أخلاق

2022-10-10 - 1444/03/14

التعريف

معنى الأخلاق لغة:

الأخلاق جمع خلق، والخُلُق -بضمِّ اللام وسكونها- هو الدِّين والطبع والسجية والمروءة، وحقيقته أن صورة الإنسان الباطنة وهي نفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة الخَلْق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها (القاموس المحيط؛ للفيروزآبادي ص 881، لسان العرب؛ لابن منظور 10-86) وقال الرَّاغب: “والخَلْقُ والخُلْقُ في الأصل واحد... لكن خص الخَلْق بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر، وخص الخُلْق بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة”(مفردات ألفاظ القرآن الكريم؛ للراغب الأصفهاني: 297).

 

معنى الأخلاق اصطلاحًا:

عرَّف الجرجاني الخلق بأنَّه: “عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر ورويَّة، فإن كان الصادر عنها الأفعال الحسنة كانت الهيئة خلقًا حسنًا، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة سميت الهيئة التي هي مصدر ذلك خلقًا سيئًا”(التعريفات؛ للجرجاني: 101).

 

وعرفه ابن مسكويه بقوله: “الخلق: حال للنفس، داعية لها إلى أفعالها من غير فكر ولا رويَّة، وهذه الحال تنقسم إلى قسمين: منها ما يكون طبيعيًّا من أصل المزاج، كالإنسان الذي يحركه أدنى شيء نحو غضب، ويهيج من أقل سبب، وكالإنسان الذي يجبن من أيسر شيء، أو كالذي يفزع من أدنى صوت يطرق سمعه، أو يرتاع من خبر يسمعه، وكالذي يضحك ضحكًا مفرطًا من أدنى شيء يعجبه، وكالذي يغتمُّ ويحزن من أيسر شيء يناله. ومنها ما يكون مستفادًا بالعادة والتدرب، وربما كان مبدؤه بالرويَّة والفكر، ثم يستمر أولًا فأولًا، حتى يصير ملكة وخلقًا”(تهذيب الأخلاق؛ لابن مسكويه: 41).

 

وقد عرف بعض الباحثين الأخلاق في نظر الإسلام بأنها عبارة عن “مجموعة المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني، التي يحددها الوحي، لتنظيم حياة الإنسان، وتحديد علاقته بغيره على نحو يحقق الغاية من وجوده في هذا العالم على أكمل وجه”(التربية الأخلاقية الإسلامية؛ لمقداد يالجين: 75؛ كما في نضرة النعيم؛ لمجموعة باحثين: 22).

 

العناصر

1- مقدمات في الأخلاق

 

2- معنى الأخلاق لغة واصطلاحًا

 

3- أهميَّة الأخلاق

 

4- أقسام الأخلاق 

 

5- فضائل الأخلاق الحسنة

 

6- مساوئ الأخلاق السيئة

 

7- اكتساب الأخلاق ووسائل اكتسابها

 

8- خصائص الأخلاق الإسلامية

 

9- موقف أعداء المسلمين من الأخلاق الإسلامية

 

الايات

1- قال الله تعالى: (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[البقرة: 195] 

 

2- قوله تَعَالَى: (وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنينَ)[آل عمران:134].

 

3- قال تعالى: (وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)[آل عمران: 146] 

 

4- قال سبحانه: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء: 59].

 

5- قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطين)[المائدة: 42].

 

6- قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)[الأعراف: 33].

 

قوله تعالى: (خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ)[الأعراف:199].

 

7- قوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ)[النحل: 90].

 

8- قوله تعالى: (فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا)[طه: 44].

 

9- قال تعالى: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا)[الفرقان: 63].

 

10- (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)[القَصَص: 76-83]

 

11- قال تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ)[العنكبوت: 45].

 

12- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)[الحجرات: 6].

 

13- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)[الحجرات: 11-12].

 

14- لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 21]

 

15- قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[القلم: 4].

 

16- قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى)[الأعلى:14].

 

17- قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا)[الشمس: 9-10].

 

الاحاديث

1- عن النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ “الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ”(رَوَاهُ مُسْلِمٌ: 2553).

 

2- عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال - صلى الله عليه وسلم-: “أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه”(أخرجه أبو داود: 4800، وقال الألباني حسن).

 

3- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أكمل المؤمنين إيمانا، أحسنهم خلقا، وخيارهم خيارهم لنسائهم”(أخرجه الترمذي: 2612 وأحمد في المسند 7204، وقال شعيب الأرناؤوط حديث صحيح وهذا إسناد حسن).

 

4- عن جابر - رضي الله عنهما-، عنه - صلى الله عليه وسلم-: “إن من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون، قالوا: يا رسول الله، قد علمنا الثرثارون والمشتدقون، فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون”(رواه الترمذي: 2018، وصححه الألباني).

 

5- عن أبي هريرة قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما أكثر ما يدخل الناس الجنة قال: “تقوى اللّه و حسن الخلق”(رواه مسلم: 250). وفي رواية عند الترمذي (2004) وحسنه الألباني: “وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج”.

 

6- عن أبي ذرّ قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: “اتق اللّه حيثما كنت، و أتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن”(أخرجه الترمذي: 1987، وقال: حديث حسن صحيح).

