ذنب

2022-10-12 - 1444/03/16

التعريف

تعريف المعصية:

 

لغة: المعصية والعصيان كما قيل في كتب اللغة: ضد الطاعة، وقد عَصاه من باب رمى ومَعْصِيَةً أيضا وعِصْياناً فهو عَاصٍ وعَصِيٌّ وعَاصَاهُ مثل عصاه واسْتَعْصَى عليه؛ فالمعصية ضد الطاعة وضد التقوى والاستقامة لذا كان الورع: الكف عن المعاصي (مختار الصحاح 1/184 مادة (ع ص و).

 

قال أبو عبيد: وأصل العصا الاجتماع والائتلاف. ومنه قيل للخوارج: قد شقوا عصا المسلمين: أي فرّقوا جماعتهم (انظر: تهذيب اللغة للأزهري (3/77).

 

وقال ابن منظور: العصيان خلاف الطاعة، عصى العبد ربه إذا خالف أمره. وعصى فلانٌ أميره يعصيه عصياً وعصياناً ومعصية إذا لم يطعه فهو عاص وعَصِيّ (لسان العرب (4/2981) مادة: عصى).

 

وشرعاً:

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: المعصية هي مخالفة الأمر الشرعي، فمن خالف أمر الله الذي أرسل به رسله، وأنزل به كتبه فقد عصى (مجموع الفتاوى:8-269).

 

وقيل: المعاصي: هي ترك المأمورات، وفعل المحظورات، أو ترك ما أوجب وفُرض من كتابه أو على لسان رسول -صلى الله عليه وسلم- وارتكاب ما نهى الله عنه أو رسوله -صلى الله عليه وسلم- من الأقوال والأعمال الظاهرة أو الباطنة (المعاصي وآثارها لحامد المصلح:30). ألفاظ تدخل في معنى العصيان: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لفظ (المعصية) و(الفسوق) و(الكفر): فإذا أطلقت المعصية لله ورسوله دخل فيها الكفر والفسوق، كقوله: (وَمَن يَّعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)، وقال تعالى: (وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَـاتِ رَبّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)[هود:59]، فأطلق معصيتهم للرسل بأنهم عصوا هوداً معصية تكذيب لجنس الرسل، فكانت المعصية لجنس الرسل (مجموع الفتاوى:7-59).

 

وقد جاء معنى العصيان بألفاظٍ كثيرة في الكتاب والسنة، ومنها في القرآن:

 

1- الذنب: قال تعالى: (فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ)[العنكبوت:40].

 

قال الراغب رحمه الله: والذنب في الأصل: الأخذ بذنب الشيء، ويُستعمل في كل فعلٍ يُستوخم عقباه اعتباراً بذنب الشيء، ولهذا يسمّى الذنب تبعة، وعقوبة اعبتاراً لما يحصل من عاقبته (مفردات الراغب:331. وانظر المخصص لابن سيده:4-78).

 

2- الخطيئة: قال تعالى عن إخوة يوسف: (إِنَّا كُنَّا خَـاطِئِينَ)[يوسف:97].

 

3- السيئة: قال تعالى: (إِنَّ الْحَسَنَـاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيّئَـاتِ)[هود:114]. قال الراغب الأصفهاني: والخطيئة والسيئة يتقاربان، لكن الخطيئة أكثر ما تُقال فيما لا يكون مقصوداً إليه في نفسه (مفردات الراغب (ص 287).

 

4- الحُوب: قال تعالى: (إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً)[النساء:2]. قال الراغب الأصفهاني: "الحُوب: الإثم (مفردات الراغب:261).

 

5- الإثم: قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبّيَ الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْي)[الأعراف:33]. قال الراغب رحمه الله: الإثم والآثام: اسمٌ للأفعال المبطئة عن الثواب (مفردات الراغب:63). والأثيم: الكثير ركوب الإثم (المخصص لابن سيده:4-80).

 

6- الفسوق والعصيان: قال تعالى: (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ)[الحجرات:7]. قال الراغب رحمه الله: "فسق فلانٌ: خرج عن حجر الشرع (مفردات الراغب:637).

 

7- الفساد: قال جل وعلا: (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ)[المائدة:32].

 

قال الراغب رحمه الله: الفساد: خروج الشيء عن الاعتدال. قليلاً كان الخروج عنه أو كثيراً، ويُضادّه الصلاح [مفردات الراغب:636).

 

8- العُتوّ: قال تعالى: (فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَـاسِئِينَ)[الأعراف:166].

 

قال الراغب رحمه الله: العتُوّ: النبوّ عن الطاعة. يُقال: عتا يعتو عتواً وعتياً (مفردات الراغب:546).

 

9- الإصر: قال تعالى: (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلَـالَ الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ)[الأعراف:157].

 

قال ابن سيده رحمه الله: الإصر: الذنب والثّقل (المخصص لابن سيده:4-80).

 

 

 

العناصر

1- مراعاة الإسلام لطبيعة النفس البشرية

 

2- شؤم المعاصي

 

3- ظاهرة إصرار الناس على المعاصي

 

4- موقف المسلمين من تيسير المعاصي وأسبابها

 

5- عقوبات المعاصي

 

6- خطر المجاهرة بالمعاصي

 

7- ثمرات الصبر على المعاصي

 

8- نماذج من الصابرين عن المعصية

 

9- نماذج ممن أهلكوا بمعاصيهم

 

10- الأسباب المعينة على ترك المعاصي

 

11- البدار بالتوبة

الايات

1- قال الله تعالى: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ)[آلعمران:30].

