طفل

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

التعريف:

لغة:

وهي الجزء من الشيء، والمولودُ ما دامَ ناعِماً دونَ البلوغ، والطّفل أول الشيء، والطفل أولُ حياة المولودِ حتى بلوغه، ويطلق للذكر والأنثى (معجم المعاني)

 

ويشير قاموس أكسفورد:

 

إلى الطفل على أنه الإنسان حديث الولادة سواء كان ذكراً أو أنثى، كما يشير إلى الطفولة على أنها الوقت الذي يكون فيه الفرد طفلاً ويعيش طفولة سعيدة.

 

كما يشير قاموس لونجمان:

 

إلى الطفل على أنه الشخص صغير السن منذ وقت ولادته حتى بلوغه سن الرابعة عشر أو الخامسة عشر وهو الابن أو الابنة في أي مرحلة سنية، كما يعرف الطفولة على أنها المرحلة الزمنية التي تمر بالشخص عندما يكون طفلاً.

 

وينطوي مفهوم الطفل في علم النفس على معنيين معنى عام ويطلق على الأفراد من سن الولادة حتى النضج الجنسي، ومعنى خاص ويطلق على الأعمار فوق سن المهد وحتى المراهقة.

 

وتعرف الطفولة من وجهة نظر علماء الاجتماع على أنها:

 

هي تلك الفترة المبكرة من الحياة الإنسانية التي يعتمد فيها الفرد على والديه اعتماداً كلياً فيما يحفظ حياته؛ ففيها يتعلم ويتمرن للفترة التي تليها وهي ليست مهمة في حد ذاتها بل هي قنطرة يعبر عليها الطفل حتى النضج الفسيولوجي والعقلي والنفسي والاجتماعي والخلقي والروحي والتي تتشكل خلالها حياة الإنسان ككائن اجتماعي.

 

كما يعرف الطفل وفقاً للمادة الأولى من مشروع اتفاقية الأمم المتحدة على أنه:-

 

هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه، وأما الطفولة فتعرف على أنها مرحلة لا يتحمل فيها الإنسان مسئوليات الحياة متعمدا على الأبوين وذوي القربى في إشباع حاجته العضوية وعلى المدرسة في الرعاية للحياة وتمتد زمنياً من الميلاد وحتى قرب نهاية العقد الثاني من العمر وهي المرحلة الأولى لتكوين ونمو الشخصية وهي مرحلة للضبط والسيطرة والتوجيه التربوي.

 

والطفولة أيضاً هي الفترة التي يكون خلالها الوالدان هما الأساس في وجود الطفل وفي تكوينه عقلياً وجسمياً وصحياً.

 

وتعتبر مرحلة الطفولة في الإنسان من أطول مراحل الطفولة بين الكائنات الحية حيث إنها تمتد من لحظة الميلاد وحتى سن الثانية عشر، وسوف تستند هذه الدراسة إلى التقسيم التالي لمرحلة الطفولة للإنسان حيث إنه يحدد بدقه المجال البشري الذي سوف تطبق عليه الدراسة الحالية وهو الفئة العمرية من (6 سنوات إلى 12 سنة) وهو ما يسمى بمرحلة الطفولة المتأخرة وتنقسم مرحلة الطفولة وفقاً لهذا التفسير إلى فترتين متميزتين هما:-

 

مرحلة الطفولة المبكرة من (2-5سنوات):

 

وهي المرحلة التي تمتد من عامين إلى خمسة أعوام وفيها يكتسب الطفل المهارات الأساسية مثل المشي واللغة مما يحقق قدراً كبيراً من الاعتماد على النفس.

 

مرحلة الطفولة المتأخرة (6-12سنة):

 

وهي المرحلة التي تمتد من سن السادسة حتى سن الثانية عشر من العمر وتنتهي هذه المرحلة ببلوغ الطفل ودخوله مرحلة مختلفة كثيراً عن سابقتها وهي مرحلة المراهقة.

 

(موقع الطفولة المبكرة)

 

https://sites.google.com/site/tofolamubukera/

 

 


 

العناصر

1- الطفولة من أهم مراحل العمر

 

2- مراحل الطفولة

 

3- أحوال الأطفال في العالم

 

4- أساليب النبي صلى الله عليه وسلم في تربية الأطفال

 

5- حقوق الطفل

 

6- عوامل بناء شخصية الطفل

 

7- ضوابط ثواب وعقاب الأطفال

 

8- مسؤولية المجتمع في تربية الأطفال

 

9- ثمار العناية بمرحلة الطفولة

الايات

1- قَالَ -تَعَالَى-: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ)[البقرة: 233].

 

2- قال تعالى: (قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء)[آل عمران:38].

 

3- قال تعالى: (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا)[النساء:75].

 

4- قال تعالى: (إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا)[النساء:98-99].

 

5- قال تعالى: (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا)[النساء:127].

 

6- قال تعالى: (يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ)[هود:42].

 

7- قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء)[إبراهيم:39].

 

8- قال تعالى: (وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)[الإسراء:24].

 

9- قال تعالى: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) [الكهف:82].

 

10- قال تعالى: (وَكَانَ يَأمُرُ أَهلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرضِيًّا)[مريم 54-55].

 

11- قال تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)[طه:132].

 

12- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً...)[الحج:5].

 

13- قال تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ)[النور:31].

 

14- قال تعالى: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)[الفرقان:74].

 

15- قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)[لقمان: 12-19].

 

16- قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا)[غافر:67].

 

17- قال تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ  * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)[النحل:58-59].

 

13- قَالَ -تَعَالَى-: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ)[الطور: 21].

 

18- قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[التحريم:6]

 

19- قال تعالى: (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا)[المزمل:17]

 

20- قال تعالى: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا)[الإنسان:19].

 

21- قال تعالى: (ألَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى * فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ)[الضحى:6-10].

الاحاديث

1- عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "رُفِعَ القلَمُ عن ثلاثة ٍعن النائمِ حتى يستيقظَ وعن الطفل ِحتى يحتلِمَ وعن المجنونِ حتى يبْرَأَ أو يعقِلَ" فأَدْرَأَ عنها عمرُ -رضي اللهُ عنه- (رواه أحمد:٢-٢٧٩،  وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح . وأخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم قبل حديث:٥٢٦٩ بنحوه).

 

2- عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الطِّفلُ لا يُصَلّى علَيهِ، ولا يرِثُ، ولا يورَثُ، حتّى يستَهِلَّ"(رواه الترمذي:١٠٣٢، وصححه الألباني).

 

3- عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الرّاكبُ خلفَ الجنازةِ، والماشي حَيثُ شاءَ منها، والطِّفلُ يصلّى علَيهِ"(رواه النسائي ١٩٤٧، وصححه الألباني).

 

4- عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الرّاكبُ يسيرُ خلفَ الجَنازةِ، والماشي حيثُ شاءَ مِنها خلفَها، وأمامَها، وعن يمينِها، وعن يسارِها قريبًا منها، والطِّفلُ يصلّى عليهِ، ويُدعى لوالديهِ بالمغفرةِ والرَّحمةِ"(أخرجه أبو داود:٣١٨٠، وقال الألباني في أحكام الجنائز:٩٤: صحيح على شرط البخاري).

 

5- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "نِساءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِساءٍ رَكِبْنَ الإبِلَ، أحْناهُ على طِفْلٍ، وأَرْعاهُ على زَوْجٍ في ذاتِ يَدِهِ. قالَ: يقولُ أبو هُرَيْرَةَ على إثْرِ ذلكَ: ولَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بنْتُ عِمْرانَ بَعِيرًا قَطُّ"(أخرجه البخاري:٣٤٣٤، ومسلم:٢٥٢٧).

 

6- عن أبي مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أطفالُ المشركينَ هم خدمُ أهلِ الجنةِ"(أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة:٦٩٨١ وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (١٤٦٨): صحيح بمجموع طرقه).

 

7- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، عن أَطْفالِ المُشْرِكِينَ، مَن يَمُوتُ منهمْ صَغِيرًا؟ فَقالَ: "اللَّهُ أَعْلَمُ بما كانُوا عامِلِينَ"(أخرجه البخاري:٦٥٩٨، ومسلم:٢٦٥٩).

 

8- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- قال: أتى عليَّ زمانٌ وأنا أقولُ: أطفالُ المشركين مع المشركين، وأطفالُ المسلمين مع المسلمين حتى حدثني فلانٌ عن فلانٍ أن رسولَ اللهِ سئلَ عنهم فقالَ: "اللهُ أعلمُ بما كانوا عاملين"، فلقيْتُ فلانًا فحدثني عن النبيِّ فأمسكْتُ (أخرجه الطيالسي:٥٣٩، وابن أبي عاصم في السنة:٢١٤ واللفظ وقال الألباني في تخريج كتاب   أقوامٍ بالغوا في القتلِ حتّى قتلوا الوِلدانَ؟" فقال رجلٌ: أوَليس إنَّما هم أولادُ المشركين، فقال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أوَليس خيارُكم أولادَ المشركين؟ إنَّه ليس من مولودٍ إلّا وهو يُولَدُ على الفِطرةِ فيعبِّرُ عنه لسانُه ويُهوِّدُه أبواه أو يُنصِّرانه"(أخرجه أحمد:١٥٥٨٩ باختلاف يسير، وابن عبدالبر في التمهيد:١٨-٦٧ واللفظ له، وقال: صحيح).

 

9- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما مِنْ مسلمَيْنِ يموتُ لهما ثلاثَةُ أوْلادٍ، لم يبْلُغُوا الْحِنْثَ، إلّا أدخلَهما اللهُ بفضلِ رحمَتِهِ إيّاهم الجنَّةَ، يقالُ لهم: ادخلُوا الجنَّةَ، فيقولونَ: حتى يَدْخُلَ أبوانا: فيُقالُ: ادخلُوا الجنَّةَ أنتم وأبواكم"(أخرجه النسائي:١٨٧٦، وصححه الألباني في صحيح الجامع:٥٧٨٠).

 

10- عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: رَأَيْتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، والحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ على عاتِقِهِ، يقولُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أُحِبُّهُ فأحِبَّهُ"(أخرجه البخاري:٣٧٤٩، ومسلم:٢٤٢٢).

 

11- عن عطاء بن يسار قال: سألتُ ابنَ عبّاسٍ، فقُلْتُ: أَستأذِنُ على أُختي؟ فقال: نَعَم. فأَعَدْتُ، فقُلْتُ: أُخْتانِ في حِجري، وأنا أَمُونُهُما، وأُنْفِقُ عليهِما، أَستأذِنُ عليهِما؟ قال: نَعَم، أَتُحِبُّ أنْ تَراهُما عُريانَتَيْنِ؟! ثُمَّ قَرأَ: (يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ والَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ)[النور: ٥٨]، قال: فلم يُؤْمَرْ هؤلاءِ بالإذنِ إلّا في هذهِ العَوْراتِ الثَّلاثِ. قال: (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَما اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)[النور: ٥٩]، قال ابنُ عبّاسٍ: فالإذنُ واجِبٌ، على النّاسِ كلِّهِم. (رواه البخاري في الأدب المفرد:٨١١، وقال الألباني: إسناده صحيح).

 

12- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: أنَّ نَفَرًا من أهْلِ العِراقِ قالوا: يا ابنَ عبّاسٍ، كيف تَرى في هذه الآيةِ التي أُمِرْنا فيها بما أُمِرْنا، ولا يعمَلُ بها أحَدٌ، قَولُ اللهِ عزَّ وجلَّ: (يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ والَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوّافُونَ عَلَيْكُم) قرَأَ القَعنَبيُّ إلى (عَلِيمٌ حَكِيمٌ)[النور: ٥٨]؟ قال ابنُ عبّاسٍ: إنَّ اللهَ حَليمٌ رَحيمٌ بالمُؤمِنينَ، يُحِبُّ السَّترَ، وكان النّاسُ ليس لبُيوتِهم سُتورٌ ولا حِجالٌ، فرُبَّما دخَلَ الخادِمُ، أو الوَلَدُ، أو يتيمةُ الرَّجُلِ، والرَّجُلُ على أهْلِه، فأمَرَهمُ اللهُ بالاستِئْذانِ في تلك العَوراتِ، فجاءَهم اللهُ بالسُّتورِ والخَيرِ، فلم أرَ أحدًا يعمَلُ بذلك بعدُ (رواه أبو داود:٥١٩٢، وقال شعيب الأرنؤوط: رجاله ثقات).

 

13- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاثُ دعَواتٍ يُستجابُ لَهنَّ لا شَكَّ فيهنَّ دعْوةُ المظلومِ ودعْوةُ المسافرِ ودعْوةُ الوالدِ لولدِه"(رواه ابن ماجه:٣١٢٩، وحسنه الألباني) وفي رواية عند الترمذي (١٩٠٥) وغيره: "ودعْوةُ الوالدِ على ولدِه".

 

14- عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: سِرْنا مع رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في غَزْوَةِ بَطْنِ بُواطٍ، وَهو يَطْلُبُ المَجْدِيَّ بنَ عَمْرٍو الجُهَنِيَّ، وَكانَ النّاضِحُ يَعْتَقِبُهُ مِنّا الخَمْسَةُ والسِّتَّةُ والسَّبْعَةُ، فَدارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ الأنْصارِ على ناضِحٍ له، فأناخَهُ فَرَكِبَهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ فَتَلَدَّنَ عليه بَعْضَ التَّلَدُّنِ، فَقالَ له: شَأْ، لَعَنَكَ اللَّهُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن هذا اللّاعِنُ بَعِيرَهُ؟" قالَ: أَنا، يا رَسولَ اللهِ، قالَ: "انْزِلْ عنْه، فلا تَصْحَبْنا بمَلْعُونٍ، لا تَدْعُوا على أَنْفُسِكُمْ، وَلا تَدْعُوا على أَوْلادِكُمْ، وَلا تَدْعُوا على أَمْوالِكُمْ، لا تُوافِقُوا مِنَ اللهِ ساعَةً يُسْأَلُ فِيها عَطاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ"(أخرجه مسلم:٣٠٠٩).

 

15- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لي: "يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت على أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ، وإن اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ"(أخرجه الترمذي:٢٥١٦، وصححه الألباني).

 

16- عن عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنه- قال: كُنْتُ غُلامًا في حَجْرِ رَسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فَقالَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يا غُلامُ، سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بيَمِينِكَ، وكُلْ ممّا يَلِيكَ فَما زالَتْ تِلكَ طِعْمَتي بَعْدُ"(أخرجه البخاري:٥٣٧٦، ومسلم:٢٠٢٢).

 

17- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاءتِ امرأةٌ إلى النَّبيِّ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد طلَّقَها زَوجُها، فأَرادَتْ أنْ تَأخُذَ وَلَدَها، فقال رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "استَهِما فيه". فقال الرَّجُلُ: مَن يَحولُ بَيني وبَينَ ابْني؟ فقال رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ للابنِ: "اختَرْ أيَّهما شِئتَ". فاختارَ أُمَّه، فذهَبَتْ به. (أخرجه أحمد:٩٧٧١، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح).