 

7- عن أبي الدرداء قال: قال النبيّ صلى اللّه عليه و سلم “ما من شي ء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن و إنّ اللّه ليبغض الفاحش البذي ء”(أخرجه الترمذي: ٢٠٠٢، وصححه الألباني).

 

8- عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:” من كظم غيظا و هو قادر على أن ينفذه دعاه اللّه يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيّره من أيّ الحور العين شاء”(أخرجه أبو داود: ٤٧٧٧، وحسنه الألباني).

 

9- عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنّه مَن أُعطِيَ حظَّه مِن الرِّفْقِ، فقد أُعْطِيَ حظَّه مِن خيرِ الدُّنيا والآخِرةِ، وصِلةُ الرَّحِمِ وحُسْنُ الخُلُقِ، وحُسْنُ الجِوارِ يُعمِّرانِ الدِّيارَ، ويَزِيدانِ في الأعمارِ”( أخرجه أحمد: ٢٥٢٥٩، عن عائشة، وقال شعيب الأرنؤوط في تخريج شرح الطحاوية ١٢٨: إسناده صحيح).

 

10- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قَالَ: “مَا مَسِسْتُ دِيبَاجاً وَلاَ حَرِيراً ألْيَنَ مِنْ كَفِّ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلاَ شَمَمْتُ رَائِحَةً قَطُّ أطْيَبَ مِنْ رَائِحَةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَقَدْ خدمتُ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سنين، فما قَالَ لي قَطُّ: أُفٍّ، وَلاَ قَالَ لِشَيءٍ فَعَلْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَه؟وَلاَ لشَيءٍ لَمْ أفعله: ألاَ فَعَلْتَ كَذا؟”(أخرجه أحمد: 13034، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين).

 

11- عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ، أنّهُ أهْدى لِرَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِمارًا وحْشِيًّا، وهو بالأبْواءِ، أوْ بوَدّانَ، فَرَدَّهُ عليه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: “إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا لِأَنَّا حُرُمٌ”(رواه البخاري: ١٨٢٥).

 

12- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم”(رواه أبو داود: 4798، وصححه الألباني).

 

 

13- عن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقًا”(أخرجه الطبراني (١/١٨٢) (٤٧٣)، والحاكم (٨٢١٤)، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (٤٣٢): إسناده جيد في الشواهد).

 

14- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لينتهينَّ أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فحم جهنم، أو ليكوننَّ أهونَ على الله من الجُعَل الذي يُدَهْدِه الخِراء بأنفه، إن الله أذهب عنكم عُبِّـيَّة الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي، وفاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم خلق من تراب”(رواه الترمذي: ٣٩٥٥، وحسنه الألباني).

 

15- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنّ المُسْلِمَ المسدِّدَ ليُدرِكُ دَرجةَ الصَّوّامِ القوّامِ بآياتِ اللهِ عز وجل لِكَرمِ ضَريبتِهِ وحُسنِ خُلُقِهِ”(رواه أحمد ١٢‏-١٤، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (٥٢٢): إسناده صحيح). لكرم ضريبته: أي طبيعته وسجيته (النهاية في غريب الحديث والأثر؛ لابن الأثير: 3-80).

 

16- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: “عليك بحسن الخلق، وطول الصمت، فو الذي نفس محمد بيده، ما عمل الخلائق بمثلهما”(أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت: ٥٥٤، وابن أبي عاصم في الزهد: ٢، وأبو يعلى: ٣٢٩٨، وحسنه الألباني لشواهده في السلسلة الصحيحة: ١٩٣٨).

 

17- عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: “المؤمنُ مألفَةٌ، ولا خيرَ فيمن لا يَألفُ ولا يُؤلَفُ”(أخرجه أحمد: ٢٢٨٩١، والطبراني: ٦-١٣١ ٥٧٤٤، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: ٤٢٥).

 

الاثار

1- قيل للحسن البصري: ما حُسْن الخلق؟ قال: “بَذْل النَّدَى، وكَفُّ الأذى، وطلاقة الوجه”(الإيمان لابن تيمية: ص10).

 

2- قال الفضيل بن عياض: “لا تخالط سيئ الخلق؛ فإنه لا يدعو إلا إلى شر”(حلية الاولياء وطبقات الاصفياء: 8-96).

 

3- قال أيضًا: “لأن يصحبني فاجر حسن الخلق أحب إلي من أن يصحبني عابدٌ سيئ الخلق”(إحياء علوم الدين: 3-48).

 

4- قيل للعتابي: “إنك تلقى الناس كلهم بالبِشْرِ، قال: دفع ضغينة بأيسر مؤونة، واكتساب إخوان بأيسر مبذول”(بهجة المجالس وأنس المجالس؛ لابن عبدالبر: 2-87).

 

5- قال أيوب: “لا ينبل الرجل حتى يكون فيه خصلتان: العفة عمّا في أيدي الناس، والتجاوز عنهم”( أدب الدنيا والدين؛ للماوردي: 232).

 

6- قال يحيى بن معاذ: “سوء الخلق سيئة لا تنفع معها كثرة الحسنات، وحسن الخلق حسنةٌ لا تضر معها كثرة السيئات”(إحياء علوم الدين: 7-84).

