غزوة بدر

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

غزو:

 

(وغَزَاهُ غَزْواً) بالفَتْح: (أَرادَهُ وطَلَبَه .

و (غَزَاهُ غَزْواً): (قَصَدَهُ)؛ كغَازَهُ غَوْزاً ، (كاغْتَزَاهُ): أَي قَصَدَهُ ؛ نقلَهُ ابنُ سِيدَه .

(و) غَزَا (العَدُوَّ) يَغْزُوهم: (سارَ إلى قِتالِهم وانْتِهابِهِم) .

وقالَ الَّراغبُ: خَرَجَ إلى مُحاربَتِهم (غَزْواً)، بالفَتْح، (وغَزَواناً)، بالتحْرِيكِ وقيلَ بالفَتْح عن سِيْبَوَيْه؛ (وغَزاوَةً)، كشقَاوَةٍ ، وأَكْثَرُ ما تَأْتي الفَعالَةُ مَصْدراً إذا كانتْ لغيرِ المُتَعدِّي ، فأَمَّا الغَزاوَةُ ففِعْلُها مُتَعَدَ ، فكأَنَّها إنَّما جاءَتْ على: غَزُوَ الرجلُ: جادَ غَزْوُه ، وقَضُوَ جادَ قَضاؤُهُ ، وكما أنَّ قوْلَهم: ما أَضْرَبَ زيْداً كأَنَّه على: ضَرُبَ زَيْد : جادَ ضَرْبُه ؛ قالَ ثَعْلبٌ : ضَرُبَتْ يَدُهُ جادَ ضَرْبُها .

(وهو غازٍ، ج غُزًّى)، كسابِقٍ وسُبَّقٍ ؛ ومنه قولُه تعالى : (أَو كانوا غُزًّى) ؛ (وغُزِيٌّ ، كدُلِيَ) على فعُولٍ .

(والغَزِيُّ ، كغَنِيَ : اسْمُ جَمْعٍ )؛ وجعَلَهُ الجَوْهرِي جَمْعاً كقاطِنٍ وقَطِينٍ وحاجَ وحَجِيجٍ .

(وأَغْزاهُ : حَمَلَه عليه) ، أَي على الغَزْوِ . وفي الصَّحاح : جَهَّزَهُ للغَزْوِ؛ (كغَزَّاهُ) بالتَّشْديدِ .

( و ) أَغْزَاهُ ؛ (أَمْهَلَهُ وأَخَّرَ ما لَهُ عليه من الدَّيْنِ) ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي .

( و ) أَغْزَتِ (النَّاقَةُ : عَسُرَ لِقاحُها) فهي مُغْزٍ ؛ نقلَهُ الأزْهرِي والجَوْهرِي .

( و ) أْغْزَتِ (المرأَةُ : غَزَا بَعْلُها) ، فهي مُغْزِيَةٌ ؛ نقلَهُ الأزْهري والجَوْهرِي .

ومنه حديثُ عُمَر: (لا يزالُ أَحدُكم كاسِراً وِسادَهُ عنْدَ مُغْزِيَةٍ) .

(ومَغْزَى الكَلام : مَقْصِدُهُ) ، وعرفْتُ ما يُغْزَى من هذا الكَلام : أَي ما يُرادُ ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي ؛ وهو مِن عزا الشيءَ إذا قَصَدَه .

(والمَغازِي: مَناقِبُ الغُزاةِ)؛ ومنه قولُهم : هذا كتابُ المَغازِي ؛ قيلَ : إنَّه لا واحِدَ له ، وقيلَ : واحِدُه مَغْزاةٌ أَو مَغْزًى . [تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني ، أبو الفيض ، الملقّب بمرتضى ، الزَّبيدي تحقيق مجموعة من المحققين الناشر دار الهداية (39/159)] .

وسميت هذه الغزوة بهذا الاسم، لتمييزها عن غزوة بدر الصغرى والتي وقعت في القرب من منطقة بدر في السنة الرابعة للهجرة والتي انتصر فيها المسلمون على قريش بالخوف والرعب الذي دب في قلوبهم.

العناصر

1- غزوة بدر الكبرى غرة في جبين المعارك الإسلامية .

 

 

2- غزوة بدر فاصلة بين الكفر والإيمان .

