يتيم

2022-10-05 - 1444/03/09

التعريف

اليتيم في اللغة:   قال الجوهري: اليتيم جمعه أيتام ويتامى، وقد يتم الصبي بالكسر يتم يتيمًا بضم الياء وفتحها مع سكون التاء فيهما، واليتيم في الناس من قِبَل الأب، وفي البهائم من قِبَل الأم، وكل شيء مفرد يعز نظيره فهو يتيم، يقال: درة يتيمة (مختار الصحاح:309). وقال ابن منظور: "اليتيم الانفراد واليتيم الفرد، واليتم: فقد الأب، وقد يتم بالضم وبالكسر وبالتسكين فيهما أي بتسكين التاء فيهما"(لسان العرب:12-645).   وقال أيضا: "قال المفضل: أصل اليتم الغفلة، وسمي اليتيم يتيما؛ لأنه يتغافل عن بره. وقال أبو عمرو: اليتم الإبطاء، ومنه أخذ اليتيم؛ لأن البر يبطئ عنه"(لسان العرب:12-645).   واليتيم في الشرع: قال الجوهري: اليتيم في الناس من قِبَل الأب وفي البهائم من قِبَل الأم (لسان العرب 12/646). وقال ابن منظور: اليتيم في الناس فقد الصبي أباه قبل البلوغ، وفي الدواب فقد الأم (لسان العرب 12/646).   قال الآلوسي في تفسير قوله -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى) قال: "هو في الآدميين من قبل الآباء، ولا يتم بعد بلوغ، وفي البهائم من قبل الأمهات، وفي الطيور من جهتهما، وحكى الماوردي أنه يقال في الآدميين لمن فقدت أمه أيضا، والأول هو المعروف"(روح المعاني).  

العناصر

1- من هو اليتيم؟ وهل اللقيط يتيما؟   2- أقسام الولاية على اليتيم.   3- تحريم أكل مال اليتيم بغير حق.   4- يتم النبي صلى الله عليه وسلم وما في ذلك من فوائد ودلالات.   5- صور من رعاية النبي صلى الله عليه وسلم وإحسانه إلى الأيتام.   6- اهتمام الشرع باليتيم والوصية به.   7- فضل كفالة اليتيم.  

الايات

1- قَالَ الله -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى)[البقرة:83]   2- قَالَ الله -تعالى-: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى)[البقرة:177].   3- قال الله -تعالى-: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)[البقرة:215].   4- قال الله -تعالى-: (وَيَسْألُونَكَ عَنِ اليَتَامَى قُلْ إصْلاَحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإخْوَانُكُمْ واللهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[البقرة:220].   5- قال الله -تعالى-: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا)[آلعمران:37].   6- قال الله -تعالى-: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ)[آل عمران:44].   7- قال الله -تعالى-: (وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا * وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا * وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا * لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)[النساء:2-10].   8- قال الله -تعالى-: (وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى)[النساء:36].   9- قال الله -تعالى-: (وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً)[النساء:127].   10- قال الله -تعالى-: (وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بالَّتِي هِيَ أحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ)[الأنعام:152، الإسراء:34].   11- قال الله -تعالى-: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)[الأنفال:41].   12- قال الله -تعالى-: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ)[الكهف:82].   13- قال الله -تعالى-: (إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ)[طه:40].   14- قال الله -تعالى-: (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[الحشر:7].   15- قال الله -تعالى-: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً)[الإنسان:8].   16- قال الله -تعالى-: (كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ)[الفجر:17].   17- قال الله -تعالى-: (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ)[البلد:11-16].   18- قال الله -تعالى-: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ)[الضحى:6-9].   19- قال الله -تعالى-: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ)[الماعون:1-2].  

