عرش

2024-05-15 - 1445/11/07

التعريف

قال ابن باز رحمه الله: العرش عند أهل العلم في اللغة العربية هو الكرسي، الكرسي العظيم كرسي الملك، والمراد بعرش الرحمن كرسي عظيم هو أعظم المخلوقات، له قوائم، وله حملة من الملائكة يحملونه، والله فوق العرش)، كما قال: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه:5]، وقال سبحانه: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف:54] فهو كرسي عظيم ومخلوق عظيم لا يعلم مدى عظمه وسعته إلا الذي خلقه).

 

وهو كالقبة على العالم، وهو سقف العالم كله، وهو سقف الجنة أيضًا، فهو سقف العالم وليس فوقه شيء سوى الله).

 

هذا هو العرش، الكرسي العظيم الذي تعرفه العرب، كما قال في قصة بلقيس: وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ [النمل:23]، فكراسي الملوك يقال لها: عروش، لكن عرش الله لا يشابهه شيء من عروش المخلوقين، ولكنه في الجملة يعرف من حيث اللغة الكرسي العظيم لا يعلم سعته وعظمته وكنهه ومادته إلا الذي خلقه)، إلا إذا صح عن رسول الله شيء في ذلك، إذا صح عن رسول الله في بيان شيء من كنهه فذلك مقدم ما يقوله الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو الحق؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، ولا أعلم شيئًا صحيحًا معتمدًا يبين مادة هذا العرش، لكنه عرش عظيم ومخلوق عظيم وله حملة من الملائكة كما قال الله جل وعلا: (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) [الحاقة:17] يعني: يوم القيامة، والمشهور أنه في الدنيا يحمله أربعة.

 

وقال ابن عثيمين رحمه الله: "هناك من قال : إن العرش هو الكرسي لحديث: "إن الله يضع كرسيَّه يوم القيامة"، وظنوا أن الكرسي هو العرش .

 

وكذلك زعم بعض الناس أن الكرسي هو العلم، فقالوا في قوله تعالى: (وسع كرسيه السموات والأرض) أي: علمه. والصواب: أن الكرسي موضع القدمين، والعرش هو الذي استوى عليه الرحمن سبحانه.

 

العناصر

1- عظمة العرش

 

2- استواء الله على العرش

 

3- حملة العرش

 

4- الرحم معلقة بالعرش

 

5- الشمس مستقرها تحت العرش

 

6- آيات وكلمات من كنز تحت العرش

 

7- أشخاص يكون في تحت ظل العرش يوم القيامة

الايات

1- قَولُ الله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) [الأعراف: 54، يونس: 3، الرعد: 2، الفرقان: 59، السجدة: 4، الحديد: 4].

 

2- قولُه تعالى: (فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)[التوبة: 128- 129].

 

3- قولُه تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [هود: 7].

 

4- قولُه تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه: 5].

 

5- قولُه تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ)[الْأَنْبِيَاءِ: 22].

 

6- قولُه تعالى: (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الزُّمَرِ: 73].

 

7- قولُه تعالى: (وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ)[الحاقة:13-17]

 

8- قولُه تعالى: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي... الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ)[التكوير: 19 - 21].

الاحاديث

1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "أُذِنَ لي أن أُحَدِّثَ عن مَلَكٍ من مَلائِكةِ اللهِ تعالى من حَمَلةِ العَرشِ أنَّ ما بين شَحمةِ أُذُنِه إلى عاتِقِه مَسيرةَ سَبْعِمائةِ عامٍ". أخرجه أبو داود: (4727)، وصَحَّحه الألباني.

 

2- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال في سَعدِ بنِ مُعاذٍ رَضِيَ اللهُ عنه: "هذا الذي تحرَّك له العَرشُ، وفُتِحَت له أبوابُ السَّماءِ، وشَهِدَه سبعون ألفًا من المَلائِكةِ، لقد ضُمَّ ضَمَّةً، ثمَّ فُرِّجَ عنه". أخرجه النسائي: (2055) واللَّفظُ له، وصَحَّحه الألباني.

 

3- عن عبدالله بن عباس رَضِيَ اللهُ عنهما قال كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ عِنْدَ الكَرْبِ: "لا إلَهَ إلّا اللَّهُ العَلِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَواتِ ورَبُّ الأرْضِ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ". أخرجه البخاري: (٧٤٢٦) ومسلم: (٢٧٣٠).

 

4- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "لَمّا قَضى اللَّهُ الخَلْقَ كَتَبَ في كِتابِهِ فَهو عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ إنَّ رَحْمَتي غَلَبَتْ غَضَبِي". أخرجه البخاري: (٣١٩٤)، ومسلم: (٢٧٥١).

 

5- عن أبي ذر الغفاري رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَأَلْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن قَوْلِهِ تَعالى: (والشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) قالَ: "مُسْتَقَرُّها تَحْتَ العَرْشِ". أخرجه البخاري: (٤٨٠٣)، ومسلم: (١٥٩).

