ديمقراطية

2022-10-07 - 1444/03/11

التعريف

الديمقراطية كلمة لاتينية وهي مكونة من شقين: الشق الأول demos وتعني الشعب، والشق الثاني cratie وتعني حكم أو سلطة. فاللفظ على ذلك يعني حكم الشعب، أو الحكم للشعب، «وإذا كان للديمقراطية مصطلحات عديدة ... إلا أن لها مدلولاً سياسياً شاع استعماله في كل الأدبيات والفلسفات القديمة والحديثة، وأنها مذهب سياسي محض تقوم على أساس تمكين الشعب من ممارسة السلطة السياسية في الدولة [موسوعة علم السياسة، د. ناظم عبد الواحد الجاسور، ص 197] . فالكلمة العليا والمرجعية النهائية إنما هي للشعب ولا شيء يعلو فوقه؛ فهي تعني أن يضع الشعب قوانينه بنفسه، وأن يحكم نفسه بنفسه، ولنفسه [الديمقراطية والوعي السياسي، د. إمام عبد الفتاح، 15]. وقد تبلورت هذه الفكرة فيما بعد تحت مصطلح السيادة، وقد عُرِّفت السيادة بأنها سلطة عليا مطلقة لا شريك لها ولا ند، متفردة بالتشريع الملزم، فيما يتعلق بتنظيم شؤون الدولة أو المجتمع؛ فلها حق الأمر والنهي والتشريع والإلزام بذلك، لا يحد من إرادتها شيء خارج عنها، ولا تعلوها أو تدانيها سلطة أخرى [تحطيم الصنم العلماني، محمد بن شاكر الشريف ص 49 وانظر في تعريف السيادة: الإسلام وأصول الحكم، د. محمود الخالدي، ص23. والسيادة وثبات الأحكام، د. محمد أحمد مفتي بالاشتراك مع د. سامي صالح الوكيل ص10. ونظرية السيادة، د. صلاح الصاوي ص9. وأزمة الفكر السياسي الإسلامي، د. عبد الحميد متولي ص 204]، والسيادة في الفكر الديمقراطي إنما هي للشعب .

العناصر

1- تعريف الديمقراطية وأساليب تحقيقها في الواقع . 2- عناصر الديمقراطية . 3- الديمقراطية تعني أن نطبق ما وافق عليه غالبية أعضاء المجلس ولو كان مخالفًا لشريعة ربنا . 4- مبادىء الديمقراطية في الإسلام . 5- الفرق بين الديمقراطية و الشورى . 6- صور الديمقراطية . 7- المراد بمصطلح السيادة في النظم السياسية . 8- لمن تكون السيادة في النظام الديمقراطي؟ 9- نظام الحكم الديمقراطي مناقض لنظام الحكم الإسلامي . 10- مثالب الديمقراطية .

الايات

1- يقول الله تعالى: ( ماَ تعَبْدُوُن منِ دوُنهِ إلِّا أسَمْاَء سمَّيتْمُوُهاَ أنَتْمُ وآَبَاَؤكُمُ ماَ أنَزْلَ اللَّهُ بهِاَ منِ سلُطْاَن إنِ الحْكُمْ لِّا للِّه أمَرَ ألَّا تعَبْدُوُا إلِّا إيِّاه ذلَكِ الدِّين القْيَّم ولَكَنِّ أكَثْرَ النَّاس لَا يعَلْمَوُن ) [يوسف: 40] . 2- قوله تعالى : ( إنِ الحْكُمْ إلِّا للِّه ) [الأنعام: 57] .  3- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [النساء: 59] . 4- قوله تعالى: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيما) [النساء: 65] . 5- قوله تعالى: (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللهُ إِلَيْكَ) [المائدة: 49] . 6- قوله تعال: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة: 49، 50] . 7- قوله تعالى: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) [الشورى: 10] . 8- قوله تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لا انْفِصامَ لَها وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 256] . 9- قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) [النساء: 60] . 10- قوله تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) [النحل: 36] . 11- قوله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران، الآية: 159] .

