شوق

2022-10-04 - 1444/03/08

التعريف

اعلم أن الشوق لا يتصور إلا إلى شيء أدرك من وجه ، ولم يدرك من وجه فأما الذي لم يدرك أصلاً ، فلا يشتاق إليه ، فإن لم ير شخصاً ولم يسمع وصفه ، لم يتصور أن يشتاق إليه ولو أدرك كماله لا يشتاق إليه ،

ثم إن الشوق إلى المعشوق من وجهين.

أحدهما : أنه إذا رآه ثم غاب عنه اشتاق إلى استكمال خياله بالرؤية.

والثاني : أن يرى وجه محبوبه ولا يرى شعره ، ولا سائر محاسنه ، فيشتاق إلى أن ينكشف له ما لم يره قط ، والوجهان جميعاً متصوران في حق الله تعالى ، بل هما لازمان بالضرورة لكل العارفين ، فإن الذي اتضح للعارفين من الأمور الإلهية وإن كان في غاية الوضوح ، مشوب بشوائب الخيالات ، فإن الخيالات لا تفتر في هذا العالم عن المحاكاة والتمثيلات ، وهي مدركات للمعارف الروحانية ، ولا يحصل تمام التجلي إلا في الآخرة ، وهذا يقتضي حصول الشوق لا محالة في الدنيا فهذا أحد نوعي الشوق فيما اتضح اتضاحاً. والثاني : أن الأمور الإلهية لا نهاية لها ، وإنما ينكشف لكل عبد من العباد بعضها ، وتبقى أمور لا نهاية لها غامضة ، فإذا علم العارف أن ما غاب عن عقله أكثر مما حضر فإنه لا يزال يكون مشتاقاً إلى معرفتها ، والشوق بالتفسير الأول ينتهي في دار الآخرة بالمعنى الذي يسمى رؤية ولقاء ومشاهدة ، ولا يتصور أن يكون في الدنيا ، وأما الشوق بالتفسير الثاني فيشبه أن لا يكون له نهاية ، إذ نهايته أن ينكشف للعبد في الآخرة جلال الله وصفاته ، وحكمته في أفعاله ، وهي غير متناهية ، والاطلاع على غير المتناهي على سبيل التفصيل محال ، وقد عرفت حقيقة الشوق إلى الله تعالى [مفاتيح الغيب ـ الإمام العالم العلامة والحبر البحر الفهامة فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي دار النشر : دار الكتب العلمية - بيروت - 1421هـ - 2000 م الطبعة : الأولى (4/187) ] .

العناصر

الايات

الاحاديث

الاثار

1- قال أبو زيد النجراني قال دخلت على عائذ النجراني وإذا هو مكبوب لوجهه يبكي وهو يقول وعزتك يا حبيبي لقد أذاب قلبي الشوق إلى النظر إلى وجهك يا كريم قال فأبكاني والله قال فلم يلبث بعد هذا إلا أياما حتى مات قال فرأت امرأة من أهله كأنها دخلت الجنة وقد زخرفت فقالت لمن زخرفت الجنة قالوا لولي من أولياء الرحمن قدم البارحة من الدنيا قالت فخرج علي وفي يده كوب ياقوت قالت فلما رأيته بهت فقال لم تراعي إنما هي الجنة للمليك يتحف من أحب من عباده قال قلت بأبي أنت بما نلت هذه المنزلة من الله عز و جل قال بمحبته وإتيان محبة الله عز و جل [مجلس إملاء لأبي عبدالله محمد بن عبدالواحد بن محمد الدقاق في رؤية الله تبارك وتعالى (1/366) ] .

 

2- تقول رابعة العدوية: طالت علي الأيام والليالي بالشوق إلى لقاء الله [نقله ابن رجب في شرح حديث (لبيك اللهم لبيك) ضمن مجموع الرسائل 1/ 129] . 3- قال فتح بن شحرف طال شوقي إليك فعجل بالقدوم عليك [صفة الصفوة (2/ 644) ] .

