وصية بالنساء

2022-10-05 - 1444/03/09

التعريف

الوصية لغة:

أصل الوصية من الوصل، قال ابن فارس: «الواو والصاد والياء أصل يدل على وصل شيء بشيء، ووصيت الشيء وصلته» [مقاييس اللغة (ص: 1055) ] . وقال الزمخشري: «وصى الشيء بالشيء: وصله به، وأوصيت إلى زيدٍ لعمرو بكذا، ووصَّيت، وهذا وصييّ، وهم أوصيائي، وهذه وصيتي ووصاتي، وقبل الوصي وصايته» [أساس البلاغة للزمخشري (ص: 501) ] .

وأوصيت إليه إذا جعلته وصيّاً [مختار الصحاح، لأبي بكر الرازي، مادة "وصى"، والصحاح (6/ 2525)، والمحكم (8/ 394 - 395)، ولسان العرب، لابن منظور (15/ 394)، والقاموس المحيط للفيروز آبادي (ص: 1731) ] .

ويقال (وصيّة) بالتشديد، و (وصاة) بالتخفيف بغير همز. الِنُّسْوَةُ ، بالكسر والضَّمِّ ، والنِّساءُ والنِّسْوانُ والنِّسَونَ ، بكَسْرهنَّ ) ، الأرْبَعةُ الأولى ذَكَرهنَّ الجَوْهرِي ، والأخيرَةُ عن ابنِ سِيدَه ، وزادَ أيْضاً النُّسْوانُ بضم النونِ : كلُّ ذلكَ ( جُموعُ المرْأَةِ من غيرِ لَفْظِها ) ؛ كالقَوْمِ فِي جَمْعِ المَرْءِ .

وفي الصِّحاح : كما يقالُ خَلِفةٌ ومَخاضٌ وذلكَ وأُولئِكَ .

وفي المُحْكم أَيْضاً : النِّساءُ جَمْعُ نِسْوةٍ إذا كَثرْنَ .

وقال القالِي : النِّساءُ جَمْعُ امرأَةٍ وليسَ لها واحِدٌ مِن لَفْظِها ، وكَذلكَ المَرْأَةُ لا جَمْعَ لها مِن لَفْظِها ؛ ( و ) لذلكَ قالَ سِيْبَوَيْه في ( النِّسْبَةِ ) إلى نِساءٍ : ( نِسْوِيٌّ ) ، فردَّه إلى واحِدَةٍ . ( والنَّسْوَةُ ، بالفتح : التَّرْكُ للعَمَلِ ) ، وهذا أَصْلُه الياء كما يأْتي . ( و ) أيْضاً : ( الجُرْعَةُ من اللَّبَنِ ) ؛ عن ابنِ الأعْرابي ، وكأنَّها لَغَةُ في المَهْموزِ [تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني ، أبو الفيض ، الملقّب بمرتضى ، الزَّبيدي تحقيق مجموعة من المحققين الناشر دار الهداية (40/68) ] .

العناصر

1- مكانة المرأة في الإسلام .

 

 

2- تنظيم الإسلام للعلاقات الأسرية .

 

 

3- حقوق الزوجة على زوجها .

 

 

4- التحذير من ظلم الزوجات .

 

 

5- مداراة المرأة وعدم التضييق عليها والاعتذار إليها .

 

 

6- صور من ظلم المرأة في القديم والحديث .

 

 

7- صور من تكريم الإسلام للمرأة .

 

 

8- وصية النبي صلى الله عليه وسلم  بالنساء.

 

 

9- هديه صلى الله عليه وسلم في معاملة النساء .

 

الايات

1- قَالَ الله تَعَالَى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف) [النساء:19].
2- قالَ تَعَالَى: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء:129].
3- قال تعالى: (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) [النساء:34].