 

6- عن أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "النّاسُ يَصْعَقُونَ يَومَ القِيامَةِ، فإذا أنا بمُوسى آخِذٌ بقائِمَةٍ مِن قَوائِمِ العَرْشِ، وَقالَ الماجِشُونُ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ الفَضْلِ، عن أبِي سَلَمَةَ، عن أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قالَ: فأكُونُ أوَّلَ مَن بُعِثَ، فإذا مُوسى آخِذٌ بالعَرْشِ". رواه البخاري: (٧٤٢٧).

 

7- عن أبي ذر الغفاري رَضِيَ اللهُ عنه قال: كُنْتُ مع النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في المَسْجِدِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَقالَ: يا أبا ذَرٍّ أتَدْرِي أيْنَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ؟ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّها تَذْهَبُ حتّى تَسْجُدَ تَحْتَ العَرْشِ، فَذلكَ قَوْلُهُ تَعالى: (والشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ). أخرجه البخاري: (٤٨٠٢)، ومسلم: (١٥٩).

 

8- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه قال: كُنّا مع النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في دَعْوَةٍ، فَرُفِعَ إلَيْهِ الذِّراعُ -وكانَتْ تُعْجِبُهُ- فَنَهَسَ منها نَهْسَةً. وَقالَ: أَنا سَيِّدُ القَوْمِ يَومَ القِيامَةِ، هلْ تَدْرُونَ بمَ؟ يَجْمَعُ اللَّهُ الأوَّلِينَ والآخِرِينَ في صَعِيدٍ واحِدٍ، فيُبْصِرُهُمُ النّاظِرُ ويُسْمِعُهُمُ الدّاعِي، وتَدْنُو منهمُ الشَّمْسُ، فيَقولُ بَعْضُ النّاسِ: أَلا تَرَوْنَ إلى ما أَنْتُمْ فِيهِ إلى ما بَلَغَكُمْ؟ أَلا تَنْظُرُونَ إلى مَن يَشْفَعُ لَكُمْ إلى رَبِّكُمْ؟ فيَقولُ بَعْضُ النّاسِ: أَبُوكُمْ آدَمُ، فَيَأْتُونَهُ فيَقولونَ: يا آدَمُ، أَنْتَ أَبُو البَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بيَدِهِ، ونَفَخَ فِيكَ مِن رُوحِهِ، وأَمَرَ المَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، وأَسْكَنَكَ الجَنَّةَ، أَلا تَشْفَعُ لَنا إلى رَبِّكَ؟ أَلا تَرى ما نَحْنُ فيه وما بَلَغَنا؟ فيَقولُ: رَبِّي غَضِبَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، ولا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، ونَهانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إلى غيرِي، اذْهَبُوا إلى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا، فيَقولونَ: يا نُوحُ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إلى أَهْلِ الأرْضِ، وسَمّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، أَما تَرى إلى ما نَحْنُ فِيهِ؟ أَلا تَرى إلى ما بَلَغَنا؟ أَلا تَشْفَعُ لَنا إلى رَبِّكَ؟ فيَقولُ: رَبِّي غَضِبَ اليومَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، ولا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، نَفْسِي نَفْسِي، ائْتُوا النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَيَأْتُونِي فأسْجُدُ تَحْتَ العَرْشِ، فيُقالُ: يا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، وسَلْ تُعْطَهْ. قالَ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ: لا أَحْفَظُ سائِرَهُ. أخرجه البخاري: (٣٣٤٠) واللفظ له، ومسلم: (١٩٤).

 

9- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ تَقُولُ مَن وصَلَنِي وصَلَهُ اللَّهُ، ومَن قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ". رواه مسلم: (٢٥٥٥).

 

10- عن جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: مَرَّ بها رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ صَلّى صَلاةَ الغَداةِ، أَوْ بَعْدَ ما صَلّى الغَداةَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، غيرَ أنَّهُ قالَ: "سُبْحانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحانَ اللهِ رِضا نَفْسِهِ، سُبْحانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحانَ اللهِ مِدادَ كَلِماتِهِ". رواه مسلم: (٢٧٢٦).

 

11- عن أبي قتادة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "من نفَّس عن غريِمه، أو محا عنه، كان في ظلِّ العرشِ يومَ القيامةِ". أخرجه أحمد (٢٢٥٥٩)، والدارمي (٢٥٨٩)، وصححه الألباني في صحيح الجامع: (٦٥٧٦).

 

12- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أدُلُّكَ على كلِمَةٍ مِنْ تحتِ العرشِ، مِنْ كنزِ الجنةِ؟ تقولُ: لا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ، فيقولُ اللهُ: أسلَمَ عبدي واسْتَسْلَمَ". أخرجه أحمد: (٢/ ٥٢٠)، والنسائي في الكبرى: (٦/ ٧)، والحاكم في المستدرك: (١/ ٧١)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٢٦١٤).

