خيانة

2022-10-12 - 1444/03/16

التعريف

الخيانة لغة:

مصدر قولهم: خان يخون، وهو مأخوذ من مادة (خ ون) الّتي تدلّ على التّنقّص، يقال: خانه يخونه خونا، وذلك نقصان الوفاء، وتخوّنني فلان أي تنقّصني، ونقيض الخيانة الأمانة، يقال خنت فلانا، وخنت أمانة فلان، وعلى ذلك قوله سبحانه: (لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ) [الأنفال:28] فخيانتهم للّه ورسوله كانت بإظهار من أظهر منهم للرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين الإيمان في الظّاهر وهو يستسرّ الكفر والغشّ لهم في الباطن ويدلّون المشركين على عورتهم ويخبرونهم بما خفي عنهم من خبرهم، قيل: نزلت في منافق كتب إلى أبي سفيان يطلعه على سرّ المسلمين، وقوله (وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ) هي ما يخفى عن أعين النّاس من فرائض اللّه، وقيل: هي الدّين [تفسير الطبري (6/ 221، 222) ] .

والاختيان: مراودة الخيانة، أي تحرّك شهوة الإنسان لتحرّي الخيانة. قال تعالى: (عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ) [البقرة: 187] قيل في تفسير هذه الآية: معناه أن يستأمر بعضكم بعضا في موافقة المحظور من الجماع، والأكل بعد النّوم في ليالي الصّوم، وقيل: إنّ المراد، أنّ كلّ واحد منهم يريد خيانة نفسه، وسمّي خائنا لأنّ الضّرر عائد عليه[تفسير الطبري (2/ 212) بتصرف ] .

ويقال: خانه في كذا. يخونه خونا وخيانة وخانة ومخانة: ائتمن فلم ينصح. وخان العهد نقضه. ويقال: خان العهد والأمانة أي في العهد والأمانة. ويقال أيضا: خان عهده وأمانته. وخان الرّجل خونا كان به خون أي ضعف وفترة في نظره. وخوّنه تخوينا نسبه إلى الخيانة. وتخوّنه أيضا: تعهّده. واختانه اختيانا بمعنى خانه. والاختيان أبلغ من الخيانة. كما أنّ الاكتساب أبلغ من الكسب. واستخانه استخانة حاول خيانته.

والخائن اسم فاعل، جمعه خانة وخونة وخوّان. والخائنة: مؤنّث الخائن. وقد يستعمل للخائن أيضا بزيادة التّاء المربوطة للمبالغة كرواية للكثير الرّواية. وخائنة الأعين ما يسارق من النّظر إلى مالا يحلّ.

وقيل: هي أن ينظر نظرة بريبة. ومنه الحديث: «وما كان لنبيّ أن تكون له خائنة الأعين» أي يضمر في نفسه غير ما يظهره فإذا كفّ لسانه وأومأ بعينه فقد خان [مقاييس اللغة (2/ 230) المفردات للراغب، لسان العرب (13/ 144- 145) باختصار. وانظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 89)، وجمهرة اللغة (2/ 244) (3/ 240)، وبصائر ذوي التمييز (2/ 582) ] .

الخيانة اصطلاحا:

قال الجاحظ: الخيانة هي الاستبداد بما يؤتمن الإنسان عليه من الأموال والأعراض والحرم، وتملّك ما يستودع ومجاحدة مودعه، وفيها أيضا طيّ الأخبار إذا ندب لتأديتها، وتحريف الرّسائل إذا تحمّلها فصرفها عن وجوهها [تهذيب الأخلاق (31) ] .

وقال المناويّ: الخيانة: هي التّفريط في الأمانة، وقيل: هي مخالفة الحقّ بنقض العهد في السّرّ [التوقيف (162)] .

وقال الكفويّ: إنّ الخيانة تقال اعتبارا بالعهد والأمانة، وخيانة الأعين: ما تسارق من النّظر إلى ما لا يحلّ [الكليات (434) ] .

وقال ابن الجوزيّ: الخيانة: التّفريط فيما يؤتمن الإنسان عليه. ونقيضها: الأمانة.

وقال القرطبيّ: الخيانة: الغدر وإخفاء الشّيء، ومنه :(يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) [غافر: 19] [الجامع لأحكام القرآن (7/ 395)] .

 

 

 

 

العناصر

1- معنى الخيانة .

 

 

2- الفرق بين النفاق والخيانة .

 

 

3- حكم الخيانة .

 

 

4- يطبع المؤمن على كل خلق إلا الخيانة والكذب .

