فصل الربيع

2024-02-17 - 1445/08/07

التعريف

العناصر

1- ما هو فصل الربيع؟

 

2- تجلي آيات الله في فصل الربيع

 

3- نظرة الإسلام الإيمانية للربيع

 

4- مشروعية الترويح عن النفس في الربيع وضوابطه

 

5- اهتمام الناس بالربيع وارتباط أعياد وثنية به

الايات

1- قال الله تعالى: (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ * وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ) [ق:7-11].

 

2- قال تعالى: (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ) [الزخرف:11]

 

3- قال تعالى: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ) [الروم:19].

 

4- قال تعالى: (فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا)[الرُّومِ: 50].

 

5- قال تعالى: (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) [سبأ:15].

 

6- قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [فصلت:39].

 

7- قال تعالى: (إِنَّمَا مثل الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ من السَّمَاء فاختلط بِهِ نَبَات الأَرْض مِمَّا يَأْكُل النَّاس والأنعام حَتَّى إِذا أخذت الأَرْض زخرفها وازينت وَظن أَهلهَا أَنهم قادرون عَلَيْهَا أَتَاهَا أمرنَا لَيْلًا أَو نَهَارا فجعلناها حصيدا كَأَن لم تغن بالْأَمْس كَذَلِك نفصل الْآيَات لقوم يتفكرون) [يونس: 24].

الاحاديث

1- عن أبي سعيد الخدري، يقول: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فقال: “لا والله، ما أخشى عليكم، أيها الناس، إلا ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا” فقال رجل: يا رسول الله، أيأتي الخير بالشر؟ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة، ثم قال: “كيف قلت؟” قال: قلت: يا رسول الله، أيأتي الخير بالشر؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الخير لا يأتي إلا بخير، أَوَ خير هُوْ، إن كل ما يُنبِت الربيع يقتل حَبَطاً أو يُلِمُّ، إلا آكِلَةَ الخِضَر، أكلت، حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت الشمس، ثَلَطَتْ أو بالت، ثم اجْتَرَّت، فعادت فأكلت فمن يأخذ مالا بحقه يبارك له فيه، ومن يأخذ مالا بغير حقه فمثله، كمثل الذي يأكل ولا يشبع”. أخرجه البخاري: (٦٤٢٧)، ومسلم: (١٠٥٢).

 

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما بيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أرْبَعُونَ"، قالَ: أرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قالَ: "أبَيْتُ"، قالَ: أرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قالَ: "أبَيْتُ"، قالَ: أرْبَعُونَ سَنَةً؟ قالَ: "أبَيْتُ"، قالَ: "ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيَنْبُتُونَ كما يَنْبُتُ البَقْلُ، ليسَ مِنَ الإنْسانِ شَيءٌ إلّا يَبْلى، إلّا عَظْمًا واحِدًا، وهو عَجْبُ الذَّنَبِ، ومِنْهُ يُرَكَّبُ الخَلْقُ يَومَ القِيامَةِ". أخرجه البخاري: (٤٩٣٥)، ومسلم: (٢٩٥٥).

 

3- عن أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى؟ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ؟ قَالَ: "أَمَا مَرَرْتَ بِوَادٍ لَكَ مَحْلًا ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضِرًا؟ ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ مَحلًا ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضِرًا؟" قَالَ: بَلَى. قَالَ: "فَكَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى، وَذَلِكَ آَيَتُهُ فِي خَلْقِهِ" رواه أخرجه أبو داود (٤٧٣١)، وابن ماجه (١٨٠) بنحوه، وأحمد (١٦١٩٢) والحاكم في المستدرك (٨٩٠٨) وقال: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، وقال شعيب الأرناؤوط: "إسناده ضعيف".

