كره

2022-10-06 - 1444/03/10

التعريف

التعريف:  

 

لغة:

 

"كره: الكاف والراء والهاء أصلٌ صحيحٌ واحد، يدل على خلاف الرضا والمحبة"(مقاييس اللغة، ابن فارس:٥-١٧٢).

 

"وقيل: الكره: المشقة التي تنال الإنسان من خارج فيما يحمل عليه بإكراهٍ، والكره: ما يناله من ذاته وهو يعافه"(المفردات، الراغب الأصفهاني:٧٠٧)، "المكروه جمع مكاره، والمرأة مستكرهة أي: غصبت نفسها فأكرهت على ذلك، وحمل أمرا وهو له كاره، هو نقيض الحب، شيء كريه ومكروه وأكرهه عليه فتكارهه وتكره الأمر كرهه وأكرهته حملته على أمر هو له كاره وجمع المكروه مكاره وامرأة مستكرهة غصبت نفسها فأكرهت على ذلك وكره إليه الأمر تكريها صيره كريها إليه، نقيض حببه إليه، وما كان كريها ولقد كره كراهة، وأمر كريه: مكروه. ووجه كره وكريه: قبيح"(لسان العرب، ابن منظور:١٣-٥٣٤).

 

وفي الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إسباغ الوضوء على المكاره"، جمع مكره وهو ما يكرهه الإنسان ويشق عليه.

 

ومن خلال ما سبق تبين أن الكره يتمركز معناه اللغوي حول خلاف المحبة والرضا، والمشقة.

 

اصطلاحا:

هو نفار النفس عن الشيء الذي ترغب عنه (المفردات، الراغب الأصفهاني:١٣٦).

 

قال أبو هلال العسكري في الفرق بين الإِبَاء والكَرَاهَة: "إنَّ الإِبَاء هو أن يمتنع، وقد يَكْرَه الشَّيء مَن لا يقدر على إبائه، وقد رأيناهم يقولون للملك: أبيت اللَّعن، ولا يعنون أنَّك تكره اللَّعن؛ لأنَّ اللَّعن يكرهه كلُّ أحدٍ، وإنَّما يريدون أنَّك تمتنع مِن أن تلعن وتشتم؛ لِمَا تأتي مِن جميل الأفعال، وقال الرَّاجز:

ولو أرادوا ظلمه أبينا

أي امتنعنا عليهم أن يظلموا، ولم يَرِدْ أنَّا نَكْرَه ظلمهم إيَّاه؛ لأنَّ ذلك لا مدح فيه، وقال الله تعالى: (وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ)[التَّوبة: 32]، أي: يمتنع مِن ذلك، ولو كان الله يأبى المعاصي كما يكرهها، لم تكن معصيةٌ ولا عاصٍ"(الفروق اللغوية:8).

 

قال أبو هلال العسكري: "الفرق بين البُغْض والكَراهة أنَّه قد اتَّسع بالبُغْض ما لم يتَّسع بالكَراهَة، فقيل: أُبْغِض زيدًا أي: أُبْغِض إكرامه ونفعه، ولا يقال: أكرهه بهذا المعنى، كما اتَّسع بلفظ المحبَّة، فقيل: أُحِبُّ زيدًا، بمعنى: أحبُّ إكرامه ونفعه، ولا يقال: أريده، في هذا المعنى، ومع هذا فإنَّ الكَرَاهَة تُسْتَعمل فيما لا يُسْتَعمل فيه البُغْض، فيقال: أَكْرَه هذا الطَّعام. ولا يقال: أَبْغُضه، كما تقول: أُحِبُّه. والمراد أنِّي أكره أكله، كما أنَّ المراد بقولك: أريد هذا الطَّعام، أنَّك تريد أكله أو شراءه"(الفروق اللغوية:104).

