شجاعة

2022-10-10 - 1444/03/14

التعريف

الشجاعة لغة:

مصدر شجع فلان أي صار شجاعا وهو مأخوذ من مادّة (ش ج ع) الّتي تدلّ على الجرأة والإقدام، قال ابن فارس: ومن ذلك قولهم الرّجل الشّجاع وهو المقدام، والشّجعة من النّساء: الجريئة، وقال ابن منظور: شجع شجاعة: اشتدّ عند البأس. والشّجاعة: شدّة القلب في البأس.

ويقال: رجل شجاع وشجاع، وشجاع وأشجع، من قوم شجاع وشجعان، وشجعان. والمرأة شجاعة وشجعة وشجيعة وشجعاء، وقيل: لا توصف به المرأة. وتشجّع فلان: أي تكلّف الشّجاعة. وشجّعته: إذا قلت له أنت شجاع أو قوّيت قلبه. ورجل مشجوع: أي مغلوب بالشّجاعة [لسان العرب (4/ 2200- 2201). والصحاح: 3/ 1237- 1238، ومقاييس اللغة (3/ 248) ] .

واصطلاحا:

قال الجاحظ: الشّجاعة هي الإقدام على المكاره والمهالك عند الحاجة إلى ذلك، وثبات الجأش عند المخاوف مع الاستهانة بالموت [تهذيب الأخلاق للجاحظ (ص 27)] .

وقال المناويّ: هي الإقدام الاختياريّ على مخاوف نافعة في غير مبالاة [التوقيف على مهمات التعاريف (ص 202) ] .

وقال ابن حزم- رحمه اللّه تعالى-: هي بذل النّفس للذّود عن الدّين أو الحريم أو عن الجار المضطهد أو عن المستجير المظلوم، وعمّن هضم ظلما في المال والعرض، وسائر سبل الحقّ سواء قلّ من يعارض أو كثر [مداواة النفوس (80)] .

وقال الجرجانيّ: هي هيئة حاصلة للقوّة الغضبيّة، بين التّهوّر والجبن، بها يقدم على أمور ينبغي أن يقدم عليها، كالقتال مع الكفّار ما لم يزيدوا على ضعف المسلمين [التعريفات (125)، وكشاف اصطلاحات الفنون (4/ 129) ] .

وقيل: هي الصّبر والثّبات والإقدام على الأمور النّافع تحصيلها أو دفعها وتكون في الأفعال والأقوال [الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة في العقائد والفنون المتنوعة الفاخرة للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ص 54) ] .

 

العناصر

1- الشجاعة فضيلة عظيمة، وخصلة من خصال الخير عالية .

 

 

2- الفرق بين الشجاعة والصبر والكرم .

 

 

3- الفرق بين الشجاعة والتهور .

 

 

4- أصل الشجاعة وعوامل تقويتها .

 

 

5- أنواع الشجاعة .

 

 

6- نماذج وصور من شجاعة الأنبياء والسلف الصالح.

 

 

7- ضرورة تربية الأمة على المثل والأخلاق العالية وفي مقدمتها الشجاعة .

 

 

8- خلق العفو عند المقدرة شجاعة وقوة .

 

الايات

1- قوله تعالى: ( وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) [آل عمران: 139] .

 

 

2- قوله تعالى: ( وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) [آل عمران: 146] .

 

 

3- قوله تعالى: ( وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ) [النساء: 104] .

 

 

4- قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ ) [الأنفال: 15] .

 

 

5- قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [الأنفال: 45] .

 

 

6- قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) [التوبة: 123] .

 

 

7- قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) [التحريم: 9] .

 

الاحاديث

 

1- عن أنس- رضي اللّه عنه- أنّه قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أحسن النّاس وأشجع النّاس وأجود النّاس، ولقد فزع أهل المدينة، فكان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سبقهم على فرس، وقال: «وجدناه بحرا » [البخاري- الفتح 6 (2820) واللفظ له. ومسلم (2307) ] .