القصص

كتب عمر بن هشام إلى صديق له يستدعيه في رأس الربيع من جنة له فأحسن إحسانا يقرب على من تأمله ويبعد على من رامه: "كتبت والأرض تستطير باستطارة شوقنا إليك، وتهم أن تستقل بنا نحوك، إذ صرنا بروضة استعارت لون السماء بخضرتها، وزهر نجومها بأنوارها، وبدور تمها بأقمارها. فقد افترشنا ثوب السماء، وحوينا زهرة الدنيا، وبيننا متطلعة إليك بأعناق الغزلان، ولسمع حسك مصيخة الآذان، فإن عجلت قهقهت طربا، وتبودرت نخبا، وإن أبطأت أظلم في أعيننا النور، وكادت الأرض بنا تمور، والسلام". البديع في وصف الربيع؛ لأبي الوليد الإشبيلي).

الاشعار

1- قال أحمد شوقي:

آذَارُ أَقْبَلَ قُمْ بِنَا يَا صَاحِ *** حَيِّ الرَّبِيعَ حَدِيقَةَ الأَرْوَاحِ

وَاجْمَعْ نَدَامَى الظَّرْفِ تَحْتَ لِوَائِهِ *** وَانْشُرْ بِسَاحَتِهِ بِسَاطَ الرَّاحِ

صَفْوٌ أُتِيحَ فَخُذْ لِنَفْسِكَ قِسْطَهَا *** فَالصَّفْوُ لَيْسَ عَلَى الْمَدَى بِمُتَاحِ

وَاجْلِسْ بِضَاحِكَةِ الرِّيَاضِ مُصَفِّقًا *** لِتَجَاوُبِ الأَوْتَارِ والأَقْدَاحِ

الشوقيات: (ص 21).

 

إلى أن يقول:

مَلَكَ النَّبَاتُ فَكُلُّ أَرْضٍ دَارُهُ *** تَلْقَاهُ بِالأَعْرَاسِ وَالأَفْرَاحِ

مَنْشُورَةً أَعْلامُهُ مِنْ أَحْمَرٍ *** قَانٍ وَأَبْيَضَ فِي الرُّبَى لَمَّاحِ

لَبِسَتْ لِمَقْدَمِهِ الْخَمَائِلُ وَشْيَهَا *** وَمَرِحْنَ فِي كَتِفٍ لَهُ وَجَنَاحِ

الوَرْدُ فِي سُرَرِ الْغُصُونِ مُفَتَّحٌ *** مُتَقَابِلٌ يُثْنِي عَلَى الفَتَّاحِ

ضَاحِي الْمَوَاكِبِ فِي الرِّيَاضِ مُمَيَّزٌ *** دُونَ الزُّهُورِ بِشَوْكَةٍ وَسِلاحِ

مَرَّ النَّسِيمُ بِصَفْحَتَيْهِ مُقَبِّلاً *** مَرَّ الشِّفَاهِ عَلَى خُدُودِ مِلاحِ

هَتَكَ الرَّدَى مِنْ حُسْنِهِ وَبَهَائِهِ *** بِاللَّيْلِ مَا نَسَجَتْ يَدُ الإِصْبَاحِ

يُنْبِيكَ مَصْرَعُهُ، وَكُلٌّ زِائِلٌ *** أَنَّ الْحَيَاةَ كَغَدْوَةٍ وَرَوَاحِ

وَيَقَائِقُ النَّسْرَيْنِ فِي أَغْصَانِهَا *** كَالدُّرِّ رُكِّبَ فِي صُدُورِ رِمَاحِ

وَاليَاسَمِينُ لِطِيفُهُ وَنَقِيُّهُ *** كَسَرِيرَةِ الْمُتَنَزِّهِ الْمِسْمَاحِ

مُتَأَلِّقٌ خِلَلَ الْغُصُونِ كَأَنَّه *** فِي بُلْجَةِ الإِصْبَاحِ ضَوْءُ صَبَاحِ

 

2- قال أحمد شوقي:

مَرْحَبًا بِالرَّبِيعِ فِي رَيْعَانِهِ *** وَبِأَنْوَارِهِ وَطِيبِ زَمَانِهْ

زُفَّتِ الأَرْضُ فِي مَوَاكِبِ آذَا *** رَ وَشَبَّ الزَّمَانُ فِي مِهْرَجَانِهْ

نَزَلَ السَّهْلَ ضَاحِكَ الْبِشْرِ يَمْشِي *** فِيهِ مَشْيَ الأَمِيرِ فِي بُسْتَانِهْ