 

قال أبو هلال في الفرق بين الكَراهَة ونُفُور الطَّبع: "إنَّ الكَرَاهَة ضدُّ الإرادة، ونُفُور الطَّبع ضدُّ الشَّهوة، وقد يريد الإنسان شرب الدَّواء المرِّ مع نُفُور طبعه منه، ولو كان نُفُور الطَّبع كراهةً، لَمَا اجتمع مع الإرادة، وقد تُسْتَعمل الكَراهَة في موضع نُفُور الطَّبع مجازًا، وتُسمَّى الأمراض والأسقام: مكاره؛ وذلك لكثرة ما يَكْرَه الإنسان ما يَنْفِر طبعه منه"(الفروق اللغوية:451).

 

العناصر

1- حقيقة الكره والحاجة إليه

 

2- إثبات صفة الكره لله جل جلاله

 

3- أنواع الكره

 

4- دوافع الكره

 

5- أثر الكره على السلوك الإنساني

 

6- خطاب الكراهية المذموم في الإعلام وخطره

الايات

1- قال الله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)[البقرة:216].

 

2- قال تعالى: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)[آلِعِمْرَانَ:83].

 

3- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)[النساء:19].

 

4- قال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)[المائدة:91].

 

5- قال تعالى: (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ)[الْأَعْرَافِ: 88].

 

6- قال تعالى: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ *  يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ * وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ)[الْأَنْفَالِ:5-8].

 

7- قال تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)[التَّوْبَةِ:32-33].

 

8- قال تعالى: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ)[التوبة:46].

 

9- قال تعالى: (قُلْ أَنفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ * وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ)[التوبة:53-54].

 

10- قال تعالى: (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ * فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[التوبة:81-82].

 

11- قال تعالى: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)[الرعد:15].

 

12- قال تعالى: (وَيَجْعَلونَ لِلهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ ألْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أنّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنّهُمْ مُفرَطونَ)[النحل:62].

 

13- قال تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا * وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا * كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا * ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ) [الإسراء:36-39].

 

14- قال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ) [المؤمنون:70].

 

15- قال تعالى: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)[غَافر:14].

 

16- قال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا)[الأحقاف: 15].

 

17- قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ)[مُحَمَّدٍ: 9].

 

18- قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّواْ عَلَى أَدْبَـارِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَـانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَـائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَـارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُواْ مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُواْ رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَـالَهُمْ)[محمد:25-28].

 

19- قال تعالى: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ)[الحجرات:12].

 

20- قال تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)[الممتحنة:4].

 

21- قال تعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)[الصف:8-9].

 

 


 

الاحاديث

1- عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه"(أخرجه البخاري:٦٥٠٨، ومسلم:٢٦٨٦).

 

2- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن أحبَّ لقاءَ اللَّهِ، أحبَّ اللَّهُ لقاءَهُ، ومن كرِهَ لقاءَ اللَّهِ، كرِهَ اللَّهُ لقاءَهُ"، فقيلَ: يا رسولَ اللَّهِ كراهيةُ لقاءِ اللَّهِ في كراهيةِ لقاءِ الموتِ، فَكُلُّنا يَكْرَهُ الموتَ، قالَ: "لا، إنَّما ذاكَ عندَ موتِهِ، إذا بُشِّرَ برحمةِ اللَّهِ ومغفرتِهِ، أحبَّ لقاءَ اللَّهِ، فأحبَّ اللَّهُ لقاءَهُ، وإذا بُشِّرَ بعذابِ اللَّهِ، كرِهَ لقاءَ اللَّهِ، وَكَرِهَ اللَّهُ لقاءَهُ"(أخرجه ابن ماجه:٣٤٥٨، وصححه الألباني. وأخرجه البخاري معلقاً بعد حديث:٦٥٠٧، وأخرجه موصولا مسلم:٢٦٨٤).

 

3- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " أَلا أدُلُّكُمْ على ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟ قالُوا بَلى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إسباغ الوضوء على المكاره.."(رواه مسلم:٢٥١).

 

4- عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال"(رواه البخاري:١٤٧٧، ومسلم:٥٩٣).

 

5- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "وحفت الجنة بالمكاره"(رواه مسلم:٢٨٢٢).