 

2- قال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ - أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ)[آل عمران:135-136].

 

3- قال تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ)[النساء:17-18].

 

4- قال تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً)[النساء:31].

 

5- قال تعالى: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا)[الأنعام:158].

 

6- قال تعالى: (وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ائْذَن لّي وَلاَ تَفْتِنّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ)[التوبة:49].

 

7- قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[يونس:7-8].

 

8- قال تعالى: (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ)[يوسف:29].

 

9- قال تعالى: (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ)[الشعراء:14].

 

10- قال تعالى: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ:40].

 

11- قال تعالى: (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ)[غَافِرٍ: 3].

 

12- قال تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ)[غافر:55].

 

13- قال تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)[مُحَمَّدٍ:19].

 

14- قال تعالى: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ)[الفتح:1].

 

15- قال تعالى: (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى * الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى)[النجم:31-32].

 

16- قال تعالى: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ)[الرحمن:39].

 

17- قال تعالى: (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا * فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا)[الشمس:13-14].

 

18- قال تعالى: (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ - فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ - وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)[الزلزلة:6-8].

 

 

 

الاحاديث

1- عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما تركت بعدي فتنةً أضرّ على الرجال من النساء"(رواه البخاري:5096، ومسلم:2740).

 

2- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات بينهن إن اجتنبت الكبائر" وفي رواية: "ما لم تغش الكبائر"(رواه مسلم:233).

 

3- عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- وكان شهد بدرا وهو أحد النقباء ليلة العقبة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال، وحوله عصابة من أصحابه: "بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه"(رواه البخاري:18، ومسلم:41).

 

4- عن النواس بن سمعان الأنصاري، أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن البر والإثم، فقال: "البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع الناس عليه"(رواه أحمد:17633، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم).

 

5- عن النواس بن سمعان الأنصاري، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: أيها الناس، ادخلوا الصراط جميعا، ولا تتعرجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد يفتح شيئا من تلك الأبواب، قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه، والصراط الإسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي من فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم"(رواه أحمد:17634، وقال شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل الحسن بن سوار، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح).

 

6- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كل أمتي معافى إلا المجاهرون وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل عملا بالليل ثم يصبح وقد ستره الله. فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه"(أخرجه البخاري:٦٠٦٩، ومسلم:٢٩٩٠).

 

7- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني، وإنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله وعدل، فإن له بذلك أجرا وإن قال بغيره فإن عليه منه"(رواه البخاري:2957).

 

8- عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إلّا الدَّيْنَ"(رواه مسلم:١٨٨٦).

 

9- عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "التائبُ من الذنبِ كمن لا ذنبَ لهُ"(رواه ابن ماجه:٣٤٤٦، وحسنه  الألباني).

 

10- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما مِن عبدٍ مؤمنٍ إلَّا وله ذنبٌ يعتادُه الفَينةَ بعدَ الفَينةِ أو ذنبٌ هو مقيمٌ عليه لا يُفارِقُه حتَّى يُفارِقَ وإنَّ المؤمنَ خُلِقَ مُفْتَنًا توَّابًا نَسَّاءً إذا ذُكِّرَ ذكَر"(أخرجه الطبراني:11810، والقضاعي في مسند الشهاب:809، والبيهقي في شعب الإيمان7124 باختلاف يسير، وصححه الألباني في صحيح الجامع:5735).

 

11- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهَ ليبتلي عبدَه بالسِّقَمِ، حتّى يُكفِّرَ ذلك عنه كلَّ ذنبٍ"(السلسلة الصحيحة:٣٣٩٣: إسناده حسن أو جيد وهو على شرط مسلم).

 

12- عن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كلُّ ذنبٍ عسى اللَّهُ أن يغفرَهُ إلّا الرَّجلُ يقتلُ المُؤْمِنَ متعمِّدًا أوِ الرَّجلُ يموتُ كافرًا"(أخرجه النسائي:٣٩٨٤، وصححه الألباني).

 

13- عن النواس بن سمعان الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ"(أخرجه البغوي في شرح السنة:٢٤٥٥، وصححه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح:٣٦٢٤).

 

14- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا نذرَ في معصيةٍ، وكفّارتُه كفارةُ اليمينِ"(أخرجه النسائي:٣٨٤٣، وصححه الألباني).

 

15- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذا تَوَضَّأَ العَبْدُ المُسْلِمُ، أَوِ المُؤْمِنُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِن وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْها بعَيْنَيْهِ مع الماءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ الماءِ، فَإِذا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِن يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كانَ بَطَشَتْها يَداهُ مع الماءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ الماءِ، فَإِذا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْها رِجْلاهُ مع الماءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ الماءِ، حتّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ"(رواه مسلم:٢٤٤).

 

16- عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ كُلَّ صَلاةٍ تَحُطُّ ما بيْنَ يَدَيها من خَطيئةٍ"(أخرجه أحمد:٢٣٥٠٣، وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره).

