فساد

2022-10-05 - 1444/03/09

التعريف

أولًا: المعنى اللغوي:   "الفاء والسين والدال كلمة واحدة، فسد الشيء يفسد فسادًا وفسودًا وهو فاسد وفسيد"(مقاييس اللغة، ابن فارس ص٧٤٨)، وفسد: كنصر وعقد وكرم، ضد صلح فهو فاسدٌ، والفساد: أخذ المال ظلمًا. والمفسدة: ضد المصلحة(انظر: القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص٣٠٦).   والفساد: "خروج الشيء عن الاعتدال، قليلًا كان الخروج أو كثيرًا، ويضاده الصلاح، ويستعمل ذلك في النفس، والبدن، والأشياء الخارجة عن الاستقامة"(المفردات؛ للراغب الأصفهاني ص٣٧٩).   ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:   عرف الفساد في الاصطلاح خلقٌ كثيرون، ولكن هذا البحث سيتناول هذا المصطلح بما يتفق مع طبيعته القرآنية، حيث جاء في تعريفه الآتي:   ١-تعريف الجرجاني للفساد بأنه: "زوال الصورة عن المادة بعد أن كانت حاصلة"(التعريفات ص١٦٦).   ٢-تعريف الشيخ محمد رواس قلعه جي بأنه: "إخراج الشيء عن أن يكون منتفعًا به منفعة مطلوبة منه عادة"(معجم لغة الفقهاء:١-٤١).

العناصر

1- حكم الفساد (أو الإفساد في الأرض).   2- الفرق بين الفساد والظلم.   3- أساس فساد الدين في قلب العبد إما بسبب شبهة أو شهوة.   4- الجهل سبب إلى فساد العبادة أو الوقوع في الحرج.   5- شقاء الأمة أو فسادها هو بسبب ما يُصَبُّ على الأمة من تحلِّلٍ وانحلال في إقامة الدين بين العباد.   6- عاقبة المفسدين في الأرض في الدنيا والآخرة.  

الايات

1- قال الله تعالى: (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ)[البقرة:11-12].   2- قال تعالى: (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)[البقرة:27].   3- قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)[البقرة:30].   4- قال تعالى: (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)[البقرة: 60].   5- قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)[البقرة:204-205].   6- قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ)[البقرة:220].   7- قال تعالى: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)[البقرة: 251].   8- قال تعالى: (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)[المائدة:64].   9- قال تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)[الأعراف:55-56].   10- قال تعالى: (وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)[الأعراف:86].   11- قال تعالى: (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)[الأعراف:142].   12- قال تعالى: (فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ)[هود: 116].   13- قال تعالى: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ)[النحل:88].   14- قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ)[الأنفال:72-73].   15- قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) [يونس:81]   16- قال تعالى: (وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)[هود:85].   17- قال تعالى: (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ)[يوسف:73].   18- قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)[الرعد:25].   19- قال تعالى: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا)[الإسراء:4].   20- قال تعالى: (أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ * لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ * لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ * أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ)[الأنبياء:21-24].   21- قال تعالى: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ)[المؤمنون:71].   22- قال تعالى: (وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ)[الشعراء:151-152].   23- قال تعالى: (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)[النمل:13-14].   24- قال تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)[القصص: 4].   25- قال تعالى: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)[القصص: 76-77].   26- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ *  أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ)[العنكبوت: 28-30].   27- قال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[الروم:41].   28- قال تعالى: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) [ص: 28]   29- حَكَى اللهُ -تَعَالى- عن المفسد الأكبر فرعون أنه قال في موسى: (إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ)[غافر:26].     30- قال تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ * أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ)[محمد:22-23].   31- قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ)[الفجر: 6-14].    