 

7- قال سلمة بن دينار: “السيئُ الخلق أشقى الناس به نفسُهُ التي بين جنبيه، هي مِنه في بلاء، ثم زوجتُهُ، ثم ولدُهُ، حتى أنه ليدخل بيته، وإنهم لفي سرور، فيسمعون صوته، فينفرون منه فرَقًا منه، وحتى إن دابته تحيد مما يرميها بالحجارة، وإن كلبه ليراه فينزو على الجدار، حتى إن قِطَّهُ ليفر”(سير أعلام النبلاء: 6-99).

 

8- قال إبراهيم الحربي: “ينبغي للرجل إذا سمع شيئًا من آداب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتمسك به”(الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: 51).

 

القصص

1- كان علي بن الحسين يوماً خارجاً فلقيه رجل فسبه، فثارت إليه العبيد والموالي، فقال لهم علي: مهلا كفوا، ثم أقبل على ذلك الرجل فقال له: ما ستر عنك من أمرنا أكثر، ألك حاجة نعينك عليها؟ فاستحيى الرجل، فألقى إليه علي خميصة كانت عليه، وأمر له بألف درهم، فكان ذلك الرجل بعد ذلك يقول: أشهد أنك من أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم"(صفة الصفوة: 2-56).

 

2- "كان فتى من طي يجلس إلى الأحنف، وكان يعجبه فقال له: يا فتي هل تزين جمالك بشيء؟ فقال: نعم؛ إذا حدثت صدقت، وإذا حُدِّثت استمعت، وإذا عاهدت وفيت، وإذا وعدت أنجزت، وإذا أؤتمنت لم أخن، فقال الأحنف: هذه المرؤة حقا"(المروءة وما جاء في ذلك عن النبي وعن الصحابة والتابعين لابن المرزبان: 111).

 

3- "خرج عمر بن عبدالعزيز ذات ليلة إلى المسجد ومعه رجل من الحراس، فلما دخل عمر المسجد مرَّ في الظلام برجل نائم، فأخطأ عمر وداس عليه، فرفع الرجل رأسه إليه، وقال: أمجنون أنت؟ فقال: لا، فتضايق الحارس وهَمَّ أن يضرب الرجل النائم فمنعه عمر، وقال له: إن الرجل لم يصنع شيئًا غير أنه سألني: أمجنون أنت؟ فقلت: لا"(عمر بن عبد العزيز.. عدله وزهده وحكمته: 140).

 

5- قال ابن الأثير متحدثاً عن صلاح الدين الأيوبي: و"كان -رحمه الله- حليماً حسنَ الأخلاق، متواضعاً، صبوراً على ما يكره، كثير التغافل عن ذنوب أصحابه، يسمع من أحدهم ما يكره، ولا يُعلمه بذلك، ولا يتغير عليه. وبلغني أنه كان جالساً وعنده جماعة، فرمى بعض المماليك بعضاً بسرموز فأخطأته، ووصلت إلى صلاح الدين فأخطأته، ووقعت بالقرب منه، فالتفت إلى الجهة الأخرى يكلم جليسه; ليتغافل عنها"(الكامل في التاريخ: 9-283).

 

6- عن عبد الملك أو قيس عبد الملك قال: "قام عمر بن عبد العزيز إلى قائلته - يعني لنومة القيلولة - فعرض له رجل بيده طومار - صحيفة مطوية - فظن القوم أنه يريد أمير المؤمنين، فخاف أن يحبس دونه، فرماه بالطومار، فالتفت عمر، فوقع في وجهه، فشجَّه. قال: فنظرتُ إلى الدماء تسيل على وجهه وهو قائم في الشمس، فلم يبرح حتى قرأ الطومار، وأمر له بحاجته، وخلَّى سبيله"(حلية الأولياء: 5-248).

 

7- قال ملك لأحد وزرائه يمتحنه: "ما خير ما يرزقه العبد؟ قال: عقل يعيش به، قال: فإن عدمه؟ قال: فأدب يتحلى به، قال: فإن عدمه؟ قال: فمال يستره، قال: فإن عدمه؟ قال: فصاعقة تحرقه فتريح منه العباد والبلاد"(المستطرف في كل فن مستظرف: 1-74).

 

8- قال ابن القيم -رحمه الله- متحدثاً عن حسن الخلق والعفو، والإحسان إلى من أساء: "وما رأيت أحداً أجمع لهذه الخصال من شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- وكان بعض أصحابه الأكابر يقول: وددت أني لأصحابي مثله لأعدائه، وما رأيته يدعو على أحد منهم قط، وكان يدعو لهم. وجئت يوماً مبشراً له بموت أكبر أعدائه، وأشدهم عداوة وأذى له - فنهرني، وتنكَّر لي، واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله، فعزاهم، وقال: إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه، ونحو هذا من الكلام، فسُرُّوا به، ودعوا له، وعظموا هذه الحال منه، فرحمه الله ورضي عنه"(مدارج السالكين: 2-281).

