لجوء

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

اللجوء: مصدر الفعل لجأ، يقال: لجأ إلى الشيء والمكان يلجأ لجأ ولجوءاً وملجأ، بمعنى لاذ به واعتصم، قال ابن فارس: "اللام والجيم والهمزة: كلمة واحدة، وهي اللجأ والملجأ: المكان يلتجئ إليه، يقال: لجأت والتجأت"، قوله تعالى: (ما لكم من ملجأ)[الشورى:٤٧] الملجأ: المعقل، وهو ما يتحصن به؛ قلعًة ونحوها. ويطلق على الأناسي أيضًا، فيقال: فلان ملجأ فلانٍ، أي يحوطه ويحويه، ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا ملجأ ولا منجى إلا إليك".

 

ويقال: لجأت إليه ألجأ لجأ -بفتح العين- وملجأ، والتجأت إليه بمعنى الأول، والموضع: لجأ وملجأ.

 

والتلجئة: الإكراه. وألجأته إليه: أكرهته عليه. وألجأت أمري إلى الله: أسندته إليه(عمدة الحفاظ).

 

يقول قدامة تحت باب الملجأ والوزر: "هو حصن، وأمن، وحرز، وعز، وموئل، وملاذ، ووزر، وعصر، وكهف، وكنف، وملجأ، ومنجي، ومآل، ومعاذ، ومعتصم، ومعتص، ومحيض، ومناص، ومعتمد، وملتحد، وصياص، وأطم"(جواهر الألفاظ؛ ص: 223-224).

 

"تقول العرب: خفرت بفلان: إذا استجرت به وسألته أن يكون لك خفيراً، والخفير: المانع"(الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي؛ ص:392).

 

اللاجئ هو كل من وجد وبسبب خوف، له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية، خارج البلاد التي يحمل جنسيتها ولا يستطيع أو لا يرغب في حماية ذلك البلد بسبب هذا الخوف، أو كل من لا جنسية له وهو خارج بلد إقامته السابقة ولا يستطيع أو لا يرغب بسبب ذلك الخوف في العودة إلى ذلك البلد (انظر: ) المادة 1/أ-2 من اتفاقية 1951م المتعلقة بمركز اللاجئين بعد تعديلها (152 لعام 1995 م الصادر عن /ببرتوكول 1967م وكذلك نص القرار 50 الجمعية العامة للأمم المتحدة أن اتفاقية 1951م وبرتوكول 1967م الخاصان بوضع للنظام الدولي لحماية اللاجئين. the cornerstone اللاجئين يعتبرون حجر الزاوية).

 

العناصر

1- أهمية اللجوء إلى الله -تعالى-

 

2- عبودية اللجوء إلى الله عند النبي -عليه الصلاة والسلام-

 

3- علامة اللجوء الحقيقي إلى الله

 

4- اللجوء إلى الله في أوقات الأزمات والشدائد

 

5- دواعي اللجوء وأسبابه  

 

6- معاناة اللاجئين ومآسيهم

 

7- حقوق اللاجئين وما يجب لهم

 

الايات

1- قال الله تعالى: (ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) [البقرة:85].

 

2- قال تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ)[البقرة:177].

 

3- قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)[البقرة:215]

 

4- قال تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)[آلعمران:96-97].

 

5- قال تعالى: (فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْن الثَّوَابِ)[آلعمران:195].

 

6- قال تعالى: (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً)[النساء:75].

 

7- قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)[المائدة:2].

 

8- قال تعالى: (وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[الأنفال:26].

 

9- قال تعالى: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطَانُ أَعمَالَهُم وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ اليَومَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُم) الآية [الأنفال:48].

 

10- قال تعالى: (وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) [الأنفال:72].

 

11- قال تعالى: (وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)[الأنفال:74].

 

12- قال تعالى: (لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ)[التوبة:57].

 

13- قال تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ...)[التوبة:60].

 

14- قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)[التوبة:71].

 

15- قال تعالى: (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)[التوبة:118].

 

16- قال تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا)[الإسراء:26]،

 

17- قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)[الْإِسْرَاءِ: 70].

 

18- قال تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُم الأَرضَ مَهدًا وَجَعَلَ لَكُم فِيهَا سُبُلاً لَعَلَّكُم تَهتَدُونَ)[الزخرف:10]

 

19- قال تعالى: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ)[الحج:40]

 

20- قال تعالى: (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ)[المؤمنون:84-89].

 

21- قال تعالى: (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ..) إلى قوله: (فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[القصص:20- 25].

 

22- قال تعالى: (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)[القصص:57].

 

23- قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ)[العنكبوت:67].

 

24- قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ)[الروم:22].

 

25- قال تعالى: (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَیَهۡدِینِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ)[الصافات:١٠٠].

 

26- قال تعالى: (مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ)[الشورى:47].

 

27- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات:13].

 

28- قال تعالى: (مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القُرَى فَللهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ...) إلى أن قال: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا)[الحشر:7-8].

 

29- قال تعالى: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ  وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[الحشر:9].

 

30- قال تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[الممتحنة:8-9].

 

31- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ)[الممتحنة: 10].

 

32- قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)[الملك:15].

 

33- قال تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) [الإنسان:8].

 

34- قال تعالى: (فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ)[الانفطار:8].

 

35- قال تعالى: (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ)[البلد:11-16].

 

35- قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ)[الحج: 78].

 

36- قال تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)[الأنبياء: 83- 84].

 

37- قال تعالى: (قُلْ مَن يُنَجّيكُمْ مّن ظُلُماتِ الْبَرّ وَلْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجّيكُمْ مّنْهَا وَمِن كُلّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ) [الأنعام63 - 64].

 

38- قال تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)[الأنبياء: 87-88].

 

39- قال تعالى: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[التوبة: 40].

 

40- قال تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ) [الأنفال: 9].

 

 

الاحاديث

1- عن أبي هريرة-رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يقولُ يَومَ القِيامَةِ: يا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قالَ: يا رَبِّ كيفَ أعُودُكَ؟ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ، قالَ: أما عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أما عَلِمْتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ يا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قالَ: يا رَبِّ وكيفَ أُطْعِمُكَ؟ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ، قالَ: أما عَلِمْتَ أنَّه اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أما عَلِمْتَ أنَّكَ لو أطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذلكَ عِندِي، يا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ، فَلَمْ تَسْقِنِي، قالَ: يا رَبِّ كيفَ أسْقِيكَ؟ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ، قالَ: اسْتَسْقاكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أما إنَّكَ لو سَقَيْتَهُ وجَدْتَ ذلكَ عِندِي. (رواه مسلم:٢٥٦٩).

 

2- عن مصعب بن سعد قال: رَأى سَعْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، أنَّ له فَضْلًا على مَن دُونَهُ، فَقالَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “هلْ تُنْصَرُونَ وتُرْزَقُونَ إلّا بضُعَفائِكُمْ"(رواه البخاري:٢٨٩٦).

 

3- عن أبي هريرة -رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ، مَرَّتْ بكَلْبٍ على رَأْسِ رَكِيٍّ يَلْهَثُ، قالَ: كادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّها، فأوْثَقَتْهُ بخِمارِها، فَنَزَعَتْ له مِنَ الماءِ، فَغُفِرَ لَها بذلكَ (أخرجه البخاري:٣٣٢١، ومسلم:٢٢٤٥)

 

4- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: أن خَدِيجَةُ رضي الله عنها قالَتْ للنبي -صلى الله عليه وسلم- في حادثة بدأ تنزيل الوحي: “كَلّا واللَّهِ ما يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ على نَوائِبِ الحَقِّ"(أخرجه البخاري:٣، ومسلم:١٦٠).

 

5- عن أبي هريرة -رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مَن أصْبَحَ مِنْكُمُ اليومَ صائِمًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن تَبِعَ مِنْكُمُ اليومَ جِنازَةً؟ قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن أطْعَمَ مِنكُمُ اليومَ مِسْكِينًا قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن عادَ مِنْكُمُ اليومَ مَرِيضًا قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، فقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “ما اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ"(رواه مسلم:١٠٢٨).

 

6- عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما-أنَّ رَجُلًا سَأَلَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: أيُّ الإسْلامِ خَيْرٌ؟ قالَ: “تُطْعِمُ الطَّعامَ، وتَقْرَأُ السَّلامَ على مَن عَرَفْتَ، وعلى مَن لَمْ تَعْرِفْ"(أخرجه البخاري:١٢، ومسلم:٣٩).

 

7- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “الْمُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ، مَن كانَ في حاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه بها كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ"(أخرجه البخاري:٢٤٤٢، ومسلم:٢٥٨٠).

 

8- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ما آمن بي من بات شبعانَ وجارُه جائعٌ إلى جنبِه وهو يعلم به"(أخرجه البزار كما في مجمع الزوائد للهيثمي:٨-١٧٠، والطبراني:١-٢٥٩ رقم (٧٥٤، وصححه الألباني في صحيح الجامع:٥٥٠٥).

 

9- عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “اعبُدوا الرَّحمنَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وأفشوا السَّلامَ تدخُلوا الجنَّةَ بسَلامٍ"(رواه الترمذي:١٨٥٥، وصححه الألباني).

 

10- عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: “إنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا"، فَقُلتُ: وما صَوْمُ داوُدَ؟ قالَ: “نِصْفُ الدَّهْرِ"(أخرجه البخاري:١٩٧٤، ومسلم:١١٥٩).

 

11- عن أبي شريح العدوي خويلد بن عمرو -رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “من كانَ يؤمنُ باللَّهِ واليومِ الآخرِ فليُكرِم ضيفَهُ جائزتَهُ قالوا وما جائزتُهُ قالَ يومٌ وليلةٌ قال والضِّيافةُ ثلاثةُ أيّامٍ وما كانَ بعدَ ذلِكَ فَهوَ صدقةٌ ومن كانَ يؤمنُ باللَّهِ واليومِ الآخرِ فليقل خيرًا أو ليسْكت"(رواه الترمذي:١٩٦٧، وصححه الألباني).

 

12- عن أبي هريرة -رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “اللَّهُمَّ أنْجِ عَيّاشَ بنَ أبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أنْجِ سَلَمَةَ بنَ هِشامٍ، اللَّهُمَّ أنْجِ الوَلِيدَ بنَ الوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أنْجِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وطْأَتَكَ على مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْها سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ"(أخرجه البخاري:١٠٠٦، ومسلم:٦٧٥).

 

13- عن كعب بن مالك قال: تكلم العبَّاسَ بنَ عبدِ المُطَّلبِ فقال: يا معشَرَ الخَزرجِ إنَّ محمَّدًا منَّا حيثُ قد علِمْتُم وإنَّا قد منَعْناه ممَّن هو على مِثْلِ ما نحنُ عليه وهو في عشيرتِه وقومِه ممنوعٌ فتكلَّم البَراءُ بنُ مَعرورٍ وأخَذ بيدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقال: بايِعْنا قال: “أُبايِعُكم على أنْ تمنَعوني ممَّا تمنَعونَ منه أنفسَكم ونساءَكم وأبناءَكم" قال: نَعم والَّذي بعَثك بالحقِّ فنحنُ واللهِ أهلُ الحربِ ورِثْناها كابرًا عن كابرٍ. (أخرجه ابن حبان في صحيحه:٧٠١١، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده قوي).

 

14- عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “مَن دَخَلَ دارَ أَبِي سُفْيانَ فَهو آمِنٌ، وَمَن أَلْقى السِّلاحَ فَهو آمِنٌ، وَمَن أَغْلَقَ بابهُ فَهو آمِنٌ"(أخرجه مسلم:١٧٨٠).

 

15- عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “المسلمونَ تتَكافأُ دماؤُهم يسعى بذمَّتِهم أدناهُم ويُجيرُ عليهِم أقصاهُم وَهم يدٌ على مَن سِواهُم يردُّ مُشدُّهم على مُضعفِهم ومُتسرِّيهم على قاعدِهم لا يُقتلُ مؤمنٌ بِكافرٍ ولا ذو عَهدٍ في عَهدِه"(رواه أبو داود ٢٧٥١، وقال الألباني: حسن صحيح).

 

16- عن فاختة بنت أبي طالب أم هانئ قالت: ذَهَبْتُ إلى رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عامَ الفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وفاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، فَسَلَّمْتُ عليه، فَقالَ: مَن هذِه فَقُلتُ: أنا أُمُّ هانِئٍ بنْتُ أبِي طالِبٍ، فَقالَ: مَرْحَبًا بأُمِّ هانِئٍ فَلَمّا فَرَغَ مِن غُسْلِهِ قامَ فَصَلّى ثَمانِيَ رَكَعاتٍ، مُلْتَحِفًا في ثَوْبٍ واحِدٍ، فَلَمّا انْصَرَفَ قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، زَعَمَ ابنُ أُمِّي أنَّه قاتِلٌ رَجُلًا قدْ أجَرْتُهُ، فُلانُ بنُ هُبَيْرَةَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: قدْ أجَرْنا مَن أجَرْتِ يا أُمَّ هانِئٍ قالَتْ أُمُّ هانِئٍ: وذاكَ ضُحًى (رواه البخاري:٦١٥٨، ومسلم:٣٣٦).

 

17- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنه قالت: يا رَسولَ اللهِ، هلْ أَتى عَلَيْكَ يَوْمٌ كانَ أَشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ؟ فَقالَ: “لقَدْ لَقِيتُ مِن قَوْمِكِ وَكانَ أَشَدَّ ما لَقِيتُ منهمْ يَومَ العَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي على ابْنِ عبدِ يالِيلَ بنِ عبدِ كُلالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إلى ما أَرَدْتُ، فانْطَلَقْتُ وَأَنا مَهْمُومٌ على وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إلّا بقَرْنِ الثَّعالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذا أَنا بسَحابَةٍ قدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذا فِيها جِبْرِيلُ، فَنادانِي، فَقالَ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَما رُدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، قالَ: فَنادانِي مَلَكُ الجِبالِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنا مَلَكُ الجِبالِ وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بأَمْرِكَ، فَما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أَصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا"(رواه مسلم:١٧٩٥).

 

18- عن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، قالَ في أُسارى بَدْرٍ: “لو كانَ المُطْعِمُ بنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِي في هَؤُلاءِ النَّتْنى، لَتَرَكْتُهُمْ له"(رواه البخاري:٤٠٢٤)؛ لأنه دخل في جواره لما رجع من الطائف.

 

19- عن أم سلمة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال للمسلِمينَ بمكَّةَ حينَ شطَّت بهم عشائرُهم: “تفرَّقوا في الأرضِ" فتفرَّقوا إلى أرضِ الحبشةِ فبعَثَت قريشٌ عبدَ اللهِ بنَ أبي رَبيعةَ وعمرَو بنَ العاصِ فكان فيما قال عمرٌو وعبدُ اللهِ للنَّجاشيِّ لا يُحيُّوك بالتَّحيَّةِ الَّتي يُحَيِّيك بها مَن يدخُلُ عليك منّا فقال لجعفرٍ وأصحابِه ما لكم ما تُحَيُّوني كما يُحَيِّي أصحابُكم قال نُحَيِّيكم بتحيَّةِ نبيِّنا -صلى الله عليه وسلم- إنَّها تحيَّةُ أهلِ الجنَّةِ (مجمع الزوائد؛ للهيثمي:٨-٤٢؛ فيه يعقوب بن محمد صرح بالتحديث وبقية رجاله ثقات).