 

6- عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان؛ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار"(رواه البخاري:١٦، ومسلم:٤٣).

 

7- عن أبى هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أتدرون ما الغيبة"؟ قالوا :الله ورسوله أعلم، قال: "ذكرك أخاك بما يكره"، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول، قال: "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته"(رواه مسلم:٢٥٨٩).

 

8- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال : "إيَّاكم والظَّنَّ؛ فإنَّ الظَّنَّ أكذب الحديث، ولا تحسَّسوا، ولا تجسَّسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا"(رواه البخاري: ومسلم).

 

9- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أنَّها أخبرت النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّها اشترت نمرقة فيها تصاوير، فلمَّا رآها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام على الباب، فلم يدخل، فعرفت في وجهه الكَراهِية، فقالت: يا رسول الله، أتوب إلى الله؛ ماذا أذنبت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال هذه النمرقة؟ قالت: اشتريتها لتقعد عليها وتَوَسَّدَها. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنَّ أصحاب هذه الصُّور يوم القيامة يعذَّبون، يقال لهم: أَحْيُوا ما خلقتم. وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ البيت الذي فيه الصُّور لا تدخله الملائكة"(رواه البخاري:2105، ومسلم:2107).

 

10- عن الزُّبير بن العوَّام رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبَغْضَاء، هي الحالقة، لا أقول تحلق الشِّعر، ولكن تحلق الدِّين، والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنَّة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أفلا أُنبِّئكم بما يثبِّت ذلك لكم؟ أفشوا السَّلام بينكم"(رواه التِّرمذي:2510، وحسَّنه الألبانيُّ).

 

11- عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: "سيصيب أمَّتي داء الأمم"، قالوا: يا نبيَّ الله، وما داء الأمم؟ قال: "الأشَرُ والبَطَرُ، والتَّكاثر والتشاحن في الدُّنيا، والتَّباغض، والتَّحاسد حتى يكون البغي ثمَّ الهرج"(رواه الطَّبراني في المعجم الأوسط (9/23) (9016)، والحاكم:4-185، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع:3658). والتَّشاحن: التَّعادي والتَّحاقد.

الاثار

1- قال علي رضي الله عنه لابنِ الكَوّاءِ: "هل تَدْرِي ما قال الأولُ؟ أَحْبِبْ حَبيبَكَ هَوْنًا ما، عَسى أنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يومًا ما، وأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا ما، عَسى أنْ يَكُونَ حَبيبَكَ يومًا ما"(رواه البخاري في الأدب المفرد:٩٩٢).

 

2- قال بعض الصَّحابة : "مَن أراد فضل العابدين، فليصلح بين النَّاس، ولا يوقع بينهم العداوة والبَغْضاء"(تنبيه الغافلين؛ للسمرقند:382).

 

الاشعار

1- قال ثعلب:

أُغْمَّض عيني عن صديقي تغافلًا *** كأنِّي بما يأتي مِن الأمر جاهلُ

وما بي جهلٌ غيرَ أنَّ خَلِيقَتي *** تطيقُ احتمالَ الكُرْهِ فيما يحاولُ

 

2- قال يحيى بن زياد الحارثي:

ولكن إذا ما حلَّ كُرْهٌ فسامحتْ *** به النَّفسُ يومًا كان للكرهِ أذهبا

 

3- قال الشَّاعر:

لا يُخرِجُ الكَرْهُ منِّي غير مَأْبِيَةٍ *** ولا ألينُ لمن لا يبتغي لِيني

الحكم

1- كان يقال: "أقبح الأشياء بالسُّلطان اللَّجَاج، وبالحكماء الضَّجر، وبالفقهاء سَخَافة الدِّين، وبالعلماء إفراط الحِرْص، وبالمقاتِلة الجُبْن، وبالأغنياء البخل، وبالفقراء الكِبْر، وبالشَّباب الكسل، وبالشُّيوخ المزاح، وبجماعة النَّاس التَّباغض والحسد"(بهجة المجالس؛ لابن عبد البر:1-408).