الاحاديث

1- عن ابن عبّاس -رضي اللّه عنهما- أنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- قرأ هذه الآية (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102] قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: "لو أنّ قطرة من الزّقّوم قطرت في دار الدّنيا لأفسدت على أهل الدّنيا معايشهم؛ فكيف بمن يكون طعامه؟"(رواه الترمذي:2585، وصححه الألباني).   2- عن أبي سعيد الخدري -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: "إذا أتَيتَ على راعٍ فَنادِهِ ثلاثَ مِرارٍ فإن أجابَكَ وإلّا فاشرَب في غيرِ أن تُفْسِدَ وإذا أتَيتَ على حائطِ بُستانٍ فَنادِ صاحبَ البُستانِ ثلاثَ مرّاتٍ فإن أجابَكَ وإلّا فَكُل في أن لا تُفْسِدَ"(أخرجه ابن ماجه: ٢٣٠٠ واللفظ له، وأحمد:١١١٧٥، وصححه الألباني).   3- عن عائشة أم المؤمنين -رضي اللّه عنهما- أنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: "إذا أنْفَقَتِ المَرْأَةُ مِن طَعامِ بَيْتِها غيرَ مُفْسِدَةٍ كانَ لها أجْرُها بما أنْفَقَتْ، ولِزَوْجِها بما كَسَبَ، ولِلْخازِنِ مِثْلُ ذلكَ، لا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أجْرَ بَعْضٍ شيئًا"(أخرجه البخاري:١٤٣٧، ومسلم:١٠٢٤).   4- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: "إذا خطبَ إليكم مَن ترضَونَ دينَه وخلقَه، فزوِّجوهُ إلّا تفعلوا تَكن فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ"(أخرجه الترمذي:١٠٨٤، واللفظ له، وابن ماجه:١٩٦٧، وقال الألباني: حسن صحيح).   5- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: "هَلَكَةُ أُمَّتي على يَدَيْ غِلْمَةٍ مِن قُرَيْشٍ" فقالَ مَرْوانُ: لَعْنَةُ اللَّهِ عليهم غِلْمَةً. فقالَ أبو هُرَيْرَةَ: لو شِئْتُ أنْ أقُولَ: بَنِي فُلانٍ، وبَنِي فُلانٍ، لَفَعَلْتُ. فَكُنْتُ أخْرُجُ مع جَدِّي إلى بَنِي مَرْوانَ حِينَ مُلِّكُوا بالشَّأْمِ، فإذا رَآهُمْ غِلْمانًا أحْداثًا قالَ لنا: عَسى هَؤُلاءِ أنْ يَكونُوا منهمْ؟ قُلْنا: أنْتَ أعْلَمُ (رواه البخاري:٧٠٥٨).   6- عن معاوية -رضي اللّه عنه- قال: سمعت رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- يقول: "إنّك إن اتّبعت عورات النّاس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم"(رواه أبو داود:4888، وصححه الألباني).   7- عن معاوية بن أبي سفيان -رضي اللّه عنهما- قال: سمعت رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- يقول: "إنّما الأعمال كالوعاء إذا طاب أسفله، طاب أعلاه وإذا فسد أسفله فسد أعلاه"(رواه ابن ماجه:4199، وصححه الألباني).   8- عن النعمان بن بشير -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: "الحَلالُ بَيِّنٌ، والحَرامُ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشَبَّهاتٌ لا يَعْلَمُها كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ، فَمَنِ اتَّقى المُشَبَّهاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهاتِ: كَراعٍ يَرْعى حَوْلَ الحِمى، يُوشِكُ أنْ يُواقِعَهُ، ألا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألا إنَّ حِمى اللَّهِ في أرْضِهِ مَحارِمُهُ، ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ"(أخرجه البخاري:٥٢، ومسلم:١٥٩٩).   9- عن معاذ بن جبل -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: "الغزوُ غزوانِ فأمّا من ابتَغى وجهَ اللَّهِ وأطاعَ الإمامَ وأنفقَ الكريمةَ، وياسَرَ الشَّريكَ، واجتنبَ الفسادَ، فإنَّ نومَهُ ونَبهَهُ أجرٌ كلُّهُ، وأمّا من غزا فَخْرًا ورياءً وسُمعةً، وعصى الإمامَ، وأفسدَ في الأرضِ، فإنَّهُ لم يرجِع بالكفافِ"(أخرجه أبو داود:٢٥١٥، واللفظ له، والنسائي:٤١٩٥، وأحمد:٢٢٠٩٥، وحسنه الألباني).   10- عن النعمان بن بشير -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: "مَثَلُ القائِمِ على حُدُودِ اللَّهِ والواقِعِ فيها، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا على سَفِينَةٍ، فأصابَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وبَعْضُهُمْ أسْفَلَها، فَكانَ الَّذِينَ في أسْفَلِها إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا على مَن فَوْقَهُمْ، فقالوا: لو أنّا خَرَقْنا في نَصِيبِنا خَرْقًا ولَمْ نُؤْذِ مَن فَوْقَنا، فإنْ يَتْرُكُوهُمْ وما أرادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وإنْ أخَذُوا على أيْدِيهِمْ نَجَوْا، ونَجَوْا جَمِيعًا"(رواه البخاري:٢٤٩٣).   11- عن أبي نوفل قال: رأيت عبد اللّه بن الزّبير على عقبة المدينة. قال فجعلت قريش تمرّ عليه والنّاس. حتّى مرّ عليه عبد اللّه بن عمر. فوقف عليه. فقال: السّلام عليك أبا خبيب، السّلام عليك أبا خبيب، السّلام عليك أبا خبيب. أما واللّه لقد كنت أنهاك عن هذا. أما واللّه لقد كنت أنهاك عن هذا. أما واللّه لقد كنت أنهاك عن هذا. أما واللّه إن كنت ما علمت صوّاما. قوّاما. وصولا للرّحم. أما واللّه لأمّة أنت أشرّها لأمّة خير. ثمّ نفذ عبد اللّه بن عمر. فبلغ الحجّاج موقف عبد اللّه وقوله. فأرسل إليه. فأنزل عن جذعه. فألقي في قبور اليهود. ثمّ أرسل إلى أمّه أسماء بنت أبي بكر. فأبت أن تأتيه. فأعاد عليها الرّسول: لتأتينّي أو لأبعثنّ إليك من يسحبك بقرونك. قال فأبت وقالت: واللّه لا آتيك حتّى تبعث إليّ من يسحبني بقروني. قال فقال: أروني سبتيّ. فأخذ نعليه. ثمّ انطلق يتوذّف. حتّى دخل عليها. فقال: كيف رأيتني صنعت بعدوّ اللّه؟ قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك. بلغني أنّك تقول له: يا ابن ذات النّطاقين، أنا واللّه ذات النّطاقين. أمّا أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-، وطعام أبي بكر من الدّوابّ. وأمّا الآخر فنطاق المرأة الّتي لا تستغني عنه. أما إنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- حدّثنا: "أنّ في ثقيف كذّابا ومبيرا".فأمّا الكذّاب فرأيناه. وأمّا المبير فلا إخالك إلّا إيّاه. قال: فقام عنها ولم يراجعها. (رواه مسلم:2545).   12- عن عبدالله بن عمر -رضي اللّه عنه- قال: "أنَّ النّاسَ نَزَلُوا مع رَسولِ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- أَرْضَ ثَمُودَ، الحِجْرَ، فاسْتَقَوْا مِن بئْرِها، واعْتَجَنُوا به، فأمَرَهُمْ رَسولُ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- أَنْ يُهَرِيقُوا ما اسْتَقَوْا مِن بئْرِها، وأَنْ يَعْلِفُوا الإبِلَ العَجِينَ، وأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ البِئْرِ الَّتي كانَتْ تَرِدُها النّاقَةُ"(رواه البخاري:٣٣٧٩، ومسلم ٢٩٨١).  