 

20- قيل  لِعَلِيِّ بنِ أَبِي طالِبٍ، أَخْبِرْنا بشيءٍ أَسَرَّهُ إلَيْكَ رَسولُ اللهِ صَلّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: ما أَسَرَّ إلَيَّ شيئًا كَتَمَهُ النّاسَ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ يقولُ: “لَعَنَ اللَّهُ مَن ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَن آوى مُحْدِثًا، وَلَعَنَ اللَّهُ مَن لَعَنَ والِدَيْهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَن غَيَّرَ المَنار"(رواه مسلم:١٩٧٨).

 

21- عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ قالَ: خرجَ عُبدانٌ إلى رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يعني يومَ الحُدَيْبيةِ قبلَ الصُّلحِ فَكَتبَ إليهِ مواليهِم فقالوا: يا محمَّدُ واللَّهِ ما خَرجوا إليكَ رغبةً في دينِكَ، وإنَّما خرجوا هربًا منَ الرِّقِّ. فقالَ ناسٌ: صدَقوا يا رسولَ اللَّهِ رُدَّهُم إليهم، فغضِبَ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وقالَ: “ما أراكم تَنتَهونَ يا معشرَ قُرَيْشٍ حتّى يبعَثَ اللَّهُ عليكم من يضربُ رقابَكُم على هذا". وأبى أن يرُدَّهُم وقالَ: “هم عُتقاءُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ"(رواه داود:٢٧٠٠، وصححه الألباني).

 

22- عن أبي عُمَارة البراءِ بن عازب -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: “يَا فُلانُ، إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فراشِكَ، فَقُل: اللَّهُمَّ أسْلَمتُ نَفْسي إلَيْكَ، وَوَجَّهتُ وَجْهِي إلَيْكَ، وَفَوَّضتُ أَمْري إلَيْكَ، وَأَلجأْتُ ظَهري إلَيْكَ رَغبَةً وَرَهبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إلاَّ إلَيْكَ، آمنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أنْزَلْتَ؛ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ مِنْ لَيلَتِكَ مِتَّ عَلَى الفِطْرَةِ، وَإِنْ أصْبَحْتَ أَصَبْتَ خَيرًا". أخرجه البخاري: (٢٤٧)، ومسلم: (٢٧١٠).

 

23- عن عبدالله بن عباس وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم قال: لَمّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إلى المُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحابُهُ ثَلاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- القِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ برَبِّهِ: اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ ما وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إنْ تُهْلِكْ هذِه العِصابَةَ مِن أَهْلِ الإسْلامِ لا تُعْبَدْ في الأرْضِ، فَما زالَ يَهْتِفُ برَبِّهِ، مادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، حتّى سَقَطَ رِداؤُهُ عن مَنْكِبَيْهِ، فأتاهُ أَبُو بَكْرٍ فأخَذَ رِداءَهُ، فألْقاهُ على مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ التَزَمَهُ مِن وَرائِهِ، وَقالَ: يا نَبِيَّ اللهِ، كَفاكَ مُناشَدَتُكَ رَبَّكَ؛ فإنَّه سَيُنْجِزُ لكَ ما وَعَدَكَ، فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) [الأنفال: ٩]، فأمَدَّهُ اللَّهُ بالمَلائِكَةِ. قالَ أَبُو زُمَيْلٍ: فَحدَّثَني ابنُ عَبّاسٍ قالَ: بيْنَما رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَومَئذٍ يَشْتَدُّ في أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ المُشْرِكِينَ أَمامَهُ، إذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتَ الفارِسِ يقولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ، فَنَظَرَ إلى المُشْرِكِ أَمامَهُ، فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إلَيْهِ فَإِذا هو قدْ خُطِمَ أَنْفُهُ، وَشُقَّ وَجْهُهُ، كَضَرْبَةِ السَّوْطِ، فاخْضَرَّ ذلكَ أَجْمَعُ، فَجاءَ الأنْصارِيُّ، فَحَدَّثَ بذلكَ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقالَ: صَدَقْتَ؛ ذلكَ مِن مَدَدِ السَّماءِ الثّالِثَةِ، فَقَتَلُوا يَومَئذٍ سَبْعِينَ، وَأَسَرُوا سَبْعِينَ. قالَ أَبُو زُمَيْلٍ: قالَ ابنُ عَبّاسٍ: فَلَمّا أَسَرُوا الأُسارى، قالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: ما تَرَوْنَ في هَؤُلاءِ الأُسارى؟ فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: يا نَبِيَّ اللهِ، هُمْ بَنُو العَمِّ والْعَشِيرَةِ، أَرى أَنْ تَأْخُذَ منهمْ فِدْيَةً فَتَكُونُ لَنا قُوَّةً على الكُفّارِ؛ فَعَسى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلإِسْلامِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ما تَرى يا ابْنَ الخَطّابِ؟ قُلتُ: لا، واللَّهِ يا رَسولَ اللهِ ما أَرى الَّذي رَأى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرى أَنْ تُمَكِّنّا فَنَضْرِبَ أَعْناقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِن عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي مِن فُلانٍ -نَسِيبًا لِعُمَرَ- فأضْرِبَ عُنُقَهُ؛ فإنَّ هَؤُلاءِ أَئِمَّةُ الكُفْرِ وَصَنادِيدُها، فَهَوِيَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ما قالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ ما قُلتُ، فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ جِئْتُ، فَإِذا رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبُو بَكْرٍ قاعِدَيْنِ يَبْكِيانِ، قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي مِن أَيِّ شَيءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصاحِبُكَ؟ فإنْ وَجَدْتُ بُكاءً بَكَيْتُ، وإنْ لَمْ أَجِدْ بُكاءً تَباكَيْتُ لِبُكائِكُما، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحابُكَ مِن أَخْذِهِمِ الفِداءَ، لقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذابُهُمْ أَدْنى مِن هذِه الشَّجَرَةِ -شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِن نَبِيِّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) إلى قَوْلِهِ (فَكُلُوا ممّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّبًا) [الأنفال: ٦٧-٦٩]، فأحَلَّ اللَّهُ الغَنِيمَةَ لهمْ. رواه مسلم: (١٧٦٣).

 

24- عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: دَعا رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- على الأحْزابِ فَقالَ: “اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتابِ، سَرِيعَ الحِسابِ، اهْزِمِ الأحْزابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وزَلْزِلْهُمْ". أخرجه البخاري: (٤١١٥) ومسلم: (١٧٤٢).

 

25- عن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كانَ إذا خرجَ من منزلِهِ قالَ اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ أن أضلَّ أو أزلَّ أو أظلِمَ أو أُظلمَ أو أجْهلَ أو يُجهلَ عليَّ. رواه ابن ماجه: (٣١٤٨)، وصححه الألباني.

 

26- عن أنسِ بنِ مالِكٍ قالَ كانَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا غزا قالَ: “اللَّهمَّ أنتَ عَضُدي ونصيري بِكَ أحولُ وبِكَ أصولُ وبِكَ أقاتِلُ". رواه أبو داود: (٢٦٣٢)، وصححه الألباني.

 

27- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: علَّمني رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا نزَل بي كَرْبٌ أنْ أقولَ: “لا إلهَ إلّا اللهُ الحليمُ الكريمُ، سُبحانَ اللهِ، وتَبارَك اللهُ ربُّ العرشِ العظيمِ، والحمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ". أخرجه النسائي في السنن الكبرى: (٧٦٧٣)، وأحمد: (٧٠١) واللفظ له، وصححه شعيب الأرنؤوط.

 

الاثار

1- خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ: “أَلا إِنِّي وَاللَّهِ مَا أُرْسِلُ عُمَّالِي إِلَيْكُمْ لِيَضْرِبُوا أَبْشَارَكُمْ، وَلا لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَكُمْ، وَلَكِنْ أُرْسِلُهُمْ إِلَيْكُمْ لِيُعَلِّمُوكُمْ دِينَكُمْ وَسُنَّتَكُمْ، فَمَنْ فُعِلَ بِهِ شَيْءٌ سِوَى ذَلِكَ فَلْيَرْفَعْهُ إِلَيَّ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِذَنْ لَأُقِصَّنَّهُ مِنْهُ، فَوَثَبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَوَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَعِيَّةٍ، فَأَدَّبَ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ، أَئِنَّكَ لَمُقْتَصُّهُ مِنْهُ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ، إِذَا لَأُقِصَّنَّهُ مِنْهُ، أني لَأُ أقِصَّنَّهُ مِنْهُ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ” يُقِصُّ مِنْ نَفْسِهِ”، ألا لَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ، وَلا تُجَمِّرُوهُمْ فَتَفْتِنُوهُمْ، وَلا تَمْنَعُوهُمْ حُقُوقَهُمْ فَتُكَفِّرُوهُمْ، وَلا تُنْزِلُوهُمُ الْغِيَاضَ فَتُضَيِّعُوهُمْ"(رواه أحمد في مسنده حديث رقم 286).