 

13- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "مَن آمَنَ باللَّهِ وبِرَسولِهِ، وأَقامَ الصَّلاةَ، وصامَ رَمَضانَ؛ كانَ حَقًّا على اللَّهِ أنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، جاهَدَ في سَبيلِ اللَّهِ أوْ جَلَسَ في أرْضِهِ الَّتي وُلِدَ فيها، فقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، أفَلا نُبَشِّرُ النّاسَ؟ قالَ: إنَّ في الجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ، أعَدَّها اللَّهُ لِلْمُجاهِدِينَ في سَبيلِ اللَّهِ، ما بيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كما بيْنَ السَّماءِ والأرْضِ، فإذا سَأَلْتُمُ اللَّهَ، فاسْأَلُوهُ الفِرْدَوْسَ؛ فإنَّه أوْسَطُ الجَنَّةِ وأَعْلى الجَنَّةِ -أُراهُ- فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، ومِنْهُ تَفَجَّرُ أنْهارُ الجَنَّةِ". أخرجه البخاري: (٢٧٩٠).

 

14- عن حذيفة بن اليمان رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "أُعطِيتُ هذه الآياتِ من آخِرِ البقرةِ، من كَنزٍ تحتَ العرشِ، لم يُعطَها نبيٌّ قبلي ولا يُعطى منه أحدٌ بعدي". أخرجه أحمد: (٢٣٢٩٩)، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (١٤٨٢): "إسناده صحيح على شرط مسلم".

 

15- عن معاذ بن جبل رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "المُتحابُّونَ في اللهِ في ظِلِّ العَرشِ يومَ القيامةِ". أخرجه أحمد (٢٢٠٣١) واللفظ له، وابن المبارك في الزهد: (٧١٥)، والطبراني (٢٠/٧٨) (١٤٤) باختلاف يسير، وصححه الألباني في صحيح الجامع: (١٩٣٧).

 

16- عن جبير بن مطعم رَضِيَ اللهُ عنه قال: أتى رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أعرابيٌّ فقال يا رسولَ اللهِ: جهدتِ الأنفسُ وضاعتِ العيالُ ونهكتِ الأموالُ وهلكتِ الأنعامُ فاستسقِ اللهَ لنا فإنا نستشفعُ بك على اللهِ ونستشفعُ باللهِ عليك قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "ويحك أتدري ما تقولُ وسبَّح رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-" فما زال يُسبِّحُ حتى عرف ذلك في وجوه أصحابِه ثم قال: "ويحك إنه لا يستشفعُ باللهِ على أحدٍ من خلقِه شأنُ اللهِ أعظمُ من ذلك ويحك أتدري ما اللهُ إنَّ عرشَه على سماواتِه لهكذا وقال بأصابعِه مثلُ القُبَّةِ عليه "وإنه لَيَئِطُّ به أطيطَ الرَّحلِ بالراكبِ". رواه أبو داود: (٤٧٢٦).

 

 

 

الاثار

1- عن عبدِ اللَّهِ بنَ مسعودٍ رضيَ اللَّهُ عنْهُ قالَ: "ما بينَ السماءِ القُصوى والْكرسيِّ خَمسمائةِ عامٍ وبينَ الْكرسيِّ والماءِ كذلك والعرشُ فوقَ الماءِ واللَّهُ فوقَ العرشِ ولا يخفى عليْهِ شيءٌ من أعمالِكم". أخرجه الذهبي في العرش للذهبي: (١٠٥)، وقال: "إسناده صحيح". وفي رواية قال: "بين السماءِ الدنيا، والتي تليها خمسُمائةِ عامٍ، وبين كلِّ سماءٍ وسماءٍ خمسُمائةِ عامٍ، وبين السماءِ السابعةِ والكرسيِّ خمسُمائةِ عامٍ، وبين الكرسيِّ والماءِ خمسُمائةِ عامٍ، والعرشُ فوق الماءِ، واللهُ فوق العرشِ، لا يخفى عليه شيءٌ من أعمالِكم". شرح كتاب التوحيد لابن باز (٣٨٩): "صحيح جيد".

 

2- عن أبي العاليةِ في قَولِه: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ) [البقرة: 29]: “يَقولُ: ارتَفَع”. يُنظر: تفسير ابن أبي حاتم: (1/ 75).

 

3- عن مجاهِدٍ في قَولِه تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) [الأعراف: 54]  قال: “علا على العَرْشِ”.

