نار

2022-10-10 - 1444/03/14

التعريف

النار هي الدار التي أعدها الله للكافرين به، المتمردين على شرعه، المكذبين لرسله، وهي عذابه الذي يعذب فيه أعداءه، وسجنه الذي يسحن فيه المجرمين. وهي الخزي الأكبر، والخسران العظيم، الذي لا خزي فوقه، ولا خسران أعظم منه، رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [آل عمران: 192]، أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ [التوبة: 63]، وقال: إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ [الزمر: 15]. وكيف لا تكون النار كما وصفنا وفيها من العذاب والآلام والأحزان ما تعجز عن تسطيره أقلامنا، وعن وصفه ألسنتنا، وهي مع ذلك خالدة وأهلها فيها خالدون، ولذلك فإن الحق أطال في ذم مقام أهل النار في النار إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا [الفرقان: 66]، هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ [ص: 55 - 56]. [الجنة والنار لعمر بن سليمان الأشقر - ص11] .

العناصر

1- لماذا خلق الله النار .

 

 

2- تحذير الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه من النار .

 

 

3- حال الخائفين حقا من النار .

 

 

4- صفة النار وحال أهلها أعاذنا الله منها .

 

 

5- بعض الأعمال المتوعد عليها بالنار .

 

 

6- بعض الأعمال المنجية من النار .

 

 

7- أول من تسعر بهم النار يوم القيامة .

 

 

8- صفة الورود على النار .

 

 

9- أعين لا تمسها النار .

 

 

10- بعض أنواع العذاب في النار وتفاوت أهلها في العذاب .

 

 

11- الفوز الحق والنجاة الحقيقية في دخول الجنة والزحزحة عن النار .

 

الايات

1- قال الله تعالى: (وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) [آل عمران:131].
2- قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً) [النساء:56].
3- قال تعالى: (قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ) [التوبة:81].
4- قال تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * ...) الآية [هود:106، 107].
5- قال تعالى: (سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ) [إبراهيم:50].
6- قال تعالى: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً ) [الكهف:29].
7- قال تعالى: (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً) [الكهف:53].
8- قال تعالى: (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * ...) الآيات[الحج19-22].
9- قال تعالى: (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * ...) الآيات [المؤمنون:103-111].
10- قال تعالى: (وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) [النمل:90].
11- قال تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ) [السجدة:20].
12- قال تعالى: (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) [الأحزاب66-68].
13- قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * ...) الآية [فاطر36، 37].
14- قال تعالى: (هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ * ...) الآيات [فاطر:55-64].
15- قال تعالى: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ * لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) [الزمر:15، 16].
16- قال تعالى: (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ النَّارِ) [غافر:47-52].
17- قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ * الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ) [69-76].
18- قال تعالى عن حال أهل النار وهم فيها: (فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ) [فصلت:24].

الاحاديث

1- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم) رواه البخاري ومسلم.
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اشتكت النار إلى ربها، فقالت رب أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فأشد ما تجدون في الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير) رواه البخاري ومسلم.
3- عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء) رواه البخاري ومسلم.
4- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم). قيل: يا رسول الله، إن كانت لكافية. قال: (فضلت عليهن بتسعة وستين جزءا، كلهن مثل حرها) رواه البخاري ومسلم.
5- عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتابه في النار، فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه، فيقولون: أي فلان، ما شأنك أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهى عن المنكر قال كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه) رواه البخاري ومسلم.