 

 

3- تميزت غزوة بدر عن جميع الغزوات بتوجيه مباشر بوحي يتلى، وفق خطة مسبقة وكان دور المسلمين فيها التطبيق العملي .

 

 

4- النصر لا يرجع إلى قوة الاستحكامات، وبراعة الخطط وكثرة العدد ووفرة العُدد بقدر ما يتوقف على الإيمان بالله الذي يحيط عباده بالعناية والرعاية، ويمدهم بقوة من عنده، ومدد من جنده .

 

 

5- سبب الغزوة ووصف المعركة وفضل الله على المسلمين فيها .

 

 

6- الإعداد المسبق لها من جند، وعتاد، وتموين، ووضع الخطة الملائمة للزمان والمكان والظروف مع اعتبار قوى العدو وظروفه ونوع سلاحه وطريقة قتاله، وغير ذلك .

 

 

7- التنظيم الدقيق الذي امتاز به الجيش الإسلامي في غزوة بدر .

 

 

8- الحكمة من كثرة عدد الملائكة في غزوة بدر .

 

 

9- اختص الله أهل بدر من المسلمين على سواهم بفضل عظيم بعظم الموقف .

 

 

10- قوة العقيدة سبيل النصر في غزوة بدر الكبرى .

 

 

11- الأسرى وموقف الرسول صلى الله عليه وسلم منهم .

 

الايات

1- قال الله تعالى: (يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [الأنفال:1] .

 

 

2- قوله تعالى: ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [الأنفال: 41].

 

 

3- قوله تعالى: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ* إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) [آل عمران : من 123 - 126 ] .

 

 

4- قوله تعالى: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ * وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) [الأنفال : من 5 إلى 8 ] .

 

 

5- قوله تعالى: (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ) [الأنفال : 11 ] .

 

 

6- قوله تعالى: (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ) [ الأنفال: 42] .

 

 

7- قوله تعالى : (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ* وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ) [الأنفال : 43- 44 ] .

 

 

8- قوله تعالى: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ) [الأنفال : 17 – 18] .

 

 

9- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [الأنفالك15-16] .

 

 

10- قوله تعالى: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [الأنفال: 67- 68] .

 

الاحاديث

1- عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالمدينة: «إني أخبرت عن عير أبي سفيان أنها مقبلة فهل لكم أن نخرج قِبَلَها لعل الله يُغْنِمناها؟» فقلنا:نعم فخرج وخرجنا. [معجم الطبراني الكبير(4056) تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي] .

 

 

2- عن علي رضى الله عنه قال بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنا والزبير والمقداد فقال «ائتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها ». فانطلقنا تعادى بنا خيلنا فإذا نحن بالمرأة فقلنا أخرجى الكتاب. فقالت ما معى كتاب. فقلنا لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب. فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فإذا فيه من حاطب بن أبى بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « يا حاطب ما هذا ». قال لا تعجل على يا رسول الله إنى كنت امرأ ملصقا فى قريش - قال سفيان كان حليفا لهم ولم يكن من أنفسها - وكان ممن كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم فأحببت إذ فاتنى ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتى ولم أفعله كفرا ولا ارتدادا عن دينى ولا رضا بالكفر بعد الإسلام. فقال النبى -صلى الله عليه وسلم- « صدق ». فقال عمر دعنى يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق. فقال « إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم » [رواه مسلم(6557) ] .

 

 