الاحاديث

1- عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه وينذرهم شر ما يعلمه لهم» [رواه مسلم من حديث ج 12 ص 333] . 2- عن سلمان، قال: قيل له لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة، قال: أجل لقد «نهانا صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، وأن لا نستنجي باليمين، وأن لا يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار، أو نستنجي برجيع أو عظم» [سنن أبي داود (7) وقال الألباني صحيح] .

متفرقات

1- يقول الأستاذ محمد قطب: (وحرية الإنسان في أن يفسد حرية مكفولة بالقانون! فالسلوك الجنسي مسألة خاصة إلى أبعد حدود الخصوصية لا يتدخل القانون بشأنها أي تدخل إلا في حالة واحدة هي جريمة الاغتصاب لأنها تقع بالإكراه لا بالاتفاق، أما – أي علاقة - على الإطلاق - تقع بالاتفاق فلا دخل للقانون بها، ولا دخل للمجتمع ولا دخل لأحد من الناس.. فسواء كانت هذه العلاقة سوية أو شاذة وسواء كان مع فتاة لم تتزوج أو مع امرأة متزوجة، فهذا شأن الأطراف أصحاب العلاقة وليس شأن أحد آخر. والغابات والحدائق العامة مسرح لكل ألوان السلوك الجنسي فضلا عن النوادي والبيوت.. كلها ماخور كبير يعج بالفساد الذي يحميه القانون.. قانون الديمقراطية: ومن سنوات عقد في الكنيسة الهولندية عقد " شرعي " بين فتى وفتى على يد القسيس! ومن سنوات اجتمع البرلمان الإنجليزي " الموقر! " لينظر في أمر العلاقات الجنسية الشاذة ثم قرر أنها علاقات حرة لا ينبغي التدخل في شأنها، كما أعلن أسقف كانتربري وهو رئيس الأساقفة في بريطانيا أنها علاقات مشروعة! ومن سنوات كذلك عُرض على المسرح الأمريكي - وفي التلفزيون – مسرحية تشكل العملية الجنسية بكاملها جزءًا منها، ورأى المشاهدون - أو هم ذهبوا ليروا - رجلاً وامرأة يقومان بالعملية الجنسية أمام أعينهم، ونقلت الصورة - حية - على شاشة التلفزيون. ومن سنوات كذلك قام في التلفزيون البريطاني حوار جنسي اشترك فيه عشرات من الفتيات الصغار، وكان موضوع الحوار هو سؤالهن عن الوضع الذي يفضلنه في العملية الجنسية، وأجابت الفتيات بصراحة وقحة يقشعر منها أبدان الذين في نفوسهم أي قدر من . الحياء الفطري.. أما "المرأة" فهي تتحدث دون حياء [مذاهب فكرية معاصرة ص 216] . 2- يقول الدكتور غالب بن علي عواجي: أما منزلتها في الإسلام: فقد ظهر أن بعض المنخدعين بها قد تصوَّر أنه لا فرق بين الديمقراطية وبين الإسلام, بل ويزعم أن مبادئ الديمقراطية هي نفس المبادئ التي دعا إليها الإسلام, ولا شكَّ أنَّ من قرأ ما كتبه علماء المسلمين عن الديمقراطية سيلمس الفرق واضحًا لا خفاء فيه, والقائل بعدم الفرق إما أن يكون جاهلًا أو مخادعًا أو ملحدًا مغالطًا, ومن الفوارق الواضحة أن أهداف الديمقراطية وحلولها للمشكلات كلها؛ سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو غير ذلك, هي غير الأهداف وغير الحلول التي جاء بها الإسلام، ولا بُدَّ أن يحصل الاختلاف, بكل بساطة ووضوح حلول الإسلام دائمة وعامّة, وحلول الديمقراطية