الاثار

1- قال عثمان رضي الله عنه: " لو أني بين الجنة والنار ولا أدري إلى أيتِها يؤمر بي لاخترت أن أكون رماداً قبل أن أعلم إلى أيتِها أصير " البداية والنهاية.
2- قال علي رضي الله عنه: " من جمع ست خصال لم يدع للجنة مطلباً، ولا عن النار مهرباً؛ أولهما: من عرف الله فأطاعه، وعرف الشيطان فعصاه، وعرف الحق فاتبعه، وعرف الباطل فاتقاه، وعرف الدنيا فرفضها، وعرف الآخرة فطلبها " إحياء علوم الدين.
3- قال أبو العالية: " إن الله تعالى قضى على نفسه أن من آمن به هداه؛ وتصديق ذلك في كتاب الله (وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ)، ومن توكل عليه كفاه، وتصديق ذلك في كتاب الله (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)، ومن أقرضه جازاه، وتصديق ذلك في كتاب الله (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً)؛ ومن استجار من عذابه أجاره، وتصديق ذلك في كتاب الله (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً)، والاعتصام الثقة بالله، ومن دعاه أجابه، وتصديق ذلك في كتاب الله (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) " سير أعلام النبلاء.
4- قال الرفاعي: " كلَّ نعمة دون الجنة فانيةٌ، وكلَّ بلاء دون النار عافية ".
5- قال بلال بن سعد: " رب مسرور مغبون، ورب مغبون لا يشعر؛ فويل لمن بان له الدليل ولا يشعر يأكل ويشرب ويضحك، وقد حق عليه في قضاء الله عز وجل أنه من أهل النار؛ فيا ويل لك روحاً، والويل لك جسداً؛ فلتبك، ولتبك عليك البواكي لطول الأبد " حلية الأولياء.
6- روي عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: " لأهل النار خمس دعوات يكلمون في أربع منها و يسكت عنهم في الخامسة فلا يكلمون يقولون: (رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ) [غافر:11] فيرد عليهم (ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) [غافر:12] ثم يقولون: (رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ) [السجدة:12] فيرد عليهم: (وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا) إلى آخر الآيتين [السجدة:13-14] ثم يقولون: (رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) [إبراهيم:44] فيرد عليهم (أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ) [إبراهيم:44]. ثم يقولون: (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) [فاطر:37] فيرد عليهم (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ الْنَّذِيْرُ) [فاطر:37] ثم يقولون: (رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ) [سورة المؤمنون106-107] فيرد عليهم (قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ) إلى قوله : (وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُوْنَ) [المؤمنون:108-109]. قال: فلا يتكلمون بعد ذلك أبداً " أخرجه ابن المبارك في "دقائقه" بأطول من هذا.

القصص

1- هذا معاذ بن جبل رضي الله عنه لما حضرته الوفاة جعل يبكي، فقيل له: أتبكي وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت وأنت؟ فقال: ما أبكي جزعاً من الموت أن حلَّ بي ولا دنيا تركتها بعدي، ولكن هما القبضتان: قبضة في النار، وقبضة في الجنة؛ فلا أدري في أي القبضتين أنا.
2- كان شداد بن أوس رضي الله عنه إذا دخل الفراش يتقلب على فراشه لا يأتيه النوم ويقول: الله إن النار أذهبت مني النوم فيقوم يصلي حتى يصبح.
3- قال يزيد بن حوشب: ما رأيت أخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز، كأن النار لم تخلق إلا لهما.
4- عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرَّ على الذين ينفخون على الكير فسقط مغشياً عليه.
5- هذا الربيع بن خثيم رحمه الله مرَّ بالحداد فنظر إلى الكير فخرَّ مغشياً عليه.
6- كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ربما توقد له نار ثم يدني يديه منها ويقول: " يا ابن الخطاب هل لك صبر على هذا ".
وكان الأحنف رضي الله عنه: يجئ إلى المصباح بالليل فيضع إصبعه فيه ثم يقول: " حس، حس ثم يقول يا حنيف، ما حملك على ما صنعت يوم كذا وكذا يحاسب نفسه ".
7- لما ماتت زوجة الفرزدق ودفنت وقف الفرزدق على قبرها وأنشد بحضور الحسن -رحمه الله- تعالى:
أخاف وراء القبر إن لم يُعافني أشد من القبر التهاباً وأضيقاً
إذا جاء في يوم القيامة قائدٌ عنيفٌ وسوّاق يسوق الفرزدقا
لقد خاب من أولاد آدم من مشى إلى النار مغلول القدادة أزرقا
يساق إلى نار الجحيم مسربلاً سرابيل من قطرانٍ لباساً محرقا
إذا شربوا فيها الصديد رأيتهم يذوبون من حر الصديد تمزقا
فبكى الحسن رحمه الله -تعالى-.