الاحاديث

1- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْراً؛ فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلعٍ، وَإنَّ أعْوَجَ مَا في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فَإنْ ذَهَبتَ تُقيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإنْ تَرَكْتَهُ، لَمْ يَزَلْ أعْوجَ، فَاسْتَوصُوا بالنِّساءِ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية في الصحيحين: (المَرأةُ كالضِّلَعِ إنْ أقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا، وَإن اسْتَمتَعْتَ بِهَا، اسْتَمتَعْتَ وفِيهَا عوَجٌ).
وفي رواية لمسلم: (إنَّ المَرأةَ خُلِقَت مِنْ ضِلَع، لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَريقة، فإن اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفيهَا عوَجٌ، وإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَها، وَكَسْرُهَا طَلاَقُهَا).
قوله: (عَوَجٌ) هُوَ بفتح العينِ والواوِ.
2- عن عبد الله بن زَمْعَةَ: أنَّهُ سَمِعَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذ انْبَعَثَ أشْقَاهَا) انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزيزٌ، عَارِمٌ مَنيعٌ في رَهْطِهِ)، ثُمَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ، فَوعَظَ فِيهنَّ، فَقَالَ: (يَعْمِدُ أحَدُكُمْ فَيَجْلِدُ امْرَأتَهُ جَلْدَ العَبْدِ فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَومِهِ) ثُمَّ وَعَظَهُمْ في ضَحِكِهمْ مِنَ الضَّرْطَةِ، وَقالَ: (لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ؟! مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
(وَالعَارِمُ) بالعين المهملة والراء: هُوَ الشِّرِّيرُ المفسِدُ، وقوله: (انْبَعَثَ)، أيْ: قَامَ بسرعة.
3- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ)، أَوْ قَالَ: (غَيْرَهُ) رواه مسلم.
وقولُهُ: (يَفْرَكْ) هُوَ بفتح الياءِ وإسكان الفاء وفتح الراءِ معناه: يُبْغِضُ، يقالُ: فَرِكَتِ المَرأةُ زَوْجَهَا، وَفَرِكَهَا زَوْجُهَا، بكسر الراء يفْرَكُهَا بفتحها: أيْ أبْغَضَهَا، والله أعلم.
4- عن عمرو بن الأحوصِ الجُشَمي رضي الله عنه: أنَّهُ سَمِعَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوَدَاعِ يَقُولُ بَعْدَ أنْ حَمِدَ الله تَعَالَى، وَأثْنَى عَلَيهِ وَذَكَّرَ وَوَعظَ، ثُمَّ قَالَ: (ألا وَاسْتَوصُوا بالنِّساءِ خَيْراً، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئاً غَيْرَ ذلِكَ إلاَّ أنْ يَأتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ في المَضَاجِع، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرباً غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فإنْ أطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيهنَّ سَبيلاً؛ ألاَ إنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقّاً، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقّاً؛ فَحَقُّكُمْ عَلَيهِنَّ أنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلا يَأْذَنَّ في بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ؛ ألاَ وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ في كِسْوَتِهنَّ وَطَعَامِهنَّ) رواه الترمذي، وَقالَ: حديث حسن صحيح.
قوله صلى الله عليه وسلم: (عَوان) أيْ: أسِيرَاتٌ جَمْع عَانِيَة، بالعَيْنِ المُهْمَلَةِ، وَهِيَ الأسِيرَةُ، والعاني: الأسير. شَبَّهَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المرأةَ في دخولِها تَحْتَ حُكْمِ الزَّوْجِ بالأَسيرِ (وَالضَّرْبُ المبَرِّحُ): هُوَ الشَّاقُ الشَّدِيد وقوله صلى الله عليه وسلم: (فَلاَ تَبْغُوا عَلَيهنَّ سَبِيلاً) أيْ: لاَ تَطْلُبُوا طَريقاً تَحْتَجُّونَ بِهِ عَلَيهِنَّ وَتُؤْذُونَهُنَّ بِهِ، والله أعلم.
5- عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُول الله، مَا حق زَوجَةِ أَحَدِنَا عَلَيهِ؟ قَالَ: (أنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طعِمْتَ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلاَ تَضْرِبِ الوَجْهَ، وَلا تُقَبِّحْ، وَلا تَهْجُرْ إلاَّ في البَيْتِ) حديثٌ حسنٌ رواه أَبُو داود وَقالَ: معنى (لا تُقَبِّحْ) أي: لا تقل: قبحكِ الله.
6- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (أكْمَلُ المُؤمِنِينَ إيمَاناً أحْسَنُهُمْ خُلُقاً، وخِيَارُكُمْ خياركم لِنِسَائِهِمْ) رواه الترمذي، وَقالَ: حديث حسن صحيح.
7- عن إياس بن عبد الله بن أَبي ذباب رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَضْرِبُوا إمَاء الله) فجاء عُمَرُ رضي الله عنه إِلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: ذَئِرْنَ النِّسَاءُ عَلَى أزْوَاجِهِنَّ، فَرَخَّصَ في ضَرْبِهِنَّ، فَأطَافَ بآلِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نِسَاءٌ كَثيرٌ يَشْكُونَ أزْواجَهُنَّ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ أطَافَ بِآلِ بَيتِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كثيرٌ يَشْكُونَ أزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أولَئكَ بخيَارِكُمْ) رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
قوله: (ذَئِرنَ) هُوَ بذَال مُعْجَمَة مفْتوحَة، ثُمَّ هَمْزة مَكْسُورَة، ثُمَّ راءٍ سَاكِنَة، ثُمَّ نُون، أي: اجْتَرَأْنَ، قوله: (أطَافَ) أيْ: أحَاطَ.
8- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيرُ مَتَاعِهَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ) رواه مسلم.