القصص

1- عن أم سلمة أم المؤمنين: لَمَّا نَزَلْنا أرضَ الحبشةِ جاوَرْنا بها خيرَ جارٍ النَّجاشيَّ؛ أَمِنَّا على دِينِنا، وعَبَدْنا اللهَ، لا نؤذَى ولا نَسمَعُ شيئًا نَكرَهُه. فلمَّا بَلَغ ذلكَ قُريشًا ائْتَمَروا أنْ يَبعَثوا إلى النَّجاشيِّ فينا رَجُلَينِ جَلْدَينِ، وأنْ يُهْدوا للنَّجاشيِّ هَدايا ممَّا يُستطرَفُ مِن مَتاعِ مكَّةَ، وكان مِن أعجَبِ ما يَأتيهِ منها إليه الأَدَمُ، فجَمَعوا له أَدَمًا كثيرًا، ولمْ يَتركوا مِن بَطارِقَتِه بِطْريقًا إلَّا أَهدَوْا له هديَّةً، ثمَّ بَعَثوا بذلكَ مع عبدِ اللهِ بنِ أبي ربيعةَ بنِ المُغيرةِ المَخزوميِّ وعَمرِو بنِ العاصِ بنِ وائلٍ السَّهْميِّ، وأَمَروهما أمْرَهُم، وقالوا لهُما: ادفَعوا إلى كلِّ بِطْريقٍ هديَّتَه قَبْل أنْ تُكلِّموا النَّجاشيَّ فيهِم، ثمَّ قَدِّموا للنَّجاشيِّ هَداياهُ، ثمَّ سَلُوه أنْ يُسْلِمَهُم إليكُم قَبْل أنْ يُكلِّمَهُم. قالتْ: فخرَجَا، فقَدِمَا على النَّجاشيِّ، ونحنُ عِندَه بخيرِ دارٍ، وعِندَ خيرِ جارٍ، فلمْ يَبْقَ مِن بَطارِقَتِه بِطْريقٌ إلَّا دَفَعَا إليه هديَّتَه قَبْل أنْ يُكلِّما النَّجاشيَّ، ثمَّ قالا لكلِّ بِطْريقٍ منهُم: إنَّه قد صَبَا إلى بلدِ الملِكِ منَّا غِلمانٌ سفهاءُ، فارَقوا دِينَ قومِهِم، ولمْ يَدخُلوا في دِينِكُم، وجاؤوا بدِينٍ مُبتدَعٍ لا نَعرِفُه نحنُ ولا أنتُم، وقد بَعَثَنا إلى الملِكِ فيهِم أشرافُ قومِهِم؛ لِيَرُدَّهُم إليهِم، فإذا كلَّمْنا الملِكَ فيهِم فأَشِيروا عليه بأنْ يُسْلِمَهُم إلينا ولا يُكلِّمَهُم؛ فإنَّ قَومَهُم أعلى بهِم عَيْنًا، وأَعلَمُ بما عابوا عليهِم. فقالوا لهُما: نعَم. ثمَّ إنَّهُما قَرَّبَا هداياهُم إلى النَّجاشيِّ، فقَبِلَها منهُما، ثمَّ كلَّماهُ فقالا له: أيُّها الملِكُ، إنَّه قد صَبَا إلى بلدِكَ منَّا غِلمانٌ سُفهاءُ، فارَقوا دِينَ قومِهِم، ولمْ يَدخُلوا في دِينِكَ، وجاؤُوا بدِينٍ مُبتدَعٍ لا نَعرِفُه نحنُ ولا أنتَ، وقد بعَثَنا إليكَ فيهم أشرافُ قومِهِم مِن آبائِهِم وأعمامِهِم وعشائِرِهِم؛ لتَرُدَّهُم إليهِم؛ فهُم أعلى بهِم عَينًا، وأَعلَمُ بما عابوا عليهِم، وعاتَبوهُم فيه. قالتْ: ولمْ يَكُنْ شيءٌ أَبغضَ إلى عبدِ اللهِ بنِ أبي رَبيعةَ وعَمرِو بنِ العاصِ مِن أنْ يَسمَعَ النَّجاشيُّ كلامَهُم. فقالتْ بَطارِقَتُه حَوْلَه: صدَقوا أيُّها الملِكُ، قومُهُم أعلى بهِم عَينًا، وأَعلَمُ بما عابوا عليهِم، فأَسْلِمْهُم إليهِما، فلْيَرُدَّاهُم إلى بلادِهِم وقومِهِم. قال: فغَضِبَ النَّجاشيُّ، ثمَّ قال: لا هَيْمُ اللهِ إذًا لا أُسْلِمُهُم إليهِما، ولا أُكادُ قومًا جاوَروني ونَزلوا بلادي واختاروني على مَن سِوايَ، حتَّى أَدْعوَهُم فأَسألَهُم ما يقولُ هذانِ في أمْرِهِم، فإنْ كانوا كما يَقولانِ أَسْلَمْتُهُم إليهِما وردَدْتُهُم إلى قَومِهِم، وإنْ كانوا على غيرِ ذلكَ منَعْتُهُم منهُما وأحسنْتُ جِوارَهُم ما جاوَروني. قالتْ: ثمَّ أَرسَلَ إلى أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فدَعاهُم، فلمَّا جاءَهُم رسولُه اجتَمَعوا، ثمَّ قال بعضُهُم لبعضٍ: ما تَقولون للرَّجُلِ إذا جِئْتُموهُ؟ قالوا: نَقولُ واللهِ ما عَلِمْنا، وما أَمَرَنا به نبيُّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، كائِنٌ في ذلكَ ما هو كائِنٌ. فلمَّا جاؤُوه - وقد دَعَا النَّجاشيُّ أَساقِفَتَه، فنَشَروا مصاحفَهُم حَوْلَه - سألَهُم، فقال: ما هذا الدِّينُ الَّذي فارَقْتُم فيه قومَكُم ولمْ تَدخُلوا في دِيني ولا في دِينِ أحدٍ مِن هذه الأُمَمِ؟ قالتْ: فكان الَّذي كلَّمَه جعفرُ بنُ أبي طالبٍ، فقال له: أيُّها الملِكُ، كنَّا قَومًا أهلَ جاهليَّةٍ، نَعبُدُ الأصنامَ، ونَأكُلُ المَيْتةَ، ونَأتي الفواحشَ، ونَقطَعُ الأرحامَ، ونُسيءُ الجِوارَ، يَأكُلُ القَويُّ منَّا الضَّعيفَ، فكنَّا على ذلكَ حتَّى بَعَث اللهُ إلينا رسولًا منَّا نَعرِفُ نسبَه وصِدْقَه، وأمانتَه وعَفافَه، فدَعانا إلى اللهِ لِنوحِّدَه ونَعبُدَه ونَخلَعَ ما كنَّا نَعبُدُ نحنُ وآباؤُنا مِن دُونِه مِنَ الحجارةِ والأوثانِ، وأَمَرَنا بصِدْقِ الحديثِ، وأداءِ الأمانةِ، وصِلَةِ الرَّحمِ، وحُسْنِ الجِوارِ، والكفِّ عنِ المَحارمِ والدِّماءِ، ونَهانا عنِ الفَواحشِ، وقولِ الزُّورِ، وأكْلِ مالِ اليتيمِ، وقذْفِ المُحْصنةِ، وأَمَرَنا أنْ نَعبُدَ اللهَ وحْدَه لا نُشرِكُ به شيئًا، وأَمَرَنا بالصَّلاةِ والزَّكاةِ والصِّيامِ - قالتْ: فعَدَّدَ عليه أُمورَ الإسلامِ -، فصدَّقْناه وآمَنَّا به، واتَّبَعْناه على ما جاءَ به، فعَبَدْنا اللهَ وحْدَه فلمْ نُشرِكْ به شيئًا، وحرَّمْنا ما حَرَّم علينا، وأَحْلَلْنا ما أَحَلَّ لنا، فعَدَا علينا قومُنا فعَذَّبونا، وفَتَنونا عن دِينِنا؛ لِيَرُدُّونا إلى عبادةِ الأوثانِ مِن عبادةِ اللهِ، وأنْ نَستحِلَّ ما كنَّا نَستحِلُّ مِنَ الخبائثِ، فلمَّا قَهَرونا وظَلَمونا وشَقُّوا علينا وحالوا بيْننا وبيْن دِينِنا، خرَجْنا إلى بلدِكَ، واختَرْناكَ على مَن سِواكَ، ورَغِبْنا في جِوارِكَ، ورَجَوْنا أن لا نُظلَمَ عِندَكَ أيُّها الملِكُ. قالتْ: فقال له النَّجاشيُّ: هل معكَ ممَّا جاء به عنِ اللهِ مِن شيءٍ؟ قالتْ: فقال له جعفرٌ: نعَم. فقال له النجاشيُّ: فاقرَأْهُ عليَّ. فقَرَأَ عليه صَدرًا مِن {كهيعص}. قالتْ: فبَكى واللهِ النَّجاشيُّ حتَّى أَخضَلَ لحيتَه، وبَكَتْ أَساقِفَتُه حتَّى أَخْضَلوا مصاحفَهُم، حين سمِعوا ما تَلا عليهِم. ثمَّ قال النَّجاشيُّ: إنَّ هذا - واللهِ - والَّذي جاءَ به موسى لَيَخرُجُ مِن مِشكاةٍ واحدةٍ. انطَلِقا، فواللهِ لا أُسْلِمُهُم إليكُم أبدًا، ولا أُكادُ. قالتْ أُمُّ سلَمةَ: فلمَّا خَرَجا مِن عِندِه قال عَمرُو بنُ العاصِ: واللهِ لأُنبِئَنَّه غدًا عَيْبَهُم عِندَه، ثمَّ أَستأصِلُ به خَضْراءَهُم. قالتْ: فقال له عبدُ اللهِ بنُ أبي ربيعةَ - وكان أَتقى الرَّجُلَينِ فينا -: لا تَفعَلْ؛ فإنَّ لهُم أرحامًا وإنْ كانوا قد خالَفونا. قال: واللهِ لأُخبِرَنَّه أنَّهُم يَزعُمون أنَّ عيسى ابنَ مريمَ عبْدٌ. قالتْ: ثمَّ غَدَا عليه الغَدَ، فقال له: أيُّها الملِكُ إنَّهُم يَقولون في عيسى ابنِ مريمَ قولًا عظيمًا، فأَرسِلْ إليهم فاسألْهُم عمَّا يَقولون فيه! قالتْ: فأَرسَلَ إليهِم يَسألُهُم عنه، قالتْ: ولمْ يَنزِلْ بنا مِثْلُها، فاجتَمَع القومُ، فقال بعضُهُم لبعضٍ: ماذا تَقولون في عيسى إذا سألَكُم عنه؟ قالوا: نَقولُ واللهِ فيه ما قال اللهُ، وما جاءَ به نبيُّنا، كائنًا في ذلكَ ما هو كائنٌ. فلمَّا دَخَلوا عليه، قال لهُم: ما تَقولون في عيسى ابنِ مريمَ؟ فقال له جعفرُ بنُ أبي طالبٍ: نَقولُ فيه الَّذي جاءَ به نبيُّنا، هو عبْدُ اللهِ ورسولُه، ورُوحُه، وكَلِمتُه أَلْقاها إلى مريمَ العَذراءِ البَتولِ. قالتْ: فضَرَبَ النَّجاشيُّ يدَه إلى الأرضِ، فأَخَذ منها عُودًا، ثمَّ قال: ما عَدَا عيسى ابنُ مريمَ ما قُلْتَ هذا العُودَ. فتَناخَرَتْ بَطارِقَتُه حَوْلَه حين قال ما قال! فقال: وإنْ نَخَرْتُم واللهِ، اذهَبوا فأنتُم سُيُومٌ بأرْضي - والسُّيُومُ: الآمِنونَ -، مَن سَبَّكُم غُرِّمَ، ثمَّ مَن سَبَّكُم غُرِّمَ، فما أُحِبُّ أنَّ لي دَبْرًا ذهَبًا وأنِّي آذَيْتُ رَجُلًا منكُم - والدَّبْرُ بلسانِ الحبشةِ: الجَبَلُ -، رُدُّوا عليهِما هَداياهُما؛ فلا حاجةَ لنا بها، فواللهِ ما أَخَذ اللهُ منِّي الرِّشوةَ حين رَدَّ عليَّ مُلْكي فآخُذَ الرِّشوةَ فيه، وما أَطاعَ النَّاسَ فيَّ فأُطيعَهُم فيه. قالتْ: فخَرَجا منِ عِندِه مَقبوحَينِ مَرْدودًا عليهِما ما جاءَا به، وأَقَمْنا عِندَه بخيرِ دارٍ، مع خيرِ جارٍ. قالتْ: فواللهِ إنَّا على ذلكَ إذْ نَزَل به - يعني: مَن يُنازِعُه في مُلْكِه -. قالتْ: فواللهِ ما عَلِمْنا حُزْنًا قطُّ كان أشَدَّ مِن حُزْنٍ حَزِنَّاهُ عِندَ ذلكَ؛ تَخَوُّفًا أنْ يَظهَرَ ذلكَ على النَّجاشيِّ، فيَأتي رَجُلٌ لا يَعرِفُ مِن حقِّنا ما كان النَّجاشيُّ يَعرِفُ منه. قالت: وسارَ النَّجاشيُّ وبيْنهما عَرْضُ النِّيلِ. قالتْ: فقال أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن رَجُلٌ يَخرُجُ حتَّى يَحضُرَ وقعةَ القومِ ثمَّ يَأْتينا بالخبرِ؟ قالتْ: فقال الزُّبَيرُ بنُ العَوَّامِ: أنا. قالتْ: وكان مِن أحدثِ القومِ سِنًّا. قالتْ: فنَفَخوا له قِرْبةً، فجَعَلَها في صَدرِه، ثمَّ سَبَح عليها حتَّى خَرَج إلى ناحيةِ النِّيلِ الَّتي بها مُلتَقى القومِ، ثمَّ انطَلَق حتَّى حضَرَهُم. قالتْ: ودَعَوْنا اللهَ للنَّجاشيِّ بالظُّهورِ على عدوِّه، والتَّمكينِ له في بلادِه. واستَوْسَقَ عليه أمْرُ الحبشةِ، فكنَّا عِندَه في خيرِ منزلٍ حتَّى قَدِمْنا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو بمكَّةَ (رواه أحمد في مسنده:٣‏-١٨٠، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح) وفي رواية: “وقال للمسلِمين اذهَبوا، فأنتُمْ آمِنونَ ما أحبُّ أنَّ لي جبلًا من ذهبٍ وأنني آذيتُ رجلًا منكُم وردَّ هديَّةَ قُريشٍ وقال: ما أخذَ اللَّهُ الرِّشوةَ منِّي حتّى آخُذَها منكُم ولا أطاعَ النّاسَ فيَّ، حتى أطيعَهُم فيهِ"(وصححه الألباني في فقه السيرة:١١٥).

 

2- قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: “فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: لَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الطَّائِفِ، عَمَدَ إلَى نَفَرٍ مِنْ ثَقِيفٍ، هُمْ يَوْمَئِذٍ سَادَةُ ثَقِيفٍ وَأَشْرَافُهُمْ، وَهُمْ إخْوَةٌ ثَلَاثَةٌ: عَبْدُ يَالَيْلَ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ، وَمَسْعُودُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ، وَحَبِيبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُقْدَةَ بْنِ غِيرَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَقِيفٍ، وَعِنْدَ أَحَدِهِمْ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي جُمَحٍ، فَجَلَسَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَاهُمْ إلَى اللَّهِ، وَكَلَّمَهُمْ بِمَا جَاءَهُمْ لَهُ مِنْ نُصْرَتِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَالْقِيَامِ مَعَهُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ: هُوَ يَمْرُطُ ثِيَابَ الْكَعْبَةِ إنْ كَانَ اللَّهُ أَرْسَلَكَ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَمَا وَجَدَ اللَّهُ أَحَدًا يُرْسِلُهُ غَيْرَكَ! وَقَالَ الثَّالِثُ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا. لَئِنْ كُنْتَ رَسُولًا مِنْ اللَّهِ كَمَا تَقُولُ، لَأَنْتَ أَعْظَمُ خَطَرًا مِنْ أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ الْكَلَامَ، وَلَئِنْ كُنْتَ تَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ، مَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أُكَلِّمَكَ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِمْ وَقَدْ يئس من خبر ثَقِيفٍ، وَقَدْ قَالَ لَهُمْ- فِيمَا ذُكِرَ لِي-: إذَا فَعَلْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ فَاكْتُمُوا عَنِّي، وَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْلُغَ قَوْمَهُ عَنْهُ، فَيُذْئِرَهُمْ ذَلِكَ عَلَيْهِ.

 

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَالَ عَبِيدُ بْنُ الْأَبْرَصِ: وَلَقَدْ أَتَانِي عَنْ تَمِيمٍ أَنَّهُمْ... ذَئِرُوا لِقَتْلَى عَامِرٍ وَتَعَصَّبُوا فَلَمْ يَفْعَلُوا، وَأَغْرَوْا بِهِ سُفَهَاءَهُمْ وَعَبِيدَهُمْ، يَسُبُّونَهُ وَيَصِيحُونَ بِهِ، حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، وَأَلْجَئُوهُ إلَى حَائِطٍ لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَهُمَا فِيهِ، وَرَجَعَ عَنْهُ مِنْ سُفَهَاءِ ثَقِيفٍ مَنْ كَانَ يَتْبَعُهُ، فَعَمَدَ إلَى ظِلِّ حَبَلَةٍ مِنْ عِنَبٍ، فَجَلَسَ فِيهِ. وَابْنَا رَبِيعَةَ يَنْظُرَانِ إلَيْهِ، وَيَرَيَانِ مَا لَقِيَ مِنْ سُفَهَاءِ أَهْلِ الطَّائِفِ، وَقَدْ لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا ذُكِرَ لِي- الْمَرْأَةَ الَّتِي مِنْ بَنِي جُمَحٍ، فَقَالَ لَهَا: مَاذَا لَقِينَا مِنْ أَحْمَائِكَ؟

 

فَلَمَّا اطْمَأَنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ- فِيمَا ذُكِرَ لِي-: اللَّهمّ إلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَأَنْتَ رَبِّي، إلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي؟ أَمْ إلَى عَدُوٍّ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ عَلَيَّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَكَ، أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ سُخْطُكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِكَ.

 

قَالَ: فَلَمَّا رَآهُ ابْنَا رَبِيعَةَ، عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ، وَمَا لَقِيَ، تَحَرَّكَتْ لَهُ رَحِمُهُمَا، فَدَعَوْا غُلَامًا لَهُمَا نَصْرَانِيًّا، يُقَالُ لَهُ عَدَّاسٌ، فَقَالَا لَهُ: خُذْ قِطْفًا (مِنْ هَذَا) الْعِنَبِ، فَضَعْهُ فِي هَذَا الطَّبَقِ، ثُمَّ اذْهَبْ بِهِ إلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَقُلْ لَهُ يَأْكُلُ مِنْهُ.

 

فَفَعَلَ عَدَّاسٌ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ حَتَّى وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كُلْ، فَلَمَّا وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ يَدَهُ، قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ، ثُمَّ أَكَلَ، فَنَظَرَ عَدَّاسٌ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ إنَّ هَذَا الْكَلَامَ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ هَذِهِ الْبِلَادِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمِنْ أَهْلِ أَيِّ الْبِلَادِ أَنْتَ يَا عَدَّاسُ، وَمَا دِينُكَ؟ قَالَ: نَصْرَانِيٌّ، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نِينَوَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِنْ قَرْيَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ يُونُسَ بْنِ مَتَّى، فَقَالَ لَهُ عَدَّاسٌ: وَمَا يُدْرِيكَ مَا يُونُسُ بْنُ مَتَّى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاكَ أَخِي، كَانَ نَبِيًّا وَأَنَا نَبِيٌّ، فَأَكَبَّ عَدَّاسٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ وَقَدَمَيْهِ.

 

قَالَ: يَقُولُ ابْنَا رَبِيعَةَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَمَّا غُلَامُكَ فَقَدْ أَفْسَدَهُ عَلَيْكَ. فَلَمَّا جَاءَهُمَا عَدَّاسٌ، قَالَا لَهُ: وَيْلَكَ يَا عدّاس! مَا لَك تُقَبِّلُ رَأْسَ هَذَا الرَّجُلِ وَيَدَيْهِ وَقَدَمَيْهِ؟ قَالَ: يَا سَيِّدِي مَا فِي الْأَرْضِ شَيْءٌ خَيْرٌ مِنْ هَذَا، لَقَدْ أَخْبَرَنِي بِأَمْرِ مَا يَعْلَمُهُ إلَّا نَبِيٌّ، قَالَا لَهُ: وَيْحَكَ يَا عَدَّاسُ، لَا يَصْرِفَنَّكَ عَنْ دِينِكَ، فَإِنَّ دِينَكَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِ.

 

قَالَ: ثُمَّ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنْ الطَّائِفِ رَاجِعًا إلَى مَكَّةَ"(السيرة النبوية لابن هشام:2-419).

 

3- قصة حدث بعد صلح الحديبية حينما جاء أبو بصير إلى رسول الله– صلى الله عليه وسلم-، فبعث قريش تطلبه بواسطة رجلين منها، فقال رسول الله– صلى الله عليه وسلم-: يا أبا بصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت ولا يصلح لنا في ديننا الغدر، وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا فانطلق إلى قومك، قال: يا رسول الله، أتردني  إلى المشركين يفتنونني في ديني؟ قال: يا أبا بصير، انطلق فإن الله تعالى سيجعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا فانطلق أبو بصير إليهم. فجعلوا لا يتركون لقريش عيرا ولا ميرة ولا مارا إلا قطعوا بهم. فكتبت في ذلك قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا نرى أن تضمهم إلى المدينة فقد أذونا"(السيرة النبوية لابن هشام:3-331).