الاشعار

فَإِنْ تَنْـجُ تَنْـجُ مِنْ ذِي عَظِيمَـةٍ *** وَإِلا فَإِنِّـي لا إِخَـالُكَ نَاجِيَـا
[الأسود بن سريع التَميمي]

وَفِي جَهَنَّـم مَـاءٌ مَا تَجَـرَّعَـهُ *** حَلْـقٌ فَأَبْقَى لَـهُ فِي البَطْنِ أَمْعَاءَ
[.........]

وَطَارَتْ الصُّحُفُ فِي الأَيْدِي مُنَشَّرَةً *** فِيهَا السَّرَائِـرُ وَالأَخْبَارُ تَطَّلِـعُ
فَكَيْـفَ سَهْـوُكَ وَالأَنْبَاءُ وَاقِعَـةً *** عَمَّا قَلِيـلٍ وَلا تَدْرِي بِمَـا يَقَعُ
أَفِي الْجِنَانِ وَفَـوزٍ لا انْقِطَاعَ لَـهُ *** أَم الْجَحِيمِ فَمَا تُبْقِي وَلا تَـدَعُ
تَهْوِي بِسَاكِنِهَـا طَـوْرًا وَتَرْفَعُهُمْ *** إِذَا رَجَوْا مَخْرَجًا مِنْ غَمِّهَا قُمِعُوا
طَالَ الْبُكَاءُ فَلَـمْ يَنْفَـعْ تَضَرُّعُهُمْ *** هَيْهَاتَ لا رِقَّةٌ تُغْنِي وَلا جَـزَعُ
لِيَنْفَعَ العِلْـمُ قَبْـلَ المَـوْتِ عَالِمُهُ *** قَدْ سَالَ قَوْمٌ بِهَا الرُّجْعَى فَمَا رَجَعُوا
[ابن المبارك]

وَسِيـقَ الْمُجْرِمُـونَ وَهُمْ عُـرَاةٌ *** إِلى ذَاتِ الْمَقَـامِعِ وَالنَّـكَـالِ
فَنَـادَوْا وَيْـلَنَـا وَيْـلاً طَوِيـلاً *** وَعَجُّوا فِي سَلاسِلِهَـا الطّـوَالِ
فَلَيْسُـوا مَيِّتِـيـنَ فَيَسْتَرِيـحُـوا *** وَكُلُّهُـمْ بِحَـرِّ النَّـار صَالِـي
[أمية بن أبي الصَّلْت]

لَقَـدْ عَلِمْتُ وَخَيْرُ الْعِلْـمِ أَنْفَعُـهُ *** أَنَّ السَّعِيدَ الَّذِي يَنْجُـو مِنَ النَّارِ
[فروة بن نوفل]

إِنَّ الشَّقِيَّ الَّـذِي فِي النَّارِ مَنْزِلُـهُ *** وَالْفَوْزُ فَوْزُ الَّذِي يَنْجُـو مِنَ النَّارِ
[صخر بن حبناء]

الدَّارُ جَنَّـةُ خُلْـدٍ إِنْ عَمِلْتَ بِمَـا *** يُرْضِي الإِلَهَ وَإِنْ قَصَّرْتَ فَالنَّـارُ
[أبو العتاهية]

أَعُوذُ بِرَبِّي مِـنْ لَظَـى وَعذَابِهَـا *** وَمِنْ حَالِ مَنْ يَهْوِي بِهَا يَتَجَلْجَلُ
وَمِنْ حَالِ مَنْ فِي زَمْهَرِيـرٍ مُعَذَّبٍ *** وَمَنْ كَانَ فِي الأَغْلاَلِ فِيهَا مُكَبَّلُ
[........]

