ظن

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

المعنى اللغوي:

 

الظن لغةً: الظاء والنون أصل صحيح يدل على معنيين مختلفين: يقين وشك، فأما اليقين فقول القائل: ظننت ظنًا، أي: أيقنت، والأصل الآخر: الشك، يقال: ظننت الشيء، إذا لم يتيقنه، ومن ذلك الظنة: التهمة. والجمع: الظنن (مقاييس اللغة، ابن فارس: ٣-٤٦٢، الصحاح، الجوهري: ٦-٢١٦٠).

 

وبعض أهل اللغة لا يرتضي جعل اليقين المطلق من معاني مادة الظن وإنما يقيده بأنه اليقين الذي لم يتيقين عيانًا ويسمى يقين تدبر، فأما يقين العيان فلا يقال فيه إلا علم (لسان العرب، ابن منظور ١٣-٢٧٢)، فقد يوقع الظن موقع اليقين في الأمور المتحققة، لكنه لا يوقع فيما قد خرج إلى الحس، لا تقول العرب في رجل مرئي حاضر: أظن هذا إنسانًا، وإنما تجد الاستعمال فيما لم يخرج إلى الحس بعد، كقوله تعالى: (فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا)[الكهف: 53] (انظر: المحرر الوجيز، ابن عطية: ١-١٣٨).

 

كما نجد أن في بعض المعاجم اللغوية كلمات تعود إلى مادة (ظن) غير الشك واليقين، ففي تهذيب اللغة: “الظنون من النساء التي لها شرف تتزوج وإنما سميت ظنونًا لأن الولد يرتجى منها”(تهذيب اللغة، الأزهري ١٤-٣٦٤).

 

وبالنظر إلى جميع المفردات اللغوية التي ترجع إلى مادة ظن نجد أنها ترجع إلى التخمين والحدس (القطع والظن عند الأصوليين: سعد الشثري ١-٨١)

 

المعنى الاصطلاحي:

هناك تعاريف عديدة للظن عند علماء التفسير في ثنايا تفسيرهم لآيات الظن، بينها عوامل مشتركة وإن كان فيها اختلاف في بعض الألفاظ (المفردات، الراغب الأصفهاني: ص ٣١٧)؛ فمنهم من عرفه بأنه: تجويز أمرين في النفس لأحدهما ترجيح على الآخر. وقيل: الظن ميل النفس إلى أحد معتقدين متخالفين، دون أن يكون ميلها بحجة، ولا برهان (أحكام القرآن، ابن العربي ٤-١٥٦).

 

ويذكر ابن عطية أن الظن قاعدته الشك مع ميل إلى أحد معتقديه (المحرر الوجيز، ابن عطية ١-١٣٨).

 

وكثر إطلاقه في القرآن على الاعتقاد الباطل كقوله تعالى: (إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ)[الأنعام:١١٦].

 

العناصر

1- مفهوم الظن

 

2- أنواع الظن

 

3- الظن اليقيني

 

4- أوهام مظنونة

 

5- غلبة الظن في الأحكام الشرعية

 

6- آثار الظن

 

الايات

1- قوله تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ)[البقرة: 45- 46].

 

2- قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ)[البقرة: 78].

 

3- قوله تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)[البقرة: 230].

 

4- قوله تعالى: (فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)[البقرة: 249].

 

5- قوله تعالى: (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)[آل عمران: 154].

 

6- قوله تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ)[النساء:157].

 

7- قوله تعالى: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ)[الأنعام:148].

 

8- قوله تعالى: (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الْأَعْرَافِ: 171].

 

9- قوله تعالى: (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)[التوبة: 118]. الظن هنا بمعنى اليقين

 

10- قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ)[يونس:22].

 

11- قوله تعالى: (إِنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنيَا كَمَاءٍ أَنزَلنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرضِ مِمَّا يَأكُلُ النَّاسُ وَالأَنعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرضُ زُخرُفَهَا وَازَّيَّنَت وَظَنَّ أَهلُهَا أَنَّهُم قَادِرُونَ عَلَيهَا أَتَاهَا أَمرُنَا لَيلًا أَو نَهَارًا فَجَعَلنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَم تَغنَ بِالأَمسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ)[يونس:24].

 

12- قوله تعالى: (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا)[يونس:36].

 

13- قوله تعالى: (وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً)[الكهف:36]

 

14- قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ * لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ)[النور: 11-12].

 

15- قوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ * قُطُوفُها دانِيَةٌ)[الحاقة: 19- 23].