عَادَ حَلْيًا بِرَاحَتَيْهِ وَوَشْيًا *** طُولَ أَنْهَارِهِ، وَعُرْضَ جِنَانِهْ

لَفَّ فِي طَيْلَسَانِهِ طُرَرَ الأَرْ *** ضِ فَطَابَ الأَدِيمُ مِنْ طَيْلَسَانِهْ

سَاحِر فِتْنَةِ العُيُونِ مُبِينُ *** فَصَّلَ الْمَاءَ فِي الرُّبَا بِجُمَانِهْ

عَبْقَرِيُّ الْخَيَالُ، زَادَ عَلَى الطَّيْـ *** ـفِ، وَأَرْبِى عَلَيْهِ فِي أَلْوَانِهْ

صِبْغَةُ اللهِ؛ أَيْنَ مِنْهَا رَفَائِيـ *** ـل، ومِنْقَاشُهُ وَسِحْرُ بَنَانِهْ؟

رَنَّمَ الرَّوْضَ جَدْوَلاً وَنَسِيمًا *** وَتَلا طَيْرَ أَيْكِهِ غُصْنُ بَانِهْ

وَشَدَتْ فِي الرُّبَا الرَّيَاحِينُ هَمْسَا *** كتَغَنِّي الطَّرُوبِ فِي وِجْدَانِهْ

كُلُّ رَيْحَانَةٍ بِلَحْنٍ؛ كَعُرْسٍ *** أُلِّفَتْ لِلْغِنَاءِ شَتَّى قِيَانِهْ

نِعَمٌ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ شَتَّى *** مِنْ مَعَانِي الرَّبِيعِ، أَوْ أَلْحَانِهْ

 

3- قال أبو تمام:

يا صاحبيَّ تقصَّيا نظرَيكما *** تريا وجوه الأرض كيف تصورُ

تريا نهاراً مشمساً قد شابه *** زهر الربا فكأنما هو مقمرُ

دنيا معاشٍ للورى حتى إذا *** حلَّ الربيع فإنما هي منظرُ

أضحت تصوغُ بطونها لظهورها *** نوراً تكادُ له القلوب تنورُ

من كل زاهرة ترقرق بالندى *** فكأنها عين لديك تحذرُ

 

4- قال البُحتريُّ:

أتاكَ الرَّبيعُ الطَّلقُ يختال ضاحكًا *** مِن الحُسنِ حتى كاد أن يتكلَّما

وَقَد نَبَّهَ النَوروزُ في غَلَسِ الدُجى *** أَوائِلَ وَردٍ كُنَّ بِالأَمسِ نُوَّما

يُفَتِّقُها بَردُ النَدى فَكَأَنَّهُ *** يَبُثُّ حَديثاً كانَ أَمسِ مُكَتَّما

وَمِن شَجَرٍ رَدَّ الرَبيعُ لِباسَهُ *** عَلَيهِ كَما نَشَّرتَ وَشياً مُنَمنَما

 

5- قال صفي الدين الحلي:

ورد الربيع فمرحباً بوروده *** وبنور بهجته ونور وروده

وبحسن منظره وطيب نسيمه *** وأنيق مبسمه ووشى بروده

فضل إذا افتخر الزمان فإنه *** إنسان مقلته وبيت قصيده

يغني المزاج عن العلاج نسيمه *** باللطف عند هبوبه وركوده

يا حبذا أزهاره وثماره *** ونبات نابجمه وحب حصيده

والغصن قد كسى الغلائل بعدما *** أخذت يدا كانون في تجريده

نال الصبا بعد المشيب وقد جرى *** ماء الشبيبة في منابت عوده

والورد في أعلى الغصون كأنه *** ملك تحف به سراة جنوده

وانظر لنرجسه الجنى كأنه *** طرف تنبه بعد طول هجوده

وانظر إلى المنثور في منظومة *** متنوعاً بفصوله وعقوده

 

6- قال أحدهم:

تَأَمَّلْ فِي نبات الْأَرْضِ وَانْظُرْ *** إِلَى آثَارِ مَا صَنَعَ الْمَلِيـكُ

عُيُونٌ مِنْ لجين شاخصـات *** بأحداق هِيَ الذَّهَبُ السَّبِيكُ

عَلَى قُضُبِ الزَّبَرْجَدِ شَاهِدَاتٌ *** بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ لَــهُ شَرِيكُ

وأنَّ مُحَمَّداً خَيْـرُ البَرَايـا *** إلى الثَّقَلَيْنِ أَرْسَلـَهُ المَلِيـكُ

 

7- قال أبو عمر أحمد بن عبد ربه:

وروضة عقدت أيدي الربيع بها *** نورا بنور وتزويجا بتزويج

بملقح من سواريها وملقحة *** وناتج من غواديها ومنتوج

توشحت بملاة غير ملحمة *** من نورها ورداء غير منسوج

فألبست حلل الموشي زهرتها *** وجللتها بأنماط الديابيج

البديع في وصف الربيع؛ لأبي الوليد الإشبيلي.

 

8- قال أبو عمر أحمد بن فرج الجياني:

أما الربيع فقد أراك حدائقا *** لبست بها الأيام وشيا رائقا

فكأنما تجتر أذيال الصبا *** فيها البروق أزهارا وشقائقا

متقسمات بينها وسم الهوى *** تحكي المشوق تارة والشائقا

من قانيء خجل وأصفر مظهر *** للوجد كالمعشوق فاجا العاشقا

وكأنما نثرت على أجفانها *** غر السحائب لؤلؤاً متناسقا

فإذا الصبا لعبت به في روضة *** ذكر الفراق بها بكى وتعانقا

البديع في وصف الربيع؛ لأبي الوليد الإشبيلي.

 

9- قال أحدهم:

لبس ‌الربيع الطلق برد شبابه *** وافتر عن عتباه بعد عتابه

ملك الفصول حبا الثرى بثرائه *** متبرجا لوهاده وهضابه

فأراك بالأنوار وشي بروده *** وأراك بالأشجار خضر قبابه

أمسى يذهبها بشمس أصيله *** وغدا يفضضها بدمع جنابه

عقل العقول فما تكيف حسنه *** وثنى العيون جنائبا بجنابه

بالحاجب المأمول أضحك ثغره *** فرحا وأنطق جهرنا بصوابه

بعماد هذا الدين والملك الذي *** تتبادر الأملاك لثم ركابه

هز الصعاد فأرعدت من خوفه *** وعلا الجياد فأصبحت تزهى به

البديع في وصف الربيع؛ لأبي الوليد الإشبيلي.

 

الحكم

1- "إِن مِمَّا ينْبت ‌الرّبيع لما يقتل حَبطًا أَو يلم". حديث نبوي أخرجه البخاري: (٦٤٢٧)، ومسلم: (١٠٥٢).

 

2- "تَمام ‌الرّبيع الصَّيف". يضْرب مثلا فِي استنجاح تَمام الْحَاجة وَأَصله فِي الْمَطَر فالربيع أَوله والصيف آخِره. جمهرة الأمثال: (1-264).

متفرقات

1- قال ابن عاشور عند قواه تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً) [فصلت:39] قال: "هو التذلل، وَهُوَ مُسْتَعَارٌ لِحَالِ الْأَرْضِ إِذَا كَانَتْ مُقْحِطَةً لَا نَبَاتَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ حَالَهَا فِي تِلْكَ الْخَصَاصَةِ كَحَالِ الْمُتَذَلِّلِ، وَهَذَا مِنْ تَشْبِيهِ الْمَحْسُوسِ بِالْمَعْقُولِ".

 

2- قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: " وأصح الفصول فيه: فصل الربيع، قال أبقراط: "إن في الخريف أشد ما يكون من الأمراض وأقتل، وأما الربيع: فأصح الأوقات كلها، وأقلها موتا". وقد جرت عادة الصيادلة ومجهزي الموتى: أنهم يستدينون ويتسلفون في الربيع والصيف، على فصل الخريف؛ فهو ربيعهم، وهم أشوق شي إليه، وأفرح بقدومه. وقد روى في حديث: " إذا طلع النجم: ارتفعت العاهة عن كل بلد ". وفسر: بطلوع الثريا، وفسر: بطلوع النبات زمن الربيع. ومنه: (النجم والشجر يسجدان)، فإن كمال طلوعه وتمامه يكون في فصل الربيع، وهو: الفصل الذي ترتفع فيه الآفات.