 

4- عن محمد ابن عبد الهادي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "ما من عبدٍ ولا أمةٍ ينامُ فيستثقِلُ نومًا إلّا عُرِج بروحِه إلى العرشِ، فالَّذي لا يستيقِظُ دون العرشِ فتلك الرُّؤيا الَّتي تصدُقُ، والَّذي يستيقِظُ دون العرشِ فهي الَّتي تكذِبُ". الصارم المنكي: (٣٧١) مرفوعا ليس بمحفوظ، والمعروف وقفه على علي.

الاشعار

1- قال عبد الله بن رواحة:

شَهِدتُ بإنَّ وعد الله حقٌّ *** وأنّ النارَ مثوى الكافرينَ

وأنّ ‌العرشَ فوق الماءِ طافٍ *** وفوقَ ‌العرشِ ربُّ العالمينَ

وتحمِلُهُ ملائكَة كِرام *** ملائكة الإله مسومينا

أبيات مختارة تشتمل على عقيدة، نصائح، مواعظ، وصايا، حكم، أمثال، أدب؛ لعبد الله بن محمد البصيري (ص: 50).

 

2- قال ابنُ القيِّمِ:

فَلَهُمْ عِبَارَاتٌ عَلَيْهَا أَرْبَعٌ *** قَدْ حُصِّلَتْ لِلْفَارِسِ الطَّعَّانِ

وَهِيَ اسْتَقَرَّ وَقَدْ عَلَا وَكَذَلِكَ ارْ *** تَفَعَ الَّذِي مَا فِيهِ مِنْ نُكْرَانِ

وَكَذَاكَ قَدْ صَعِدَ الَّذِي هُوَ رابِعٌ *** وَأَبُو عُبَيْدَةَ صَاحِبُ الشَّيْبَانِي

يَخْتَارُ هَذَا القَوْلَ فِي تَفْسِيرِهِ *** أَدْرَى مِنَ الجَهْمِيِّ بِالقُرْآنِ

نونية ابن القيم (ص: 73).

 

3- قال ابن خاتمة الأندلسي:

إِذا جدتَ فجدْ للناسِ قاطبةً *** فالحالُ ويبقى الذكرُ أحوالا

لا سيما ورسولُ الله ضامنهُ *** أنفقْ ولا تخشَ من ذي ‌العَرْشِ إِقلالا

مجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي: (2/ 185).

 

 

الحكم

"أَنْفِقْ بِلَالُ وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي ‌الْعَرْشِ إِقلالا" قَالَه النبي صلى الله عليه وسلم لبلَال

يضرب في التوسَّعِ وَتَرْكِ البخل. معجم الأمثال: (2/ 341).

متفرقات

1- قال السَّمعانيُّ: “أهلُ السُّنَّةِ يَقولُون: إنَّ الاستواءَ على العَرْشِ صِفةٌ لله تعالى بلا كَيفٍ، والإيمانُ به واجِبٌ، كذلك يُحكى عن مالِكِ بنِ أنَسٍ وغَيرِه مِنَ السَّلَفِ أنَّهم قالوا في هذه الآيةِ: الإيمانُ به واجِبٌ، والسُّؤالُ عنه بِدعةٌ”. يُنظر: تفسير السمعاني: (2/ 188) باختصارٍ يسيرٍ.

 

2- قال البَغَويُّ: (ثمَّ استوى على العَرْشِ)، قال الكَلبيُّ ومُقاتِلٌ: استقَرَّ. وقال أبو عُبَيدةَ: صَعِدَ. وأوَّلت المُعتَزِلةُ الاستواءَ بالاستيلاءِ، فأمَّا أهلُ السُّنَّةِ يَقولُون: الاستواءُ على العَرْشِ صِفةٌ لله تعالى بلا كَيفٍ، يجِبُ على الرَّجُلِ الإيمانُ به، ويَكِلُ العِلمَ فيه إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ. وسأل رجُلٌ مالِكَ بنَ أنَسٍ عن قَولِه: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه: 5]  كيف استوى؟ فأطرَقَ رأسَه مَلِيًّا وعَلاه الرُّحَضاءُ ثمَّ قال: “الاستواءُ غيرُ مجهولٍ، والكيفُ غيرُ معقولٍ، والإيمانُ به واجِبٌ، والسُّؤالُ عنه بِدعةٌ، وما أظنُّك إلَّا ضالًّا”، ثمَّ أمَرَ به فأُخرِجَ. ورُوِيَ عن سُفيانَ الثَّوريِّ، والأوزاعيِّ، واللَّيثِ بنِ سَعدٍ، وسُفيانَ بنِ عُيَينةَ، وعبدِ اللهِ بنِ المبارَكِ، وغَيرهِم من عُلَماءِ السُّنَّةِ، في هذه الآياتِ التي جاءت في الصِّفاتِ المتشابِهاتِ: أَمِرُّوها كما جاءت بلا كَيفٍ. والعَرشُ في اللُّغةِ: هو السَّريرُ. وقيل: هو ما علا فأظَلَّ، ومنه عَرشُ الكُرومِ”. يُنظر: تفسير البغوي: (2/ 197).