 

4- قال ابن القيم: “فقال له زيد: كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك؟ ـ يعني قريشا ـ، قال: يا زيد، إن الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا، وإن الله ناصر دينه، ومظهر نبيه، فلما انتهى إلى مكة، أرسل رجلا من خزاعة إلى مُطْعَم بن عدي: أدخل في جوارك؟، فقال: نعم، فدعا بنيه وقومه، وقال: البسوا السلاح، وكونوا عند أركان البيت، فإني قد أجرتُ محمداً، فدخل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ومعه زيد بن حارثة حتى انتهى إلى المسجد الحرام، فقام المطعم على راحلته، فنادى: يا معشر قريش، إني قد أجرت محمداً، فلا يهجه أحد منكم، فانتهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الركن، فاستلمه، وصلى ركعتين، وانصرف إلى بيته ومطعم وولده محدقون به بالسلاح حتى دخل بيته"(زاد المعاد:1-315).

 

5- روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه أتي بسبي فقام فنظر إلى امرأة منهن تبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: ابني بيع في بني عبس، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي أسيد الأنصاري: فرقت بينهما فلترجعن ولتأتين به، فرجع فأتى به(شرح السير الكبير:5-247).

 

6- قال ابن الأثير: “وأصبح المطعم قد لبس سلاحه هو وبنوه وبنو أخيه فدخلوا المسجد، فقال له أبو جهل: أمجير أم متابع؟، قال: بل مجير، قال: قد أجرنا من أجرت”(الكامل في التاريخ1-608).

 

7- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: لَمْ أعْقِلْ أبَوَيَّ قَطُّ، إلَّا وهُما يَدِينانِ الدِّينَ، ولَمْ يَمُرَّ عليْنا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينا فيه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَرَفَيِ النَّهارِ، بُكْرَةً وعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ خَرَجَ أبو بَكْرٍ مُهاجِرًا نَحْوَ أرْضِ الحَبَشَةِ، حتَّى إذا بَلَغَ بَرْكَ الغِمادِ لَقِيَهُ ابنُ الدَّغِنَةِ وهو سَيِّدُ القارَةِ، فقالَ: أيْنَ تُرِيدُ يا أبا بَكْرٍ؟ فقالَ أبو بَكْرٍ: أخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأُرِيدُ أنْ أسِيحَ في الأرْضِ وأَعْبُدَ رَبِّي، قالَ ابنُ الدَّغِنَةِ: فإنَّ مِثْلَكَ يا أبا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ ولا يُخْرَجُ، إنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ وتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ وتَقْرِي الضَّيْفَ وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ، فأنا لكَ جارٌ ارْجِعْ واعْبُدْ رَبَّكَ ببَلَدِكَ، فَرَجَعَ وارْتَحَلَ معهُ ابنُ الدَّغِنَةِ، فَطافَ ابنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً في أشْرافِ قُرَيْشٍ، فقالَ لهمْ: إنَّ أبا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ مِثْلُهُ ولا يُخْرَجُ، أتُخْرِجُونَ رَجُلًا يَكْسِبُ المَعْدُومَ ويَصِلُ الرَّحِمَ، ويَحْمِلُ الكَلَّ ويَقْرِي الضَّيْفَ، ويُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ، فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بجِوارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وقالوا: لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أبا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ في دارِهِ، فَلْيُصَلِّ فيها ولْيَقْرَأْ ما شاءَ، ولا يُؤْذِينا بذلكَ ولا يَسْتَعْلِنْ به، فإنَّا نَخْشَى أنْ يَفْتِنَ نِساءَنا وأَبْناءَنا، فقالَ ذلكَ ابنُ الدَّغِنَةِ لأبِي بَكْرٍ، فَلَبِثَ أبو بَكْرٍ بذلكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ في دارِهِ، ولا يَسْتَعْلِنُ بصَلاتِهِ ولا يَقْرَأُ في غيرِ دارِهِ، ثُمَّ بَدا لأبِي بَكْرٍ، فابْتَنَى مَسْجِدًا بفِناءِ دارِهِ، وكانَ يُصَلِّي فِيهِ، ويَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَنْقَذِفُ عليه نِساءُ المُشْرِكِينَ وأَبْناؤُهُمْ، وهُمْ يَعْجَبُونَ منه ويَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وكانَ أبو بَكْرٍ رَجُلًا بَكّاءً، لا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إذا قَرَأَ القُرْآنَ، وأَفْزَعَ ذلكَ أشْرافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فأرْسَلُوا إلى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عليهم، فقالوا: إنَّا كُنَّا أجَرْنا أبا بَكْرٍ بجِوارِكَ، علَى أنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دارِهِ، فقَدْ جاوَزَ ذلكَ، فابْتَنَى مَسْجِدًا بفِناءِ دارِهِ، فأعْلَنَ بالصَّلاةِ والقِراءَةِ فِيهِ، وإنَّا قدْ خَشِينا أنْ يَفْتِنَ نِساءَنا وأَبْناءَنا، فانْهَهُ، فإنْ أحَبَّ أنْ يَقْتَصِرَ علَى أنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دارِهِ فَعَلَ، وإنْ أبَى إلَّا أنْ يُعْلِنَ بذلكَ، فَسَلْهُ أنْ يَرُدَّ إلَيْكَ ذِمَّتَكَ، فإنَّا قدْ كَرِهْنا أنْ نُخْفِرَكَ، ولَسْنا مُقِرِّينَ لأبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلانَ، قالَتْ عائِشَةُ: فأتَى ابنُ الدَّغِنَةِ إلى أبِي بَكْرٍ فقالَ: قدْ عَلِمْتَ الذي عاقَدْتُ لكَ عليه، فَإِمَّا أنْ تَقْتَصِرَ علَى ذلكَ، وإمَّا أنْ تَرْجِعَ إلَيَّ ذِمَّتِي، فإنِّي لا أُحِبُّ أنْ تَسْمع العَرَبُ أنِّي أُخْفِرْتُ في رَجُلٍ عَقَدْتُ له، فقالَ أبو بَكْرٍ: فإنِّي أرُدُّ إلَيْكَ جِوارَكَ، وأَرْضَى بجِوارِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَئذٍ بمَكَّةَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ: إنِّي أُرِيتُ دارَ هِجْرَتِكُمْ، ذاتَ نَخْلٍ بيْنَ لابَتَيْنِ وهُما الحَرَّتانِ، فَهاجَرَ مَن هاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ، ورَجَعَ عامَّةُ مَن كانَ هاجَرَ بأَرْضِ الحَبَشَةِ إلى المَدِينَةِ، وتَجَهَّزَ أبو بَكْرٍ قِبَلَ المَدِينَةِ، فقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: علَى رِسْلِكَ، فإنِّي أرْجُو أنْ يُؤْذَنَ لي فقالَ أبو بَكْرٍ: وهلْ تَرْجُو ذلكَ بأَبِي أنْتَ؟ قالَ: نَعَمْ فَحَبَسَ أبو بَكْرٍ نَفْسَهُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَصْحَبَهُ، وعَلَفَ راحِلَتَيْنِ كانَتا عِنْدَهُ ورَقَ السَّمُرِ وهو الخَبَطُ، أرْبَعَةَ أشْهُرٍ. قالَ ابنُ شِهابٍ، قالَ: عُرْوَةُ، قالَتْ عائِشَةُ: فَبيْنَما نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ في بَيْتِ أبِي بَكْرٍ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، قالَ قائِلٌ لأبِي بَكْرٍ: هذا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُتَقَنِّعًا، في ساعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينا فيها، فقالَ أبو بَكْرٍ: فِداءٌ له أبِي وأُمِّي، واللَّهِ ما جاءَ به في هذِه السَّاعَةِ إلَّا أمْرٌ، قالَتْ: فَجاءَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ له فَدَخَلَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأبِي بَكْرٍ: أخْرِجْ مَن عِنْدَكَ. فقالَ أبو بَكْرٍ: إنَّما هُمْ أهْلُكَ، بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: فإنِّي قدْ أُذِنَ لي في الخُرُوجِ فقالَ أبو بَكْرٍ: الصَّحابَةُ بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَعَمْ قالَ أبو بَكْرٍ: فَخُذْ - بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ - إحْدَى راحِلَتَيَّ هاتَيْنِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بالثَّمَنِ. قالَتْ عائِشَةُ: فَجَهَّزْناهُما أحَثَّ الجِهازِ، وصَنَعْنا لهما سُفْرَةً في جِرابٍ، فَقَطَعَتْ أسْماءُ بنْتُ أبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِن نِطاقِها، فَرَبَطَتْ به علَى فَمِ الجِرابِ، فَبِذلكَ سُمِّيَتْ ذاتَ النِّطاقَيْنِ قالَتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبُو بَكْرٍ بغارٍ في جَبَلِ ثَوْرٍ، فَكَمَنا فيه ثَلاثَ لَيالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُما عبدُ اللَّهِ بنُ أبِي بَكْرٍ، وهو غُلامٌ شابٌّ، ثَقِفٌ لَقِنٌ، فيُدْلِجُ مِن عِندِهِما بسَحَرٍ، فيُصْبِحُ مع قُرَيْشٍ بمَكَّةَ كَبائِتٍ، فلا يَسْمَعُ أمْرًا، يُكْتادانِ به إلَّا وعاهُ، حتَّى يَأْتِيَهُما بخَبَرِ ذلكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلامُ، ويَرْعَى عليهما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ، مَوْلَى أبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِن غَنَمٍ، فيُرِيحُها عليهما حِينَ تَذْهَبُ ساعَةٌ مِنَ العِشاءِ، فَيَبِيتانِ في رِسْلٍ، وهو لَبَنُ مِنْحَتِهِما ورَضِيفِهِما، حتَّى يَنْعِقَ بها عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ بغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذلكَ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن تِلكَ اللَّيالِي الثَّلاثِ، واسْتَأْجَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِن بَنِي الدِّيلِ، وهو مِن بَنِي عبدِ بنِ عَدِيٍّ، هادِيا خِرِّيتًا، والخِرِّيتُ الماهِرُ بالهِدايَةِ، قدْ غَمَسَ حِلْفًا في آلِ العاصِ بنِ وائِلٍ السَّهْمِيِّ، وهو علَى دِينِ كُفّارِ قُرَيْشٍ، فأمِناهُ فَدَفَعا إلَيْهِ راحِلَتَيْهِما، وواعَداهُ غارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاثِ لَيالٍ، براحِلَتَيْهِما صُبْحَ ثَلاثٍ، وانْطَلَقَ معهُما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ، والدَّلِيلُ، فأخَذَ بهِمْ طَرِيقَ السَّواحِلِ (أخرجه البخاري:٣٩٠٥)

 

8- ما رواه لنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قَالَ: قدمت رفقة من التجار إلى المدينة، فنزلوا المصلى، فقَالَ لي عمر: هل لك أن نحرسهم الليلة من السرق؟ فباتا يحرسانهم، ويصليان ما كتب الله لهما.

 

فسمع عمر بكاء صبي، فتوجه نحوه وقَالَ لأمه: «اتَقِيّ الله وأحسني إلى صبيك»، ثم عاد إلى مكانه فسمع بكاءه، فعاد إلى أمه فقَالَ لها: « اتَقِيّ الله وأحسني إلى صبيك» ثم عاد إلى مكانه، فلما كان من آخر الليل سمع بكاءه فأتى أمه وقَالَ لها: « ويحك إني لأراك أم سوء، مالي أرى ابنك لا يقر ( أي لا يسكت ) منذ الليلة؟ » قَالَت: يا عبد الله قد أبرمتني (أضجرتني) منذ الليلة، إني أريده عن الفطام فيأبى. قَالَ: ولم؟ قَالَت: لأن عمر لا يفرض إلا للفطيم. قَالَ: وكم له (أي من العمر)؟ قَالَت: كذا وكذا شهراً. قَالَ ويحك لا تعجيله. فصلى عمر صلاة الفجر، وما يستبين الناس قراءته من غلبة البكاء، فلما سلّم من صلاته قَالَ: يا بؤساً لعمر، كم قتل من أولاد المسلمين؟ ثم أمر مناديه فنادى: أن لا تعجلوا أولادكم عن الفطام، فإنـا نفـرض لكـل مولود في الإسلام، وكتب بذلك عمر إلى الآفاق (كتاب الاموال؛ لأبي عبيد؛ ص: 237).

 

9- قال ابن الأثير: “كان الزبير بن باطا القرظي قد من على تابت بن قيس بن شماس في الجاهلية، يوم بعاث فأطلقه، فلما كان الآن أتاه تابت فقال له: أتعرفني؟ قال: وهل يجهل مثلي مثلك؟ قال: أريد أن أجزيك بيدك عندي، قال: إن الكريم تجزي الكريم، فأتى تابت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كان للزبير عندي يد أريد أن أجزيه بها فهبه لي فوهبه له، فأتاه فقال له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد وهب لي دمك فهو لك، قال: شيخ كبير لا أهل له ولا ولد.

 

فاستوهب تابت أهله وولده، من رسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبهم له، فقال: الزبير أهل بيت بالحجاز لا مال لهم، فاستوهب ثابت ماله من رسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبه له فمن عليه بالجميع"(الكامل في التاريخ:2/217-218).

 

10- قال ابن كثير عن حصار عكا: “قال العماد: كان للمسلمين لصوص يدخلون إلى خيام الفرنج فيسرقون، حتى أنهم كانوا يسرقون الرجال، فاتفق أن بعضهم أخذ صبياً رضيعاً من مهده ابن ثلاثة أشهر، فوجدت عليه أمه وجداً شديداً، واشتكت إلى ملوكهم فقالوا لها‏:‏ إن سلطان المسلمين رحيم القلب، وقد أذنا لك أن تذهبي إليه فتشكي أمرك إليه‏.‏

 

قال العماد‏:‏ فجاءت إلى السلطان فأنهت إليه حالها، فرق لها رقة شديدة حتى دمعت عينه‏.‏

 

ثم أمر بإحضار ولدها فإذا هو قد بيع في السوق، فرسم بدفع ثمنه إلى المشتري، ولم يزل واقفاً حتى جيء بالغلام فأخذته أمه وأرضعته ساعة وهي تبكي من شدة فرحها وشوقها إليه، ثم أمر بحملها إلى خيمتها على فرس مكرمة، رحمه الله تعالى وعفا عنه(البداية والنهاية:12-417)‏‏.

 

11- قال الأصفهاني: “في خبر إسحاق قال: فلما بلغ زينب هذا الشعر و ما وهب زوجها خرجت حتى أتت المدينة فأسلمت، و ذلك في ولاية عمر بن الخطاب، فقدم حجية المدينة فطلب زينب أن تردّ عليه، و كان نصرانيا، فنزل بالزبير بن العوام فأخبره بقصته، فقال له: إياك و أن يبلغ هذا عنك عمر فتلقى منه أذى. و انتشر خبر حجية و فشا بالمدينة و علم فيم كان مقدمه، فبلغ ذلك عمر، فقال للزبير: قد بلغني قصة ضيفك، و لقد هممت به لو لا تحرّمه ‏بالنزول عليك، فرجع الزبير إلى حجيّة فأعلمه قول عمر، قال حجية في ذلك (كتاب الأغاني؛ للأصفهاني:10-332).