الاحاديث

1- عن أَبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ" قالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: "الشِّرْكُ باللهِ، والسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بالحَقِّ، وأكلُ الرِّبَا، وأكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ"(متفق عَلَيْهِ).   2- عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَأنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وأَشارَ بالسَّبّابَةِ والوُسْطى، وفَرَّجَ بيْنَهُما شيئًا"(رواه البخاري:٥٣٠٤).   3- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " كافِلُ اليَتِيمِ له، أوْ لِغَيْرِهِ أنا وهو كَهاتَيْنِ في الجَنَّةِ وأَشارَ مالِكٌ بالسَّبّابَةِ والْوُسْطى"(رواه مسلم:٢٩٨٣).   4- عن أَبي شُرَيحٍ خُوَيْلِدِ بن عمرو الخزاعِيِّ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ إنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَينِ: اليَتِيم وَالمَرْأةِ"(رواه النسائي).   5- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نِساءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِساءٍ رَكِبْنَ الإبِلَ، أحْناهُ على طِفْلٍ، وأَرْعاهُ على زَوْجٍ في ذاتِ يَدِهِ"(رواه البخاري:٣٤٣٤، ومسلم:٢٥٢٧).   6- عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا أبا ذَرٍّ، إنِّي أراكَ ضَعِيفًا، وإنِّي أُحِبُّ لكَ ما أُحِبُّ لِنَفْسِي، لا تَأَمَّرَنَّ على اثْنَيْنِ، ولا تَوَلَّيَنَّ مالَ يَتِيمٍ"(رواه مسلم:١٨٢٦).   7- عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما-  أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني فقير ليس لي شيء ولي يتيم قال: فقال: "كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبًادر ولا متأثل"(رواه أبو داود:٢٨٧٢).   8- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-  قال: لما أنزل الله عز وجل (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بًالتي هي أحسن) و(إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) الآية انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه فجعل يفضل من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد فاشتد ذلك عليهم فذكروا ذلك لرسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله -عز وجل- (ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم) فخلطوا طعامهم بطعامه وشرابهم بشرابه (رواه أبو داود:٢٨٧١، وحسنه الألباني).   9- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: لمّا حُرِّمتِ الخَمرُ قال: إنِّي يومَئذٍ أسقي أحدَ عشرَ رجُلًا قال: فأمَروني فكفَأْتُها وكفَأ النّاسُ آنيتَهم بما فيها حتّى كادت السِّككُ تمتنِعُ مِن ريحِها قال أنسٌ: وما خمرُهم يومَئذٍ إلّا البُسرُ والتَّمرُ مخلوطينِ فجاء رجُلٌ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: إنَّه قد كان عندي مالُ يتيمٍ فاشترَيْتُ به خمرًا أفترى أنْ أبيعَه فأرُدَّ على اليتيمِ مالَه؟ فقال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "قاتَل اللهُ اليهودَ، حُرِّمت عليهم الشُّحومُ فباعوها وأكَلوا أثمانَها" ولم يأذَنْ لي النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في بيعِ الخَمرِ (رواه ابن حبان ٤٩٤٥، وصححه شعيب الأرناؤوط).   10- عن عمارة قال: كان في حَجْرِ عمَّةٍ لي ابنٌ لها يتيمٌ وكان يكسِبُ فكانت تَحرَّجُ أنْ تأكُلَ مِن كَسْبِه فسأَلتْ عن ذلك عائشةَ فقالت: قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أطيبَ ما أكَل الرَّجلُ مِن كَسْبِه وإنَّ ولَدَ الرَّجلِ مِن كَسْبِه"(رواه ابن حبان:٤٢٥٩، وصححه شعيب الأرناؤوط).   11- عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ يَدعونَ اللَّهَ فلا يُستجابُ لَهُم: رجلٌ لَهُ امرأةٌ سيِّئةُ الخلقِ فلم يطلِّقها، ورجلٌ دفعَ مالَ يتيمٍ قبلَ أن يبلغَ، ورجلٌ أقرضَ رجلًا مالًا فلم يُشهِدْهُ"(أخرجه الطبري في تفسيره:٨٥٤٤، والطحاوي في شرح مشكل الآثار:٢٥٣٠، والحاكم:٣١٨١، وأشار أحمد شاكر في مقدمة عمدة التفسير إلى صحته:١-٣٤٢).   12- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كانَتْ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ يَتِيمَةٌ، وَهي أُمُّ أَنَسٍ، فَرَأى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- اليَتِيمَةَ، فَقالَ: "آنْتِ هيهْ؟ لقَدْ كَبِرْتِ، لا كَبِرَ سِنُّكِ" فَرَجَعَتِ اليَتِيمَةُ إلى أُمِّ سُلَيْمٍ تَبْكِي، فَقالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: ما لَكِ؟ يا بُنَيَّةُ قالتِ الجارِيَةُ: دَعا عَلَيَّ نَبِيُّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، أَنْ لا يَكْبَرَ سِنِّي، فالآنَ لا يَكْبَرُ سِنِّي أَبَدًا، أَوْ قالَتْ قَرْنِي فَخَرَجَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مُسْتَعْجِلَةً تَلُوثُ خِمارَها، حتّى لَقِيَتْ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقالَ لَها رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "ما لَكِ يا أُمَّ سُلَيْمٍ" فَقالَتْ: يا نَبِيَّ اللهِ أَدَعَوْتَ على يَتِيمَتي قالَ: "وَما ذاكِ؟ يا أُمَّ سُلَيْمٍ" قالَتْ: زَعَمَتْ أنَّكَ دَعَوْتَ أَنْ لا يَكْبَرَ سِنُّها، وَلا يَكْبَرَ قَرْنُها، قالَ فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ قالَ: "يا أُمَّ سُلَيْمٍ أَما تَعْلَمِينَ أنَّ شَرْطِي على رَبِّي، أَنِّي اشْتَرَطْتُ على رَبِّي فَقُلتُ: إنَّما أَنا بَشَرٌ، أَرْضى كما يَرْضى البَشَرُ، وَأَغْضَبُ كما يَغْضَبُ البَشَرُ، فأيُّما أَحَدٍ دَعَوْتُ عليه، مِن أُمَّتِي، بدَعْوَةٍ ليسَ لَها بأَهْلٍ، أَنْ يَجْعَلَها له طَهُورًا وَزَكاةً، وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بها منه يَومَ القِيامَةِ"(رواه مسلم:٢٦٠٣).   13- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: إنَّ هذا المالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صاحِبُ المُسْلِمِ ما أعْطى منه المِسْكِينَ واليَتِيمَ وابْنَ السَّبِيلِ"(رواه البخاري:١٤٦٥).   14- عَنْ عائِشَةَ -رضي الله عنها- : (وَمَن كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ، ومَن كانَ فقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بالمَعروفِ)[النساء:٦]، قالَتْ: "أُنْزِلَتْ في والِي اليَتِيمِ أنْ يُصِيبَ مِن مالِهِ إذا كانَ مُحْتاجًا بقَدْرِ مالِهِ بالمَعروفِ"(رواه البخاري:٢٧٦٥).   15- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُستَأمرُ اليتيمةُ في نفسِها، فإن سَكَتَتْ، فَهوَ إذنُها، وإن أبَت، فلا جوازَ علَيها"(أخرجه أبو داود:٢٠٩٣، والنسائي:٣٢٧٠، وأحمد:٧٥١٩، وقال الألباني: حسن صحيح)   16- عن زينب امرأة عبدالله بن مسعود -رضي الله عنها-  قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَصَدَّقْنَ، يا مَعْشَرَ النِّساءِ، ولو مِن حُلِيِّكُنَّ" قالَتْ: فَرَجَعْتُ إلى عبدِ اللهِ فَقُلتُ: إنَّكَ رَجُلٌ خَفِيفُ ذاتِ اليَدِ، وإنَّ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قدْ أَمَرَنا بالصَّدَقَةِ، فَأْتِهِ فاسْأَلْهُ، فإنْ كانَ ذلكَ يَجْزِي عَنِّي وإلَّا صَرَفْتُها إلى غيرِكُمْ، قالَتْ: فقالَ لي عبدُ اللهِ: بَلِ ائْتِيهِ أَنْتِ، قالَتْ: فانْطَلَقْتُ، فإذا امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصارِ بِبابِ رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حاجَتي حاجَتُها، قالَتْ: وكانَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قدْ أُلْقِيَتْ عليه المَهابَةُ، قالَتْ: فَخَرَجَ عليْنا بِلالٌ فَقُلْنا له: ائْتِ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فأخْبِرْهُ أنَّ امْرَأَتَينِ بالبابِ تَسْأَلانِكَ: أتُجْزِئُ الصَّدَقَةُ عنْهما، على أزْواجِهِما، وعلى أيْتامٍ في حُجُورِهِما؟ ولا تُخْبِرْهُ مَن نَحْنُ، قالَتْ: فَدَخَلَ بِلالٌ على رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلَهُ، فقالَ له رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن هُما؟" فقالَ: امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصارِ وزَيْنَبُ، فقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أيُّ الزَّيانِبِ؟" قالَ: امْرَأَةُ عبدِ اللهِ، فقالَ له رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لهما أجْرانِ: أجْرُ القَرابَةِ، وأَجْرُ الصَّدَقَةِ"(رواه البخاري:١٤٦٦، ومسلم:١٠٠٠).   17- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: أن أبًا طلحة سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أيتام ورثوا خمرا، قال: أهرقها. قال: أفلا أجعلها خلا؟ قال: لا"(رواه أبو داود:٣٦٧٥، وصححه الألباني).   18- عن نمران بن عتبة الذِّماري قال: دخَلْنا على أمِّ الدَّرداءِ ونحنُ أيتامٌ صِغارٌ فمسَحتْ رؤوسَنا وقالت: أبشِروا يا بَنيَّ فإنِّي أرجو أنْ تكونوا في شفاعةِ أبيكم فإنِّي سمِعْتُ أبا الدَّرداءِ يقولُ: سمِعْتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: "الشَّهيدُ يشفَعُ في سبعينَ مِن أهلِ بيتِه"(رواه ابن حبان في صحيحه:٤٦٦٠، وانظر سنن أبي داود:2522).   19- عن أم الحكم أو ضباعة ابنتا الزبير بن عبدالمطلب -رضي الله عنها-  قالت: أصاب رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- سبيًا، فذهبتُ أنا وأختي وفاطمةُ بنتُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فشكونا إليه ما نحن فيه، وسألناه أن يأمرَ لنا بشيءٍ من السبي، فقال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "سبقَكن يتامى بدرٍ". ثم ذكرَ قصةَ التسبيحِ، قال: "على أثرِ كلِّ صلاةٍ"، لم يذكُرِ النومَ (رواه أبو داود:٥٠٦٦، وصححه الألباني).   20- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلًا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه، قال: "إن أردت أن يلين قلبك، فأطعم المسكين، وامسح برأس اليتيم"(رواه أحمد:7566، وحسنه الألباني في صحيح الجامع:1410).   21- عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتحبُّ أن يلينَ قلبُك، وتُدْرِكَ حاجتَكَ؟ ارحَمِ اليتيمَ، وامسَح رأسَه، وأطْعِمْه من طَعامِك، يَلِنْ قلبُك، وتُدْرِكْ حاجتَكَ"(أخرجه الطبراني كما في "الترغيب والترهيب" ٣-٢٣٧، وصححه الألباني في صحيح الجامع:٨٠).   22- عن زُرارة بن أبي أوفى عن رجلٍ من قومه يُقال له: مالك، أو: ابن مالك، سمع النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: "مَن ضمَّ يتيمًا بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه، وجبت له الجنَّة البتَّة"(أخرجه أحمد:١٩٠٢٥، وقال الألباني في صحيح الترغيب (٢٥٤٣): صحيح لغيره).   23- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: حفِظتُ عن رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يُتْمَ بعدَ احتِلامٍ"(أخرجه أبو داود:٢٨٧٣، وصححه الألباني).   24- عن حنظلة بن حذيم الحنفي رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يتم بعد احتلام ولا يتم على جارية إذا هي حاضت"(أورده الهيثمي في مجمع الزوائد:٤-٢٢٩، وقال: رجاله ثقات، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة:٣١٨٠: إسناده جيد رجاله ثقات).   25- عن جد عمرو بن شعيب رضي الله عنه قال:  أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- خطبَ النّاسَ فقالَ: "ألا مَن وليَ يتيمًا لَه مالٌ فليتَّجرْ فيهِ ولا يترُكْهُ حتّى تأكلَهُ الصَّدقةُ"(رواه الترمذي:٦٤١، وضعفه الألباني) لكنه صح عن عمر -رضي الله عنه- كما سيأتي في الآثار.  