 

3- قال ابنُ رشدٍ: “أمَّا من قال: إنَّ الاستواءَ بمعنى الاستيلاءِ فقد أخطَأَ؛ لأنَّ الاستيلاءَ لا يكونُ إلَّا بعد المغالَبةِ والمقاهَرةِ، واللهُ يتعالى عن أن يُغالِبَه أحَدٌ. وحَمْلُ الاستواءِ على العُلُوِّ والارتفاعِ أَولى ما قيلَ، كما يقالُ: استَوَت الشَّمسُ في كَبِدِ السَّماءِ، أي: عَلَت”. يُنظر: المقدمات الممهدات: (1/ 21).

 

4- قال ابنُ كثيرٍ: قَولُه تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) [الأعراف: 54] “للنَّاسِ في هذا المقامِ مقالاتٌ كثيرةٌ جِدًّا، ليس هذا مَوضِعَ بَسْطِها، وإنما يُسلَكُ في هذا المقامِ مَذهَبُ السَّلَفِ الصَّالحِ: مالِكٍ، والأوزاعيِّ، والثَّوريِّ، واللَّيثِ بنِ سَعدٍ، والشَّافعيِّ، وأحمَدَ بنِ حَنبلٍ، وإسحاقَ بنِ راهَوَيهِ، وغَيرِهم مِن أئِمَّةِ المسلِمينَ قديمًا وحديثًا، وهو إمرارُها كما جاءت مِن غيرِ تكييفٍ ولا تشبيهٍ ولا تعطيلٍ. والظَّاهِرُ المتبادِرُ إلى أذهانِ المشَبِّهينَ مَنفيٌّ عن اللهِ؛ فإنَّ اللهَ لا يُشبِهُه شَيءٌ من خَلْقِه، و (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى:11]، بل الأمرُ كما قال الأئِمَّةُ -منهم نعيمُ بنُ حَمَّادٍ الخُزاعيُّ؛ شيخُ البُخاريِّ-: “مَن شَبَّه اللهَ بخَلْقِه فقد كَفَر، ومن جَحَد ما وَصَف اللهُ به نَفْسَه فقد كَفَر. وليس فيما وَصَف اللهُ به نَفْسَه ولا رَسولُه تشبيهٌ”، فمن أثبَتَ للهِ تعالى ما ورَدَت به الآياتُ الصَّريحةُ والأخبارُ الصَّحيحةُ على الوَجهِ الذي يَليقُ بجَلالِ اللهِ تعالى، ونفى عن اللهِ تعالى النَّقائِصَ، فقد سَلَك سبيلَ الهُدى”. يُنظر: تفسير ابن كثير: (3/ 426). يُنظر: تفسير ابن كثير: (3/ 426).

 

5- قال أبو حنيفةَ: "نُقِرُّ بأنَّ اللهَ تعالى على العَرْشِ استوى من غيرِ أن يكونَ له حاجةٌ". يُنظر: شرح وصية الإمام أبي حنيفة؛ للبابرتي (ص: 87).

 

6- قال الشَّافعيُّ في وصيَّتِه: "هذه وصيَّةُ محمَّدِ بنِ إدريسَ الشَّافعيُّ، أوصى أنَّه يَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَبدُه ورَسولُه... وأنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ يُرى في الآخرةِ، يَنظُرُ إليه المؤمنون عِيانًا جِهارًا، ويَسمَعونَ كَلامَه، وأنَّه فوقَ العَرشِ...". يُنظر: اعتقاد الشافعي؛ للهكاري (ص: 15).

 

7- قال الشَّافعيُّ أيضًا: "القَولُ في السُّنَّةِ التي أنا عليها، ورأيتُ أصحابَنا عليها أهلَ الحديثِ الذين رأيتُهم فأخذتُ عنهم؛ مِثلُ: سُفيانَ ومالكٍ وغَيرِهما: الإقرارُ بشَهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمَّدًا رَسولُ اللهِ، وأنَّ اللهَ على عَرْشِه في سمائِه يَقرُبُ مِن خَلْقِه كيف شاء". يُنظر: إثبات صفة العلو؛ لابن قدامة (ص: 180)، العلو للعلي الغفار؛ للذهبي (ص: 165).

 

8- قال أحمدُ بنُ حَنبَلٍ: "وقد عَرَف أهلُ العِلمِ أنَّه فوقَ السَّمَواتِ السَّبعِ: الكُرسيِّ، والعَرشِ، واللَّوحِ المحفوظِ، والحُجُبِ، وأشياءَ كثيرةٍ لم يُسَمِّها". يُنظر: الرد على الجهمية والزنادقة (ص: 128).