 

9- كان الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله كثير التغاضي عن كثير من الأمور في حق نفسه، وحينما يسأل عن ذلك كان يقول:

ليس الغبيُّ بسيد في قومه *** لـكنَّ سَيِّدَ قومه المتغابي

(أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن في الترجمة ص: 285)

 

 

الاشعار

1- رحم الله من قال:

ليس الجمال بمئزرٍ *** فاعلم وإن رُدّيت بُرْدا

إن الجمال مآثرٌ *** ومناقبٌ أورثن حمدا

 

2- قال يعقوب الخريمي:

أضاحك ضيفي قبل إنـزال رحـلـه *** ويخضب عندي والمـحـلُّ جـديب

وما الخصب للأضياف أن يكثر القرى *** ولكنَّما وجـه الـكـريم خـصـيب

 

3- وقال آخر:

ولم أر كالمعروف أمَّا مذاقه *** فحلوٌ وأمَّا وجهه فجمـيل

 

4- وقال آخر:

إذا صاحبت قوماً أهل فضل *** فكن لهموا كذي الرحم الشفيق

ولا تأخذ بزلة كل قوم *** فتبقى في الزمان بلا رفيق

 

5- وقال آخر:

من يزرع الخير يحصد ما يسرُّ به *** وزارع الشَّرِّ منكوسٌ على الرَّأس

 

6- قال الحطيئة:

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه *** لا يذهب العرف بين الله والناس

 

7- قال الشافعي -رحمه الله- :

المرءُ إن كان مؤمناً ورِعاً *** أشغله عن عيوب الورى ورعُهْ

كما السقيمِ العليلِ أشغله *** عن وجع الناس كلِّهم وجعُهْ

 

8- قال أبو العتاهية:

عامل الناس بوجهٍ طلـيق *** والق من تلقى ببشر رفيق

فإذا أنت جمـيل الـثـنـا *** وإذا أنت كثير الصّـديق

 

9- قال الحسن:

وإني لألقي المرء أعلم أنه *** عدو وفي أحشائه الضغن كامن

فأمنحه بشرا فيرجع قلبه *** سليما وقد ماتت لديه الضغائن

 

10- قال ابن وكيع:

لاق بالبشر من لقيت من النـاس *** وعاشر بأحسن الإنصـاف

لا تخالف وإن أتوا بـخـلافٍ *** تستدم ودهم بترك الـخـلاف

وإذا خفت فرط غيظك فانهض *** مسرعاً عنهم إلى الإنصراف

إنما الناس إن تـأمـلـت داءٌ *** ماله غير أن تداويه شـافـي

 

11- قال آخر:

إن المكارم أخلاق مطهرة *** فالعقل أولها والدين ثانيها

والعلم ثالثها والحلم رابعها *** والجود خامسها والعرف ساديها

والبر سابعها والصبر ثامنها *** والشكر تاسعها واللين عاشيها

والعين تعلم من عيني محدثها *** إن كان من حزبها أو من أعاديها

والنفس تعلم أني لا أصدقها *** ولست أرشد إلا حين أعصيها

 

12- قال آخر:

وإذا أُصيب القوم في أخلاقهم *** فأقم عليهم مأتماً وعويلا

وليس بعامرٍ بنيان قومٍ *** إذا أخلاقهم كانت خرابا

(المنتخب من الشعر والبيان – أمير بن محمد المدري ص 225، 226).

 

متفرقات

1- قال الغزالي ـ رحمه الله ـ:آداب الظواهر عنوان آداب البواطن، وحركات الجوارح ثمرات الخواطر، والأعمال نتيجة الأخلاق، والآداب رشح المعارف، وسرائر القلوب هي مغارس الأفعال ومنابعها، وأنوار السرائر هي التي تشرق على الظواهر فتزينها، وتجليها، وتبدل بالمحاسن مكارهها ومساويها. ومن لم يخشع قلبه لم تخشع جوارحه، ومن لم يكن صدره مشكاة الأنوار الإلهية لم يفض على ظاهره جمال الآداب النبوية (إحياء علوم الدين2/357).

 

2- قال ابن المقفع: ليحسن تعاهدك نفسك بما تكون به للخير أهلا؛ فإنك إن فعلت ذلك أتاك الخير يطلبك كما يطلب الماء السيل إلى الحدورة (الأدب الصغير والكبير ص 90).

 

3- قال ابن المقفع: وعلى العاقل أن يحصي على نفسه مساويها في الدين، وفي الأخلاق، وفي الآداب، فيجمع ذلك كله في صدره، أو في كتاب، ثم يكثر عرضه على نفسه، ويكلفها إصلاحه، ويوظف ذلك عليها توظيفا من إصلاح الخلة أو الخلتين في اليوم، أو الجمعة، أو الشهر. فكلما أصلح شيئا محاه، وكلما نظر إلى محو استبشر، وكلما نظر إلى ثابت أكتأب (الأدب الصغير والكبير ص 54).

