اعتكاف

2022-10-05 - 1444/03/09

التعريف

الاعتكاف لغة:

قال ابن فارس: العين والكاف والفاء أصل صحيح يدل على مقابلة وحبس مقاييس اللغة (4-108)، مادة (عكف).

 

وهو من عكف على الشيء يعكف عكفا وعكوفا، أي: لزم المكان”. لسان العرب (9-255)، مادة (عكف).

 

والتَّعَكُّفُ: التحبس. والاعْتِكافُ: الاحتباس في المسجد”. العباب الزاخر: (481).

 

عكف في المكان عكفا وعكوفا أقام فيه ولزمه ويقال عكف في المسجد أقام فيه بنية العبادة وعلى الشيء أقبل عليه ولزمه ولم ينصرف عنه، يقال عكف الطير حول القتيل وفلانا على كذا عكفا حبسه عليه وفلانا عن حاجته حبسه عنها وفي التنزيل العزيز: (والهدي معكوفا أن يبلغ محله) واعتكف في المكان عكف فيه وعلى الشيء عكف عليه وتعكف في المكان اعتكف فيه والاعتكاف الإقامة في المسجد على نية العبادة”. المعجم الوسيط (2-619).

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والتاء في الاعتكاف تفيد ضربا من المعالجة والمزاولة؛ لأن فيه كلفة، كما يقال … عمل واعتمل وقطع وانقطع. شرح العمدة (2-707).

 

ويسمى الاعتكاف جوارا؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصغي إلي رأسه، وهو مجاور في المسجد، فأرجله، وأنا حائض أخرجه البخاري: (2028) و(2029).

 

وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إني كنت أجاور هذه العشر، ثم بدا لي أجاور العشر الأواخر”. أخرجه البخاري: (2018)، ومسلم: (1167).

 

وعن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما قالا: “لا جوار إلا بصيام” خرجه عبد الرزاق: (4-353)، والبيهقي في الكبرى: (4-318). وصححه الحافظ في الفتح: (4-322).

 

قال الحافظ: ويؤخذ منه أن المجاورة والاعتكاف واحد فتح الباري (4-273).

 

ب- والاعتكاف شرعا:

اتفق الفقهاء رحمهم الله على أنه في الشرع: لزوم مسجد لطاعة الله، وإن كان بينهم تفاوت في صياغة التعريف من حيث إثبات أو حذف بعض الشروط والأركان، كالنية، والإسلام، والصوم … الخ، تبعا لاختلافهم في بعض المسائل.

 

فتعريف الحنفية: “هو اللبث في المسجد مع الصوم ونية لاعتكاف”. الهداية مع فتح القدير: (2-390).

 

وتعريف المالكية: هو لزوم مسلم مميز مسجدا مباحا بصوم كافا عن الجماع ومقدماته يوما وليلة فأكثر للعبادة بنية. الشرح الكبير للدردير مع حاشيته: (1-541).

 

وتعريف الشافعية: اللبث في المسجد من شخص مخصوص بنية. مغني المحتاج: (1-449).

 

وتعريف الحنابلة: هو لزوم مسلم لا غسل عليه، عاقل ولو مميزا، مسجدا ولو ساعة، لطاعة على صفة مخصوصة. منتهى الإرادات: (1-167).

 

وعرفه أبو محمد ابن حزم رحمه الله بأنه: الإقامة في المسجد بنية التقرب الى الله عز وجل ساعة فما فوقها ليلا أو نهارا. المحلى: (5-179).

 

والاعتكاف من الشرائع القديمة انظر: مغني المحتاج: (1-449)، الإقناع للشربيني: (1-246)، الشرح الممتع (6-506)، كما قال تعالى: (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين) [البقرة: 125].

 

العناصر

1- الحث على الاجتهاد في العشر الأواخر وأواخر العشر.

 

2- فضل الاعتكاف وسننه ووقته ومدته.

 

3- هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في العشر الأواخر من رمضان.

 

4- لا اعتكاف أفضل من الاعتكاف في المساجد الثلاثة.

 

5- استحباب الجمع بين الصيام والاعتكاف.

 

6- اعتكاف المرأة في المسجد في رمضان.

 

7- أركان وشروط الاعتكاف.

 

8- مبطلات الاعتكاف.

 

9- الحكمة من الاعتكاف.

 

10- ثمرات الاعتكاف.

 

الايات

1- قال تعالى: (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) [البقرة: 187].