 

4- قال السري الشوق أجل مقام العارف إذا تحقق فيه [نقله ابن رجب في شرح حديث (لبيك اللهم لبيك) ضمن مجموع الرسائل (1/ 129 – 130) ] .

 

5- سئل الشبلي بماذا تستريح قلوب المحبين والمشتاقين؟ فقال: بسرورهم بمن أحبوه واشتاقوا إليه [ينظر: شرح حديث (لبيك اللهم لبيك) ضمن مجموع الرسائل 1/ 131، وشرح حديث عمار (اللهم بعلمك الغيب) 1/ 182] .

القصص

الاشعار

رحم الله من قال: فحيهلا إن كنت ذا همة فقد *** حدا بك حادي الشوق فاطو المراجلا

وقل لمنادي حبهم ورضاهم *** إذا ما دعا لبيك ألفا كواملا

ولا تنظر الأطلال من دونهم فإن *** نظرت إلى الأطلال عدن حوائلا

ولا تنتظر بالسير رفقة قاعد *** ودعه فإن الشوق يكفيك حاملا

وخذ منهم زادا إليهم وسر على *** طريق الهدى والحب تصبح واصلا

وأحي بذكراهم شراك إذا دنت *** ركابك فالذكرى تعيدك عاملا 

وأما تخافن الكلال فقل لها *** أمامك ورد الوصل فابغي المناهلا

وخذ قبسا من نورهم ثم سر به *** فنورهم يهديك ليس المشاعلا

وحى على وادي الأراك فقل به *** عساك تراهم ثم إن كنت قائلا

وإلا ففي نعمان عندي معرف الـ *** أحبة فاطلبهم إذا كنت سائلا

وإلا ففي جمع بليلته فإن *** تفت فمنى يا ويح من كان غافلا

وحي على جنات عدن فإنها *** منازلك الأولى بها كنت نازلا

ولكن سباك الكاشحون لأجل ذا *** وقفت على الأطلال تبكي المنازلا

وحي على يوم المزيد بجنة الـ *** خلود فجد بالنفس إن كنت باذلا

فدعها رسوما دارسات فما بها *** مقيل وجاوزها فليست منازلا

رسوما عفت ينتابها الخلق كم بها *** قتيل وكم فيها لذا الخلق قاتلا

وخذ يمنة عنها على المنهج الذي *** عليه سرى وفد الأحبة آهلا

وقل ساعدي يا نفس بالصبر ساعة *** فعند اللقا ذا الكد يصبح زائلا

فما هي إلا ساعة ثم تنقضي *** ويصبح ذو الأحزان فرحان جاذلا

 

[زاد المعاد (3/64) ] .

الدراسات

متفرقات

1- يقول الشيخ عبد العزيز بن ناصر الجليل: الشوق إلى رؤية الله عز وجل الذي له الجمال كله والاستعداد بالعمل الصالح المقرب إلى جنته، والتنعم بأعظم نعيم في الجنة ألا وهو رؤية الله عز وجل وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في دعائه: «وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة» [النسائي في الصلاة وصححه الألباني في صحيح النسائي (1237) ]، وحري بالمسلم أن يتأسى بالرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الدعاء [ولله الأسماء الحسنى (2/139) ] .

 

2- قال ابن القيم رحمه الله:...ثم الشوق، وهو سفر القلب إلى المحبوب أحثّ السفر. وقد جاء إطلاقه في حقّ الرب تعالى، كما في مسند الإِمام أحمد من حديث عمار بن ياسر أنه صلّى صلاةً فأوجز فيها، فقيل له في ذلك، فقال: أمَا إنّي دعوتُ فيها بدعَواتٍ كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهنّ: «اللهم إنّي أسألك بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق، أحْيني إذا كانت الحياة خيرًا لي، وتوفّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي. اللهم وَأسالك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمةَ الحقّ في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيمًا لا ينفد، وأسألك قرةَ عين لا تنقطع، وأسألك بردَ العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، وأسألك الشوق إلى لقائك، في غير ضرّاء مُضِرّة ولا فتنة مضِلّة. اللهم زينا بزينة الإيمان" واجعلنا هداةً مهتدين » [الجواب الكافي (1/428) ] .