الاثار

1- عن نجدة أنه كتَب إلى ابن عباس يسأله عن خمس خِلال، فكتَب إليه ابن عباس: "كتبتَ تسألني: متى ينقضي يتم اليتيم؟ ولعمري إن الرجل لتنبت لحيته، وإنه لضعيف الأخْذ لنفسه، ضعيف الإعطاء منها، فإن أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس، فقد انقطع عنه اليتم"(رواه مسلم:4787).   2- عَنْ عائِشَةَ -رضي الله عنها-  قالت في قوله -تعالى-: (وَإنْ خِفْتُمْ ألّا تُقْسِطُوا في اليَتامى)[النساء:٣]، قالَتْ: "اليَتِيمَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ وهو ولِيُّها، فَيَتَزَوَّجُها على مالِها، ويُسِيءُ صُحْبَتَها، ولا يَعْدِلُ في مالِها؛ فَلْيَتَزَوَّجْ ما طابَ له مِنَ النِّساءِ سِواها، مَثْنى وثُلاثَ ورُباعَ"(رواه البخاري:٥٠٩٨).   3- عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: "أَدْنِ اليَتيمَ مِنكَ، وأَلطِفْهُ، وامسحْ بِرأسِهِ، وَأطعِمْه مِن طَعامِك؛ فإنَّ ذلكَ يُليِّنُ قلبَكَ، ويُدرِكُ حاجَتَك"(أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق:٦٦١، وأبو نعيم في حلية الأولياء:١-٢١٤، وحسنه الألباني).   4- عن عائشةَ -رضي الله عنها- أنها كانت تُحَلّي بناتِ أخِيْها يتامى في حِجْرها لهن الحُلَيّ فلا تخرجْ منه الزكاةَ (أخرجه الشافعي في المسند:٦٢٦، وصححه النووي في المجموع:٦-٣٣).   5- عن سعيد بن المسيب أن عمرَ بنَ الخطابِ -رضي الله عنه- قال: "ابتَغوا بأموالِ اليتامى لا تأكلُها الصدقةُ"(رواه البيهقي في السنن الكبرى:٦-٢، وصححه).   6- عن شمسية بنت عزيز بن عامر قالت: ذُكِرَ أَدَبُ اليَتِيمِ عندَ عائشةَ -رضي الله عنها-  فقالتْ: "إنِّي لأَضْرِبُ اليَتِيمَ حتى يَنْبَسِطَ"(رواه البخاري الأدب المفرد ١٠٥، وصححه الألباني). يَنْبَسِطَ: أي يعتدل.   7- عن يزيد بن هرمز قال: كَتَبَ نَجْدَةُ بنُ عامِرٍ الحَرُورِيُّ إلى ابْنِ عَبّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنِ اليَتِيمِ..  مَتى يَنْقَطِعُ عنْه اليُتْمُ؟.. فَقالَ لِيَزِيدَ: اكْتُبْ إلَيْهِ؛ فَلَوْلا أَنْ يَقَعَ في أُحْمُوقَةٍ ما كَتَبْتُ إلَيْهِ، اكْتُبْ: إنَّكَ كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ اليَتِيمِ مَتى يَنْقَطِعُ عنْه اسْمُ اليُتْمِ؟ وإنَّه لا يَنْقَطِعُ عنْه اسْمُ اليُتْمِ حتّى يَبْلُغَ وَيُؤْنَسَ منه رُشْدٌ.."(رواه مسلم:١٨١٢).   8- عن نافع مولى ابن عمر قال: "كانَ ابنُ سِيرِينَ أحَبَّ الأشْياءِ إلَيْهِ في مالِ اليَتِيمِ أنْ يَجْتَمِعَ إلَيْهِ نُصَحاؤُهُ وأَوْلِياؤُهُ، فَيَنْظُرُوا الذي هو خَيْرٌ له"(رواه البخاري:٢٧٦٧).   9- عن نافع مولى ابن عمر قال: "كانَ طاوُسٌ إذا سُئِلَ عن شيءٍ مِن أمْرِ اليَتامى قَرَأَ: (واللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ)[البقرة:٢٢٠]"(رواه البخاري:٢٧٦٧).   10- عن نافع مولى ابن عمر قال: قالَ عَطاءٌ في يَتامى الصَّغِيرِ والكَبِيرِ: "يُنْفِقُ الوَلِيُّ على كُلِّ إنْسانٍ بقَدْرِهِ مِن حِصَّتِهِ"(رواه البخاري:٢٧٦٧).   11- عن ابن عباس قال: "المخالطة أن يشرب من لبنك وتشرب من لبنه، ويأكل في قصعتك وتأكل في قصعته، ويأكل من تمرتك وتأكل من تمرته"(الدر المنثور:1-457).  