 

9- قال الدارمي: "انتَدَبْتَ أيُّها المِرِّيسيِّ مُكَذِّبًا بعَرشِ اللهِ وكُرسيِّه، مُطنِبًا في التكذيبِ بجَهْلِك، متأوِّلًا في تكذيبِه بخِلافِ ما تعقِلُه العُلَماءُ، فرَوَيتَ عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما قال: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ) [البقرة: 255]: “عِلْمُه”، قلتَ: فمعنى الكُرسيِّ: العِلمُ، فمن ذهب إلى غيِر العِلمِ أكذَبَه كتابُ اللهِ تعالى.

فيقالُ لهذا المِرِّيسيِّ: أمَّا ما رويتَ عن ابنِ عَبَّاسٍ فإنَّه من روايةِ جَعفَرٍ الأحمَرِ، وليس جعفَرٌ ممَّن يُعتَمَدُ على روايتهِ؛ إذ قد خالفَتْه الرُّواةُ الثِّقاتُ المتقِنون، وقد روى مسلِمٌ البطينُ، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ في الكُرسيِّ خِلافَ ما ادَّعَيتَ على ابنِ عَبَّاسٍ.

حَدَّثَنا يحيى وأبو بكرِ بنُ أبي شَيبةَ، عن وكيعٍ، عن سُفيانَ، عن عَمَّارِ الدهنيِّ، عن مسلمٍ البطينِ، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما قال: "الكرسيُّ مَوضِعُ القَدَمينِ، والعَرشُ لا يَقدُرُ قَدرَه إلَّا اللُه"، فأقرَّ المرِّيسي بهذا الحديثِ وصَحَّحه، وزعم أنَّ وكيعًا رواه، إلَّا أنَّ تفسيرَ القَدَمينِ هاهنا في دعواه: الثَّقَلينِ، قال: يضَعُ اللهُ عِلْمَه وقضاءَه للثَّقَلينِ يومَ القيامةِ، فيَحكُمُ به فيهم، فهل سَمِع سامِعٌ من العالَمينَ بمِثلِ ما ادَّعى هذا المِرِّيسي؟ وَيْلَك! عَمَّن أخَذْتَه؟ ومن أيِّ شيطانٍ تلقَّيْتَه؟ فإنَّه ما سبقك إليها آدميٌّ نَعلَمُه. أيحتاجُ الرَّبُّ عزَّ وجَلَّ أن يَضَعَ محاسبةَ العبادِ على كِتابِ عِلْمِه وأقضِيَتِه يحكُمُ بما فيه بينهم؟ ولا أراك مع كثرةِ جَهْلِك إلَّا وستَعلَمُ أنَّك احتجَجْتَ بباطِلٍ جعَلْتَه أغلوطةً تغالِطُ بها أغمارَ النَّاسِ وجُهَّالَهم".

 

10- قال أبو حاتمٍ الرازيُّ: “مَذهَبُنا واختيارُنا اتِّباعُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه والتَّابعين ومَن بَعْدَهم بإحسانٍ، وتَرْكُ النَّظَرِ في موضِعِ بِدَعِهم، والتمسُّكُ بمذهَبِ أهلِ الأثَرِ؛ مِثلُ أبي عبدِ اللهِ أحمدَ بنِ حَنبَلٍ، وإسحاقَ بنِ إبراهيمَ، وأبي عبيدٍ القاسِمِ بنِ سَلَّامٍ، والشَّافعيِّ، ولُزومُ الكتابِ والسُّنَّةِ،  والذَّبُّ عن الأئمَّةِ المتَّبِعةِ لآثارِ السَّلَفِ، واختيارُ ما اختاره أهلُ السُّنَّةِ مِن الأئمَّةِ في الأمصارِ؛ مِثلُ: مالكِ بنِ أنَسٍ في المدينةِ، والأوزاعيِّ بالشَّامِ، واللَّيثِ بنِ سَعدٍ بمصرَ، وسُفيانَ الثَّوريِّ وحمَّادِ بن زيادٍ بالعراقِ... أنَّ اللهَ على عرشِه بائنٌ مِن خَلْقِه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى: 11]”. يُنظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة؛ للالكائي: (1/ 202-204).

 

11- قال الطَّحاويُّ: "العَرشُ والكُرسيُّ حَقٌّ، وهو مُستغنٍ عن العَرشِ وما دونَه، محيطٌ بكُلِّ شَيءٍ وفوقَه". يُنظر: متن الطحاوية (ص: 54-56).

 

12- قال أبو بكرٍ الإسماعيليُّ: "اعلَموا -رَحِمنا اللهُ وإيَّاكم- أنَّ مَذهَبَ أهلِ الحَديثِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ:... يَعتَقِدون أنَّ اللهَ مَدعوٌّ بأسمائِه الحُسنى، وموصوفٌ بصِفاتِه التي سمَّى ووَصَف بها نَفْسَه، ووصَفَه بها نبيُّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم... وأنَّه عزَّ وجَلَّ استوى على العَرشِ، بلا كيفٍ؛ فإنَّ اللهَ تعالى انتهى من ذلك إلى أنَّه استوى على العَرشِ ولم يذكُرْ كيف كان استواؤُه". يُنظر: اعتقاد أئمة الحديث (ص: 49).