 

الاحاديث

1- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: “يقول اللّه تعالى: أنا عند ظنّ عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ، ذكرته في ملإ خير منهم. وإن تقرّب إليّ شبرا تقرّبت إليه ذراعا، وإن تقرّب إليّ ذراعا تقرّبت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة”(رواه البخاري: 7405 ومسلم: 2675).

 

2- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “إنّ حسن الظّنّ باللّه تعالى من حسن العبادة”(رواه أبو داود: 4993، والترمذي: 3679).

 

3- عن جابر -رضي اللّه عنه- قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل موته بثلاثة أيّام يقول: “لا يموتنّ أحدكم إلّا وهو يحسن الظّنّ باللّه عزّ وجلّ”(رواه مسلم: 2877).

 

4- عن أبي بكر -رضي اللّه عنه- قال: قلت للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وأنا في الغار: لو أنّ أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا. فقال: “ما ظنّك يا أبا بكر باثنين اللّه ثالثهما”(رواه البخاري: 3653، ومسلم: 2381).

 

5- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّ اللّه- عزّ وجلّ- قال: “أنا عند ظنّ عبدي بي، إنّ ظنّ بي خيرا فله، وإن ظنّ شرّا فله”(رواه أحمد: 2-391 وصححه الألباني).

 

6- عن حيّان أبي النّضر، قال: دخلت مع واثلة بن الأسقع على أبي الأسود الجرشيّ في مرضه الّذي مات فيه، فسلّم عليه وجلس. قال: فأخذ أبو الأسود يمين واثلة، فمسح بها على عينيه ووجهه لبيعته بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال له واثلة: واحدة أسألك عنها، قال: وما هي؟ قال: كيف ظنّك بربّك؟ قال: فقال أبو الأسود، وأشار برأسه، أي حسن، قال واثلة: أبشر إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: “قال اللّه- عزّ وجلّ-: أنا عند ظنّ عبدي بي فليظنّ بي ما شاء”(رواه أحمد: 3-491، والدارمي: 2731، والحاكم (4/ 240، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 4316).

 

7- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فيما يحكي عن ربّه عزّ وجلّ. قال: “أذنب عبد ذنبا، فقال: اللّهم اغفر لي ذنبي. فقال -تبارك وتعالى-: أذنب عبدي ذنبا فعلم أنّ له ربّا يغفر الذّنب ويأخذ بالذّنب، ثمّ عاد فأذنب، فقال: أي ربّ اغفر لي ذنبي. فقال -تبارك وتعالى-: عبدي أذنب ذنبا فعلم أنّ له ربّا يغفر الذّنب ويأخذ بالذّنب، ثمّ عاد فأذنب، فقال: أي ربّ اغفر لي ذنبي. فقال -تبارك وتعالى-: عبدي أذنب ذنبا فعلم أنّ له ربّا يغفر الذّنب ويأخذ بالذّنب. اعمل ما شئت فقد غفرت لك”(رواه البخاري: 7507، ومسلم: 2758).

 

8- عن ابن عمر -رضي اللّه عنهما- أنّه عرض له رجل فقال: كيف سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في النّجوى؟ فقال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: “إنّ اللّه يدني المؤمن فيضع عليه كنفه  ويستره، فيقول أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم، أي ربّ حتى إذا قرّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنّه هلك، قال: سترتها عليك في الدّنيا وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته، وأمّا الكافر والمنافقون فيقول الأشهاد: هؤلاء الّذين كذبوا على ربّهم ألا لعنة اللّه على الظّالمين”(رواه البخاري: 2441).

 

9- عن عليّ بن أبي طالب -رضي اللّه عنه- أنّه أتي بدابّة ليركبها، فلمّا وضع رجله في الرّكاب، قال: باسم اللّه، فلمّا استوى عليها، قال: الحمد للّه، سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون، ثمّ حمد اللّه (ثلاثا)، وكبّر (ثلاثا)، ثمّ قال: سبحانك لا إله إلّا أنت، قد ظلمت نفسي فاغفر لي، ثمّ ضحك، فقلت له: ممّ ضحكت يا أمير المؤمنين؟.قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فعل مثل ما فعلت. ثمّ ضحك، فقلت: ممّ ضحكت يا رسول اللّه؟ قال: “يعجب الرّبّ من عبده إذا قال ربّ اغفر لي، ويقول: علم عبدي أنّه لا يغفر الذّنوب غيري”(رواه أحمد 1-109).