القصص

1- قال بشر بن غزية: استُشهِد أبي مع النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- في بعض غزواته، فمرَّ بي النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأنا أبكي، فقال لي: "اسكت، أمَا ترضى أن أكون أنا أبوك، وعائشة أمَّك؟"، قلت: بلى، بأبي أنت وأمي يا رسول الله (أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" ٢-٧٨، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (٥٥٩٥)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ١٠/٣٠٠، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة: ٧-٧٥٤).   2- عن أبي بكر بن حفص قال: "أنَّ عبدَ اللهِ بن عمر كان لا يأكلُ طعامًا إلّا وعلى خِوانِهِ يَتِيمٌ"(رواه البخاري في الأدب المفرد:١٠٢، وقال الألباني: صحيح الإسناد).

الاشعار

1- هل من يعين على التجلد ساعة *** فمع الدموع تجلدي قد سال طفل بجوف الليل يبكي عاريا *** نال الضنى من جسمه ما نال ساءلته ما خطبـه فتدفقـت *** منه الدموع فما استطاع مقال فمسحتهـا حتى اطمأن فؤاده *** وأعدت بعدئذ عليه سؤال (خليل مردم بك)   2- قال الشاعر عبدالرحمن العشماوي: أسمى صفاتِكَ أنْ تكون كريما *** وتكونَ بَراً بالعباد رحيما أسمى صفاتِكَ أنْ تكونَ مميَّزاً *** بسداد رأيكَ في الأمور، حكيما تسعى بكَ الدنيا، وأنتَ تقودُها *** بالحقِّ، تُسْعِدُ قلبها المهموما تلقى الخطوبَ وأنتَ أرفَعُ هامةً *** منها، وتأنَف أنْ تعيش ذَميما أسمى صفاتكَ أنْ ترى الدنيا بلا *** غَبَشٍ، وأنْ يبقى الفؤادُ سليما أنْ تجعل التاريخَ يَمْلأُ كأسَه *** وتكونَ أنتَ رحيقَها المختوما ترمي بسهمكَ، لا لِتَقْتُلَ آمناً *** لكنْ لتحرُسَ خائفاً محروما تسعى إلى كَسْبِ العلومِ تقرُّباً *** للهِ، لا ليُقَالَ: صار عليما أسمى صفاتكَ أنْ تحلِّقَ عالياً *** بجناح عدلكَ، تنصر المظلوما يا حاملَ الدُّنيا على كتفِ الرِّضا *** يا من رأيتُكَ للجَفاءِ غَريما يا ساعياً للخير في العصر الذي *** ما زال حَبْلُ وفائه مصروما للخير أغصانٌ تطيب ثمارُها *** فامنحْ جَناها خائفاً وعَديما واحملْ إلى أفيائها الطفلَ الذي *** ما زال في حُفَرِ الشقاء مقيما فلَرُبَّ ماسحِ أَدْمُعٍ من مقلةٍ *** تبكي، رأى فضلاً بهنَّ عَميما انظرْ إلى وجه اليتيمِ، ولا تكنْ *** إلا صديقاً لليتيمِ حميما وارسمْ حروفَ العطف حَوْل جبينهِ *** فالعَطْفُ يمكن أنْ يُرى مرسوما وامسح بكفِّكَ رأسه، سترى على *** كفَّيكَ زَهْراً بالشَّذَا مَفْغُوما ولسوف تُبصر في فؤادكَ واحةً *** للحبِّ، تجعل نَبْضَه تنغيما ولسوف تبصر ألفَ ألفِ خميلةٍ *** تُهديك من زَهْر الحياةِ شَميما ولسوف تُسعدكَ الرياضُ بنشرها *** وتريكَ وجهاً للحنانِ وسيما انظرْ إلى وجه اليتيم وهَبْ له *** عَطْفاً يعيش به الحياةَ كريما وافتحْ له كَنْزَ الحنانِ، فإنما *** يرعى الحنانُ، فؤادَه المكلوما لولا الحنانُ لَمَا رأيتَ سعادةً *** لولا السماءُ لَمَا رأيتَ نجوما لولا الرّياحُ لَمَا رأيتَ لَواقحاً *** لولا البحارُ لَمَا رأيتَ غيوما لولا الغصونُ لما رأيتَ ظِلالَها *** لولا الرعودُ لَمَا سمعتَ هَزيما لولا الربيعُ لما رأيتَ زُهورَه *** تشدو، ولا لامَسْتَ فيه نَسيما يا كافلَ الأيتامِ، كأسُكَ أصبحتْ *** مَلأَى، وصار مزاجُها تسنيما ما اليُتْمُ إلاَّ ساحةٌ مفتوحةٌ *** منها نجهِّز للحياةِ عظيما ونحوِّل الحرمانَ فيها نعمةً *** كُبْرى تُزيل عن الفؤادِ هموما قَسَمَ الإلهُ على العباد حظوظَهم *** فالكلُّ يأخذ حَظَّه المقسوما وسعادةُ الإنسانِ أن يرضى بما *** قَسَمَ الإلهُ، ويُعلنَ التَّسليما قالوا: اليتيمُ، فقلتُ: أَيْتَمُ مَنْ أرى *** مَنْ كان للخلُقِ النَّبيل خَصيما قالوا: اليتيمُ، فقلتُ أَيْتَمُ مَنْ أرى *** مَنْ عاشَ بين الأكرمينَ لَئيما كم رافلٍ في نعمةِ الأبويْن، لم *** يسلكْ طريقاً للهدى معلوما يا كافلَ الأيتام، كفُّكَ واحةٌ *** لا تُنْبِتُ الأشواكَ والزَّقُّوما ما أَنْبَتَتْ إلاَّ الزُّهورَ نديَّةً *** والشِّيحَ والرَّيحانَ والقَيْصُوما أَبْشِرْ فإنَّ الأَرْضَ تُصبح واحةً *** للمحسنين، وتُعلن التكريما أبشرْ بصحبةِ خيرِ مَنْ وَطىءَ الثرى *** في جَنَّةٍ كمُلَتْ رضاً ونَعيما قالوا: اليتيمُ، وأرسلوا زَفَراتهم *** وبكوا كما يبكي الصحيحُ سَقيما قلت: امنحوه مع الحنانِ كرامةً *** فلرُبَّ عَطْفٍ يُوْرِثُ التَّحطيما ولَرُبَّ نَظْرةِ مُشفقٍ بعثتْ أسىً *** في قَلبه، جَعَلَ الشفيقَ مَلُوما قالوا: اليتيمُ، فَمَاج عطرُ قصيدتي *** وتلفَّتتْ كلماتُها تَعظيما وسمعْتُ منها حكمةً أَزليَّةً *** أهدتْ إِليَّ كتابَها المرقوما: حَسْبُ اليتيم سعادةً أنَّ الذي *** نشرَ الهُدَى في الناسِ عاشَ يَتيما (موقع: adab.com)   3- قال الشاعر حامد زيد: بلغت بحزني أعالي القمم *** واخجلت بالصبر كل الهمم يحاصرني الخوف من كل صوب *** ويعزفني الفقر أشجى نغم يتيم فهل أدركوا من أكون *** وكيف تجرعت كأس المنون إذا ضحك الناس أبكي دماً *** ألملم جرحي وهم يضحكون جريح وذنبي لعمري أليم *** فذنبي أني غريب يتيم فيا أمي أينك هل تسمعين *** نحيب جراحي بصوت السنين واعلم أنك لا تسمعين *** فقد أخرس الصوت فيك الحنين رحلتي وطفلك بين العذاب *** كحمل تمزق بين الذئاب يصيح ويشحذ عطف الوحوش *** ولكن إحساسهم في غياب جريح وذنبي لعمري أليم *** فذنبي أني غريب يتيم فيا أمي أحسبهم ينصفون *** يتيماً ولكنهم غافلون فيا أمي لم يندمنهم جبين *** فواعجباً أنهم مسلمون إذا أقبل الليل زاد العناء *** وإن زارني الصبح ذقت الشقاء تمنيت ألعب مثل الصغار *** وألبس ثوب المنى والهناء جريح وذنبي لعمري أليم *** فذنبي أني غريب يتيم أبي كان صدرك كل الأمان *** فغبت وخلفت غدر الزمان تركت صغيرك للعابثين *** يقاسي مع الجوع مُر الهوان أرى صبية يجهلون الضياع *** ولم يدخلوا في سجون الصراع فأضحك حزناً على حالتي *** ألست صغيراً يهاب النزاع جريح وذنبي لعمري أليم *** فذنبي أني غريب يتيم أبي رحم الله عهد الجدود *** مآثرهم مالها من حدود يفيضون بذلاً بوجه اليتيم *** فما من هروب وما من صدود صرخت لقومي فخروا