 

2- "شاهد البُغْض اللَّحْظُ"(الأمثال؛ لابن سلَّام:356)

 

3- قالوا: "الحَاجَةُ مع المحَبَّة خَيْر مِن الغِنَى مع البِغْضَة"(الأدب الصَّغير؛ لابن المقفع:38)

 

4- قالوا: "الكبر قائد البُغْضِ"(التَّمثيل والمحاضرة؛ للثعالبي:444)

 

5- جاء في المثل: "كثرة العتاب توجب البَغْضاء"(المستطرف؛ للأبشيهي:37)

 

6- جاء -أيضًا-: "إذا أبغضك جارك، حوِّل باب دارك"(المستطرف؛ للأبشيهي:41)

 

7- قيل لبعضهم: ما التَّواضع؟ قال: أخلاق المجد واكتساب الوُدِّ. فقيل ما الكِبْر؟ قال: اكتساب البُغْض (محاضرات الأدباء؛ للرَّاغب الأصفهاني:1-319)

 

8- يقولون: "هو أزرق العين. يُضْرَب في الاستشهاد على البغض"(مجمع الأمثال؛ للميداني:2-385)

متفرقات

1- قال ابن عاشور عند قوله تعالى: (وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)[الممتحنة:4] قال: "والبَغْضَاء: نُفْرَة النَّفس والكَراهِية، وقد تُطْلَق إحداهما في موضع الأخرى إذا افترقتا، فذِكْرُهما معًا هنا مقصودٌ به حصول الحالتين في أنفسهم: حالة المعاملة بالعُدْوَان، وحالة النُّفْرَة والكَراهِية، أي نُسِيء معاملتكم، ونُضْمِر لكم الكَراهِية حتى تؤمنوا بالله وحده دون إشراك"(التحرير والتنوير).

 

2- قال أبو حاتم: "حاجة المرء إلى النَّاس مع محبَّتهم إيَّاه خيرٌ مِن غناه عنهم مع بغضهم إيَّاه، والسَّبب الدَّاعي إلى صدِّ محبَّتهم له هو التَّضايق في الأخلاق وسوء الخُلُق؛ لأنَّ مَن ضاق خُلُقه سَئِمَه أهله وجيرانه، واستثقله إخوانه، فحينئذٍ تمنَّوا الخلاص منه، ودعوا بالهلاك عليه"(روضة العقلاء:66).

 

3- قال أبو حاتم: "الواجب على النَّاس كافةً: مجانبة الإفكار في السَّبب الذي يؤدِّي إلى البَغْضَاء والمشاحنة بين النَّاس، والسَّعي فيما يفرِّق جمعهم، ويُشتِّت شملهم"(روضة العقلاء:176).

 

4- قال الماورديُّ: "البُغْض الذي تنفر منه النَّفس فتُحْدِث نفورًا على المبْغَض، فيؤول إلى سوء خُلُق يخصُّه دون غيره"(أدب الدنيا والدين:246).

 

5- قال أبو حاتم البستي: "الواجب على العاقل أن يلزم إفشاء السَّلام على العام... والسَّلام ممَّا يذهب إفشاؤه بالمكْتَنِّ مِن الشَّحناء، وما في الخَلِد مِن البَغْضَاء، ويقطع الهجران ويصافي الإخوان"(روضة العقلاء:74).

 

6- قال ابن القيِّم: "البُغْض والكَرَاهَة أصل كلِّ ترك ومبدؤه"(الجواب الكافي:192).

 

7- قال الغزَّالي: "اعلم أنَّ الأُلفة ثمرة حسن الخُلُق، والتَّفرُّق ثمرة سوء الخُلُق، فحُسْن الخُلُق يُوجِب التَّحابَّ والتَّآلف والتَّوافق. وسوء الخُلُق يثمر التَّباغض والتَّحاسد والتَّدابر، ومهما كان المثْمِر محمودًا كانت الثَّمرة محمودة"(إحياء علوم الدين:2-157).