 

 

2- عن يسير بن جابر- رضي اللّه عنه- قال: هاجت ريح حمراء بالكوفة. فجاء رجل ليس له هجّيرى  إلّا: يا عبد اللّه بن مسعود جاءت السّاعة. قال فقعد وكان متّكئا. فقال: إنّ السّاعة لا تقوم، حتّى لا يقسم ميراث، ولا يفرح بغنيمة. ثمّ قال بيده هكذا (ونحّاها نحو الشّام) فقال: عدوّ يجمعون لأهل الإسلام، ويجمع لهم أهل الإسلام. قلت: الرّوم تعني؟ قال: نعم. وتكون عند ذاكم القتال ردّة شديدة  فيشترط  المسلمون شرطة  للموت لا ترجع إلّا غالبة. فيقتتلون حتّى يحجز بينهم اللّيل. فيفيء هؤلاء وهؤلاء. كلّ غير غالب. وتفنى الشّرطة. ثمّ يشترط المسلمون شرطة للموت. لا ترجع إلّا غالبة. فيقتتلون. حتّى يحجز بينهم اللّيل. فيفيء هؤلاء وهؤلاء. كلّ غير غالب. وتفنى الشّرطة. ثمّ يشترط المسلمون شرطة للموت. لا ترجع إلّا غالبة. فيقتتلون حتّى يمسوا. فيفيء هؤلاء وهؤلاء. كلّ غير غالب. وتفنى الشّرطة. فإذا كان يوم الرّابع، نهد» إليهم بقيّة أهل الإسلام. فيجعل اللّه الدّبرة عليهم. فيقتلون مقتلة- إمّا قال: لا يرى مثلها، وإمّا قال: لم ير مثلها- حتّى إنّ الطّائر ليمرّ بجنباتهم  فما يخلّفهم حتّى يخرّ ميتا. فيتعادّ بنو الأب  كانوا مائة. فلا يجدونه بقي منهم إلّا الرّجل الواحد. فبأيّ غنيمة يفرح؟ أو أيّ ميراث يقاسم؟ فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس، هو أكبر من ذلك. فجاءهم الصّريخ؛ إنّ الدّجّال قد خلفهم في ذراريّهم. فيرفضون ما في أيديهم. ويقبلون. فيبعثون عشرة فوارس طليعة: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّي لأعرف أسماءهم، وأسماء آبائهم، وألوان خيولهم. هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ. أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ» [مسلم (2899) ] .

 

 

3- قال أنس- رضي اللّه عنه- إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أخذ سيفا يوم أحد فقال: «من يأخذ منّي هذا؟». فبسطوا أيديهم، كلّ إنسان منهم يقول: أنا. أنا.قال: «فمن يأخذه بحقّه؟». قال: فأحجم القوم. فقال سماك بن خرشة أبو دجانة: أنا آخذه بحقّه. قال: فأخذه ففلق به هام المشركين. [مسلم (2470) ] .

 

 

4- عن أنس- رضي اللّه عنه- أنّه قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان. قال: فتكلّم أبو بكر، فأعرض عنه. ثمّ تكلّم عمر، فأعرض عنه. فقام سعد بن عبادة، فقال: إيّانا تريد يا رسول اللّه! والّذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها. ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد  لفعلنا، قال: فندب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم النّاس. فانطلقوا حتّى نزلوا بدرا ووردت عليهم روايا قريش ... الحديث . [مسلم (1779) ] .

 

 

5- عن أبي ذرّ- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «ثلاثة يحبّهم اللّه- عزّ وجلّ- وثلاثة يبغضهم اللّه- عزّ وجلّ-. أمّا الّذين يحبّهم اللّه- عزّ وجلّ-: فرجل أتى قوما فسألهم باللّه- عزّ وجلّ- ولم يسألهم بقرابة بينه وبينهم فمنعوه فتخلّفه رجل بأعقابهم، فأعطاه سرّا، لا يعلم بعطيّته إلّا اللّه- عزّ وجلّ- والّذي أعطاه، وقوم ساروا ليلتهم حتّى إذا كان النّوم أحبّ إليهم ممّا يعدل به نزلوا، فوضعوا رؤوسهم، فقام يتملّقني، ويتلو آياتي، ورجل كانوا في سريّة فلقوا العدوّ فهزموا، فأقبل بصدره حتّى يقتل أو يفتح اللّه له. والثّلاثة الّذين يبغضهم اللّه- عزّ وجلّ-: الشّيخ الزّاني، والفقير المختال، والغنيّ الظّلوم» [النسائي (5/ 84) واللفظ له. والترمذي (2568) وقال: هذا حديث صحيح. والحاكم (1/ 416- 417) وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ذكره في المشكاة (1922). وقال مخرج جامع الأصول: حديث حسن (9/ 564) ] .

 

 

6- عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- أنّه قال: ندب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم النّاس يوم الخندق، فانتدب الزّبير، ثمّ ندبهم فانتدب الزّبير، ثمّ ندبهم  فانتدب الزّبير. قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ لكلّ نبيّ حواريّا  وحواريّ الزّبير» [البخاري- الفتح 6 (2997) واللفظ له. ومسلم (2415) ] .