 

4- يقول الإمام ابن حزم ـ رحمه الله ـ متحدثا عن تجربته مع نفسه، وعن محاولاته في التخلص من عيوبه، وعن النتائج التي حصل عليها من جراء ذلك، يقول: كانت في عيوب، فلم أزل بالرياضة، واطلاعي على ما قالت الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ والأفاضل من الحكماء المتأخرين والمتقدمين في الأخلاق وآداب النفس، أعاني مداوتها، حتى أعان الله ـ عز وجل ـ على أكثر ذلك بتوفيقه ومنّه. وتمام العدل، ورياضة النفس، والتصرف بالأمور ـ هو الإقرار بها؛ ليتعظ بذلك متعظ يوما إن شاء الله. فمنها كلف في الرضاء، وإفراط في الغضب، فلم أزل أداوي ذلك حتى وقفت عند ترك إظهار الغضب جملة بالكلام، والفعل، والتخبط، وامتنعت مما لا يحل من الانتصار، وتحملت من ذلك ثقلا شديدا، وصبرت على مضض مؤلم كان ربما أمرضني، وأعجزني ذلك في الرضا، وكأني سامت نفسي؛ لأنها تمثلت أن ترك ذلك لؤم. ومنها دعاية غالبة، فالذي قدرت عليه منها إمساكي عما يغضب الممازح، وسامحت نفسي فيها؛ إذ رأيت أن تركها من الانغلاق، ومضاهيا للكبر. ومنها عجب شديد، فناظر عقلي نفسي بما يعرفه من عيوبها حتى ذهب ذلك كله، ولم يبق له ـ والحمد لله ـ أثر، بل كلفت نفسي احتقار قدرها جملة، واستعمال التواضع. ومنها حركات كانت تولدها غرارة الصبا، وضعف في الإغضاء، فقصرت نفسي على تركها فذهبت. ومنها محبة في بعد الصيت والغلبة، فالذي وقفت عليه في معاناة هذا الداء الإمساك فيه عما لا يحل في الديانة، والله المستعان على الباقي (الأخلاق والسير في مداواة النفوس لابن حزم، ص 33ـ 34).

 

5- قال ابن عقيل الحنبلي - رحمه الله -: البشر مُؤَنِّسٌ للعقول، ومن دواعي القبول، والعبوس ضده .

 

6- قال الإمام الشافعي : من وعظ أخاه بفعله كان هادياً (طبقات الشعراني).

 

7- قال الغزالي رحمه الله: على المسلم أن يخالط الناس، فكل ما رآه مذمومًا بين الخلق من خُلُق فليحذِّر نفسه منه ويُبعدها عنه، فإن المؤمن مرآة المؤمن، فيرى من عيوب غيره عُيوب نفسه، ويعلم أن الطِّباع متقاربةٌ في اتباع الهوى. فما يتصفُ به واحدٌ من الأقران لا ينفكُّ القرنُ الآخر عن أصله أو أعظم منه أو عن شيء منه، فليتفقَّد نفسه ويُطهِّرها من كل ما يذُمُّهُ من غيره وناهيك بهذا تأديباً (إحياء علوم الدين).

 

8- قال أيضًا: إن حسن الخلق هو الإيمانُ، وسوء الخلق هو النفاق (إحياء علوم الدين).

 

9- قال أبو حاتم: الواجب على العاقل لزوم الرفق في الأمور كلها وترك العجلة والخفة فيها؛ إذ الله تعالى يحب الرفق في الأمور كلها، ومن منع الرفق منع الخير، كما أن من أعطى الرفق أعطى الخير، ولا يكاد المرء يتمكن من بغيته في سلوك قصده في شيء من الأشياء على حسب الذي يحب إلا بمقارنة الرفق ومفارقة العجلة (روضة العقلاء).

 

10- قال أيضاً: من أراد الثواب الجزيل، واسْتِرهانَ الوُدِّ الأصيل، وتوقعَ الذكر الجميل - فليتحمل من ورود ثِقَلِ الردى، ويتجرع مرارة مخالفة الهوى، باستعمال السُّنة التي ذكرناها في الصلة عند القطع، والإعطاء عند المنع، والحلم عند الجهل، والعفو عند الظلم؛ لأنه من أفضل أخلاق أهل الدين والدنيا (روضة العقلاء).

 

11- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيان منهج السلف تجاه هذه الأخلاق: ويدعون إلى مكارمِ الأخلاق ومحاسِن الأعمال، ويعتقِدون معنَى قولِه: « أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا» ويندبون إلى أن تصلَ من قطعك وتعطيَ من حرمَك وتعفوَ عمّن ظلمَك، ويأمرون ببرِّ الوالدين وصلةِ الأرحام وحسن الجوار والإحسانِ إلى اليتامى والمساكين وابنِ السبيل، وينهَون عن الفخر والخُيَلاء والبغي والاستطالةِ على الخلق بحقّ أو بغير حقّ، ويأمرون بمعالي الأخلاقِ وينهَون عن سفاسِفها (العقيدة الواسطية).

 

12- جمَعَ بعضهم بعضَ علاماتِ حسن الخلق فقال: هو أن يكون كثيرَ الحياء، قليلَ الأذى، كثيرَ الصلاح، صدوقَ اللسان قليلَ الكلام، كثيرَ العمل، قليل الزلل والفضول، بَراً وصولاً، وقوراً صبوراً، شكورا راضيا حليما رفيقاً، عزيزا شفيقا، بشّاشا هشَّاشا، لا لعانا ولا سبّابا، ولا منَّانا ولا مغتابا، ولا عجولا ولا حقودا، ولا بخيلا ولا حسودا، يحبّ في الله ويبغض في الله، ويرضى لله ويغضب لله (إحياء علوم الدين).