شَهِـدْتُ بَـأَنَّ وَعْـدَ اللهِ حَـقٌّ *** وَأَنَّ النَّارَ مَثْـوَى الكَـافِـرِيْنَـا
[عبد الله بنُ رَواحة]

وَإِنَّ امْـرأً يَنْجُـو مِـنَ النَّارِ بَعْدَمَا *** تَـزَوَّدَ مِـنْ أَعْمَالِهَـا لَسَعيـدُ
[أعرابي]

وَيَوْمَ مَوْعِدِهِمْ أَنْ يَخْرُجُـوا زُمَـرا *** يَوْمَ التَّغَابُنِ إِذْ لا يَنْفَـعُ الْحَـذَرُ
وَحُوسِبُوا بِالَّذِي لَمْ يُحْصِـهِ أَحَـدٌ *** مِنْهُمْ وَفِي مِثْـلِ ذَاكَ الْيَوْمِ مُعْتَبَرُ
فَمِـنْـهُـمُ فَـرِحٌ رَاضٍ بِمَبْعَثِـهِ *** وَآخَرُونَ عَصَوا مَأْوَاهُـمُ سَقَـرُ
يَقُـولُ خُـزَانُهَـا مَا كَانَ غَيُّكُمُ *** أَلَمْ يَكُنْ جَاءَكُمْ مِنْ رَبِّكُـمْ نُـذُرُ
قَالُوا: بَلَى فَأَطَعْنَـا سَـادَةً بَطِـرُوا *** وَغَرَّنَا طُولُ هَذَا الْعَيْش والعُمُـرُ
فَذَاكَ مَحْبِسُهُـمْ لا يَرْجُـونَ بِـهِ *** طُولَ الْمَقَامِ وَإِنْ ضَجُّوا وَإِنْ صَبَرُوا
قَالَ امْكُثُوا فِي عَذَابِ النَّارِ مَا لَكُمُ *** إلا السَّلاسِلُ والأَغْلالُ والسَّقَـرُ
[أمية بن أبي الصَّلت]

أما سمعت بأهل النار في النار *** وعن مقاساة ما يَلقُون في النار
أما سمعت بأكباد لهم صَدَعت *** خوفاً من النار قد ذابت على النار
أما سمعت بأغلال تُناط بهم *** فيسحبون بها سحباً على النار
أما سمعت بضيقٍ في مجالسهم *** وفي الفرار ولا فرار في النار
أما سمعت بحياتٍ تدبُ بها *** إليهم خُلقت من خالص النار
أما سمعت بأجسادٍ لهم نَضجت *** من العذاب ومن غليٍ على النار
أما سمعت بما يُكلَّفون به *** من ارتقاء جبال النار في النار
حتى إذا ما علوا على شواهقها *** صُبوا بعنف إلى أسفل النار
أما سمعت بزقوم يُسوغه ماءٌ *** صديدٌ ولا تسويغ في النار
يسقون منه كؤوساً مُلئت سقما *** ترمي بأمعائهم رمياً على النار
يشوي الوجوه وجوهاً ألبست ظُلماً *** بئس الشراب شرابُ ساكن النار
ولا ينامون إن طاف المنام بهم *** ولا منام لأهل النار في النار
إن يستقيلوا فلا تقال عثرتهم *** أو يستغيثوا فلا غياث في النار
وإن أرادوا خروجاً رُدّ خارجهم *** بمقمع النـار مدحوراً إلى النار
فهم إلى النار مدفوعون بالنار *** وهم من النار يهرعون للنار
ما أن يخفف عنهم من عذابهمُ *** ولا تفتر عنهم سورة النـار
فيا إلهي ومَن أَحكامه سبقت *** في الفرقتين من الجنات والنار
رحماك يا رب في ضعفي وفي ضعتي *** فما وجودك لي صبرٌ على النار
ولا على حر شمس إن بَرزتُ لها *** فكيف أصبر يا مولاي للنار
فإن تغمدني عفوٌ وثقت به *** منكم وإلا فإني طعمةُ النار
[..............]

الدراسات

متفرقات

1- قال الإمام الطحاوي رحمه الله: والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان أبداً ولا تبيدان، فإن الله تعالى: خلق الجنة والنار قبل الخلق، وخلق لهما أهلاً، فمن شاء منهم إلى الجنة فضلاً منه، ومن شاء منهم إلى النار عدلاً منه، وكل يعمل لما قد فرغ له، وصائر إلى ما خلق له، والخير والشر مقدران على العباد .

