نسيان

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

مفهوم النسيان

 

أولًا: المعنى اللغوي:

 

النسيان: من نسي الشيء ينساه نسيًا ونسيانًا: ذهل عنه وغاب الشيء عن ذكره وحفظه من نسيت الشيء نسيانًا أو نسيًا ونسيًا، بكسر النون ضد الذكر والحفظ، بفتح النون رجل نسيان، أي: كثير النسيان للشيء، كما يقال: فلان نسي، أي: كثير النسيان، ويأتي النسيان بمعنى الترك.

 

والنسي: الشيء المنسي الذي لا يذكر، ويقال للشيء الحقير الذي أغفل، وفي قوله تعالى على لسان مريم (وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا)[مريم:٢٣]. أي: شيئًا منسيًّا لا يعرف (انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس:٥-٤٢١، تهذيب اللغة؛ للأزهري:١٣-٧٩، مختار الصحاح؛ للرازي:٢٣٧).

 

والنسي بالفتح يطلق على كثير النسيان أو على الذي لا يعد في القوم لأنه منسيٌّ.

 

والنسي: ما سقط من منازل المرتحلين، من رذال أمتعتهم، فيقولون: تتبعوا أنساءكم (انظر: لسان العرب؛ لابن منظور:١٤-٢٥١، القاموس المحيط، الفيروزآبادي:١٥٤).

 

من خلال أقوال علماء اللغة نستنتج أن النسيان في اللغة يدور على معنيين:

الأول: الترك.

 

الثاني: الغفلة عن الشيء.

 

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

 

قال الراغب الأصفهاني النسيان: "هو ترك الإنسان ضبط ما استودع، إما لضعف قلبه؛ وإما عن غفلة؛ وإما عن قصد حتى ينحذف عن القلب ذكره "(المفردات:٨٠٣).

 

وقال الجرجاني: "الغفلة عن معلوم في غير حالة السنة"(التعريفات:١٦٧).

 

يقول الطاهر بن عاشور: "النسيان هو ذهاب الأمر المعلوم من حافظة الإنسان لضعف الذهن أو الغفلة"(التحرير والتنوير:١-٤٧٥).

 

فتعريف الطاهر ابن عاشور هو أوضح التعريفات وأقربها للمقصود.

العناصر

1- بديع خلق الله للإنسان

 

2- النسيان من طبيعة الإنسان

 

3- نسيان المخلوق لحق الخالق

 

4- المقامات المحمودة المتعقلة بالنسيان والتذكر مع الخالق والخلق

 

5- تنزيه الله عن النسيان وبيان معنى نسيان الله للعبد

الايات

1- قال الله تعالى: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة: 106]

 

2- قال تعالى: (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)[البقرة: 237].

 

3- قال تعالى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى)[البقرة: 282].  

 

4- قال تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)[البقرة: 286].

 

5- قال تعالى: (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[المائدة:68].

 

6- قال تعالى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ)[الأنعام: 44].

 

7- قال تعالى: (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ)[الأعراف:50-51].

 

8- قال تعالى: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)[التوبة:67].

 

9- قال تعالى: (وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ)[يوسف:42].

 

10- قال تعالى: (وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ)[الكهف:24].

 

11- قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا)[الكهف:57].

 

12- قال تعالى: (فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا)[الكهف:61].

 

13- قال تعالى: (قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا)[الكهف:63].

 

14- قال تعالى: (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا)[الكهف:73].

 

15- قال تعالى: (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا)[مريم:23].

 

16- قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا)[مريم:64].

 

17- قال تعالى: (لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى)[طه: 52].

 

18- قال تعالى: (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ)[طه:88].

 

19- قال تعالى: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا)[طه:115].

 

20- قال تعالى: (قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى)[طه:126].

 

21- قال تعالى: (فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ)[السجدة:14].

 

22- قال تعالى: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ)[يس:78].

 

23- قال تعالى: (وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ)[الزمر:8].

 

24- قال تعالى: (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ)[الْجَاثِيَةِ:34].

 

25- قال تعالى: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ)[المجادلة:19].

 

26- قال تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[الحشر:19].

 

27- (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ)[القيامة: 17].

 

28- قال تعالى: (سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَى * إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ)[الأعلى:6-7].