 

17- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قال اللهُ -تعالى- يا ابنَ آدمَ ! إنك ما دَعَوْتَنِي ورَجَوْتَنِي؛ غفرتُ لك ما كان فيك ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ ! لو بَلَغَتْ ذنوبُكَ عَنانَ السماءِ، ثم استَغْفَرْتَنِي؛ غفرتُ لك ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ ! إنك لو أَتَيْتَنِي بقُرابِ الأرضِ خَطايا، ثم لَقِيتَنِي لا تُشْرِكُ بي شيئًا؛ لَأَتَيْتُكَ بقُرابِها مَغْفِرَةً"(أخرجه الترمذي:٣٥٤٠، وصححه الألباني).

 

18- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ ولا وصَبٍ، ولا هَمٍّ ولا حُزْنٍ ولا أذًى ولا غَمٍّ، حتّى الشَّوْكَةِ يُشاكُها، إلّا كَفَّرَ اللَّهُ بها مِن خَطاياهُ"(أخرجه البخاري:٥٦٤٢، ومسلم:٢٥٧٣).

 

19- عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، أيُّ النّاسِ أشدُّ بلاءً؟ قال: "الأنبياءُ ثمَّ الأمثلُ فالأمثَلُ، فيُبتلى الرَّجلُ على حسْبِ دينِه، فإن كانَ في دينهِ صلبًا اشتدَّ بلاؤُهُ، وإن كانَ في دينِهِ رقَّةٌ ابتليَ على حسْبِ دينِه، فما يبرحُ البلاءُ بالعبدِ حتّى يترُكَهُ يمشي على الأرضِ ما عليْهِ خطيئةٌ"(رواه الترمذي:٢٣٩٨، وقال الألباني: حسن صحيح).

 

20- عن ثوبان -رضي الله عنه- مولى رسول الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من عبدٍ يسجدُ للَّهِ سجدةً إلّا رفعَهُ اللَّهُ بِها درجةً وحطَّ عنْهُ بِها خطيئةً"(رواه ابن ماجه:١١٧٨، وصححه الألباني).

 

 

 

الاثار

1- قال عمر بن عبد العزيز: "أيها الناس! إنما يراد الطبيب للوجع الشديد، ألا فلا وجع أشد من الجهل، ولا داء أخبث من الذنوب، ولا خوف أخوف من الموت"(جمهرة خطب العرب).

 

2- قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: "تحدث للناس أقضية على قدر ما أحدثوا من الفجور "(البحر المحيط).

 

3- قال مجاهد: "إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة وأمسك المطر، وتقول: هذا بشؤم معصية ابن آدم"(تفسير ابن كثير).

 

4- قال عكرمة: "دواب الأرض وهوامها حتى الخنافس والعقارب يقولون منعنا القطر بذنوب بني آدم"(الداء والدواء).

 

5- قال بعض الصالحين وقد شكى إليه الناس بلاء وقع: "ما أرى ما أنتم فيه إلا بشؤم الذنوب".

 

6- قال محمد بن واسع: "لو كان للذنوب ريحٌ ما جلس إليّ أحدٌ "(إغاثة اللهفان).

 

7- قال إبراهيم بن أدهم: "إذا كنت بالليل نائماً، وبالنهار هائماً، وفي المعاصي دائماً؛ فكيف ترضي من هو بأمرك قائماً "(البداية والنهاية).

 

8- عن عبد الله قال: "إنّ الرجل ليذنب الذنب، فيصبحُ وعليه مذلتُه "(مصنف ابن أبي شيبة).

 

9- عن ابن شبرمة قال: "عجبت للناس يحتمون من الطعام مخافة الداء، ولا يحتمون من الذنوب مخافة النار "(تهذيب الكمال).

 

10- قال المعتمر بنُ سليمان: "إن الرجلَ يصيب الذنبَ في السرّ فيصبح وعليه مذلّتُه"(الداء والدواء).

 

11- قال ابن المبارك: قيل لوهيب: يجد طعم العبادة من يعصي؟ قال: "ولا من يهم بالمعصية (صفة الصفوة).

 

12- قال ذو النون المصري: "سقم الجسد في الأوجاع، وسقم القلوب في الذنوب؛ فكما لا يجد الجسد لذة الطعام عند سقمه، كذلك لا يجد القلب حلاوة العبادة مع الذنوب"(طبقات الأولياء).

 

13- عن الفضيل قال: "إذا لم تقدِر على قيام الليل وصيام النهار، فاعلم أنك محروم، كبّلتك خطيئتك "(لطائف المعارف).

 

14- وقال أيضاً: "بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله، وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله "(سير أعلام النبلاء).

 

15- وقال أيضاً: "يُغفَر للجاهل سبعون ذنباً، ما لا يُغفَر للعالم ذنب واحد "(حلية الأولياء).

 

16- وقال أيضاً: "كيف ترى حال من كثُرت ذنوبه، وضعف عِلمه، وفني عمره ولم يتزود لمعاده "(العمر والشيب لابن أبي الدنيا).

 

17- قال الإمام عبدالله بن المبارك: "إن البصراء لا يأمنون من أربع: ذنب قد مضى لا يدرى ما يصنع فيه الرب -عز وجل- وعمر قد بقي لا يدرى ما فيه من الهلكة، وفضل قد أعطي العبد لعله مكر واستدراج، وضلالة يراها هدى، وزيغ قلب ساعة؛ فقد يسلب المرء دينه ولا يشعر "(سير أعلام النبلاء).