الاثار

1- قال علي بن أبى طالب رضي الله عنه: " عقل المرأة جمالها وجمال الرجل عقله ".
2- سئل أبو حفص عن هذه الآية (وعاشروهن بالمعروف) فقال: " هو حسن الصحبة مع من ساءك ومن كرهت صحبتها " آداب الصحبة لأبي عبد الرحمن السلمي.
3- قَالَ الرسول صلى الله عليه وسلم: (ألا وَاسْتَوصُوا بالنِّساءِ خَيْراً، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئاً غَيْرَ ذلِكَ إلاَّ أنْ يَأتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ).
* قال ابن العربي: " يريد بمعصية ظاهرة لا تحل ولا تجد منها مخرجاً ولا تتبين فيها عذراً، فحينئذٍ يملك الزوج عليها الأدب والهجران في المضجع " عارضة الأحوذي.
4- قَالَ الرسول صلى الله عليه وسلم: (يَعْمِدُ أحَدُكُمْ فَيَجْلِدُ امْرَأتَهُ جَلْدَ العَبْدِ فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَومِهِ) ثُمَّ وَعَظَهُمْ في ضَحِكِهمْ مِنَ الضَّرْطَةِ، وَقالَ: (لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ؟!) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
* قال النووي: " في الحديث النهي عن ضرب النساء لغير ضرورة التأديب، وفيه النهي عن الضحك من الضرطة يسمعها من غيره " شرح صحيح مسلم.

القصص

الاشعار

الدراسات

متفرقات

1- قال الشيخ عائض القرني : صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي أمامة أنه قال: « إن المرأة إذا صلت خمسها، وصامت شهرها، وأطاعت زوجها، دخلت جنة ربها » فإذا عرفت المرأة المسلمة هذه المبادئ وهذه الأمور في هذا الحديث فصلت الخمس الصلوات وأحسنتها ظاهراً وباطناً، وصامت هذا الشهر الفضيل وأطاعت زوجها، جعلها الله عز وجل من وراث الجنة، وانظر ما أحسن الكلام يوم قال لها ثلاث وصايا؛ لأنها كثيرة الحمل والولادة، والحيض، والمشاغل، وتربية الأبناء، والمزاولة في البيت، فلم يذكر لها نوافل، وإنما جعل نوافلها تلك الأعمال، واقتصر على هذه الفرائض. فالذي أنصح به المرأة المسلمة:

 

أولاً: بتقوى الله عز وجل، وهي نصيحة لنا جميعاً.

 

ثانياً: أن تحتسب صيام هذا الشهر على الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وأن تتقرب إليه بما استطاعت من ذكر وعمل صالح وصدقة، وأن تطيع زوجها في رمضان وفي غير رمضان، ليرضى الله سبحانه وتعالى عنها.