 

 

الاثار

1- قال عمر -رضي اللّه عنه-: "وإنّا واللّه ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلا منهم بعدنا، فإمّا بايعناهم على مالا نرضى وإمّا نخالفهم فيكون فسادا، فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الّذي بايعه تغرّة أن يقتلا"(رواه البخاري:٦٨٣٠).   2- عن عبد اللّه بن سبيع؛ قال: سمعت عليّا يقول: لتخضبنّ هذه من هذا، فما ينتظر بي الأشقى؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، فأخبرنا به نبير عترته. قال: إذن تاللّه تقتلون بي غير قاتلي. قالوا: فاستخلف علينا. قال: لا. ولكن أترككم إلى ما ترككم إليه رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-. قالوا: فما تقول لربّك إذا أتيته، وقال وكيع مرّة: إذا لقيته؟ قال: أقول: اللّهمّ تركتني فيهم ما بدا لك، ثمّ قبضتني إليك وأنت فيهم، فإن شئت أصلحتهم، وإن شئت أفسدتهم. (رواه أحمد:1-130، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح).   3- عن عمرو بن العاص -رضي اللّه عنه- قال: "لا تفسدوا علينا سنّة نبيّنا محمّد -صلّى اللّه عليه وسلّم- عدّة أمّ الولد أربعة أشهر وعشرا"(رواه ابن ماجه:2083، وصححه الألباني).   4- عن سعيد بن المسيّب -رضي اللّه عنه- قال: "قطع الذّهب والورق من الفساد في الأرض"(رواه مالك؛ رقم: 1307).  

متفرقات

1- قال القرطبيّ في قوله تعالى: (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) قال العبّاس بن الفضيل: الفساد هو الخراب. وقال سعيد بن المسيّب: قطع الدّراهم من الفساد في الأرض. قلت: والآية بعمومها تضمّ كلّ فساد في أرض أو مال أو دين، وهو الصّحيح إن شاء اللّه تعالى. قيل: معنى لا يحبّ الفساد: أي لا يحبّه من أهل الصّلاح، أو لا يحبّه دينا، ويحتمل أن يكون المعنى لا يأمر به، واللّه أعلم (تفسير القرطبي:2-14).   2- قال القرطبي: والفساد في قوله تعالى: (لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً)[القصص:83] "فمعناه أخذ المال ظلما بغير حقّ. أمّا قوله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)[الروم:41] الفساد هنا الجدب في البرّ، والقحط في البحر"(تاج العروس:5/164-165).   3- قال القرطبي عند قوله تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ)[محمد:22] قال: "قال أبو العالية رحمه الله: المعنى فهل عسيتم إن توليتم الحكم فجعلتم حكامًا أن تفسدوا في الأرض بأخذ الرشا. وقال الكلبي رحمه الله: أي: فهل عسيتم إن توليتم أمر الأمة أن تفسدوا في الأرض بالظلم. وقال ابن جريج رحمه الله: المعنى: فهل عسيتم إن توليتم عن الطاعة أن تفسدوا في الأرض بالمعاصي وقطع الأرحام. وقال كعب رحمه الله: المعنى: فهل عسيتم إن توليتم الأمر أن يقتل بعضكم بعضًا. وقيل: من الإعراض عن الشيء: قال قتادة رحمه الله: أي: فهل عسيتم إن توليتم عن كتاب الله أن تفسدوا في الأرض بسفك الدماء الحرام، وتقطعوا أرحامكم"(الجامع لأحكام القرآن).       4- قال ابن القيم رحمه الله: "من تدبر العالم والشرور الواقعة فيه علم أن كل شر في العالم سببه مخالفة الرسول، والخروج عن طاعته، وكل خير في العالم فإنه بسبب طاعة الرسول، وكذلك شرور الآخرة وآلامها وعذابها إنما هو من موجبات مخالفة الرسول ومقتضياتها، فعاد شر الدنيا والآخرة إلى مخالفة الرسول وما يترتب عليه، فلو أن الناس أطاعوا الرسول حق طاعته لم يكن في الأرض شر قط، وهذا كما أنه معلوم في الشرور العامة والمصائب الواقعة في الأرض، فكذلك هو في الشر والألم والغم الذي يصيب العبد في نفسه فإنما هو بسبب مخالفة الرسول، ولأن طاعته هي الحصن الذي من دخله كان من الآمنين، والكهف الذي من لجأ إليه كان من الناجين"(الرسالة التبوكية زاد المهاجر إلى ربه:١-٤٤).   5- قال ابن الجوزيّ: "والفساد: تغيّر الشّيء عمّا كان عليه من الصّلاح، وقد يقال في الشّيء مع قيام ذاته، ويقال فيه مع انتقاضها، ويقال فيه إذا بطل وزال. ويذكر الفساد في الدّين كما يذكر في الذّات. فتارة يكون بالعصيان، وتارة بالكفر، ويقال في الأقوال إنّها فاسدة إذا كانت غير منتظمة، وفي الأفعال إذا لم يعتدّ بها"(نزهة الأعين النواظر:470).   6- قال الزمخشري عند قوله تعالى: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ) قال: "ولولا أن الله يدفع بعض الناس ببعض، ويكف بهم فسادهم لغلب المفسدون، وفسدت الأرض، وبطلت منافعها، وتعطلت مصالحها من الحرث والنسل وسائر ما يعمر الأرض"(الكشاف).   7- يقول ابن حجر بعد أن ذكر الآية الكريمة (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً)[المائدة: 33]: "كما ذكر اللّه تعالى تغليظ الإثم في قتل النّفس بغير حقّ، والإفساد في الأرض أتبعه ببيان نوع من أنواع الفساد في الأرض وذكر أنّ عدّ هذا الفساد كبيرة هو ما صرّح به جمع، وصرّح بعضهم أنّه بمجرّد قطع الطّريق وإخافة السّبيل ترتكب الكبيرة، فكيف إذا أخذ المال، أو جرح، أو قتل، أو فعل كبائر"(الزواجر:565، 568، وانظر أيضا الكبائر للذهبي:100).   8- احتج به البخاري من حديث عائشة -رضي الله عنها-: أن رجلا استأذن على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ائذنوا له، بئس أخو العشيرة؟"(أخرجه البخاري:6054، ومسلم:2591) في جواز غيبة أهل الفساد وأهل الريب (رياض الصالحين:1-427).   9- قال ابن عاشور رحمه الله عند قوله تعالى: (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ)[الفجر:11-12] قال: "الطغيان: شدة العصيان والظلم، ومعنى طغيانهم في البلاد أن كل أمة من هؤلاء طغوا في بلدهم، ولما كان بلدهم من جملة البلاد أي: أرض الأقوام، كان طغيانهم في بلدهم قد أوقع الطغيان في البلاد؛ لأن فساد البعض آئل إلى فساد الجميع بسن سنن السوء، ولذلك تسبب عليه ما فرع عنه من قوله: (فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ)؛ لأن الطغيان يجرئ صاحبه على دحض حقوق الناس، فهو من جهة يكون قدوة سوء لأمثاله وملائه، فكل واحد منهم يطغى على من هو دونه، وذلك فساد عظيم؛ لأن به اختلال الشرائع الإلاهية والقوانين الوضعية الصالحة، وهو من جهة أخرى يثير الحفائظ والضغائن في المطغي عليه من الرعية فيضمرون السوء للطاغين وتنطوي نفوسهم على كراهية ولاة الأمور وتربص الدوائر بها، فيكونون لها أعداء غير مخلصي الضمائر ويكون رجال الدولة متوجسين منهم خيفة فيظنون بهم السوء في كل حال ويحذرونهم، فتتوزع قوة الأمة على أفرادها عوض أن تتحد على أعدائها، فتصبح للأمة أعداء في الخارج وأعداء في الداخل، وذلك يفضي إلى فساد عظيم، فلا جرم كان الطغيان سببا لكثرة الفساد"(التحرير والتنوير).   قال ابن سعدي رحمه الله عند قوله تعالى: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ)[المؤمنون:71] قال: "ووجه ذلك أن أهواءهم متعلقة بالظلم والكفر وفساد الأخلاق، فلو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض لفساد التصرف والتدبير، المبني على الظلم وعدم العدل؛ فالسموات والأرض ما استقامتا إلا بالحق و العدل"(تيسير الكريم الرحمن).   10- قال السعدي رحمه الله عند قوله تعالى: (فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ)[الفجر:12] قال: "هذا الوصف عائد إلى عاد وثمود وفرعون ومن تبعهم، فإنهم طغوا في بلاد الله، وآذوا عباد الله، في دينهم ودنياهم، وهو العمل بالكفر وشعبه، من جميع أجناس المعاصي، وسعوا في محاربة الرسل وصد الناس عن سبيل الله"(تيسير الكريم الرحمن).   11- قال الشيخ رشيد رضا رحمه الله (فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ)[هود:116]: "جاءت هذه الآية بعد بيان إهلاك الأمم بظلمهم وفسادهم في الأرض للإعلام بأنه لو كان منهم جماعات وأحزاب أولي بقية من الأخلاق والفضائل والقوة في الحق ينهونهم عن ذلك لما فشا فيهم وأفسدهم، وإذن لما هلكوا، فإن الصالحين المصلحين في الأرض هم الذين يحفظ الله بهم الأمم من الهلاك ما داموا يطاعون فيها بحسب سنة الله. كما أن الأطباء هم الذين يحفظ الله بهم الأمم من فشو الأمراض والأوبئة فيها، ما دامت الجماهير تطيعهم فيما يأمرون به من أسباب الوقاية قبل حدوث المرض، أو من وسائل العلاج والتداوي بعده، فإذا لم يمتثل الجمهور لأمرهم ونهيهم فعل الفساد فعله فيهم، والله لا يحفظ الأمم لذوات الصالحين، وبركة أجسادهم، ولا بعبادتهم الشخصية العائد نفعها عليهم، بل بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وطاعة الأمة لهم"(تفسير المنار).   12- قال رحمه الله: "فالأمة التي يقع فيها الفساد بتعبيد الناس لغير الله في صورة من الصور فيجد من ينهض لدفعه هي أمم ناجية، لا يأخذها بالعذاب والتدمير، أما الأمم التي يظلم فيها الظالمون، ويفسد فيها المفسدون، فلا ينهض من يدفع الظلم والفساد، أو يكون فيها من يستنكر ولكنه لا يبلغ أن يؤثر في الواقع الفاسد، فإن سنة الله تحق عليها، إما بهلاك الاستئصال، وإما بهلاك الانحلال والاختلال.   