 

18- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليس مِنّا من لم يرحم صغيرَنا، ويُوقِّرَ كبيرَنا"(أخرجه الترمذي:١٩١٩، وصححه الألباني).

 

19- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ على الفِطْرَةِ، فأبَواهُ يُهَوِّدانِهِ، أوْ يُنَصِّرانِهِ، أوْ يُمَجِّسانِهِ، كَمَثَلِ البَهِيمَةِ تُنْتَجُ البَهِيمَةَ هلْ تَرى فِيها جَدْعاءَ"(أخرجه البخاري:١٣٨٥، ومسلم:٢٦٥٨).

 

20- عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، الإمامُ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ راعٍ في أهْلِهِ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِها ومَسْئُولَةٌ عن رَعِيَّتِها"(أخرجه البخاري:٨٩٣، ومسلم:١٨٢٩).

 

21- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال:  كانَ غُلامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَمَرِضَ، فأتاهُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقالَ له: أسْلِمْ، فَنَظَرَ إلى أبِيهِ وهو عِنْدَهُ فَقالَ له: أطِعْ أبا القاسِمِ -صلى الله عليه وسلم-، فأسْلَمَ، فَخَرَجَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وهو يقولُ: "الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أنْقَذَهُ مِنَ النّارِ"(رواه البخاري:١٣٥٦).

 

22- عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال:  أنَّ أباهُ أتى به إلى رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقالَ: إنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هذا غُلامًا، فَقالَ: "أكُلَّ ولَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ"، قالَ: لا، قالَ: "فارْجِعْهُ"(رواه البخاري:٢٥٨٦، ومسلم:١٦٢٣).

 

23- عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: انْطَلَقَ بي أَبِي يَحْمِلُنِي إلى رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، اشْهَدْ أَنِّي قدْ نَحَلْتُ النُّعْمانَ كَذا وَكَذا مِن مالِي، فَقالَ: "أَكُلَّ بَنِيكَ قدْ نَحَلْتَ مِثْلَ ما نَحَلْتَ النُّعْمانَ؟" قالَ: لا، قالَ: "فأشْهِدْ على هذا غيرِي"، ثُمَّ قالَ: "أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكونُوا إلَيْكَ في البِرِّ سَواءً؟" قالَ: بَلى، قالَ: "فلا إذًا"(رواه مسلم:١٦٢٣).

 

24- عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أُتِيَ بشَرابٍ، وعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ، وعَنْ يَسارِهِ أَشْياخٌ، فَقالَ لِلْغُلامِ: "أَتَأْذَنُ لي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلاءِ؟"، فَقالَ الغُلامُ: لا واللَّهِ لا أُوثِرُ بنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا، فَتَلَّهُ في يَدِهِ (رواه البخاري:٢٦٠٥).

 

25- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- قال: ضَمَّنِي إلَيْهِ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، وقالَ: "اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتابَ"(رواه البخاري:٧٢٧٠) وفي رواية: "اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ في الدِّينِ"(رواه البخاري:١٤٣).

 

26- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنَّها كانَتْ تَلْعَبُ بالبَناتِ عِنْدَ رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قالَتْ: وَكانَتْ تَأْتِينِي صَواحِبِي فَكُنَّ يَنْقَمِعْنَ مِن رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قالَتْ: فَكانَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُسَرِّبُهُنَّ إلَيَّ. وَقالَ في حَديثِ جَرِيرٍ: كُنْتُ أَلْعَبُ بالبَناتِ في بَيْتِهِ، وَهُنَّ اللُّعَبُ (رواه مسلم:٢٤٤٠).

 

27- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كانَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَحْسَنَ النّاسِ خُلُقًا، وَكانَ لي أَخٌ يُقالُ له: أَبُو عُمَيْرٍ، قالَ: أَحْسِبُهُ، قالَ: كانَ فَطِيمًا، قالَ: فَكانَ إذا جاءَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَرَآهُ، قالَ: "أَبا عُمَيْرٍ ما فَعَلَ النُّغَيْرُ" قالَ: فَكانَ يَلْعَبُ بهِ (رواه البخاري:٦١٢٩، ومسلم:٢١٥٠) وفي رواية عند أحمد (١٤٠٧١): "وكان لي أخٌ صغيرٌ، وكان له نُغَرٌ يَلعَبُ به، فمات، فدخَلَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ذاتَ يَومٍ فرآه حزينًا، فقال: "ما شأنُ أبي عُمَيرٍ حزينًا؟" فقالوا: مات نُغَرُه الذي كان يَلعَبُ به .. الحديث".

 

28- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُلاعِبُ زينبَ بنتَ أمِّ سلَمَةَ ويَقولُ: "يا زُوَيْنِبُ يا زُوَيْنِبُ" مِرارًا (أخرجه الضياء في الأحاديث المختارة:١٧٣٣، وصححه الألباني في صحيح الجامع:٥٠٢٥).

 

29- عن عبدالله بن الحارث -رضي الله عنه- قال: كانَ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يصفُّ عبدَ اللَّهِ وعبيدَ اللَّهِ وكثيرًا بني العبّاسِ ويقولُ: "من سبقَ إليَّ فلهُ كذا وكذا" فيستبقونَ إليهِ فيقفونَ على ظهرِهِ وصدرِهِ فيلتزمُهم ويقبِّلُهم (رواه أحمد:٣‏-٢٤٨، وضعفه الألباني، وقال الشوكاني في در السحابة(٢٨١): إسناده حسن).

 

30- عن أبي بكرة نفيع بن الحارث -رضي الله عنه- قال: سَمِعْتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، على المِنْبَرِ والحَسَنُ إلى جَنْبِهِ، يَنْظُرُ إلى النّاسِ مَرَّةً وإلَيْهِ مَرَّةً، ويقولُ: "ابْنِي هذا سَيِّدٌ، ولَعَلَّ اللَّهَ أنْ يُصْلِحَ به بيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ"(رواه البخاري:٣٧٤٦).

 

31- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يدلَعُ لسانَه للحُسينِ فيرى الصَّبيُّ حُمرةَ لسانِه فيهَشُ إليه فقال له عُيَينةُ بنُ حِصنِ بنِ بدرٍ: ألا أرى تصنَعُ هذا بهذا واللهِ لَيكونُ لي الابنُ قد خرَج وجهُه وما قبَّلْتُه قطُّ فقال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن لا يَرحَمْ لا يُرحَمْ"(رواه ابن حبان:٥٥٩٦، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن).

 

32- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا ضربَ أحدُكُم فليتَّقِ الوجهَ"(روه أبو داود:٤٤٩٣، وصححه الألباني).

 

33- عن جد عمرو بن شعيب -رضي الله عنه- أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سنينَ واضربوهُم عليها وهمْ أبناءُ عشرٍ وفرِّقوا بينهُم في المضاجعِ"(رواه أبو داود:٤٩٥، وقال الألباني: حسن صحيح).

 

34- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أَخَذَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ تَمْرَةً مِن تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَها في فِيهِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "كِخْ كِخْ، ارْمِ بها، أَما عَلِمْتَ أنّا لا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟" [وفي رواية]: وَقالَ: "أنّا لا تَحِلُّ لَنا الصَّدَقَةُ؟" [وفي رواية]: "أنّا لا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟"(أخرجه البخاري:١٤٩١، ومسلم:١٠٦٩).

 

35- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "علّقوا السوطَ حيثُ يراهُ أهلُ البيتِ فإنه لهم أَدبٌ"(أخرجه الطبراني:١٠-٣٤٤ (١٠٦٧١)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة:١٤٤٧).

 

36- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: ما ضَرَبَ رَسولُ اللهِ -صَلّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- شيئًا قَطُّ بيَدِهِ، وَلا امْرَأَةً، وَلا خادِمًا، إلّا أَنْ يُجاهِدَ في سَبيلِ اللهِ، وَما نِيلَ منه شيءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِن صاحِبِهِ، إلّا أَنْ يُنْتَهَكَ شيءٌ مِن مَحارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ"(أخرجه مسلم:٢٣٢٨).

 

37- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: بِتُّ في بَيْتِ خالَتي مَيْمُونَةَ فَصَلّى رَسولُ اللَّهِ -صَلّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- العِشاءَ، ثُمَّ جاءَ، فَصَلّى أرْبَعَ رَكَعاتٍ، ثُمَّ نامَ، ثُمَّ قامَ، فَجِئْتُ، فَقُمْتُ عن يَسارِهِ فَجَعَلَنِي عن يَمِينِهِ، فَصَلّى خَمْسَ رَكَعاتٍ، ثُمَّ صَلّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نامَ حتّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ - أوْ قالَ: خَطِيطَهُ - ثُمَّ خَرَجَ إلى الصَّلاةِ (رواه البخاري:٦٩٧، ومسلم:٧٦٣).

 

38- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: كانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مع أشْياخِ بَدْرٍ، فَكَأنَّ بَعْضَهُمْ وجَدَ في نَفْسِهِ، فَقالَ: لِمَ تُدْخِلُ هذا معنا ولَنا أبْناءٌ مِثْلُهُ؟! فَقالَ عُمَرُ: إنَّه مَن قدْ عَلِمْتُمْ، فَدَعاهُ ذاتَ يَومٍ فأدْخَلَهُ معهُمْ، فَما رُئِيتُ أنَّه دَعانِي يَومَئذٍ إلّا لِيُرِيَهُمْ، قالَ: ما تَقُولونَ في قَوْلِ اللَّهِ تَعالى: (إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ والْفَتْحُ)؟ فَقالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنا أنْ نَحْمَدَ اللَّهَ ونَسْتَغْفِرَهُ إذا نُصِرْنا وفُتِحَ عَلَيْنا، وسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شيئًا، فَقالَ لِي: أكَذاكَ تَقُولُ يا ابْنَ عَبّاسٍ؟ فَقُلتُ: لا، قالَ: فَما تَقُولُ؟ قُلتُ: هو أجَلُ رَسولِ اللَّهِ -صَلّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- أعْلَمَهُ له، قالَ: (إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ والْفَتْحُ)، وذلكَ عَلامَةُ أجَلِكَ، (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ واسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوّابًا)، فَقالَ عُمَرُ: ما أعْلَمُ منها إلّا ما تَقُولُ. (رواه البخاري:٤٩٧٠).

 

39- عن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه قال: كانَ رسولُ اللَّهِ -صَلّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يخطبُنا إذ جاءَ الحسنُ والحُسَيْنُ عليهما قميصانِ أحمرانِ يمشيانِ ويعثُرانِ، فنزلَ رسولُ اللَّهِ -صَلّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- منَ المنبرِ فحملَهُما ووضعَهُما بينَ يديهِ، ثمَّ قالَ: "صدقَ اللَّهُ إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ نظرتُ إلى هذينِ الصَّبيَّينِ يمشيانِ ويعثُرانِ فلم أصبِر حتّى قطعتُ حديثي ورفعتُهُما"(أخرجه الترمذي:٣٧٧٤، وصححه الألباني).

 

40- عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "كفى بالمرءِ إثمًا أن يُضيِّعَ مَن يقوتُ"(رواه أحمد:١١-٧٢، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح أحمد شاكر).

 

41- عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قَدِمَ على رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بسَبْيٍ فَإِذا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ، تَبْتَغِي، إذا وَجَدَتْ صَبِيًّا في السَّبْيِ، أَخَذَتْهُ فألْصَقَتْهُ ببَطْنِها وَأَرْضَعَتْهُ، فَقالَ لَنا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَتَرَوْنَ هذِه المَرْأَةَ طارِحَةً وَلَدَها في النّارِ؟" قُلْنا: لا، واللَّهِ وَهي تَقْدِرُ على أَنْ لا تَطْرَحَهُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَلَّهُ أَرْحَمُ بعِبادِهِ مِن هذِه بوَلَدِها"(رواه مسلم:٢٧٥٤).

 

42- عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنكم تُدعَونَ يومَ القيامةِ بأسمائِكم وأسماءِ آبائِكم فأَحسِنُوا أسماءَكم"(رواه أبو داود:٤٩٤٨، وقال ابن حجر: رجاله ثقات إلا أن في إسناده انقطاعا).

 

43- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ أحَبَّ أسْمائِكُمْ إلى اللهِ عبدُ اللهِ وعَبْدُ الرَّحْمَنِ"(رواه مسلم:٢١٣٢).

 

44- عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: صَلَّيْتُ مع رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- صَلاةَ الأُولى، ثُمَّ خَرَجَ إلى أَهْلِهِ وَخَرَجْتُ معهُ، فاسْتَقْبَلَهُ وِلْدانٌ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّيْ أَحَدِهِمْ واحِدًا واحِدًا، قالَ: وَأَمّا أَنا فَمَسَحَ خَدِّي، قالَ: فَوَجَدْتُ لِيَدِهِ بَرْدًا، أَوْ رِيحًا كَأنَّما أَخْرَجَها مِن جُؤْنَةِ عَطّارٍ (رواه مسلم:٢٣٢٩).

 

45- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: ذَهَبْتُ بعْبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ الأنْصارِيِّ إلى رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ وُلِدَ، وَرَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في عَباءَةٍ يَهْنَأُ بَعِيرًا له، فَقالَ: هلْ معكَ تَمْرٌ؟ فَقُلتُ: نَعَمْ، فَناوَلْتُهُ تَمَراتٍ، فألْقاهُنَّ في فيه فلاكَهُنَّ، ثُمَّ فَغَرَ فا الصَّبِيِّ فَمَجَّهُ في فِيهِ، فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "حُبُّ الأنْصارِ التَّمْرَ"، وَسَمّاهُ عَبْدَ اللَّهِ (أخرجه البخاري:٥٤٧٠، ومسلم ٢١٤٤، واللفظ له).

 

46- عن أم خالد أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص -رضي الله عنها- قالت: أُتِيَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بثِيابٍ فيها خَمِيصَةٌ سَوْداءُ صَغِيرَةٌ، فقالَ: "مَن تَرَوْنَ أنْ نَكْسُوَ هذِه"؟ فَسَكَتَ القَوْمُ، قالَ: "ائْتُونِي بأُمِّ خالِدٍ" فَأُتِيَ بها تُحْمَلُ، فأخَذَ الخَمِيصَةَ بيَدِهِ فألْبَسَها، وقالَ: "أبْلِي وأَخْلِقِي" وكانَ فيها عَلَمٌ أخْضَرُ أوْ أصْفَرُ، فقالَ: "يا أُمَّ خالِدٍ، هذا سَناهْ وسَناهْ" بالحَبَشِيَّةِ حَسَنٌ (رواه البخاري:٥٨٢٣).

 

47- عن أم خالد أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص -رضي الله عنها- قالت: أَتَيْتُ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مع أبِي وعَلَيَّ قَمِيصٌ أصْفَرُ، قالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: سَنَهْ سَنَهْ - قالَ عبدُ اللَّهِ: وهي بالحَبَشِيَّةِ حَسَنَةٌ -، قالَتْ: فَذَهَبْتُ ألْعَبُ بخاتَمِ النُّبُوَّةِ، فَزَبَرَنِي أبِي، قالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: دَعْها، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أبْلِي وأَخْلِفِي ثُمَّ، أبْلِي وأَخْلِفِي، ثُمَّ أبْلِي وأَخْلِفِي". قالَ عبدُ اللَّهِ: فَبَقِيَتْ حتّى ذَكَرَ (رواه البخاري:٣٠٧١).