 

12- قال ابن إسحاق: “يروي ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ أَبِي عُمَرُ قَالَ: أَيُّ قُرَيْشٍ أَنْقَلُ لِلْحَدِيثِ؟ فَقِيلَ لَهُ: جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ. قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهِ. قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: فَغَدَوْتُ أَتْبَعُ أَثَرَهُ، وَأَنْظُرُ مَا يَفْعَلُ، وَأَنَا غُلَامٌ أَعْقِلُ كُلَّ مَا رَأَيْتُ، حَتَّى جَاءَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَعَلِمْتَ يَا جَمِيلُ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، وَدَخَلْتُ فِي دِينِ مُحَمَّد؟ قَالَ: فَوَاللهِ مَا رَاجَعَهُ حَتَّى قَامَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ وَاتَّبَعَهُ عُمَرُ، وَاتَّبَعْتُ أَبِي، حَتَّى إذَا قَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ -وَهُمْ فِي أَنْدِيَتِهِمْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ- أَلَا إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَدْ صَبَأَ. قَالَ: ويَقُولُ عُمَرُ مِنْ خَلْفِهِ: كَذَبَ، وَلَكِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، وَشَهِدْتُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَثَارُوا إلَيْهِ، فَمَا بَرِحَ يُقَاتِلُهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُ حَتَّى قَامَتِ الشَّمْسُ عَلَى رُءُوسِهِمْ. قَالَ: وَطَلِحَ، فَقَعَدَ وَقَامُوا عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ: افْعَلُوا مَا بَدَا لَكُمْ، فَأَحْلِفُ باللَّه أَنْ لَوْ قَدْ كُنَّا ثَلَاثَماِئَةِ رَجُلٍ لَقَدْ تَرَكْنَاهَا لَكُمْ، أَوْ تَرَكْتُمُوهَا لَنَا. قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ، إذْ أَقْبَلَ شَيْخٌ مِنْ قُرَيْشٍ، عَلَيْهِ حُلَّةٌ حِبَرَةٌ، وَقَمِيصٌ مُوَشًّى، حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: صَبَأَ عُمَرُ. فَقَالَ: فَمَهْ، رَجُلٌ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ أَمْرًا، فَمَاذَا تُرِيدُونَ؟ أَتَرَوْنَ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ يُسْلِمُونَ لَكُمْ صَاحِبَهُمْ هَكَذَا! خَلُّوا عَنِ الرَّجُلِ. قَالَ: فوالله لَكَأَنَّمَا كَانُوا ثَوْبًا كُشِطَ عَنْهُ، قَالَ: فَقُلْتُ لأَبِي بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ: يَا أَبَتْ، مَنِ الرَّجُلُ: الَّذِي زَجَرَ الْقَوْمَ عَنْكَ بِمَكَّةَ يَوْمَ أَسْلَمْتُ، وَهُمْ يُقَاتِلُونَكَ؟ فَقَالَ: ذَاكَ، أَيْ بُنَيَّ، الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ(السير والمغازي:ص184، 185).

 

13- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: بَينَما هوَ في الدّارِ خائفًا إذ جاءَه العاصُ بنُ وائلٍ السَّهميُّ أبو عَمرٍو وعَليهِ حُلَّةُ حِبَرةٌ وقَميصٌ مَكفوفٌ بِحَريرٍ وهوَ مِن بَني سَهمٍ، وهُم حُلفاؤُنا في الجاهليَّةِ فَقال له: ما بالُك؟ قال: زَعَم قومُكَ أنَّهُم سَيقتلونَني إن أَسلَمتُ. قال: لا سَبيلَ إليكَ بعدَ أن آمَنتَ. فَخَرج العاصُ فلَقيَ النّاسَ قد سال بِهِم الوادي، فَقال: أينَ تُريدونَ؟ فَقالوا: نُريدُ هَذا ابنَ الخطّابِ الَّذي صَبأَ. قال: لا سبيلَ إليهِ فَكرَّ النّاسُ (الإلزامات والتتبع للدارقطني:٢٥٨).

 

14- قال ابن هشام الحميري في قصة سعد بن عبادة حينما خرجت قريش في طلب قوم من المسلمين: “فأدركوا سعد بن عبادة بأذاخر، والمنذر بن عمرو، أخا بني ساعدة ابن كعب بن الخزرج، وكلاهما كان نقيبا، فأما المنذر فأعجز القوم، وأما سعد فأخذوه، فربطوا يديه إلى عنقه بنسع رحله، ثم أقبلوا به حتى أدخلوه مكة يضربونه، ويجذبونه بجمته، وكان ذا شعر كثير.

 

قال سعد: فوالله إني لفي أيديهم إذ طلع عليهم نفر من قريش، فيهم رجل وضئ أبيض، شعشاع، حلو من الرجال.

 

قال: فقلت في نفسي: إن يك عند أحد من القوم خير فعند هذا، قال:

 

فلما دنا منى رفع يده فلكمني لكمة شديدة. قال: فقلت في نفسي: لا والله ما عندهم بعد هذا من خير. قال: فوالله إني لفي أيديهم يسحبونني إذ أوى لي رجل ممن كان معهم، فقال: ويحك! أما بينك وبين أحد من قريش جوار ولا عهد؟ قال: قلت: بلى، والله لقد كنت أجير لجبير بن مطعم بن عدي ابن نوفل بن عبد مناف تجاره، وأمنعهم ممن أراد ظلمهم ببلادي، وللحارث ابن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، قال: ويحك! فاهتف باسم الرجلين، واذكر ما بينك وبينهما. قال: ففعلت، وخرج ذلك الرجل إليهما، فوجدهما في المسجد عند الكعبة، فقال لهما: إن رجلا من الخزرج الآن يضرب بالأبطح ويهتف بكما، ويذكر أن بينه وبينكما جوارا، قالا: ومن هو؟ قال: سعد بن عبادة، قال: صدق والله، إن كان ليجير لنا تجارنا، ويمنعهم أن يظلموا ببلده. قال: فجاءا فخلصا سعدا من أيديهم"(السيرة النبوية:٢-٣٠٨).

 

15- قال عبد الملك بن مروان لجعيل بن علقمة: “ما مبلغ حفظكم؟ قال: يدفع الرجل منا عمن استجار به من غير قومه كدفاعه عن نفسه، قال عبدالملك: مثلك من يصف قومه"(العقد الفريد؛ لابن عبدربه).

 

16- قال ابن هشام: “رفض نجاشي الحبشة تسليم المهاجرين المسلمين إلى وفد قريش حينما طلبوا منه ذلك وأعطى النجاشي الأمان للمسلمين، فأقاموا مع خير جار في خير دار كما تقول أم سلمة رضي الله عنها"(السير والمغازي:213-217).

 

17- ما حدث في عهد عمر بن الخطاب حين لجأ روزبة بن برزج مهر الفارسي إلى سعد بن أبي وقاص، فقد”قال أهل السير إنه كان من أهل كرى على فرج من فروج الروم، فأدخل عليهم سلاحاً، فأخافه الأكاسرة، فلم يأمن حتى قدم سعد الكوفة، فقدم عليه، وبني له قصره والمسجد الجامع. ثم كتب سعد إلى عمر رضي الله عنه فأخبره بحاله فأسلم، وفرض له عمر، وأعطاه، وصرفه إلى سعد"( تاريخ الطبري:2-537).

 

18- قال ابن عبد البر: “فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجاره عمه أبو طالب، ومنع منه. وكذلك أجار أبا بكر قومه، ثم أسلموه فأجاره ابن الدغنة. وأجار العاصي بن وائل عمر بن الخطاب"(الدرر في اختصار المغازي والسير؛ ص:15).

 

19- قال ابن عبد البر: “قال بعض أهل السير أن أبا موسى الأشعري كان فيمن هاجر إلى أرض الحبشة وليس كذلك ولكنه خرج في طائفة من قومه مهاجرا من بلده باليمن يريد المدينة فركبوا البحر فرمتهم الريح بالسفينة التي كانوا فيها إلى أرض الحبشة فأقام هنالك حتى قدم مع جعفر بن أبي طالب ولما نزل هؤلاء بأرض الحبشة أمنوا على دينهم وأقاموا بخير دار عند خير جار"(الدرر في اختصار المغازي والسير:15).

 

20- ما جاء في المعاهدة بين المسلمين والنوبة: “إنما عاهدناكم وعاقدناكم أن توفونا في كل سنة ثلاثمائة رأس وستين رأسا. وتدخلوا بلادنا مجتازين غير مقيمين وكذا ندخل بلادكم على أنكم إن قتلتم من المسلمين قتيلا فقد برئت منكم الهدنة. وعليكم رد أباق المسلمين ومن لجأ إليكم من أهل الذمة"(فتوح مصر والمغرب؛ لابن عبدالحكم:254).

 

21- أعرف رجلاُ كنت معه وهو في السبعين من عمره، حدثني وهو في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم أنه كان مبتلى بشرب الخمر والعياذ بالله وعمره في الخامسة عشرة حتى بلغ الأربعين من عمره، فدخل يوماً على طبيب فوجد أن الخمر قد استنفذت جسمه والعياذ بالله

فقال له الطبيب: يا فلان لا دواء لك إلا الذي كنت فيه

ووقف الطبيب عاجزاً حائراً.

يقول لي بلسانه: فلما قال لي الطبيب ذلك كأنني انتبهت من المنام فقلت له: أليس عندك علاج؟

قال: ليس عندي علاج

فقلت: بل العلاج موجود والدواء موجود!!

ونزلت من ساعتي وأعلنتها توبة لله وصليت في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم انطلقت إلى بيتي ولبست إحرامي تائباً إلى الله.. ثم مضيت إلى مكة على مسيرة ثلاثة أيام

فوصلت مكة في ظلمة الليل قبل السحر، فلما فرغت من عمرتي جئت والتجأت إلى الله وبكيت وتضرعت وقلت: يا رب إما أن تشفيني وإما أن تقبض روحي وأنا تائب.

قال: فشعرت في نفسي بأن شيئاً يحدثني أن أشرب من زمزم. فذهبت إليها وأخذت دلواً – كانت زمزم بالدلو أيامها – ومن الجوع شربته كاملاً – وقد أعطاه الله بسطة في الجسم حتى عند كبره – فلما شربت هذا الدلو إذا بباطني يتقلب، فشعرت بالقيء فانطلقت، فلم أشعر عند باب إبراهيم وقد قذفتُ ما في بطني، وإذا بها قطع من الدم مظلمة سوداء داكنة.. فلما قذفتها شعرت براحة عظيمة.

قال: فشعرت بعظمة الله جل جلاله وأيقنت أن من التجأ إليه لا يخيب، وأن بيديه سبحانه من الخير ما لا يخطر على بال.

فرجعت مرة ثانية بيقين أعظم وإيمان أكثر فدعوت وابتهلت وسألت الله وبكيت وقلت: يا رب إما أن تشفيني وإما أن تميتني على هذه التوبة.

قال: فإذا نفسي تحدثني بزمزم مرة ثانية فشربت الدلو مرة ثانية وحصل لي ما حصل في المرة الأولى، فانطلقت حتى بلغت الباب فقذفت فإذا بالذي قذفته أهون من الذي قبله.

ورجعت مرة ثالثة بإيمان ويقين أكثر فدعوت وابتهلت فأحسست أنني أحب الشرب فنزلت وشربت من زمزم، فتحرَّك بطني فقذفت فإذا هو ماء أصفر كأنه غسل من بدني.

قال: فشعرت براحة غريبة ما شعرت بها منذ أن بلغت، ثم رجعت ودعوت الله وابتهلت إليه فألقى الله عليَّ السكينة فنمت وما استيقظت إلا على أذان الفجر.. فقلت: والله لا أفارق هذا البيت ثلاثة أيام.. فما زال يبكي ويسأل الله العفو والعافية ويشرب من زمزم.

قال: ثم رجعت إلى المدينة، ولما استقر بي المقام أتيت إلى الطبيب المداوي، فنظر في وجهي فإذا به قد استنار من الهداية. فلما كشف عليَّ اضطربت يده وهو لا يصدق ما يرى، ثم قال: يا عبد الله، إن الله قد أعطاك؛ أي شيئاً غير ممكن في عرف الأطباء.

ثم استقام من ساعته ثلاثين عاماً يقول: وأنا أحدثك اليوم صائماً وأنتظر من الله حسن الخاتمة.. وقد توفي رحمه الله على خير". (السعادة؛ محمد الشنقيطي)

 

22- وقع أحد الناس في ضائقة وكان مبتلى بمس، واشتد عليه الخطب حتى آلمه وأقلقه، فذهب إلى أحد طلاب العلم شاكياً وقال: والله يا شيخ لقد عظم علي البلاء وإني أصبحت مضطراً، فهل يرخص لي في إنسان ساحر أو كاهن يفك عني هذا البلاء؟

كان يتكلم بحرقة وألم وشدة، فوفَّق الله طالب العلم إلى كلام شرح الله به صدر هذا الرجل..

ثم قال له: إني لأرجو الله عز وجل أن يفرج عنك كربك إذا استعنت بأمرين: أحدهما الصبر، والثاني الصلاة.

يقول الرجل المبتلى بعد مدة لطالب العلم: قمت من عندك فصليت لله ركعتين.. أحسست أنني مكروب قد أحاطت بي الخطوب فاستعذت بالله واستجرت.. وإذا بي في صلاتي في السجود أحس بحرارة شديدة في قدمي، ما سلمت إلا وكأن لم يكن بي من بأس. (رسالة إلى مضطر؛ محمد الشنقيطي)

 

23- أذكر رجلاً مرة تنكدت عليه وظيفته فبقي في حزن، وشاء الله أني لقيته يوماً وقد اصفر لونه ونحل جسمه وهو في حزن وألم.

جاءني يسألني عن بعض من يتوسط له في حاجته قال: هل رأيت فلاناً؟

قلت: ما رأيته، كيف موضوعك؟

قال: والله ما انحلت، وأنا أبحث عن فلان حتى يكلم فلاناً ليحلها

قلت له: لا، هناك من يحل لك الموضوع ويكفيك همَّك

قال: يؤثر على فلان؛ رئيس الإدارة؟

قلت: نعم يؤثر

قال: تعرفه؟

قلت: نعم أعرفه

قال: تستطيع أن تكلمه؟

قلت: نعم أكلمه وتستطيع أن تكلمه أنت

قال: أنت كلّمه جزيت خيراً

قلت: ما يحتاج

قال: من؟

قلت: الله

قال: هه!

قلت: هو الله عز وجل؛ اتق الله عز وجل.. لو قلت لك فلان من البشر قلت هيا، فلما قلتُ لك: الله قلتَ: هه؟! إنك لم تعرفه في هذه المواقف.. وكان له ثلاثة أشهر لم تحل مشكلته.

فخرج وقد قلت له: جرب دعوة الأسحار، ألست مظلوماً وقد ضاع حق من حقوقك؟

قال: نعم

قلت: قم في السحر كأنك ترى الله واشتكِ كل ما عندك.

شاء الله بعد أسبوع واجهته وإذا بوجهه مستبشر.. كان يبحث عن وظيفة.