 

3- ذكر ابن رجب رحمه الله أن حكم تمني الموت راجع إلى دوافعه ويجوز عنده تمنيه شوقا إلى لقاء الله، لقوله تعالى: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «وأسألك الشوق إلى لقائك، من غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة» [رواه الإمام أحمد في المسند 30/ 265 رقم 18325]، [شرح حديث (لبيك اللهم لبيك) ضمن مجموع الرسائل (1/ 111 - 112، 129، وشرح حديث عمار (اللهم بعلمك الغيب) 155 – 159) ] .

التحليلات

الإحالات

1- الشريعة المؤلف : أبو بكر محمد بن الحسين الآجري شهرته : الآجري المحقق : عبد الله بن عمر بن سليمان الدميجي دار النشر : دار الوطن البلد : الرياض (5/2537) .

2- مجلس إملاء لأبي عبدالله محمد بن عبدالواحد بن محمد الدقاق في رؤية الله تبارك وتعالى المؤلف : محمد بن عبدالواحد بن محمد الأصبهاني أبو عبدالله الناشر : مكتبة الرشد – الرياض الطبعة الأولى ، 1997 تحقيق : الشريف حاتم بن عارف العوني (1/366) .

3- محبة الرسول بين الاتباع والابتداع المؤلف : عبد الرءوف محمد عثمان الطبعة : الأولى الناشر : رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إدارة الطبع والترجمة – الرياض تاريخ النشر : 1414هـ (1/116) .

4- أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها : التبشير - الاستِشراق - الاستعمار ، دراسة وتحليل وتوجيه (ودراسة منهجية شاملة للغزو الفكري) المؤلف : عبد الرحمن بن حسن حَبَنَّكَة الميداني الدمشقي (المتوفى : 1425هـ) الناشر : دار القلم – دمشق الطبعة : الثامنة ، 1420 هـ - 2000 م

5- تفسير الفخر الرازى ـ موافق للمطبوع المؤلف : محمد بن عمر بن الحسين الرازي الشافعي المعروف بالفخر الرازي أبو عبد الله فخر الدين ولد بالري من أعمال فارس من تصانيفه الكثيرة: مفاتيح الغيب من القرآن الكريم. دار النشر / دار إحياء التراث العربى (1/715) .

6- مفاتيح الغيب ـ ترقيم الشاملة موافق للمطبوع المؤلف : الإمام العالم العلامة والحبر البحر الفهامة فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي دار النشر : دار الكتب العلمية - بيروت - 1421هـ - 2000 م الطبعة : الأولى (4/187) .

7- مُخْتَصَرُ مِنْهَاجِ القَاصِدِينْ المؤلف: نجم الدين، أبو العباس، أحمد بن عبد الرحمن بن قدامة المقدسي (المتوفى: 689هـ) قدم له: الأستاذ محمد أحمد دهمان الناشر: مكتَبَةُ دَارِ البَيَانْ، دمشق عام النشر: 1398 هـ - 1978 م (1/347) .

8- الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ) حققه: مُحَمَّد أجمل الإصْلاَحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري الناشر: مجمع الفقه الإسلامي بجدة، ط دار عالم الفوائد بجدة الطبعة: الأولى، 1429 (1/428) .

9- مجلة البحوث الإسلامية - مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد المؤلف: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد (91/142) .

10- مجموع رسائل الحافظ ابن رجب الحنبلي المؤلف: زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن، السَلامي، البغدادي، ثم الدمشقي، الحنبلي (المتوفى: 795هـ) المحقق: أبو مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني الناشر: الفاروق الحديثة للطباعة والنشر (3/351) .

11- التيسير بشرح الجامع الصغير المؤلف / الإمام الحافظ زين الدين عبد الرؤوف المناوي دار النشر / مكتبة الإمام الشافعي - الرياض - 1408هـ - 1988م الطبعة: الثالثة (1/403) .