 

48- عن أبي قتادة الحارث بن ربعي -رضي الله عنه- أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-  كانَ يُصَلِّي وهو حامِلٌ أُمامَةَ بنْتَ زَيْنَبَ بنْتِ رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، ولِأَبِي العاصِ بنِ رَبِيعَةَ بنِ عبدِ شَمْسٍ، فَإِذا سَجَدَ وضَعَها، وإذا قامَ حَمَلَها (رواه البخاري: ٥١٦، مسلم:٥٤٣).

 

49- عن شداد بن الهاد الليثي-رضي الله عنه- أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-  خرَجَ علينا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-  في إحدى صلاتَيِ العَشِيِّ، وهو حاملٌ حسَنًا أو حُسَينًا، فتقدَّمَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ، فوضَعَه، ثمَّ كبَّرَ للصلاةِ، فصلّى، فسجَدَ بينَ ظَهْرانَيْ صلاتِه سَجْدةً أطالَها. قال أبي: فرفَعتُ رَأْسي، وإذا الصبيُّ على ظَهرِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-  وهو ساجدٌ، فرجَعتُ إلى سُجودي، فلمّا قضى رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ، قال الناسُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّكَ سجَدتَ بينَ ظَهْرانَيْ صلاتِكَ سَجْدةً أطَلتَها، حتى ظنَنّا أنَّه قد حدَثَ أمرٌ، أو أنَّه يُوحى إليكَ؟! قال: "كلُّ ذلكَ لم يكُنْ؛ ولكنَّ ابني ارتَحَلني، فكرِهتُ أنْ أُعجِّلَه حتى يَقْضيَ حاجتَه"(أخرجه النسائي:١١٤١، وصححه الألباني).

 

50- عَنْ مَحْمُودِ بنِ الرَّبِيعِ -رضي الله عنه- قالَ: عَقَلْتُ مِنَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- مَجَّةً مَجَّها في وجْهِي وأنا ابنُ خَمْسِ سِنِينَ مِن دَلْوٍ (رواه البخاري:٧٧).

 

51- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قالَ: انتهى إلينا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وأنا غلامٌ في الغِلمانِ، فسلَّم علينا، ثم أخذ بيدي فأرسلني برسالةٍ، وقعد في ظلِّ جدارٍ، أو قال: إلى جدارٍ، حتى رجعتُ إليه (أخرجه أبو داود:٥٢٠٣، وصححه الألباني).

 

52- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قالَ: أَسَرَّ إلَيَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- سِرًّا، فَما أخْبَرْتُ به أحَدًا بَعْدَهُ، ولقَدْ سَأَلَتْنِي أُمُّ سُلَيْمٍ فَما أخْبَرْتُها بهِ (أخرجه البخاري:٦٢٨٩ ومسلم:٢٤٨٢).

 

53- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- قالَ:  كانَ الرَّجُلُ في حَياةِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، إذا رَأى رُؤْيا قَصَّها على رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَتَمَنَّيْتُ أنْ أرى رُؤْيا، فأقُصَّها على رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وكُنْتُ غُلامًا شابًّا، وكُنْتُ أنامُ في المَسْجِدِ على عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَرَأَيْتُ في النَّوْمِ كَأنَّ مَلَكَيْنِ أخَذانِي، فَذَهَبا بي إلى النّارِ، فَإِذا هي مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ البِئْرِ وإذا لَها قَرْنانِ وإذا فِيها أُناسٌ قدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أقُولُ: أعُوذُ باللَّهِ مِنَ النّارِ، قالَ: فَلَقِيَنا مَلَكٌ آخَرُ فَقالَ لِي: لَمْ تُرَعْ، فَقَصَصْتُها على حَفْصَةَ فَقَصَّتْها حَفْصَةُ على رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقالَ: "نِعْمَ الرَّجُلُ عبدُ اللَّهِ، لو كانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ" فَكانَ بَعْدُ لا يَنامُ مِنَ اللَّيْلِ إلّا قَلِيلًا (رواه البخاري:١١٢١، ومسلم:٢٤٧٩).

 

54- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قالَ: ما رَأَيْتُ أَحَدًا كانَ أَرْحَمَ بالعِيالِ مِن رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قالَ: كانَ إبْراهِيمُ مُسْتَرْضِعًا له في عَوالِي المَدِينَةِ، فَكانَ يَنْطَلِقُ وَنَحْنُ معهُ، فَيَدْخُلُ البَيْتَ وإنَّه لَيُدَّخَنُ، وَكانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا، فَيَأْخُذُهُ فيُقَبِّلُهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ. قالَ عَمْرٌو: فَلَمّا تُوُفِّيَ إبْراهِيمُ قالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: إنَّ إبْراهِيمَ ابْنِي، وإنَّه ماتَ في الثَّدْيِ، وإنَّ له لَظِئْرَيْنِ تُكَمِّلانِ رَضاعَهُ في الجَنَّةِ (أخرجه مسلم:٢٣١٦).

 

55- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا بنىَّ إذا دخلْتَ على أهلِك فسلَّمْ، فتكون بركةً عليك وعلى أهلِ بيتِك"(أخرجه الترمذي:٥٨٩، وقال الألباني في صحيح التغريب: حسن لغيره).

 

56- عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الغلامُ مرتَهَنٌ بعقيقتِهِ يذبَحُ عنهُ يومَ السّابعِ، ويُسمّى، ويحلقُ رأسُهُ"(أخرجه الترمذي:١٥٢٢، وصححه الألباني).

 

57- عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "كُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ"(رواه البيهقي في الشعب، والحاكم، وصححه الألباني).

 

58- قال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَائِلًا: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-... كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضِعًا لَهُ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَنْطَلِقُ وَنَحْنُ مَعَهُ فَيَدْخُلُ الْبَيْتَ وَإِنَّهُ لَيُدَّخَنُ، وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا، فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّلُهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ"(رواه مسلم:٢٣١٦).

 

59- عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِنَا وَأَنَا صَبِيٌّ، قَالَ: فَذَهَبْتُ أَخْرُجُ لِأَلْعَبَ، فَقَالَتْ أُمِّي: يَا عَبْدَ اللهِ تَعَالَ أُعْطِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيَهُ؟" قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تَفْعَلِي كُتِبَتْ عَلَيْكِ كَذْبَةٌ"(رواه أحمد:١٥٧٤٠، وحسنه الألباني).

 

60- عن أبي ذر الغفاري أنه قال: سابَبْتُ رَجُلًا، فَشَكانِي إلى النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقالَ لي النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أعَيَّرْتَهُ بأُمِّهِ، ثُمَّ قالَ: "إنَّ إخْوانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ، فمَن كانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ ممّا يَأْكُلُ، ولْيُلْبِسْهُ ممّا يَلْبَسُ، ولا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ فأعِينُوهُمْ"(رواه البخاري:٢٥٤٥).

 

61- عن صهيب بن سنان الرومي -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كانَ مَلِكٌ فِيمَن كانَ قَبْلَكُمْ، وَكانَ له سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ، قالَ لِلْمَلِكِ: إنِّي قدْ كَبِرْتُ، فَابْعَثْ إلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ، فَبَعَثَ إلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ، فَكانَ في طَرِيقِهِ، إذَا سَلَكَ رَاهِبٌ فَقَعَدَ إلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ، فأعْجَبَهُ فَكانَ إذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إلَيْهِ، فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذلكَ إلى الرَّاهِبِ، فَقالَ: إذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وإذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إذْ أَتَى علَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قدْ حَبَسَتِ النَّاسَ، فَقالَ: اليومَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ؟ فأخَذَ حَجَرًا، فَقالَ: اللَّهُمَّ إنْ كانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إلَيْكَ مِن أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هذِه الدَّابَّةَ، حتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا، وَمَضَى النَّاسُ، فأتَى الرَّاهِبَ فأخْبَرَهُ، فَقالَ له الرَّاهِبُ: أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ اليومَ أَفْضَلُ مِنِّي، قدْ بَلَغَ مِن أَمْرِكَ ما أَرَى، وإنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإِنِ ابْتُلِيتَ فلا تَدُلَّ عَلَيَّ، وَكانَ الغُلَامُ يُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ، وَيُدَاوِي النَّاسَ مِن سَائِرِ الأدْوَاءِ، فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كانَ قدْ عَمِيَ، فأتَاهُ بهَدَايَا كَثِيرَةٍ، فَقالَ: ما هَاهُنَا لكَ أَجْمَعُ، إنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي، فَقالَ: إنِّي لا أَشْفِي أَحَدًا إنَّما يَشْفِي اللَّهُ، فإنْ أَنْتَ آمَنْتَ باللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ، فَآمَنَ باللَّهِ فَشَفَاهُ اللَّهُ، فأتَى المَلِكَ فَجَلَسَ إلَيْهِ كما كانَ يَجْلِسُ، فَقالَ له المَلِكُ: مَن رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ قالَ: رَبِّي، قالَ: وَلَكَ رَبٌّ غيرِي؟ قالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ، فأخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حتَّى دَلَّ علَى الغُلَامِ، فَجِيءَ بالغُلَامِ، فَقالَ له المَلِكُ: أَيْ بُنَيَّ قدْ بَلَغَ مِن سِحْرِكَ ما تُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ، فَقالَ: إنِّي لا أَشْفِي أَحَدًا، إنَّما يَشْفِي اللَّهُ، فأخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حتَّى دَلَّ علَى الرَّاهِبِ، فَجِيءَ بالرَّاهِبِ، فقِيلَ له: ارْجِعْ عن دِينِكَ، فأبَى، فَدَعَا بالمِئْشَارِ، فَوَضَعَ المِئْشَارَ في مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ حتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بجَلِيسِ المَلِكِ فقِيلَ له: ارْجِعْ عن دِينِكَ، فأبَى فَوَضَعَ المِئْشَارَ في مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ به حتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بالغُلَامِ فقِيلَ له ارْجِعْ عن دِينِكَ، فأبَى فَدَفَعَهُ إلى نَفَرٍ مِن أَصْحَابِهِ، فَقالَ: اذْهَبُوا به إلى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعَدُوا به الجَبَلَ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ، فإنْ رَجَعَ عن دِينِهِ، وإلَّا فَاطْرَحُوهُ، فَذَهَبُوا به فَصَعِدُوا به الجَبَلَ، فَقالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بما شِئْتَ، فَرَجَفَ بهِمِ الجَبَلُ فَسَقَطُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إلى المَلِكِ، فَقالَ له المَلِكُ: ما فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ، فَدَفَعَهُ إلى نَفَرٍ مِن أَصْحَابِهِ، فَقالَ: اذْهَبُوا به فَاحْمِلُوهُ في قُرْقُورٍ، فَتَوَسَّطُوا به البَحْرَ، فإنْ رَجَعَ عن دِينِهِ وإلَّا فَاقْذِفُوهُ، فَذَهَبُوا به، فَقالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بما شِئْتَ، فَانْكَفَأَتْ بهِمِ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إلى المَلِكِ، فَقالَ له المَلِكُ: ما فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ، فَقالَ لِلْمَلِكِ: إنَّكَ لَسْتَ بقَاتِلِي حتَّى تَفْعَلَ ما آمُرُكَ به، قالَ: وَما هُوَ؟ قالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي علَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِن كِنَانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ في كَبِدِ القَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: باسْمِ اللهِ رَبِّ الغُلَامِ، ثُمَّ ارْمِنِي، فإنَّكَ إذَا فَعَلْتَ ذلكَ قَتَلْتَنِي، فَجَمع النَّاسَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصَلَبَهُ علَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِن كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ في كَبْدِ القَوْسِ، ثُمَّ قالَ: باسْمِ اللهِ، رَبِّ الغُلَامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ في صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ في صُدْغِهِ في مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ، فَقالَ النَّاسُ: آمَنَّا برَبِّ الغُلَامِ، آمَنَّا برَبِّ الغُلَامِ، آمَنَّا برَبِّ الغُلَامِ، فَأُتِيَ المَلِكُ فقِيلَ له: أَرَأَيْتَ ما كُنْتَ تَحْذَرُ؟ قدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بكَ حَذَرُكَ، قدْ آمَنَ النَّاسُ، فأمَرَ بالأُخْدُودِ في أَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقالَ: مَن لَمْ يَرْجِعْ عن دِينِهِ فأحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قيلَ له: اقْتَحِمْ، فَفَعَلُوا حتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمعهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقالَ لَهَا الغُلَامُ: يا أُمَّهْ، اصْبِرِي فإنَّكِ علَى الحَقِّ"(رواه مسلم: ٣٠٠٥).

 

62- عن جندب بن عبدالله رضي الله عنه قال: كنّا معَ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ونحنُ فتيانٌ حزاورةٌ فتعلَّمنا الإيمانَ قبلَ أن نتعلَّمَ القرآنَ ثمَّ تعلَّمنا القرآنَ فازددنا بِه إيمانًا"(رواه ابن ماجه:٥٢، وصححه الألباني).

 

63- عن العرباض بن سارية -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنِّي عِندَ اللهِ في أُمِّ الكِتابِ لخاتَمُ النَّبيِّينَ وإنَّ آدمَ لَمُنْجَدِلٌ في طِينتِه، وسأُنَبِّئُكم بتأْويلِ ذلك: دَعْوةُ أبي إبراهيمَ، وبِشارةُ عيسى قَومَه، ورُؤيا أُمِّي التي رأتْ أنَّه خرَجَ منها نورٌ أضاءتْ له قُصورُ الشامِ، وكذلك تَرى أُمَّهاتُ النَّبيِّينَ صلَواتُ اللهِ عليهم"(أخرجه أحمد:١٧١٦٣، وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره دون قوله: "وكذلك ترى أمهات النَّبيّين صلوات الله عليهم").

 

64- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "وُلِدَ لي اللَّيْلَةَ غُلامٌ، فَسَمَّيْتُهُ باسْمِ أَبِي إِبْراهِيمَ"، ثُمَّ دَفَعَهُ إلى أُمِّ سَيْفٍ، امْرَأَةِ قَيْنٍ يُقالُ له أَبُو سَيْفٍ، فانْطَلَقَ يَأْتِيهِ واتَّبَعْتُهُ، فانْتَهَيْنا إلى أَبِي سَيْفٍ وَهو يَنْفُخُ بكِيرِهِ، قَدِ امْتَلأَ البَيْتُ دُخانًا، فأسْرَعْتُ المَشْيَ بيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقُلتُ: يا أَبا سَيْفٍ أَمْسِكْ، جاءَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فأمْسَكَ فَدَعا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بالصَّبِيِّ، فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، وَقالَ ما شاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ. فَقالَ أَنَسٌ: لقَدْ رَأَيْتُهُ وَهو يَكِيدُ بنَفْسِهِ بيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَدَمعتْ عَيْنا رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقالَ: "تَدْمَعُ العَيْنُ وَيَحْزَنُ القَلْبُ، وَلا نَقُولُ إِلّا ما يَرْضى رَبَّنا، واللَّهِ يا إِبْراهِيمُ إنّا بكَ لَمَحْزُونُونَ"(أخرجه البخاري:١٣٠٣ بنحوه، ومسلم:٢٣١٥).