 

2- قال الشيخ أحمد ولي الله المحدث الدهلوي في عقائده: الجنة والنار حق، وهما مخلوقتان اليوم, باقيتان إلى يوم القيامة .

 

3- ناقش شارح (الطحاوية) شبهة الذين قالوا: لم تخلق النار بعد، ورد عليها فقال: وأما شبهة من قال: إنها لم تخلق بعد، وهي: أنها لو كانت مخلوقة الآن لوجب اضطراراً أن تفنى يوم القيامة وأن يهلك كل من فيها ويموت، لقوله تعالى: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) [القصص: 88]، ( وكُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ) [آل عمران:185]، وقد روى الترمذي في (جامعه)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقيت إبراهيم ليلة أسري بي، فقال: يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر » [رواه الترمذي (3462).

وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود. وحسنه ابن حجر في (هداية الرواة) (2/ 439) - كما أشار لذلك في مقدمته - والألباني في (صحيح سنن الترمذي). انظر: (فتح الباري) (6/ 369).). وفيه أيضاً: من حديث أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «من قال سبحان الله العظيم وبحمده، غرست له نخلة في الجنة» [رواه الترمذي (3464)، والحاكم (1/ 680). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب لانعرفه إلا من حديث أبي الزبير عن جابر. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وقال الألباني في ( (صحيح سنن الترمذي): صحيح . قالوا: فلو كانت مخلوقة مفروغاً منها لم تكن قيعاناً، ولم يكن لهذا الغراس معنى. قالوا: وكذا قوله تعالى: عن امرأة فرعون أنها قالت: (رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ) [التحريم: 11].

فالجواب: إنكم إن أردتم بقولكم إنها الآن معدومة بمنزلة النفخ في الصور وقيام الناس من القبور، فهذا باطل، يرده ما تقدم من الأدلة وأمثالها مما لم يذكر، وإن أردتم أنها لم يكمل خلق جميع ما أعد الله فيها لأهلها، وأنها لا يزال الله يُحدث فيها شيئاً بعد شيء، وإذا دخلها المؤمنون أحدث فيها عند دخولهم أموراً أخر - فهذا حق لا يمكن رده، وأدلتكم هذه إنما تدل على هذا القدر. وأما احتجاجكم بقوله تعالى: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ) [القصص: 88]، فأتيتم من سوء فهمكم معنى الآية، واحتجاجكم بها على عدم وجود الجنة والنار الآن - نظير احتجاج إخوانكم على فنائهما وخرابهما وموت أهلهما!! فلم توفقوا أنتم ولا إخوانكم لفهم معنى الآية، وإنما وفق لذلك أئمة الإسلام. فمن كلامهم: أن المراد كُلُّ شَيْء مما كتب الله عليه الفناء والهلاك هَالِكٌ، والجنة والنار خُلِقتا للبقاء لا للفناء، وكذلك العرش، فإنه سقف الجنة. وقيل: المراد إلا مُلْكَه. وقيل: إلا ما أريد به وجهه. وقيل: إن الله تعالى: أنزل: ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ) [الرحمن: 26]، فقالت الملائكة: هلك أهل الأرض، وطمعوا في البقاء، فأخبر تعالى: عن أهل السماء والأرض أنهم يموتون، فقال: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ) [القصص: 88] لأنه حي لا يموت، فأيقنت الملائكة عند ذلك بالموت. وإنما قالوا ذلك توفيقاً بينها وبين النصوص المحكمة، الدالة على بقاء الجنة، وعلى بقاء النار أيضاً. [الجنة والنار لعمر بن سليمان الأشقر - ص 13] .

 

4- قال ابن رجب: والمشهور بين السلف والخلف أن الفتنة إنما جاءت من حيث ذكر عدد الملائكة الذين اغتر الكفار بقلتهم، وظنوا أنهم يمكنهم مدافعتهم وممانعتهم، ولم يعلموا أن كل واحد من الملائكة لا يمكن البشر كلهم مقاومته. وهؤلاء الملائكة هم الذين سماهم الله بخزنة جهنم في قوله: (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ) [غافر: 49]، [ الجنة والنار لعمر بن سليمان الأشقر - ص 19] .