 

8- قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "وليس من شرط الرضى ألا يحس بالألم والمكاره، بل ألا يعترض على الحكم ولا يتسخطه، ولهذا أشكل على بعض الناس الرضى بالمكروه، وطعنوا فيه: وقالوا: هذا ممتنع على الطبيعة، وإنما هو الصبر، وإلا فكيف يجتمع الرضى والكراهة؟ وهما ضدان، والصواب: أنه لا تناقض بينهما، وأن وجود التألم وكراهة النفس له لا ينافي الرضى، كرضى المريض بشرب الدواء الكريه، ورضى الصائم في اليوم الشديد الحر بما يناله من ألم الجوع والظمأ، ورضى المجاهد بما يحصل له في سبيل الله من ألم الجراح وغيرها"(مدارج السالكين:٢-١٧٥).

 

9- قال ملا علي القاري: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دبَّ...أي: نقل وسَرَى ومَشَى بخِفْيَة. إليكم داء الأمم قبلكم؛ الحسد. أي: في الباطن. والبَغْضَاء. أي: العداوة في الظَّاهر... وسُمِّيا داءً؛ لأنَّهما داء القلب. هي. أي: البَغْضاء، وهو أقرب مبنًى ومعنًى، أو كلُّ واحدة منهما. الحالقة. أي: القاطعة للمحبَّة والألفة والصِّلة والجمعيَّة. والخصلة الأولى هي المؤدِّية إلى الثَّانية، ولذا قُدِّمت. لا أقول: تحلق الشَّعر. أي: تقطع ظاهر البدن، فإنَّه أمرٌ سهل. ولكن تحلق الدِّين. وضرره عظيم في الدُّنيا والآخرة. قال الطِّيـبيُّ: أي: البَغْضاء تُذْهِب بالدِّين كالموسى تُذْهِب بالشَّعر، وضمير المؤنَّث راجعٌ إلى البَغْضَاء"(مرقاة المفاتيح:8-3154).

 

10- قال الشوكاني في قوله تعالى: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ)[الحجرات:12]: "مثل سبحانه الغيبة بأكل الميتة؛ لأن الميت لا يعلم بأكل لحمه، كما أن الحي لا يعلم بغيبة من اغتابه، ذكر معناه الزجاج، وفيه إشارة إلى أن عرض الإنسان كلحمه، وأنه كما يحرم أكل لحمه يحرم الاستطالة في عرضه، وفي هذا من التنفير عن الغيبة، والتوبيخ لها، والتوبيخ لفاعلها، والتشنيع عليه ما لا يخفى، فإن لحم الإنسان مما تنفر عن أكله الطباع الإنسانية، وتستكرهه الجبلة البشرية، فضلًا عن كونه محرمًا شرعًا"(فتح القدير).

 

11- قال الطبري في تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء)[المائدة:91] قال: "يقول تعالى ذكره : إنما يريد لكم الشيطان شرب الخمر والمياسرة بالقداح، ويحسن ذلك لكم؛ إرادة منه أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في شربكم الخمر ومياسرتكم بالقداح، ليعادي بعضكم بعضًا، ويبغض بعضكم إلى بعض، فيشتت أمركم بعد تأليف الله بينكم بالإيمان، وجمعه بينكم بأخوة الإسلام، ويصدكم عن ذكر الله"(جامع البيان).

 

12- قال ابن عاشور في قوله تعالى: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ)[الحجرات:12]: "الكراهة هنا للاشمئزاز والتقذر والمعنى: فتعين إقراركم بما سئلتم عنه من الممثل به إذ لا يستطاع جحده تحققت كراهتكم له وتقذركم منه، فليتحقق أن تكرهوا نظير الممثل وهو الغيبة، فكأنه قيل: فاكرهوا الممثل كما كرهتم الممثل به"(التحرير والتنوير).