 

65- عن أبي الحوراء قال: قلتُ لِلحَسَنِ بنِ علِيٍّ: ما تَذكُرُ مِن رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: أذكُرُ أنِّي أخَذتُ تَمْرةً مِن تَمْرِ الصَّدَقةِ، فألقَيتُها في فمي، فانتَزَعَها رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِلُعابِها، فألقاها في التَّمْرِ، فقال له رَجُلٌ: ما عليكَ لو أكَلَ هذه التَّمْرةَ؟ قال: "إنّا لا نَأكُلُ الصَّدَقةَ". قال: وكان يَقولُ: "دَعْ ما يُريبُكَ إلى ما لا يُريبُكَ؛ فإنَّ الصِّدقَ طُمَأنينةٌ، وإنَّ الكَذِبَ ريبةٌ". قال: وكان يُعَلِّمُنا هذا الدُّعاءَ: "اللَّهمَّ اهدِني فيمَن هدَيتَ، وعافِني فيمَن عافَيتَ، وتوَلَّني فيمَن توَلَّيتَ، وبارِكْ لي فيما أعطَيتَ، وقِني شَرَّ ما قضَيتَ، إنَّهُ لا يَذِلُّ مَن والَيتَ" ورُبَّما قال: "تبارَكتَ رَبَّنا وتَعالَيتَ"(راوه أحمد في مسنده:١٧٢٣، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح).

 

66- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: كانَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُعَوِّذُ الحَسَنَ والحُسَيْنَ، ويقولُ: إنَّ أَباكُما كانَ يُعَوِّذُ بها إسْماعِيلَ وإسْحاقَ: أَعُوذُ بكَلِماتِ اللَّهِ التّامَّةِ، مِن كُلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ، ومِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ"(أخرجه البخاري:٣٣٧١).

 

67- عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذا اسْتَجْنَحَ اللَّيْلُ"، أوْ قالَ: "جُنْحُ اللَّيْلِ، فَكُفُّوا صِبْيانَكُمْ، فإنَّ الشَّياطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذا ذَهَبَ ساعَةٌ مِنَ العِشاءِ فَخَلُّوهُمْ، وأَغْلِقْ بابَكَ واذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وأَطْفِئْ مِصْباحَكَ واذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وأَوْكِ سِقاءَكَ واذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وخَمِّرْ إناءَكَ واذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، ولو تَعْرُضُ عليه شيئًا"(أخرجه البخاري:٣٢٨٠، ومسلم:٢٠١٢).

 

68- الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله عنه قال: أَرْسَلَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- غَداةَ عاشُوراءَ إلى قُرى الأنْصارِ: "مَن أصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَومِهِ ومَن أصْبَحَ صائِمًا، فَليَصُمْ"، قالَتْ: فَكُنّا نَصُومُهُ بَعْدُ، ونُصَوِّمُ صِبْيانَنا، ونَجْعَلُ لهمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذا بَكى أحَدُهُمْ على الطَّعامِ أعْطَيْناهُ ذاكَ حتّى يَكونَ عِنْدَ الإفْطارِ (أخرجه البخاري:١٩٦٠، ومسلم:١١٣٦).

 

69- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: دخَل عليَّ -صلى الله عليه وسلم- وأنا ألعَبُ باللُّعَبِ فرفَع السِّترَ وقال: "ما هذا يا عائشةُ"؟ فقُلْتُ: لُعَبٌ يا رسولَ اللهِ قال: "ما هذا الَّذي أرى بينَهنَّ"؟ قُلْتُ: فرَسٌ يا رسولَ اللهِ قال: "فرَسٌ مِن رِقاعٍ له جَناحٌ"؟! قالت: فقُلْتُ: ألم يكُنْ لِسُليمانَ بنِ داودَ خَيْلٌ لها أجنحةٌ؟ فضحِك رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- (أخرجه ابن حبان في صحيحه:٥٨٦٤،  وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده على شرط مسلم).

 

70- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنَّهُ مَرَّ على صِبْيانٍ فَسَلَّمَ عليهم وقالَ: كانَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَفْعَلُهُ (رواه البخاري:٦٢٤٧، ومسلم: 2168).

 

71- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه قال: كان -صلى الله عليه وسلم- يزور الأنصار، ويسلم على صبيانهم، ويمسح رؤوسهم (رواه ابن حبان في صحيحه:2-205، والبغوي في شرح السنة (12-264) وقال البغوي: حسن صحيح، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (5-149): إسناده صحيح على شرط مسلم).

 

72- عن ابن عباس -رضي الله عنهما-  أنَّ امْرَأَةً رَفَعَتْ صَبِيًّا، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، أَلِهذا حَجٌّ؟ قالَ: "نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ"(رواه مسلم:١٣٣٦).

 

73- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كُنْتُ عِنْدَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وهو يَأْكُلُ جُمّارًا، فَقالَ: "مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ كالرَّجُلِ المُؤْمِنِ، فأرَدْتُ أنْ أقُولَ هي النَّخْلَةُ"، فَإِذا أنا أحْدَثُهُمْ، قالَ: "هي النَّخْلَةُ"(رواه البخاري:٢٢٠٩، ومسلم:5028).

 

 

 

الاثار

1- قال عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- : "حَافِظُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ فِي الصَّلَاةِ، وَعَلِّمُوهُمُ الْخَيْرَ؛ فَإِنَّمَا الْخَيْرُ عَادَةٌ"(معرفة السنن والآثار للبيهقي).

 

2- عن عوف بن مالك بن نضلة أبي الأحوص قال: كان عبدُ اللهِ يقولُ: "إن الكذّابَ لا يَصلحُ منه جَدٌّ ولا هَزْلٌ. قال عفانُ مرةً: جَدٌّ وَلا يَعِدُ الرَّجُلُ صَبِيًّا ثم لا يُنجزُ له"(رواه أحمد في مسنده:٥‏-٣٤٣، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح).

 

3- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: "حَافِظُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ فِي الصَّلَاةِ، وَعَلِّمُوهُمُ الْخَيْرَ فَإِنَّمَا الْخَيْرُ عَادَةٌ"(أخرجه البيهقي في السنن:3-84).

 

4- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كل القمار من الميسر حتى لعب الصبيان بالجوز والكعاب"(الدر المنثور في التأويل بالمأثور:5-473).

 

القصص

1- قَوْلُهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي غِلْمَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ نَنْقُلُ الْحِجَارَةَ لِبَعْضِ مَا يَلْعَبُ الْغِلْمَانُ، كُلُّنَا قَدْ تَعَرَّى وَأَخَذَ إِزَارَهُ وَجَعَلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ يَحْمِلُ عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ، فَإِنِّي لَأُقْبِلُ مَعَهُمْ كَذَلِكَ وَأُدْبِرُ إِذْ لَكَمَنِي لَاكِمٌ مَا أَرَاهُ لَكْمَةً وَجِيعَةً، ثُمَّ قَالَ: شُدَّ عَلَيْهِ إِزَارَكَ، قَالَ: فَأَخَذْتُهُ فَشَدَدْتُهُ عَلَيَّ، ثُمَّ جَعَلْتُ أَحْمِلُ الْحِجَارَةَ عَلَى رَقَبَتِي وَإِزَارِي عَلَيَّ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِي"( البداية والنهاية:2-287).

 

2- قِصَّةِ بَحِيرَا الرَّاهِبِ جَاءَ: "وَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً -قِيلَ: وَشَهْرَيْنِ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ- ارْتَحَلَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ تَاجِرًا إِلَى الشَّامِ، حَتَّى وَصَلَ إِلَى بُصْرَى... وَكَانَ فِي هَذَا الْبَلَدِ رَاهِبٌ عُرِفَ بِبَحِيرَا، وَاسْمُهُ -فِيمَا يُقَالُ-: جِرْجِيس، فَلَمَّا نَزَلَ الرَّكْبُ خَرَجَ إِلَيْهِمْ، وَكَانَ لَا يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَجَعَلَ يَتَخَلَّلُهُمْ حَتَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: هَذَا سَيِّدُ الْعَالَمِينَ، هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هَذَا يَبْعَثُهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالِبٍ وَأَشْيَاخُ قُرَيْشٍ: وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ؟ فَقَالَ: إِنَّكُمْ حِينَ أَشْرَفْتُمْ مِنَ الْعَقَبَةِ لَمْ يَبْقَ حَجَرٌ وَلَا شَجَرٌ إِلَّا خَرَّ سَاجِدًا، وَلَا يَسْجُدَانِ إِلَّا لِنَبِيٍّ، وإَنِيِّ أَعْرِفُهُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ أَسْفَلَ مِنْ غَضْرُوفِ كَتِفِهِ مِثْلَ التُّفَّاحَةِ، وَإِنَّا نَجِدُهُ فِي كُتُبِنَا، ثُمَّ أَكْرَمَهُمْ بِالضِّيَافَةِ، وَسَأَلَ أَبَا طَالِبٍ أَنْ يَرُدَّهُ، وَلَا يَقْدَمُ بِهِ إِلَى الشَّامِ؛ خَوْفًا عَلَيْهِ مِنَ الرُّومِ وَالْيَهُودِ، فَبَعَثَهُ عَمُّهُ مَعَ بَعْضِ غِلْمَانِهِ إِلَى مَكَّةَ"(الرحيق المختوم ص: 42).

 

3- أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- حَيْثُ رُوِيَ أَنَّهُ مَرَّ بِأَطْفَالٍ يَلْعَبُونَ فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ- وَفِيهِمْ عَبْدُاللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ- فَلَمَّا رَأَى الْأَطْفَالُ عُمَرَ فَرُّوا، إِلَّا عَبْدَاللهِ، فَسَأَلَهُ عُمَرُ: "لِمَ لَمْ تَهْرُبْ مَعَ الصِّبْيَانِ؟" فَقَالَ -بِلَا تَرَدُّدٍ أَوْ تَلَكُّؤٍ-: "لَسْتُ جَبَانًا فَأَفِرُّ مِنْكَ، وَلَيْسَ فِي الطِّرِيقِ ضِيقٌ فَأُوَسِّعُ لَكَ!"().

 

4- قَالَ بَعْضُهُمْ: "فَتَحَ الشَّافِعِيُّ عَيْنَيْهِ عَلَى الْحَيَاةِ، فَلَمْ يَجِدْ وَالِدَهُ بِجَانِبِهِ؛ حَيْثُ مَاتَ بَعْدَ وِلَادَتِهِ بِزَمَنٍ قَصِيرٍ؛ فَنَشَأَ يَتِيمًا، لَكِنَّ أُمَّهُ الطَّاهِرَةَ عَوَّضَتْهُ بِحَنَانِهَا عَنْ فُقْدَانِ أَبِيهِ، وَانْتَقَلَتْ بِهِ أُمُّهُ إِلَى مَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ سَنَتَيْنِ، فَفِيهَا أَهْلُهُ وَعَشِيرَتُهُ وَعُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ، وَظَلَّتْ تُرَبِّيهِ تَرْبِيَةً صَالِحَةً، وَتَرْعَاهُ، وَتَأْمُلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الصَّالِحِينَ؛ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ"(مشاهير أعلام المسلمين: 25).

 

5- مِمَّا يُحْكَى عَنْ النووي -رَحِمَهُ اللهُ-: "أَنَّهُ كَانَ نَائِمًا إِلَى جَنْبِ وَالِدِهِ وَقَدْ بَلَغَ مِنَ الْعُمْرِ سَبْعَ سِنِينَ لَيْلَةَ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَانْتَبَهَ نَحْوَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَقَالَ: يَا أَبَتِ، مَا هَذَا الضَّوْءُ الَّذِي مَلَأَ الدَّارَ؟! فَاسْتَيْقَظَ الْأَهْلُ جَمِيعًا، قَالَ: فَلَمْ نَرَ كُلُّنَا شَيْئًا، قَالَ وَالِدُهُ: فَعَرَفْتُ أَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ"(طبقات الشافعية الكبرى:8-396).

 

6- قَالَ شَيْخُ النووي "الشَّيْخُ يَاسينُ بْنُ يُوسُفَ الزَّرْكَشِيُّ: رَأَيْتُ الشَّيْخَ مُحْيِي الدِّينِ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ بِنَوى وَالصِّبْيَانُ يُكْرِهُونَهُ عَلَى اللَّعِبِ مَعَهُمْ وَهُوَ يَهْرُبُ مِنْهُمْ وَيَبْكِي؛ لإِكْرَاهِهِمْ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي تِلْكَ الْحَالِ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِي حُبُّهُ، وَجَعَلَهُ أَبُوهُ فِي دُكَّانٍ؛ فَجَعَلَ لَا يَشْتَغِلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَنِ الْقُرْآنِ، قَالَ: فَأَتَيْتُ الَّذِي يُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ فَوَصَّيْتُهُ بِهِ، وَقُلْتُ لَهُ: هَذَا الصَّبِيُّ يُرْجَى أَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَأَزْهَدَهُمْ وَيَنْتَفِعُ النَّاسُ بِهِ، فَقَالَ لِي: أَمُنَجِّمٌ أَنْتَ؟! فَقُلْتُ: لَا، وَإِنَّمَا أَنْطَقَنِي اللهُ بِذَلِكَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِوَالِدِهِ؛ فَحَرَصَ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ وَقَدْ نَاهَزَ الِاحْتِلَامَ"(طبقات الشافعية الكبرى:8-396).

 

7- "أَنَّ قُرَيْشًا أَصَابَتْهُمْ أَزْمَةٌ شَدِيدَةٌ، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ ذَا عِيَالٍ كَثِيرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْعَبَّاسِ عَمِّهِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَيْسَرِ بَنِي هَاشِمٍ: "يَا عَبَّاسُ، إِنَّ أَخَاكَ أَبَا طَالِبٍ كَثِيرَ الْعِيَالِ، فَانْطَلِقْ بِنَا لِنُخَفِّفَ عَنْهُ مِنْ عِيَالِهِ"، فَقَالَ: نَعَمْ، فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا أَبَا طَالِبٍ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّا نُرِيدُ أَنْ نُخَفِّفَ عَنْكَ مِنْ عِيَالِكَ حَتَّى يَكْشِفَ اللهُ عَنِ النَّاسِ مَا هُمْ فِيهِ، فَقَالَ لَهُمَا أَبُو طَالبٍ: إِذَا تَرَكْتُمَا لِي عَقِيلاً فَاصْنَعَا مَا شِئْتُمَا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، وَأَخَذَ الْعَبَّاسُ جَعْفَرًا فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى ابْتَعَثَهُ اللهُ نَبِيًّا، وَحَتَى زَوَّجَهُ مِنِ ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا"(الاستيعاب في معرفة الأصحاب:1-13).