فأصحاب الدعوة إلى ربوبية الله وحده، وتطهير الأرض من الفساد الذي يصيبها بالدينونة لغيره عز وجل، هم صمام الأمان للأمم والشعوب، وهذا يبرز قيمة كفاح المكافحين لإقرار ربوبية الله وحده، الواقفين للظلم والفساد بكل صورة، فهم لا يؤدون واجبهم لربهم ولدينهم فحسب، إنما هم يحولون بهذا دون أممهم وغضب الله، واستحقاق النكال والضياع"(في ظلال القرآن).   13- قال الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الوطبان: "بل ومن أجل المحافظة على حقوق الناس وعوراتهم والمحافظة على المجتمعات من الفساد والانحراف جاز لصاحب البيت إذا وجد أحدًا ينظر إلى بيته أن يفقأ عينه التي نظر بها قال -صلى الله عليه وسلم-: "لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح"(تفسير ابن كثير:3-372)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد جاز لهم أن يفقؤوا عينه"(رواه مسلم:3-1699)، قال الإمام البخاري في صحيحه: باب من اطلع في بيت قوم ففقؤوا عينه فلا دية له (معالم على طريق العفة:1-17).   14- قال عبد الله بن سليمان الغفيلي: "من علامات الساعة التي أخبر بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- قطيعة الرحم وسوء الجوار وظهور الفساد والفحش، ومن الأحاديث الدالة على ذلك: ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفاحش وقطيعة الرحم وسوء المجاورة"(أخرجه أحمد في مسنده:10/ 26-31، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح). وقد وقع ما أخبر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- فنرى الفساد ظاهرا بين الناس كما نرى التقاطع وسوء الجوار حاصلا بينهم، وحل التباغض والتنافر بينهم محل المحبة والصلة والمودة، حتى إن الجار لا يعرف جاره، والقريب لا يعرف عن بعض أرحامه هل هم من الأموات أم من الأحياء، ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل (أشراط الساعة).   15- إن ما ترونه اليوم من مجون لا يساوي شيء أمام المجون الذي سيصير إليه الناس في هذه الفترة الخمر سيشرب علانية و نحن نعلم اليوم و رغم الفساد الذي نعيشه فما زال شرب الخمر لا يشرب علانية و لم يفشو الزنا و الحمد لله بالقدر الذي يتناسب مع تعداد الأمة و مقدار المحرضات على الفساد في المجتمع لأنه ما زال هناك علم بحق الله على العباد و مازال هناك خير بالأمة بالقدر الذي يحول دون انتشار الرذيلة بشكل كبير، طبعا الكل يعلم أن المجتمعات تتفاوت بالفضيلة و أن هناك مجتمعات تحسب على الإسلام قد مخرتها الرذيلة بكل المقاييس، و هنا لا بد من التذكير بأن عقاب الله للمسلمين يتفاوت حسب درجة فسادهم فالخسف قد يطال أجزاء من الأمة اليوم كعقاب على تكذيبهم بالقدر كما هو الحال في خسف البصرة و لكن الزلازل و المسخ سيكون عنوان عقاب الله لهذه الأمة في فترة الغربة التي تأتي بعد المهدي (البداية لزمن فتن النهاية:1/125).

الإحالات

الفساد أسبابه.. ظواهره.. آثاره.. الوقاية منه؛ محمد جمعة عبدو الإرهاب ومرادفاته من البغي والإفساد في ضوء آيات الكتاب؛ د. عبدالرحمن جميل قصاص الفساد في عالمنا العربي الإسلامي؛ مؤسسة الرواد مكافحة الفساد من منظور إسلامي؛ د. عبدالرحمن جميل قصاص.. تحت المؤتمر العربي لمكافحة الفساد الفساد الإداري وعلاجه من منظور إسلامي؛ هناء يماني مكافحة الفساد؛ صلاح محمد الغزالي جرائم الفساد؛ لسامي محمد غنيم دور التشريع في معالجة الفساد الاقتصادي؛ سالار ناجي إسماعيل نظرية الإفساد في الفقه الإسلام؛ سعيد فايز دخيل