 

13- قال ابن سعدي -رحمه الله- في قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ...)[البقرة:216] قال: "هذه الآية، فيها فرض القتال في سبيل الله، بعد ما كان المؤمنون مأمورين بتركه، لضعفهم، وعدم احتمالهم لذلك، فلما هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، وكثر المسلمون، وقووا أمرهم الله تعالى بالقتال، وأخبر أنه مكروه للنفوس، لما فيه من التعب والمشقة، وحصول أنواع المخاوف والتعرض للمتالف، ومع هذا، فهو خير محض، لما فيه من الثواب العظيم، والتحرز من العقاب الأليم، والنصر على الأعداء والظفر بالغنائم، وغير ذلك، مما هو مرب، على ما فيه من الكراهة (وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) وذلك مثل القعود عن الجهاد لطلب الراحة، فإنه شر، لأنه يعقب الخذلان، وتسلط الأعداء على الإسلام وأهله، وحصول الذل والهوان، وفوات الأجر العظيم وحصول العقاب. وهذه الآيات عامة مطردة، في أن أفعال الخير التي تكرهها النفوس لما فيها من المشقة أنها خير بلا شك، وأن أفعال الشر التي تحب النفوس لما تتوهمه فيها من الراحة واللذة فهي شر بلا شك. وأما أحوال الدنيا، فليس الأمر مطردا، ولكن الغالب على العبد المؤمن، أنه إذا أحب أمرا من الأمور، فقيض الله له من الأسباب ما يصرفه عنه أنه خير له، فالأوفق له في ذلك، أن يشكر الله، ويجعل الخير في الواقع، لأنه يعلم أن الله تعالى أرحم بالعبد من نفسه، وأقدر على مصلحة عبده منه، وأعلم بمصلحته منه كما قال تعالى: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) فاللائق بكم أن تتمشوا مع أقداره، سواء سرتكم أو ساءتكم"(تيسير الكريم الرحمن).

 

14- قال ابن سعدي رحمه الله في قوله تعالى: (وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها)[آلعمران:٨٣] "أي: الخلق كلهم منقادون بتسخيره مستسلمون له طوعا واختيارا، وهم المؤمنون المسلمون المنقادون لعبادة ربهم، وكرها وهم سائر الخلق، حتى الكافرون مستسلمون لقضائه وقدره لا خروج لهم عنه، ولا امتناع لهم منه، وإليه مرجع الخلائق كلها، فيحكم بينهم ويجازيهم بحكمه الدائر بين الفضل والعدل"(تيسير الكريم الرحمن).

 

15- قال ابن سعدي -رحمه الله- في قوله تعالى: (أَوَ لَوْ كُنَّا كَارِهِينَ): "أي: أنتابعكم على دينكم وملتكم الباطلة، ولو كنا كارهين لها لعلمنا ببطلانها، فإنما يدعى إليها من له نوع رغبة فيها، أما من يعلن بالنهي عنها، والتشنيع على من اتبعها فكيف يدعى إليها؟"(تيسير الكريم الرحمن).

 

16- قال ابن سعدي -رحمه الله- في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا): "كانوا في الجاهلية إذا مات أحدهم عن زوجته، رأى قريبُه كأخيه وابن عمه ونحوهما أنه أحق بزوجته من كل أحد، وحماها عن غيره، أحبت أو كرهت. فإن أحبها تزوجها على صداق يحبه دونها، وإن لم يرضها عضلها فلا يزوجها إلا من يختاره هو، وربما امتنع من تزويجها حتى تبذل له شيئًا من ميراث قريبه أو من صداقها، وكان الرجل أيضا يعضل زوجته التي يكون يكرهها ليذهب ببعض ما آتاها، فنهى الله المؤمنين عن جميع هذه الأحوال إلا حالتين: إذا رضيت واختارت نكاح قريب زوجها الأول، كما هو مفهوم قوله: (كَرْهًا) وإذا أتين بفاحشة مبينة كالزنا والكلام الفاحش وأذيتها لزوجها فإنه في هذه الحال يجوز له أن يعضلها، عقوبة لها على فعلها لتفتدي منه إذا كان عضلا بالعدل. ثم قال: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وهذا يشمل المعاشرة القولية والفعلية، فعلى الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى وبذل الإحسان، وحسن المعاملة، ويدخل في ذلك النفقة والكسوة ونحوهما، فيجب على الزوج لزوجته المعروف من مثله لمثلها في ذلك الزمان والمكان، وهذا يتفاوت بتفاوت الأحوال"(تيسير الكريم الرحمن).