 

ثالثاً: أن تسأل عن أمور دينها وتتفقه فيه، فإن لها مسائل خاصة كالحيض والولادة والحمل، لا بد أن تعرفها، فإن الحامل إذا شق عليها الحمل وخافت على نفسها أفطرت وقضت، وإذا خافت على ولدها أفطرت وقضت، ومع القضاء تطعم عن كل يوم مسكيناً. والحائض لا يجوز لها أن تصوم، والصلاة عليها محرمة، ولكنها تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة، والنفساء كذلك تأخذ حكم الحائض، إذا علمت ذلك، فلتعلم ولتتفقه ولتسأل عن كل ما يخصها، فقد سهل الله العلم والعلماء والتفقه في الدين، ولها إن رأت ذلك هو الأصلح لقلبها والأخشى والأخشع أن تحضر صلاة التراويح مع الناس، إذا كانت هناك دروس علمية ومحاضرات، وكان يرق قلبها وتعلم من نفسها أنه أتقى لمولاها، فلتحضر وتصلي مع الناس متسترة لا تتطيب، ولا تلبس ثياب الزينة، ولا تأخذ البخور، وهذه الأعواد والروائح الجميلة بل تتركها؛ لأنها لزوجها في البيت [دروس للشيخ عائض القرني (136/16) ] .

 

2- يقول محمد بن سليمان الحماد: أخواتي المسلمات، لقد خصكن النبي بحديثه في خطبة العيد، وعلى هذا سار من بعده. فيا أخت الإسلام، إليك أنت ومن تكونين أنت؟! أنت الأم الرؤوم والزوجة الحنون والبنت البارّة والأخت الناصحة، أنت البيت والسكن، وأنت الراحة والاستقرار. إليكن تهفو قلوب الأزواج، وبمكركنَّ أسَرتُنّ الألباب، فإن الرجال وإن بَلغوا من القوة والشدة والحنكة والدهاء لا يحتملون طرفَ عينٍ واحدةٍ منكنّ كما قال النبي : «ما رأيت أذهب لذي اللب الحازم من إحداكن» . فاتقين الله في الرجال، واحذرن أن تَفْتِنَّهم، وكنَّ لأزواجكنّ وأولادكن خير معين على طاعة الله، ولقد استغلّ الكفار وأذنابهم من المنافقين والمغرَّر بهم من أبنائنا هذه الجاذبية التي حباك الله إياها فركَّزوا ضرباتهم عليك، يؤزّونك تارة باسم التحرير وتارة باسم استيفاء الحقوق، وهذه ـ والله ـ شعارات يتلمّع بها أولئك الضّلاَّل ليخدعوك، يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا.

وقد ساعدهم في ذلك وأصغى إليهم كثير من بنات جنسك، وأرجو أن لا تكوني واحدة منهنّ، إنهم في الحقيقة يريدون جسمك ليعلبوا به كيف شاؤوا، كما فعلوا بالبنات فيما حولك من الأمصار والدول، يريدون أن يقطّعوا نياط قلبك الغضّ الضعيف بتحمّل المشاقّ، ويريدون أن يُزعجوا روحك بهمِّ المعاش وغمّ الوظائف، ينادون بكشف وجهك وقيادتك للسيارة ولن يقفوا عند هذا الحدّ، وقد صفق معهم أخواتهم من الحمقاوات المسترجلات. والغيورون من المسلمين لم يقفوا ضدّ هذه الدعاوى إلا حماية لك وانتصارًا لك، فأنت إن سقت السيارة مثلاً فسيرفع الرجل عنك يدَه، فانظري إلى حالِك وزوجك مع فاتورة الجوال مثالاً، فستضطرين إلى اكتساب المال لتصرفي على نفسك وعلى سيارتك، ولربما يومًا ستضطرين إلى إصلاحها فسيضطرّ المجتمع إلى إحداث ورش نسائية صيانةً لك، وهكذا دواليك حتى تنقلِب الدنيا رأسًا على عقب. أيتها المسلمة، حجابك حجابَك، لقد أكرمك الله ففرض عليك الحجاب فصرت إن ارتديت الحجاب الشرعي الساتر غير الفاتن محتسبة، فأنت في عبادة حتى تنزعيه، كأنما لهج لسانك بذكر الله أو خرجت صائمة. وهذه الشعيرة فرضها الله لحكمة عظيمة، أنت المستفيدة منها أولاً، وذلك حتى تُعرفي بسترك وعفتك، فلا يتجرأ أحد لخدش كرامتك ولا لإهانتك، قال تعالى: (يا أيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) [الأحزاب:59].