 

8- ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ صَاحِبُ "السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ" أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمَيْنِ فَوَجَدَهُمَا يُصَلِّيَانِ -يَعْنِي رَسُولَ اللهِ وَخَدِيجَةَ- فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا هَذَا يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "دِينُ اللهِ الَّذِي اصْطَفَى لِنَفْسِهِ، وَبُعِثَ بِهِ رُسُلُهُ، فَأَدْعُوكَ إِلَى اللهِ وَحْدَهُ وَإِلَى عِبَادَتِهِ، وَكُفْرٍ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى"، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: هَذَا أَمْرٌ لَمْ أَسْمَعْ بِهِ قَبْلَ الْيَوْمِ، فَلَسْتُ بِقَاضٍ أَمْرًا حَتَّى أُحَدِّثَ أَبَا طَالِبٍ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُفْشِيَ عَلَيْهِ سِرَّهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَعْلِنَ أَمْرُهُ، فَقَالَ لَهُ: "يَا عَلِيُّ، إِذَا لَمْ تُسْلِمْ فَاكْتُمْ"، فَمَكَثَ عَلِيٌّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ أَوْقَعَ فِي قَلْبِ عَلِيٍّ الإِسْلَامَ فَأَصْبَحَ غَادِيًا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى جَاءَهُ فَقَالَ: مَا عَرَضْتَ عَلَيَّ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ-: "تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَتَكْفُرُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، وَتَبْرَأُ مِنَ الْأَنْدَادِ"، فَفَعَلَ عَلِيٌّ وَأَسْلَمَ، وَمَكَثَ عَلِيٌّ يَأْتِيهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ أَبِي طَالِبٍ، وَكَتَمَ عَلِيٌّ إِسْلَامَهُ، وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ، وَأَسْلَمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَمَكَثَا قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ يَخْتَلِفُ عَلِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ مِمَّا أَنْعَمَ اللهُ بِهِ عَلَى عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ الإِسْلَامِ"(السيرة؛ لابن إسحاق:2-118).

 

9- ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ في كتابه السيرة: "ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلَى شِعَابِ مَكَّةَ، وَخَرَجَ مَعَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مُسْتَخْفِيًا مِنْ أَبِيهِ أَبِي طَالِبٍ. وَمِنْ جَمِيعِ أَعْمَامِهِ وَسَائِرِ قَوْمِهِ، فَيُصَلِّيَانِ الصَّلَوَاتِ فِيهَا، فَإِذَا أَمْسَيَا رَجَعَا. فَمَكَثَا كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَا. ثُمَّ إنَّ أَبَا طَالِبٍ عَثَرَ عَلَيْهِمَا يَوْمًا وَهُمَا يُصَلِّيَانِ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَا ابْنَ أَخِي! مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي أَرَاكَ تَدِينُ بِهِ؟ قَالَ: "أَيْ عَمِّ، هَذَا دِينُ اللَّهِ، وَدِينُ مَلَائِكَتِهِ، وَدِينُ رُسُلِهِ، وَدِينُ أَبِينَا إبْرَاهِيمَ- أَوْ كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ رَسُولًا إلَى الْعِبَادِ، وَأَنْتَ أَيْ عَمِّ، أَحَقُّ مَنْ بَذَلْتُ لَهُ النَّصِيحَةَ، وَدَعَوْتُهُ إلَى الْهُدَى، وَأَحَقُّ مَنْ أَجَابَنِي إلَيْهِ وَأَعَانَنِي عَلَيْهِ، أَوْ كَمَا قَالَ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: أَيِ ابْنَ أَخِي، إنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُفَارِقَ دِينَ آبَائِي وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا يُخْلَصُ إلَيْكَ بِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ مَا بَقِيتُ.

 

وَذَكَرُوا أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: أَيْ بُنَيَّ، مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: يَا أَبَتِ، آمَنْتُ باللَّه وَبِرَسُولِ اللَّهِ، وَصَدَّقْتُهُ بِمَا جَاءَ بِهِ، وَصَلَّيْتُ مَعَهُ للَّه وَاتَّبَعْتُهُ. فَزَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ لَهُ: أَمَا إنَّهُ لَمْ يَدْعُكَ إلَّا إلَى خَيْرٍ فَالْزَمْهُ"(السيرة النبوية، لابن هشام (2/  86).

 

10- قال الذهبي: "لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ، أَقَامُوا لاَ يُولَدُ لَهُم، فَقَالُوا: سَحَرَتْنَا يَهُودُ، حَتَّى كَثُرتِ القَالَةُ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَولُودٍ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً حَتَّى ارْتَجَّتِ المَدِيْنَةُ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ، فَأَذَّنَ فِي أُذُنَيْهِ بِالصَّلاَةِ"(سير أعلام النبلاء:3-365).

 

11- قال الذهبي عن أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْه- أنها قالت: "... فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَنَزَلْتُ بِقُبَاءَ فَوَلَدْتُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَضَعَهُ عَلَى حِجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا دَخَلَ فِي جَوْفِهِ رِيقُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَتْ: ثُمَّ حَنَّكَهُ ثُمَّ دَعَا لَهُ وَتَبَرَّكَ عَلَيْهِ..."(البداية والنهاية:8-332).

 

12- رَوَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُلِّمَ فِي غِلْمَةٍ تَرَعْرَعُوا; مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ بَايَعْتَهُمْ فَتُصِيبَهُمْ بَرَكَتُكَ، وَيَكُونَ لَهُمْ ذِكْرٌ. فَأُتِيَ بِهِمْ إِلَيْهِ، فَكَأَنَّهُمْ تَكَعْكَعُوا، وَاقْتَحَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَالَ: "إِنَّهُ ابْنُ أَبِيهِ"، وَبَايَعَهُ"(البداية والنهاية (8-333).

 

13- قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَكَانَ أَوَّلَ مَا عُلِمَ مِنْ أَمْرِ ابْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ وَهُوَ صَبِيٌّ، فَمَرَّ رَجُلٌ فَصَاحَ عَلَيْهِمْ، فَفَرُّوا، وَمَشَى ابْنُ الزُّبَيْرِ الْقَهْقَرَى، وَقَالَ: يَا صِبْيَانُ، اجْعَلُونِي أَمِيرَكُمْ، وَشُدُّوا بِنَا عَلَيْهِ. وَمَرَّ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ صَبِيٌّ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَفَرُّوا وَوَقَفَ، وَقَالَ: مَا لَكَ لَمْ تَفِرَّ مَعَ أَصْحَابِكَ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَمْ أَجْرُمْ فَأَخَافَكَ، وَلَمْ تَكُنِ الطَّرِيقُ ضَيِّقَةً فَأُوَسِّعَ لَكَ!"(تاريخ دمشق:28-165).

 

14- عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري قال: قال المُهاجِرونَ لِعُمَرَ: ألا تَدعو أبناءَنا كما تَدعو ابنَ عبّاسٍ؟ قال: "ذاكم فَتى الكُهولِ؛ إنَّ له لِسانًا سَؤولًا، وقَلبًا عَقولًا"(سير أعلام النبلاء:٣‏-٣٤٥، وقال شعيب الأرنؤوط: رجاله ثقات إلا أنه منقطع).

 

15- عن عَمْرِو بنِ سَلِمَةَ -رضي الله عنه- قال: قالَ لي أبو قِلابَةَ: ألا تَلْقاهُ فَتَسْأَلَهُ؟ قالَ: فَلَقِيتُهُ فَسَأَلْتُهُ، فقالَ: كُنّا بماءٍ مَمَرَّ النّاسِ، وكانَ يَمُرُّ بنا الرُّكْبانُ فَنَسْأَلُهُمْ: ما لِلنّاسِ؟ ما لِلنّاسِ؟ ما هذا الرَّجُلُ؟ فيَقولونَ: يَزْعُمُ أنَّ اللَّهَ أرْسَلَهُ، أوْحى إلَيْهِ -أوْ أوْحى اللَّهُ بكَذا- فَكُنْتُ أحْفَظُ ذلكَ الكَلامَ، وكَأنَّما يُغْرى في صَدْرِي، وكانَتِ العَرَبُ تَلَوَّمُ بإسْلامِهِمُ الفَتْحَ، فيَقولونَ: اتْرُكُوهُ وقَوْمَهُ؛ فإنَّه إنْ ظَهَرَ عليهم فَهو نَبِيٌّ صادِقٌ، فَلَمّا كانَتْ وقْعَةُ أهْلِ الفَتْحِ، بادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بإسْلامِهِمْ، وبَدَرَ أبِي قَوْمِي بإسْلامِهِمْ، فَلَمّا قَدِمَ قالَ: جِئْتُكُمْ واللَّهِ مِن عِندِ النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَقًّا، فقالَ: صَلُّوا صَلاةَ كَذا في حِينِ كَذا، وصَلُّوا صَلاةَ كَذا في حِينِ كَذا، فإذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أحَدُكُمْ، ولْيَؤُمَّكُمْ أكْثَرُكُمْ قُرْآنًا. فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أحَدٌ أكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي؛ لِما كُنْتُ أتَلَقّى مِنَ الرُّكْبانِ، فَقَدَّمُونِي بيْنَ أيْدِيهِمْ وأنا ابنُ سِتٍّ أوْ سَبْعِ سِنِينَ، وكانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ، كُنْتُ إذا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي، فَقالتِ امْرَأَةٌ مِنَ الحَيِّ: ألا تُغَطُّوا عَنّا اسْتَ قارِئِكُمْ؟ فاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لي قَمِيصًا، فَما فَرِحْتُ بشَيءٍ فَرَحِي بذلكَ القَمِيصِ (رواه البخاري:٤٣٠٢).

 

16- قَالَ الرَّشِيدُ لِوَلَدِ وَزِيرِهِ وَهُوَ فِي دَارِهِمْ: "أَيُّهُمَا أَحْسَنُ؛ دَارُنَا أَوْ دَارُكُمْ؟" فَقَالَ: دَارُنَا، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: "لِأَنَّكَ فِيهَا"(مواسم العمر لابن الجوزي).

 

17- قَالَ الْمُعْتَصِمُ لِلْفَتْحِ بْنِ خَاقَانَ وَهُوَ صَبِيٌّ: أَرَأَيْتَ يَا فَتْحُ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا الْفَصِّ -لِفَصٍّ كَانَ فِي يَدِهِ-؟ قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، الْيَدُ الَّتِي هُوَ فِيهَا أَحْسَنُ مِنْهُ (الدراري في ذكر الذراري لابن العديم).

 

18- سَأَلَ حَكِيمٌ غُلَامًا مَعَهُ سِرَاجٌ: مِنْ أَيْنَ تَجِيءُ النَّارُ بَعْدَمَا تَنْطَفِئُ؟ فَقَالَ: "إِنْ أَخْبَرْتَنِي إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ، أَخْبَرْتُكَ مِنْ أَيْنَ تَجِيءَ"(الدراري في ذكر الذراري لابن العديم).

 

19- قَالَ صَالِحُ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: "كَانَ أَبِي يَبْعَثُ خَلْفِي إِذَا جَاءَهُ رَجُلٌ زَاهِدٌ أَوْ مُتَقَشِّفٌ؛ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ، يُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مِثْلَهُ"(سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ:12-529).

 

20- حَكَيَ مُحَمَّدٌ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: قَدِمْتُ بَغْدَادَ سَنَةَ 215هـ، وَقَدْ مَاتَ الْمَرِيسِيُّ بِهَا -وَالْمَرِيسيُّ مِنْ رُؤُوسِ أَهْلِ الْمُبْتَدِعَةِ آنَذَاكَ-، وَبَقِيَ فِي دَارِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يَجْسُرُ أَحَدٌ أَنْ يَدْنُوَ مِنْهُ حَتَّى ذَهَبُوا إِلَى السُّلْطَانِ. فَقَالُوا: يُجيِّفُ فَيُؤْذِينَا!! فَبَعَثَ بِالشُّرَطِ، وَرَأَيْتُ الصِّبْيَانَ يَرْمُونَ الْمَرِيسيَّ بِالْحِجَارَةِ وَيَقَعُ عَلَى السَّرِيرِ!! (السُّنَّةُ لِلْخَلَّالِ:5-114).

 

21- في معركة أحد، عندما أغرت هند بنت عتبة رضي الله عنها بحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه مَنْ خالسه فصرعه، وكان قد قَتَل أَباهَا يوم بدر، كادت جثمانُ حمزة تحيل من فرط ما مثل به، فلما وقف به رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتد حزنه لما أصاب عمَّه البطل الكريمَ، ووقف بنجوة منه، ثم أبصر فوجد عمَّتَه صفيةَ بنتَ عبد المطلب مقبلة، لتنظر ما فعل القوم بأخيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنها الزبير بن العوام: "دونك أمك فامنعها" وأكبر همه ألا يجدَّ بها الجزع لما ترى فلما وقف ابنها يعترضها قالت: دونك لا أرض لك لا أم لك وكر راجعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه حديث أمَّه فقال: ((خلِّ سبيلها)) ثم ارتجفت صفوف الناس لعمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسارت حتى أتت أخاها، فنظرت إليه، فصلت واسترجعت، واستغفرت له، وقالت لابنها: قل لرسول الله ما أرضانا بما كان في سبيل الله، لأحتسبن، ولأصبرن إن شاء الله ().

 

22- عن وكيع قال: قالت أم سفيان لسفيان: يا بني: "اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي"(رواه الإمام أحمد بمسنده). وقال له مرة: يا بني إن كتبت عشرة أحرفٍ فانظر هل ترى في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك، فإن لم تر ذلك فاعلم أنها تضرك ولا تنفعك"(رواه الإمام أحمد بمسنده).

 

23- قال زين العابدين بن علي بن الحسين: "كنا نُعلَّم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نُعلَّم السورة من القرآن"(الجامع لأخلاق الراوي:2-159).

 

24- قال محمد بن سعد بن أبي وقاص: "كان أبي يعلمنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه، ويقول: يا بَنِّي هذه مآثر آبائكم فلا تضيعوها"(الجامع لأخلاق الراوي:2-159).

 

25- عَنِ الْحَسَنِ "أَنَّهُ دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَصِبْيَانٌ يَلْعَبُونَ فَوْقَ الْبَيْتِ وَمَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُهُ فَنَهَاهُمْ فَقَالَ الْحَسَنُ : دَعْهُمْ فَإِنَّ اللَّعِبَ رَبِيعُهُمْ"(النفقة على العيال لابن أبي الدنيا باب اللعب للصبيان حديث رقم:582).