 

 

7- عن البراء بن عازب- رضي اللّه عنهما- أنّه قال لرجل قال له: أكنتم ولّيتم يوم حنين يا أبا عمارة؟ فقال: أشهد على نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما ولّى ولكنّه انطلق أخفّاء من النّاس، وحسّر إلى هذا الحيّ من هوازن، وهم قوم رماة. فرموهم برشق من نبل. كأنّها رجل من جراد. فانكشفوا. فأقبل القوم إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأبو سفيان بن الحارث يقود به بغلته. فنزل ودعا واستنصر، وهو يقول: «أنا النّبيّ لا كذب. أنا ابن عبد المطّلب. اللّهمّ نزّل نصرك». قال البراء: كنّا واللّه إذا احمرّ البأس نتّقي به. وإنّ الشّجاع منّا للّذي يحاذي به- يعني النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. [البخاري- الفتح 7 (4317). ومسلم (1776) واللفظ له ] .

 

 

8-عن سعد بن أبي وقّاص- رضي اللّه عنه- قال: لمّا جال النّاس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تلك الجولة يوم أحد، تنحّيت فقلت: أذود عن نفسي، فإمّا أن أستشهد، وإمّا أن أنجو حتّى ألقى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.فبينا أنا كذلك إذا برجل مخمّر وجهه ما أدري من هو، فأقبل المشركون حتّى قلت: قد ركبوه، ملأ يده من الحصى، ثمّ رمى به في وجوههم، فنكبوا على أعقابهم القهقرى حتّى يأتوا الجبل، ففعل ذلك مرارا، ولا أدري من هو، وبيني وبينه المقداد بن الأسود، فبينا أنا أريد أن أسأل المقداد عنه، إذ قال المقداد: يا سعد هذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يدعوك، فقلت: وأين هو؟ فأشار لي المقداد إليه، فقمت ولكأنّه لم يصبني شيء من الأذى، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أين كنت اليوم يا سعد؟». فقلت: حيث رأيت يا رسول اللّه! فأجلسني أمامه فجعلت أرمي، وأقول: اللّهمّ سهمك فارم به عدوّك، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «اللّهمّ استجب لسعد، اللّهم سدّد لسعد رميته، إيها  سعد». فداك أبي وأمّي، فما من سهم أرمي به إلّا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «اللّهمّ سدّد رميته وأجب دعوته، إيها سعد» حتّى إذا فرغت من كنانتي نثر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما في كنانته فنبلني سهما نضيّا، قال الزّهريّ: إنّ السّهام الّتي رمى بها سعد يومئذ كانت ألف سهم. [الحاكم (3/ 26) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ] .

 

 

9- عن العبّاس بن عبد المطّلب- رضي اللّه عنه- قال: شهدت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم حنين. فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فلم نفارقه. ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذاميّ. فلمّا التقى المسلمون والكفّار ولّى المسلمون مدبرين، فطفق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يركض بغلته قبل الكفّار. قال عبّاس: وأنا آخذ بلجام بغلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. أكفّها إرادة أن لا تسرع وأبو سفيان آخذ بركاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أي عبّاس! ناد أصحاب السّمرة» فقال عبّاس: (وكان رجلا صيّتا) فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السّمرة ؟ قال: فو اللّه لكأنّ عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها. فقالوا: يا لبّيك يا لبّيك. قال: فاقتتلوا والكفّار. والدّعوة في الأنصار يقولون: يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار. قال: ثمّ قصرت الدّعوة على بني الحارث بن الخزرج فقالوا: يا بني الحارث بن الخزرج! يا بني الحارث بن الخزرج! فنظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «هذا حين حمي الوطيس » قال: ثمّ أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حصيات، فرمى بهنّ وجوه الكفّار. ثمّ قال: «انهزموا، وربّ محمّد». قال: فذهبت أنظر، فإذا القتال على هيئته فيما أرى. قال: فو اللّه! ما هو إلّا أن رماهم بحصياته. فما زلت أرى حدّهم كليلا «3» وأمرهم مدبرا). [البخاري- الفتح 6 (2930) برواية البراء. ومسلم (1775) واللفظ له ] .