قال: قمتُ من مجلسِك ولم أبحث حتى عن ذلك الرجل الذي كنت أوسّطه، وعلمت أني محتاج إلى هذا الكلام فمضيت إلى البيت.. ومن توفيق الله أنني قمت من السحر كأن شخصاً أقامني.. فصليت ودعوت الله ولُذْتُ به كأنني أراه

وأصبح الصباح وقلت: أريد أن أذهب إلى المكان الفلاني؛ الذي فيه حاجته

وإذا بشيء في داخلي يدعوني للذهاب من طريق في خارج المدينة لا حاجة لي فيه.. فذهبت ومررت على إدارة معينة لم أر مانعاً من السؤال فيها كأن شخصاً يسوقني

فدخلت على رئيس تلك الإدارة، وإذا به يقوم من مقعده ويرحب بي ويقعدني بجواره ويسأل عن أحوالي

فقلتُ: والله موضوعي كذا وكذا..

فقال: وين يا شيخ؛ نبحث عن أمثالك.

وخيَّره بين وظيفتين أعلى مما كان يطمع فيه، وقال له: اذهب الآن إلى مدير التوظيف وقل له: أرسلني أبو فلان ويقول لك أعطني وظيفة رقم كذا.

يقول: فقمت وأنا لا أكاد أصدق، وإذا بهمي قد فرج.. وانتهت معاملتي في ثلاثة أيام، وزملائي قد تعيَّنوا قبلي بعشرة أيام ما انتهت معاملاتهم.

 

 

ذكرتُ القصة السابقة لرجل كان مسؤولاً وبقبضته مجرم، وسَّع للمجرم النطاق حتى يقبض بواسطته على مجرمين آخرين.. ففر المجرم عنه.

يقول وهو من الصالحين: بحثنا عنه بشتى الوسائل فما وجدنا له أثراً، وأُعطيت لنا مهلة أسبوع، فتذكرت القصة في ليلة جمعة، فنزلت إلى المسجد النبوي وصليت ما شاء الله وأخذت أدعو الله وأبتهل ‏

وقلت: لن أخرج إلا بعد طلوع الشمس.

يقول: وأثناء ذلك كأن هاتفاً بجواري يقول: قم، لقد جاء الرجل

فجلست حتى طلعت الشمس وصليت ثم خرجت وعندي إحساس أن الرجل قد انتهى أمره

فلما جئت الإدارة وإذا الرجل موجود قد سلَّم نفسه

يقول الحارس: جاء وقت السحر فسلم نفسه حتى أنه – الحارس – بهت فقال له: أنت فلان؟ قال: نعم قال: ما تريد؟ قال: أسلم نفسي. وكان باقي يوم واحد على انتهاء المهلة. (الاعتصام بالله؛ لمحمد الشنقيطي)

 

 

الاشعار

1- يقول أحد الشعراء:

متى أدع قومي يجب دعوتي *** فوارس هيجاء كرام النسب

ترى جارهم آمناً وسطهم *** يروح بعقد وثيق السبب

إذا ما عقدنا له ذمة *** شددنا العناج وعقد الكرب

(ديوان حمد بن ثور؛ ص: 20)

 

2- قال أحدهم:

وجار سار معتمداً إلينا *** أجارته المخافة والرجاء

فجاور مكرماً حتى إذا ما *** دعاه الصيف وانصرف الشتاء

ضمنا ما له فغدا سليماً *** علينا نقصه وله النماء

فلم أر معشر أسروا هدياً *** ولم أر جار بيت يستباء

وجار البيت والرجل المنادي *** أمام الحي عهدهما سواء

(شرح ديوان زهير بن أبي سلمى؛ لأبي العباس ثغلب)

 

3- يقول طفيل الغنوي:

جزى الله عنا جعفراً حين أزلفت *** بنا نعلنا في الواطئين فزلت

هم خلطونا بالنفوس وألجأوا *** إلى حجرات أدفأت وأكنت    

أبوا أن يملونا ولو أن أمنا *** تلاقى الذي لا قوة منا لملت

وقالوا هلموا الدار حتى تبينوا *** وتنجلي العمياء عما تجلت

سنجزي بإحسان الأيادي التي مضت *** لها عندنا ما كبرت وأهلت

(يوان الطفيل الغنوي:99)

 

4- قال مروان بن أبي حفصة يمدح معن بن زائدة ويصف مفاخر بني شيبان ومنعهم لمن استجار بهم:

بنو مطر يوم اللقاء كأنهم *** أسود لها في غيل خفان أشبل

هم يمنعون الجار حتى كأنما *** لجارهم بين السماكين منزل

بهاليل في الإسلام سادوا ولم يكن *** كأولهم في الجاهلية أول

وما يستطيع الفاعلون فعالهم *** وإن أحسنوا في النائبات وأجملوا

هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا *** أجابوا إن أعطوا أطابوا وأجزلوا 

(العقد الفريد؛ لابن عبد ربه؛ ص:254)

 

5- استجارت هند بنت النعمان بصفية بنت ثعلب الشيبانية فأجارتها وقامت إلى قومها تعلنهم هذه الإجارة ضد كسرى وجيوشه، بقولها:

أحيوا الجوار فقد أماتته معا *** كل الأعارب يا بني شيبان

ما العُذر؟ قد لفت ثيابي حرة *** مغروسة في الدر والمرجان

وعلى الأكاسرة قد أجرت لحرة *** بكهول معشرنا وبالشبان

شيبان قومي هل قبيل مثلهم؟ *** عند الكفاح وكرة الفرسان

قوم يجيرون اللهيف من العدا *** ويحاط عمري من صروف زماني

 

فقام بنو شيبان بجوارها وحاربوا جنود العجم وكسروهم، فقالت صفية:

قولوا لكسرى أجرنا جارة فثوت *** في شامخ العز يا كسرى على الرغم

نحن الذين إذا قمنا لداهية *** لم نبتدع عندها شيئاً من الندم

نحوط جارتنا من كل نائبة *** ونرفد الجار ما يرضى من النعم

(كتاب شعراء النصرانية بعد الإسلام:4-22)

 

6- قال محمد بن محمد اليعمري الملقب بابن سيد الناس -رحمه الله-:

صرفت الناس عن بالي *** فحبل ودادهم بالي

وحبل الله معتصمي *** به علّقت آمالي

ومن يسل الورى طرّا *** فإنّي ذلك السالي

فلا وجهي لذي جاه *** ولا ميلي لذي مال

(فوات الوفيات: 2-171)

 

7- قال ابن الفرضي -رحمه الله-:

أَسِيرُ الْخَطَايَا عِنْدَ بَابِك وَاقِفُ *** عَلَى وَجَلٍ مِمَّا بِهِ أَنْتَ عَارِفُ

يَخَافُ ذُنُوبًا لَمْ يَغِبْ عَنْك غَيْبُهَا *** وَيَرْجُوكَ فِيهَا فَهْوَ رَاجٍ وَخَائِفُ

فَمَنْ ذَا الَّذِي يُرْجَى سِوَاكَ وَيُتَّقَى *** وَمَا لَكَ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ مُخَالِفُ

فَيَا سَيِّدِي لَا تُخْزِنِي فِي صَحِيفَتِي *** إذَا نُشِرَتْ يَوْمَ الْحِسَابِ الصَّحَائِفُ

وَكُنْ مُؤْنِسِي فِي ظُلْمَةِ الْقَبْرِ عِنْدَمَا *** يَصْعَدُ ذَوُو الْقُرْبَى وَيَجْفُو الْمُوَالِفُ

لَئِنْ ضَاقَ عَنِّي عَفْوُكَ الْوَاسِعُ الَّذِي *** أُرَجِّي لِإِسْرَافِي فَإِنِّي تَالِفُ

(البداية والنهاية: 15-552)

 

8- قال أبو العتاهية -رحمه الله-:

إلهي لا تعذبني فإني *** مُقِرٌّ بالذي قد كان مني

وما لي حيلةٌ إلا رجائي *** وعفوك إن عفوتَ وحسنُ ظني

فكم من زَلّة لي بين البرايا *** وأنت علي ذو فضلٍ ومَنٍّ

إذا فكرتُ في قُدُمي عليها *** عضضت أناملي وقرعتُ سني

يظن الناس بي خيراً وإني *** لشرُّ الناس إن لم تعف عني

أُجن بزهرة الدنيا جنوناً *** وأُفني العمر فيها بالتمني

وبين يدي محتبس وثقيل *** كأني قد دُعيت له كأني

ولو أني صدقتُ الزهد فيها *** قلبتُ لأهلها ظهر المِجَن

(ديوان أبي العتاهية: المقدمة)

 

الحكم

بمن أستجير من جورك (نهاية الأرب في فنون الأدب)

الدراسات

1- أفاد مدير مؤسسة "حياة الإنسانية" "عبدالعزيز بن مرضاح" خلال زيارته لأحد مخيمات اللاجئين الروهنجيين المسلمين في مدينة "حيدر آباد" بـ"الهند" - أن اللاجئين هناك يواجهون ظروفًا معيشية صعبة، ومستقبلاً مجهولاً وغامضًا، ويعيشون داخل أكواخ متهالكة مصنوعة من بقايا البلاستيك، وقطع الأخشاب والمخلفات المتروكة.

 

وأوضح أن عُمرَ المخيم الذي زاره هو أقل من عام، ويقطن فيه أكثر من 100 لاجئ روهنجي، ما بين كبار السن لا أقرباء لهم، وأرامل قُتِل أزواجهنَّ في "ميانمار"، وأطفال أيتام بلا عائل يَعولهم.

 

وبين "مرضاح" أن اللاجئات في المخيم يضطررنَ إلى القيام بأعمال شاقة في المصانع المجاورة بأجر يقل عن دولار واحد يوميًّا، مشيرًا إلى أن اللاجئين يتميزون بتمسُّكهم بدينهم بصفة عامة، رغم سوء أحوالهم وظروفهم، ويهتمون ببناء المصليات في أماكن وجودهم.

 

جاء ذلك في مقطع فيديو نشره "مرضاح" بمواقع التواصل الاجتماعي، متسائلاً عن دور المسلمين والمنظمات الخيرية والعالمية في دعم اللاجئين ومساعدتهم، في ظل التسهيلات الممنوحة من قِبَل الحكومة الهندية للعمل الخيري والدعم الإغاثي (المصدر: وكالة أنباء أراكان).

 

2- بدأت السلطات في بنغلاديش نقل الآلاف من لاجئي الروهينجا إلى جزيرة نائية على الرغم من المخاوف المتعلقة بالسلامة وبقبول اللاجئين بهذا الإجراء.

 

وأفادت وكالة "رويترز" للأنباء بأن حوالي 1600 لاجئ تم نقلهم يوم الجمعة باتجاه "باسان تشار"، وهي جزيرة معرضة للفيضانات تقع في خليج البنغال.

 

وتقول بنغلاديش إن جميع أولئك الأشخاص الذين يتم نقلهم قد أعطوا موافقتهم على هذا الإجراء.

 

لكن لاجئي الروهينجا في بنغلاديش أبلغوا بي بي سي في أكتوبر/تشرين أول الماضي بأنهم لا يريدون الانتقال إلى الجزيرة.

 

وأثارت جماعات حقوقية المخاوف من أن يكون الكثيرون ممن كانوا في طريقهم إلى الجزيرة يوم الجمعة قد نقلوا ضد رغبتهم (المصدر: BBC NEWS).

 

3- تستضيف مصر حوالي 266,000 لاجئ وطالب لجوء من 62 دولة. وبصفة عامة، فإن أكثر من 30 بالمائة من إجمالي اللاجئين هم في سن الدراسة. ويتم توفير برنامج مدراس الشبكة الفورية للاجئين والسكان المحليين على حد سواء، مما يمكّن جميع الطلاب من الحصول على تجربة التعلم المتصل والوصول إلى تعليم رقمي عالي الجودة (المصدر: UNHCR).

 

4- أظهر تقرير جديد صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم مدى التقدم الذي أحرزه المجتمع الدولي منذ أن دعا إلى استحداث إطار دولي جديد لتقاسم المسؤولية بشأن أوضاع اللاجئين، وهو ما بات يعرف بالميثاق العالمي بشأن اللاجئين.

 

ويغطي تقرير المؤشرات الخاص بالميثاق العالمي بشأن اللاجئين، وهو الأول من نوعه، السنوات من 2016 إلى 2021 ويظهر إحراز تقدم من حيث زيادة الدعم للبلدان منخفضة الدخل التي تستضيف اللاجئين، وفي توسيع نطاق وصول اللاجئين إلى سوق العمل والتعليم. ومع ذلك، فإن التقرير يحذر من أنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به.

 

وقالت جيليان تريغز، مساعدة المفوض السامي لشؤون الحماية: "الصورة التي ظهرت مختلطة، حيث نرى أن البلدان التي لديها أقل الموارد لا تزال تتحمل أكبر قدر من المسؤولية بشأن أوضاع اللاجئين الجديدة والمطولة. وفي الوقت نفسه، فإننا نشهد بعض المؤشرات الجيدة على التقدم الذي أحرزته الدول والقطاع الخاص والمجتمع المدني وبنوك التنمية في المساعدة في محاولة سد الفجوة".

 

ويُظهر التقرير أنه في حين أن هناك حاجة إلى مزيد من التمويل لدعم جهود الاستجابة الإنسانية والإنمائية للاجئين، كان هناك اتجاه تصاعدي في المساعدة الإنمائية الثنائية الموجهة للبلدان منخفضة الدخل المضيفة للاجئين منذ عام 2016.

 

تلعب بنوك التنمية أيضاً دوراً أكبر في الاستجابة للأزمات، حيث توفر ما لا يقل عن 2.33 مليار دولار أمريكي. وقد ارتفع عدد أوضاع اللاجئين التي يدعمها البنك الدولي، على سبيل المثال، من اثنين إلى 19.

 

وبحسب تقديرات التقرير أيضاً، فإنه يمكن لثلاثة أرباع اللاجئين العمل بشكل قانوني في البلدان المضيفة لهم، رغم عدم الوضوح من حيث كيفية ترجمة ذلك إلى ممارسة عملية. ويعد ذلك الأمر بالغ الأهمية بالنظر إلى حقيقة أن نحو ثلثي اللاجئين يواجهون حالة من الفقر، وقد تفاقمت محنتهم نتيجة للوباء.

 

كما تم تسجيل بعض أوجه التحسن فيما يتعلق بدمج اللاجئين في أنظمة التعليم الوطنية. للأطفال اللاجئين الحق - على الورق – في الالتحاق بالتعليم الابتدائي بنفس الشروط التي يتمتع بها المواطنون في ثلاثة أرباع البلدان المضيفة للاجئين، والالتحاق بالتعليم الثانوي في ثلثي البلدان. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من العقبات القائمة، حيث أن ما يقرب من نصف جميع الطلاب اللاجئين خارج المدرسة.

 

يوضح التقرير أيضاً أنه على الرغم من استفادة المزيد من اللاجئين من الحلول خلال الأعوام 2016 -2021 مقارنة بالأعوام الخمس السابقة، فإن النزاعات المستمرة تحول دون عودة معظم اللاجئين إلى ديارهم، حيث لم يتمكن سوى واحد بالمائة فقط من العودة في عام 2020 مقارنة بنسبة 3 بالمائة في عام 2016. كما اتسعت الفجوة القائمة سابقاً بين الاحتياجات الخاصة بإعادة التوطين والأماكن المتاحة.

 

وقالت تريغز: "مع استضافة المناطق النامية حوالي تسعة من كل 10 لاجئين والتأثيرات الحادة لجائحة فيروس كورونا في هذه البلدان، من الواجب تكثيف مبدأ تقاسم المسؤولية - والذي هو في صميم الميثاق - لمواجهة التحديات التي نواجهها - سواء الآن أو في السنوات القادمة".

