معانقة

2022-10-05 - 1444/03/09

التعريف

المعانقة لغة : مفاعلة من العنق ، ومعناها : الضم والالتزام ، يقال : عانقه معانقة وعناقا : أدنى عنقه من عنقه وضمه إلى صدره

[المصباح المنير والمعجم الوسيط .] .

 

ولا يخرج استعمال الفقهاء لهذا اللفظ عن معناه اللغوي

[كفاية الطالب الرباني 2 / 437 ط . دار المعرفة ، وقواعد الفقه للبركتي] .

العناصر

1- تعريف المعانقة .

2- أنواع المعانقة وحكم كل نوع .

3- حكم معانقة الأخت لأخيها أو تقبيل الأخ لأخته .

4- مشروعية معانقة الأولاد وتقبيلهم .

5- أثر المعانقة في فساد الحج والعمرة .

الايات

1- قال الله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 30، 31] .

 

2- قوله تعالى: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً) [النساء: 20، 21] .

 

3- قوله تعالى: (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [سورة البقرة: 49] .

 

4- قوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً) [النساء: 24] .

 

5- قوله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [سورة البقرة: 222] .

الاحاديث

1- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله ، الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له ؟ قال : « لا » قال : أفيلتزمه ويقبله ؟ قال : « لا » قال : أفيأخذه بيده ويصافحه ؟ قال : « نعم » [سنن الترمذي (2728) و قال الشيخ الألباني : حسن] .

 

2- عن يعلى بن مرة أنه قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه و سلم ودعينا إلى طعام فإذا حسين يلعب في الطريق فأسرع النبي صلى الله عليه و سلم أمام القوم ثم بسط يديه فجعل الغلام يفر ها هنا وههنا ويضاحكه النبي صلى الله عليه و سلم حتى أخذه فجعل إحدى يديه في ذقنه والأخرى في رأسه ثم أعتنقه ثم قال النبي صلى الله عليه و سلم: « حسين منى وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا الحسين سبط من الأسباط » [سنن ابن ماجه (144) و قال الشيخ الألباني : حسن] .

 

3- عن أبى هريرة قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى طائفة من النهار لا يكلمنى ولا أكلمه حتى جاء سوق بنى قينقاع ثم انصرف حتى أتى خباء فاطمة فقال « أثم لكع أثم لكع ». يعنى حسنا فظننا أنه إنما تحبسه أمه لأن تغسله وتلبسه سخابا فلم يلبث أن جاء يسعى حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « اللهم إنى أحبه فأحبه وأحبب من يحبه ». [صحيح مسلم (6410) ] .

الاثار

1- عن سهل بن عبد الله : المحبة معانقة الطاعة ومباينة المخالفة .

 

2- عن عائشة رضي الله عنهما قالت : لما قدم جعفر وأصحابه تلقاه رسول الله صلى الله عليه و سلم واعتنقه [الإخوان - ابن أبي الدنيا (123) ] .

 

3- عن عائشة قالت قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيتى فأتاه فقرع الباب فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانا يجر ثوبه والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده فاعتنقه وقبله. [رواه الترمذي وقال : حديث حسن] .

 

4- عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد وانصرف المشركون عن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج النساء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه يتبعونهم بالماء فكانت فاطمة فيمن خرج فلما لقيت رسول الله صلى الله عليه و سلم اعتنقته وجعلت تغسل تغسل جرحه بالماء فيزداد الدم فلما رأت ذلك أخذت شيئا من حصير فأحرقته بالنار فكمدته حتى لصق بالجرح واستمسك الدم [سنن النسائي الكبرى (9235) ] .

 

5- عن أنس قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا، و إذا قدموا من سفر تعانقوا [رواه الطبراني في المعجم الأوسط ( 1 / 8 / 1 / 99) وقال الألباني إسناده جيد انظر السلسلة الصحيحة ( 6 / 303 ) ] .

 

6- عن غالب التمار قال: كان محمد بن سيرين يكره المصافحة ، فذكرت ذلك للشعبي، فقال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا تصافحوا، فإذا قدموا من سفر عانق بعضهم بعضا . [قال الألباني أخرجه البيهقي في سننه ( 7 / 100 ) بإسناد جيد كما قال الحافظ ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية ( 2 / 272 ) ].