 

18- قال سفيان الثوري: "عليك بقلة الأكل تملك سهر الليل، وعليك بالصوم فإنه يسد عليك باب الفجور، ويفتح عليك باب العبادة، وعليك بقلة الكلام يلين قلبك، وعليك بالصمت تملك الورع".

 

19- قال الحسن: "كنا نحدَّث أنه من عيَّرَ أخاه بذنب قد تاب إلى الله منه ابتلاه الله عز وجل به "(الصمت لابن أبي الدنيا).

 

20- قال مكحول: "أرق الناس قلوباً أقلهم ذنوباً "(حلية الأولياء).

 

21- قال مالك بن دينار: "البكاء على الخطيئة يحط الذنوب كما تحط الريح الورق اليابس"(الرقة والبكاء).

 

22- سأل رجل الحسن: "يا أبا سعيد، إني أبيت معافى، وأحب قيام الليل، وأعد طهورى؛ فما بالي لا أقوم؟ فقال: ذنوبك قيدتك".

 

23- قال علي بن خشرم: ما رأيت بيد وكيع كتابا قط، إنما هو حفظ، فسألته عن أدوية الحفظ، فقال: إن علمتك الدواء استعملته؟ قلت: إي والله. قال: ترك المعاصي ما جربت مثله للحفظ. (سير أعلام النبلاء).

 

24- وروي عن وكيع: أن رجلآً أغلظ له، فدخل بيتاً، فعفَّر وجهه، ثم خرج إلى الرجل، فقال: زِد وكيعاً بذنبه، فلولاه ما سُلِّطت عليه. (سير أعلام النبلاء).

 

25- سمعت محمد بن يحيى يقول: تقدم رجل إلى عالم، فقال: علمني وأوجز، قال: لأوجزن لك، أما لآخرتك: فإن الله أوحى إلى نبي من أنبيائه: قل لقومك: لو كانت المعصية في بيت من بيوت الجنة لأوصلت إليه الخراب. وأما لدنياك: فإن الشاعر يقول:

ما الناس إلا مع الدنيا وصاحبها * وكيف ما انقلبت يوما به انقلبوا

يعظمون أخا الدنيا فإن وثبت * يوما عليه بما لا يشتهي وثبوا (البداية والنهاية).

 

26- قال مالك: "إن لله تبارك وتعالى عقوبات في القلوب والأبدان، وضنكاً في المعيشة، وسخطاً في الرزق، ووهناً في العبادة ".

 

27- قال بعض السلف‏: "المعاصي بريدُ الكفر، كما أن الحُمَّى بريد الموت "(مدارج السالكين).

 

28- قال يحي بن معاذ الرازي: "مسكين ابن آدم، قلعُ الأحجار أهون عليه من ترك الأوزار"(سير أعلام النبلاء).

 

29- قال رحمه الله: "لا تستبطئن الإجابة إذا دعوت، وقد سددت طرقها بالذنوب "(شعب الإيمان).

 

30- قال شجاع الكرماني: "من عمر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بدوام المراقبة، وغض بصره عن المحارم، وكف نفسه عن الشهوات، وأكل من الحلال - لم تخطىء فراسته"(الداء والدواء).

وكان شجاع لا تخطىء له فراسة.

 

31- ومن كلام محمد بن نصر قال: "لما كانت المعاصي بعضها كفرا، وبعضها ليس بكفر، فرق تعالى بينها، فجعلها ثلاثة أنواع: فنوع منها كفر، ونوع منها فسوق، ونوع منها عصيان، ليس بكفر ولا فسوق.

وأخبر أنه كرهها كلها إلى المؤمنين، ولما كانت الطاعات كلها داخلة في الإيمان، وليس فيها شيء خارج عنه، لم يفرق بينها، فما قال: حبب إليكم الإيمان والفرائض وسائر الطاعات، بل أجمل ذلك فقال: (حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ) [الحجرات:7] فدخل فيه جميع الطاعات، لأنه قد حبب إليهم الصلاة والزكاة، وسائر الطاعات حب تدين، ويكرهون المعاصي كراهية تدين"(البداية والنهاية).

 

32- قال ابن رجب: "يمر السحاب في بلدة بماءٍ معين من المعصرات يريد النزول؛ فلا يستطيع لما حل بها من المنكرات"(لطائف المعارف).

 

 

33- قال سهل بن عبدالله التستري: "أفعالُ البرِّ يفعلها البرُّ والفاجرُ, ولن يصبرَ عن المعاصي إلا صديق".

 

 

 

 

القصص

انتبه الحسن ليلة فبكى، فضج أهل الدار بالبكاء فسألوه عن حاله فقال: ذكرت ذنباً فبكيت!.

الاشعار

قال جمال الدين الصرصري:

أنا العبد الذي كسب الذنوبا *** وصدته الأماني أن يتوبا

أنا العبد الذي أضحى حزينا *** على زلاته قلقا كئيبا

أنا العبد الذي سطرت عليه *** صحائف لم يخف فيها الرقيبا

أنا العبد المسيء عصيت سرا *** فما لي الآن لا أبدي النحيبا

أنا العبد المفرط ضاع عمري *** فلم أرع الشبيبة والمشيبـا

أنا العبد الغريـق بلـج بحر *** أصيـح لربـما ألقى مجيبا

أنا العبد السقيم من الخطايا *** وقد أقبلت ألتمس الطبيبـا

أنا العبد المخلف عن أناس *** حووا من كل معروف نصيبا

أنا العبد الشريد ظلمت نفسي *** قد وافيت بابكم منيبـا

أنا العبد الفقير مددت كفي *** إليكم فادفعوا عني الخطوبـا

أنا الغدار كم عاهدت عهدا *** وكنت على الوفاء به كذوبا

أنا المهجور هل لي من شفيع *** يكلم في الوصال لي الحبيبا

أنا المقطوع فارحمني وصلني *** ويسر منك لي فرجا قريبا

أنا المضطر أرجو منك عفوا *** ومن يرجو رضاك فلن يخيبا

فيا أسفى على عمر تقضى *** ولم أكسب به إلا الذنوبا

وأحذر أن يعاجلني ممات *** يحير هول مصرعه اللبيبا

ويا حزناه من نشري وحشري *** بيوم يجعل الولدان شيبا

تفطرت السماء به ومارت *** وأصبحت الجبال به كثيبا

إذا ما قمت حيرانا ظميئا *** حسير الطرف عريانا سليبا

ويا خجلاه من قبح اكتسابي *** إذا ما أبدت الصحف العيوبا

وذلة موقف وحساب عدل *** أكون به على نفسي حسيبا

ويا حذراه من نار تلظى *** إذا زفرت وأقلقت القلوبا

تكاد إذا بدت تنشق غيظا *** على من كان ظلاما مريبا

فيا من مد في كسب الخطايا *** خطاه أما أنى لك أن تتوبا

ألا فاقلع وتب واجهد فإنا *** رأينا كل مجتهد مصيبا

(الآداب الشرعية:3-62)

 

قال أبو علي القُومساني:

إِذَا مَرْضْنَا نَوَيْنَـا كُـلَّ صَالِحَـةٍ *** وَإِنْ شُفِينَـا فَمِنَّـا الزَّيْغُ وَالزَّلَلُ

نرضي الإله إذا خفنا ونعصيه *** إذا أمنا فما يزكو لنا عمل

(الوافي بالوفيات:٢٩-١٣٦)

 

قال أحدهم:

إذا كنت في نعمة فارعها *** فإن المعاصي تزيل النعم

وحام عليها بشكر الإله *** فإن الاله سريع النقم

حلاوة دنياك مسمومة *** فما تأكل الشهد إلا بسم

فك قدر دب في مهلة *** فلم يعلم الناس حيت هجم

(الجهاد لعبد الله بن المبارك:٣٢)

 

قال محمود الوراق:

تَصِلُ الذُّنُوبَ إِلَى الذُّنُوبِ وَتَرْتَجِي *** دَرَكَ الْجِنَـانِ بِهَـا وَفَوْزَ الْعَابِدِ

وَنَسِـيْـتَ أَنَّ اللهَ أَخْـرَجَ آدَمًـا *** مِنْهَـا إِلَى الدُّنْيَـا بِذَنْـبٍ وَاحِدِ

(ديوان الزهد والحكمة:41)

 

قال عبدالله بن المبارك:

رَأَيتُ الذُّنُـوبَ تُمِيْـتُ الْقُلُـوْبَ *** وَقَـدْ يُـوْرِثُ الـذُّلَ إِدْمَانُهَـا

وَتَـرْكُ الذُّنُـوبِ حَيَـاةُ الْقُلُـوبِ *** وَخَيْـرٌ لِنَفْسِـكَ عِصْيَـانُهَـا

(الجواب الكافي:69)

 

قال عبد الأَعْلَى الشاميِّ:

الْعُمْـرُ يَنْقُـصُ وَالذُّنُـوبُ تَزِيـدُ *** وَتُقَـالُ عَثَـرَاتُ الْفَتَى فَيَعُـودُ

هَـلْ يَسْتَطِيعُ جُحُـودَ ذَنْبٍ وَاحِدٍ *** رَجُلٌ جَوَارِحُـهُ عَلَيْـهِ شُهُـودُ

(أدب الدنية والدين؛ للماوردي:59)

 

قال عيسى بن عبد الرحمن:

عُمْـرُكَ قَـدْ أَفْنَيْـتَـهُ تَحْتَمِـي *** فِيهِ مِـنَ الْـبـارِدِ والْـحَـارِ

وَكَـانَ أَوْلَـى بِـكَ أَنْ تَحْتَمِـي *** مِنَ الْمَعَاصِي خَشْـيَـةَ الـنَّـارِ

(العمر والشيب؛ لابن أبي الدنيا:٥٤)

 

قال الشافعي:

تَعْصِي الإِلَـهَ وَأَنْتَ تُظْهِـرُ حُبَّـهُ *** هَـذَا مُحَـالٌ فِي الْقِياسِ بَدِيـعُ

لَوْ كَـانَ حُبُّـكَ صَادِقًـا لأَطَعْتَـهُ *** إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَـنْ يُحِبُّ مُطِيـعُ

(ديوان الإمام الشافعي وحكمه رضي الله عنه:17-18)

 

قال ابن المعتز:

خَـلِّ الـذُّنُـوبَ صَغِـيْـرَهَـا *** وَكَبِـيْـرَهَـا ذَاكَ الْـتُّـقَـى

وَاصْـنَـعْ كَمَــاشٍ فَـوْقَ أَر *** ضِ الشَّوْكِ يَحْـذَرُ مَـا يَـرَى

لا تَحْـقِــرَنَّ صَـغِـيْــرَةً *** إِنَّ الْـجِـبَـالَ مِـنَ الْحَصَـى

(جامع العلوم والحكم:158)