3- عن أنس بن مالك - رضي الله عنه – قال : «أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- شاور حين بلغه إِقْبَالُ أبي سفيان ، قال : فتكلَّم أبو بكر ، فأَعرَضَ عنه ، ثم تكلَّمَ عمرُ ، فأعرضَ عنه ، فقام سعدُ بنُ عُبادَةَ ، فقال : إِيَّانَا تريدُ يا رسولَ الله ؟ والذي نفسي بيده ، لو أمرتنا أن نُخِيضَها البحرَ لأخَضْناها ، ولو أمرتنا أن نَضْرِبَ أَكْبَادَها إِلى بَرْك الغِمَاد لفعلنا ، قال : فندَب رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- الناسَ فانطلقوا ، حتى نزلوا بدرا ، وورَدتْ عليهم رَوَايا قريش ، وفيهم غلام أسودُ لبني الحجَّاجِ ، فأخذوه ، فكان أصحابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- يسألونه عن أبي سفيان ، وأصحابه ؟ فيقول : مالي علم بأبي سفيان، ولكنْ هذا أبو جهل ، وعُتبةُ ، وشَيْبَةُ ، وأُميَّةُ بنُ خَلف في الناس، فإذا قال ذلك ضربوه ، فقال : نعم أنا أُخبركم ، هذا أبو سفيان ، فإِذا تركوه فسألوه قال : ما لي بأبي سفيان عِلْم ، ولكنْ هذا أبو جهل ، وعتبةُ ، وشيبةُ ، وأُمَيَّةُ بنُ خلف في الناس، فإِذا قال هذا أيضا ضربوه ، ورسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يُصلِّي ، فلما رأى ذلك انصرف ، وقال : والذي نفسي بيده ، لَتَضْرِبونه إِذا صَدَقَكم ، وتتركونَهُ إِذا كذبكم ، قال : فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : هذا مَصْرَعُ فلان - ويضع يده على الأَرض ها هنا ، وهاهنا - قال : فما مَاطَ أحدُهم عن موضع يدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-». [أخرجه مسلم في المغازي (32) (1/125) ].

 

 

4- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لما كان يوم بدر نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا فاستقبل نبى الله - صلى الله عليه وسلم- القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه «اللهم أنجز لى ما وعدتنى اللهم آت ما وعدتنى اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد فى الأرض». فمازال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه. وقال يا نبى الله كذاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله عز وجل (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنى ممدكم بألف من الملائكة مردفين) فأمده الله بالملائكة.[رواه مسلم (4687) ] .

 

 

5- عن أنس بن مالك قال بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسيسة عينا ينظر ما صنعت عير أبى سفيان فجاء وما فى البيت أحد غيرى وغير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لا أدرى ما استثنى بعض نسائه قال فحدثه الحديث قال فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتكلم فقال « إن لنا طلبة فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا ». فجعل رجال يستأذنونه فى ظهرانهم فى علو المدينة فقال « لا إلا من كان ظهره حاضرا ». فانطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر وجاء المشركون فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « لا يقدمن أحد منكم إلى شىء حتى أكون أنا دونه ». فدنا المشركون فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض ». قال يقول عمير بن الحمام الأنصارى يا رسول الله جنة عرضها السموات والأرض قال « نعم ». قال بخ بخ. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « ما يحملك على قولك بخ بخ ». قال لا والله يا رسول الله إلا رجاءة أن أكون من أهلها. قال « فإنك من أهلها ». فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال لئن أنا حييت حتى آكل تمراتى هذه إنها لحياة طويلة - قال - فرمى بما كان معه من التمر. ثم قاتلهم حتى قتل.[رواه مسلم(5024) ] .

 

الاثار

1- عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، كان أبو لبابة وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وكانت عقبة رسول الله، قال: فقالا: نحن نمشي عنك. فقال: «ما أنتما بأقوى مني، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما» [السيرة النبوية الصحيحة للعمري (2/355) ] .

 

 

2- قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدًا لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عُدلَ به: أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو على المشركين فقال: لا نقول كما قال قوم موسى: ( قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) [المائدة: 24]، ولكن نقاتل عن يمينك وعن شمالك، وبين يديك وخلفك. فرأيت الرسول صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسرَّه، وفي رواية: قال المقداد: يا رسول الله، لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ( فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) ولكن امضِ ونحن معك، فكأنه سرَّى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. [البخاري، كتاب المغازي (7/287) (6) البخاري، كتاب التفسير (8/273) ] .

 

 

3- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لم أعلم أي جمع حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر يثب في الدرع ويقرأ (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) .

 

 

4- يقول سعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ولعلك أن تكون خرجت لأمر وأحدث الله إليك غيره فانظر الذي أحدث الله إليك فامض له فصل حبل من شئت. واقطع حبل من شئت. وعاد من شئت وسالم من شئت. وخذ من أموالنا ما شئت.

 

 

5- قال ابن عباس: لم تقاتل الملائكة في يوم سوى يوم بدر من الأيام. وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عددا ومددا لا يضربون .

 

 

6- عن أبي أمامة قال: سألت عبادة عن الأنفال قال: فينا نزلت أصحاب بدر حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا فانتزعه الله من أيدينا وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين عن بواء (عن سواء) [البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير] .