 

7- عن أم الدرداء قالت : قدم علينا سلمان فقال : أين أخي ؟ قلت : في المسجد ، فأتاه ، فلما رآه اعتنقه. [أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ( 4 / 28) وقال الألباني و إسناده حسن ] .

 

8- قال إسحاق بن إبراهيم سألت أبا عبد اللّه عن الرّجل يلقى الرّجل يعانقه قال : نعم فعله أبو الدّرداء [موسوعة فقه العبادات جمع وإعداد علي بن نايف الشحود] .

 

9- وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: ما لقيته - أي رسول الله صلى الله عليه وسلم - إلا صافحني، وبعث إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ولم أكن في أهلي، فلما جئت فأخبرت أنه أرسل إليَّ فأتيته، وهو على سرير فالتزمني، فكانت تلك أجود أجود.

الاشعار

1- رحم الله من قال:

يا من يعانق دنيا لا بقاء لها *** يمسى ويصبح مغرورا

وغرارا هلا تركت من الدنيا معانقة *** حتى تعانق في الفردوس أبكارا

إن كنت تبغي جنان الخلد تسكنها *** فينبغي لك أن لا تأمن النارا

متفرقات

1- يقول محماس بن عبد الله بن محمد الجلعود: لقد أصبحت معانقة الكفار والبشاشة في وجوهم أمرًا مألوفًا عند كثير من قادة البلاد الإسلامية وعامتها بل لقد وصل الأمر عند البعض إلى أن يبادل زوجته مع زوجة ضيفه الكافر لتصاحبه وتداعبه كما حصل من زوجة السادات (جيهان) التي قبلت (بيغن) وعانقته، وقبله عانقت كارتر وراقصته ومن بعدهما كيسنجر وآخرهم الأمير تشارلز؟ [انظر مجلة المجتمع الكويتية عدد 542 السنة الحادية عشرة في 9/11/401هـ، ص3] .

إن معانقة الكفار عامة، ونسائهم خاصة أمر لا يقره الإسلام فقد روت عائشة (رضي الله عنها) حيث قالت: «والله ما مست يده -تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط في المبايعة، ما بايعهن إلا بقوله قد بايعتك على ذلك» [أخرجه البخاري. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ج2، ص52-56، رقم الحديث (529-530) ]، [الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية (2/252) ] .

 

2- قال بعض الكبار العبادة الخالصة معانقة الامر على غاية الخضوع . وتكون بالنفس فاخلاصها فيها التباعد عن الانتقاص . وبالقلب فاخلاصه فيها العمى عن رؤية الاشخاص . وبالروح فاخلاصه فيها التنقى عن طلب الاختصاص واهل هذه العبادة موجود فى كل عصر لما قال عليه السلام « لا يزال الله يغرس فى هذا الدين غرسا يستعملهم فى طاعته » [تفسير حقي (2/225) ] .

 

3- قال النووي في قوله صلى الله عليه وسلم: قوله (جاء يسعى حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه): فيه استحباب ملاطفة الصبي ومداعبته رحمة له ولطفا واستحباب التواضع مع الاطفال وغيرهم واختلف العلماء في معانقة الرجل للرجل القادم من سفر فكرهها مالك وقال هي بدعة واستحبها سفيان وغيره وهو الصحيح الذي عليه الاكثرون والمحققون وتناظر مالك وسفيان في المسألة فاحتج سفيان بان النبي صلى الله عليه و سلم فعل ذلك بجعفر حين قدم فقال مالك هو خاص به فقال سفيان ما يخصه بغير دليل فسكت مالك قال القاضي عياض وسكوت مالك دليل لتسليمه قول سفيان وموافقته وهو الصواب حتى يدل دليل للتخصيص [شرح النوي على مسلم (8/168) ].

 

4- كره مالك معانقة القادم من سفر، وقال : بدعة، و اعتذر عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بجعفر حين قدم، بأنه خاص له ، فقال له سفيان: ما تخصه بغير دليل، فسكت مال. قال القاضي : وسكوته دليل لتسليم قول سفيان و موافقته ، و هو الصواب حتى يقوم دليل التخصيص [الآداب الشرعية ( 2 / 278 ) ] .