 

5- قال محمد بن أحمد السفاريني: ولا حجة في هذا ونحوه على أن النار في السماء لجواز أن يراها في الأرض وهو في السماء, وهذا الميت يرى وهو في قبره الجنة والنار وليست الجنة في الأرض, وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم رآهما وهو في صلاة الكسوف وهو في الأرض, وفي بعض طريق حديث الإسراء عن أبي هريرة أنه مر على أرض الجنة والنار في مسيره إلى بيت المقدس . ولم يدل شيء من ذلك على أن الجنة في الأرض، فحديث حذيفة إن ثبت فيه أنه رأى الجنة والنار في السماء، فالسماء ظرف للرؤية لا للمرئي أي: رأيت الجنة والنار حال كوني في السماء، يعني: صدرت الرؤيا مني وأنا في السماء، ولا تعرض في الحديث للمرئي فتأمل [البحور الزاخرة في علوم الآخرة لمحمد بن أحمد السفاريني - بتصرف – ( 3/ 1313) ] . قال الشوكاني في فتح القدير: والأولى الحمل على ما هو الأعم من هذه الأقوال، فإن جزاء الأعمال مكتوب في السماء, والقدر, والقضاء ينزل منها, والجنة والنار فيها.

 

6- قال الشيخ أحمد ولي الله المحدث الدهلوي في عقيدته: (ولم يصرح نص بتعيين مكانهما- أي الجنة والنار- بل حيث شاء الله تعالى إذ لا إحاطة لنا بخلق الله وعوالمه [ يقظة أولى الاعتبار مما ورد في ذكر النار وأصحاب النار لصديق حسن خان- بتصرف- ص: 23] .

التحليلات

الإحالات

1- أهول القيامة عبد الملك الكليب - 107 الدار السلفية الطبعة الثانية 1402 .

2- التخويف من النار - ابن رجب الحنبلي دار البيان .

3- التذكرة فى أحوال الموتى وأمور الآخرة - القرطبي تحقيق أحمد السقا ص457 المكتبة العلمية 1402 .

4- ترتيب أحاديث صحيح الجامع الصغير وزيادته عوني الشريف، على حسن عبد الحميد 4/283 مكتبة المعارف الطبعة الأولى 1406 .

5- الترغيب والترهيب من الحديث الشريف - المنذري تحقيق مصطفى عمارة 4/15 , 493 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1406 .

6- تفسير وبيان مفردات القرآن - محمد حسن الحمصي ص 265 دار الرشيد مؤسسة الإيمان .

7- جامع الأصول ابن الأثير 10/512 الرئاسة العامة 1389 .

8- الجنة والنار - عمر الأشقر ص 21 مكتبة الفلاح الكويت الطبعة الأولى 1406 .

9- الزهر الفائح في ذكر من تنزه عن الذنوب - الجزري تحقيق محمد عبد القادر عطا ص107 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1406 .

10- فتاوى اللجنة الدائمة - جمع أحمد درويش 3/354 الرئاسة العامة الطبعة الأولى 1411 .

11- فتح الباري - ابن حجر 6/329 , 11/414 دار الفكر .

12- الفوائد - ابن القيم تحقيق بشير عيون ص 25 مكتبة دار البيان الطبعة الأولى 1408 .

13- مجالس شهر رمضان ابن عثيمين ص121 ( 1406) . 14- مجموعة الرسائل والمسائل النجدية 5/123 الطبعة الثانية 1408 .

15- موارد الظمآن لدروس الزمان - عبد العزيز السلمان 4/7 الطبعة الثامنة عشرة 1408 .

16- موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين – القاسمي ص 482 دار النفائس الطبعة الرابعة 1405 .

17- النهاية فى الفتن والملاحم - ابن كثير تحقيق محمد أحمد عبد العزيز 2/132 دار الحديث القاهرة .

18- اليوم الآخر فى ظلال القرآن - أحمد فائز ص 253 مؤسسة الرسالة الطبعة الرابعة 1401 .