafil or helping your community with money or efforts.
People are different, some feel it is easy to pray more Nawafil, others feel it is easier to help people with money, and others prefer to remember Allah more by Tasbeeh or Seeking Allah’s forgiveness (Istighfar)أ¢â‚¬آ¦. So do the good deeds that you like or are nearer to your heart and make sure that it will increase your iman, of course without neglecting any obligations or Faraidh of Islam.
I ask Allah (swt) to help us all develop ourselves to be strong firm believers, and to help us overcome our desires and do what is right and to keep us on the Straight Path until we meet Him.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له. أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، شهادة عبده، وابن عبده، وابن أَمَتِه، ومن لا غنى به طرفة عين عن رحمته. أشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين، فشرح به الصدور، وأنار به العقول، وفتح به أعينًا عميًا، وآذانًا صُمًّا، وقلوبًا غلفًا. صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان، وسلِّم تسليمًا كثيرًا. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مسْلِمُونَ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم من نفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (يا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسأل الله أن يجعل هذا الجمع في ميزان الحسنات في يوم تعز فيه الحسنات .
أما بعد أحبتي في الله اعلموا أن النفس بطبيعتها -يا أيها الأحبة- طموحة إلى الشهوات واللَّذَّات، كسولة عن الطاعات وفعل الخيرات، لكن في قَمْعِها عن رغبتها عزُّها، وفي تمكينها مما تشتهي ذلها وهوانها؛ فمن وُفِّق لقمْعِها نال المُنَى، ونفسَه بنى، ومن أرخى لها العنان ألْقَتْ به إلى سُبُل الهلاك والردى، ونفسَه هدم وما بنى؛ فمن هجر اللذات نال المنى، ومن أكبَّ على اللذات عض على اليد.
ففي قمع أهواء النفوس اعتزازها *** وفي نيلها ما تشتهي ذلُّ سرمدِ
فلا تشتغل إلا بما يكسب العلا *** ولا ترضَ للنفس النفيسة بالرَّدِي
وعلى هذا فالناس مختلفون في بناء أنفسهم وتأسيسها وتربيتها اختلافاً بيِّنًا جليًّا واضحًا، يظهر ذلك في استقبال المِحَن والمِنَح، والإغراء والتحذير، والنعم والنِقَم، والترغيب والترهيب، والفقر والغنى؛ فمنهم من أسَّس بنيانه على تقوى من الله ورضوان؛ فلا تضره فتنة ولا تُزَعْزعُه شبهة، ولا تغلبه شهوة ،صامد كالطود الشامخ، فهم الحياة نعمة ونقمة، ومحنة ومنحة، ويسرًا وعسرًا، ثم عمل موازنة، فوجد أن الدهر يومان؛ ذا أمن وذا خطر، والعيش عيشان؛ ذا صفو وذا كدر، فضبط نفسه في الحاليْن؛
وهذه نماذج من هذا الصنف العزيز الشامخ القليل، جديرة بالتأمل، أضعها بين أيديكم، وهي قليل عن كثير.
هاهو [يوسف] –عليه السلام- في عنفوان شبابه، وفي قمة نضجه تخرج إليه وتبرز إليه امرأة العزيز الجميلة، بأبهى حُلَّة، متعطرة، متبهرجة، مبدية لمفاتنها، قد غلَّقت الأبواب، ودَعَتْهُ بصريح العبارة ولم تُكنِّ، فقالت: (هَيْتَ لَكَ) أقبل (قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ) ولم تقتصر الفتنة عند ذلك؛ بل ازدادت سعيرًا حين شملت نساء عِلْيَة القوم؛ حين أُعجِبْنَ بيوسف -عليه السلام- وفُتِنَّ برجولته وجماله؛ فأخذن يطاردْنَه، يُردْنه أن يعمل بهن الفاحشة، وتبلغ الأمور ذروتها يوم تأتي امرأة العزيز تهدده، وتقول: (وَلَئِن لمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونن من الصَّاغِرِينَ) ماذا رد (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن منَ الْجَاهِلِينَ) إنه ثبات أنبياء الله أمام الشهوات وأمام التهديدات، عليهم صلوات الله وسلامه، وهم الأسوة والقدوة، إنه الثبات بكل معانيه، والثبات بكل مبانيه أمام الشهوات وأمام الشبهات، والذي لا يوفَّق له إلا مَنْ علم صدقَه ربُّ الأرض والسماوات.