 

13- قال ابن القيم رحمه الله: فمن علت همته، وخشعت نفسه اتصف بكل خلق جميل، ومن دنت همته، وطغت نفسه اتصف بكل خلق رذيل (الفوائد لابن القيم).

 

14- وقال رحمه الله: فالنفوس الشريفة لا ترضى من الأشياء إلا بأعلاها، وأفضلها، وأحمدها عاقبة. والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات، وتقع عليها كما يقع الذباب على الأقذار; فالنفوس العليَّة لا ترضى بالظلم، ولا بالفواحش، ولا بالسرقة، ولا بالخيانة; لأنها أكبر من ذلك وأجل. والنفوس المهينة الحقيرة الخسيسة بالضد من ذلك (الفوائد لابن القيم).

 

15- قال ابن الأثير: إن المؤمن المحمود من طبعه الغرارة وقلة فطنته للشر وترك البحث عنه، وليس ذلك منه جهلا ولكن كرم وحسن خلق (النهاية لابن الأثير).

 

16- قال ابن حبان: توطين نفسه على لزوم العفو عن الناس كافة، وترك الخروج لمجازاة الإساءة; إذ لا سبب لتسكين الإساءة أحسن من الإحسان، ولا سبب لنماء الإساءة وتهييجها أشد من الاستعمال بمثلها (روضة العقلاء).

 

17- قال حسن السعيد المرسي: “تظهر أهمية الأخلاقية الإسلامية لما لها من أثر في سلوك الفرد، وفي سلوك المجتمع. أما أثرها في سلوك الفرد فلما تزرعه في نفس صاحبها من الرحمة، والصدق، والعدل، والأمانة، والحياء، والعفة، والتعاون، والتكافل، والإخلاص، والتواضع.. وغير ذلك من القيم والأخلاق السامية، فالأخلاق بالنسبة للفرد هي أساس الفلاح والنجاح، يقول تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (الشمس: 9-10]، ويقول سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (الأعلى: 14-15]، والتزكية في مدلولها ومعناها: تعني: تهذيب النفس باطنًا وظاهرًا، في حركاته وسكناته.

 

وأما أثرها في سلوك المجتمع كلِّه، فالأخلاق هي الأساس لبناء المجتمعات الإنسانية إسلامية كانت أو غير إسلامية، يقرر ذلك قوله تعالى:

 

(وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)(العصر: 1-3].

 

فالعمل الصالح المدعم بالتواصي بالحقِّ، والتواصي بالصبر في مواجهة المغريات والتحديات من شأنه أن يبني مجتمعًا محصنًا لا تنال منه عوامل التردي والانحطاط، وليس ابتلاء الأمم والحضارات كامنًا في ضعف إمكاناتها المادية أو منجزاتها العلميَّة، إنما في قيمتها الخلقية التي تسودها وتتحلى بها”(الأخلاق الإسلامية؛ لحسن السعيد المرسي: 26).

 

18- قال عبد الرحمن الميداني: “إن أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية لا يستطيع أفراده أن يعيشوا متفاهمين متعاونين سعداء ما لم تربط بينهم روابط متينة من الأخلاق الكريمة.

 

ولو فرضنا احتمالًا أنه قام مجتمع من المجتمعات على أساس تبادل المنافع المادية فقط، من غير أن يكون وراء ذلك غرض أسمى؛ فإنَّه لابد لسلامة هذا المجتمع من خلقي الثقة والأمانة على أقل التقادير.

 

فمكارم الأخلاق ضرورة اجتماعية، لا يستغني عنها مجتمع من المجتمعات، ومتى فقدت الأخلاق التي هي الوسيط الذي لابد منه لانسجام الإنسان مع أخيه الإنسان، تفكك أفراد المجتمع، وتصارعوا، وتناهبوا مصالحهم، ثم أدى بهم ذلك إلى الانهيار، ثم إلى الدمار.

 

من الممكن أن تتخيل مجتمعًا من المجتمعات انعدمت فيه مكارم الأخلاق كيف يكون هذا المجتمع؟!

 

كيف تكون الثقة بالعلوم، والمعارف، والأخبار، وضمان الحقوق لولا فضيلة الصدق؟!

 

كيف يكون التعايش بين الناس في أمن واستقرار، وكيف يكون التعاون بينهم في العمل ضمن بيئة مشتركة، لولا فضيلة الأمانة؟

 

كيف تكون أمة قادرة على إنشاء حضارة مثلى لولا فضائل التآخي، والتعاون، والمحبة، والإيثار؟

 

كيف تكون جماعة مؤهلة لبناء مجد عظيم لولا فضيلة الشَّجَاعَة في ردِّ عدوان المعتدين وظلم الظالمين، ولولا فضائل العدل والرحمة والإحسان والدفع بالتي هي أحسن؟!

