سياحة

2022-10-06 - 1444/03/10

التعريف

السياحة لغة:

 

تدل مادة (س ي ح) على معنى الذهاب في الأرض، جاء في القاموس المحيط: "ساح الماء يسيح سيحًا وسيحانًا: جرى على وجه الأرض، والسيح: الماء الجاري الظاهر، والسياحة بالكسر والسيوح والسيحان والسيح: الذهاب في الأرض"(القاموس المحيط، الفيروزآبادي، ص ٢٢٥).

 

السياحة اصطلاحًا:

 

لا يختلف معناها الاصطلاحي عن معناها اللغوي الدال على الذهاب في الأرض، والسير فيها.

 

قال ابن حجر: "وحقيقة السياحة: ألا يقصد موضعاً بعينه يستقر فيه"(فتح الباري:7-233).

العناصر

1- الأصل حمل الكلام على حقيقته

 

2- مفهوم السياحة في الإسلام

 

3- السياحة وفق المفهوم الغربي

 

4- الغرض الشرعي من السياحة

 

5- من معاني السياحة الممدوحة في الإسلام

 

6- من معاني السياحة المذمومة في الإسلام

 

7- مخاطر الأسفار لبلاد الكفار

 

8- من منكرات السياحة

 

9- حكم عمارة البيوت التراثية لأجل السياحة

 

10- بدائل سياحية مقترحة

الايات

1- قال الله تعالى: (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ، وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ)[التوبة:2]

 

2- قال تعالى: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)[التَّوْبَةِ: 112].

 

3- قال تعالى: (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)[النحل:36].

 

4- قال تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[الحج:46].

 

5- قال تعالى: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا)[فاطر:44].

 

6- قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)[الملك:15].

 

7- قال تعالى: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ... مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا)[التحريم:5].


 

الاحاديث

1- عن طاووس بن كيسان اليماني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا زمامَ ولا خُزامَ ولا سياحةَ في الإسلامِ زاد ابنُ جُريجٍ: ولا تَبَتُّلَ، ولا ترهُّبَ في الإسلامِ"(قال الألباني في السلسلة الصحيحة (٤‏-٣٨٨): إسناده مرسل صحيح)

 

 

2- عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ سياحةَ أمتي الجهادُ في سبيلِ اللهِ"(صححه الألباني في صحيح الجامع:٢٠٩٣).

 

3- عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- أنَّ رجلًا قالَ: يا رسولَ اللَّهِ ائذَن لي في السِّياحةِ قالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ سياحةَ أمَّتي الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ تعالى"(رواه أبو داود:٢٤٨٦، وحسنه الألباني).

 

4- عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ للَّهِ ملائِكةً سيّاحينَ في الأرضِ، يُبلِّغوني من أُمَّتي السَّلامَ"(أخرجه النسائي:١٢٨٢، وأحمد:٣٦٦٦، وصححه الألباني). 

 

5- عن أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ للهِ ملائكةً سيّاحينَ يلتمسون مجالسَ الذِّكرِ، فإذا وجدوها تنادوْا هلمُّوا إلى حاجتِكم فيحيطون بهم إلى عنانِ السَّماءِ، ويسمعون منهم أذكارَهم وأعمالَهم الطيبةَ، ثم إذا عرجوا سألهم اللهُ عما وجدوا، وهو أعلمُ سبحانه وتعالى، فيخبرونَه بما شاهدوا"(صححه ابن باز في مجموع فتاويه:٢٦‏-٥٧).

 

6- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: بعَثَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أبا بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه وأمَرَه أنْ يُناديَ بهؤلاءِ الكلماتِ، ثمَّ أَتْبَعَهُ عليًّا رَضِيَ اللهُ عنه، فبَيْنا أبو بكرٍ في بعضِ الطريقِ، إذْ سمِعَ رُغاءَ ناقةِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- القَصْواءِ؛ فخرَجَ أبو بكرٍ فَزِعًا، فظَنَّ أنَّه رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فإذا هو عليٌّ، فدفَعَ إليه كتابَ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وأمَرَ عليًّا أنْ يُناديَ بهؤلاءِ الكلماتِ، فانطلَقا فحجّا، فقام عليٌّ أيّامَ التشريقِ فنادى: ذِمَّةُ اللهِ ورسولِهِ بريئةٌ مِن كلِّ مُشرِكٍ؛ فسِيحُوا في الأرضِ أربعةَ أشهُرٍ، ولا يحُجَّنَّ بَعدَ العامِ مُشرِكٌ، ولا يَطوفَنَّ بالبيتِ عُريانٌ، ولا يدخُلُ الجنَّةَ إلّا مؤمنٌ، وكان عليٌّ يُنادي، فإذا عَيِيَ قام أبو بكرٍ فنادى بها (رواه الترمذي:٣٠٩١، وصححه الألباني).

 

7- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: لَمْ أعْقِلْ أبَوَيَّ قَطُّ، إلَّا وهُما يَدِينانِ الدِّينَ، ولَمْ يَمُرَّ عليْنا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينا فيه رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- طَرَفَيِ النَّهارِ، بُكْرَةً وعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ خَرَجَ أبو بَكْرٍ مُهاجِرًا نَحْوَ أرْضِ الحَبَشَةِ، حتَّى إذا بَلَغَ بَرْكَ الغِمادِ لَقِيَهُ ابنُ الدَّغِنَةِ وهو سَيِّدُ القارَةِ، فقالَ: أيْنَ تُرِيدُ يا أبا بَكْرٍ؟ فقالَ أبو بَكْرٍ: أخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأُرِيدُ أنْ أسِيحَ في الأرْضِ وأَعْبُدَ رَبِّي، قالَ ابنُ الدَّغِنَةِ: فإنَّ مِثْلَكَ يا أبا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ ولا يُخْرَجُ، إنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ وتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ وتَقْرِي الضَّيْفَ وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ، فأنا لكَ جارٌ ارْجِعْ واعْبُدْ رَبَّكَ ببَلَدِكَ، فَرَجَعَ ... الحديث (رواه البخاري:٣٩٠٥).

 

8- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ : "خَرَجْتُ إِلَى الطُّورِ فَلَقِيتُ كَعْبَ الْأَحْبَارِ فَجَلَسْتُ مَعَهُ...فذكر حديثا طويلا ثم قال : فَلَقِيتُ بَصْرَةَ بْنَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيَّ فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ ؟ فَقُلْتُ مِنْ الطُّورِ . فَقَالَ : لَوْ أَدْرَكْتُكَ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ مَا خَرَجْتَ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ : إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِلَى مَسْجِدِي هَذَا وَإِلَى مَسْجِدِ إِيلِيَاءَ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ"(رواه مالك في الموطأ:108، والنسائي:1430، وصححه الألباني في صحيح النسائي).

 

الاثار

عن أبي هريرة قال: "(السائحون) الصائمون"(السيوطي في تفسيره ٤: ٢٤٨).

 

عن الحسن قال: "(السائحون) الصائمون شهر رمضان"().

 

قال عكرمة: "(السائحون): هم طلبة العلم"(رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره":7-429).

 

عن سفيان بن عُيينة، قال: "إنما سُمي الصائمُ السائحَ؛ لأنه تاركٌ للذات الدنيا كلها: من المطعم، والمشرب، والمنكح، فهو تارك للدنيا بمنزلة السائح"(الدر المنثور:5-172).

الاشعار

1- قال الإمام الشافعي:

تغرب عن الأوطان في طلب العلا *** وسافر ففي الأسفار خمس فوائد

تفرج همّ، واكتساب معيشة *** وعلم، وآداب، وصحبة ماجد

 وَإِن قيلَ في الأَسفارِ ذُلٌّ وَمِحنَةٌ *** وَقَطعُ الفَيافي وَاِكتِسابُ الشَدائِدِ

فَمَوتُ الفَتى خَيرٌ لَهُ مِن حَياتِهِ *** بِدارِ هَوانٍ بَينَ واشٍ وَحاسِدِ

(ديوان الشافعي)

 

2- قال أحدهم:

وإذا سألتم عن أبي، فأبي لهُ *** رسمٌ على بوابةِ السفراتِ

أرخى زمامي ثُمَّ راحَ يلُومني *** ويُهينني بقوارعِ الكلماتِ

أنا يا أبي الغالي ضحيةُ ثروةٍ *** فَتحت لقلبي أسوأَ الصفحاتِ

أغرقتني فيها وما راقبتَني *** وتركتنِي كالصيدِ في الفلواتِ

كم كُنتُ أبحثُ عنكَ يا أبتي فما *** ألقاكَ إلاَّ تائهُ النظراتِ

هلاَّ أبيتَ عليَّ أن أمشي إلى *** حتفي وأن أسعى إلى صبواتي

أرسلتَنِي للغربِ يا أبتي ولم *** تُشفق على عقلِي من السكراتِ

أنسيتَ أنَّ الغربَ سرُّ شقائنا *** وإليهِ تُنسبُ أبشعُ الآفاتِ

 

متفرقات

1- قال ابن الأثير في شرح حديث: "ولا سياحةَ في الإسلامِ": "أراد مفارقة الأمصار وسكنى البراري وترك شهود الجمعة والجماعات. وقيل: أراد الذين يسيحون في الأرض بالشر والنميمة والإفساد بين الناس"(النهاية:2-432).

 

2- قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي: "فسرت السياحة بالصيام، أو السياحة في طلب العلم، وفسرت بسياحة القلب في معرفة اللّه ومحبته، والإنابة إليه على الدوام، والصحيح أن المراد بالسياحة السفر في القربات؛ كالحج والعمرة، والجهاد، وطلب العلم، وصلة الأقارب، ونحو ذلك"(تيسير الكريم الرحمن).

 

3- قال ابن تيمية: "وأما السياحة التي هي الخروج في البرية لغير مقصد معين فليست من عمل هذه الأمة... مع أن جماعة من إخواننا قد ساحوا السياحة المنهي عنها متأولين في ذلك، أو غير عالمين بالنهي عنه، وهي من الرهبانية المبتدعة التي قيل فيها: لا رهبانية في الإسلام"(اقتضاء الصرط المستقيم:1-327).

 

4- قال الإمام أحمد: "ليست السياحة من الإسلام في شيء، ولا من فعل النبيين ولا الصالحين"(اقتضاء الصرط المستقيم:1-327).

 

5- قال ابن حزم: "اتفقوا أن سفر الرجل مباح ما لم تزل الشمس من يوم الخميس"(مراتب الإجماع: ص 151).

 

6- قال ابن عابدين: "الأصل في التلاوة العبادة إلا بعارض نحو رياء أو سمعة أو جنابة فتكون معصية، وفي السفر الإباحة إلا بعارض نحو حج أو جهاد فيكون طاعة، أو نحو قطع طريق فيكون معصية"(رد المحتار:2-121).

 

7- قال ابن كثير: "وليس المراد من السياحة في الآية ما قد يفهمه بعض من يتعبد بمجرد السياحة في الأرض والتفرد في شواهق الجبال والكهوف والبراري، فإن ذلك ليس بمشروع، إلا في أيام الفتن"(تفسير القرآن العظيم:2-407).

 

8- قال القاسمي -رحمه الله-: "هم السائرون الذاهبون في الديار لأجل الوقوف على الآثار ، توصلا للعظة بها والاعتبار ولغيرها من الفوائد"(محاسن التأويل:16-225 ) .

 

9- قَالَ العظيم آبادي عند حديث: " أن رجلا قال يا رسول الله ائذن لي في السياحة قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله تعالى" قال: "قال فِي السِّرَاج الْمُنِير: كَأَنَّ هَذَا السَّائِل اِسْتَأْذَنَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الذَّهَاب فِي الْأَرْض قَهْرًا لِنَفْسِهِ بِمُفَارَقَةِ الْمَأْلُوفَات وَالْمُبَاحَات وَاللَّذَّات، وَتَرْك الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات، وَتَعْلِيم الْعِلْم وَنَحْوه، فَرَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا رَدّ عَلَى عُثْمَان بْن مَظْعُون فِي التَّبَتُّل"(عون المعبود:7-118).

 

10- قال علماء اللجنة الدائمة: "لا يجوز السفر إلى أماكن الفساد من أجل السياحة ؛ لما في ذلك من الخطر على الدين والأخلاق؛ لأن الشريعة جاءت بسد الوسائل التي تفضي إلى الشر"(فتاوى اللجنة الدائمة:26-332 ) .

 

11- قال الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله-: "السفر إلى بلاد الكفر لا يجوز ؛ لأن فيه مخاطر على العقيدة والأخلاق ومخالطة للكفار وإقامة بين أظهرهم ، لكن إذا دعت حاجة ضرورية وغرض صحيح للسفر لبلادهم كالسفر لعلاج مرض لا يتوفر إلا ببلادهم ، أو السفر لدراسة لا يمكن الحصول عليها في بلاد المسلمين ، أو السفر لتجارة ، فهذه أغراض صحيحة يجوز السفر من أجلها لبلاد الكفار بشرط المحافظة على شعائر الإسلام ، والتمكن من إقامة الدين في بلادهم ، وأن يكون ذلك بقدر الحاجة فقط ثم يعود إلى بلاد المسلمين.

 

أما السفر للسياحة فإنه لا يجوز؛ لأن المسلم ليس بحاجة إلى ذلك، ولا يعود عليه منه مصلحة تعادل أو ترجح على ما فيه من مضرة وخطر على الدين والعقيدة"(المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان"(2 - سؤال رقم 221).

 

12- قال علماء اللجنة الدائمة -أيضاً-: "إذا كانت هذه السياحة مشتملة على تسهيل وتيسير فعل المعاصي والمنكرات والدعوة إليها : فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يكون عوناً على معصية الله ومخالفة أمره ، ومن ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه"(فتاوى اللجنة الدائمة"(26-224).

 

13- السياحة تأخذ الأحكام الخمسة:

أ- سياحة مباحة: إن كانت لمجرد التنزه والفرجة والترويح عن النفس، وهي مباحة على الأصل إلا إن كانت في مكان يكثر فيه الفساد.

 

ب- سياحة مكروهة: إذا لم تكن لمقصد شرعي وإنما لمجرد النزهة والفرجة، وكان السفر لبلاد يكثر فيها الفساد؛ فتكره بسبب انتشار الفساد في تلك البلاد وصعوبة السلامة منه.

 

ت- وتكون السياحة محرمة إذا اعتراها مانع خارجي ولها صور:

 

* إذا كانت بقصد المعصية وتقليب النظر فيما حرم الله، والوقوع في المعاصي والفواحش الظاهرة والباطنة.

 

* إذا كان السفر لمشاركة الكفار في أعيادهم واحتفالاتهم الدينية.

 

* إذا كانت السياحة تزاحم حقوق الله؛ كمن يسافر للسياحة في زمن الحج، وقد وجب عليه الحج وهو قادر عليه.

 

* إذا كانت السياحة تزاحم حقوق العباد؛ كحق الوالدين والزوجة، أو كانت تكاليف السياحة تؤخر سداد دين قد لزمه وفاؤه.

 

* إذا كان ذلك السفر بعصيان أوامر الوالدين بعدم الذهاب.

 

ث- وتكون مستحبة في أحوال، منها:

 

أ- إذا كانت للدعوة إلى الله تعالى.

 

ب- إذا كانت للاتعاظ بالتفكر في آيات الله الكونية، كما قال تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[الحج:46].

 

أو النظر في مصير الأمم السابقة وما حلَّ بهم بسبب ذنوبهم، فيشاهد السائح أثر قدرة الله على أناس أقوى منه فينتهي عن المعاصي، وقد ذكر الله ذلك في أكثر من آية، قال تعالى: (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)[النحل:36]، وقال: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا)[فاطر:44].

 

ولابد لهذه السياحة أن تكون بتدبر وتفكر في قصص الماضين حتى تحصل الثمرة منها، قال تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)[الحج:46] (موقع الدليل الفقهي أحكام وتوضيحات معاصرة).

 

 

 


 

الإحالات

1- أحكام السياحة وآثارها (دراسة شرعية مقارنة)؛ أ. د. هاشم بن محمد بن حسن ناقور.

 

2- فقه السياحة في الإسلام .. ونماذج من رحلات في أرض الله الواسعة؛ لفتحي يكن.

 

3- السياحة في الإسلام أحكامها ـ ضوابطها ـ آثارها ـ واقعها المعاصر في المملكة العربية السعودية؛ لعبد الله بن إبراهيم الخضيري.

 

4- السياحة بين المفهوم الإسلامي والمفهوم الجاهلي؛ لعلي بن نايف الشحود