 

يمكنكم الاطلاع على التقرير الكامل هنا:

https://www.unhcr.org/global-compact-refugees-indicator-report

(المصدر: UNHCR)

 

 

5- بروزغي، بيلاروس – في 11 نوفمبر، حصلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة على الضوء الأخضر للوصول إلى المخيم العشوائي الواقع في الجانب البيلاروسي من الحدود عند معبر بروزغي الحدودي الدولي، والذي يقبع فيه نحو 2,000 شخص من طالبي اللجوء واللاجئين والمهاجرين منذ 8 نوفمبر، من بينهم الكثير من الأطفال والنساء – بما في ذلك نساء حوامل.

 

أثناء زيارتهما للموقع، قدمت المفوضية والمنظمة الدولية للهجرة بعض المساعدات الإغاثية، بما في ذلك مستلزمات النظافة الشخصية للنساء والأطفال، فضلاً عن بعض المواد الغذائية، فيما المزيد من المساعدات في طريقها إليهم. وتشتمل المساعدات على مواد مثل البطانيات والملابس الشتوية والقفازات والقبعات والأحذية الشتوية للأطفال – وسيتم تسليمها من قبل جمعية الصليب الأحمر البيلاروسي، وهي من شركاء المنظمتين.

 

تعد هذه المساعدات الطارئة في غاية الأهمية والهدف منها حالياً هو تفادي وقوع خسائر في الأرواح، وحث السلطات على نقل الأشخاص إلى مواقع آمنة بحيث يمكن تزويدهم بالمساعدات والإرشادات الكافية، وكذلك إتاحة الفرصة لإيجاد حلولٍ إنسانية تتماشى مع الظروف والاحتياجات الشخصية للأفراد. لا يعتبر المخيم العشوائي عند الحدود – والذي لا يتوفر فيه المأوى والغذاء والمياه والرعاية الطبية وسط أحوال الطقس الباردة – مكاناً آمناً أو ملائماً للأشخاص وقد يؤدي إلى وقع المزيد من الخسائر البشرية.

 

وقد تمكنت المفوضية والمنظمة الدولية للهجرة أثناء زيارتهما للمخيم العشوائي من التحدث مع الأشخاص هناك وتقديم معلومات موثوقة حول الخيارات المجدية والمتاحة. واستناداً إلى الظروف والاحتياجات الشخصية للأفراد، فإن هذه الخيارات تشمل التقدم بطلب اللجوء في بيلاروس لمن يحتاجون للحماية الدولية. علاوة على ذلك، قد يكون لدى بعض اللاجئين وطالبي اللجوء أسباب قاهرة تدفعهم للتحرك، من ضمنها لم الشمل مع أفراد عائلاتهم في الاتحاد الأوروبي. ويتمثل الخيار الآخر فيما يسمى "برنامج دعم العودة الطوعية وإعادة الإدماج" والذي تنفذه المنظمة الدولية للهجرة، حيث يوفر إمكانية العودة الشرعية الآمنة والكريمة إلى الديار، ويتوقف فقط على الخيار الحر للأشخاص المعنيين.

 

تبقى المفوضية والمنظمة الدولية للهجرة على أهبة الاستعداد للعمل مع الدول لضمان سلامة حقوق الإنسان ومراعاتها لطالبي اللجوء واللاجئين والمهاجرين (المصدر: UNHCR).

 

6- في ما يلي ملخص لما قاله  أندرو هاربر، المستشار الخاص للمفوضية للعمل المناخي، والذي يمكن أن يُنسب له النص المقتبس، في المؤتمر الصحفي الذي عُقد اليوم في قصر الأمم في جنيف.

 

أزمة المناخ هي أزمة إنسانية، وقد باتت حقيقة واقعة لها عواقبها على الجميع وفي كل مكان.

 

ومع ذلك، فإن البلدان والمجتمعات التي لديها موارد أقل وقدرات أضعف على التكيف مع بيئة غير مواتية على نحو متزايد، هي التي تواجه أسوأ التأثيرات. تتسبب مشكلة تغير المناخ بتفاقم المخاطر التي تهدد سلامة الأشخاص وأمنهم وكرامتهم نتيجة لارتفاع مستوى الفقر وتردي إمكانية الوصول المستدام إلى الغذاء والماء وسبل العيش.

 

هذا الأسبوع وخلال مؤتمر المناخ COP26، سلطتُ الضوء على تأثير حالة الطوارئ المناخية على اللاجئين والنازحين وعديمي الجنسية. تسعون بالمائة من اللاجئين الخاضعين لولاية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين و 70 بالمائة من النازحين داخلياً جراء النزاعات هم من البلدان الأكثر عرضة لتغير المناخ. كما يُجبر ملايين آخرون على مغادرة منازلهم كل عام بسبب الكوارث المرتبطة بالطقس.

 

تواجه المجتمعات النازحة التي تعيش في "نقاط ساخنة" معرضة لتغير المناخ تهديدات تمس حياتها وسبل عيشها. ومن دون توفر المساعدات الكافية من أجل التكيف، فسوف تستمر دوامة الأزمات والنزوح وسوف تزداد سوءًا.

 

غالباً ما تتأثر النساء والأطفال وكبار السن والأشخاص ذوو الإعاقة والسكان الأصليون أكثر من غيرهم. وتتعرض أهداف التنمية المستدامة - وغيرها من الجهود المبذولة لضمان حقوق هذه المجموعات - للتقويض نتيجة لإهمالنا الجماعي للحد من انبعاثات الكربون وتمويل جهود التكيف.

 

في غلاسكو، دعت المفوضية إلى تكثيف الجهود والدعم لتجنب النزوح وخفض مستواه ومعالجته، وكذلك زيادة الدعم المخصص لمسألة التكيف، لا سيما بالنسبة للاجئين والمجتمعات المضيفة لهم.

 

نرحب بالجهود المبذولة للتخفيف من الانبعاثات وزيادة التمويل ودعم سبل التكيف ومعالجة الخسائر والأضرار. ومع ذلك، فإننا نشعر بالقلق إزاء عدم تحديد مؤتمر المناخ COP26 أي إجراءات ملموسة لتحقيق الالتزامات في هذه المجالات، والتي ستكون ضرورية لحماية المجتمعات الضعيفة في جميع أنحاء العالم ولتجنب العواقب الوخيمة التي تطال ملايين اللاجئين والنازحين وعديمي الجنسية.

 

على قادة العالم مضاعفة جهودهم لبناء دفاعات لمن هم الأكثر تضرراً من أزمة المناخ. وسوف يتطلب ذلك دعماً مالياً وتكنولوجياً ومن حيث القدرات لأولئك الذين يعملون على الأرض لتحصين مجتمعاتهم وحمايتها.

 

على الدول تنفيذ التزاماتها بالحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية وتأمين نسبة صفرية كاملة بحلول منتصف القرن.

 

يجب ضمان المشاركة والقيادة الفعالة من جانب المجتمعات النازحة في الأبحاث الخاصة بالمناخ والتكيف وجهود التخفيف من الآثار الناجمة عنه.

 

يجب الوفاء بالالتزامات البالغة 100 مليار دولار أمريكي سنوياً لتمويل العمل المناخي. ويجب استخدام نصف هذه الأموال في جهود التكيف.

 

وفي حال فشلت هذه الجهود، فإن ملايين اللاجئين والنازحين وعديمي الجنسية سوف يتأثرون بشدة.

 

وكجزء من عملها، توفر المفوضية الحماية للأشخاص المتواجدين على الخطوط الأمامية لأزمة المناخ من خلال دعم قدرة اللاجئين على مواجهة المخاطر المتسارعة للمناخ. ولمواجهة هذه اللحظة، فإننا نقوم بدورنا، ولكن هناك حاجة ماسة لجهود جماعية للحد من الانبعاثات بشكل كبير ودعم جهود التكيف (المصدر: UNHCR).

 

7- الصراعات والعنف وتغير المناخ ترفع معدلات النزوح في النصف الأول من عام 2021

 

استمر الاتجاه السائد من حيث الارتفاع في مستوى النزوح القسري خلال عام 2021، حيث تجاوزت الآن الأعداد على مستوى العالم 84 مليون شخص – وذلك مع فرار المزيد من الأشخاص من العنف وانعدام الأمن والآثار الناجمة عن تغير المناخ، وفقاً للتقرير نصف السنوي للاتجاهات العالمية والصادر اليوم عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

 

وقد أظهر التقرير، والذي يغطي الفترة من يناير إلى يونيو 2021، زيادة من 82.4 مليون شخص في نهاية عام 2020. وقد نتج ذلك إلى حد كبير عن النزوح الداخلي، وذلك مع فرار المزيد من الأشخاص من عدة نزاعات نشطة حول العالم، وخاصة في إفريقيا. وأشار التقرير أيضاً إلى أن القيود الحدودية بسبب فيروس كورونا استمرت في تقييد إمكانية الوصول إلى سبل اللجوء في العديد من المواقع.

 

وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي: "يخفق المجتمع الدولي في منع حدوث العنف والاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان، والتي تستمر في طرد السكان من ديارهم. بالإضافة إلى ذلك، تؤدي الآثار الناجمة عن تغير المناخ إلى تفاقم نقاط الضعف الموجودة في العديد من المناطق التي تستضيف النازحين قسراً".

 

هناك الآن ما يقرب من 51 مليون شخص في عداد النازحين داخلياً، وذلك مع اندلاع الصراعات والعنف في جميع أنحاء العالم خلال النصف الأول من عام 2021. الكثير من حالات النزوح الداخلي الجديد وقعت في إفريقيا، بما في ذلك جمهورية الكونغو الديمقراطية (1.3 مليون) وإثيوبيا ( 1.2 مليون). كما أجبر العنف في ميانمار وأفغانستان السكان على مغادرة منازلهم بين يناير ويونيو 2021.

 

واستمر عدد اللاجئين في الارتفاع خلال النصف الأول من عام 2021، حيث وصل إلى ما يقرب من 21 مليوناً. ويتحدر معظم اللاجئين الجدد من خمسة بلدان، وهي: جمهورية إفريقيا الوسطى (71,800) وجنوب السودان (61,700) وسوريا (38,800) وأفغانستان (25,200) ونيجيريا (20,300).

 

وقد أدى المزيج الفتاك من الصراعات وفيروس كورونا والفقر وانعدام الأمن الغذائي وحالة الطوارئ المناخية إلى تفاقم المعاناة الإنسانية للاجئين، والذين تستضيف معظمهم المناطق النامية.

 

لا تزال الحلول الخاصة بالسكان النازحين قسراً غير متوفرة. فقد تمكن أقل من مليون نازح داخلياً و 126,700 لاجئ من العودة إلى ديارهم في النصف الأول من عام 2021.

 

وأضاف غراندي، "على المجتمع الدولي مضاعفة جهوده لتحقيق السلام، ويجب أن يضمن في نفس الوقت توفير الموارد للمجتمعات المهجرة ومضيفيهم. إن المجتمعات والبلدان ذات الموارد الأقل هي التي تستمر في تحمل العبء الأكبر في حماية ورعاية النازحين قسراً، ويجب أن يتم دعمهم بشكل أفضل من جانب بقية المجتمع الدولي.

 

تنشر المفوضية بيانات سنوية لمناطق في جميع أنحاء العالم حول النزوح القسري في شهر يونيو من كل عام في تقرير الاتجاهات العالمية. التقرير نصف السنوي للاتجاهات العالمية الذي صدر اليوم متاح هنا:

https://www.unhcr.org/mid-year-trends

 

يمكن الوصول إلى إحصائيات حول النزوح العالمي على https://www.unhcr.org/refugee-statistics

 

(المصدر: UNHCR)

 

8- حالة الطوارئ في أفغانستان

 

تعاني أفغانستان من أزمة إنسانية وأزمة في النزوح، حيث نزح حديثاً أكثر من نصف مليون أفغاني داخل البلاد في عام 2021، تشكل النساء والفتيات الأفغانيات غالبية هؤلاء النازحين. تتحدث العائلات عن اضطرارها للفرار في أي لحظة، حتى عندما تواجه خطر المواد المتفجرة يدوية الصنع، وهجمات الجماعات المسلحة أثناء فرارها.

 

تأتي هذه الموجة الأخيرة من العنف لتضاف إلى الكوارث الطبيعية المتكررة كالجفاف الحالي. وكان لوباء فيروس كورونا أيضاً آثار صحية بعيدة المدى بالإضافة إلى تداعياته الاجتماعية والاقتصادية. ولم يحصل سوى أقل من 4 بالمائة من السكان على التطعيم الكامل.

 

يشكل الأفغان الآن أحد أكبر جموع اللاجئين على مستوى العالم. ويتم استضافة حوالي 90 بالمائة من اللاجئين الأفغان في إيران وباكستان المجاورتين، مع وجود أكثر من 2.2 مليون لاجئ مسجل في البلدين. وكان هناك 3 ملايين شخص من النازحين داخل البلاد قبل اندلاع قتال جديد هذا العام.

 

يترعرع أطفال أفغانستان وسط هذه الأزمة. ويشكل الأطفال والشباب حوالي 65 بالمائة من مجمل الشعب الأفغاني - داخل وخارج أفغانستان – وينتابهم القلق بشأن مستقبلهم في مواجهة انعدام الأمن والتحديات الاقتصادية.

 

تتعرض قدرة الأسر الأفغانية على التكيف لضغوطات كبيرة وهي على وشك الانهيار. وكان الوضع في أفغانستان معقداً بالأصل، وسوف يؤدي الفشل في إيجاد حلول لحالة عدم الاستقرار القائمة إلى نشوء موجات نزوح جديدة (المصدر: UNHCR).

 

9- أحداث كيف أظهرت أزمة اللاجئين الوجه الحقيقي لأوروبا؟

 

يشدد الأوروبيون دوماً على المبادئ وحتمية احترام حقوق الأخرين ، لكن في الحدود اليونانية تهاوت تلك النظريات ، فالذي يحدث عبر الحدود اليونانية للاجئين أظهر الوجه الحقيقي لأوروبا خصوصاً من ناحية الألتزام الأخلاقي.

 

إن الصوّر المروّعة والقصص المخيفة التي باتت ترد إلى مسامعنا من الحدود اليونانية، والطريقة القاسية التي تتعامل بها قوات الأمن اليونانية مع المهاجرين الفارين من إليها أتون الحرب في سوريا تُوجِع الضمير الإنساني، وتُنذِر بخطر كبير، وتبعث برسالة مغرقة في الحزن والأسف.

 

التشدق بحقوق الإنسان

تعرية المهاجرين، وضربهم بطرق مبرحة، وإطلاق وابل من الغاز المسيل للدموع عليهم، ومحاولة إغراقهم، والتسبب في قتلهم كلها مشاهد لم يكُن للفرد منا أن يتوقعها من أولئك الذين يتشدقون بحقوق الإنسان، ويمارسون الوصاية الأخلاقية باسم البشرية.

 

لم يكُن أحد ينتظر أن تستقبل أوروبا هؤلاء المهاجرين بالزهور والورد، ولكن لا أحد أيضاً كان يتوقع استقبالهم بالرصاص الحيّ، والغاز المسيل للدموع و"الشبح".