 

26- أدخل الشافعي رحمه الله يوما الى بعض حجر هارون الرشيد, ليستأذن له, ومعه سراج الخادم, فأقعده عند أبي عبد الصمد, مؤدب أولاد الرشيد. فقال سراج للشافعي: يا أبا عبد الله هؤلاء أولاد أمير المؤمنين, وهو مؤدبهم, فلو أصيته بهم. فأقبل الشافعي على أبي عبد الصمد فقال: "ليكن أول ما تبدأ به من اصلاح أولاد أمير المؤمنين, اصلاح نفسك, فان أعينهم معقودة بعينك, فالحسن عندهم ما تستحسنه, والقبيح عندهم ما تكرهه. علمهم كتاب الله ولا تكرههم عليه فيملوه, ولا تتركهم منه فيهجروه. ثم روّهم من الشعر أعفّه, ومن الحديث أشرفه، ولا تخرجهم من علم الى علم غيره حتى يحكموه, فان ازدحام الكلام في السمع مضلّة للفهم"(مواعظ الامام الشافعي:14).

 

27- جاء سائل إلى ابن عمر فقال لابنه: أعطه دينارا (التمهيد:4-256).

 

 

الاشعار

1- قَالَ الشَّاعِرُ:

فَقَسَا لِيَزْدَجِرُوا وَمَنْ يَكُ حَازِمًا *** فَلْيَقْسُ أَحْيَانًا عَلَى مَنْ يَرْحَمُ

(تفسير الألوسي:2-50)

 

2- قَالَ الشَّاعِرُ:

تَلُومُ عَلَى الْقَطِيعَةِ مَنْ أَتَاهَا *** وَأَنْتَ سَنَنْتَهَا لِلنَّاسِ قَبْلِي!

(المستطرف في كل فن مستطرف:40)

 

3- قَالَ الشَّاعِرُ:

وَيَنْشَأُ نَاشِئُ الْفِتْيَانِ مِنَّا *** عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ

وَمَا دَانَ الْفَتَى بِحِجًا وَلَكِنْ *** يُعَلِّمُهُ التَّدَيُّنَ أَقْرَبُوهُ

(ديوان أبي العلاء المعري:1458).

 

4- قَالَ الشَّاعِرُ:

نِعَمُ الإِلَه ِعَلَى الْعِبَادِ كَثِيرَةٌ *** وَأَجَلُّهُنَّ نَجَابَةُ الأَوْلَادِ

(زهر الأكم في الأمثال والحكم:249).

 

5- قَالَ الشَّاعِرُ:

سَعَوْا لِلْمَعَالِي وَهُمْ صِبْيَةٌ *** وَسَادُوا وَجَادُوا وَهُمْ فِي الْمُهُودِ

(شرح ديوان المتنبي للواحدي:43)

 

6- قَالَ صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ:

وَإِنَّ مَنْ أَدَّبْتَهُ فِي الصِّبَا *** كَالْعُودِ يُسْقَى الْمَاءَ فِي غَرْسِهِ

حَتَّى تَرَاهُ مُورِقًا نَاضِرًا *** بَعْدَ الَّذِي أَبْصَرْتَ مِنْ يُبْسِهِ

(مفتاح العلوم؛ للسكاكي:154)

 

7- يقول المؤمل الكوفي:

يَنشا الصَغيرُ على ما كانَ وَالدهُ *** إنَّ العـروقَ عليهـا يَنبُتُ الشَّجَـرُ

 

 

الحكم

1- "من أشبه أباه فما ظلم"(إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين:10-548)

 

2- "العلم في الصغر كالنقش على الحجر"(فيض القدير شرح الجامع الصغير:5-617).

الدراسات

1- أَثْبَتَتِ الدِّرَاسَاتُ "أَنَّ الطِّفْلَ الَّذِي تُشَجَّعُ لَدَيْهِ الْمُبَادَرَةُ -فِي أَقَلِّ تَقْدِيرٍ لَا تُحْبَطُ- يَكُونُ أَكْثَرَ ثِقَةً فِي نَفْسِهِ، وَإِذَا كَانَ لَدَيْهِ إِبْدَاعٌ فَسَيَظْهَرُ وَيَنْمُو"(السلسلة التربوية (2) خصائص النمو في مرحلة الطفولة).

 

2- قال الدكتور محمد علي البار: "إن مستوى السكر الجلوكوز في الدم بالنسبة للمولودين حديثاً يكون منخفضاً ، وكلما كان وزن المولود أقل ، كان مستوى السكر منخفضاً .

وبالتالي فإن المواليد الخداج [وزنهم أقل من 2.5كجم] يكون منخفضاً جداً بحيث يكون في كثير من الأحيان أقل من 20 ملليجرام لكل 100 ملليلتر من الدم . وأما المواليد أكثر من 2.5 كجم فإن مستوى السكر لديهم يكون عادة فوق 30 ملليجرام .

ويعتبر هذا المستوى ( 20 أو 30 ملليجرام ) هبوطاً شديداً في مستوى سكر الدم ، ويؤدي ذلك إلى الأعراض الآتية :

1- أن يرفض المولود الرضاعة.

2- ارتخاء العضلات.

3- توقف متكرر في عملية التنفس وحصول ازرقاق الجسم.

4- اختلاجات ونوبات من التشنج.

وقد يؤدي ذلك إلى مضاعفات خطيرة مزمنة ، وهي:

1- تأخر في النمو.

2- تخلف عقلي.

3- الشلل الدماغي.

4- إصابة السمع أو البصر أو كليهما.

5- نوبات صرع متكررة (تشنجات).

 

وإذا لم يتم علاج هذه الحالة في حينها قد تنتهي بالوفاة ، رغم أن علاجها سهل ميسور وهو إعطاء السكر الجلوكوز مذاباً في الماء إما بالفم أو بواسطة الوريد" انتهى .

 

ثم قال في مناقشة تحنيك النبي صلى الله عليه وسلم الطفل بالتمر: "إن قيام الرسول صلى الله عليه وسلم بتحنيك الأطفال المواليد بالتمر بعد أن يأخذ التمرة في فيه ثم يحنكه بما ذاب من هذه التمرة بريقه الشريف فيه حكمة بالغة . فالتمر يحتوي على السكر " الجلوكوز " بكميات وافرة ، وخاصة بعد إذابته بالريق الذي يحتوي على أنزيمات خاصة تحول السكر الثنائي " السكروز " إلى سكر أحادي ، كما أن الريق ييسر إذابة هذه السكريات ، وبالتالي يمكن للطفل المولود أن يستفيد منها .

 

وبما أن معظم أو كل المواليد يحتاجون للسكر الجلوكوز بعد ولادتهم مباشرة ، فإن إعطاء المولود التمر المذاب يقي الطفل بإذن الله من مضاعفات نقص السكر الخطيرة التي ألمحنا إليها.

 

إن استحباب تحنيك المولود بالتمر هو علاج وقائي ذو أهمية بالغة وهو إعجاز طبي لم تكن البشرية تعرفه وتعرف مخاطر نقص السكر " الجلوكوز " في دم المولود.

 

وإن المولود ، وخاصة إذا كان خداجاً، يحتاج دون ريب بعد ولادته مباشرة إلى أن يعطى محلولاً سكرياً. وقد دأبت مستشفيات الولادة والأطفال على إعطاء المولودين محلول الجلوكوز ليرضعه المولود بعد ولادته مباشرة ، ثم بعد ذلك تبدأ أمه بإرضاعه.

 

إن هذه الأحاديث الشريفة الواردة في تحنيك المولود تفتح آفاقاً مهمة جداً في وقاية الأطفال، وخاصة الخداج " المبتسرين " من أمراض خطيرة جداً بسبب إصابتهم بنقص مستوى سكر الجلوكوز في دمائهم . وإن إعطاء المولود مادة سكرية مهضومة جاهزة هو الحل السليم والأمثل في مثل هذه الحالات . كما أنها توضح إعجازاً طبياً لم يكن معروفاً في زمنه صلى الله عليه وسلم ولا في الأزمنة التي تلته حتى اتضحت الحكمة من ذلك الإجراء في القرن العشرين"(مقال في مجلة الإعجاز العلمي العدد الرابع عن التفسير العلمي لتحنيك الطفل).

 

 

 

 

 


 

متفرقات

1- قَالَ النَّوَوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- عِنْدَ شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ: "هَذَا فِيهِ اسْتِحْبَابُ الثَّنَاءِ عَلَى الشُّجَعَانِ، وسَائِرِ أَهْلِ الْفَضَائِلِ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ صَنِيعِهِمُ الْجَمِيلَ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّرْغِيبِ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ فِي الْإِكثَارِ مِنْ ذَلِكَ الْجَمِيلِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ مَنْ يُؤْمَنُ الْفِتْنَةُ عَلَيْهِ بِإِعْجَابٍ وَنَحْوِهِ"(شرح النووي على مسلم:12-182).

 

2- قال الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَالصَّبِيُّ أَمَانَةٌ عِنْدَ وَالِدِهِ، فَالْأَبُ مَدْعُوٌّ إِلَى صِيَانَةِ تِلْكَ الْجَوْهَرَةِ، وَحِفْظِهَا، وَرِعَايَتِهَا، أَيُهْمِلُ الْأَبُ ابْنَهُ فَيُلْقِي بِهِ فِي دَرَكِ الْبَهِيمِيَّةِ، وَيُعَرِّضُهُ لِلشَّقَاءِ؟! كَيْفَ وَإِهْمَالُهُ خَطَرٌ جَسِيمٌ، وَأَبُوهُ يَتَحَمَّلُ وِزْرَ إِهْمَالِهِ؟! ثُمَّ إِنَّ الْأَبَ يُشَارِكُ ابْنَهُ الثَّوَابَ؛ إِنْ هُوَ رَبَّاهُ وَصَانَهُ وَرَعَاهُ، وَكَيْفَ يُهْمِلُ الْإِنْسَانُ جُزْءًا مِنْ نَفْسِهِ؟!"().

 

3- يقول الإمام ابن القيم- رحمه الله - تعالى-: "من أهملَ تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سُدى، فقد أساءَ إليه غاية الإساءة، وأكثرُ الأولاد إنما جاءهم الفساد من قبل الآباء وإهمالهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً، كما عاتب بعضهم ولدهُ على العقوق فقال: يا أبت إنك عققتني صغيراً فعققتك كبيراً، وأضعتني صغيراً فأضعتك شيخاً".

 

إلى أن قال: "ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج، الاعتناء بأمرِ خُلقه، فإنَّهُ ينشأُ على ما عوّده المربي في صغره، من غضبٍ, ولجاجٍ, وعجلة، وخفةٍ, وطيش، وحدةٍ, وجشع، فيصعبُ عليه في كبرهِ تلافي ذلك، وتصيرُ هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخة، فلو تحرز منها غايةَ التحرز فضحته يوماً ما، ولهذا تجدُ أكثر الناس منحرفةً أخلاقهم، وذلك بسبب التربية التي نشأ عليها.

 

ولذلك يجبُ أن يجنب الصبي إذا عقل مجالس اللهو والباطل، والغناءِ وسماع الفحش، والبدع ومنطق السوء، فإنَّهُ إذا علق بسمعه عسُر عليه مفارقته في الكبر، وعزَّ على وليهِ استنقاذه منه، فتغييرُ العوائد من أصعب الأمور.

 

وينبغي لوليهِ أن يجنبه الأخذ من غيرهِ غاية التجنب، فإنَّهُ متى اعتاد الأخذ صار له طبيعة، ونشأ بأنَّ يأخذ لا بأن يعطي.

 

ويجنبه الكذب والخيانة أعظم مما يجنبهُ السمَّ الناقع، فإنَّهُ متى سهّلَ له سبيل الكذب والخيانة، أفسد عليه سعادة الدنيا والآخرة، وحرمهُ كل خير.

 

ويجنبه الكسل والبطالة، والدعة والراحة، بل يأخذهُ بأضدادها، ولا يريحه إلا بما يُجمٌّ نفسه وبدنه للشغل، فإن للكسل والبطالة عواقب سواءٍ,، ومغبة ندمٍ,، وللجد والتعب عواقب حميدة، إما في الدنيا وإما في العقبى، وإما فيهما، فأرواح الناس أتعبُ الناس، وأتعب الناس أرواحُ الناس، فالسعادة في الدنيا والسعادة في العقبى، لا يوصل إليها إلا على جسرٍ, من التعب،

 

ويعودهُ الانتباه آخر الليل، فإنَّهُ وقت قسم الغنائم، وتفريق الجوائز، فمستقلٌ ومستكثر ومحروم، فمتى اعتاد ذلك صغيراً سهل عليه كبيراً.

 

ويجنبهُ فضول الطعام والكلام، والمنام ومخالطة الأنام، (الناس) فإنَّ الخسارةَ في هذه الفضالات، وهي تُفوّتُ على العبد خير دنياهُ وآخر ته.

 

ويجنبهُ مظَّان الشهوات المتعلقة بالبطن والفرج غاية التجنب، فإنَّ تمكينهُ من أسبابها، والفسح له فيها، يفسدهُ فساداً يعزٌّ عليه بعده صلاح.

 

والحذر كل الحذر!! من تمكينه من تناول ما يزيل عقله، من مسكرٍ, وغيره، أو عِشرة من يخشى فساده، أو كلامه له، أو الأخذ من يده، فإنَّ ذلك الهلاك كله، ومتى سهّلَ عليه ذلك فقد سهّل عليه الدياثة، ولا يدخلُ الجنة ديوث، فما أفسد الأبناءُ مثل تفريط الآباء وإهمالهم، واستسهالهم شرر النار بين الثياب، فكم من والدٍ, حرم ولده خير الدنيا والآخرة، وعرضهُ لهلاك الدنيا والآخرة، وكل هذه عواقب تفريط الآباءِ في حقوق الله، وإضاعتهم لها، وإعراضهم عما أوجب الله عليهم، من العلم النافع والعمل الصالح".

 

ثم قال -رحمه الله-: "ومما ينبغي أن يُعتمد حالُ الصبي، وما هو مستعد له من الأعمال، ومهيأ له منها، فيعلم أنَّهُ مخلوق لذلك العمل فلا يُحملهُ على غيره، فإنَّهُ إن حمَّله على غير ما هو مستعدٌ له لم يفلح فيه، وفاتهُ ما هو مهيأٌ له، فإذا رآه حسن الفهم، صحيح الإدراك، جيد الحفظ واعياً، فهذه من علامات قبولهِ وتهيؤه للعلم، فلينقشه في لوح قلبه ما دام خالياً، فإنَّهُ يتمكن فيه، ويستقر ويزكو معه، وإن رآهُ بخلاف ذلك من كل وجه، وهو مستعد للفروسية وأسبابها، من الركوب والرمي واللعب بالرمح، وأنَّهُ لا نفاذَ لهُ في العلم ولا يخلق له، مكَّنهُ من أسباب الفروسية والتمرن عليها، فإنَّهُ أنفع له وللمسلمين، وإن رآه بخلاف ذلك، وإنه لم يخلق لذلك، ورأى عينهُ مفتوحةً إلى صنعةٍ, مباحة نافعة للناس، فليمكنهُ منها، هذا كلهُ بعد تعليمه له ما يحتاجُ إليه في دينه، فإنَّ ذلك ميسرٌ على كل أحد، لتقوم حجة الله على العبد، فإنَّ له على عباده الحجة البالغة، كما له عليهم النعمة السابغة، والله أعلم"(تحفة المودود:229).