 

 

الاحاديث

1- عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- صَلّى بنا رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- خَمْسًا، فَقُلْنا: يا رَسولَ اللهِ، أزِيدَ في الصَّلاةِ، قالَ: "وما ذاكَ؟" قالوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا، قالَ: إنَّما أنا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أذْكُرُ كما تَذْكُرُونَ وأَنْسى كما تَنْسَوْنَ" ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ (أخرجه البخاري:٤٠٤، ومسلم:٥٧٢).

 

2- عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "بِئْسَما لِلرَّجُلِ أنْ يَقُولَ نَسِيتُ سُورَةَ كَيْتَ وكَيْتَ، أوْ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وكَيْتَ، بَلْ هو نُسِّيَ"(أخرجه البخاري:٥٠٣٢، ومسلم:٧٩٠).

 

3- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّها إِذا ذَكَرَها، لا كَفّارَةَ لَها إِلّا ذلكَ. قالَ قَتادَةُ: وَ (أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (أخرجه البخاري:٥٩٧، ومسلم:٦٨٤). وفي رواية لمسلم: "إِذا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلاةِ، أَوْ غَفَلَ عَنْها، فَلْيُصَلِّها إِذا ذَكَرَها".

 

4- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أن رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن وَلِيَ منكم عملًا، فأراد اللهُ به خيرًا، جعل له وزيرًا صالحًا، إن نَسِيَ ذَكَّرَه، وإن ذَكَر أعانه"(أخرجه النسائي:٤٢٠٤، وصححه الألباني في صحيح الجامع:٦٥٩٦).

 

5- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يَشْرَبَنَّ أحَدٌ مِنكُم قائِمًا، فمَن نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ"(رواه مسلم:٢٠٢٦).

 

6- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذا نَسِيَ فأكَلَ وشَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فإنَّما أطْعَمَهُ اللَّهُ وسَقاهُ."(أخرجه البخاري:١٩٣٣، ومسلم:١١٥٥)

 

7- قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ, وَالنِّسْيَانَ"(رواه ابن ماجه وابن حبان). وفي رواية: "إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ"(صحيح: رواه ابن ماجه).

 

8- عن أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه- أن رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ اللهَ فرَضَ فَرائضَ، فلا تُضَيِّعوها، وحَدَّ حُدودًا فلا تَعتَدوها، وحرَّمَ أشياءَ، فلا تَنتَهِكوها، وسكَتَ عن أشياءَ رَحمةً لكم من غيرِ نِسيانٍ، فلا تَبْحَثوا عنها"(حسنه شعيب الأرنؤوط في تخريج سير أعلام النبلاء:١٧‏-٦٢٥).

 

9- عن عثمان بن أبي العاص الثقفي -رضي الله عنه- قال: استعملَني رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وأنا أصغرُ الستَّةِ الذين وفدُوا عليه من ثقيفٍ وذلك أني كنتُ قرأتُ سورةَ البقرةِ فقلتُ: يا رسولَ اللهِ إنَّ القرآنَ ينفلتُ منِّي فوضع يدَه على صدري وقال: "يا شيطانُ اخرُجْ من صدرِ عثمانَ فما نسيتُ شيئًا أريدُ حفظَه"(أخرجه البيهقي في دلائل النبوة:٥-٣٠٨، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة:٦‏-١٠٠٠: إسناده صحيح).

 

10- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لمّا خلقَ اللَّهُ آدمَ مسحَ ظَهرَه فسقطَ من ظَهرِه كلُّ نسمةٍ هوَ خالقُها من ذرِّيَّتِه إلى يومِ القيامةِ وجعلَ بينَ عيني كلِّ إنسانٍ منهم وبيصًا من نورٍ ثمَّ عرضَهم على آدمَ فقالَ أي ربِّ من هؤلاءِ قالَ هؤلاءِ ذرِّيَّتُك فرأى رجلًا منهم فأعجبَه وبيصُ ما بينَ عينيهِ فقالَ أي ربِّ من هذا فقالَ هذا رجلٌ من آخرِ الأممِ من ذرِّيَّتِك يقالُ لَه داودُ فقالَ ربِّ كم جعلتَ عمرَه قالَ ستِّينَ سنةً قالَ أي ربِّ زدهُ من عمري أربعينَ سنةً فلمّا قضيَ عمرُ آدمَ جاءَه ملَك الموتِ فقالَ أولم يبقَ من عمري أربعونَ سنةً قالَ أولم تعطِها ابنَك داودَ قالَ فجحدَ آدمُ فجحدت ذرِّيَّتُه ونسِّيَ آدمُ فنسِّيت ذرِّيَّتُه وخطئَ آدمُ فخطئت ذرِّيَّتُه"(أخرجه الترمذي:٣٠٧٦، وصححه الألباني).