وليكن لك موعظة وعبرة بمن تخلّين عن الحجاب الشرعي وارتدين حجابًا كاذبًا فاتنًا قد تزيّنّ به فصار كالعلامة على ضعف دينهن وحقارتهن فتجرأ عليهن الفسقة من الرجال، فأهانوهن ونهشوا كرامتهن سواء عليهن راضيات أم ساخطات. فاحترمي هذه الشعيرة، وتعبّدي لله بها، والتزمي أمر ربك، (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) .

احرصي أن لا تفتني أحدًا وأن لا تُفتَني تكوني من الفائزات، كما قالت عائشة لما سئلت: ما خير للمرأة؟ قالت: أن لا يراها الرجال ولا تراهم. أخيرًا أوصيكن بكثرة الاستغفار والصدقة، فقد اطّلع رسول الله على النار فرأى أكثر أهلها النساء، فأوصى النساء بالصّدقة وكثرة الاستغفار.

وإليك هذه الوصفة المحمّدية تدلّك على طريق الجنة السهلة، فعن عبد الرحمن بن عوف قال: قال النبي : «إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي من أي أبواب الجنة شئت» .

ولقد اصطفاكن الله بهذا الفضل دون الرجال [موسوعة خطب المنبر موسوعة شاملة للخطب التي تم تفريغها في موقع شبكة المنبر http://www.alminbar.net (1/4983) ] .

التحليلات

الإحالات

1- سنن الدارمي المؤلف : عبدالله بن عبدالرحمن أبو محمد الدارمي الناشر : دار الكتاب العربي – بيروت الطبعة الأولى ، 1407 تحقيق : فواز أحمد زمرلي , خالد السبع العلمي - باب الوصية للنساء (2/517) .

2- نهاية المطلب في دراية المذهب المؤلف: عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني، أبو المعالي، ركن الدين، الملقب بإمام الحرمين (المتوفى: 478هـ) حققه وصنع فهارسه: أ. د/ عبد العظيم محمود الدّيب الناشر: دار المنهاج الطبعة: الأولى، 1428هـ-2007م (11/321) .

3- مدارك النظر في السياسة بين التطبيقات الشّرعية والانفعالات الحَمَاسية تأليف: عبد المالك بن أحمد بن المبارك رمضاني الجزائري قرأه وقرّظه: العلاّمة الشيخ: محمد ناصر الدين الألباني والعلاّمة الشيخ: عبد المحسن بن حمد العبّاد البدر (1/295) .

4- غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني المؤلف: أحمد بن إسماعيل بن عثمان الكوراني، شهاب الدين الشافعيّ ثم الحنفي (المتوفى: 893هـ) من أول سورة النجم إلى آخر سورة الناس دراسة وتحقيق: محمد مصطفي كوكصو (رسالة دكتوراه) الناشر: جامعة صاقريا كلية العلوم الاجتماعية – تركيا عام النشر: 1428 هـ - 2007 م (1/183) .

5- الإلمام بأحاديث الأحكام المؤلف: أبو الفتح تقي الدين محمد بن أبي الحسن على بن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة القشيري المصري دار النشر: دار المعراج الدولية - دار ابن حزم - السعودية - الرياض / لبنان - بيروت - 1423هـ -2002م (1/282) .

6- عشرة النساء للنسائي بتحقيق: علي بن نايف الشحود (1/128) . 7- ندوة الوقف في الشريعة الإسلامية ومجالاته إعداد : فضيلة الدكتور عمر زهير حافظ نماذج وقفية من القرن التاسع الهجري (6/33) .

8- دروس للشيخ عائض القرني المؤلف : عائض بن عبد الله القرني مصدر الكتاب : دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية http://www.islamweb.net (136/16) 

9- موسوعة الخطب والدروس جمعها ورتبها الشيخ علي بن نايف الشحود .

10- موسوعة خطب المنبر موسوعة شاملة للخطب التي تم تفريغها في موقع شبكة المنبر http://www.alminbar.net حتى تاريخ 15/6/2007م، ويبلغ عددها أكثر من 5000 خطبة، معظمها مخرجة الأحاديث، والعديد منها بأحكام الشيخ الألباني - طيب الله ثراه - وهي مفهرسة بعنوان الخطبة واسم الخطيب حتى يسهل الوصول إلى موضوع معين (1/4983) .