 

4- قال الحافظ ابن حجر: "التحنيك مضغ الشيء ووضعه في فم الصبي ودلك حنكه به ، يصنع ذلك بالصبي ليتمرن على الأكل ، ويقوى عليه ، وينبغي عند التحنيك أن يفتح فاه حتى ينزل جوفه ، وأولاه التمر ، فإن لم يتيسر تمر فرطب ، وإلا فشيء حلو ، وعسل النحل أولي من غيره"(فتح الباري:9-588).

 

5- قال النووي رحمه الله: "اتفق العلماء على استحباب تحنيك المولود عند ولادته بتمر ، فإن تعذر فما في معناه وقريب منه من الحلو ، فيمضغ المحنك التمر حتى تصير مائعة بحيث تبتلع ، ثم يفتح فم المولود ويضعها فيه ليدخل شيء منها جوفه"(شرح النووي على مسلم:14/122-123).

 

6- قال الإمام الحافظ النووي -رحمه االله- عن فعله -صلى الله عليه وسلم- ذلك: إنه جائز لنا وشرع مستمر للمسلمين إلى يوم الدين، وذكـر مـن فوائده: جواز حمل الصبيان في الصلاة، وأن ثيـاهبم وأجسـادهم محمولة على الطهارة حتى يتحقق نجاستها، وأن الفعـل القليـل لا يبطل الصلاة، وأن الأفعال إذا تعددت ولم تتوال بل تفرقت لا تبطل الصلاة، وفيه تواضع النبي -صلى الله عليه وسلم- وشفقته على الأطفال، وإكرامه لهـم جبرا لهم ولوالديهم. ا.ه. ملخصا.

 

7- قال الإمام النووي -رحمه االله: "وفي مسحه -صلى الله عليه وسلم- الصـبيان بيان حسن خلقه ورحمته للأطفال وملاطفتهم، وفيه بيان طيب ريحه -صلى الله عليه وسلم-، وهو ما أكرمه االله تعالى. قال العلماء: كانت هذه الريح الطيبة صفته -صلى الله عليه وسلم-، وإن لم يمس طيبا، ومع هذا فكان يستعمل الطيب في كثير من الأوقات مبالغة في طيب ريحه لملاقاة الملائكـة وأخـذ الـوحي الكـريم ومجالسـة المسلمين"(شرح النووي لصحيح مسلم:١٥-٨٥).

 

8- قال البيهقي: "الستون من شعب الإيمان وهو باب في حقوق الأولاد والأهلين وهي قيام الرجل على ولده وأهله وتعليمه إياهم من أمور دينهم ما يحتاجون إليه ، فأما الولد فالأصل فيه أنه نعمة من الله وموهبة وكرامة ، قال الله تعالى : ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) وقال : ( يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور) فامتن علينا بأن أخرج من أصلابنا أمثالنا ، وأخبر أن الأنثى من الأولاد موهبة وعطية كالذكر منهم ، وذم قوما تسؤهم البنات ، فيتوارون من القوم لئلا يذكروهن لهم ، قال : (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به) فكل من ولد له من المسلمين ولد ذكر أو أنثى فعليه أن يحمد الله جل ثناؤه على أن أخرج من صلبه نسمة مثله تدعى له ، وتنسب إليه ، فيعبد الله لعبادته ، ويكثر به في الأرض أهل طاعته"().

 

9- ذكر ابن خلدون في مقدمته: "أن الشدة على المتعلمين مضرة بهم وذلك أن إرهاف الحد بالتعليم مضر بالمتعلم سيما في أصاغر الولد لأنه من سوء الملكة. ومن كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم سطا به القهر وضيق عن النفس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعاه إلى الكسل وحمل على الكذب والخبث وهو التظاهر بغير ما في ضميره خوفا من انبساط الأيدي بالقهر عليه وعلمه المكر والخديعة لذلك وصارت له هذه عادة وخلقا وفسدت معاني الإنسانية التي له من حيث الاجتماع والتمرن وهي الحمية والمدافعة عن نفسه ومنزله. وصار عيالا على غيره في ذلك بل وكسلت النفس عن اكتساب الفضائل والخلق الجميل فانقبضت عن غايتها ومدى إنسانيتها فارتكس وعاد في أسفل السافلين. وهكذا وقع لكل أمة حصلت في قبضة القهر ونال منها العسف واعتبره في كل من يملك أمره عليه... فينبغي للمعلم في متعلمه والوالد في ولده أن لا يستبد عليهم في التأديب"(تاريخ ابن خلدون:1-743-744).

 

10- قال ابن حجر عند حديث: "فكفوا صبيانكم": "قال ابن الجوزي: إنّما خيف على الصبيان في تلك الساعة لأنّ النجاسة التي تلوذ بها الشياطين موجودة معهم غالباً، والذكر الذي يحرّز منهم مفقود من الصبيان غالباً، والشياطين عند انتشارهم يتعلقون بما يمكنهم التعلق به، فلذلك خيف على الصبيان في ذلك الوقت، والحكمة في انتشارهم حينئذٍ أن حركتهم في الليل أمكن منها لهم في النهار، لأن الظلام أجمع للقوى الشيطانية من غيره، وكذلك كل سواد، ولهذا قال في حديث أبي ذر: فما يقطع الصلاة؟! قال: الكلب الأسود شيطان. أخرجه مسلم"(فتح الباري:6/341- 342).

 

11- قال ابن حجر عند حديث: (ما فعل النغير): "وفيه جواز الممَازَحة، وتكرير المزْح، وأنَّها إباحة سنَّة لا رخصة، وأنَّ مُمَازَحة الصَّبي الذي -لم يميِّز- جائزة، وتكرير زيارة الممْزُوح معه، وفيه ترك التَّكبُّر والتَّرفُّع، والفرق بين كون الكبير في الطَّريق فيتَوَاقَر، أو في البيت فيَمْزَح"(فتح الباري:10-584).

 

12- قال ابن القيم: "والصبي وإن لم يكن مكلفا فوليه مكلف لا يحل له تمكينه من المحرم فإنه يعتاده ويعسر فطامه عنه وهذا أصح قولي العلماء"(تحفة المولود:243).

 

13- الْحِوَارَ: "الْهَادِئَ يُنَمِّي عَقْلَ الطِّفْلِ، وَيُوَسِّعُ مَدَارِكَهُ، وَيَزِيدُ مِنْ نَشَاطِهِ فِي الْكَشْفِ عَنْ حَقَائِقِ الْأُمُورِ، وَمُجْرَيَاتِ الْحَوَادِثِ وَالْأَيَّامِ، وَإِنَّ تَدْرِيبَ الطِّفْلِ عَلَى الْمُنَاقَشَةِ وَالْحِوَارِ يَقْفِزُ بِالْوَالِدَيْنِ إِلَى قِمَّةِ التَّرْبِيَةِ وَالْبِنَاءِ؛ إِذْ عِنْدَهَا يَسْتَطِيعُ الطِّفْلُ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْ حُقُوقِهِ، وَبِإِمْكَانِهِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ مَجَاهِيلَ لَمْ يُدْرِكْهَا، وَبِالتَّالِي تَحْدُثُ الِانْطِلَاقَةُ الْفِكْرِيَّةُ لَهُ، فَيَغْدُو فِي مَجَالِسِ الْكِبَارِ، فَإِذَا لِوُجُودِهِ أَثَرٌ، وَإِذَا لِآرَائِهِ الْفِكْرِيَّةِ صَدًى فِي نُفُوسِ الْكِبَارِ؛ لِأَنَّهُ تَدَرَّبَ فِي بَيْتِهِ مَعَ وَالِدَيْهِ عَلَى الْحِوَارِ، وَأَدَبِهِ، وَطُرُقِهِ، وَأَسَالِيبِهِ ... وَاكْتَسَبَ خِبْرَةَ الْحِوَارِ مِنْ وَالِدَيْهِ"().

 

14- الْحِوَارَ وَسِيلَةٌ مُهِمَّةٌ "فِي بِنَاءِ شَخْصِيَّةِ الطِّفْلِ كَفَرْدٍ وَكَشَخْصِيَّةٍ اجْتِمَاعِيَّةٍ، وَهُوَ يَخْلُقُ أَيْضًا رُوحَ الْمُنَافَسَةِ بَيْنَ الْأَطْفَالِ، فَيَحْمِلُهُمْ عَلَى الدُّخُولِ فِي مَيَادِينِ الْمُنَاقَشَةِ الْعِلْمِيَّةِ، وَكَذَلِكَ يُثْبِتُ فِيهِمْ رُوحَ الْجَمَاعَةِ وَالتَّعَاوُنِ، وَيُبْعِدُ عَنْهُمُ الْأَنَانِيَةَ وَحُبَّ الذَّاتِ الْمُفْرَطَ، وَيَبُثُّ فِيهِمْ رُوحَ الْأُلْفَةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَيُعَوِّدُهُمْ عَلَى النِّظَامِ وَالتَّعَاوُنِ، وَيُسَاعِدُ عَلَى الِابْتِكَارِ وَاحْتِرَامِ الطِّفْلِ لِذَاتِهِ".

 

15- يَقُولُ بَعْضُ أَهْلِ الِاخْتِصَاصِ: "وَالتَّرْغِيبُ نَوْعَانِ: مَعْنَوِيٌّ وَحِسِّيٌّ، وَلِكُلٍّ دَرَجَاتُهُ، فَابْتِسَامَةُ الرِّضَا وَالْقَبُولِ، وَالتَّقْبِيلُ وَالضَّمُّ وَالثَّنَاءُ، وَكَافَّةُ الْأَعْمَالِ الَّتِي تُبْهِجُ الطِّفْلَ هِيَ تَرْغِيبٌ فِي الْعَمَلِ. وَيَرى بَعْضُ التَّرْبَوِيِّينَ أَنَّ تَقْدِيمَ الْإِثَابَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ عَلَى الْمَادِّيَّةِ أَوْلَى؛ حَتَّى نَرْتَقِيَ بِالطِّفْلِ عَنْ حُبِّ الْمَادَّةِ. وَبَعْضُهُمْ يَرَى أَنْ تَكُونَ الْإِثَابَةُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ؛ فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مَادِّيًّا نُكَافِئْهُ مَادِّيًّا وَالْعَكْسُ"(كيف تربي ولدك:47).

 

16- "عَمَلِيَّةٍ تَرْبَوِيَّةٍ لَا تَأْخُذُ بِمَبْدَأِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ فِي تَرْشِيدِ السُّلُوكِ بِصُورَةٍ مُتَوَازِنَةٍ وَعَقْلَانِيَّةٍ؛ تَكُونُ نَتِيجَتُهَا انْحِرَافَاتٍ فِي سُلُوكِ الطِّفْلِ وَعِنْدَ كِبَرِهِ، وَالْعُقُوبَةُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ خَفِيفَةً لَا قَسْوَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْهَدَفَ مِنْهَا هُوَ عَدَمُ تَعْزِيزِ وَتَكْرَارِ السُّلُوكِ السَّيِّئِ مُسْتَقْبَلاً، وَلَيْسَ إِيذَاءَ الطِّفْلِ وَإِلْحَاقَ الضَّرَرِ بِجَسَدِهِ وَبِنَفْسِيَّتِهِ؛ كَمَا يَفْعَلُ بَعْضُ الْآبَاءِ فِي تَرْبِيَةِ أَوْلَادِهِمْ. وَعَلَى النَّقِيضِ نَجِدُ أُمَّهَاتٍ -بِفِعْلِ عَوَاطِفِهِنَّ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ الْوَلَدُ وَحِيدًا فِي الْأُسْرَةِ- لَا يُعَاقِبْنَ أَوْلَادَهُنَّ عَلَى السُّلُوكِيَّاتِ الْخَاطِئَةِ، فَيُصْبِحُ الطِّفْلُ عُرْضَةً لِلصِّرَاعِ النَّفْسِيِّ أَوْ الِانْحِرَافِ عِنْدَمَا يَكْبَرُ"()

 

17- قال أحدهم: "مَرْحَلَةَ الطُّفُولَةِ مِنْ أَهَمِّ مَرَاحِلِ التَّكْوِينِ وَنُمُوِّ الشَّخْصِيَّةِ، وَهِيَ مَجَالُ إِعْدَادٍ وَتَدْرِيبٍ لِلطِّفْلِ لِلْقِيَامِ بِالدَّوْرِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ فِي الْحَيَاةِ، وَلَمَّا كَانَتْ وَظِيفَةُ الْإِنْسَانِ أَكْبَرَ وَظِيفَةٍ, وَدَوْرُهُ فِـي الْأَرْضِ أَكْبَرَ وَأَضْخَمَ دَوْرٍ، اقْتَضَتْ طُفُولَتُهُ مُدَّةً أَطْوَلَ؛ لِيَحْسُنَ إِعْدَادُهُ وَتَرْبِيَتُهُ لِلْمُـْسَتْقَبِل, وَمِنْ هُنَا كَانَتْ حَاجَّةُ الطِّفْلِ شَدِيدَةً لِمُلَازَمَةِ أَبَوَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ مِنْ مَرَاحِلِ تَكْوِينِهِ"(منهج التربية النبوية, إبراهيم مصطفى).

 

18- قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الِاخْتِصَاصِ: "وَتَرْجِعُ أَهَمِّيَّةُ التَّرْبِيَةِ بِالْعَادَةِ إِلَى أَنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ بِمَعْنَاهُ الْوَاسِعِ يَتَحَقَّقُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: الطَّبْعُ وَالْفِطْرَةُ، وَالثَّانِي: التَّعَوُّدُ وَالْمُجَاهَدَةُ، وَلَمَّا كَانَ الْإِنْسَانُ مَجْبُولاً عَلَى الدِّينِ وَالْخُلُقِ الْفَاضِلِ كَانَ تَعْوِيدُهُ عَلَيْهِ يُرَسِّخُهُ وَيَزِيدُهُ"(كيف تربي ولدك:45).

 

19- "وَعَلَى الْأُمِّ أَنْ تَبْتَعِدَ عَنِ الدَّلَالِ مُنْذُ وَلِادَةِ الطِّفْلِ؛ فَفِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ يُحِسُّ الطِّفْلُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ فَيْسَكُتُ، فَإِذَا حُمِلَ دَائِمًا صَارَتْ عَادَتُهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الْأُمُّ تُسَارِعُ إِلَى حَمْلِهِ كُلَّمَا بَكَى، وَلْتَحْذَرِ الْأُمُّ كَذَلِكَ مِنْ إِيقَاظِ الرَّضِيعِ لِيَرْضَعَ؛ لِأَنَّهَا بِذَلِكَ تُنَغِّصُ عَلَيْهِ نَوْمَهُ وَتُعَوِّدُهُ عَلَى طَلَبِ الطَّعَامِ فِي اللَّيْلِ وَالِاسْتِيقَاظِ لَهُ.