نيام *** فلم يستجيبوا لطفل الخيام صغيرٌ نما الموت في ناظريه *** فأسكنه الفقر كهف الظلام جريح وذنبي لعمري أليم *** فذنبي أني غريب يتيم فيا ويحهم إن رفعت الدعاء *** الى خالق الكون رب السماء فيا رب جئت وقلبي كسير *** أكاد من الرعب ألا أسير لقد ظلموني فأنت المغيث *** وأنت المعين وأنت النصير جريح وذنبي لعمري أليم *** فذنبي أني غريب يتيم   4- قال حسب الله مهدي فضله: قَالَ الصَّغِيرُ وَدَمْعُهُ مِدْرَارُ *** أُمَّاهُ أَشْعُرُ أَنَّنِي أَنْهَارُ أُمَّاهُ، هَذَا الْجُوعُ مَزَّقَ بَاطِنِي *** وَسَرَتْ بِأَحْشَائِي وَقَلْبِي النَّارُ الْمَاءُ أَشْرَبُهُ لَيُبْرِدَ غُلَّتِي *** فَكَأَنَّمَا تَبْرِيدُهُ إِسْعَارُ لِي لَيْلَتَانِ أَلُوكُ بَعْضَ "بَلِيلَةٍ" *** قَدْ خَالَطَتْ حَبَّاتِهَا الْأَحْجَارُ لاَ طَعْمَ فِيهَا، غَيْرَ أَنَّ لِرِيحِهَا ***  نَتْنًا وَشَابَ مَذَاقَهَا إِمْرَارُ رِجْلاَيَ خَانَتْنِي فَلَيْسَ تُقِلُّنِي *** فَبَقِيتُ مَأْسُورًا وَلاَ أَسْوَارُ هَا هُمْ رِفَاقِي فِي الطَّرِيقِ تَوَاثَبُوا *** فِي خِفَّةٍ فَكَأنَّهُمْ أَطْيَارُ لِلْعِيدِ قَدْ لَبِسُوا الْجَدِيدَ وَهَلَّلُوا *** بِثِيَابِهِمْ تَتَلأْلأُ الْأَنْوَارُ وَحْدِي بَقِيتُ أَنَا أُجَرَّعُ غُصَّةً *** فِي غُصَّةٍ وَبِعَيْنِيَ اسْتِعْبَارُ أُمَّاهُ أَيْنَ أَبِي؟ فَمَا حَلَّتْ بِنَا *** إِذْ كَانَ يَعْمُرُ بَيْتَنَا أَضْرَارُ أُمَّاهُ أَيْنَ أَبِي؟ فَمَا عَادَتْ لَنَا *** مُذْ غَابَ مَنْزِلَةٌ وَلاَ إِكْبَارُ أُمَّاهُ أَيْنَ أَبِي؟ وَأَيْنَ حَنَانُهُ؟ *** قَدْ كَانَ نَهْرًا دُونَهُ الْأَنْهَارُ لاَ زِلْتُ أَذْكُرُ كَمْ حَبَوْتُ لِحِجْرِهِ *** فَتَلَقَّفَتْنِ يَدَاهُ وَالْأَبْصَارُ لاَ زِلْتُ أَذْكُرُ كَيْفَ أَضْحَى مَرْكِبًا *** لِي صَدْرُهُ وَبِوَجْهِهِ اسْتِبْشَارُ كَمْ دَغْدَغَتْ خَدِّي يَدَاهُ وَمِلْؤُهَا  *** حُبٌّ وَعَطْفٌ غَامِرٌ فَوَّارُ! وَكَأَنَّ فِي رَأْسِي نُعُومَةَ كَفِّهِ *** لَمْ تَمْحُهَا الْأَيَّامُ وَالْأَعْصَارُ أُمَّاهُ قُولِي أَيْنَ سَارَ فَإِنَّنِي *** مَاضٍ إِلَيْهِ فَقَدْ جَفَتْنِي الدَّارُ فَتَلَجْلَجَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ وَأَجْهَشَتْ *** تَبْكِي وَتَنْشِجُ هَاجَهَا التَّذْكَارُ ضَمَّتْهُ لِلصَّدْرِ الضَّعِيفِ وَقَلْبُهَا *** فِي لَوْعَةٍ وَدُمُوعُهَا أَنْهَارُ قَالَتْ تُهَدِّئُهُ وَفِيهَا حَاجَةٌ *** لِمُهَدِّئٍ لَوْ أَنَّهَا تَخْتَارُ يَا ابْنِي أَبُوكَ مَعَ النُّجُومِ مُحَلِّقٌ *** يَرْنُو إِلَيْكَ وَكُلُّهُ أَنْظَارُ فِي الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ يَسْكُنُ مَنْزِلاً  *** تَشْدُو بِهِ وَتُرَفْرِفُ الْأَطْيَارُ مُخْضَرَّةٌ أَشْجَارُهُ دَفَّاقَةٌ *** أَنْهَارُهُ، سُكَّانُهُ أَطْهَارُ لاَ الْغِلُّ يَنْفُثُ فِي الْقُلُوبِ سُمُومَهُ *** لاَ فِي الْيَدَيْنِ يُعَشِّشُ الْإِقْتَارُ فَاصْبِرْ تَعَلَّلْ بِالرَّحِيلِ فَمَا لَنَا *** فِي الْأَرْضِ تَوْطِينٌ وَلاَ اسْتِقْرَارُ عَمَّا قَرِيبٍ نَلْتَقِي بِأَبِيكَ فِي *** أُفْقٍ بَهِيجٍ كُلُّهُ أَنْوَارُ كَيْفَ الْبَقَاءُ بِعَالَمٍ قَدْ حُجِّرَتْ *** فِيهِ الْقُلُوبُ وَضَلَّتِ الْأَبْصَارُ فِي الْأَغْنِياءِ تُخُومَةٌ وَالْجُوعُ فِي الْ *** أَيْتَامِ فِي أَحْشَائِهِمْ نَخَّارُ هَلْ نَجْتَدِي أَمْ نَكْتَوِي بِجَرِيمَةٍ؟  *** كَلاَّ فَمِنْ ذَا تَأْنَفُ الْأَحْرَارُ لِلَّهِ نَشْكُو مَا نُعَانِي إِنَّهُ *** بَرٌّ رَحِيمٌ فَضْلُهُ مِدْرَارُ مَا ذَا سَمِعْتُ ابْنِي كَأَنَّ بِبَابِنَا *** طَرْقًا نَعَمْ فَلْيَدْخُلِ الزُّوَّارُ مَا كَانَ هَذَا الطَّارِقُ الْآتِي سِوَى *** وَفْدٍ بِهِ قَدْ أَرْسَلَ الْأَخْيَارُ زَفَّ السَّلاَمَ وَبَثَّ فِي طَيَّاتِهِ *** بُشْرَى بِأَنْ قَدْ زَالَتِ الْأَكْدَارُ إِنِّي رَسُولُ "الْمَجْلِسِ الْأَعْلَى" الَّذِي *** مِنْ عِنْدِهِ سَتَسُرُّكُمْ أَخْبَارُ إِنْ كَانَ عَائِلُكُمْ قَضَى نَحْبًا فَفِي *** ذَا الْمَجْلِسِ الْأَعْلَى لَكُمْ أَنْصَارُ مَا زَالَ يُنْمِي لِلْكِرَامِ شُجُونَكُمْ *** حَتَّى اسْتَجَابَتْ فِتْيَةٌ أَبْرَارُ مِنْ فَاعِلِي خَيْرٍ وَإِحْسَانٍ فَهُمْ *** قَوْمٌ عَلَى دَرْبِ الْهُدَى قَدْ سَارُوا مِنْ آسِيَا يَسْقُونَ فِي إِفْرِيقِيَا *** قَوْمًا ظِمَاءً نَالَهُمْ إِعْسَارُ مَدُّوا عَلَى هَذَا الْيَتِيمِ ظِلاَلَهُمْ *** مِنْ بِرِّهِمْ يَأْتِي لَهُ مِقْدَارُ فَتَرَقْرَقَتْ عَيْنُ الصَّبِيِّ، وَأُمُّهُ *** شَدَّتْ بِأَصْلِ لِسَانِهَا الْأَوْتَارُ ثُمَّ الْتَقَتْ عَيْنَاهُمَا فِي لَمْحَةٍ *** عَجْلَى وَلَكِنْ دُونَهَا الْأَدْهَارُ مَدَّا بِطَرْفٍ لِلسَّمَاءِ وَتَمْتَمَا *** فِي دَعْوَةٍ مَا دُونَهَا أَسْتَارُ رَبَّاهُ عَفْوًا إِنْ أَسَأْنَا الظَّنَّ فِي *** كُلِّ الْوَرَى فَلْيَمْحُ ذَا اسْتِغْفَارُ لَمْ نَدْرِ أَنَّ الْخَيْرَ فِي هَذِي الدُّنَا  *** بَاقٍ، وَلَمْ يَعْصِفْ بِهِ إِعْصَارُ رَبَّاهُ فَاجْزِ الْمُحْسِنِينَ بِجَنَّةٍ *** غَرَّاءَ جَاءَ بِوَصْفِهَا الْمُخْتَارُ (كفالة اليتيم - قصيدة: موقع الألوكة)   5- قال حافظ إبراهيم: أَيُّهَا الْمُثْرِي أَلاَ تَكْفُلُ مَنْ *** بَاتَ مَحْرُومًا يَتِيمًا مُعْسِرَا أَنْتَ مَا يُدْرِيكَ لَوْ رَاعَيْتَهُ *** رُبَّمَا رَاعَيْتَ بَدْرًا نَيِّرَا رُبَّمَا أَيْقَظْتَ سَعْدًا ثَابِتًا *** يُحْسِنُ الْقَوْلَ وَيَرْقَى الْمِنْبَرَا رُبَّمَا أَيْقَظْتَ مِنْهُمْ خَالِدًا *** يَدْخُلُ الْغِيلَ عَلَى أُسْدِ الشَّرَى كَمْ طَوَى الْبُؤْسُ نُفُوسًا لَوْ رَعَتْ *** مَنْبَتًا خِصْبًا لَصَارَتْ جَوْهَرًا كَمْ قَضَى الْيُتْمُ عَلَى مَوْهِبَةٍ *** فَتَوَارَتْ تَحْتَ أَطْبَاقِ الثَّرَى إِنَّمَا تُحْمَدُ عُقْبَى أَمْرِهِ *** مَنْ لِأُخْرَاهُ بِدُنْيَاهُ اشْتَرَى   6- قال أحمد شوقي: ليس اليتيم من انتهى أبواه من *** هم الحياة وخلفاه ذليلا إن اليتيم هو الذي تلقى له *** أما تخلت أو أبا مشغولا (ديوان أحمد شوقي)  