 

2- قوله تعالى: (أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين) [البقرة: 125].

 

الاحاديث

1- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره”. مسلم (1175) باب الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان ، الترمذي (796) ، وقال الألباني صحيح].

 

2- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر ، أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر”. رواه البخاري: (1920)، ومسلم: (1174)، واللفظ له.

 

3- عن عائشة -رضي الله عنها-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى”. أخرجه مسلم: (1171).

 

4- عن ابن عمر أن عمر قال: يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال -صلى الله عليه وسلم-: “أوف بنذرك” رواه البخاري: (6319).

 

5- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما. أخرجه البخاري في الاعتكاف: (2044).

 

6- عن صفية بنت حيي -رضي الله عنها- أنها جاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تزوره وهو معتكف في المسجد في العشر الغوابر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة من العشاء ثم قامت تنقلب، فقام معها النبي -صلى الله عليه وسلم- يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد الذي عند مسكن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بهما رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم نفذا، فقال لهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي”، قالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما ما قال: “إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما” أخرجه البخاري: (6219)، ومسلم: (2175).

 

7- عن عائشة -رضي الله عنها- كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يَعْتَكِفُ في العَشْرِ الأواخِرِ مِن رَمَضانَ، فَكُنْتُ أضْرِبُ له خِباءً فيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ”. رواه البخاري: (٢٠٣٣).

 

8- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: إن كان رسول الله ليُدخل عليّ رأسه في المسجد فأُرجله ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفا”. أخرجه البخاري: (2029)، ومسلم: (297).

 

9- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه”. أخرجه البخاري: (2041)، ومسلم: (1173).

 

10- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: كانَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، يَعْتَكِفُ في كُلِّ رَمَضانٍ، وإذا صَلّى الغَداةَ دَخَلَ مَكانَهُ الذي اعْتَكَفَ فِيهِ، قالَ: فاسْتَأْذَنَتْهُ عائِشَةُ أنْ تَعْتَكِفَ، فأذِنَ لَها، فَضَرَبَتْ فيه قُبَّةً، فَسَمِعَتْ بها حَفْصَةُ، فَضَرَبَتْ قُبَّةً، وسَمِعَتْ زَيْنَبُ بها، فَضَرَبَتْ قُبَّةً أُخْرى، فَلَمّا انْصَرَفَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنَ الغَداةِ أبْصَرَ أرْبَعَ قِبابٍ، فَقالَ: “ما هذا؟”، فَأُخْبِرَ خَبَرَهُنَّ، فَقالَ: “ما حَمَلَهُنَّ على هذا؟ آلْبِرُّ؟ انْزِعُوها فلا أراها”، فَنُزِعَتْ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ في رمَضانَ حتّى اعْتَكَفَ في آخِرِ العَشْرِ مِن شَوّالٍ. (رواه البخاري: (٢٠٤١).

 

11- عن أَبُي سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ -رضي الله عنه- قال:  كانَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُجاوِرُ في العَشْرِ الَّتي في وَسَطِ الشَّهْرِ، فَإِذا كانَ مِن حِينِ تَمْضِي عِشْرُونَ لَيْلَةً، وَيَسْتَقْبِلُ إحْدى وَعِشْرِينَ يَرْجِعُ إلى مَسْكَنِهِ، وَرَجَعَ مَن كانَ يُجاوِرُ معهُ، ثُمَّ إنَّه أَقامَ في شَهْرٍ، جاوَرَ فيه تِلكَ اللَّيْلَةَ الَّتي كانَ يَرْجِعُ فِيها، فَخَطَبَ النّاسَ، فأمَرَهُمْ بما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قالَ: إنِّي كُنْتُ أُجاوِرُ هذِه العَشْرَ، ثُمَّ بَدا لي أَنْ أُجاوِرَ هذِه العَشْرَ الأواخِرَ، فمَن كانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَبِتْ في مُعْتَكَفِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُ هذِه اللَّيْلَةَ فَأُنْسِيتُها، فالْتَمِسُوها في العَشْرِ الأواخِرِ، في كُلِّ وِتْرٍ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ في ماءٍ وَطِينٍ. قالَ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ: مُطِرْنا لَيْلَةَ إحْدى وَعِشْرِينَ، فَوَكَفَ المَسْجِدُ في مُصَلّى رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَنَظَرْتُ إلَيْهِ وَقَدِ انْصَرَفَ مِن صَلاةِ الصُّبْحِ، وَوَجْهُهُ مُبْتَلٌّ طِينًا وَماءً. [وفي رواية]: غيرَ أنَّهُ قالَ: فَلْيَثْبُتْ في مُعْتَكَفِهِ وَقالَ: وَجَبِينُهُ مُمْتَلِئًا طِينًا وَماءً. رواه مسلم: (١١٦٧).