مؤقَّتة ولمصالح، كما أنَّ تعاليم الإسلام جاءت من رب العالمين عالم الغيب والشهادة, بينما تعاليم الديمقراطية لم تقم إلّا بتجارب البشر بالاحتجاجات ضد طغيان السلطات الرأسمالية وقلبها الإقطاع, وبالمظاهرات الصاخبة والاضطرابات المتوالية, إلى أن ترقَّوا بمفهوم الديمقراطية إلى ما وصلوا إليه في ظاهر الأمر, بينما الأمر في الإسلام يختلف تمامًا, ذلك أن المسلمين ليسوا في حاجة إلى سلوك مثل تلك المهامة, ولا يحتاجون إلّا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية ليجدوا أنفسهم في غاية السعادة وفي غاية التكافل الاجتماعي بمعناه الحقيقي, وفي أتمِّ ما يكون من الأحكام العادلة الرحيمة التي يطبقها المسلم على نفسه قبل أن يطالب بها غيره, ومن تصور هذا الفرق هان عليه معرفة الفرق بين الإسلام وبين الديمقراطية, كما أنَّ تعاليم الإسلام تجعل المرء يشعر ويحسّ بمسئوليته أمام الله تعالى, وتوجد في داخل نفسه المراقبة الذاتية لله تعالى, التي لا تصل إليها أيّ قوة غير قوة مراقبة الله تعالى, التي يتغير بموجبها سلوك الإنسان نحو معاملته لربه ومعاملته لإخوانه المسلمين, بل ومع غير المسلمين في تنظيمٍ بديع لن يصل إليه, بل ولن يقاربه أيّ تنظيم بشري هو عرضة للنقض والتغيير بين كل فترة وأخرى, وفرق بين سلوك ينتج عن مراقبة الله وخوفه, وسلوك ينتج عن غيره, فما مِنْ شخص يزعم أنَّ الديمقراطية هي التي تحقق السعادة للشعوب, أو أنها أرحم من التعاليم الربانية, ما من شخص يزعم ذلك إلّا وتجده إمَّا جاهلًا جهلًا مركبًا, وإمَّا ملحدًا لا يعرف عن حقيقة الإسلام شيئًا, أو مخدوعًا بشعارات الديمقراطية البرَّاقة, لم يتعظ بما يشاهده من حال بلدان دعاة الديمقراطية, كما نجد كذلك أن تعاليم الإسلام لا تجيز الفصل بين الدين والدولة, بل الدين الإسلامي هو الشامل والمهيمن على كل أمور الحياة, وما لم تصدر عنه فإنها تعتبر من الضلال, ومن اتخاذ البشر بعضهم بعضًا أربابًا من دون الله تعالى, بينما تعاليم الديمقراطية قائمة على الفصل بينهما, فرجال الدين مهمتهم تنحصر في أماكن العبادة والمواعظ الدينية ونحو ذلك, ورجال الدنيا لا حدَّ لمهمَّاتهم, فهم المشرِّعون والمنفِّذون, ومعنى هذا أن الإسلام والديمقراطية الغربية ضدان هنا, فإين التوافق الذي يدعيه المغالطون. كما أنّ الديمقراطية لا تعتمد الحكم بما أنزل الله وتنفر منه؛ لأنها في الغرب قامت من أوّل يوم على محاربة الأديان, وكل شيء يتصل بها, وأن الحكم فيها يجب أن يتمَّ على تشريع الشعوب والبرلمانات ورؤساء الدول, وقوانينهم مقدَّمة على الحكم بما أنزل الله تعالى, بينما الإسلام يعتبر هذا خروجًا عن الدين وكفرًا ومحادَّة لله وردًّا لشرعه, خصوصًا مِمَّن يعلم هذا الحق ولكنه يرفضه ويفضل حكم الجاهلية عليه, كما أن في الديمقراطية الوصول إلى الحكم مشاع لكل أحد؛ من حق المرأة أن تصل إلى القضاء والتمثيل الدبلوماسي والجندية والرئاسة وغير ذلك, بينما الإسلام يجعل الشخص المناسب في المكان المناسب, فجعل للرجال مجالات