 

10- عن كعب بن مالك -رضي اللّه عنه- قال: لم أتخلّف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في غزوة غزاها قطّ ... الحديث وفيه: “ما فعل كعب بن مالك؟ قال رجل من بني سلمة: يا رسول اللّه، حبسه برداه والنّظر في عطفيه، فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت، واللّه يا رسول اللّه ما علمنا عليه إلّا خيرا”(رواه البخاري: 6309، ومسلم: 2769).

 

11- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “لو يعلم المؤمن ما عند اللّه من العقوبة ما طمع بجنّته أحد. ولو يعلم الكافر ما عند اللّه من الرّحمة ما قنط من جنّته أحد”(رواه مسلم: 2755).

 

12- عن عبادة بن الصّامت -رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “ما على الأرض مسلم يدعو اللّه بدعوة إلّا آتاه اللّه إيّاها، أو صرف عنه من السّوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم”. فقال رجل من القوم: إذا نكثر، قال: “اللّه أكثر”(رواه الترمذي: 3573 وقال: حديث حسن صحيح).

 

13- عن جابر بن سمرة؛ أنّ أهل الكوفة شكوا سعدا إلى عمر بن الخطّاب، فذكروا من صلاته، فأرسل إليه عمر فقدم عليه. فذكر ما عابوه به من أمر الصّلاة، فقال: إنّي لأصلّي بهم صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما أخرم عنها. إنّي لأركد بهم في الأوليين، وأحذف في الأخريين. فقال: “ذاك الظّنّ بك يا أبا إسحاق”(رواه مسلم: 453).

 

14- عن عائشة -رضي اللّه عنها- قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه ... الحديث وفيه: “فو اللّه ما علمت على أهلي إلّا خيرا ...”(رواه البخاري: 4143، ومسلم: 2770).

 

15- عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: “قال الله: يا ابن آدم إنّك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السّماء ثمّ استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنّك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثمّ لقيتني لا تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة”(رواه الترمذي: 3540).

 

 

الاثار

1- عن عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- قال: والّذي لا إله غيره ما أعطي عبد مؤمن شيئا خيرا من حسن الظّنّ باللّه عزّ وجلّ. والّذي لا إله غيره، لا يحسن عبد باللّه عزّ وجلّ الظّنّ إلّا أعطاه اللّه عزّ وجلّ ظنّه، ذلك بأنّ الخير في يده. (حسن الظن، لابن أبي الدنيا (96).

 

2- عن خلف بن تميم، قال: قلت لعليّ بن بكّار ما حسن الظّنّ باللّه؟ قال: “ألّا يجمعك والفجّار في دار واحدة (حسن الظن باللّه لابن أبي الدنيا: 23).

 

3- عن سفيان الثّوريّ -رحمه اللّه- في قوله تعالى: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة: 195] قال: أحسنوا الظّنّ باللّه . (حلية الأولياء لأبي نعيم: 9-318).

 

4- عن قتادة قال: “الظن ظنّان: فظن منج، وظن مرد قال: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)[البقرة: ٤٦]. قال: (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ)[الحاقة:٢٠] وهذا الظن المنجي ظنًا يقينًا، وقال ها هنا: (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ) [فصلت:٢٣] هذا ظن مرد”(جامع البيان، الطبري: ٢٤-١١٠).

 

5- عن ابن عمر أنه قال: “عمود الدين وغاية مجده وذروة سنامة حسن الظن بالله؛ فمن مات منكم وهو يحسن الظن بالله: دخل الجنة مدلاً (التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة 174).

 

6- قال يحيى بن معاذ: “إلهي، أحلى العطايا في قلبي رجاؤك، وأعذب الكلام على لساني ثناؤك، وأحب الساعات إلي ساعة يكون فيها لقاؤك”(مدارج السالكين (2/35-36).

 

القصص

1- عن عبد اللّه بن الزّبير -رضي اللّه تعالى عنهما- قال: لمّا وقف الزّبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه. فقال: يا بنيّ لا يقتل اليوم إلّا ظالم أو مظلوم، وإنّي لا أراني إلّا سأقتل اليوم مظلوما، وإنّ من أكبر همّي لديني، أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئا؟ فقال: يا بنيّ، بع مالنا، فاقض ديني. وأوصى بالثلث، وثلثه لبنيه -يعني بني عبد اللّه بن الزّبير، يقول: ثلث الثّلث- فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدّين فثلثه لولدك. قال هشام: وكان بعض ولد عبد اللّه قد وازى بعض بني الزّبير -خبيب وعبّاد- وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد اللّه: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بنيّ إن عجزت عن شيء منه فاستعن عليه مولاي. قال: فو اللّه ما دريت ما أراد حتّى قلت: يا أبت من مولاك؟. قال: اللّه. قال: فو اللّه ما وقعت في كربة من دينه إلّا قلت: يا مولى الزّبير اقض عنه دينه فيقضيه (البخاري- الفتح 6- 3129).