 

قال نابغة بني شَيْبان:

إِنَّ مَنْ يَـرْكَبُ الْفَوَاحِـشَ سِـرًّا *** حِيْـنَ يَخْلُـو بِسِـرِّهِ غَيْرُ خَالِ

كَيْـفَ يَخْلُـو وَعِنْـدَهُ كَاتِبَـاهُ *** شَـاهِـدَاهُ وَرَبُّـهُ ذُو الْجَـلالِ

(العقد الفريد:3-128)

 

تَفْنَى اللَّذَاذَةُ مِمَّنْ نَـالَ شَهْـوَتَـهُ *** مِنَ الْحَـرَامِ وَيَبْقَى الإثْمُ والْعَـارُ

تَبْقَى عَوَاقِـبُ سُـوءٍ في مَغَبَّتِهَـا *** لا خَيْرَ فِي لَـذَّةٍ مِنْ بَعْدِهَا النَّـارُ

(كتاب ذم الهوى:94)

 

قال الْمُخَبَّل السَّعْدِي:

إِنِّي وَجَـدْتُ الأَمْــرَ أَرْشَـدُهُ *** تَقْـوَى الإِلَـهِ وَشَـرُّهُ الإِثْـمُ

(الإصابة في تمييز الصحابة:1-91)

 

قال مَعْن بن أوس:

لَعَمْرك مَـا أَهْوَيْـتُ كَفِّي لِرِيْبَـةٍ *** وَلا نَقَلَتْنِـي نَحْـو فَاحِشَةٍ رِجْلِي

وَلا قَادَنِـي سَمْعِي وَلا بَصَرِي لَهَا *** وَلا دَلَّنِي رأْيي عَلَيْهَـا وَلا عَقْلِي

وَأَعْلَمُ أَنِّي لَـمْ تُصِبْنِـي مُصِيْبَـةٌ *** مِنَ الدَّهْرِ إِلاَّ قَدْ أصَابَتْ فَتَىً قَبْلِي

(أمالي القالي:2-234).

 

قال أبو العتاهية:

فَيَا عَجَبًـا كَيْـفَ يُعْصَـى الإِلَـهُ *** أَمْ كَيْـفَ يَجْحَـدُهُ الْجَاحِـدُ

وَفِـي كُـلِّ شَــيءٍ لَـهُ آيَـةٌ *** تَـدُلُّ عَلَـى أَنَّـهُ الْـوَاحِـدُ

(تفسير القران العظيم)

 

قال عبد الله بن المبارك:

أيَضْمَـنُ لي فَتَـى تَـرْكَ الْمَعَاصـِي *** وَأَرْهَنُـهُ الْكَفَـالَـةَ بِالْخَـلاصِ

أَطَـاعَ اللهَ قَـوْمٌ فَاسْـتَـرَاحُـوا *** وَلَمْ يَتَجَرَّعُوا غُصَـصَ الْمَعَاصِي

(لطائف المعارف:476)

 

قال أبو العتاهية:

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل *** خلوت ولكن في الخلاء رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة *** ولا آثما يخفى عليه يغيب

لهونا عن الآثام حتى تتابعت *** ذنوب على آثارهن ذنوب

فيا ليت أن الله يغفر ما مضى *** ويأذن في توباتنا فنتوب

(ديوان أبي العتاهية:17)

 

 

الدراسات

1- من الأمراض الذي تصيب مرتكبي الزنا: مرض الزهري؛ وهذا مرض خطير -والعياذ بالله- وأعراض هذا المرض: ظهور طفح جلدي وقروح على الأعضاء التناسلية، وشعور الإنسان باستمرار بصداع، ثم تتفقع هذه القروح وينتقل منها شيء إلى جدار الفم والأنف واللسان من الداخل، ثم يتزايد المرض حتى يصاب بالتهاب في الكبد والعيون والمفاصل، ثم يصاب الغشاء السحائي الذي يغطي النخاع في الدماغ، والدماغ والنخاع الشوكي يصاب بالشلل وتدهور القوى العقلية.

 

2- من الأمراض الذي تصيب مرتكبي الزنا واللواط: مرضُ السيلان؛ وهو يصيب المجاري البولية للرجل والمرأة، وأعراضه شعور بحرقان شديد عند التبول، ثم إفرازات ومواد صفراء، ثم أمراض، ثم وباء -والعياذ بالله- يقضي على الإنسان.

 

3- من الأمراض التي تنتشر عن طريق العلاقات الجنسية المحرمة كالزنا واللواط والعادة السرية: الهربز أو الهربد، وأعراضه ظهور قروح كثيرة على الجهاز التناسلي للرجل والمرأة، وآلام عظيمة عند ممارسة الجنس، ويؤدي إلى الإصابة بالسرطان وهو مرض معدٍ، والعياذ بالله!.

 

4- من الأمراض الخطيرة التي ظهرت في هذا الزمان وهي نتيجة إدمان الناس على المعاصي في الزنا واللواط: مرض الإيدز؛ وهو جندي سلطه الله على الأمم الكافرة، وأرهب الله به دول الشرق والغرب؛ وهو فيروس صغير لا يرى بالعين المجردة، وهو عبارة عن فقدان الجسم للمناعة، فيقضي على المناعة في جسمك؛ لأن الله أوجد فيك قوى لتحارب الأمراض، حتى إذا دخل فيك أي ميكروب تقضي عليه هذه القوى في كريات الدم البيضاء، لكنَّ هذا الإيدز يقضي على كريات الدم البيضاء، ويبقى الإنسان غير قادر على مقاومة أي مرض، وبالتالي فهو مهدد بالموت في كل لحظة.