 

13- قال ابنُ أبي زيد القيروانيُّ: "إنَّ اللهَ إلهٌ واحدٌ، لا إلهَ غيرُه، ولا شبيهَ له، ولا نظيرَ له، ولا وَلَدَ له، ولا والِدَ له، ولا صاحِبةَ له، ولا شريكَ له... وأنَّه فوقَ عَرشِه المجيدِ بذاتِه". يُنظر: عقيدة السلف – مقدمة ابن أبي زيد القيرواني لكتابه الرسالة (ص: 56).

 

14- قال ابنُ أبي زيد القيروانيُّ: "ممَّا أجمعت عليه الأئمَّةُ مِن أمورِ الدِّيانةِ، ومن السُّنَنِ التي خلافُها بدعةٌ وضَلالةٌ... أنَّه فوقَ سماواتِه على عَرْشِه دونَ أَرْضِه، وأنَّه في كُلِّ مكانٍ بعِلْمِه، وأنَّ للهِ سُبحانه وتعالى كرسِيًّا كما قال عزَّ وجَلَّ: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ) [البقرة: 255]. وممَّا جاءت به الأحاديثُ أنَّ اللهَ سُبحانَه يَضَعُ كُرسِيَّه يومَ القيامةِ لفَصلِ القَضاءِ. قال مجاهِدٌ: كانوا يقولون: ما السَّمَواتُ والأرضُ في الكُرسيِّ إلَّا كحَلْقةٍ مُلقاةٍ في فَلاةٍ... وكُلُّ ما قَدَّمْنا ذِكْرَه فهو قَولُ أهلِ السُّنَّةِ وأئمَّةِ النَّاسِ في الفِقهِ والحديثِ على ما بَيَّنَّاه، وكُلُّه قَولُ مالكٍ؛ فمنه منصوصٌ من قَولِه، ومنه معلومٌ مِن مَذهَبِه”. يُنظر: الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ (ص: 107-117).

 

15- قال ابنُ أبي زمنين: “من قَولِ أهلِ السُّنَّةِ: أنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ خَلَق العَرشَ واختَصَّه بالعُلُوِّ والارتفاعِ فَوقَ جميعِ ما خَلَق، ثم استوى عليه كيف شاء، كما أخبَرَ عن نَفْسِه في قَولِه: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه: 5]... (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا) [الحديد: 4]”. يُنظر: أصول السنة (ص: 88).

 

16- قال أبو عَمرٍو الدَّاني: "مِن قَولِهم: إنَّ اللهَ سُبحانه خَلَق العَرْشَ، واختَصَّه بالعُلُوِّ والارتفاعِ فَوقَ جميعِ ما خَلَق، ثمَّ استوى عليه كيف شاء، من غيرِ أن يُحدِثَ تَغيُّرًا في ذاتِه، لا إلهَ إلَّا هو الكَبيرُ، وأنَّه تباركَ وتعالى خَلَق الكُرسيَّ، وهو بين يَدَيِ العَرْشِ”. يُنظر: الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة في الاعتقادات وأصول الديانات (ص: 139).

 

17- قال أبو يَعْلى: “نصُّ القُرآنِ والأخبارِ الصِّحاحِ أنَّه في السَّماءِ، مُستوٍ على عَرْشِه، بائنٌ مِن خَلْقِه”. يُنظر: إبطال التأويلات (ص: 240).

 

18- قال ابنُ عبدِ البَرِّ في شرحِ حديثِ النُّزولِ: “فيه دليلٌ على أنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ في السَّماءِ على العَرشِ مِن فوقِ سَبعِ سَماواتٍ، كما قالت الجماعةُ، وهو من حُجَّتِهم على المعتَزِلةِ والجَهميَّةِ في قَولِهم: إنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ في كُلِّ مكانٍ، وليس على العَرشِ”. يُنظر: التمهيد: (7/ 129).

 

19- قال أبو العَبَّاسِ القُرطبي: "فيه ما يدُلُّ على أنَّ حَمَلةَ العَرشِ أفضَلُ المَلائِكةِ وأعلاهم مَنزِلةً، وأنَّ فضائِلَ المَلائِكةِ على حَسَبِ مراتِبِهم في السَّمَواتِ، وأنَّ الكُلَّ منهم لا يَعلَمونَ شَيئًا من الأمورِ إلَّا بأن يُعلِمَهم اللهُ تعالى به، كما قال تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) [الجن: 26- 27].