 

2- عن سهل القطعيّ، قال: “رأيت مالك ابن دينار -رحمه اللّه- في منامي فقلت: يا أبا يحيى ليت شعري، ماذا قدمت به على اللّه عزّ وجلّ؟ قال: قدمت بذنوب كثيرة فمحاها عنّي حسن الظّنّ باللّه . (حسن الظن باللّه لابن أبي الدنيا: 96).

 

 

الاشعار

1- عن عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- قال: والّذي لا إله غيره ما أعطي عبد مؤمن شيئا خيرا من حسن الظّنّ باللّه عزّ وجلّ. والّذي لا إله غيره، لا يحسن عبد باللّه عزّ وجلّ الظّنّ إلّا أعطاه اللّه عزّ وجلّ ظنّه، ذلك بأنّ الخير في يده. (حسن الظن، لابن أبي الدنيا (96).

 

2- عن خلف بن تميم، قال: قلت لعليّ بن بكّار ما حسن الظّنّ باللّه؟ قال: “ألّا يجمعك والفجّار في دار واحدة (حسن الظن باللّه لابن أبي الدنيا: 23).

 

3- عن سفيان الثّوريّ -رحمه اللّه- في قوله تعالى: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة: 195] قال: أحسنوا الظّنّ باللّه . (حلية الأولياء لأبي نعيم: 9-318).

 

4- عن قتادة قال: “الظن ظنّان: فظن منج، وظن مرد قال: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)[البقرة: ٤٦]. قال: (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ)[الحاقة:٢٠] وهذا الظن المنجي ظنًا يقينًا، وقال ها هنا: (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ) [فصلت:٢٣] هذا ظن مرد”(جامع البيان، الطبري: ٢٤-١١٠).

 

5- عن ابن عمر أنه قال: “عمود الدين وغاية مجده وذروة سنامة حسن الظن بالله؛ فمن مات منكم وهو يحسن الظن بالله: دخل الجنة مدلاً (التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة 174).

 

6- قال يحيى بن معاذ: “إلهي، أحلى العطايا في قلبي رجاؤك، وأعذب الكلام على لساني ثناؤك، وأحب الساعات إلي ساعة يكون فيها لقاؤك”(مدارج السالكين (2/35-36).

 

متفرقات

1- قال النووي رحمه الله: “قال العلماء: معنى حسن الظن بالله تعالى: أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه”().

 

2- قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا): “ أي: أفظننتم أنكم مخلوقون عبثًا، بلا قصد، ولا إرادة منكم، ولا حكمة لنا. وقيل: للعبث. أي: لتلعبوا وتعبثوا كما خلقت البهائم، لا ثواب لها ولا عقاب، وإنما خلقناكم للعبادة وإقامة أوامر الله عز وجل. (وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ) أي:لا تعودون في الدار الآخرة. كما قال تعالى: (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى)[القيامة: ٢٦] يعني هملًا”(تفسير ابن كثير).

 

3- قال الرازي: رحمه الله عند قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا..) قال: “واعلم أن الإنسان إذا ركب السفينة ووجد الريح الطيبة الموافقة للمقصود، حصل له الفرح التام والمسرة القوية، ثم قد تظهر علامات الهلاك دفعة واحدة؛ فأولها: أن تجيئهم الرياح العاصفة الشديدة. وثانيها: أن تأتيهم الأمواج العظيمة من كل جانب. وثالثها: أن يغلب على ظنونهم أن الهلاك واقع، وأن النجاة ليست متوقعة، ولا شك أن الانتقال من تلك الأحوال الطيبة الموافقة إلى هذه الأحوال القاهرة الشديدة يوجب الخوف العظيم، والرعب الشديد، وأيضا مشاهدة هذه الأحوال والأهوال في البحر مختصة بإيجاب مزيد الرعب، والخوف”(مفاتيح الغيب).