 

 

7- عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فشهدت معه بدرًا، فالتقى الناس فهَزَم الله تبارك وتعالى العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون، فأكبت طائفة على العسكر يحوونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدو منه غرة، حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض، قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا في طلب العدو: لستم بأحق بها منا، نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم: وخفنا أن يصيب العدو منه غرة واشتغلنا به فنزلت: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَالِ قُلِ الأنفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ ) [الأنفال: 1]. فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على فواق بين المسلمين[رواه الإمام أحمد في المسند(5/324)، تفسير ابن كثير (2/283) ] .

 

 

8- قال سلمة بن سلامة - رضي الله عنه -: فوالله إن لقينا إلا عجائز صلعاً كالبدن المعلقة، فنحرناها .

 

 

9- عن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل قتيلا فله كذا وكذا، ومن أتى بأسير فله كذا وكذا». فجاء أبو اليَسَر بأسيرين، فقال: يا رسول الله، وعدتنا، فقام سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله، إن أعطيت هؤلاء لم يبق لأصحابك شيء، وإنه لم يمنعنا من هذا زهادة في الأجر، ولا جبن عن العدو، وإنما قمنا هذا المقام محافظة عليك، نخاف أن يأتوك من ورائك، فتشاجروا، ونزل القرآن: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَالِ قُلِ الأنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) قال: ونزل القرآن: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) إلى آخر الآية [الأنفال: 41] [رواه عبد الرزاق في المصنف برقم (9483) عن الثوري به، وانظر تفسير ابن كثير 4/8] .

 

 

10- قال أبو داود المازنى: إنى لأتبع رجلا من المشركين لأضربه، إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفى، فعرفت أنه قد قتله غيرى.

 

القصص

1- مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بسواد بن غزية وهو متقدم في الصف فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم بقدح في يده وقال: "استو يا سواد"فقال: يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدني، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه وقال: "استقد" فاعتنقه سواد وقبّله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما حملك على هذا؟" قال: يا رسول الله حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك" [سيرة ابن هشام ج1 ص626] .

الاشعار

1- قال حسان - رضي الله عنه -:

 

 

فما نخشى بحول الله قومًا *** وإن كثُروا وأجمعت الزحوف  

 

 

إذا ما ألَّبُوا جمعًا علينا *** كفانا حدَّهم ربٌّ رؤوف  

 

 

سمونا يوم بدر بالعوالي *** سِراعًا ما تضعفنا الحتوف

 

 

فلم تر عصبة في الناس أنكى *** لمن عادوا إذا لقحت كشوف

 

 

ولكنا توكلنا وقلنا *** مآثرنا ومعقلنا السيوف  

 

 

لقيناهم بها لما سمونا *** ونحن عصبة وهم ألوف

 

 

2- قال كعب بن مالك - رضي الله عنه -:

 

 

لما حامت فوارسكم ببدر *** ولا صبروا به عند اللقاء

 

 

وردناه بنور الله يجلو *** دُجى الظلماء عنا والغطاء

 

 

رسول الله يقدمنا بأمر*** من أمر الله أُحكم بالقضاء

 

 

فما ظفرت فوارسكم ببدر *** وما رجعوا إليكم بالسواء

 

 

فلا تعجل أبا سفيان وارقب *** جياد الخيل تطلع من كداء

 

 

بنصر الله روحُ القدس فيها *** وميكالٌ، فيا طيب الملاء

 

[السيرة النبوية لابن هشام(3 /30)] .

 

الدراسات

متفرقات

1- قال ابن القيم فلما كان فى رمضانَ مِن هذه السنة، بلغ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خبرُ العِير المقبلة من الشام لقريش صُحبةَ أبى سفيان، وهى العِير التى خرجوا فى طلبها لما خرجت مِن مكة، وكانوا نحو أربعين رجلاً، وفيها أموالٌ عظيمة لٍقريش، فندب رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناسَ للخروج إليها، وأمر مَن كان ظهرُه حاضراً بالنهوض، ولم يحْتَفِلْ لها احتفالاً بليغاً، لأنه خرج مُسْرِعاً فى ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، ولم يكن معهم من الخيل إلا فَرَسانِ: فرس للزبير بن العوام، وفرسٌ للمِقداد بن الأسود الكِندى، وكان معهم سبعون بعيراً يَعْتَقِبُ الرجلان والثلاثةُ على البعير الواحد، فكان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلىّ، ومَرْثَدُ ابنُ أبى مَرْثَدٍ الغَنوى، يعتقِبُون بعيراً، وزيدُ بن حارثة، وابنُه، وكبشةُ موالى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يعتَقِبُونَ بعيراً، وأبو بكر، وعمر، وعبدُ الرحمن ابن عوف، يعتقِبُونَ بعيراً، واستخلف على المدينةِ وعلى الصلاة ابنَ أمِّ مكتوم، فلما كان بالرَّوحاءِ رد أبا لُبابة بنَ عبد المنذر، واستعمله على المدينة، ودفع اللِّواء إلى مُصعبِ بنِ عُمَير، والراية الواحدة إلى علىِّ بن أبى طالب، والأخرى التى للأنصار إلى سعد بن معاذ، وجعل على الساقة قيسَ بنَ أبى صَعْصَعَةَ، وسار، فلما قَرُبَ مِن الصَّفْرَاء، بعث بَسْبَسَ بنَ عمرو الجهنى، وعدى ابن أبى الزغباء إلى بدر يتجسَّسان أخبارَ العِير، وأما أبو سفيان، فإنه بلغه مخرجَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقصده إياه، فاستأجر ضَمْضَمَ بنَ عَمْرو الغِفارى إلى مكة، مُستصْرخاً لقريش بالنَّفير إلى عِيرهم، ليمنعوه من محمد وأصحابه، وبلغ الصريخُ أهلَ مكة، فنهضوا مُسرِعين، وأوعبوا فى الخروج، فلم يتخلَّفْ من أشرافهم أحدٌ سوى أبى لهب، فإنَّه عوَّض عنه رجلاً كان له عليه دَيْن، وحشدُوا فيمن حولهم من قبائل العرب، ولم يتخلف عنهم أحد من بطون قريش إلا بنى عدى، فلم يخرُجْ معهم منهم أحد، وخرجوا مِن ديارهم كما قال تعالى: (بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) [الأنفال: 47]، وأقبلوا كما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِحَدِّهِمْ وَحَدِيدِهِم، تُحَادُّهُ وَتُحَادُّ رَسُولَه"، وجاؤوا على حَرْدٍ قادرين، وعلى حميَّةٍ، وغضبٍ، وحَنَقٍ على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابِه، لما يُريدون مِن أخذ عيرهم، وقتل مَن فيها، وقد أصابُوا بالأمسِ عَمْرو بن الحضرمى، والعِير التى كانت معه، فجمعهم اللهُ على غير ميعاد كما قال الله تعالى: (وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِى الْمِيعَادِ، وَلَكِنْ لِّيَقْضِىَ الله أمْرَاً كَانَ مَفْعُولاً) [الأنفال: 42].

ولما بلغَ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خروجُ قريش، استشار أصحابه، فتكلَّم المهاجِرون فأحسَنُوا، ثم استشارهم ثانياً، فتكلم المهاجرون فأحسنوا، ثم استشارهم ثالثاً، ففهمت الأنصارُ أنه يَعنيهم، فبادر سعدُ بنُ معاذ، فقال: "يا رسول الله، كَأَنَّكَ تُعَرِّضُ بنا ؟" وكان إنما يَعنيهم، لأنهم بايعوه على أن يمنعوه من الأحمر والأسود فى ديارهم، فلما عزم على الخُروج، استشارهم لِيعلم ما عندهم، فقال له سعد: "لَعَلَّكَ تَخْشَى أَنْ تَكُون الأَنصارُ تَرَى حقاً عليها أن لا ينصروك إلا فى ديارها، وإنى أقول عن الأنصار، وأُجِيب عنهم: فاظْعَنْ حَيْثُ شِئْت، وَصِلْ حَبْلَ مَنْ شِئْتَ، واقْطَعْ حَبْلَ مَنْ شِئْتَ، وخُذْ مِنْ أمْوَالِنَا مَا شِئْتَ، وَأَعطِنَا مَا شِئْتَ، وَمَا أَخَذْتَ مِنَّا كَانَ أَحَبَّ إلَيْنَا مِمَّا تَرَكْتَ، ومَا أَمَرْتَ فِيهِ مِنْ أَمْرٍ فَأَمْرُنَا تَبَعٌ لأَمْرِكَ، فَواللهِ لَئِن سِرْتَ حَتَّى تَبْلُغ البَرْكَ مِنْ غمدَان، لَنَسِيرَنَّ مَعَكَ، وَوَاللهِ لَئِنِ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هذَا البَحْرَ خُضْنَاهُ مَعَكَ"، وقَالَ لَهُ المِقْدَادُ: "لا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسى: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فقاتِلا إنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ، وَلَكِنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ، وَعَنْ شِمَالِكَ، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْكَ، وَمِنْ خَلْفِكَ". فأشرق وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسُرَّ بِمَا سَمِعَ مِنْ أصحابِه، وقالَ: "سِيرُوا وأَبْشروا،فإنَّ الله قَدْ وَعَدَنى إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وإنِّى قَدْ رَأَيْتُ مَصارعَ القَوْمِ".

فسار رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بدر، وخَفَضَ أبو سفيان فَلَحِقَ بساحل البحر، ولما رأى أنه قد نجا، وأحرز العير، كتب إلى قريش: أن ارجعوا، فإنكم إنما خرجتُم لِتُحْرِزُوا عيركم. فأتاهم الخبرُ، وهم بالجُحْفَةِ، فهمُّوا بالرجوع، فقال أبو جهل: واللهِ لا نرجع حتى نَقْدَمَ بدراً، فنقيمَ بها، ونُطعِمَ مَنْ حَضَرَنَا مِن العرب، وتخافُنَا العربُ بعد ذلك، فأشار الأخنس بن شُريق عليهم بالرجوع، فَعَصَوْه، فرجع هو وبنو زُهرة،

فلم يشهد بدراً زُهرى، فاغتبطت بنو زُهرة بعدُ برأى الأخنس، فلم يزل فيهم مطاعاً معظماً، وأرادَتْ بنو هاشم الرجوع، فاشتدَّ عليهم أبو جهل، وقال: لا تُفَارِقُنَا هذه العِصابة حتى نَرْجِعَ فساروا، وسارَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى نزل عشياً أدنى ماء مِن مياه بدر، فقال: "أَشيرُوا عَلَىَّ فى المَنْزِل". فقال الحُبَابُ بنُ المنذر: يا رسول الله؛ أنا عالم بها وبِقُلُبِهَا، إن رأيتَ أن نسيرَ إلى قُلُبٍ قد عرفناها، فهى كثيرة الماء، عذبة، فننزِلَ عليها ونَسبِقَ القوم إليها ونُغوِّر ما سواها مِن المياه.

وسار المشركون سِراعاً يريدون الماء، وبعث علياً وسعداً والزبير إلى بدر يلتمِسُون الخبر، فَقَدِمُوا بعبدين لقريش، ورسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائم يُصلِّى، فسألهما أصحابُه: مَنْ أنتما ؟ قالا: نحن سُقاةٌ لِقريش، فكره ذلك أصحابه، وودُّوا لو كانا لِعير أبى سفيان، فلما سلَّم رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهما:

"أخْبِرَانِى أيْنَ قُرَيْشٌ" ؟ قالا: وراء هذا الكثيب. فقال: "كم القومُ" ؟ فقالا: لا عِلم لنا، فقال: "كم ينحرونَ كُلَّ يوم" ؟ فقالا: يوماً عشراً، ويوماً تسعاً، فقال رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "القومُ ما بينَ تسعمائة إلى الألف"، فأنزل الله عزَّ وجلَّ فى تلك الليلة مطراً واحداً، فكان على المشركين وابلاً شديداً منعهم من التقدم، وكان على المسلمين طَلاً طهَّرهم به، وأذهب عنهم رجْسَ الشيطان، ووطَّأ به الأرضَ، وصلَّب به الرملَ، وثبَّتَ الأقدام، ومهَّدَ به المنزل، وربطَ به على قلوبهم، فسبق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه إلى الماء، فنزلوا عليه شطرَ الليل، وصنعوا الحياض، ثم غوَّروا ما عداها من المياه، ونزل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه على الحياض. وبُنِىَ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عريش يكون فيها على تلٍّ يُشرِفُ على المعركة، ومشى فى موضع المعركة، وجعل يُشير بيده، هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان إن شاء الله، فما تعدى أحد منهم موضع إشارته.

فلما طلع المشركون، وتراءى الجمعانِ، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللهُمَّ هذه قُرَيْشٌ جَاءَتْ بِخيلائِها وفَخْرِهَا، جَاءَتْ تُحادُّك، وَتَكَذِّبُ رَسُولَكَ". وقام، ورفع يديه، واستنصر ربَّه وقال: "اللهُمَّ أنْجِزْ لى مَا وَعَدْتَنِى، اللهُمَّ إنِّى أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ" ، فالتزمه الصِّدِّيق من ورائه، وقال: "يا رسول الله؛ أبشر، فوالذى نفسى بيده، لَيُنجِزَنَّ الله لكَ ما وَعَدَكَ".

واستنصر المسلمون الله، واستغاثوه، وأخلصوا له، وتضرَّعُوا إليهِ، فَأَوْحَى الله إلى مَلائِكَتِهِ: (أنِّى مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ، سَأُلْقِى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ) [الأنفال: 12].

وأَوْحَى الله إلى رسوله: (أنِّى مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) [الأنفال: 9]...[انظر زاد المعاد في هدي خير العباد3/171 - 178 ] .

 

 

2- قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقْدَامَ ) قال: (وكان هذا النعاس في الليلة التي كان القتال من غدها، فكان النوم عجيبًا مع ما كان بين أيديهم من الأمر المهم، وكأن الله ربط جأشهم).[انظر: تفسير القرطبي (7/327) ] .

 

التحليلات

الإحالات

1- البداية والنهاية – ابن كثير 4/87 دار الفكر 1402 .

 

2- تاريخ الإسلام – الذهبي - تحقيق عمر تدمري المغازي ص 50 دار الكتاب العربي الطبعة الأولى 1407 .

 

3- جامع الأصول – ابن الأثير 8/179 الرئاسة العامة 1392 .

 

4- خطب مختارة ص 515 الإفتاء 1407 .

 

5- دلائل النبوة – البيهقي 3/23 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1405 .

 

6- زاد المعاد في هدي خير العباد – ابن القيم - تحقيق الأرناؤوط 3/171 مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى 1399 .

 

7- السيرة النبوية الصحيحة – أكرم العمري 2/337 مكتبة العلوم والحكم المدينة المنورة 1412 .

 

8- الطبقات الكبرى – ابن سعد 2/11 دار صادر 1388 .

 

9- غزوة بدر الكبرى -  محمد عبد القادر أبو فارس دار الفرقان .

 

10- غزوة بدر الكبرى – محمود شيث خطاب دار قتيبة .

 

11- غزوة بدر دروس في التربية – عبد المجيد صبح دار البشر .

 

12- فتح الباري – ابن حجر 7/284 دار الفكر  .

 

13- المجتمع المدني – أكرم العمري - الجهاد ضد المشركين-  الجامعة الإسلامية الطبعة الأولى 1403 .

 

14- مجلة الجامعة الإسلامية عدد 8-1 أحمد الأحمد ص 28 .

 

15- مجلة الجامعة الإسلامية عدد 4-1 عطية سالم ص 30 .

 

16- مجلة الجامعة الإسلامية عدد 11-1 محمد الوكيل ص 131 .

 

17- مجلة الجامعة الإسلامية عدد 13- 49 محمد جاب الله ص 201 .

 

18- المدهش – أبو الفرج ابن الجوزي ص 127 دار الكتب العلمية الطبعة الثانية 1405 .

 

19- مرويات غزوة بدر – أحمد محمد باوزير مكتبة طيبة .

 

20- المصنف – عبد الرزاق الصنعاني 5/347 المجلس العلمي الطبعة الثانية .

 

21- من معارك المسلمين في رمضان – عبد العزيز بن راشد العبيدي ص 14 مكتبة العبيكان الطبعة الأولى 1414 .

 

22- من هدي سورة الأنفال – محمد المصري مكتبة الأرقم .

 

23- موارد الظمآن لدروس الزمان – عبد العزيز السلمان 4/177 الطبعة الثامنة 1408 .

 

24- يوم الفرقان – البهي الخولي – دار الاعتصام الطبعة الثانية 1397 .