وجعل للنساء مجالات أخرى تناسبها, ولهذا فإنّنَا نجده لم يجز للمرأة أن تتولّى الإمامة العظمى لأمور كثيرة تذكر في كتب العلم, ولا يجوز لها مزاحمة الرجال في حق الانتخابات. - في الديمقراطية لا حرج في أن يتولّى الحكم أفسق الفاسقين وأكفر الناس, لا حرج أن يتولَّى الحكم على المسلمين وغيرهم ما دام قد فاز -كما يصفون- في الانتخابات, بينما الإسلام لا يبيح للكافر أن يحكم المسلم أو يشاركه في الحكم, ولا يجيز كذلك للمسلمين أن يولّوا ابتداءً شخصًا معروفًا بالفسق والفجور, بل عليهم أن يختاروا أصلح الموجودين, وأن يجتهدوا في ذلك ما أمكن. - في الديمقراطية الشورى تتمَّ عن مشاورة عامَّة الشعب دون تخصيص أهل الرأي والعلم, فتحصل فوضى وتدخلات الأهواء, ويصبح الحق ما نادت به الأكثرية خيرًا كان أم شرًّا، بينما الشورى في الإسلام تعتمد على مجموعة هم أفاضل الناس وفقهائهم -كما سيأتي تفصيل هذا. - في الديمقراطية لا حدود أخلاقية لحرية الفرد والجماعة, ولا مكان للفضيلة, ولا حاجز عن الفواحش وسوء المعاملات والكفر الصريح في الديمقراطية تحت مسميات عديدة: حرية الكلمة, والحرية الشخصية، حرية الفكر، حرية التملك، حرية التدين ... إلخ. بينما الإسلام يجعل للحرية طريقًا واضحًا يحقق مصلحة الفرد والمجتمع في آنٍ واحد؛ بحيث لا تختلط الحريات الفوضوية الظالمة بالحرية الحقيقية التي تحقِّق مصلحة الجميع وتؤلف بين القلوب. - في الديمقراطية الحثّ على تفرق الناس, وقيام الأحزاب المختلفة, ومعارضة بعضهم بعضًا, ونشوب المكائد بعد ذلك, واحتقار وسب بعضهم بعضًا, وصار مثلهم كمثل اليهود والنصارى فيما أخبر الله عنهم: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} فإن كان حزب يهوّن شأن الحزب الآخر, ولا يهتم كل حزب إلّا بكيف يكسب أصوات الناخبين, ومن هنا تكثر الوعود الكاذبة والتنجيح بكثرة الإنجازات التي ستتم حينما يتولَّى الحكم فلان، بينما الإسلام لا يأمر بذلك, بل ينهى عن التفرُّق والكذب والخداع, ويأمر بالحب في الله والبغض فيه, والعمل لمصلحة الإنسان لنفسه ولغيره, واحتساب الأجر عند الله في تحمُّل المسئولية وفي أدائها, وهذا ما تفتقده الديمقراطية الغربية. [المذاهب الفكرية المعاصرة ودورها في المجتمعات وموقف المسلم منها (2/783 -786) ] . 3- يقول الدكتور غالب بن علي عواجي: والواقع أنه انخدع كثير من المسلمين بنظام الديمقراطية, خصوصًا جانب الانتخابات منها, حين زعموا أن ذلك النظام هو مما دعى إليه الإسلام, بل وفرضه على المسلمين {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} ، ولا تنس كذبة الاشتراكية الإسلامية حينما افتروا وادَّعَوْا أن لها صلة بالإسلام وكذا الديمقراطية, وسبب وقوعهم في هذا الخطأ هو ظنِّهم أنه لا فرق بين الانتخاب الغربي وبين مسألة الشورى التي دعى إليها الإسلام في قول الله -عز وجل: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) وهذا يدل على: 1- جهلهم بحقائق الإسلام. 2- جهلهم بما تحمله الديمقراطية من أخطار على الدين وأهله. 