ولقد تعرض البناة لأنفسهم في كل العصور لمواقف فنجحوا فيها بفضل الله. أحدهم يصدع بكلمة الحق فيشْرَق بها المنافقون والظالمون، ويذيقونه في سبيلها ألوانًا شتى من التعذيب في السجن لا تضاهيها إلاَّ ألوان التعذيب في محاكم التفتيش في القرون الوسطى، كانوا يسلطون عليه الكلاب بعد تجويعها، فتطارده الساعات، ثم تنقض على لحمة تنهشه نهشًا إذا توقف عن الجري وهو صابر ثابت، معتصم بالله، لن يرده ذلك عن هدفه، ولم يصده عن بغيته وغايته، فأغاظهم ذلك فماذا يفعلون؟ حكموا عليه بالقتل، وتلك –والله- فتنة أيما فتنة، ثم جاءه الإغراء أن استرحِمْ ذلك الظالم ليخفف عنك الحكم، فقال: -في إباء واستعلاء-: لئن كنت حوكمت بحقٍ فأنا أرتضي الحق، وإن كنت حوكمت في باطل؛ فأنا أعلى من أن أسترحم الباطل، إن يدي التي تشهد لله بالوحدانية كل يوم مرات لترفض أن تقر حكم ظالم أيًّا كان ذلك الظالم ثم يقاد إلى حتفِه، ولسان حاله:
الله أسعدني بظل عقيدتي *** أفيستطيع الخلق أن يشقوني
ويأتي أحد علماء السوء الذين باعوا دينهم بعرَضٍ من الدنيا، وما بنَوْا أنفسهم ليلقنه كلمة التوحيد التي يُقاد إلى الموت من أجلها، فيقول له: قل: لا إله إلا الله فيبتسم تبسم المغضب، ويقول: يا مسكين أنا أقاد إلى الموت من أجل لا إله إلا الله، وترجع أنت لتأكل فتات الموائد بلا إله إلا الله، لا نامت أعين الجبناء. إنه البناء الحقيقي للأنفس. إنها الثقة بأنهم على الحق. إنها الثقة بغلبة دين الهدى على دين الهوى وبقوة الله على كل القوى
أحبتي في الله، بعد الذي سمعتم لعلكم أدركتم أن الحاجة العظيمة ماسَّة إلى بناء أنفسنا، وتأسيسها على تقوى من الله ورضوان، أشد من الحاجة إلى الطعام والشراب والكساء.
إِي والله لذلك ولعدة أسباب لعلنا أن نقف عليها:
أولاً: لكثرة الفتن والمغريات وأصناف الشهوات والشبهات؛ فحاجة المسلم الآن –لا ريب- إلى البناء أعظم من حالة أخيه أيام السلف، والجهد –بالطبع- لابد أن يكون أكبر؛ لفساد الزمان والإخوان، وضعف المعين، وقلة الناصر.
ثانيًا: لكثرة حوادث النكوس على الأعقاب، والانتكاس، والارتكاس حتى بين بعض العاملين للإسلام، مما يحملنا على الخوف من أمثال تلك المصائر.
ثالثًا: لأن المسؤولية ذاتية، ولأن التبعة فردية (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نفْسِهَا)
رابعًا: عدم العلم بما نحن مقبلون عليه؛ أهو الابتلاء أم التمكين؟ وفي كلا الحاليْن نحن في أَمَسِّ الحاجة إلى بناء أنفسنا لتثبت في الحالين.
خامسًا: لأننا نريد أن نبني غيرنا، ومن عجز عن بناء نفسه فهو أعجز وأقل من أن يبني غيره، وفاقد الشيء لا يعطيه -كما قيل-؛ لذلك كله كان لابد من الوقوف على بعض العوامل المهمة في بناء النفس بناءً مؤسَّسًا على تقوى من الله ورضوان؛ فها هي بين أيديكم -الآن- بعض العوامل غير مرتبة، فما كان من صواب فمن الله، وما كان من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً
من عوامل بناء النفس: التقرب إلى الله -عز وجل وعلا- بما يحب من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وخير ما تقرب به المتقرِّبون إلى الله الفرائض التي فرضها الله -جل وعلا-، وعلى رأس هذه الفرائض توحيد الله -جلا وعلا- وإفراده بالعبادة وحده لا شريك له، ثم إن في النوافل لمجالاً واسعًا عظيمًا لمن أراد أن يرتقي إلى مراتب عالية عند الله -تبارك وتعالى-، وفضل الله واسع يؤتيه من يشاء ؛ فتنبني النفس وتزكو بها، وتأخذ من كل نوع من العبادات المتعددة بنصيب؛ فلا تَكَلُّ ولا تَسْأَمُ. لكن علينا أن ننتبه في هذه القضية إلى أمور:
أولاً: الحذر من تحول العبادة إلى عادة؛ لأن البعض يأْلَف بعض العبادات حتى يفقد حلاوتها ولذَّتها؛ فلذلك تراه لا يستشعر أجرها، فتصبح العبادة حركة آلية لا أثر لها في سَمْتٍ أو قول أو عمل أو بناء.