 

17- قال ابن سعدي -رحمه الله- في قوله تعالى: (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) "أي: ينبغي لكم -أيها الأزواج- أن تمسكوا زوجاتكم مع الكراهة لهن، فإن في ذلك خيرًا كثيرًا. من ذلك امتثال أمر الله، وقبولُ وصيته التي فيها سعادة الدنيا والآخرة. ومنها أن إجباره نفسَه -مع عدم محبته لها- فيه مجاهدة النفس، والتخلق بالأخلاق الجميلة. وربما أن الكراهة تزول وتخلفها المحبة، كما هو الواقع في ذلك. وربما رزق منها ولدا صالحا نفع والديه في الدنيا والآخرة. وهذا كله مع الإمكان في الإمساك وعدم المحذور. فإن كان لا بد من الفراق، وليس للإمساك محل، فليس الإمساك بلازم"(تيسير الكريم الرحمن).

 

18- قال ابن سعدي -رحمه الله- في قوله تعالى: (وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ‏)‏ "معكم في الخروج للغزو ‏(‏فَثَبَّطَهُمْ‏)‏ قدرا وقضاء، وإن كان قد أمرهم وحثهم على الخروج، وجعلهم مقتدرين عليه، ولكن بحكمته ما أراد إعانتهم، بل خذلهم وثبطهم ‏(‏وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ‏)‏ من النساء والمعذورين"(تيسير الكريم الرحمن)‏.‏

 

19- قال ابن سعدي -رحمه الله- في قوله تعالى: (كُلُّ ذَلِكَ) المذكور الذي نهى الله عنه فيما تقدم من قوله: (وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ) والنهي عن عقوق الوالدين وما عطف على ذلك (كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا) أي: كل ذلك يسوء العاملين ويضرهم والله تعالى يكرهه ويأباه"(تيسير الكريم الرحمن).

 

20- قال ابن سعدي -رحمه الله- "يخبر تعالى أن المشركين (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ) من البنات، ومن الأوصاف القبيحة وهو الشرك بصرف شيء من العبادات إلى بعض المخلوقات التي هي عبيد لله، فكما أنهم يكرهون، ولا يرضون أن يكون عبيدهم -وهم مخلوقون من جنسهم- شركاء لهم فيما رزقهم الله؛ فكيف يجعلون له شركاء من عبيده؟"(تيسير الكريم الرحمن).

 

21- قال السعدي عند حديث: (ولا تحسَّسوا، ولا تجسَّسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا): "فعلى المؤمنين أن يكونوا متحابِّين، متصافِّين غير متباغضين ولا متعادين، يسعون جميعهم لمصالحهم الكليَّة التي بها قوام دينهم ودنياهم، لا يتكبَّر شريف على وضيع، ولا يحتقر أحدٌ منهم أحدًا"(بهجة قلوب الأبرار).

 

22- قال جلال الدين السيوطي عند حديث: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان.." قال: "وذلك أنه لا يصح محبة الله ورسوله حقيقة وحب الآدمي في الله وكراهة الرجوع في الكفر إلا لمن قوي بالإيمان يقينه واطمأنت به نفسه وانشرح له صدره وخالط لحمه ودمه وهذا هو الذي وجد حلاوته"(الديباج على مسلم:1-59).

 

23- قال النووي: "في ذكر المرء بما يكرهه سواء كان ذلك في بدن الشخص أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خلقه أو ماله أو والده أو ولده أو زوجه أو خادمه أو ثوبه أو حركته أو طلاقته أو عبوسه أو غير ذلك مما يتعلق به سواء ذكرته باللفظ أو بالإشارة والرمز"(الأذكار).