3- وما تحمله كذلك من مساوئ في طريقة الديمقراطية في الانتخابات. فإن نظام الانتخاب الديمقراطية هو أقرب ما يكون إلى الفوضى؛ إذ هو قائم على صياح الجماهير لمن يختارونه, بينما الشورى في الإسلام قائمة على اختيار أهل الحل والعقد من المسلمين لأفضل وأكفأ الموجودين في وقت أخذ البيعة, كما أن النظام الديمقراطية قائم على الدعاية والوعود الخلَّابة من قِبَلِ المرشح لنفسه, وما إلى ذلك, دون أن يكون لبعضهم سابقة خير أو شهرة بالعلم والتقوى في كثير منهم, بل يتَّكل على العامة. والعامة -كما يقال: لهم عقل واحد يتتابعون لتشريح الشخص بفعل تأثّر بعضهم ببعض, وبما يقدِّمه من الرشاوي. أما نظام الشورى في الإسلام فهو خالٍ من ذلك كله, فلا صياح للجماهير, ولا دعايات كاذبة, ولا رشاوي لاختيار المرشح, وإنما يكتفي فيه بموافقة أهل الرأي والصلاح لاختيار أفضل الموجودين للحكم, والبقية يكونون سندًا للحاكم ومستشارين أمناء, وليس له ولا لهم هدف في تقوية حزب على حزب, ولا آراء على آراء, ولا انحياز لفئة دون أخرى, وإنما همهم كله متوجه لجلب مصلحة الجميع ودفع الضرر عن الجميع في حدود الشرع الشريف، بل وقد ورد في السنة النبوية ما يفيد أن طالب الولاية لا يعطاها, وأن من طلبها وُكِّلَ إليها, ومن لم يطلبها وأعطيت له أُعِينَ عليها، فكيف يقال بعد ذلك بأنه لا فرق بين الديمقراطية وبين نظام الشورى في الإسلام؟! ألا يوجد فرق بين نظام يعتبر الوصول إلى السلطة مغنمًا وفوزًا, وبين نظام يعتبر الوصول إلى السلطة همًّا ومسئوليةً كبرى في الدنيا والآخرة, وبين نظام يقوم على الرشوة والوعود الخلَّابة, ونظام لا يجيز ذلك بحال؟ [المذاهب الفكرية المعاصرة ودورها في المجتمعات وموقف المسلم منها (2/798، 799 ) ] . 4- يقول الدكتور غالب بن علي عواجي: وقد قتل عمر -رضي الله عنه- ذلك المنافق الذي أبى أن يتحاكم إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وطلب التحاكم إلى عمر -رضي الله عنه- أو إلى كعب بن الأشرف؛ لأنَّ عمر -رضي الله عنه- كان يعلم أنَّ من لم يرضى بسيادة الشرع الإسلامي فليس له فيه نصيب [المذاهب الفكرية المعاصرة ودورها في المجتمعات وموقف المسلم منها (2/821 ) ] .

الإحالات

1- الثوابت والمتغيرات في مسيرة العمل الإسلامي – صلاح الصاوي ص 250 المنتدى الإسلامي الطبعة الأولى 1414 . 2- جهادنا الثقافي – جمال سلطان ص 54 مركز الدراسات الإسلامية الطبعة الأولى 1414 . 3- حقيقة الديمقراطية – محمد شاكر الشريف مؤسسة الجريسي . 4- الديمقراطية والتعددية الحزبية – محمد إبراهيم أبو شقرة 1/26 مجلة الأصالة . 5- الديمقراطية وموقف الإسلام منها – محمد مصطفى الرهوان ماجستير جامعة أم القرى 1403 . 6- العلمانيون والإسلام – محمد قطب ص 71 دار الوطن الطبعة الأولى 1414 . 7- مجلة البيان – جمال سلطان 56/112 المنتدى الإسلامي . 8- مذاهب فكرية معاصرة – محمد قطب . 9- موقف العقل والعلم والعالم من ربالعالمين – مصطفى صبري 1/16 دار إحياء التراث العربي الطبعة الثانية 1401 .