 

4- قال المفسرون: “المراد أنه أيقن بمفارقته الدنيا، ولعله إنما سمي اليقين ههنا بالظن، لأن الإنسان ما دام يبقى روحه متعلقا ببدنه، فإنه يطمع في الحياة؛ لشدة حبه لهذه الحياة العاجلة على ما قال: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [القيامة: ٢٠] ولا ينقطع رجاؤه عنها فلا يحصل له يقين الموت، بل الظن الغالب مع رجاء الحياة، أو لعله سماه بالظن على سبيل التهكم

 

5- ... سوء الظن بالنفس اختلف فيه العلماء، فمنهم من رأى الاستحباب. قال ابن القيم: (أما سوء الظن بالنفس فإنما احتاج إليه؛ لأن حسن الظن بالنفس يمنع من كمال التفتيش ويلبس عليه، فيرى المساوئ محاسن، والعيوب كمالا، فإن المحب يرى مساوئ محبوبه وعيوبه كذلك . فعين الرضى عن كل عيب كليلة ***كما أن عين السخط تبدي المساويا ولا يسيء الظن بنفسه إلا من عرفها، ومن أحسن ظنه بنفسه فهو من أجهل الناس بنفسه (مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين لابن القيم (1/ 189)، أدب الدنيا والدين للماوردي (1/ 235 - 236).

 

6- قال السفاريني: ظن كثير من الجهال أن حسن الظن بالله والاعتماد على سعة عفوه ورحمته مع تعطيل الأوامر والنواهي كاف، وهذا خطأ قبيح وجهل فضيح، فإن رجاءك لمرحمة من لا تطيعه من الخذلان والحمق (هكذا كان الصالحون المؤلف: أبو عبد الملك خالد بن عبد الرحمن الحسينان الناشر: مركز الفجر للإعلام عام النشر: 1430 هـ - 2009 م (1/11).

 

7- قال محمد بن حسين بن يعقوب السلفي المصري: الأصل في تعاملِ المسلمين بعضِهم البعض يقومُ على أساسِ حسنِ الظنِّ المتبادلِ، قال تعالى في حادثةِ الإفكِ: (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ) [النور: 12]. فالواجب على أهلِ الإيمانِ أن يظنوا الخيرَ في إخوانِهم، فإنْ بَلَغَك عن أخيك خلافُ ذلك فالتمسْ له عذرًا، فإنْ لم تَجِدْ فَقُلْ: لَعَلَّ له عذرًا. قال عُمر رضي الله عنه: لا تظن بكلمةٍ خرجتْ من أخيك المسلمِ سوءًا وأنت تَجِدُ لها في الخيرِ مَحْمَلًا (تفسير القرآن العظيم” لابن كثير (4/ 213).

 

8- فإذا كان هذا شأنَ الإخوةِ بعضِهم مع بعضٍ، فما بالُك بحالِ التلميذِ مع شيخِه . لذلك يقول الإمامُ السُّبكيُّ: فإذا كان الرجلُ ثقةً مشهودًا له بالإيمانِ والاستقامةِ، فلا ينبغي أن يُحملَ كلامُه وألفاظُ كتاباتِه على غيرِ ما تُعُوِّد منه ومِن أمثالِه، بل ينبغي التأويلُ الصالحُ، وحسنُ الظنِّ الواجبُ به وبأمثالِه (قاعدة في الجرح والتعديل (ص 93) وانظر منطلقات طالب العلم (1/295).

 

9- قال الشنقيطي رحمه الله عند قوله تعالى: (وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ)[فُصِّلَتْ: 48] قال: “الظن هنا بمعنى اليقين؛ لأن الكفار يوم القيامة إذا عاينوا العذاب، وشاهدوا الحقائق، علموا في ذلك الوقت أنهم ليس لهم من محيص، أي ليس لهم مفر ولا ملجأ”(أضواء البيان).

 

10- قال ابن عثيمين رحمه الله: يحرم ظن السوء بمسلم ظاهره العدالة. أما ظن السوء بمن قامت القرينة على أنه أهل لذلك، فهذا لا حرج على الإنسان أن يظن السوء به، ولهذا من الأمثال المضروبة السائرة: احترسوا من النّاس بسوء الظّنّ، ولكن هذا ليس على إطلاقه، كما هو معلوم، وإنما المراد: احترسوا من الناس الذين هم أهل لظن السوء فلا تثقوا بهم، والإنسان لابد أن يقع في قلبه شيء من الظن بأحد من الناس لقرائن تحتف بذلك، إما لظهور علامة في وجهه، بحيث يظهر من وجهه العبوس والكراهية في مقابلتك وما أشبه ذلك، أو من أحواله التي يعرفها الإنسان منه أو من أقواله التي تصدر منه فيظن به ظن السوء، فهذه إذا قامت القرينة على وجوده فلا حرج على الإنسان أن يظن به ظن السوء (انظر: تفسير سورة الحجرات ابن عثيمين ص ٣٢،٣٤).

 

 

الإحالات

1- حسن الظن بالله؛ لابن أبي الدنيا.

 

2- حسن الظن بالله؛ لإياد قنيبي.