 

24- قال القاضي عياض: "وإسباغ الوضوء تمامه، والمكاره تكون بشدة البرد وألم الجسم ونحوه"(شرح مسلم؛ للنووي:٣-١٤١).

 

25- قال ابن رجب: "فإن شدة البرد لدينا يذكر بزمهرير جهنم، فملاحظة هذا الألم الموعود يهون الإحساس بألم برد الماء"(مجموع رسائل الحافظ ابن رجب الجنبلي:18).

 

26- نقل ابن الجوزي: "قال الزجاج: وبيانه أن ذكرك بسوء من لم يحضر، بمنزلة أكل لحمه وهو ميت لا يحس بذلك. وقال القاضي أبو يعلى: وهذا تأكيد لتحريم الغيبة، لأن أكل لحم المسلم محظور، ولأن النفوس تعافه من طريق الطبع، فينبغي أن تكون الغيبة بمنزلته في الكراهة"(زاد المسير لابن الجوزي:٧-١٨٥).

 

27- "إن حمل المرأة بجنينها شاق صعب يضعف جسمها وقد يصيبها بالأمراض، وقد يودي بحياتها، وقل هذا في آلام المخاض وأوجاع الطلق ومشقة الوضع، لكن ألا ترغب المرأة في الحمل والإنجاب؟ ألا تتلذذ به وتستعذبه وتشتاق إليه، لهذا عبر القرآن عن حملها ووضعها بأنه كره أي: أنه فيه مشقة وصعوبة، وثقل، فيه آلام وأوجاع وأخطار، لكنه مع ذلك مرغوب عند المرأة ومطلوب ومراد"(لطائف قرآنية؛ للخالدي:٨٣).

 

28- قال حاتم العوني: "ذلك أن الحب القلبي لغير المسلمين ليس شيئا واحدا، فمنه ما ينقض (الولاء والبراء) من أساسه، ويكفر صاحبه بمجرده، ومنه ما ينقص من (الولاء والبراء) ولا ينقضه، فيكون معصية تنقص الإيمان ولا تنفيه، ومنه ما لا يؤثر في كمال الإيمان وفي معتقد (الولاء والبراء)، لكونه مباحا من المباحات، أما الحب القلبي الذي ينقض (الولاء والبراء) وينفي أساس الإيمان: فهو حب الكافر لكفره، وأما الحب القلبي الذي لا يصل إلى حد النقض، لكنه ينقص الإيمان، ويدل على ضعف في معتقد (الولاء والبراء)، فهو محبة الشخص (كافرا كان أو مسلما) لفسقه أو لمعصية يقترفها، فهذا إثم ولا شك، ولكنه لا يصل إلى درجة الكفر لكونه لا ينافي أصل الإيمان؛ إذ لا يزال في المسلمين من يحب المعاصي ويقترفها، ولم يكفرهم أحد من أهل السنة، وهذا الحب قد يكون كبيرة من كبائر الذنوب، وقد لا يكون كذلك، بحسب حال المحبوب ومعصيته، فمن أحب محبوبا لارتكابه الكبائر، فهذا الحب كبيرة، ومن أحبه لصغيرة يرتكبها، فلا يزيد إثمه على إثم من ارتكبها، وهذا التقرير واضح الالتئام، بين المأخذ، بحمد الله تعالى، وأما الحب المباح فهو الحب الطبيعي، وهو الخارج عما سبق، كحب الوالد لولده الكافر، أو الولد لوالديه الكافرين، أو الرجل لزوجه الكتابية، أو المرء لمن أحسن إليه، وأعانه من الكفار، فهذا الحب مباح، ما دام لم يؤثر في بغضه لكفر الكافرين، وفسق الفاسقين، ومعصية العاصين، أما إذا أثر في بغضه، فإنه يعود إلى أحد القسمين السابقين، بما فيهما من تفصيل"(الولاء والبراء بين الغلو والجفاء؛ لحاتم العوني:١٨-١٩).

 

الإحالات

1- الحب والكراهية في كتاب الله وسنة نبيه؛ خضر موسى محمد حمود.

 

2- الحب والكراهية وحيد سعيد.