 

وَيُخْطِئُ بَعْضُ الْمُرَبِّينَ؛ إِذْ تُعْجِبُهُمْ بَعْضُ الْكَلِمَاتِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَى لِسَانِ الطِّفْلِ فَيَضْحَكُونَ مِنْهَا، وَقَدْ تَكُونُ كَلِمَةً نَابِيَةً، وَقَدْ يَفْرَحُونَ بِسُلُوكٍ غَيْرِ حَمِيدٍ؛ لِكَوْنِهِ يَحْصُلُ مِنَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ، وَهَذَا الْإِعْجَابُ يُكَوِّنُ الْعَادَةَ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ"(كيف تربي ولدك:45).

 

قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّرْبِيَةِ: "يَبْدَأُ تَكْوِينُ الْعَادَاتِ فِي سِنٍّ مُبَكِّرَةٍ جِدًّا؛ فَالطِّفْلُ فِي شَهْرِهِ السَّادِسِ يَبْتَهِجُ بِتَكْرَارِ الْأَعْمَالِ الَّتِي تُسْعِدُ مَنْ حَوْلَهُ، وَهَذَا التَّكْرَارُ يُكَوِّنُ الْعَادَةَ، وَيَظَلُّ هَذَا التَّكْوِينُ حَتَّى السَّابِعَةِ"(كيف تربي ولدك:45).

 

20- "كَانَ عَلَى الْأَبِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَجَنَّبَ أَسْبَابَ التَّبَاغُضِ، وَالتَّحَاسُدِ بَيْنَ أَوْلَادِهِ بِإِقَامَةِ الْعَدْلِ بَيْنَهُمْ، وَتَوْزِيعِ مَحَبَّتِهِ وَحَنَانِهِ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ صَعْبًا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ؛ لِلْغَفْلَةِ أَوِ النِّسْيَانِ، أَوْ لِلْمَيْلِ الْفِطْرِيِّ إِلَى الِابْنِ الْأَصْغَرِ مَثَلاً، أَوْ إِلَى الْمُطِيعِ مِنْهُمْ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ لِلْوَالِدِ أَنْ يُلَاحِظَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ، وَأَنْ يَنْتَبِهَ لَهُ؛ فَإِنَّ الْأَطْفَالَ يُحِسُّونَ ذَلِكَ وَيَعُونَهُ، وَيُدْرِكُونَ مَظَاهِرَ التَّفْرِيقِ فِي الْمُعَامَلَةِ، فَإِنَّ لَمْ يَتَدَارَكِ الْوَالِدُ تَحْسِينَ الْوَضْعِ، وَرَدِّ الْأُمُورِ إِلَى نِصَابِهَا فِي إِقَامَةِ الْعَدْلِ بَيْنَهُمْ؛ فَإِنَّ الْوَلَدَ الْمَظْلُومَ رُبَّمَا نَهَجَ السُّلُوكَ الْعُدْوَانِيَّ مَعَ إِخْوَانِهِ انْتِقَامًا لِنَفْسِهِ، أَوْ رُبَّمَا أَثَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَسَبَّبَ لَهُ ضَعْفًا فِي التَّحَكُّمِ فِي إِفْرَازَاتِهِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَظَاهِرِ سُوءِ التَّوَافُقِ النَّفْسِيِّ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُصَابَ بِهِ الطِّفْلُ الْمَنْبُوذُ"(بحوث تربية الطفل المسلم: 87).

 

21- يَجِبُ تَعْرِيفُ الْأَوْلَادِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ، وَتَعْلِيمُهُمُ الْعِبَادَاتِ وَالْأَخْلَاقِ وَالْمَحَبَّةِ لِرَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالِاقْتِدَاءُ بِهَدْيِهِ فِي كُلِّ شُؤُونِ حَيَاتِهِ.

                                                                   

وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِالتَّعْلِيمِ وَالتَّعْلِيقِ عَلَى مَوَاقِفِ التَّارِيخِ، وَضَرْبِ الْأَمْثِلَةِ الْحَيَّةِ وَالْقَصَصِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَالْقِرَاءَةِ الْوَاعِيَةِ وَالتَّزَوُّدِ بِالثَّقَافَةِ مَعَ التَّطْبِيقِ الْعَمَلِيِّ؛ لِيَقُومَ فِي نَفْسِ الطِّفْلِ صُورَةٌ كَامِلَةٌ وَصَحِيحَةٌ عَنِ الْإِسْلَامِ"(حقوق الأولاد على الوالدين في الشريعة الإسلامية:20).

 

22- "وَلَيْسَ حَازِمًا مَنْ كَانَ يَرْقُبُ كُلَّ حَرَكَةٍ وَهَمْسَةٍ وَكَلِمَةٍ، وَيُعَاقِبُ عِنْدَ كُلِّ هَفْوَةٍ أَوْ زَلَّةٍ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَسَامَحَ أَحْيَانًا"(كيف تربي ولدك:11).

 

23- "وَعَلَى الْمُرَبِّي عَدَمُ الْإِفْرَاطِ فِي الْحُبِّ، وَفِي التَّعْبِيرِ عَنْهُ يَمْنَعُ الْمُرَبِّي مِنَ الْحَزْمِ فِي تَرْبِيَةِ الطِّفْلِ، وَيُعَرِّضُ الطِّفْلَ لِلْأَمْرَاضِ النَّفْسِيَّةِ؛ فَقَدْ يَكُونُ التَّدْلِيلُ وَتَلْبِيَةُ الرَّغَبَاتِ، وَتَوْفِيرُ أَكْثَرِ الْحَاجَاتِ الضُّرُورِيَّةِ وَالْكِمَالِيَّةِ سَبَبًا فِي إِفْسَادِ الطِّفْلِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَوَّدُ عَلَى التَّرَفِ، وَيَعْجَزُ فِي مُسْتَقْبَلِهِ عَنْ مُوَاجَهَةِ الْوَاقِعِ، وَلَنْ يَسْتَطِيعَ تَحَمُّلَ الْمَسْئُولِيَّاتِ؛ لِأَنَّ حُبَّ الْوَالِدَيْنِ لَهُ زَادَ عَنْ حَدِّهِ"(كيف تربي ولدك:26).

 

24- "هَذَا النُّمُوَّ الْعَقْلِيَّ السَّرِيعَ عِنْدَ طِفْلِكَ يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِعْدَادِكَ وَصَبْرِكَ وَاهْتِمَامِكَ بِأَسْئِلَتِهِ وَإِجَابَتِكَ عَلَيْهَا الْإِجَابَةَ الصَّادِقَةَ وَالصَّحِيحَةَ"، وَإِيَّاكَ وَالْإِجَابَة الْخَاطِئَةَ، فَـ"هَذَا وَلَدٌ سَأَلَ أَبَاهُ: يَا أَبِي: لِمَاذَا الْبَيْضُ الَّذِي نَشْتَرِيهِ مَا يَفْقِسُ وَيَطْلُعُ كَتَاكِيتَ؟ الْأَبُ مَا يَعْرِفُ؛ فَأَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ طِفْلَهُ بِأَيِّ شَيْءٍ، فَقَالَ: هُمْ يُعْطُونَ إِبَرًا مِثْلَ الَّتِي عِنْدَ الطَّبِيبِ مِنْ أَجْلِ أَنْ لَا يَفْقِسَ، فَقَعَدَ الطِّفْلُ يُفَكِّرُ، فَذَهَبَ وَأَتَى بِبَيْضَةٍ وَسَأَلَهُ: أَيْنَ مَكَانُ الْإِبْرَةِ؟ فَالْأَبُ تَوَرَّطَ، وَمَع إِلْحَاحِ الطِّفْلِ اعْتَرَفَ الْأَبُ فَقَالَ: وَاللهِ يَا وَلَدِي مَا أَدْرِي لِيش الْبَيْضُ مَا يَفْقِسُ! يَا لَيْتَ هَذَا الْأَبَ مِنَ الْبِدَايَةِ قَالَ: وَاللهِ سُؤَالُكَ ذَكِيٌّ، وَلَا أَعْرِفُ جَوَابَهُ الآنَ، لَكِنْ -بِإِذْنِ اللهِ- نَسْأَلُ وَاحِدًا يَعْرِفُهُ، هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ، وَلَا يَعْتَرِفُ بِجَهْلِهِ وَيَهُزُّ مِصْداقِيَّتَهُ عِنْدَ وَلَدِهِ، وَيُثْبِتُ لَهُ عَمَلِيًّا أَنَّ أَبَاهُ كَذَّابٌ، أَوْ يَقُولُ لَهُ مَعْلُومَةً غَيْرَ صَحِيحَةٍ"(طفلك من الثانية إلى العاشرة توجيهات تربوية:25-23).

 

25- "الطِّفْلُ كَائِنٌ رَقِيقٌ سَهْلُ التَّشْكِيلِ، وَسَهْلُ التَّأَثُّرِ بِمَا يَدُورُ حَوْلَهُ، وَمِنْ هُنَا تَكُونُ مَسْئُولِيَّتُنَا نَحْنُ -الآبَاءَ وَالْأُمَّهَاتِ- كَبِيرَةً فِي تَنْشِئَةِ الطِّفْلِ وَتَوْجِيهِهِ .. إِمَّا إِلَى الطَّرِيقِ الصَّحِيحِ فَيَنْشَأُ شَابًّا عَلَى نَهْجٍ سَلِيمٍ، بَعِيدًا عَنِ الِاضْطِرَابَاتِ وَالْمَشَاكِلِ النَّفْسِيَّةِ .. وَإِمَّا أَنْ يَنْشَأَ مَلِيئًا بِالْعُقَدِ النَّفْسِيَّةِ الَّتِي تُؤَدِّي بِهِ إِمَّا إِلَى الْجُنُوحِ أَوِ الْمَرَضِ النَّفْسِيِّ"(مقالات نفسية في تربية الأطفال:1).

 

26- كَانَ الطَّبَرِيُّ "غُلَامًا يَجْلِسُ يَتَعَلَّمُ مِنْ شَيْخِهِ، فَكَانَ يَكْتُبُ مَا يَسْمَعُ مِنْ شَيْخِهِ، وَيَنْظُرُ الشَّيْخُ لِكِتَابَتِهِ وَيَقُولُ لَهُ -مِنْ بَابِ التَّشْجِيعِ-: إِنَّ هَذَا الْخَطَّ هُوَ خَطُّ الْعُلَمَاءِ .. حَتَّى أَصْبَحَ عَالِمًا وَسَيِّدَ الْمُفَسِّرِينَ ... مَنْ مِنَّا عِنْدَمَا كَتَبَ ابْنُهُ قَالَ لَهُ مِنْ بَابِ التَّشْجِيعِ: تَبَارَكَ اللهُ، مَا أَجْمَلَ خَطَّكَ! إِنَّهُ كَخَطِّ الْعُلَمَاءِ، حَاوِلْ -أَيُّهَا الْمُرَبِّي- وَأَنْتَ الْحكَمُ عَلَى النَّتِيجَةِ"(ولدي قرة عيني أحبك فاحفظ الله يحفظك: 42).

                            

27- "مَا أَجْمَلَ أَنْ تَتَنَوَّعَ وَسَائِلُ التَّشْجِيعِ وَالتَّعْزِيزِ! فَتَارَةً نُشَجِّعُ بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ، وَالثَّنَاءِ الْحَسَنِ، وَتَارَةً نُشَجِّعُ الِابْنَ بِإِهْدَائِهِ مَا يَحْتَاجُهُ، وَتَارَةً يَكُونُ التَّشْجِيعُ بِنُزْهَةٍ خَارِجَ الْمَنْزِلِ، وَتَارَةً تَشْتَرِكُ هَذِهِ الْوسَائِلُ وَتَتَعَدَّدُ. وَالْمُحَصِّلَةُ النِّهَائِيَّةُ: دَفْعُ الِابْنِ لِلْمَسِيرِ قُدُمًا فِي طَرِيقِ الْعِلْمِ وَالتَّحْصِيلِ، وَتَهْيِئَتُهُ لِقِيَادَةِ نَفْسِهِ إِلَى مَا يَنْفَعُهُ فِي آخِرَتِهِ"(الآباء مدرسة الأبناء:8).

 

28- قال الدكتور عبد الكريم عن الْأَطْفَالَ أنهم بِحَاجَةٍ كَبِيرَةٍ إِلَى التَّشْجِيعِ وَالتَّحْفِيزِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ "يُعْطِي الشُّعُورَ بِالثِّقَةِ وَتَقْدِيرِ الآخَرِينَ لِلْمُتَرَبِّي، وَيُقَوِّي فَاعِلِيَّتَهُ وَانْتِمَاءَهُ لِلْجِهَةِ الَّتِي مَنَحَتْهُ الْفُرْصَةَ لِإِظْهَارِ مَا لَدَيْهِ مِنْ قُدُرَاتٍ، وَيُسَاعِدُ فِي تَكْرَارِ النَّجَاحِ وَالْحِرْصِ عَلَيْهِ...وَمِنَ الْأَهَمِّيَّةِ بِمَكَانٍ أَنْ يَبْذُلَ الْآبَاءُ بَعْضَ الْجُهْدِ فِي تَعَلُّمِ أَسَالِيبِ التَّشْجِيعِ؛ فَهُوَ مِنْ أَهَمِّ الْأُمُورِ الَّتِي يُمْكِنُهُمُ اسْتِعْمَالُهَا فِي التَّرْبِيَةِ، وَهُوَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي الْأَنْوَاعِ الْأُخْرَى مِنَ السُّلُوكِ"(مقالات وبحوث الدكتور عبد الكريم بكار:276).

 

29- قال محمد قطب: "وإذاكان الواقع التاريخي الإسلامي لم يشهد تَكرار ذلك النموذج الرفيع بصورته تلك إلا في نماذج فردية على مدار الأجيال، بينما كانت تلك النماذج محتشدة في الجماعة الأولى احتشادًا فذًّا، جعل المؤرخين الأوائل يشيرون إلى معظمها مجرد إشارة عابرة، كأنما هي ظاهرة عامة لا تحتاج إلى إشادة ولا حديث خاص، فستظل هذه الجماعة على الرغم من ذلك هي النموذجَ الذي تتطلع إليه الأجيال، وتحاول أن تعيده في عالم الواقع، فإن أفلحت في أي جيل، أو في أي قرن، فهو الخير للبشرية كلها بغير نزاع، وإلا فالمحاولة في ذاتها خير؛ لأنها سترفع كل إنسان إلى أقصى حدود طاقته الذاتية، فلا تظل في نفسه فضلة من خير محبوسة عن العمل، أو محجوزة عن النماء"؛ (منهج التربية الإسلامية؛ محمد قطب، ص (15-16).

 

 

 

 

الإحالات

1- تربية الأولاد على منهاج النبوة، وبيان حقوقهم في الإسلام؛ لمحمد سعيد رسلان.

 

2- الطفولة والمراهقة؛ د. سعد جلال.

 

3- اضطرابات الطفولة والمراهقة وعلاجها؛ د. عبدالرحمن العيسوي.

 

4- مشكلات الطفولة والمراهقة؛ د. عبدالرحمن العيسوي.

 

5- علم نفس النمو - الطفولة والمراهقة؛ لحامد عبدالسلام زهران.

 

6- بحوث ندوة الطفولة المبكرة (33) بحثا تربويا؛ لمجموعة من العلماء وطلبة العلم (في موقع صيد الفوائد).