 

وأما الثريا: فالأمراض تكثر وقت طلوعها مع الفجر وسقوطها. قال التميمي في كتاب "مادة البقاء": "أشد أوقات السنة فسادا، وأعظمها بلية على الأجساد وقتان: (أحدهما):

وقت سقوط الثريا للمغيب عند طلوع الفجر، (والثاني): وقت طلوعها من المشرق قبل طلوع الشمس على العالم، بمنزلة من منازل القمر. وهو: وقت تصرم فصل الربيع وانقضائه. غير أن الفساد الكائن عند طلوعها، أقل ضررا من الفساد الكائن عند سقوطها ".

 

وقال أبو محمد بن قتيبة: "يقال: ما طلعت الثريا ولا نأت إلا بعاهة في الناس، والإبل وغروبها أعوه من طلوعها".

وفى الحديث قول ثالث -ولعله أولى الأقوال به-: أن المراد بالنجم: الثريا، وبالعاهة: الآفة التي تلحق الزرع والثمار، في فصل الشتاء وصدر فصل الربيع. فحصل الأمن عليها:

عند طلوع الثريا في الوقت المذكور. ولذلك نهى -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الثمرة وشرائها قبل أن يبدو صلاحها.

والمقصود الكلام على هديه -صلى الله عليه وسلم- عند وقوع الطاعون". الطب النبوي: (ص 32-33).

 

3- قال ابن سعدي عند قوله تعالى: (وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ...) [ق:7-11] قال: "أي: من كل صنف من أصناف النبات، التي تسر ناظرها، وتعجب مبصرها، وتقر عين رامقها، لأكل بني آدم، وأكل بهائمهم ومنافعهم، وخص من تلك المنافع بالذكر، الجنات المشتملة على الفواكه اللذيذة، من العنب والرمان والأترج والتفاح، وغير ذلك، من أصناف الفواكه، ومن النخيل الباسقات، أي: الطوال، التي يطول  نفعها، وترتفع إلى السماء، حتى تبلغ مبلغًا، لا يبلغه كثير من الأشجار، فتخرج من الطلع النضيد، في قنوانها، ما هو رزق للعباد، قوتًا وأدمًا وفاكهة، يأكلون منه ويدخرون، هم ومواشيهم وكذلك ما يخرج الله بالمطر، وما هو أثره من الأنهار، التي على وجه الأرض، والتي تحتها من حب الحصيد، أي: من الزرع المحصود، من بر وشعير، وذرة، وأرز، ودخن وغيره.

 

وحاصل هذا، أن ما فيها من الخلق الباهر، والشدة والقوة، دليل على كمال قدرة الله تعالى، وما فيها من الحسن والإتقان، وبديع الصنعة، وبديع الخلقة دليل على أن الله أحكم الحاكمين، وأنه بكل شيء عليم، وما فيها من المنافع والمصالح للعباد، دليل على رحمة الله، التي وسعت كل شيء، وجوده، الذي عم كل حي، وما فيها من عظم الخلقة، وبديع النظام، دليل على أن الله تعالى، هو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، ولم يكن له كفوًا أحد، وأنه الذي لا تنبغي العبادة، والذل [والحب] إلا له تعالى.

 

وما فيها من إحياء الأرض بعد موتها، دليل على إحياء الله الموتى، ليجازيهم بأعمالهم، ولهذا قال: (وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ)

 

ولما ذكرهم بهذه الآيات السماوية والأرضية، خوفهم أخذات الأمم، وألا يستمروا على ما هم عليه من التكذيب، فيصيبهم ما أصاب إخوانهم من المكذبين". تفسير السعدي

الإحالات

البديع في وصف الربيع؛ لأبي الوليد الإشبيلي.