 

 

11- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَلَمْ أُكْرِمْكَ وَأُسَوِّدْكَ، وَأُزَوِّجْكَ، وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ، وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ فَيَقُولُ: بَلَى، فَيَقُولُ: أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ: فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي"(رواه مسلم:2968).

 

12- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: لَمّا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: (وَإنْ تُبْدُوا ما في أنْفُسِكُمْ أوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ به اللَّهُ)[البقرة: ٢٨٤]، قالَ: دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْها شيءٌ لَمْ يَدْخُلْ قُلُوبَهُمْ مِن شيءٍ، فقالَ النبيُّ -صَلّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-: قُولوا: "سَمِعْنا وأَطَعْنا وسَلَّمْنا" قالَ: فألْقى اللَّهُ الإيمانَ في قُلُوبِهِمْ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلّا وُسْعَها لها ما كَسَبَتْ وعليها ما اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نَسِينا، أوْ أخْطَأْنا).. الحديث"(رواه مسلم:١٢٦).

 

13- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ، فَيَغْفِرُ لهمْ"(أخرجه مسلم:٢٧٤٩). ومن أسباب الذنوب النسيان

 

14- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُبْصِرُ أحدُكم القذى في عينِ أخيهِ ويَنْسى الْجِذْعَ في عينِهِ"(أخرجه ابن المبارك في الزهد:٢١٢، وابن حبان:٥٧٦١، وصححه الألباني صحيح الجامع:٨٠١٣). 

 

الاثار

1- عن عبدالله بن عمرو وأنس بن مالك رضي الله عنهم قالو: "قيِّدُوا العِلمَ بالكِتابِ"(صححه الألباني في صحيح الجامع:٤٤٣٤).

 

2- قال ابن عباس في قوله تعالى: (فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا)[الأعراف:50-51] قال: "نتركهم من الرحمة، كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم هذا"(تفسير الطبري:١٢-٤٧٦).

 

3- قال الزهري: "آفة العلم النسيان وترك المذاكرة"(رواه الدارمي في سننه:621).\

الاشعار

1- قال أبو تمام:

لا تنسين تلك العهود وإنما *** سميت إنسانا لأنك ناسي

(ديوان أبو تمام)

 

2- قال أحدهم:

وما سمي الإنسان إلا لنسيه *** ولا القلب إلا أنه يتقلب

(أضواء البيان؛ للشنقيطي)

متفرقات

1- قال ابن عبد البر -رحمه الله-: "النِّسيان لا يُعصَمُ منه أحدٌ، نبيًّا كان أو غيرَ نبيٍّ".

 

2- قال ابن كثير: "أي لما أعرضت عن آيات الله وعاملتها معاملة من لم يذكرها بعد بلاغها إليك تناسيتها وأعرضت عنها وأغفلتها، كذلك اليوم نعاملك معاملة من نسيك، قال تعالى: (فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) فالجزاء من جنس العمل"(تفسير ابن كثير).

 

3- قال ابن جرير عند قوله تعالى: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)[التوبة: 67] قال: "تركوا الله أن يطيعوه، ويتبعوا أمره، فتركهم الله من توفيقه وهدايته ورحمته"(تفسير ابن جرير).

 

4- قال الطبري في معنى قوله تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا)[مريم:64]؛ "أي: ولم يكن ربك ذا نسيان، فيتأخر نزولي إليك بنسيانه إياك، بل هو الذي لا يعزب عنه شيء في السماء ولا في الأرض فتبارك وتعالى، ولكنه أعلم بما يدبر ويقضي في خلقه. جل ثناؤه"(تفسير الطبري).

 

5- قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى)[طه: 52]؛ "أي: لا يشذ عنه شيءٌ، ولا يفوته صغيرٌ ولا كبيرٌ، ولا ينسى شيئًا. يصف علمه تعالى بأنه بكل شيءٍ محيطٌ، وأنه لا ينسى شيئًا، تبارك وتعالى وتقدس، فإن علم المخلوق يعتريه نقصانان، أحدهما: عدم الإحاطة بالشيء، والآخر نسيانه بعد علمه، فنزه نفسه عن ذلك"(تفسير ابن كثير).