 

إن هذا التعاطي الخشن والقاسي مع المهاجرين على الحدود اليونانية مع تركيا إنما يعبّر عن المأزق الأخلاقي الذي تعاني منه أوروبا في ما يتعلق بواحدة من أبرز قضايا حقوق الإنسان التي يواجهها العالَم هذه الأوقات. كما تعبّر عن فشل الاتحاد الأوروبي في اجتراح سياسة واضحة ومُحكَمة وفعالة في ما يتعلق بمسألة اللجوء رغم الكثير من الدعوات منذ أحدث عام 2015 الذي شهد أكبر موجة لجوء إلى أوروبا وحتى الآن إلى ضرورة إصلاح قانون الهجرة لتجنب الكثير من الويلات.

 

إيقاف اللجوء

لم تكتفِ اليونان بتعاطيها الخشن مع اللاجئين، وإغلاقها الحدود في وجههم، بل ووقفت طلبات اللجوء لمدة شهر قابل للتجديد، وقامت بترحيل جميع المهاجرين الذي يحاولون دخول البلاد بشكل "غير قانوني" رغم أن وكالة الأمم المتحدة للاجئين قالت إنه لا يوجد أي أساس قانوني لتعليق قرارات اللجوء.

 

 وقد بررت الحكومة اليونانية هذه السياسات الخشة بداعي الحرص على أمن أوروبا، والدفاع عن حدودها، والحفاظ على استقرار الاتحاد الأوروبي على أساس أن حدود اليونان هي حدود الاتحاد الأوروبي.

 

درع أوروبا

وللأسف لاقت هذه السياسات الدعم من الاتحاد الأوروبي، فقد أشاد رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لين بحسب تي أر تي ، الذي زار اليونان قبل يومين لإظهار تضامنه مع أثينا، بدور اليونان كـ"درع أوروبا". وقد وعد اليونان بتقديم مبلغ 700 مليون يورو لدعم وتعزيز أمن الحدود. أما ديفيد مكاليستر، وهو رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي، فقد أكد أن "أحداث عام 2015 يجب أن لا تتكرر"، وهو بذلك يشير إلى تدفُّق ما يقرب من مليون و300 ألف طالب لجوء إلى الاتحاد الأوروبي وقتها.

 

إن خروج الاتحاد الأوروبي من معضلته الأخلاقية في التعاطي مع مسألة اللجوء يتطلب أوّلاً الكفّ عن اعتبار اللاجئين مشكلة تركيا وحدها، فهذه مشكلة المجتمع الدولي ككل، والكف عن انتهاج الحلول الترقيعية المتعلقة بتسليع مسألة اللجوء عبر المنح المالية أو المساعدات الإنسانية والبحث في حلٍّ لأصل المشكلة لوضع حدّ نهائي لها، وأخيراً، وحتى إتمام الشرط الثاني، التوقف السريع والمباشر عن تجريم اللاجئين ونزع صفة الإنسانية عنهم الذي تسمح بمعاملتهم بطريقة غير لائقة على الحدود وصلت إلى حدّ القتل (المصدر: أخبار سوق عكاظ).

 

10- حسب تعريف القانون الدولي، اللاجئ هو كل شخص يكون خارج البلد التي ينتمي إليها بموجب جنسية أو مكان إقامته المعتادة، ولديه ما يبرر خوفه من الاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة، أو بسبب آرائه السياسية، ويكون غير قادر على الاستظلال بحماية ذلك البلد وغير راغب في ذلك، أو من العودة إليه خوفاً من الاضطهاد.

 

عدد اللاجئين في العالم 10,395,553

 

(المصدر: ويكيبيديا)

 

متفرقات

1- قال الكاساني: “وأما الالتجاء إلى الحرم فان الحربي إذا التجأ إلى الحرم لا يباح قتله في الحرم ولكن لا يطعم ولا يسقى ولا يؤوى ولا يبايع حتى يخرج من الحرم وعند الشافعي رحمه الله: يقتل في الحرم واختلف أصحابنا فيما بينهم قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله: لا يقتل في الحرم ولا يخرج منه أيضا وقال أبو يوسف رحمه الله: لا يباح قتله في الحرم ولكن يباح اخراجه من الحرم"(بدائع الصنائع:7-114).

 

2- قال العلامة الحنفي عبد الغني النابلسي رحمه الله: “فأما إجبار الإنسان على السكنى في مكان مخصوص وإلزامه بذلك بطريق مخصوص، وإلزامه بطريق الإقهار له والتغلب عليه، فهو ظلم وتعد، يجب كفه عن الرجل المسلم، ومنع الظلم به وردعه وزجره وجوبا متأكدا على المسلمين؛ خصوصا الحكام ومن له قدرة على ذلك، بالقدر الممكن: من نصيحة أو تعنيف بالكلام إلى غير ذلك من قبيل إزالة المنكر والنهي عن الواجب على الخاص والعام"(تفسير النسفي:3-263).

 

3- قال العلامة الحنفي عبد الغني النابلسي رحمه الله: “خروج أهل القرى من قراهم وتركهم مساكنهم وأملاكهم بسبب الجور والظلم الزائد عليهم، وعدم تحملهم ذلك لضعف قدرتهم عليه، بحيث لا يمكنهم عبادة الله تعالى، بتحريم الحرام وتحليل الحلال، من فسق الظلمة وعدوانهم عليهم، وطلبهم منهم ما لا يرضي الله تعالى فإن الذي تفعله أهل القرى من الخروج عن قراهم أمر يثابون عليه، كما قال الله تعالى: (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ)[العنكبوت:56] (تفسير النسفي:3-263).

 

4- قال الشيخ الإمام‏: “الأصل أنه يجب على إمام المسلمين أن ينصر المستأمنين ما داموا في دارنا وأن ينصفهم ممن يظلمهم كما يجب عليه ذلك في حق أهل الذمة لأنهم تحت ولايته ما داموا في دار الإسلام فكان حكمهم كحكم أهل الذمة"(السير الكبير:4-۱۰۸).

 

5- قال ابن تيمية رحمه الله: “يقع كثيرا في الرؤساء من أهل البادية والحاضرة وإذا استجار بهم مستجير أو كان بينهما قرابة أو صداقة فإنهم يرون الحمية الجاهلية والعزة بالإثم والسمعة عند الأوباش أنهم ينصرونه وإن كان ظالما مبطلا على المحق المظلوم لا سيما إن كان المظلوم رئيسا يناوئهم ويناوؤنه فيرون في تسليم المستجير بهم إلى من يناوئهم ذلا أو عجزا وهذا على الإطلاق جاهلية محضة وهم من أكبر أسباب فساد الدين والدنيا وقد ذكر أنه إنما كان سبب حروب من حروب الأعراب كحرب البسوس التي كانت بين بني بكر وتغلب إلى نحو هذا وكذا سبب دخول الترك المغول دار الإسلام واستيلاؤهم على ملوك ما وراء النهر وخراسان كان سببه نحو هذا"(مجموع الفتاوى:28/326-327).

 

6- قال ابن تيمية رحمه الله: “وإنما الواجب على من استجار به مستجير إن كان مظلوما ينصره ولا يثبت أنه مظلوم بمجرد دعواه فطالما اشتكى الرجل وهو ظالم بل يكشف خبره من خصمه وغيره فإن كان ظالما رده عن الظلم بالرفق إن أمكن أما من صلح أو حكم بالقسط وإلا فبالقوة وإن كان كل منهما ظالما كأهل الأهواء من قيس ويمن ونحوهم وأكثر المتداعين من أهل الأمصار والبوادي أو كانا جميعا غير ظالمين لشبهة أو تأويل أو غلط وقع فيما بينهما سعى بينهما بالإصلاح أو الحكم"(مجموع الفتاوى:14-255).

 

7- قال محمد طبلية: “قيل إنّ سائر المسلمين سواء في منح الجوار والأمان الخاص لا فرق في هذا الحق بين السلطان والعبد والمرأة والصبي المميز؛ فإذا منح واحد من هؤلاء هذا الأمان وجب على الجميع ومنهم السلطان الاحترام"(الإسلام وحقوق الإنسان).

 

8- قال أ.د. أحمد أبو الوفا: “أن العلماء قسموا الهجرة إلى قسمين: هجرة هروب وهجرة طلب: وتشمل هجرة الهروب ستة أقسام: الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، والخروج من أرض البدعة، ومن أرض غلب عليها الحرام، والفرار من الإصابة في البدن كما فعل إبراهيم حينما خاف قومه فقال: (إني ذاهب إلى ربي سيهدين) والخروج خوف المرض في البلاد الوخمة إلى الأرض النزهة، والفرار خوف الأذية في المال.

 

أما هجرة الطلب فتنقسم إلى قسمين: طلب دنيا، وطلب دين ويشمل هذا الأخير سفر العبرة والحج، والجهاد، والمعاش، والتجارة والكسب، وطلب العلم، وقصد البقاع الخيرة، وزيارة الإخوان (حق اللجوء بين الشريعة والقانون).

 

9- قال أ.د. أحمد أبو الوفا: “عناصر الحق في الملجأ:

 

معنى ذلك أن حق الملجأ يتضمن ثلاثة عناصر، هي:

أ- قبول شخص ما فوق إقليم دولة، ويفرض ذلك أن هذا الشخص ت قد طلب اللجوء) في لغة القانون: الإيجاب (الذي يقابله موافقة من الدولة المعنية (القبول).

 

ب- السمح لذلك الشخص بالبقاء في ذلك الإقليم، ويرتب ذلك نتيجتين هامتين، هما: من ناحية عدم طرد ذلك الشخص، ومن ناحية أخرى، رفض تسليمه إلى دولة أو جهة أخرى تطالب بذلك إذا كان سينتج عن هذا التسليم تعرض الشخص المعني للاضطهاد.

 

ج- عدم معاقبة طالب اللجوء بسبب دخوله لإقليم تلك الدولة بطريقة غير شرعية ويبرر ذلك فكرة”الاضطرار" التي تدفع اللاجئ إلى الفرار من دولته إلى الدولة الأخرى هروباً من الاضطهاد الذي قد يتعرض له"(حق اللجوء بين الشريعة والقانون:33).

 

10- قال ابن قتيبة الدينوري: “من أمثلة كتب الأمان، ما يلي: هذا كتاب من فلان لفلان: إني أمنتك على دمك ومواليك وأتباعك، لك ولهم ذمة اهل الموفي بها، ومهده المسكون إليه، ثم ذمة الأنبياء الذين أرسلهم برسالته وأكرمهم بوحيه، ثم ذمم النجباء من خلائقه: بحقن دمك ومن دخل اسمه معك في هذا الكتاب، وسلمة مالك وأموالهم وكذا وكذا، فاقبلوا معروضه، واسكنوا إلى أمانه، وتعلقوا بحبل ذمته، فإنه ليس بعدما وكد من ذلك متوثق لداخل في أمان إلا وقد اعتقلتم بأوثق عراه، ولجأتم إلى أحرز كهوفه والسلام"(كتاب عيون الأخبار:2-225).

 

11- قال الإمام الشيباني: “فإن دخل حربي منهم إلينا بأمان فطلبوا مفاداة الأسير بذلك المستأمن وكره ذلك المستأمن وقال‏:‏ إن دفعتموني إليهم قتلوني فليس ينبغي لنا أن ندفعه إليهم لأنه في أمان منا فيكون كالذمي إذا كره المفاداة به ولأنا نظلمه في التعريض بقتله بالرد عليهم والظلم حرام على المستأمن والذمي والمسلم ولكنا نقول له‏:‏ ألحق ببلادك أو حيث شئت من الأرض إن رضي المشركون بهذا منا لأن للإمام هذه الولاية في حق المستأمن وإن كان لا يخاف القتل على الأسير المسلم ألا ترى أنه لو أطال المقام في دارنا يقدم إليه في الخروج فعند الخوف على الأسير المسلم أو عند مفاداة الأسير بهذه المقالة إذا رضوا بها أولى أن تثبت له الولاية‏"(شرح السير الكبير:3/300-301).‏

 

12- قال الإمام الشيباني: “وإن قال المشركون للمسلمين‏:‏ ادفعوه إلينا وإلا قاتلناكم وليس بالمسلمين عليهم قوة فليس ينبغي للمسلمين أن يفعلوا ذلك لأنه غدر منا بأمانه وذلك لا رخصة فهو بمنزلة ما لو قالوا‏:‏ إن دنيتم وإلا قاتلناكم ولكن أن يقولوا له‏:‏ اخرج من بلاد المسلمين فاذهب حيث شئت من أرض الله تعالى فإن قالوا له‏:‏ اخرج إلى كذا من المدة وإلا دفعناك إليهم فقال لهم‏:‏ نعم‏.‏

 

13- ثم لم يخرج فإن طابت نفسه بالدفع إليهم فلا بأس بأن ندفعه وإن كره ذلك لم ينبغ لنا أن ندفعه إليهم لأنه آمن فينا ما لم يبلغ مأمنه فإن قيل‏:‏ مقامه فينا إلى مضي المدة دليل الرضاء بدفعه إليهم فينبغي أن نجعل ذلك كصريح الرضاء كما لو قال الأمير للمستأمن إن خرجت إلى وقت كذا وإلا جعلتك ذمة ثم لم يخرج فإنه يجعله ذمياً لوجود دلالة الرضاء منه بهذا الطريق‏.‏

 

14- قلنا‏:‏ هو كذلك إلا أن هذا دليل محتمل فلا يجوز تعريضه للقتل بمثل هذا الدليل ما لم يصرح بالرضاء برده عليهم فأما صيرورته ذمياً فهو حكم ثبت مع الشبهة ويجوز اعتماد الدليل المحتمل في مثله"(شرح السير الكبير:3/300-301)‏.‏

 

15-”لكل إنسان الحق في إطار الشريعة في حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل بلاده أو خارجها وله إذا اضطهد حق اللجوء إلى بلد آخر وعلى البلد الذي لجأ إليه أن يجيره حتى يبلغ مأمنه ما لم يكن سبب اللجوء اقتراف جريمة في نظر الشرع"(حوار عن بعد حول حقوق الإنسان في الإسلام؛ لابن بيه:188).

 

16- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فمن تمام نعمة الله على عباده المؤمنين أن ينزل بهم الشدة والضر ما يلجئهم إلى توحيده فيدعونه مخلصين له الدين ويرجونه لا يرجون أحدا سواه، وتتعلق قلوبهم به لا بغيره، فيحصل لهم من التوكل عليه والإنابة إليه، وحلاوة الإيمان وذوق طعمه، والبراءة من الشرك ما هو أعظم نعمة عليهم من زوال المرض والخوف، أو الجدب، أو حصول اليسر وزوال العسر في المعيشة، فإن ذلك لذات بدنية ونعم دنيوية قد يحصل للكافر منها أعظم مما يحصل للمؤمن. وأما ما يحصل لأهل التوحيد المخلصين لله الدين فأعظم من أن يعبر عن كنهه مقال، أو يستحضر تفصيله بال، ولكل مؤمن من ذلك نصيب بقدر إيمانه". مجموع الفتاوى: (10-333).

 

 

 

الإحالات

1- البرهان في وجوب اللجوء إلى الواحد الديان؛ لعبد الله بن عبد الرحمن السعد.

 

2- اللجوء الى الله؛ أ.د. علية عابدين.

 

3- النظرية العامة للقانون الدولي الإنساني؛ لأحمد أبو الوفا.

 

4- النظرية العامة لحق الملجأ في القانون الدولي المعاصر؛ لبرهان أمر الله.

 

5- الأصول الشرعية للعاقات بين المسلمين وغيرهم في المجتمعات غير المسلمة؛ لمحمد أبو الفتح البيانوني.