ثانيًا: عدم الاهتمام بالنوافل على حساب الفرائض؛ لأن البعض يُخطئ، فيهتم بالأدنى على حساب الأعلى –وما في العبادات دنيٌّ-؛ فيقوم الليل -مثلاً- ثم ينام عن صلاة الفجر، فليكن لك من كل عبادة نصيب، وعلى حسب الأهمية؛ كالنحلة تجمع الرحيق من كل الزهور، ثم تخرجه عسلاً مصفًّى شهيًا سائغًا للآكلين.
ثالثاً: إذا تعارض واجب ومستحب فلنقدم الواجب على المستحب
All praise and thanks are due to Allah alone, we thank Him and we seek His assistance and His forgiveness. And we seek Allah’s protection from the evil of our own selves and the evil of our actions. Whoever Allah guides, no one can lead astray, and whomever Allah leaves in misguidance, no one can guide aright.
And I bear witness that there is nothing worthy of worship except Allah alone without any partners and I bear witness that Muhammad is Allah’s servant and messenger.
“Oh you who believe, fear Allah the fear He deserves and do not die except in a state of Islam."
Brothers and sisters in Islam,
Human beings naturally prefer desires and pleasures to doing what is right. And if we only give ourselves what we like and what we enjoy rather than what is good for us, we will eventually destroy ourselves. On the other hand if we train ourselves with self-development, and doing what is right, we will grow and prosper in this life and the next.
If we look at the concept of self-development, we will find that people are different in building and developing themselves.
ط¢آ§ Yousef, the Prophet PBUH, is an excellent example for those who are concerned about developing themselves. When Yousef was a young man, the wife of his master sought to seduce him (to do an evil act). The story is explained fully in the Qur’an where it says that she told him, “Come on, O YOU." While he replied, “I seek refuge in Allah!" It should be understood that he wasn’t just rejecting any woman; this woman had very high status in the society at the time. What a great example! Then he was threatened to go to jail if he didn’t obey his master. So what was Yousef’s reply? He said “O my Lord! Prison is dearer to me than that to which they invite me to."
And as we see, this is a great example of the stability of a strong believer against the desires and temptations of life.
Some people may say, “But Yousef was a Prophet"; they don’t realize that in all ages, those who decide to walk the Straight Path and develop themselves and become better, these people are tested with difficult situations, and if they are patient and firm, they overcome them with the help of Allah.
Nevertheless, here is an example of an ordinary man who strived to better himself:
ط¢آ§ This man used to write about Islam in newspapers, and he tried to influence many people to come to the Straight Path. However, his government did not want Islam to grow, so they detained him in prison. This man suffered much painful torment in jail; however, he was patient and sought refuge in Allah. At last, Al-Zalimoun or the “wrong doers" decided to kill him. And this is the ultimate test! But before killing him they gave him one more chance to live: to live he had to write: “I am sorry for what I wrote". However, he refused and preferred to die rather than accepting their rule!
Dear brothers and sisters, as we can see, there is a big need to build ourselves. We should develop ourselves for the following reasons:
1) The large number of desires and opportunities to go astray.
2) The large number of people who have left Islam أ¢â‚¬â€œ even from among those who work for the Call of Islam.
3) We don’t know what will happen in the near future, is it a new test or is it the victory of Islam? And in both cases we need to develop ourselves.
4) Islam teaches that we need to build and develop others, and if we can’t build ourselves, we will not be able to build other people.
***
Now, the question is, “How do we build ourselves?" Here we have to keep in mind that the base for building ourselves is to obey Allah by doing the deeds that Allah the Almighty commands أ¢â‚¬â€œ the obligatory acts. This is the best thing that we can do to bring us closer to Allah.
And whenever we want to increase our Faith (iman), it is as simple as this: go and do any good deeds like Tasbeeh, or praying Nawafil or helping your community with money or efforts.
People are different, some feel it is easy to pray more Nawafil, others feel it is easier to help people with money, and others prefer to remember Allah more by Tasbeeh or Seeking Allah’s forgiveness (Istighfar)أ¢â‚¬آ¦. So do the good deeds that you like or are nearer to your heart and make sure that it will increase your iman, of course without neglecting any obligations or Faraidh of Islam.
I ask Allah (swt) to help us all develop ourselves to be strong firm believers, and to help us overcome our desires and do what is right and to keep us on the Straight Path until we meet Him.