متفرقات

1- قال شيخ الإسلام بن تيمية في مجموع الفتاوى " اليتيم في الآدميين من فقد أباه؛ لأن أباه هو الذي يهذبه؛ ويرزقه؛ وينصره: بموجب الطبع المخلوق؛ ولهذا كان تابعا في الدين لوالده؛ وكان نفقته عليه وحضانته عليه والإنفاق هو الرزق. و" الحضانة " هي النصر؛ لأنها الإيواء ودفع الأذى. فإذا عدم أبوه طمعت النفوس فيه؛ لأن الإنسان ظلوم جهول والمظلوم عاجز ضعيف فتقوى جهة الفساد من جهة قوة المقتضى ومن جهة ضعف المانع ويتولد عنه فسادان: ضرر اليتيم؛ الذي لا دافع عنه ولا يحسن إليه وفجور الآدمي الذي لا وازع له. فلهذا أعظم الله أمر اليتامى في كتابه في آيات كثيرة مثل قوله: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ)[البقرة: 83] وقوله: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ..) - إلى قوله (وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ)[البقرة: 177] وقوله: (قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ)[البقرة: 215]" (مجموع الفتاوى:34-68).   2- قال الررازي في تفسير قوله -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى) قال: "اليتيم كالتالي لرعاية حقوق الأقارب وذلك لأنه لصغره لا ينتفع به وليتمه وخلوه عمن يقوم به يحتاج إلى من ينفعه، والإنسان قلما يرغب في صحبة مثل هذا، وإذا كان هذا التكليف شاقا على النفس لا جرم كانت درجته عظيمة في الدين"(مفاتيح الغيب).   3- قال الإمام النووي: "وفي هذا دليلٌ للشافعي ومالك وجماهير العلماء أنَّ حكم اليتم لا ينقَطِع بمجرَّد البلوغ، ولا بعلوِّ السن، بل لا بُدَّ أن يظهر منه الرشد في دينه وماله، وقال أبو حنيفة: إذا بلغ خمسًا وعشرين سنة، زال عنه وصار رشيدًا يتصرَّف في ماله"(شرح صحيح مسلم:12-191).   4- قال الزمخشري: "وحقُّ هذا الاسم اليتم أن يقع على الصِّغار والكِبار؛ لبَقاء معنى الانفِراد عن الآباء، إلا أنَّه قد غلب أن يسموا به قبل أن يبلُغوا مبلغ الرِّجال، فإذا استغنوا بأنفسهم عن كافِل وقائم عليهم، وانتَصَبوا كفاة يكفلون غيرهم ويقومون عليهم، زال عنهم هذا الاسم... وأمَّا قوله - عليه الصلاة السلام -: "لا يتم بعد الحلم"، فما هو إلا تعليمٌ، شريعةً لا لغةً؛ يعني: أنه إذا احتلم لم تجرِ عليه أحكام الصِّغار"(الكشاف:1-371).   5- يقول الأستاذ الدكتور سعود بن عبدالله الفنيسان: "كفالة اليتيم المرتَّب لها هذا الأجر العظيم غير البالغ، باعتِبار الحقيقة اللغوية، واليتيم البالغ إذا لم يكن له مال يكفيه، ولا ولي يقوم برعايته، فهما حينئذٍ يستحقَّان الكفالة لفقرهما حقيقةً، أو ليتمهما مجازًا، باعتبار ما كانوا عليه قبل بُلُوغهم؛ ولهذا فإنِّي أرى أن تحرص جمعيات كفالة الأيتام على اليتيم الصغير الذي لم يبلغ، أو البالغ الفقير، ومتى ما وجَدَا ما يكفيهما من مال أو صنعة تدرُّ عليهما، فلتُقطَع عنهما الكفالة، وتُصرَف إلى يتيمٍ آخر أحوج منهما"(الفتاوى، موقع الإسلام اليوم).   6- جاء في أجوبة اللجنة الدائمة للإفتاء: "مجهولو النَّسَب في حكم اليتيم؛ لفقْدهم لوالديهم، بل هم أشد حاجةً للعناية والرعاية من معروفي النسب؛ لعدم معرفة قريبٍ لهم يلجؤون إليه عند الضرورة؛ وعلى ذلك فإنَّ مَن يكفل طفلاً من مجهولي النسب، فإنه يدخل في الأجْر المترتِّب على كفالة اليتيم؛ لعموم قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "أنا وكافِل اليتيم في الجنة هكذا"، وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما شيئًا"(اللجنة الدائمة للإفتاء: برقم: 20711، بتاريخ: 24/ 12/ 1419هـ).   7- جاء في أجوبة اللجنة الدائمة للإفتاء: "من أبواب الإحسان في شريعة الإسلام حضانةُ اللقيط المجهول النسب، والإحسانُ إليه في كفالته، وتربيته تربية إسلامية صالحة، وتعليمه فرائض الدين، وآداب الشرع وأحكامه، وفي هذا أجرٌ عظيم وثوابٌ جزيل، ويدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم؛ لعموم قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا""(اللجنة الدائمة للإفتاء: برقم 21145، بتاريخ: 22/ 10/ 1420هـ).   8- قال صديق حسن خان في تفسير قوله -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى) قال: "وتجب رعاية حقوق اليتيم لثلاثة أمور لصغره ويتمه ولخلوه عمن يقوم بمصلحته إذ لا يقدر هو أن ينتفع بنفسه ولا يقوم بحوائجه"(فتح البيان).   9- قال الرازي في تفسير قوله -تعالى-: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ)[البقرة:215] قال: "إن الله -تعالى- ذكر بعد الأقربين اليتامى؛ وذلك لأنهم لصغرهم لا يقدرون على الاكتساب ولكونهم يتامى ليس لهم أحد يكتسب لهم، فالطفل الذي مات أبوه قد عدم الكسب والكاسب، وأشرف على الضياع. ثم ذكر -تعالى- بعدهم المساكين، وحاجة هؤلاء أقل من حاجة اليتامى؛ لأن قدرتهم على التحصيل أكثر من قدرة اليتامى(مفاتيح الغيب).   10- قال الشيخ ابن عثيمين في تفسير قوله -تعالى-: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ)[البقرة:215]: "أوصى الله به في كثير من الآيات جبرًا لما حصل له من الانكسار بموت الوالد مع صغره؛ ولهذا إذا بلغ استقل بنفسه فلم يكن يتيمًا"(تفسير القرآن الكريم).   11- قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله عند قوله -تعالى-: (وَيَسْألُونَكَ عَنِ اليَتَامَى قُلْ إصْلاَحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإخْوَانُكُمْ) قال: "لما نزل قوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) شق ذلك على المسلمين، وعزلوا طعامهم عن طعام اليتامى؛ خوفا على أنفسهم من تناولها، ولو في هذه الحالة التي جرت العادة بالمشاركة فيها، وسألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فأخبرهم -تعالى- أن المقصود، إصلاح أموال اليتامى، بحفظها وصيانتها، والاتجار فيها وأن خلطتهم إياهم في طعام أو غيره جائز على وجه لا يضر باليتامى، لأنهم إخوانكم، ومن شأن الأخ مخالطة أخيه، والمرجع في ذلك إلى النية والعمل، فمن علم الله من نيته أنه مصلح لليتيم، وليس له طمع في ماله، فلو دخل عليه شيء من غير قصد لم يكن عليه بأس، ومن علم الله من نيته، أن قصده بالمخالطة، التوصل إلى أكلها وتناولها، فذلك الذي حرج وأثم، والوسائل لها أحكام المقاصد"(تيسير الكريم الرحمن).   