 

كيف يكون الإنسان مؤهلًا لارتقاء مراتب الكمال الإنساني إذا كانت أنانيته مسيطرة عليه، صارفة له عن كلِّ عطاء وتضحية وإيثار؟

 

لقد دلَّت التجربات الإنسانية، والأحداث التاريخية، أن ارتقاء القوى المعنوية للأمم والشعوب ملازم لارتقائها في سلم الأخلاق الفاضلة، ومتناسب معه، وأنَّ انهيار القوى المعنوية للأم والشعوب ملازم لانهيار أخلاقها، ومتناسب معه، فبين القوى المعنوية والأخلاق تناسب طردي دائمًا، صاعدين وهابطين.

 

وذلك لأنَّ الأخلاق الفاضلة في أفراد الأمم والشعوب تمثل المعاقد الثابتة التي تعقد بها الروابط الاجتماعية، ومتى انعدمت هذه المعاقد أو انكسرت في الأفراد لم تجد الروابط الاجتماعية مكانًا تنعقد عليه، ومتى فقدت الروابط الاجتماعية صارت الملايين في الأمة المنحلة عن بعضها مزودة بقوة الأفراد فقط، لا بقوة الجماعة، بل ربما كانت القوى المبعثرة فيها بأسًا فيما بينها، مضافًا إلى قوة عدوها.

 

وإذا كانت الأخلاق في أفراد الأمم تمثل معاقد الترابط فيما بينهم، فإن النظم الإسلامية الاجتماعية تمثل الأربطة التي تشدُّ المعاقد إلى المعاقد، فتكون الكتلة البشرية المتماسكة القوية، التي لا تهون ولا تستخذي”(الأخلاق الإسلامية وأسسها؛ لعبد الرحمن حبنكة الميداني: 1-29).

 

19- قال عبد الرحمن الميداني: “التزام قواعد الأخلاق الإسلامية كفيل بتحقيق أكبر نسبة من... السعادة للفرد الإنساني، وللجماعة الإنسانية، ثم لسائر الشركاء في الحياة على هذه الأرض وذلك بطريقة بارعة جدًّا؛ يتم فيها التوفيق بالنسب المستطاعة بين حاجات ومطالب الفرد من جهة، وحاجات ومطالب الجماعة من جهة أخرى، ويتم فيها إعطاء كل ذي حق حقه، أو قسطًا من حقه وفق نسبة عادلة اقتضاها التوزيع العام المحفوف بالحق والعدل.

 

فمن الواضح في هذا العنصر أن أسس الأخلاق الإسلامية لم تهمل ابتغاء سعادة الفرد الذي يمارس فضائل الأخلاق ويجتنب رذائلها، ولم تهمل ابتغاء سعادة الجماعة التي تتعامل فيما بينها بفضائل الأخلاق مبتعدة عن رذائلها.

 

وروعة الأخلاق التي أرشد إليها الإسلام، تظهر فيما اشتملت عليه من التوفيق العجيب بين المطالب المختلفة للفرد من جهة، وللجماعة من جهة أخرى، وتظهر فيما تحققه من وحدات السعادة الجزئية في ظروف الحياة الدنيا، بقدر ما تسمح به سنن الكون الدائمة الثابتة، التي تشمل جميع العاملين، مؤمنين بالله أو كافرين، أخلصوا له النية أو لم يخلصوا”(الأخلاق الإسلامية وأسسها؛ لعبد الرحمن حبنكة الميداني: 1-82).

 

20- قال عبد الرحمن الميداني: “لدينا حقيقة ثابتة لابد من ملاحظتها في مجال كلِّ تكليف رباني: هي أنَّ الله تبارك وتعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها، فمسؤولية الإنسان تنحصر في نطاق ما يدخل في وسعه، وما يستطيعه من عمل، أما ما هو خارج عن وسع الإنسان واستطاعته، فليس عليه مسؤولية نحوه، يضاف إلى ذلك أنَّ نسبة المسؤولية تتناسب طردًا وعكسًا مع مقدار الاستطاعة...

 

فما كان من الطباع الفطرية قابلًا للتعديل والتبديل، ولو في حدود نسب جزئية، لدخوله تحت سلطان إدارة الإنسان وقدرته، كان خاضعًا للمسؤولية، وداخلًا في إطارها تجاه التكاليف الربانية، وما لم يكن قابلًا للتعديل والتبديل، لخروجه عن سلطان إرادة الإنسان وقدرته، فهو غير داخل في إطار المسؤولية تجاه التكاليف الربانية.

 

وبناء على ذلك فإننا نقول وفق المفاهيم الدينية: لو لم يكن لدى كلِّ إنسان عاقل قدرة على اكتساب حدٍّ ما من الفضائل الأخلاقية؛ لما كلفه الله ذلك.

 

وليس أمر قدرة الإنسان على اكتساب حدٍّ ما من كلِّ فضيلة خلقية بعيدًا عن التصور والفهم، ولكنه بحاجة إلى مقدار مناسب من التأمل والتفكير.

 

أليست استعدادات الناس لأنواع العلوم المختلفة متفاوتة، فبعضهم أقدر على تعلم الفنون الجميلة من بعض، وبعضهم أقدر على تعلم العلوم العقلية من بعض، وبعضهم أقدر على حفظ التواريخ والحوادث أو حفظ النصوص من بعض؟

 

إنه... ما من إنسان عاقل إلا ولديه قدرة على اكتساب مقدار ما من فضائل الأخلاق، وفي حدود هذا المقدار الذي يستطيعه يكون تكليفه، وتكون مسؤوليته، ثم في حدوده تكون محاسبته ومجازاته.