 

 

5- تسجيل صوت المتكلم دون إذنه ضرب من ضروب الخيانة .

 

 

6- من الخيانة كتم العلم والخير الذي ينفع الناس .

 

 

7- تضييع الأمانة وظهور الخيانة من علامات الساعة .

 

 

8- خائنة الأعين من شيم أهل الخيانة .

 

 

9- الخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين من أكبر الكبائر .

 

 

10- اليهود أكثر الشعوب خيانة ونقضا للعهود .

 

الايات

1- قوله تعالى: ( وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ * فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) [المائدة: 12- 13] .

 

 

2- قوله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ * أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) [الحج: 38- 40] .

 

 

3- قوله تعالى : ( يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ * الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ * وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ * يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ * وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْ ءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) [غافر: 16- 20 ] .

 

 

4- قوله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ * وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ ) [التحريم: 10- 12] .

 

 

5- قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ * وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) [الأنفال: 24- 28] .

 

 

6- قوله تعالى: ( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ * فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ * وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ * وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ) [الأنفال: 55- 59] .

 

 

7- قوله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [الأنفال: 70- 71] .

 

 

8- قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [البقرة: 187] .

 

 

9- قوله تعالى: ( وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ * قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ * وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) [يوسف: 50- 53] .

 

الاحاديث

1- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب. وإذا وعد أخلف. وإذا ائتمن خان» [البخاري- الفتح 1 (33)، ومسلم 1 (59) متفق عليه] .

 

 

2- عن عبد اللّه بن عمرو- رضي اللّه عنهما- أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «أربع من كنّ فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهنّ كانت فيه خصلة من النّفاق حتّى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» [البخاري الفتح 1 (34) واللفظ له. ومسلم 1 (58) ] .

 

 

3- عن عياض بن حمار المجاشعيّ- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال في خطبته: «ألا إنّ ربّي أمرني أن أعلّمكم ما جهلتم ممّا علّمني، يومي هذا. كلّ مال نحلته عبدا حلال. وإنّي خلقت عبادي حنفاء كلّهم. وإنّهم أتتهم الشّياطين فاجتالتهم  عن دينهم. وحرّمت عليهم ما أحللت لهم. وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا. وإنّ اللّه نظر إلى أهل الأرض فمقتهم ، عربهم وعجمهم، إلّا بقايا من أهل الكتاب. وقال: إنّما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك. وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء. تقرؤه نائما ويقظان. وإنّ اللّه أمرني أن أحرّق قريشا. فقلت: ربّ إذا يثلغوا رأسي  فيدعوه خبزة. قال: استخرجهم كما استخرجوك. واغزهم نغزك ، وأنفق فسننفق عليك، وابعث جيشا نبعث خمسة مثله، وقاتل بمن أطاعك من عصاك. قال: وأهل الجنّة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدّق موفّق. ورجل رحيم رقيق القلب لكلّ ذي قربى ومسلم. وعفيف متعفّف ذو عيال. قال: وأهل النّار خمسة: الضّعيف الّذي لا زبر له ، الّذين هم فيكم تبعا لا يتبعون  أهلا ولا مالا. والخائن الّذي لا يخفى له طمع ، وإن دقّ إلّا خانه. ورجل لا يصبح ولا يمسي إلّا وهو يخادعك عن أهلك ومالك». وذكر البخل أو الكذب  «والشّنظير  الفحّاش» ولم يذكر أبو غسّان في حديثه «وأنفق فسننفق عليك» [مسلم (2865) ] .

 

 

4- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الجوع، فإنه بئس الضّجيع، وأعوذ بك من الخيانة فإنّها بئست البطانة» [أبو داود (1547) وقال الألباني في صحيح أبي داود 1 (1368) حديث حسن (8/ 263- ح 3354). وقال محقق جامع الأصول (4/ 357): حسن ] .

 

 

5- عن بريدة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «حرمة نساء المجاهدين  على القاعدين، كحرمة أمّهاتهم. وما من رجل من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين في أهله، فيخونه فيهم، إلّا وقف له يوم القيامة، فيأخذ من عمله ماشاء. فما ظنّكم. [مسلم (1897) ].

 

 

6- عن عمران بن حصين- رضي اللّه عنهما- قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «خيركم قرني، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ الّذين يلونهم»- قال عمران: لا أدري أذكر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعد قرنين أو ثلاثة- قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ بعدكم قوما يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يفون، ويظهر فيهم السّمن» [البخاري- الفتح 5 (2651) واللفظ له. مسلم (2535) ] .