 

5- الحيض والنفاس دماء عفنة قذرة ذات روائح كريهة مملوءة بالجراثيم، فإذا أتى الرجل زوجته وهي حائض أو نفساء أدى هذا إلى إصابته وإصابتها بالأمراض الخطيرة التي منها الإيدز، والهربز، والسيلان، والزهري.

 

6- تشير الدراسات إلى أن احتمال العدوى بالإيدز تزيد كثيراً أثناء الاتصال الجنسي المخالف للطبيعة أي إتيان المرأة من دبرها، وهنا نتذكر أن الإسلام حرّم أن يأتي الرجل زوجته من دبرها.

 

7- أجرت جامعة الملك عبد العزيز دراسة ميدانية عن مرض اسمه: إيدز الكبد، والكبد يصاب بالتهابات عن طريق فيروس كبدي اسمه فيروس A أو B عنيد أو خبيث، إما أن يؤدي إلى مرض السرطان، أو يؤدي إلى مرض غير السرطان، وهذا الفيروس ينتشر عن طريق الشيشة والدخان.

 

8- تخبرنا الأمم المتحدة بأن هنالك في العالم 14 ألف شخص يُصابون بالإيدز وذلك كل يوم! ونصف هذا العدد من النساء، ومن هؤلاء 2000 طفل وطفلة! فتأمل هذه الأعداد الضخمة. إن الخسارات التي سيسببها هذا المرض في عام 2008 هي 22 بليون دولار!.

 

9- تقول الدراسات الطبية أن الفيروس قد يبقى في الجسم 15 عاماً قبل أن يمارس هجومه، ويبدأ هذا المرض غالباً بما يشبه الأنفلونزا، ثم يتطور إلى صداع وتعب شديد، وهنالك أناس لا تظهر عليهم أية أعراض للمرض، إنما يباغتهم بشكل مفاجئ، ثم يتطور المرض على شكل عقد لمفاوية.

 

10- تشير الدراسات إلى أن الفيروس يميل لمهاجمة المدمنين على المخدرات أكثر من غيرهم بسبب نقص المناعة أساساً لديهم، كما أن مدمن الخمر والمخدرات يكون جسده أقل مناعة ومقاومة ضد الأمراض مما يسهل على الفيروسات اقتحام أجهزة الجسم وتدميرها دون أية مقاومة تذكر.

 

11- ثبت تأثير المخدرات والخمور على الجنين، فالمرأة التي تتعاطى المخدر يدخل إلى دمها، ويمتصه الجنين ويتأثر بشكل خطير وقد يتشوه خلقياً وعقلياً.

 

12- أفاد أحد التقارير الحديثة عن أخطار الوشم بوجود احتمال للإصابة بمرض الإيدز بسبب العدوى، بالإضافة للإصابة بالتهاب الكبد، كما أن التلوث الناجم عن استخدام الإبر في الوشم قد يتسبب بسرطان الجلد والصدفية وإلى الكثير من حالات التسمم.

 

 

 

متفرقات

1- قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْو?لُكُمْ وَأَوْلَـ?دُكُمْ فِتْنَةٌ) أي: اختبار وابتلاء من الله تعالى لخلقه ليعلم من يطيعه ممن يعصيه [ تفسير القرآن العظيم (4/376) ] .

 

2- قال الهيتمي رحمه الله: وحرّم كثير من العلماء الخلوة بالأمرد في نحو بيت أو دكان كالمرأة لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما خلا رجل بامرأة إلا دخل الشيطان بينهما"(ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد:4-326، وقال: رواه الطبراني، وفيه علي بن يزيد الألهاني وهو ضعيف جداً، وفيه توثيق. وذكره المنذري في الترغيب:3-39 وقال: حديث غريب رواه الطبراني. والحديث رواه الترمذي بلفظ: "لا يخلونّ رجلٌ بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان"(كتاب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات:1171، وصححه الألباني في صحيح الترمذي:1-343). بل في المرد من يفوق النساء بحسنه، فالفتنة به أعظم، ولأنه يمكن في حقه من الشرّ ما لا يمكن في حق النساء (الزواجر عن اقتراف الكبائر:2-310).

 

3- قال ابن كثير -رحمه الله- في قوله تعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ نَسُواْ اللَّهَ فَأَنسَـاهُمْ أَنفُسَهُمْ)[الحشر:19]: أي: لا تنسوا ذكر الله تعالى فينسيكم العمل الصالح الذي ينفعكم في معادكم. فإن الجزاء من جنس العمل، ولهذا قال تعالى: (أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) أي: الخارجون عن طاعة الله، الهالكون يوم القيامة، الخاسرون يوم معادهم كما قال تعالى: (أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلاَ أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ ?للَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاـسِرُونَ)[المنافقون:9] (تفسير القرآن العظيم:4-342).