 

6- قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى): "أي: لما أعرضت عن آيات الله، وعاملتها معاملة من لم يذكرها، بعد بلاغها إليك تناسيتها وأعرضت عنها وأغفلتها، كذلك نعاملك اليوم، معاملة من ينساك (فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا)[الأعراف:٥١]. فإن الجزاء من جنس العمل"(تفسير ابن كثير).

 

7- قال الخازن: "قوله سبحانه وتعالى: (وقَدْ خَلَقْنَا الْإِنَسَانَ)[الحجر:٢٦] "يعني: آدم -عليه السلام- في قول جميع المفسرين، وسمي إنسانًا لظهوره وإدراك البصر إياه، وقيل من النسيان؛ لأنه عهد إليه فنسي"(لباب التأويل).

 

8- قال الرازي في قوله تعالى: (أنْ تَضِلَّ إحْداهُما فَتُذَكِّرَ إحْداهُما الأُخْرى) "والمعنى أن النسيان غالب طباع النساء لكثرة البرد والرطوبة في أمزجتهن، واجتماع المرأتين على النسيان أبعد في العقل من صدور النسيان على المرأة الواحدة فأقيمت المرأتان مقام الرجل الواحد حتى إن إحداهما لو نسيت ذكرتها الأخرى"(تفسير الرازي).

 

9- قال أبو عبيد في الآية نفسها: "معنى تضل تنسى أي لنقص عقلهن وضبطهن، والضلال عن الشهادة إنما هو نسيان جزء منها وذكر جزء"(فتح البيان؛ لصديق حسن خان).

 

10- قال ابن عطية عند قوله تعالى: (وَلَا تَنْسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ): "قرأ علي بن أبي طالب، ومجاهد، وأبو حيوة، وابن أبي عبلة: (ولا تناسوا الفضل) وهي قراءة متمكنة المعنى، لأنه موضع تناس لا نسيان إلا على التشبيه"(المحرر الوجيز).

 

11- قال الطاهر بن عاشور: "قوله: (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)[البقرة:٢٣٧] "لزيادة الترغيب في العفو بما فيه من التفضل الدنيوي، وفي الطباع السليمة حب الفضل، فأمروا في هاته الآية بأن يتعاهدوا الفضل، ولا ينسوه؛ لأن نسيانه يباعد بينهم وبينه، فيضمحل منهم، وموشك أن يحتاج إلى عفو غيره عنه في واقعة أخرى، ففي تعاهده عون كبير على الإلف والتحابب، وذلك سبيل واضحة إلى الاتحاد والمؤاخاة والانتفاع بهذا الوصف عند حلول التجربة"(التحرير والتنوير).

 

12- قال السعدي في قوله تعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) "والفرق بينهما: أن النسيان: ذهول القلب عن ما أمر به فيتركه نسيانا، والخطأ: أن يقصد شيئا يجوز له قصده ثم يقع فعله على ما لا يجوز له فعله: فهذان قد عفا الله عن هذه الأمة ما يقع بهما رحمة بهم وإحسانا، فعلى هذا من صلى في ثوب مغصوب، أو نجس، أو قد نسي نجاسة على بدنه، أو تكلم في الصلاة ناسيا، أو فعل مفطرا ناسيا، أو فعل محظورا من محظورات الإحرام التي ليس فيها إتلاف ناسيا، فإنه معفو عنه، وكذلك لا يحنث من فعل المحلوف عليه ناسيا، وكذلك لو أخطأ فأتلف نفسا أو مالا فليس عليه إثم، وإنما الضمان مرتب على مجرد الإتلاف، وكذلك المواضع التي تجب فيها التسمية إذا تركها الإنسان ناسيا لم يضر"(تفسير السعدي).

 

13- قال السعدي في قوله تعالى: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا): " أي: ننسها العباد، فنزيلها من قلوبهم"(تفسير السعدي).

 

14- قال السعدي في قوله تعالى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) "الأمر بذكر الله عند النسيان، فإنه يزيله، ويذكر العبد ما سها عنه، وكذلك يؤمر الساهي الناسي لذكر الله، أن يذكر ربه، ولا يكونن من الغافلين"(تفسير السعدي).

 

15- قال السعدي في قوله تعالى: (حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ)[المؤمنون:١١٠] "وهذا الذي أوجب لهم نسيان الذكر، اشتغالهم بالاستهزاء بهم، كما أن نسيانهم للذكر، يحثهم على الاستهزاء، فكل من الأمرين يمد الآخر، فهل فوق هذه الجراءة جراءة؟!"(تفسير السعدي).