 

 

10- عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- قال: غزونا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم غزوة قبل نجد، فأدركنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في واد كثير العضاه. فنزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تحت شجرة، فعلّق سيفه بغصن من أغصانها، قال: وتفرّق النّاس في الوادي يستظلّون بالشّجر. قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ رجلا أتاني وأنا نائم. فأخذ السّيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي. فلم أشعر إلّا والسّيف صلتا  في يده. فقال لي: من يمنعك منّي؟ قال: قلت: اللّه. ثمّ قال في الثّانية: من يمنعك منّي؟ قال: قلت: اللّه. قال: فشام السّيف  فها هو ذا جالس» ثمّ لم يعرض له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. [مسلم (843) ] .

 

الاثار

1- قال عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه-: إنّ الشّجاعة والجبن غرائز في الرّجال، تجد الرّجل يقاتل لا يبالي ألّا يؤوب إلى أهله، وتجد الرّجل يفرّ عن أبيه وأمّه، وتجد الرّجل يقاتل ابتغاء وجه اللّه فذلك الشّهيد. [صفوة الأخبار (88) ] .

 

 

2- قيل لعليّ- رضي اللّه عنه-: إذا جالت الخيل، فأين نطلبك؟ قال: حيث تركتموني. [المستطرف (1/ 316) ] .

 

 

3- قال الزّبير بن العوّام- رضي اللّه عنه- كان أوّل من جهر بالقرآن بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بمكّة عبد اللّه بن مسعود. قال: اجتمع يوما أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: واللّه ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قطّ، فمن رجل يسمعهموه؟. قال عبد اللّه ابن مسعود: أنا. قالوا: إنّا نخشاهم عليك. إنّما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه، قال: دعوني فإنّ اللّه- عزّ وجلّ- سيمنعني، قال: فغدا ابن مسعود حتّى أتى المقام في الضّحى وقريش في أنديتها فقام عند المقام ثمّ قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ رافعا صوته الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ قال: ثمّ استقبلها يقرأ فيها قال: وتأمّلوا فجعلوا يقولون: ما يقول ابن أمّ عبد؟ قال: ثمّ قالوا إنّه ليتلو بعض ما جاء به محمّد، فقاموا إليه فجعلوا يضربون في وجهه وجعل يقرأ حتّى بلغ منها ما شاء اللّه أن يبلغ. ثمّ انصرف إلى أصحابه وقد أثّروا في وجهه، فقالوا: هذا الّذي خشينا عليك، قال: ما كان أعداء اللّه أهون عليّ منهم الآن ولئن شئتم لأغادينّهم بمثلها. قالوا: حسبك فقد أسمعتهم ما يكرهون. [فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 838837). وسيرة ابن هشام (1/ 314) وذكره ابن الأثير في أسد الغابة (3/ 256) ] .

 

 

4- قال طلحة بن عبيد اللّه- رضي اللّه عنه- «لمّا كان يوم أحد ارتجزت بهذا الشّعر:

 

نحن حماة غالب ومالك *** نذبّ عن رسولنا المبارك

 

نضرب عنه اليوم في المعارك *** ضرب صفاح الكوم  في المبارك

 

فلمّا انصرف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يوم أحد، قال لحسّان: «قل في طلحة». فأنشأ حسّان، وقال:

 

طلحة يوم الشّعب آسى محمّدا *** على سالك ضاقت عليه وشّقت

 

يقيه بكفّيه الرّماح وأسلمت *** أشاجعه تحت السّيوف فشلّت

 

وكان أمام النّاس إلّا محمّدا *** أقام رحى الإسلام حتّى استقلّت

 

[الحاكم (3/ 25) ] .

 

 

5- وقال موسى بن طلحة: «إنّ طلحة رجع بسبع وثلاثين أو خمس وثلاثين بين ضربة وطعنة ورمية، ترصّع جبينه وقطعت سبّابته وشلّت الإصبع الّتي تليها. [الحاكم (3/ 25- 26) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي] .

 

 

6- قال سعد بن أبي وقّاص- رضي اللّه عنه-: كان حمزة بن عبد المطّلب يقاتل يوم أحد بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ويقول: أنا أسد اللّه. [الحاكم (3/ 194) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه في التلخيص ] .

 

 

7- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عشرة منهم خبيب الأنصاريّ، فأخبرني عبيد اللّه بن عياض أنّ ابنة الحارث أخبرته أنّهم حين اجتمعوا استعار منها موسى يستحدّ بها، فلمّا خرجوا من الحرم ليقتلوه قال خبيب الأنصاريّ:

 

ولست أبالي حين أقتل مسلما *** على أيّ شقّ كان للّه مصرعي

 

وذلك في ذات الإله وإن يشأ *** يبارك على أوصال شلو ممزّع

 

فقتله ابن الحارث، فأخبر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أصحابه خبرهم يوم أصيبوا. [البخاري- الفتح 13 (7402) ] .

 

 

8- قال معاذ بن عمرو- رضي اللّه عنه-: جعلت أبا جهل يوم بدر من شأني. فلمّا أمكنني حملت عليه، فضربته، فقطعت قدمه بنصف ساقه، وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي، وبقيت معلّقة بجلدة بجنبي، وأجهضني عنها القتال، فقاتلت عامّة يومي وإنّي لأسحبها خلفي. فلمّا آذتني، وضعت قدمي عليها ثمّ تمطّأت عليها حتّى طرحتها» قال الذّهبيّ بعد هذه القصّة: «هذه واللّه الشّجاعة لا كآخر من خدش بسهم ينقطع قلبه وتخور قواه. [سير أعلام النبلاء (1/ 250- 251) ] .

 

 

9- عن رجل من أسلم أنّه قال: إنّ أبا جهل اعترض لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند الصّفا فاذاه وشتمه، وقال فيه ما يكره من العيب لدينه والتّضعيف له، فلم يكلّمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ومولاة لعبد اللّه بن جدعان  التّيميّ في مسكن لها فوق الصّفا تسمع ذلك، ثمّ انصرف عنه، فعمد إلى نادي قريش عند الكعبة فجلس معهم، ولم يلبث حمزة بن عبد المطّلب أن أقبل متوشّحا قوسه راجعا عن قنص له، وكان إذا فعل ذلك لم يمرّ على نادي قريش وأشدّها شكيمة، وكان يومئذ مشركا على دين قومه، فجاءته المولاة، وقد قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليرجع إلى بيته، فقالت له: يا أبا عمارة! لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمّد من أبي الحكم آنفا، وجده هاهنا فاذاه وشتمه وبلغ ما يكره، ثمّ انصرف عنه، فعمد إلى نادي قريش عند الكعبة، فجلس معهم ولم يكلّم محمّدا فاحتمل حمزة الغضب لما أراد اللّه من كرامته- فخرج سريعا لا يقف على أحد كما كان يصنع يريد الطّواف بالبيت متعمّدا لأبي جهل أن يقع به، فلمّا دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم، فأقبل نحوه حتّى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه على رأسه ضربة مملوءة، وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل، فقالوا: ما نراك يا حمزة إلّا صبأت فقال حمزة: وما يمنعني وقد استبان لي ذلك منه. أنا أشهد أنّه رسول اللّه وأنّ الّذي يقول حقّ، فو اللّه لا أنزع. فامنعوني إن كنتم صادقين. فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة لقد سببت ابن أخيه سبّا قبيحا، ومرّ حمزة على إسلامه وتابع يخفّف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فلمّا أسلم حمزة علمت قريش أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد عزّ وامتنع، وأنّ حمزة سيمنعه فكفّوا عن بعض ما كانوا يتناولونه وينالون منه، فقال في ذلك سعد حين ضرب أبا جهل فذكر رجزا غير مستقر أوّله: ذق أبا جهل بما غشيت». قال: ثمّ رجع حمزة إلى بيته فأتاه الشّيطان، فقال: أنت سيّد قريش اتّبعت هذا الصّابأ وتركت دين آبائك، للموت خير لك ممّا صنعت، فأقبل على حمزة شبه، فقال: ما صنعت؟ اللّهمّ إن كان رشدا فاجعل تصديقه في قلبي، وإلّا فاجعل لي ممّا وقعت فيه مخرجا، فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشّيطان، حتّى أصبح فغدا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: ابن أخي إنّي وقعت في أمر لا أعرف المخرج منه، وإقامة مثلي على ما لا أدري ما هو، أرشد هو أم غيّ شديد؟ فحدّثني حديثا فقد استشهيت يا ابن أخي أن تحدّثني، فأقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فألقى اللّه في نفسه الإيمان، كما قال رسول اللّه، فقال: «أشهد إنّك لصادق شهادة المصدّق والعارف، فأظهر يا ابن أخي دينك، فهو اللّه ما أحبّ أنّ لي ما ألمعت الشّمس، وأنّي على ديني الأوّل. قال: فكان حمزة ممّن أعزّ اللّه به الدّين. [الحاكم في المستدرك (3/ 192- 193) ] .

 

 

10- قيل لعبد الملك: من أشجع العرب في شعره؟ فقال: «عبّاس بن مرداس حين يقول:

 

أشدّ على الكتيبة لا أبالي *** أحتفي كان فيها أم سواها

وهذا أشجع بيت قالته العرب. [صفوة الأخبار ومنتقى الآثار (83) ] .

 

 

11- قال الشّعبيّ- رحمه اللّه تعالى-: كان موالي بلال يضربونه على بطنه ويعصرونه ويقولون: دينك الّلات والعزّى، فيقول: ربّي اللّه. أحد أحد، ولو أعلم كلمة أحفظ لكم منها لقلتها. فمرّ أبو بكر بهم، فقالوا اشتر أخاك في دينك، فاشتراه بأربعين أوقيّة، فأعتقه، فقالوا: لو أبى إلّا أوقيّة لبعناه، فقال- وأقسم باللّه-: لو أبيتم إلّا بكذا وكذا بشيء كثير لاشتريته. [سير أعلام النبلاء (1/ 352) ] .

 

القصص

1- من أعجب ما ذكر في قصص الشجاعة أن شبيب بن يزيد الخارجي كان من أشجع الناس، فقد قاتل الحجاج وهزمه بستين رجلاً، وكان جيش الحجاج ثلاثة آلاف ثم تتبع الحجاج في كل غزوة، كان من شجاعته ينام على البغلة في المعركة قال ابن كثير: وذلك من قوة قلبه.

 

2- قال رجل للبراء: يا أبا عمارة أفررتم يوم حنين قال لا والله ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم حسرا ليس عليهم سلاح أو كثير سلاح فلقوا قوما رماة لا يكاد يسقط لهم سهم جمع هوازن وبني نصر فرشقوهم رشقا ما يكادون يخطئون فأقبلوا هناك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يقود به فنزل فاستنصر وقال: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب. ثم صفهم [رواه البخاري (2930)، ومسلم (1776) ] .

 

3- عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأجود الناس وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق الناس قبل الصوت فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم قد سبق الناس إلى الصوت وهو يقول لن تراعوا لن تراعوا وهو على فرس لأبي طلحة عري ما عليه سرج في عنقه سيف فقال لقد وجدته بحرا، أو إنه لبحر [رواه البخاري (6033) ] .

 

4- عن محمد بن عقيل بن أبي طالب، قال: خطبنا علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فقال: أيها الناس، أخبروني بأشجع الناس، قالوا: لو قلنا أنت يا أمير المؤمنين، فقال: أما إني ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه، ولكن أخبروني بأشجع الناس؟ قالوا: لا نعلم، فمن؟ قال: أبو بكر الصديق، إنا لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشا فقلنا: من يكون مع النبي صلى الله عليه وسلم لا يهوي إليه أحد من المشركين؟ فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهرا بالسيف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يهوي إليه أحد إلا هوى إليه، وهذا أشجع الناس قال علي: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذته قريش فهذا يجؤه، وهذا يتلتله، وهم يقولون: أنت الذي جعلت الآلهة إلها واحدا، قال: فوالله ما دنا منه إليه أحد إلا أبو بكر، يضرب هذا، ويجأ هذا، ويتلتل هذا، وهو يقول: ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، ثم رفع علي بردة كانت عليه فبكى حتى أخضل لحيته، ثم قال علي: أنشدكم الله، أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر؟ قال: فسكت القوم، فقال: ألا تجيبوني؟ والله لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض مثل مؤمن آل فرعون، ذاك رجل يكتم إيمانه، وهذا رجل أعلن إيمانه [رواه البزار (3/ 14)، وأبو نعيم في ((فضائل الخلفاء)) (181) ] .

 

5- يذكر الباجي موقفا من مواقف سلطان العلماء العز بن عبد السلام فيقول: طلع شيخنا عز الدين مرة إلى السلطان في يوم عيد إلى القلعة فشاهد العساكر مصطفين بين يديه ومجلس المملكة وما السلطان فيه يوم العيد من الأبهة وقد خرج على قومه في زينته على عادة سلاطين الديار المصرية وأخذت الأمراء تقبل الأرض بين يدي السلطان فالتفت الشيخ إلى السلطان وناداه يا أيوب ما حجتك عند الله إذا قال لك ألم أبوئ لك ملك مصر ثم تبيح الخمور فقال هل جرى هذا فقال نعم الحانة الفلانية يباع فيها الخمور وغيرها من المنكرات وأنت تتقلب في نعمة هذه المملكة يناديه كذلك بأعلى صوته والعساكر واقفون فقال يا سيدي هذا أنا ما عملته هذا من زمان أبي فقال أنت من الذين يقولون (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ) [الزخرف: 22]، فرسم السلطان بإبطال تلك الحانة. يقول الباجي: سألت الشيخ لما جاء من عند السلطان وقد شاع هذا الخبر: يا سيدي كيف الحال؟ فقال يا بني رأيته في تلك العظمة فأردت أن أهينه لئلا تكبر نفسه فتؤذيه فقلت يا سيدي أما خفته فقال والله يا بني استحضرت هيبة الله تعالى فصار السلطان قدامي كالقط [طبقات الشافعية للسبكي (8/ 211) ] .

الاشعار

1- قال المتنبي :

 

الرأي قبل شجاعة الشجعانِ *** هو أول وهي المحل الثاني

 

 

فإذا هما اجتمعا لنفس مِرَّةٍ *** بلغت من العلياء كل مكانِ

 

[ديوان المتنبي بشرح العكبري 4 / 174 ] .

 

متفرقات

1- قال الحافظ ابن عبد البرّ- رحمه اللّه تعالى- في ترجمة البراء بن مالك- رضي اللّه عنه- كان من الأبطال الأشدّاء قتل من المشركين مائة رجل مبارزة سوى من شارك فيه. وقال- رحمه اللّه تعالى-: زحف المسلمون إلى المشركين في اليمامة حتّى ألجأوهم إلى الحديقة، وفيها عدوّ اللّه مسيلمة، فقال البراء: يا معشر المسلمين ألقوني عليهم، فاحتمل حتّى إذا أشرف على الجدار اقتحم فقاتلهم حتّى فتح على المسلمين، ودخل عليهم المسلمون ووقع به يومها بضع وثمانون جراحة من بين رمية بسهم وضربة فحمل إلى رحله يداوى. [الاستيعاب (1/ 137- 139) على حاشية الإصابة] . 2- قال ابن تيميّة- رحمه اللّه تعالى-: إنّ الجميع يتمادحون بالشّجاعة والكرم، حتّى إنّ ذلك عامّة ما تمدح به الشّعراء ممدوحيهم في شعرهم، وكذلك يتنافون بالجبن والبخل، ولمّا كان صلاح بني آدم لا يتمّ في دينهم ودنياهم إلّا بالشّجاعة والكرم، بيّن اللّه سبحانه أنّه من تولّى عنه بترك الجهاد بنفسه أبدل اللّه من يقوم بذلك فقال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ، إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [التوبة: 38- 39]، وكذلك من تولّى عنه بترك الإنفاق توعّده كما في آخر سورة (محمّد) صلّى اللّه عليه وسلّم». ثمّ قال- رحمه اللّه تعالى-: وبالشّجاعة والكرم في سبيل اللّه فضّل اللّه السّابقين فقال تعالى: (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى ) [الحديد: 10]. وقد ذكر اللّه عزّ وجلّ- الجهاد بالنّفس والمال في سبيله ومدحه في غير آية من كتابه، وذلك هو الشّجاعة والسّماحة في طاعته سبحانه وطاعة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم. [باختصار من الاستقامة (2/ 263- 270) ] . 3- قال الذّهبيّ- رحمه اللّه تعالى- في ترجمة حمزة بن عبد المطّلب- رضي اللّه عنه-: الإمام البطل الضّرغام أسد اللّه أبو عمارة. [السير (1/ 172) ] . 4- وقال في ترجمة خالد بن الوليد- رضي اللّه عنه-: سيف اللّه وفارس الإسلام، وليث المشاهد السّيّد الإمام الأمير الكبير قائد المجاهدين، تأمّر على المسلمين يوم مؤتة بعد استشهاد الأمراء وأخذ الرّاية، وحمل على العدوّ. فكان النّصر، وسمّاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: سيف اللّه، وشهد الفتح وحنينا، وحارب أهل الرّدّة ومسيلمة، وغزا العراق وشهد حروب الشّام، ولم يبق في جسده قيد شبر إلّا وعليه طابع الشّهداء» ثمّ ذكر حادثة له وقال بعدها «هذه واللّه الكرامة، وهذه الشّجاعة. [انظر ترجمته في السير (1/ 366- 384) ] . 5- قال الأبشيهيّ- رحمه اللّه تعالى- عن هذا أيضا: من الأبطال (الشّجعان) سيف اللّه وسيف رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم بطل مذكور وفارس مشهور في الجاهليّة والإسلام. [المستطرف (1/ 316) ] . 6- وقال أيضا- رحمه اللّه تعالى- وهو يعدّد الأبطال الشّجعان منهم عليّ بن أبي طالب آية من آيات اللّه، ومعجزة من معجزات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مؤيّد بالتأييد الإلهي، مثبّت قواعد الإسلام ومرسيها، وهو المتقدّم على ذوي الشّجاعة كلّهم بلا مرية ولا خلاف، وكان يقول: والّذي نفس ابن أبي طالب بيده، لألف ضربة بالسّيف أهون عليّ من موتة على فراش، وقال بعض العرب ما لقينا كتيبة فيها عليّ بن أبي طالب- رضي اللّه عنه- إلّا أوصى بعضنا على بعض. [المستطرف (1/ 314- 315) ] . 7- وقال- رحمه اللّه تعالى-: لا ينبغي أن يقدم الجيش إلّا الرّجل ذو البسالة والنّجدة والشّجاعة والجرأة، ثابت الجأش، صارم القلب، صادق البأس، ممّن قد توسّط الحروب ومارس الرّجال ومارسوه، ونازل الأقران، وقارع الأبطال، عارفا بمواضع الفرص، خبيرا بمواقع القلب والميمنة والميسرة. فإنّه إذا كان كذلك وصدر الكلّ عن رأيه كانوا جميعا كأنّهم مثله. [المستطرف (1/ 311) ] . 8- وقيل: الرّجال ثلاثة: فارس وشجاع وبطل، فالفارس الّذي يشدّ إذا شدّوا، والشّجاع الدّاعي إلى البراز والمجيب داعيه، والبطل الحامي لظهورهم إذا انهزموا. [صفوة الأخبار (82) ] . 9- وقيل أيضا: الشّجاع يبادر للحرب غير مبال بها لثقته بنفسه وعزمه على التّغلّب على عدوّه. لكنّه في نفس الوقت يفرّق بين الشّجاعة والتّهوّر والإقدام، وانتظار الفرصة المناسبة لينقضّ. [صفوة الأخبار (85) ] . 10- وقال بعضهم: الشّجاع لا يقرّ له قرار ولا يهدأ له بال، ولا يغمض له جفن، ولا يهنأ بطعام أو شراب إذا كان يرى عدوّه طليقا يتحدّاه وينغّص عليه حياته. وبالطّبع فإنّ الفارس الشّجاع لا بدّ أن يكون متمرّسا على الطّعن والرّمي والإبداع في إصابة الهدف بمرماه، ولا يعيب الشّجاع أن يفرّ مرّة أو مرّتين. [صفوة الأخبار (86) ] . 11- قالت الحكماء: أصل الخيرات كلّها في ثبات القلب، ومنه تستمدّ جميع الفضائل وهو الثّبوت والقوّة على ما يوجبه العدل والعلم، والجبن غريزة يجمعها سوء الظّنّ باللّه تعالى، والشّجاعة غريزة يجمعها حسن الظّنّ باللّه تعالى. [سراج الملوك للطرطوشي ج 2 (2/ 667).