 

5- قال الإمام البغوي رحمه الله بعد أن ذكر حديث جعفر و غيره مما ظاهره الاختلاف : فأما المكروه من المعانقة والتقبيل ، فما كان على وجه الملق و التعظيم ، و في الحضر ، فأما المأذون فيه فعند التوديع و عند القدوم من السفر ، و طول العهد بالصاحب و شدة الحب في الله [شرح السنة ( 12 / 293 ) ] .

 

6- سئل الشيخ سليمان بن سحمان: عن معانقة الناس بعضهم بعضاً يوم العيد، بعد الصلاة بالمصلى، وسلام بعضهم على بعض، وتخصيص الوقت والمكان بذلك، هل ذلك سنة يثاب على فعله، أم بدعة؟ فأجاب: لا أعلم أن ذلك سنة مشروعة مطلوبة، ولو كان ذلك سنة مأثورة مشروعة، لكان أسبق الناس إليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان، ولنقل ذلك أهل العلم ورغبوا فيه، كما نقلوا سائر السنن والمستحبات؛ فإذا لم يكن ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فعله الصحابة، رضوان الله عليهم، كان هذا محرماً مبتدعاً إن كان على وجه القربة، لكن الظاهر أن ما يفعله الناس اليوم، لا يفعلونه على وجه القربة والعبادة، فيكون ذلك من البدع في الدين، وإنما يفعلونه فيما يظهر لي على سبيل العادة، والعادات لا مدخل لها في العبادات. فهذه العادة التي يفعلها الناس، من السلام في العيدين في المصلى، وفي البيوت، كانوا يفعلونها عند أئمة أهل هذه الدعوة، وفي وقتهم، ولا ينكرونها عليهم؛ فلو كان هذا الصنيع من البدع المنكرة المحدثة في الدين، لأنكر ذلك بعضهم أو كلهم، فدلنا على أن هذا من العادات، لا من البدع المحدثة في العبادات. فما تقرب به العبد إلى الله وكان مشروعاً، فهو من العبادة المطلوبة المحبوبة لله، وما لم يكن كذلك، وكان الناس يعتادونه، فإن جر إلى مفسدة كان ذلك محرماً، والوسيلة إلى المحرم حرام، كما أن الوسيلة إلى الطاعة طاعة وقربة; والظاهر: أن هذه العادة التي يعتادها الناس تجر إلى مصلحة، فربما يلتقي المتهاجران فيسلم بعضهم على بعض، وربما انقطعت المهاجرة بينهما، أو زال بعض الشر وخف؛ وتقليل الشر محبوب مطلوب مندوب إليه، كما قيل: بعض الشر أهون من بعض. وأما المعانقة فهي: أن يلتزم الرجل الرجل، ويضمه إليه; وقد كنت أظن أن المعانقة كما يفعله الناس، من وضع عنق الرجل على عنق صاحبه، لكني لم أجد ذلك في شيء من كتب اللغة، ولا من كلام الشراح، فالله أعلم [الدرر السنية في الأجوبة النجدية (7/233، 234) ] .

 

7- قال ابن حجر: قال ابن بطال: اختلف الناس في المعانقة، فكرهها مالك، وأجازها ابن عيينة، ثم ساق قصتها، قال: استأذن ابن عيينة على مالك فأذن له، فقال: السلام عليكم؛ فردوا عليه، ثم قال: السلام خاص وعام، السلام عليك يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته؛ فقال: وعليك السلام يا أبا محمد ورحمة الله وبركاته؛ ثم قال: لولا أنها بدعة لعانقتك؛ قال: قد عانق من هو خير منك؛ قال: جعفر؟ قال: نعم؛ قال: ذاك خاص؛ قال: ما عمه يعمنا؛ الحديث.

الإحالات

1- الآداب الشرعية – ابن مفلح الحنبلي 2/257 مؤسسة قرطبة .

2- غذاء الألباب لشرح منظومة الآداب – السفاريني 1/338 مؤسسة قرطبة .

3- فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد – فضل الله الجيلاني 2/433 مكتبة ابن تيمية الطبعة الثالثة 1407 .