 

4- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الذنوب ثلاثة أقسام: أحدها: ما فيه ظلم الناس: كالظلم بأخذ الأموال، ومنع الحقوق والحسد، ونحو ذلك. والثاني: ما فيه ظلم للنفس فقط كشرب الخمر والزنا إذا لم يتعدّ ضررهما. والثالث: ما يجتمع فيه الأمران، مثل أن يأخذ المتولّي أموال الناس يزني بها ويشرب بها الخمر، ومثل أن يزني بمن يرفعه على الناس بذلك السبب ويضرّهم كما يقع ممن يحب بعض النساء والصبيان (الاستقامة لابن تيمية:2/245-246)، وانظر: مجموع الفتاوى (28/145).

 

5- قال ابن القيم رحمه الله: والذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر، بنصّ القرآن والسنة، وإجماع السلف، وبالاعتبار (مدارج السالكين:1-342).

 

6- قال مالك: "إن لله تبارك وتعالى عقوبات في القلوب والأبدان، وضنكاً في المعيشة، وسخطاً في الرزق، ووهناً في العبادة"().

 

7- قال ابن رجب: "يمر السحاب في بلدة بماءٍ معين من المعصرات يريد النزول؛ فلا يستطيع لما حل بها من المنكرات"(لطائف المعارف).

 

8- قال ابن الجوزي: "إخواني: الذنوب تغطي على القلوب؛ فإذا أظلمت مرآة القلب لم يبن فيها وجه الهدى، ومن علم ضرر الذنب استشعر الندم"().

 

9- وقال أيضاً: "يا طالب الجنة! بذنب واحد أُخرج أبوك منها، أتطمع في دخولها بذنوب لم تتب عنها"(التبصرة لابن الجوزي).

 

10- وقال أيضاً: "وعلى العاقل أن يحذر مغبة المعاصي فإن نارها تحت الرماد"(صيد الخاطر).

 

11- وقال أيضاً: "نظرتُ في الأدلة على الحق - سبحانه وتعالى- فوجدتُها أكثرَ من الرمل، ورأيتُ من أعجبها؛ أن الإنسان قد يخفي ما لا يرضاه الله -عز وجل- فيظهره الله -سبحانه وتعالى- عليه ولو بعد حين، وينطق الألسنة به، وإن لم يشاهده الناس، وربما أوقع صاحبَه في آفة يفضحه بها بين الخلق؛ فيكون جواباً لكل ما أخفى من الذنوب، وذلك لِيَعْلَمَ الناسُ أن هنالك مَنْ يجازي على الزلل، ولا ينفع من قدرِه وقدرتِهِ حجابٌ ولا استتارٌ، ولا يضاع لديه عمل.. وإن قلوب الناس لَتَعْرِفُ حالَ الشخص، وتحبه أو تأباه، وتذمه أو تمدحه وَفْقَ ما يتحقق بينه وبين الله -سبحانه وتعالى- فإنه يكفيه كلَّ هم، ويدفع عنه كلَّ شر. وما أصلح عبد ما بينه وبين الخلق، دون أن ينظر إلى الحق إلا انعكس مقصودُه، وعاد حامدُه ذامّاً"(صيد الخاطر).

 

12- وقال أيضاً: "يا صاحب الخطايا : أين الدموع الجارية؟ يا أسير المعاصي ابك على الذنوب الماضية. أسفاً لك إذا جاءك الموت وما أنبت، وا حسرة لك إذا دُعيت إلى التوبة فما أجبت، كيف تصنع إذا نودي بالرحيل وما تأهبت، ألست الذي بارزت بالكبائر وما راقبت؟!"(التبصرة؛ لابن الجوزي:1-17).

 

13- وقال أيضاً: "أين ندمك على ذنوبك؟ أين حسرتك على عيوبك؟ إلى متى تؤذي بالذنب نفسك، وتضيع يومك تضييعك أمسك، لا مع الصادقين لك قدم، ولا مع التائبين لك ندم، هلاّ بسطت في الدجى يداً سائلة، وأجريت في السحر دموعاً سائلة"(التبصرة؛ لابن الجوزي:1-148).

 

14- وقال أيضاً: "إن أكثر بني آدم قد يفعل بعض المأمور به ولا يترك المنهي عنه إلا الصديقون, لأن المأمور به له مقتضى في النفس, وأما ترك المنهي عنه إلى خلاف الهوى ومجاهدة النفس فهو أصعب وأشق, فقلَّ أهله، ولا يمكن أحداً أن يفعله إلا مع فعل المأمور به"(مجموعة الفتاوى:20-76).

 

15- قال ابن القيم في قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا). "والمعنى: قد أفلح من كبَّرها وأعلاها بطاعة الله وأظهرها، وقد خسر من أخفاها وحقَّرها وصغَّرها بمعصية الله. فما صغَّر النفوس مثل معصية الله، وما كبَّرها وشرَّفها ورفَعَها مثل طاعته"(الجواب الكافي:98).

 

 

 

الإحالات

1- الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي؛ لابن القيم.

 

2- مكفرات الذنوب؛ لشيخ الإسلام ابن تيمية.

 

3- آثار الذنوب: بحث مفصل في أخطار الذنوب والمعاصي ودورها في انحراف الإنسان والمجتمع؛ لمحسن قراءتي.

 

4- المعاصي وآثارها على الفرد والمجتمع؛ لحامد بن محمد المصلح.

                                                                

5- آثار الذنوب على الأفراد والشعوب؛ لمشهور بن حسن آل سلمان.

 

6- مكفرات الذنوب في ضوء الكتاب والسنة؛ لسليم بن عيد الهلالي.