 

12- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنَّ النبيَّ -صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأواخِرَ مِن رَمَضانَ حتّى تَوَفّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْواجُهُ مِن بَعْدِهِ. أخرجه البخاري: (٢٠٢٦)، ومسلم: (١١٧٢).

 

الاثار

1- عائشة رضي الله عنهما قالت: “من اعتكف فعليه الصوم”. رواه عبد الرزاق في مصنفه: (8037) بإسناد صحيح.

 

2- عن عروة بن الزبير بن العوام قال: “لا اعتكاف إلا بصوم”. رواه عبد الرزاق في مصنفه: (8041) بإسناد صحيح.

 

3- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: “السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع”. أخرجه أبو داود: (2473) وقال: غير عبد الرحمن بن إسحق لا يقول فيه: (قالت: السنة)، جعله قول عائشة، وأخرجه أيضا الدارقطني (2-201)، والبيهقي (4-320) وقال: قد ذهب كثير من الحفاظ إلى أن هذا الكلام من قول من دون عائشة، وأن من أدرجه في الحديث وهم فيه، وأورده الألباني في صحيح السنن (2160).

 

4- عن ابن عباس قال: “ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه”. رواه الدارقطني (2/ 3-199)، والحاكم (1-439).

 

4- قال الزهري رحمه الله: “عجباً للمسلمين! تركوا الاعتكاف، مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل”. شرح ابن بطال على صحيح البخاري: (4-150).

 

متفرقات

1- قال الإمام أحمد: “لا أعلم عن أحد من العلماء خلافًا في أن الاعتكاف مسنون، والأفضل اعتكاف العشر جميعًا كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعل لكن لو اعتكف يومًا أو أقل أو أكثر جاز”. المفصل في فقه الدعوة إلى الله تعالى: (9-333).

 

2- قال ابن رجب الحنبلي: ذهب الإمام أحمد إلى أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس، حتى ولا لتعليم علم وإقراء قرآن، بل الأفضل له الانفراد بنفسه والتحلي بمناجاة ربه وذكره ودعائه، وهذا الاعتكاف هو الخلوة الشرعية”. المفصل في فقه الدعوة إلى الله تعالى: (9-333).

 

3- يقول علي بن نايف الشحود: إن كان الاعتكاف فرصة للمسلم يتفرغ فيها للعبادة وللارتقاء بإيمانه؛ فهو فرصة كبرى للدعاة والمربين للارتقاء بالمستوى الإيماني والتعبدي -وغيرهما- لدى من يدعونهم”. المفصل في فقه الدعوة إلى الله تعالى: (9-333).

 

4- قال الشنقيطي رحمه الله: وكان -صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر كلها التماسا لتلك الليلة -ليلة القدر-، فكان يحييها قائما في معتكفه ، كما جاء في الحديث: “وإذا جاء العشر: شد مئزره ، وطوى فراشه ، وأيقظ أهله” ، فلم يكن يمرح ولا يلعب ولا حتى نوم ، بل اجتهاد في العبادة. وكذلك شهر رمضان بكامله؛ لكونه أنزل فيه القرآن أيضا ، فكان تكريمه بصوم نهاره وقيام ليله ، لا بالملاهي واللعب والحفلات”. أضواء البيان: (8-388).

 

5- قال ابن المنذر: “أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضا إلا أن يوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذرا؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: “من نذر أن يطيع الله فليطعه” موارد الظمآن لدروس الزمان لعبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن السلمان: (1-544).