 

وفيه ما يدُلُّ على أنَّ عُلومَ المَلائِكةِ بالكائناتِ يستفيدُه بعضُهم من بعضٍ إلَّا حَمَلةَ العَرشِ؛ فإنَّهم يستفيدون عُلومَهم من الحَقِّ سُبحانَه وتعالى، فإنهم هم المبدوؤون بالإعلامِ أوَّلًا، ثم إنَّ مَلائِكةَ كُلِّ سماءٍ تستفيدُ من التي فوقَها". يُنظر: المفهم: (5/ 638).

 

20- قال علي القاري: "((هذا)): إشارةٌ إلى سَعدٍ المذكورِ، وهو للتعظيمِ، كما في الحديثِ الأوَّلِ. ((الذي تحَرَّك)): وفي روايةٍ: اهتَزَّ ((له العَرشُ)). في النهايةِ: أصلُ الهَزِّ الحَرَكةُ، واهتَزَّ: إذا تحَرَّك، واستعمله في معنى الارتياحِ، أي: ارتاح بصُعودِه واستبشر لكرامَتِه على رَبِّه، وكُلُّ من خَفَّ لأمرٍ وارتاح فقد اهتَزَّ. قال ابنُ حجر: لأنَّ العَرْشَ وإن كان جمادًا فغيرُ بَعيدٍ أنَّ اللهَ يجعَلُ فيه إدراكًا يُمَيِّزُ به بين الأرواحِ وكَمالاتِها، وهذا أمرٌ مُمكِنٌ ذكره الشَّارعُ بيانًا لمزيدِ فَضلِ سَعدٍ، وترهيبٍ للنَّاسِ مِن ضَغطةِ القبرِ، فتعَيَّن الحَملُ على ظاهِرِه، حتى يَرِدَ ما يصرِفُه عنه، وقيل: أراد فَرَحَ أهلِ العَرشِ بموته لصُعودِ رُوحِه، وأقام العَرْشَ مقامَ مَن حَمَله، أو على تقديرِ مُضافٍ". يُنظر: مرقاة المفاتيح: (1/ 218).

 

21- قال ابنُ تَيمِيَّةَ: "معلومٌ أنَّ حَمَلةَ العَرشِ ومَن حَولَه مِن أعظَمِ المقَرَّبين مِن المَلائِكةِ، بل قد ذَكَر من ذَكَر مِن المفَسِّرين أنَّ المَلائِكةَ المقَرَّبين هم حمَلةُ العَرشِ. والكَرُوبيُّون من المَلائِكةِ: مُشتَقُّونَ مِن كَرَب: إذا قَرُب، فالمرادُ وَصْفُهم بالقُربِ لا بالكَرْبِ الذي هو الشِّدَّةُ". يُنظر: بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية (ص: 230). ويُنظر: الحبائك في أخبار الملائك؛ للسيوطي (ص: 251).

 

22- قال ابن القيم رحمه الله: "ولهذا لما كانت السماء محيطة بالأرض كانت عالية عليها، ولما كان الكرسي محيطاً بالسماوات كان عالياً عليها، ولما كان العرش محيطاً بالكرسي كان عالياً". الصواعق المرسلة: (4/ 1308).

 

23- قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: "وأما من حرَّف كلام الله وجعل العرش عبارة عن الملك، كيف يصنع بقوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) [الحاقة: 17]، وقوله  وكان عرشه على الماء  [هود: 7]؟ أيقول: ويحمل ملكه يومئذ ثمانية، وكان ملكه على الماء ويكون موسى عليه السلام آخذا بقائمة من قوائم المُلْك ؟ هل يقول هذا عاقل يدري ما يقول.

 

وأما الكرسي فقال تعالى: (وسع كرسيه السموات والأرض)  [البقرة: 255]، وقد قيل: هو العرش، والصحيح: أنه غيره، نُقل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره. روى ابن أبي شيبة في كتاب " صفة العرش " والحاكم في " مستدركه " وقال: إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى:  وسع كرسيه السموات والأرض  أنه قال: "الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى". وقد روي مرفوعاً، والصواب: أنه موقوف على ابن عباس.

 

قال أبو ذر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما الكرسي في العرش إلا كحلْقة من حديد أُلقيت بين ظهري فلاة من الأرض". .. وهو كما قال غير واحدٍ من السلف: بين يدي العرش كالمرقاة إليه". شرح العقيدة الطحاوية: (ص 312، 313).

 

24- قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "هناك من قال: إن العرش هو الكرسي لحديث: "إن الله يضع كرسيَّه يوم القيامة"، وظنوا أن الكرسي هو العرش.

 

وكذلك زعم بعض الناس أن الكرسي هو العلم، فقالوا في قوله تعالى: (وسع كرسيه السموات والأرض) أي: علمه. والصواب: أن الكرسي موضع القدمين، والعرش هو الذي استوى عليه الرحمن سبحانه. والعلم: صفة في العالِم يُدرك فيها المعلوم. والله أعلم". مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: (9/ 1137).