 

 

7- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّه قال: «سيأتي على النّاس سنون يصدّق فيها الكاذب، ويكذّب فيها الصّادق، ويخوّن فيها الأمين، ويؤتمن فيها الخائن، وينطق فيها الرّويبضة» قال قيل: يا رسول اللّه؛ وما الرّويبضة؟ قال: «السّفيه يتكلّم في أمر العامّة» قال ابن قدامة: وحدّثني يحيى بن سعيد الأنصاريّ عن المقبريّ قال: «وتشيع فيها الفاحشة» [ابن ماجة (4036). وأحمد (2/ 291). والحاكم في المستدرك (4/ 512) واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ] .

 

 

8- عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص- رضي اللّه عنهما- أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «لا تجوز  شهادة خائن ولا خائنة، وردّ شهادة القانع، الخادم والتّابع، لأهل البيت، وأجازها لغيرهم» [أحمد (2/ 181) وقال الشيخ أحمد شاكر (6698): إسناده صحيح ] .

 

 

9- عن جابر- رضي اللّه عنه- قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يطرق الرّجل أهله ليلا. يتخوّنهم أو يلتمس عثراتهم . [مسلم (3/ 1528) كتاب الإمارة برقم (715). وأصله عند البخاري إلى قوله ليلا، فتح الباري 10 (5243) ] .

 

 

10- عاد عبيد اللّه بن زياد، معقل بن يسار المزنيّ. في مرضه الّذي مات فيه. فقال معقل: إنّي محدّثك حديثا سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. لو علمت أنّ لي حياة ما حدّثتك. إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول:«ما من عبد يسترعيه اللّه رعيّة، يموت يوم يموت وهو غاشّ لرعيّته، إلّا حرّم اللّه عليه الجنّة» [مسلم (142) ] .

11- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «قال اللّه: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثمّ غدر، ورجل باع حرّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره) [البخاري- الفتح 4 (2227) ] .

 

الاثار

1- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما-  (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [البقرة: 183] فكان النّاس على عهد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، إذا صلّوا العتمة، حرم عليهم الطّعام والشّراب والنّساء، وصاموا إلى القابلة. فاختان رجل نفسه، فجامع امرأته، وقد صلّى العشاء، ولم يفطر، فأراد اللّه- عزّ وجلّ- أن يجعل ذلك يسرا لمن بقي، ورخصة ومنفعة، فقال سبحانه: (عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ ) [البقرة: 187]. وكان هذا ممّا نفع اللّه به النّاس، ورخّص لهم ويسّر. [أبو داود (2313) وقال الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود (2028): حسن. وأصله في البخاري. الفتح 8 (4508) ] .

 

 

2- عن عبد اللّه بن أبي أوفى- رضي اللّه عنهما- يقول: أقام رجل سلعته فحلف باللّه لقد أعطي بها ما لم يعطها. فنزلت: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا ) [آل عمران: 77] قال ابن أبي أوفى: النّاجش: آكل ربا خائن. [البخاري- الفتح 5 (2675) ] .

 

 

3- عن عديّ بن حاتم قال: أتينا عمر في وفد، فجعل يدعو رجلا رجلا ويسمّيهم. فقلت: أما تعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال: «بلى، أسلمت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا، وعرفت إذ أنكروا. فقال عديّ- رضي اللّه عنه-: فلا أبالي إذا) [البخاري- الفتح 7 (4394) ] .

 

 

4- كان شريح يقضي في المضارب بقضائين: كان ربّما قال للمضارب: بيّنتك على مصيبة تعذر بها. وربّما قال لصاحب المال: بيّنتك أنّ أمينك خائن وإلّا فيمينه باللّه ما خانك. [النسائي (7/ 53، 54) ] .

 

القصص

1- عن يوسف بن ماهك المكّيّ، قال: كنت أكتب لفلان نفقة أيتام كان وليّهم، فغالطوه بألف درهم، فأدّاها إليهم، فأدركت لهم من مالهم مثليها ، قال: قلت: أقبض الألف الّذي ذهبوا به منك؟ قال: لا، حدّثني أبي أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «أدّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك» [أبو داود (3534) واللفظ له. والترمذي (1264) من حديث أبي هريرة وقال: حديث حسن غريب. وقال الألباني في صحيح أبي داود (3018، 1019): صحيح ] .

الاشعار

1- قال علي- رضي اللّه عنه-:

 

أدّالأمانة والخيانة فاجتنب *** واعدل ولا تظلم يطيب المكسب

 

[ديوان علي- رضي اللّه عنه- (48) ] .