 

6- قال الشيخ ناصر العمر: “اختلف العلماء على عدة أقوال: منهم من قال أقل الاعتكاف عشرة أيام، ومنهم من قال يوم وليلة، ومنهم من قال يوم أوليلة، ومنهم من قال لحظة، وأرجح الأقوال وهو الذي تؤيده الأدلة أن أقله يوم أو ليلة، لحديث عمر قال: “أوف بنذرك”، قال: نذرت أن أعتكف ليلة وفي رواية يوما، وهما صحيحتان. فنقول أن أقل الاعتكاف يوم أو ليلة لأنه أمر تعبدي، وهذا أقل ما ورد فيه، أما ما قاله بعض العلماء أنه لحظة فهذا لا نستطيع أن نقول إنه اعتكاف ولا دليل عليه، لكننا نقول لو انتظر الصلاة فهو مشروع ومأجور، لحديث: “وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط”، لكن لا نسميه اعتكافا، فرق بين أن نقول أن انتظار الصلاة مشروع؛ أي الجلوس في المسجد لانتظار الصلاة مسنون، ولك أجر في ذلك، وبين أن نسميه اعتكافا، الاعتكاف الذي نتحدث عنه، هو الاعتكاف الذي له أحكام وله شروط وله آداب، فنقول: أعدل الأقوال وأوضحها وأقواها وهو الذي يؤيده الدليل أن الاعتكاف أقله يوم أو ليلة، لحديث عمر رضي الله عنه، أما أكثره فلا حد له كما نذرت امرأة عمران أن ما في بطنها محررا وهي مريم عليها السلام أي وهبتها للمسجد أي نذرتها لتبقى في المسجد فتقبل الله منها كما في سورة آل عمران (إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم) [آل عمران: 35] (فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا) [آل عمران: 37] فتبين لنا أنها كانت معتكفة في المسجد بدليل أول الآية أن أمها نذرتها لله وما معنى أن تنذرها لله أي جعلتها في المسجد لخدمة المسجد وبيت المقدس وتقبل الله منها (كلما دخل عليها زكريا المحراب) معناه أنها موجودة في المسجد، فممكن أن ينذر الإنسان نفسه لله، يبقى في البيت الحرام أو يبقى في المسجد، لكن بشرط أنه لا يفرط في واجب ولا يقع في محرم بأن يتعدى في شيء من ذلك، كما نص العلماء”. موسوعة البحوث والمقالات العلمية جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة علي بن نايف الشحود).

 

7- قال الشوكاني: “لم يأتنا عن الشارع في تقدير مدة الاعتكاف شيء يصلح للتمسك به، واللبثُ في المسجد والبقاء فيه يصدق على اليوم وبعضه، بل وعلى الساعة إذا صحب ذلك نية الاعتكاف”. السيل الجرار (2-136).

 

8- قال القرطبي رحمه الله: “أقل الاعتكاف عند مالك وأبي حنيفة يوم وليلة، فإن قال: لله عليَّ اعتكاف ليلة، لزمه اعتكاف ليلة ويوم، وكذلك إذا نذر اعتكاف يوم لزمه يوم وليلة، وقال سُحنون: من نذر اعتكاف ليلة فلا شيء عليه، كما قال سُحنون؛ وقال الشافعي: عليه ما نذر، إن نذر ليلة فليلة، وإن نذر يوماً فيوماً؛ قال الشافعي: أقله لحظة ولا حد لأكثره”.

 

9- قال ابن القيم رحمه الله تعالى: “لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى متوقفا على جمعيته على الله تعالى ولم شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى، فإن شعث القلب لا يلم إلا بالإقبال على الله تعالى، وكان فضول الطعام والشراب وفضول مخالطة الأنام وفضول الكلام وفضول المنام مما يزيده شعثا ويشتته في كل واد ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى أو يضعفه أو يعوقه أو يوقفه اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب ويستفرغوا من القلب أخلاط الشهوات المعوقة له عن سيره إلى الله تعالى، وشرعه بقدر المصلحة بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه ولا يضره ولا يقطعه عن المصالح العاجلة والآجلة وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى وجمعيته عليه والخلوة به والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته فيستولي عليه بدلها ويصير الهم كله به والخطرات كلها بذكره والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه فيصير أنسه بالله بدلا من أنسه بالخلق فيعده بذلك بأنسه به يوم الوحشة في القبور حيث لا أنيس له ولا ما يفرح به سواه فهذا هو مقصود الاعتكاف الأعظم”. زاد المعاد في هدي خير العباد: (2-86).

 

الإحالات

1- أحكام الاعتكاف ونوازله؛ لعبد السلام بن محمد الشويعر.

 

2- الاعتكاف أحكامه وأهميته في حياة المسلم؛ لأحمد عبد الرزاق الكبيسي.

 

3- فقه الاعتكاف؛ لخالد بن علي المشيقح.

 

4- الاعتكاف أحكام وآداب؛ ليوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف.