رمضان

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

 

قال الخليل: الرمضاء الحجارة الحارَّة، ورمض الإنسان إذا مشى على الرمضاء، فسمي رمضان بذلك؛ لأنه يرمض الذنوب أي يحرقها. وقيل : سمي بذلك لأنه شهر يغسل الأبدان غسلاً ، ويطهّر القلوب تطهيراً. وهو مأخوذ من الرمض وهو مطر يأتي قبل الخريف.

 

الرَّمَضُ شدة وقع الشمس على الرمل وغيره، والأرض رَمْضَاءُ وقد رَمِض يومنا اشتد حره وبابه طرب وأرض رمِضَةُ الحجارة و رَمِضَتْ قدمه أيضا من الرمضاء؛ أي احترقت وفي الحديث (صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال من الضحى)؛ أي إذا وجد الفصيل حر الشمس من الرمضاء يقول صلاة الضحى تلك الساعة، وأَرْمَضَتْهُ الرمضاء أحرقته وشهر رَمَضَانَ جمعه رَمَضاناتٌ وأرْمِضاءُ بوزن أصفياء. قيل: إنهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر فسمي بذلك (مختار الصحاح)

 

قال الجوهري: وقيل إنما سمي رمضان؛ لأنه يرمض الذنوب؛ أي يحرقها بالأعمال الصالحة (معجم العين).

 

وقيل: الرَّمَضُ : المَطَر يأتي قُبُلَ الخريف فيجد الأرضَ حارَّةُ محترقة. سمي بذلك لأنه شهر يغسل الأبدان غسلاً، ويطهّر القلوب تطهيراً. وهو مأخوذ من الرمض وهو مطر يأتي قبل الخريف (المعجم الوسيط).

 

العناصر

1- تبشير النبي أصحابه بقدوم رمضان والحكمة منه

 

2- أعظم مواسم المؤمن وأغلاها

 

3- بعض خصائص هذا الشهر ومميزاته

 

4- فضائل وبركات شهر رمضان

 

5- محفزات اغتنام شهر رمضان

 

6- عبادات يتأكد الإكثار منها في رمضان

 

7- خطورة الذنوب والمعاصي

الايات

1- قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)[البقرة:185].

 

2- قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)[الدخان:3-4].

 

3- قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)[القدر:1-5].

الاحاديث

1- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتاكُم رَمضانُ شَهرٌ مبارَك، فرَضَ اللَّهُ عزَّ وجَلَّ عليكُم صيامَه، تُفَتَّحُ فيهِ أبوابُ السَّماءِ، وتغَلَّقُ فيهِ أبوابُ الجحيمِ، وتُغَلُّ فيهِ مَرَدَةُ الشَّياطينِ، للَّهِ فيهِ ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شَهرٍ، مَن حُرِمَ خيرَها فقد حُرِمَ"(أخرجه النسائي:٢١٠٥، وصححه الألباني).

 

2- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بُنِيَ الإسْلامُ على خَمْسَةٍ: على أنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وصِيامِ رَمَضانَ، والْحَجِّ". فَقالَ رَجُلٌ: الحَجُّ، وصِيامُ رَمَضانَ؟ قالَ: لا، صِيامُ رَمَضانَ، والْحَجُّ. هَكَذا سَمِعْتُهُ مِن رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- (أخرجه البخاري:٨، ومسلم:١٦).

 

3- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كانَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الرَّحْمَةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ جَهَنَّمَ، وسُلْسِلَتِ الشَّياطِينُ.[وفي رواية]: "إذا دَخَلَ رَمَضانُ"، بمِثْلِهِ (أخرجه البخاري:٣٢٧٧، ومسلم:١٠٧٩).

 

4- عن يوسف بن عبدالله بن سلام -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لرَجُلٍ مِنَ الأنصارِ وامرَأتِهِ: اعتَمِرا في رمضانَ؛ فإنَّ عُمرةً في رمضانَ لكما كحَجَّةٍ"(رواه أحمد:١٦٤٠٦، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح).

 

5- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كانَ عاشُوراءُ يُصامُ قَبْلَ رَمَضانَ فَلَمّا نَزَلَ رَمَضانُ قالَ: مَن شاءَ صامَ، ومَن شاءَ أفْطَرَ"(رواه البخاري:٤٥٠٢).

 

6- عن واثلة بن الأسقع الليثي أبي فسيلة -رضي الله عنه- قال: "أُنزلتْ صحفُ إبراهيمَ أولَ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ، وأُنزلتِ التوراةُ لستٍّ مضتْ من رمضانَ، وأُنزل الإنجيلُ بثلاثِ عشرةَ مضتْ من رمضانَ، وأُنزِلَ الزبورُ لثمانِ عشرةَ خلَتْ من رمضانَ، وأُنزلَ القرآنُ لأربعٍ وعشرينَ خلتْ من رمضانَ"(رواه الطبراني في المعجم الأوسط:٤‏-١١١، وحسنه الألباني في صحيح الجامع:١٤٩٧).

 

7- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن أدرَكَ رمضانَ وعليهِ من رمضانَ شيءٌ لم يَقضِهِ، لم يتقبَّل مِنهُ، ومَن صامَ تطوُّعًا وعليهِ من رمضانَ شيءٌ لم يقضِهِ، فإنَّهُ لا يتقبَّلُ منهُ حتّى يَصومَهُ (أخرجه أحمد:٨٦٢١، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح).

 

8- عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ثَلاثٌ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضانُ إلى رَمَضانَ، فَهذا صِيامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ"(رواه مسلم:١١٦٢).

 

9- عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "غزَوْنا مع رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في رمضانَ، والفتحُ في رمضانَ، فأفطَرْنا فيهما"(أخرجه أحمد١٤٠، وقال شعيب الأرنؤوط: قوي).

 

10- عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- "أنَّه أَمَّهُم -يعني: في رمضانَ- وكان يقنُتُ في النصفِ الآخِرِ مِن رمضانَ (رواه أبو داود ١٤٢٨، وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح).

 

11- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: كانَ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يجاورُ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ، ويقولُ: "تحرَّوا ليلةَ القدرِ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ"(رواه الترمذي:٧٩٢، وصححه الألباني).

 

12- عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عُمرةٌ في رمضانَ تعدلُ حجَّةً"(رواه ابن ماجه:٢٤٤٤، وصححه الألباني. وأخرجه البخاري معلقاً بصيغة الجزم:١٨٦٣).

 

13- عن أبي بكرة نفيع بن الحارث -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يقولنَّ أحدُكم: إنِّي صُمتُ رَمَضانَ كلَّه، وقُمتُه كلَّه، فلا أَدري أَكَرِهَ التزكيةَ، أو قال: لا بدَّ مِن نَومةٍ أو رقدةٍ"( (ت ١٤٣٨)، رواه أبو داود:٢٤١٥، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح).

 

14- عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَمّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضانَ كانُوا لا يَقْرَبُونَ النِّساءَ رَمَضانَ كُلَّهُ، وكانَ رِجالٌ يَخُونُونَ أنْفُسَهُمْ. فأنْزَلَ اللَّهُ (عَلِمَ اللَّهُ أنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أنْفُسَكُمْ فَتابَ علَيْكُم وعَفا عَنْكُمْ) (رواه البخاري:٤٥٠٨).

 

15- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنَّهُا سئلت، كيفَ كانَتْ صَلاةُ رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في رَمَضانَ؟ فَقالَتْ: ما كانَ يَزِيدُ في رَمَضانَ ولا في غيرِهِ على إحْدى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثًا. فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أتَنامُ قَبْلَ أنْ تُوتِرَ؟ قالَ: "يا عائِشَةُ، إنَّ عَيْنَيَّ تَنامانِ ولا يَنامُ قَلْبِي"(رواه البخاري:٢٠١٣).

 

16- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذا جاءَ رَمَضانُ فُتِحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ"(رواه البخاري:١٨٩٨، ومسلم:١٠٧٩).

 

17- عن أبي بكرة نفيع بن الحارث -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "شَهْرانِ لا يَنْقُصانِ، شَهْرا عِيدٍ: رَمَضانُ، وذُو الحَجَّةِ"(أخرجه البخاري:١٩١٢، ومسلم:١٠٨٩).

 

 

الاثار

 

1- قال يحيى بن أبي كثير: "كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلا"(لطائف المعارف:174).

 

2- سئل بعض السلف عن الحكمة من تشريع الصوم، وفرضيته، فقال: "ليذوق الغني طعم الجوع، فلا ينسى الجائع"(لطائف المعارف:198).

 

4- قيل لبشر الحافي: إن قوما يتعبدون ويجتهدون في رمضان فقط، قال: "بئس القوم لا يعرفون لله حقاً إلا في رمضان، إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها"(لطائف المعارف:260).

 

5- كانت حفصة تقول: "يا حبّذا عبادة وأنا نائمة على فراشي، فالصائم في ليله ونهاره في عبادة ويستجاب دعاؤه في صيامه وعند فطره فهو في نهاره صائم صابر، وفي ليله طاعم شاكر"(لطائف المعارف:184).

 

6- روي عن علي -رضي الله عنه- أنه كان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: "يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنِّيه، ومن هذا المحروم فنعزِّيه"( لطائف المعارف:247).

 

7- عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه كان يقول: "من هذا المقبول منا فنهنِّيه، ومن هذا المحروم منا فنعزيه، أيها المقبول، هنيئًا لك، أيها المردود، جبر الله مصيبتك"(لطائف المعارف:247).

القصص

1- كانت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تقرأ في المصحف أول النهار في شهر رمضان فإذا طلعت الشمس نامت وقال ابن عبد الحكم: "كان الإمام مالك -رحمه الله- إذا دخل رمضان نفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف، وكان سفيان الثوري -رحمه الله- إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن، وكان الزهري إذا دخل رمضان قال: فإنما هو تلاوة القرآن، وإطعام الطعام، وقال ابن عبد الحكم: "كان مالك إذا دخل رمضان يفرّ من قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف، وكان قتادة يختم في كل سبع دائما، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر كل ليلة، وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة. وعن أبي حنيفة نحوه. (لطائف المعارف:201).

 

2- كان عمر بن الخطاب يصلي من الليل ما شاء الله حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة (لطائف المعارف:218)

 

3- كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يصوم، ولا يفطر إلا مع المساكين، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه، أخذ نصيبه من الطعام، وقام فأعطاه السائل، فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفنة، فيصبح صائمًا, ولم يأكل شيئًا (لطائف المعارف:198).

 

4- قال أبو السوار العدوي: "كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قط و حده، إن وجد من يأكل معه أكل، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه"(مجموع رسائل الحافظ ابن رجب الجنبلي:40).

 

5- قال معلى بن الفضل عن السلف أنهم: "كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ويدعونه ستة أشهر أن يتقبَّل منهم"(لطائف المعارف:174).

 

6- مرَّ الحسن بن أبي الحسن البصري بقومٍ في رمضان وهم يضحكون فقال: "إن الله -عز وجل- جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه، يستبقون فيه لطاعته فسبق قوم ففازوا، وتخلف قوم فخابوا، فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون، أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته"(إحياء علوم الدين:1-298).

 

7- الحسن البصري -رحمه الله-، مر بجنازة، وكان معه رجل مسرف على نفسه، فقال له سيدنا الحسن: ترى ما أمنية هذا الميت؟ فقال الرجل: أن يعود إلى الدنيا ليتوبَ ويصلحَ الزاد، فقال الحسن: فكن هذا الرجل.

 

8- الحسن البصري -رحمه الله- مر بجنازة، وكان معه رجل مسرف على نفسه، فقال له سيدنا الحسن: "ترى ما أمنية هذا الميت؟" فقال الرجل: أن يعود إلى الدنيا ليتوبَ ويصلحَ الزاد، فقال الحسن: فكن هذا الرجل.

الاشعار

1- قال الشاعر:

رَمَضَانُ أَقبَلَ بَاسِماً رَيَّانَا *** كَم شَاق فَضلُ صِيَامِهِ الظَّمآنَا

مَلَأَ النَّفُوسَ فَضَائِلَاً إِطلَالُهُ *** يَروِي وَيُشبِعُ ظَامِئاً جَوعَانَا

رَمَضَانُ زَادُ العَامِ وَهوَ وَقُودُهُ *** تَزدَادُ فِيهِ قُلُوبُنَا إِيمَانَا

وَمَحَطَّةٌ لِلإِنعَتَاقِ مِنَ الهَوَى *** وَمِنَ الهَوَانِ لِيُسعِدَ الإِنسَانَا

شَهرٌ بهِ القُرآنُ أُنزِلَ وَالهُدَى *** يَا سَعدَ مَن يَتَخَلَّقُ القُرآنَا

رَمَضَانُ دَمعَةُ تَائِبٍ وَصَلَاحُهُ *** وَحَثِيثُ مُجتَهِدٍ يَرُومُ جِنَانَا

رَمَضَانُ شَهرُ مَحَبَّةٍ وَتَوَاصِلٍ *** وَتَسَامَحٍ مَلَأَ النُّفُوسَ أَمَانَا

رَمَضَانُ تَاريخُ انتَصَارٍ رَائِعٍ *** نَشَرَ الهِدَايَةَ، أَنقَذَ الإنسَانَا

بَدرٌ وَمَكَّةُ فِيهِمَا الوَثَنُ انهَوَى *** وَالقَادِسِيَّةُ أُخمَدَت نِيرَانَا

وَبِفَتحِ أَندَلُسٍ بِإِمرَةِ طَارِقٍ *** جَنَتِ الهُدَى وَالمَجدَ وَالعِرفَانَا

وَانقَضَّ مُعتَصِمٌ بِعَمُّورِيَّةٍ *** غَضَباً لِمُسلِمَةٍ تُسَامُ هَوَانَا

وَأَغَارَ تَاشفِينٌ عَلَى زلَّاقَةٍ *** أَبقَت بِأَندَلُسَ الهُدَى أَزمَانَا

وَبِيَومِ حِطِّينٍ صَلَاحُ الدِّينِ قَد *** رَدَّ البِلَادَ وَمَرَّغَ الصُّلبَانَا

وَبِعَينِ جَالُوتَ الَّذِي قُطُزٌ بِهِ *** رَدَّ المَغولَ وَأَنقَذَ الأَوطَانَا

وَبِيَومِ وَقعَةِ شَقحَبٍ قَلَوُون قَد *** هَزَمَ التَّتَارَ فَأَخلَوُا المَيدَانَا

وَلِآلِ عُثمَانٍ بِقُسطَنطِينَةٍ *** فَتحٌ غَدَا تَارِيخُهُ عُنوَانَا

بُشرَى النَّبِيِّ أَمِيرَهَا وَجُنُودَهُ *** شَرَفٌ لَهَم طُولَ المَدَى قَد زَانَا

وَبِخَطِّ بَرليفٍ مَحَت أَسطُورَةَ الصْ *** صِهيونِ شُجعانُ الكِنَانَةِ آنَا

لَا تَعجَبُوا مِنَّا فَإِنَّا أُمَّةٌ *** كَانَت بِدَايَةُ عِزِّهَا رَمَضَانَا

رَمَضَانُ إِنتَاجٌ وَشَحذُ عَزِيمَةٍ *** أَللَّهُ بَارَكَهُ لَنَا مَولَانَا

وَهوَ الثَّقيلُ عَلَى الأُلَى حُرِمُوا الهُدَى *** وَتَتَبَّعُوا شَهَوَاتِهُم عُميَانَا

وَهوَ الحَبِيبُ إِلَى الَّذِينَ استَعذَبُوا *** فِي غَيرِهِ الإِحسَانَ وَالإِيمَانَا

يَا رَبِّ وَفَّقنَا إِلَى كُلِّ الَّذِي *** يُرضِيكَ عَنَّا وَاحبُنَا الغُفرَانَا ***

رَمَضَانُ لَيلَةُ قَدرِهِ مَن نَالَهَا *** يَسعَدْ وَيُسقَ الفَوزَ وَالرِّضوَانُا

قَد فَازَ قَومٌ وَفَّقَ المُولَى لَهُم *** فَجَرَوا لِيَرضَى، أَحسَنُوا الجَرَيَانَا

يَبنُونَ أُخرَاهُم بِحسنِ فِعَالِهِم *** مَا أَجمَلَ البَانِينَ وَالبُنيَانَا

صَامُوا لِيَروُوا بِالجِنَانِ نُفُوسَهُم *** وَالوَصلُ يَروِي الظَّامِئَ الوَلهَانَا

وَالغَايَةُ التَّقوَى الَّتِي مِن أَجلِهَا *** فُرِضَ الصِّيَامُ فَجَانِبُوا الطُّغيَانَا

لَا تَهجرُوا قُرآنَكُم لَا تَقطَعُوا *** أَرحَامَكُم لَا تَحمِلُوا الأَضغَانَا

مَن أحسَنَ الأَعمَالَ فِي رَمَضَانَ فَل *** يَثبُت وَيُحسِن بَعدَهُ مَا كَانَا

وَالصُّومُ جُنَّةُ صَائِمٍ مَا لَم يَقُل *** زُوراً وَلَم يَعمَل بِهِ بُهتَانَا

يَا رَبِّ فَارحَمنَا وَسَامِحنَا عَلَى *** ا كَانَ مِنَّا وَاكسُنَا التَّيجَانَا

جُودُوا بِمَالِ اللَّهِ مَا أُموَالُنَا *** إِلَّا عَطَاءً مِنهُ قَد أَعطَانَا

إِنَّ الصِّيَامَ اِذَا أُقِيمَ حَقِيقَةً *** زَكَّى النُّفُوسَ وَأَصلَحَ الأُبدَانَا

فِي الصَّومِ إِحسَاسُ الغَنِيِّ بِجَائِعٍ *** وَبِمُعسِرٍ فَيُبَادِرُ الإِحسَانَا

وَالصَّومُ حَبسُ النَّفسِ عَن كُلِّ الَّذِي *** يُنْمِي الشُّرُورَ وَيُغضِبُ الدَّيَّانَا

وَدَعُوا التَّنَازَعَ بَينَكُم كِي تَسعَدُوا *** زَرعُ التَّنَازِعِ يُثمِرُ الحِرمَانَا

لَا تَهدِمُوا أَعمَارَكُم فِي بَاطِلٍ *** وَلتَملَؤوا أَوقَاتَكُم عُمرَانَا

وَإِذَا استَغَلَّ المَرءُ أوقَاتاً لَهُ *** صَارَت صَحَارِيهِ القِفَارُ جِنَانَا

 

2- يقول الأديب الكبير الشاعر (عبد القدوس الأنصاري) -رحمه الله- باقة شعرية جميلة يرحب فيها برمضان، ويصفه بأنه بشرى للقلوب الظامئة وربيع الحياة البهيج؛ إذ يقول:

تبدَّيت للنفس لُقمانها *** لذاك تبنَّتك وجدانَها

وتنثرُ بين يديكَ الزهورَ *** تحييك إذ كنتَ ريحانَها

فأنت ربيعُ الحياة البهيجُ *** تنضِّرُ بالصَّفو أَوطانَها

وأنتَ بشيرُ القلوب الذي *** يعرِّفها اللهَ رحمانَها

فأهلاً وسهلاً بشهرِ الصيامِ *** يسلُّ من النفسِ أضغانَها

 

3- وللشاعر الرائد (حسين عرب) -رحمه الله- قصيدة شعرية رائعة يصف فيها هذا الشهر الكريم بأنه بشرى للعالم، يطل في كل عام وينثر المودة والمحبة والتصافي والسلام، وأننا نقتبس منه الصفو والحقيقة ويعيد إلى الأذهان ماضي هذه الأمة الحافل بالنصر والبطولات، فيقول:

بشرى العوالم أنت يا رمضانُ *** هتفتْ بك الأرجاءُ والأكوانُ

يا مشعلاً قبس الحقيقةَ بعد أنْ *** أعيَتْ عن استقصائها الأذهانُ

ومبدداً حلكَ الضلالةِ حينما *** عمَّ الدُّنا من زيفها فَيضانُ

كانت - كما زعم الغواةُ - حضارةً *** يختالُ فيها الفُرسُ والرومانُ

ذلت وذل على المدى عُبَّادُها *** في الغابرينَ، وشاه منها الشَّانُ

 

4- يتشوق الشاعر (محمد حسن فقي) -رحمه الله- إلى شهر رمضان قبل مقدمه في قصيدته (رمضان)، حيث يقول:

رمضانُ، في قلبي هماهِمُ نشوةٍ *** مِن قبل رؤيةِ وجهكَ الوضَّاءِ

قالوا بأنك قادمٌ، فتهللت *** بالبِشرِ أوجُهنا، وبالخُيَلاءِ

وتطلَّعت نحوَ السَّماء نواظرٌ *** لهلال شهرِ نضارةٍ ورواءِ

تهفو إليه، وفي القلوبِ وفي النُّهى *** شوقٌ لمَقدَمِهِ، وحُسنُ رجاءِ

لِمَ لا نتيه مع الصيام ونزدهي *** بجلالِ أيامٍ ووَحيِ سماءِ؟

بهِما نحلِّقُ في الغَمام، ونرتوي *** من عَذْبِهِ، ونصُولُ في الأجواءِ

ونشفُّ أرواحاً، فننهج منهجاً *** نُفضي به لمرابعِ الجَوزاءِ

 

5- أما أديب العربية (مصطفى صادق الرافعي) فيعبر عن إحساسه بحلول الشهر الكريم بقوله:

فديتكَ زائراً في كل عامِ *** تُحيَّا بالسلامةِ والسَّلامِ

وتُقبِلُ كالغمام يَفِيضُ حِيناً *** وَيبقى بعدَهُ أثرُ الغمامِ

وكم في الناس من كَلِفٍ مَشُوقٍ *** إليكَ، وكم شجيٍّ مُستَهامِ

 

6- يتغزل (محمد السيد الداوودي) في الشهر الكريم معبراً عن مدى أشواقه إليه فيقول:

لمَّا دنوتَ انهالت الأشواقُ *** وهفا إليكَ الوالهُ المُشتاقُ

لك غُرةٌ كالشمس في رَيعانها *** في كل ناحيةٍ لها إشراقُ

لك طلعةٌ فيها الحياة بهيةُ *** ترنو إلى قسَماتها الأحداقُ

لك في حياة المسلمين مآثرٌ *** طابتْ وطاب لهمْ بهنَّ مَذاقُ

 

7- أما الشاعر (فريد قرني) فيدعو الشهر للإقبال ويخبره أنه في انتظار مقدمه يعد الشهور والأيام للاستفادة من أيام الشهر ولياليه فيقول:

ألا أقبِل هدًى ورضاً ونُورا *** وخيراً عامراً يغشى المَزُورا

نعدُّ ليُمْنِ موسمك التهاني *** نعدُّ ليوم مقدمكَ الشُّهورا

لنملأ بالنَّدى المُهَجَ الصَّوادي *** ونرويَ مِن سنا التقوى الصُّدورا

بنورِ تلاوةِ القرآن نجلي *** بصائرنا، نضيءُ بها القُبورا

نصومُ، نقومُ في شوقٍ وجدٍّ *** وعند الله نحتسبُ الأُجُورا

بكَ الأرواحُ ترشفُ وهي ظمأَى *** شراباً منكَ تسكُبهُ طَهُورا

 

8- يقبل الشهر الكريم ويصل الضيف إلى مستقبليه فيصيح الشاعر (خير الدين وانلي) منبهاً جموع المسلمين أن ينتبهوا ويهبوا لاستقباله حيث يقول:

رمضان أقبلَ يا أُولي الألبابِ *** فاستقبِلوهُ بعدَ طولِ غيابِ

عامٌ مضى من عُمْرِنا في غفلةٍ *** فتنبَّهوا فالعمرُ ظلُّ سَحابِ

وتَهيؤوا لتصبُّرٍ ومشقَّةٍ *** فأُجورُ مَن صَبرُوا بغَيرِ حِسابِ

اللهُ يجزي الصائمينَ لأنَّهمْ *** مِن أجلهِ سَخِروا بكلِّ صِعَابِ

 

9- أما الشاعر (حسين عرب فيهلل) فرحاً بإطلالة الشهر الكريم ويشرك الدنيا فرحته فيقول:

بشرى العوالمِ أنت يا رمضانُ *** هتفت بكَ الأرجاءُ والأكوانُ

لك في السماءِ كواكبٌ وضَّاءةٌ *** ولك النفوسُ المؤمناتُ مكانُ

سعدتْ بلقياكَ الحياةُ، وأشرقت *** وانهلَّ منكَ جمالُها الفتَّانُ

 

10- يهلل (محمد راجح الأطرش) في قصيدته (الوافد الحبيب) بمقدم الشهر الكريم فيقول:

وافيتَ يا شهرَ المثُو *** بةِ والفضَائلِ والبشَائرْ

أهلا بمَقدَمِكَ السعِي *** دِ، ومرحباً يا خير زائرْ

يا نفحة الإيمانِ، يا *** فيض العقيدةِ والمنائرْ

نرنو إليكَ مسائلي *** نَ اللهَ تطهيرَ السرائرْ

 

11- ينثر الشاعر (عبد القدوس الأنصاري) باقة شعرية يرحب فيها برمضان فيقول:

فأنتَ ربيعُ الحياة البهيجُ *** تنضِّرُ بالصَّفوِ أوطانَها

وأنتَ بشيرُ القلوبِ الذي *** يعرِّفُها اللهَ رحمانَها

فأهلاً وسهلاً بشهرِ الصِّيامِ *** يسلُّ من النفسِ أضغانَها

 

12- يناجي الشاعر (أحمد محمد الصديق) نفسه مع إطلالة شهر الصيام فيقول:

أطَلَّ عَلى النَّاسِ شَهْرُ الصِّيامِ *** فَبُشْراكِ بالوافِدِ المُكْرَمِ

هَلُمّي، هَلُمّي بهِ نَحْتَفي *** ونُعْلِنُ عَنْ فرحَةِ المَقْدَمِ

أُعيذُكِ مِنْ نَزَعاتِ الهَوَى *** وفي مَوْسِمِ الخِصْبِ أنْ تُحرَمي

على عَتَباتِ الرّضا والسّلام *** أطيلي الوقوفَ.. ولا تَسْأَمي

فإنْ جادَ بالعفْوِ رَبُّ السَّماءِ *** فحسْبُكِ ذلكَ مِنْ مَغْنَمِ

وحسبُكِ أَنّا عَفَرْنا الجَبينَ *** لدَيهِ، وفي حِصْنِهِ نَحْتَمِي

 

13- عن فضل شهر رمضان كانت للشعراء مشاعرهم التي برزت في قصائدهم، ومنها للشاعر (محمود عارف) أبيات في فضل شهر رمضان، وأنه محراب العبادة وموسم الأذكار والتراويح المضيئة التي تزكي النفوس وتطهر القلوب وتطيب الأرواح، إذ يقول:

 

رمضانُ محرابُ العبادةِ للورى *** تغدو به الأرواح أطهرَ مُرتَقَى

فيه التراويح المضيئةُ مسبحٌ *** للقلبِ للإيمان يعْمر مرفقَا

ساعاته عمر الزمان مليئةٌ *** بالذكر حيث العمرُ عاد محلِّقَا

 

14- نقرأ للشاعر (محمد إبراهيم جدع) قصيدة يصف فيها رمضان بأنه خير الشهور، ولياليه مجالس للذكر وترتيل للقرآن، وفيه بشرى من العزيز الرحمن بالصفح والغفران، يقول فيها:

رمضانُ، يا خير الشهُو *** رِ، وخيرَ بشرى في الزمانِ

ومطالعُ الإسعاد تر *** فلُ في لياليكَ الحِسانِ

ومحافل الغفرانِ وال *** تَّقوى تفيضُ بكلِّ آنِ

ومجالس القرآنِ وال *** ذِّكرِ الجليل أجلَّ شانِ

 

15- يحث الشاعر (عبد الرزاق الخالدي) المسلمين على التمسك بالبعد الحقيقي الأصيل لشهر الصيام وليس بمجرد المظهر فقط، الذي يتمثل في الإمساك عن الطعام والشراب والشهوة، بل يدعو إلى اغتنام أيامه ولياليه في فعل الخيرات، واجتناب السيئات حتى نفوز بالجنات، فيقول:

قد جاء شهرُ الاعتكاف، فكن به *** في طاعةٍ تُعطى رفيع جِنانِ

وتجنبِ الآثام والزم توبةً *** تقصيك عن لهوٍ وعن نسيانِ

خسئَ اللعينُ وصفِّدتْ أحزابهُ *** بسلاسلٍ من سطوة الديَّان

وافاك شهركَ شهرُ أرباب التُّقى *** رمضانكَ الموسومُ بالغفرانِ

فاغنم لياليَهُ وكرِّم يومَهُ *** بالصوم عن زورٍ وعن بهتانِ

فاجهَدْ وشمّر فيه ساعدَ كيِّسٍ *** لا عاجزاً تبع الهوى بأماني

شهر الرضا فيه الجنان تفتَّحت *** أبوابها كرماً لذي العرفانِ

لا تفتِننَّكَ عن هداكَ ضلالةٌ *** تُلهيكَ عن ذِكرٍ وعن قُرآنِ

رمضانُ مدرسةٌ ومشفى فالتمِس *** مِنهُ الشفاء ومنهجَ الرضوانِ

لا تجعَلِ التقوى على أيَّامهِ *** وَقفاً.. وبعدُ تخوضُ في العصيانِ

 

16- حين انتصر المسلمون على أنفسهم بالصوم نصرهم الله على عدوهم في مواطن كثيرة، حتى استحق شهر رمضان أن يوصف بأنه شهر الانتصارات التي تغنى بها الشعراء.

يقول الشاعر (الكويتي فاضل خلف) في الشهر المبارك شهر الانتصارات:

بشيرُ الفتح والنصر المصفَّى *** أهلَّ فزادنا حبًّا وزُلفَى

هو الشهر المباركُ فيه عزَّت *** ديارُ العُرب والإسلامِ صفَّا

وعظمته الجدود فكانَ مجداً *** وكانَ المجدُ قرآناً وسيفا

فمنذ النصرِ في ساحاتِ بدرٍ *** ودينُ الله فاحَ شذاً وعرفا

فعطَّرَ في المسيرة كلَّ أرضٍ *** وأهدى من غنائمهِ وأوفى

فيا شهرَ الصِّيام أفِض علينا *** ينابيعَ الهُدى مدداً وعطفا

 

17- عن حال كثير من المسلمين الآن في شهر رمضان فهي حال مؤسفة، يعبر عنها خالد البيطار في حالة من التعجب حين يسأل (أين رمضان) فيقول:

قالوا:

أتى رمضانُ ثم مضى *** وتكادُ تأتي ليلةُ النَّحْرِ

فعجِبتُ من أَمرِي وأمرِهمُ *** رَمضانُ يأتي دُونَ أن أدري؟!

أنا لم أغِبْ يوماً عن الدُّنيا *** وكذا – يقيناً - لم يَغِبْ فِكْري

عجباً! فكيف أتى؟ وكيف مضى؟ *** أمْ كيف مرَّتْ فَرحةُ الفِطرِ؟!

أينَ المساجدُ وهي ضاحكةٌ *** مغمورةٌ بالخيرِ والبِشْرِ؟

وكأنها مِنْ حُسنِ ما لبستْ *** تختالُ في تاجٍ من الدُّرِّ

أين المآذنُ في تلألُئها *** بالنور والتكبير إذْ يَسْري؟

أينَ التراويحُ التي أهوَى *** وأشدُّ في ركعاتِها أزْرِي؟

والإِعتكافُ.. وكم له أهفُو *** متجرِّداً للهِ في العَشرِ؟

وسألتُ نفسي بعدما ذهبوا: *** أتَرَيْنَ تفسيراً لما يَجري؟!

أيَمُرُّ هذا كلُّه وأنا *** لاهٍ، فما شأني وما أمري؟!  

وفهمتُ منها أنها لَمحتْ *** طيفاً سريعَ الخطوِ في السَّيرِ

جاز الديارَ وما أقامَ بها *** إلا كخفقَةِ ذلكَ الطيرِ

لَمَحَ الشياطينَ التي ظهرتْ *** في كلِّ أرضِ دُونما سِترِ

ورأى الفَسادَ وأهلَهُ اجتمَعوا *** في البَرِّ أبصرَهم، وفي البحرِ

فأبى الإقامةَ ها هُنا ومضَى *** يشكُو كما تشكُو مِنَ الضُّرِّ.

 

 

 

 

 


 

متفرقات

1- قال الحافظ ابن حجر: "مقتضاه أن الصوم قامع لشهوة النكاح، واستشكل بأن الصوم يزيد في تهييج الحرارة، وذلك مما يثير الشهوة، لكن ذلك إنما يقع في مبدأ الأمر فإذا تمادى عليه واعتاده، سكن ذلك والله أعلم"(فتح الباري:5-104).

 

2- قال ابنُ الجوزي رحمه الله: "إنما الصوم صوم الجوارح عن الآثام، وصمت اللسان عن فضول الكلام، وغض العين عن النظر إلى الحرام، وكف الكف عن أخذ الحطام، ومنع الأقدام عن قبيح الأقدام"(مقامات ابن الجوزي:261).

 

3- قال القرطبي: "معناه: أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس، وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله، إلا الصيام فإنه يجازي عليه جزاءً كثيرًا من غير تعيين لمقداره"(فتح الباري؛ لابن حجر:92).

 

4- قال ابن كثير رحمه الله عند قوله تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) قال: "يَمدح الله شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره مِن بينهنَّ لإنزال القرآن العظيم فيه"تفسير ابن كثير"(تفسير ابن كثير).

 

5- قال البهوتي: "وَيُسْتَحَبُّ فِي رَمَضَانَ الْإِكْثَارُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالصَّدَقَةِ لِتَضَاعُفِ الْحَسَنَاتِ بِهِ"(كشاف القناع:2-332).

 

6- قال ابن تيمية -رحمه الله-: "إعانة الفقراء بالإطعام في شهر رمضان هو من سنن الإسلام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "من فطّر صائماً فله مثل أجره" "(مجموع الفتاوى:25-298).

 

7- قَالَ الإمامُ النوويُّ: "اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنى قَوْلِهِ: «الصَّوْمُ لِي»، مَعَ كَوْنِ جَمِيعِ الطَّاعَاتِ لِلَّهِ تَعَالَى فَقِيلَ: سَبَبُ إِضَافَتِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَمْ يُعْبَدْ أَحَدٌ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ فَلَمْ يُعَظِّمِ الْكُفَّارُ فِي عَصْرٍ مِنَ الْأَعْصَارِ مَعْبُودًا لَهُمْ بِالصِّيَامِ وَإِنْ كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ بِصُورَةِ الصَّلَاةِ وَالسُّجُودِ وَالصَّدَقَةِ وَالذِّكْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقِيلَ لِأَنَّ الصَّوْمَ بَعِيدٌ مِنَ الرِّيَاءِ لِخَفَائِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ والغزو وَالصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلصَّائِمِ وَنَفْسِهِ فِيهِ حَظٌّ. وَقِيلَ إِنَّ الِاسْتِغْنَاءَ عَنِ الطَّعَامِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فَتَقَرُّبُ الصَّائِمِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَإِنْ كَانَتْ صِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُشْبِهُهَا شَيْءٌ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَا الْمُنْفَرِدُ بِعِلْمِ مِقْدَارِ ثَوَابِهِ أَوْ تَضْعِيفِ حَسَنَاتِهِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ أَظْهَرَ سُبْحَانَهُ بَعْضَ مَخْلُوقَاتِهِ عَلَى مِقْدَارِ ثَوَابِهَا وَقِيلَ هِيَ إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى نَاقَةَ اللَّهِ مَعَ أَنَّ الْعَالَمَ كُلَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى"(شرح مسلم:8-29).

 

8- قَالَ الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني عند حديث: "فإنه لي وأنا أجزي به": "أَيْ أُجَازِي عَلَيْهِ جَزَاءً كَثِيرًا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِمِقْدَارِهِ"(فتح الباري:4-108).

 

9- قَال أبو بَكْر ابن الْعَرَبِيِّ: "إِنَّمَا كَانَ الصَّوْمُ جُنَّةً مِنَ النَّارِ لِأَنَّهُ إِمْسَاكٌ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَالنَّارُ مَحْفُوفَةٌ بِالشَّهَوَاتِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إِذَا كَفَّ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ فِي الدُّنْيَا كَانَ ذَلِكَ سَاتِرًا لَهُ مِنَ النار في الْآخِرَةِ"(فتح الباري:4-108).

 

10- قَالَ الْعُلَمَاءُ: "أَمَّا فَرْحَتُهُ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ فَبِمَا يَرَاهُ مِنْ جَزَائِهِ وَتَذَكُّرِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ بِتَوْفِيقِهِ لِذَلِكَ وَأَمَّا عِنْدَ فِطْرِهِ فَسَبَبُهَا تَمَامُ عِبَادَتِهِ"(شرح مسلم:8-31).

 

11- قال ابن حجر: "تتجلى بَرَكَةُ السَّحُور في الدعاء في الثلث الأخير من الليل حيث: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا (نزولاً يليق بجلاله وعظمته)، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ حتى يطلع الفجر" (البخاري حديث 7494). تتجلى بَرَكَةُ السَّحُور في إدراك صلاة الفجر جماعة في المسجد. تتجلى بَرَكَةُ السَّحُور في كونه يقوي المسلم على الصوم. ويكفي في بركة السحور اتباع سُّنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما يترتب على ذلك من عظيم الأجر من الله تعالى يوم القيامة"(فتح الباري لابن حجر:4-166).

 

12- قال الإمامُ ابنُ رجب الحنبلي: "الاعتكاف قَطْعُ العَلائِقِ عن الخلائق للاتصال بخدمة الخالق وكلما قويت المعرفة بالله والمحبة له والأنس به أورثت صاحبها الانقطاع إلى الله تعالى بالكلية على كل حال"(لطائف المعارف:349).

 

13- قال ابن رجب عند حديث: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا" فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَأَدَامَ الصِّيَامَ وَصَلَّى لِلَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ " قال رحمه الله: "هذه الخصال كلها تكون في رمضان، فيجتمع فيه للمؤمن الصيام والقيام والصدقة وطيب الكلام، فإنه يُنهي فيه الصائم عن اللغوِ والرفث"(لطائف المعارف:312).

 

14- قال الإمامُ ابن القيم: "لَمّا كَانَ صَلَاحُ الْقَلْبِ وَاسْتِقَامَتُهُ عَلَى طَرِيقِ سَيْرِهِ إلَى اللّهِ تَعَالَى، مُتَوَقّفًا عَلَى جَمْعِيّتِهِ عَلَى اللّهِ وَلَمّ شَعَثِهِ بِإِقْبَالِهِ بِالْكُلّيّةِ عَلَى اللّهِ تَعَالَى، فَإِنّ شَعَثَ الْقَلْبِ لَا يَلُمّهُ إلّا الْإِقْبَالُ عَلَى اللّهِ تَعَالَى، وَكَانَ فُضُولُ الطّعَامِ وَالشّرَابِ وَفُضُولُ مُخَالَطَةِ الْأَنَامِ وَفُضُولُ الْكَلَامِ وَفُضُولُ الْمَنَامِ مِمّا يَزِيدُهُ شَعَثًا، وَيُشَتّتُهُ فِي كُلّ وَادٍ وَيَقْطَعُهُ عَنْ سَيْرِهِ إلَى اللّهِ تَعَالَى، أَوْ يُضْعِفُهُ أَوْ يَعُوقُهُ وَيُوقِفُهُ اقْتَضَتْ رَحْمَةُ الْعَزِيزِ الرّحِيمِ بِعِبَادِهِ أَنْ شَرَعَ لَهُمْ مِنْ الصّوْمِ مَا يُذْهِبُ فُضُولَ الطّعَامِ وَالشّرَابِ وَيَسْتَفْرِغُ مِنْ الْقَلْبِ أَخْلَاطَ الشّهَوَاتِ الْمَعُوقَةِ لَهُ عَنْ سَيْرِهِ إلَى اللّهِ تَعَالَى، وَشَرْعِهِ بِقَدْرِ الْمَصْلَحَةِ بِحَيْثُ يَنْتَفِعُ بَهْ الْعَبْدُ فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ وَلَا يَضُرّهُ وَلَا يَقْطَعُهُ عَنْ مَصَالِحِهِ الْعَاجِلَةِ وَالْآجِلَةِ وَشَرَعَ لَهُمْ الِاعْتِكَافَ الّذِي مَقْصُودُهُ وَرُوحُهُ عُكُوفُ الْقَلْبِ عَلَى اللّهِ تَعَالَى، وَجَمْعِيّتُهُ عَلَيْهِ وَالْخَلْوَةُ بِهِ وَالِانْقِطَاعُ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالْخَلْقِ وَالِاشْتِغَالُ بِهِ وَحْدَهُ سُبْحَانَهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ ذِكْرُهُ وَحُبّهُ وَالْإِقْبَالُ بَدَلَهَا، وَيَصِيرُ الْهَمّ كُلّهُ بِهِ وَالْخَطَرَاتُ كُلّهَا بِذِكْرِهِ وَالتّفَكّرِ فِي تَحْصِيلِ مَرَاضِيهِ وَمَا يُقَرّبُ مِنْهُ فَيَصِيرُ أُنْسُهُ بِاَللّهِ بَدَلًا عَنْ أُنْسِهِ بِالْخَلْقِ فَيَعُدّهُ بِذَلِكَ لِأُنْسِهِ بِهِ يَوْمَ الْوَحْشَةِ فِي الْقُبُورِ حِينَ لَا أَنِيسَ لَهُ وَلَا مَا يَفْرَحُ بِهِ سِوَاهُ فَهَذَا مَقْصُودُ الِاعْتِكَافِ الْأَعْظَمِ"(زاد المعاد:2-86 ، 87)

الإحالات

1- مجالس شهر رمضان؛ للعلامة محمد بن صالح العثيمين.

 

2- مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؛ د. فالح بن محمد بن فالح الصغير

 

3- رمضان يبني القيم؛ د. مشعل الفلاحي.

 

4- الذكر المنظم في الوعظ لأيام شهر رمضان المعظم؛ لعبد اللطيف محمد النعيم.

 

5- وظائف رمضان؛ لسليمان العمري.