الإحالات

1- موسوعة الرد على المذاهب الفكرية المعاصرة 1-29 جمع وإعداد : علي بن نايف الشحود الباحث في القرآن والسنة (24/153) .

 

2- التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور المؤلف : محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ) الناشر : مؤسسة التاريخ العربي، بيروت – لبنان الطبعة : الأولى، 1420هـ/2000م (2/457) .

 

3- الفروسية المؤلف : محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله الناشر : دار الأندلس - السعودية – حائل الطبعة الأولى ، 1414 – 1993 تحقيق : مشهور بن حسن بن محمود بن سلمان (1/499) .

 

4- مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين المؤلف : محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله الناشر : دار الكتاب العربي – بيروت الطبعة الثانية ، 1393 – 1973 تحقيق : محمد حامد الفقي (2/308) .

 

5- الموسوعة الفقهية الكويتية صادر عن : وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت (32/51) .

 

6- بدائع السلك في طبائع الملك المؤلف : ابن الأزرق (1/105) .

 

7- شخصية الرسول وأثرة المؤلف : للدكتور / مصطفى السباعي (1/18) .

 

8- السباق إلى العقول المؤلف : الدكتور عبد الله قادري الأهدل مصدر الكتاب : موقع الإسلام

 

http://www.al-islam.com (1/401) . 9- موسوعة فقه القلوب / محمد التويجري-ت تأليف : محمد بن إبراهيم بن عبدالله التويجري قام بتنسيقه وفهرسته : الباحث في القرآن والسنة علي بن نايف الشحود (10/2) .

 

10- مجلة البيان المؤلف : تصدر عن المنتدى الإسلامي – الشجاعة محمد بن عبد الله السحيم (232/6) .

 

11- موسوعة الأخلاق الإسلامية إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف الناشر: موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net (1/21) .