12- قال الحافظ ابن حجر: "قال شيخنا في "شرح الترمذي": لعلَّ الحكمة في كوْن كافِل اليتيم شُبِّهت منزلته في الجنة بالقرْب من النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لكون النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - شأنه أن يُبعَث إلى قومٍ لا يَعقِلون أمر دينهم، فيكون كافلاً لهم، ومعلِّمًا ومرشِدًا، وكذلك كافِل اليتيم، يقوم بكفالة مَن لا يعقل أمر دينه، بل ولا دنياه، ويرشده ويعلمه، ويُحسِن أدبه، فظهرت مناسبة ذلك"(فتح الباري:2-587).   13- قال الملا علي القاري في شرحه لحديث: "إن أردت أن يلين قلبك، فأطعم المسكين" قال: "أي: قساوته، وشدته، وقلة رقته، وعدم ألفته، ورحمته، قال: امسح رأس اليتيم، لتتذكر الموت، فيغتنم الحياة، فإنَّ القسوة منشؤها الغفلة، وأطعم المسكين لترى آثار نعمة الله عليك حيث أغناك، وأحوج إليك سواك، فيرق قلبك، ويزول قسوته، ولعل وجه تخصيصهما بالذكر أنَّ الرحمة على الصغير والكبير موجبة لرحمة الله تعالى على عبده، المتخلق ببعض صفاته، فينزل عليه الرحمة، ويرتفع عنه القسوة، وحاصله أنَّه لا بد من ارتكاب أسباب تحصيل الأخلاق بالمعالجة العلمية، أو بالعملية، أو بالمعجون المركب منهما"(مرقاة المفاتيح:8-3130).   14- قال ابن رسلان: "إذا بلغ اليتيم أو اليتيمة زمن البلوغ الذي يحتَلِم غالب الناس، زال عنهما اسم اليتيم حقيقةً، وجرى عليهما حكم البالغين، سواء احتَلَما أو لم يحتلِمَا"(عون المعبود:8-54).   15- قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا)[آلعمران:37] قال: "أي: جعَلَه كافِلاً لها، قال ابن إسحاق: وما ذلك إلا أنها كانت يتيمة"، ثم قال –أي: ابن كثير-: "وإنما قدَّر الله كون زكريا كفلها لسعادتها؛ لتقتَبِس منه علمًا جَمًّا نافِعًا، وعملاً صالحًا... ولأنه كان زوج خالتها - على ما ذكَرَه ابن إسحاق وابن جرير وغيرهما - وقيل: زوج أختها -كما ورد في الصحيح-: "فإذا بِيحيى وعِيسَى، وهُمَا ابنَا الخالَة"(تفسير ابن كثير).   16- قال ابن كثير عند قوله تعالى: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) قال: "كما تحبُّ أن تعامَل ذريتَك من بعدك، فعامِل الناس في ذرياتهم إذا وليتهم"(تفسير ابن كثير).   17- قال النووي: "وهذه الفضيلة –أي كفالة اليتيم- تحصل لِمَن كفل اليتيم من مال نفسه، أو مال اليتيم بولاية شرعية"(شرح مسلم: 18-113).   18- قال الإمام أحمد: "اليتيم يؤدب ويضرب ضربا خفيفا"(الآداب الشرعية:2/80-81).   19- قال ابن حجر رحمه الله: "كافل اليتيم: أي القيّم بأمره ومصالحه"(فتح الباري:10- 451).   20- قال الشيخ الشعراوي رحمه الله: "حين ترى مكانة اليتيم، وكيف يرعاه المجتمع وينهض به يطمئن قلبك إنْ فاجأك الموت وأولادك صغار، هذه مناعات يجعلها الإسلام في المجتمع: مناعة في نفس اليتيم، ومناعة فيمَنْ يرعاه ويكفله"(تفسير الشعراوي).   21- قال ابن بطال عند حديث "أنا وكافل اليتيم في الجنة" قال: "حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك"(فتح الباري:10-365).   22- قال الإمام النووي -رحمه الله- في شرح صحيح مسلم: "كافل اليتيم القائم بأموره من نفقه وكسوة وتأديب وتربية وغير ذلك، وهذه الفضيلة تحصل لمن كفله من مال نفسه أو من مال اليتيم بولاية شرعية"(شرح مسلم:10-88).   23- قال الإمام المناوي -رحمه الله تعالى-: "أنا وكافل اليتيم" أي القائم بأمره ومصالحه هبه من مال نفسه أو من مال اليتيم كان ذا قرابة أم لا "في الجنة هكذا" وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما أي أن الكافل في الجنة مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أن درجته لا تبلغ بل تقارب درجته وفي الإشارة إشارة إلى أن بين درجته والكافل قدر تفاوت ما بين المشار به ويحتمل أن المراد قرب المنزلة حال دخول الجنة أو المراد في سرعة الدخول وذلك لما فيه من حسن الخلافة للأبوين ورحمة الصغير وذلك مقصود عظيم في الشريعة ومناسبة التشبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم شأنه أن يبعث لقوم لا يعقلون أمر دينهم فيكون كافلا ومرشدا لهم ومعلما وكافل اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل فيرشده ويعقله وهذا تنويه عظيم بفضل قبول وصية من يوصى إليه ومحل كراهة الدخول في الوصايا أن يخاف تهمة أو ضعفا عن القيام بحقها" (فيض القدير:3/59-60).   24- قال العلامة المناوي في شرح حديث: " ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: "رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق.. الحديث" قال: "ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: "رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها"، فإذا دعا عليها لا يستجيب له، لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها، وهو في سعة من فراقها. "ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه"، فأنكره، فإذا دعا لا يستجيب له، لأنه المفرط المقصر بعدم امتثال قوله -تعالى-: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ)[البقرة:282]. "ورجل أعطى سفيهاً"؛ أي: محجوراً عليه بسفهٍ "ماله" أي شيئاً من ماله، مع علمه بالحجر عليه، فإذا دعا عليه لا يستجاب له، لأنه المضيع لماله فلا عذر له، وقد قال -تعالى-: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ)[النساء:5]"(فيض القدير:3/441-442).  

الإحالات

1- اليتيم؛ د. عبد الحميد بن عبد الرحمن السحيباني.   2- أحكام اليتيم في الإسلام؛ لأيمن إبراهيم ملص.   3- اليتيم ومعاملته في القرآن الكريم؛ لشرعاء بنت سعيد القحطاني.   4- أحكام اليتيم المالية في الشريعة الإسلامية وتطبيقاتها في المحاكم الشرعية؛ للشيخ أيمن خميس حماد.   5- حقوق اليتامى كما جاءت في سورة النساء؛ أ. د. سليمان اللاحم.   6- أحكام اللقيط في الشريعة الإسلامية؛ لعبد الكريم زيدان.   7- الرعاية الاجتماعية لليتامى في الإسلام؛ لمحمد عزمي صالح.   8- رعاية اليتيم في الإسلام؛ لحنان قرقوتي.