 

إنَّ أسرع الناس استجابة لانفعال الغضب، يستطيع بوسائل التربية أن يكتسب مقدارًا ما من خلق الحلم، ومتى صمم بإرادته أن يكتسب ذلك فإنه يستطيعه، لذلك فهو مسؤول عن اكتساب ما يستطيعه منه، فإذا هو أهمل تربية نفسه، وتركها من غير تهذيب تنمو نمو أشواك الغاب، فإنَّه سيحاسب على إهماله، وسيجني ثمرات تقصيره.

 

وإن أشد الناس بخلًا وأنانية وحبًّا للتملك، يستطيع بوسائل التربية أن يكتسب مقدارًا ما من خلق حب العطاء، ومتى صمم بإرادته أن يكتسب ذلك فإنه يستطيعه، لذلك فهو مسؤول عن اكتساب القدر الواجب شرعًا منه، فإذا هو أهمل تربية نفسه، وتركها من غير تهذيب فإنَّه سيحاسب على إهماله، وسيجني ثمرات تقصيره.

 

والمفطور على نسبة كبيرة من الجبن، يستطيع أن يكتسب بالتربية المقترنة بالإرادة والتصميم مقدارًا ما من خلق الشَّجاعَة، قد لا يبلغ به مبلغ المفطور على نسبة عالية من الشَّجاعَة، ولكنه مقدار يكفيه لتحقيق ما يجب عليه فيه أن يكون شجاعًا، وضمن الحدود التي هو مسؤول فيها.

 

وأشد الناس أنانية في تكوينه الفطري، يستطيع أن يكتسب بالتربية المقترنة بالإرادة والتصميم مقدارًا ما من الغيرية والإيثار، قد لا يبلغ فيه مبلغ المفطور على محبة الآخرين، والرغبة بأن يؤثرهم على نفسه، ولكنه مقدار يكفيه لتأدية الحقوق الواجبة عليه تجاه الآخرين.

 

وهكذا نستطيع أن نقول: إن أية فضيلة خلقية، باستطاعة أي إنسان عاقل، أن يكتسب منها بالتربية المقترنة بالإرادة والتصميم، المقدار الذي يكفيه لتأدية واجب السلوك الأخلاقي.

 

والناس من بعد ذلك يتفاوتون بمدى سبقهم وارتقائهم في سلم الفضائل.

 

وتفاوت الاستعدادات والطبائع، لا ينافي وجود استعداد عام صالح لاكتساب مقدار ما من أي فرع من فروع الاختصاص، سواء أكان ذلك من قبيل العلوم، أو من قبيل الفنون، أو من قبيل المهارات، أو من قبيل الأخلاق.

 

وفي حدود هذا الاستعداد العام، وردت التكاليف الشرعية الربانية العامة، ثم ترتقي من بعده مسؤوليات الأفراد بحسب ما وهب الله كلًّا منهم من فطر، وبحسب ما وهب كلا منهم من استعدادات خاصة، زائدة على نسبة الاستعداد العام.

 

ولو أنَّ بعض الناس كان محرومًا من أدنى حدود الاستعداد العام الذي هو مناط التكليف، فإنَّ التكليف لا يتوجه إليه أصلًا، ومن سلب منه هذا الاستعداد بسبب ما ارتفع عنه التكليف، ضرورة اقتران التكليف بالاستطاعة، كما أوضحت ذلك نصوص الشريعة الإسلامية.

 

ووفق هذا الأساس، جاءت التكاليف الشرعية بالتزام فضائل الأخلاق واجتناب رذائلها.

 

ووفق هذا الأساس، وضع الإسلام الخطط التربوية التي تنفع في التربية على الأخلاق الفاضلة، فالاستعداد لذلك موجود في الواقع الإنساني، وإن اختلفت نسبة هذا الاستعداد من شخص إلى آخر. وفي الإصلاح التربوي قد يقبل بعض الناس بعض فضائل الأخلاق بسهولة، ولا يقبل بعضها الآخر إلا بصعوبة ومعالجة طويلة المدى، وقد تقل نسبة استجابته”(الأخلاق الإسلامية وأسسها؛ لعبد الرحمن حسن حبنكة: 1-179).

 

21- قال خالد الخراز: “الذي يظنُّ أنَّ الناس يدخلون في الدين فقط؛ لأنهم يقتنعون عقليًّا فقط، لا شك أنه مخطئ... وكثير من الناس يدخلون في الدين؛ لأنهم يرون أنَّ أهل هذا الدين على خلق، وأن الدعاة إلى الله عندهم أخلاق، والشواهد في هذا الباب كثيرة... فالاستقامة على الأخلاق لها أثر كبير، ونفعها بليغ، ولا أدلَّ على ذلك مما جاء في السيرة النبوية من أنَّ أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم كانت محل إعجاب المشركين قبل البعثة، حتى شهدوا له بالصدق والأمانة.

 

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “لما نزلت هذه الآية: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)(الشعراء: 214]  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا تخرج بسفح هذا الجبل، أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبًا. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد”.

 

وقد بدأ انعكاس الصور السلوكية الرائعة في تأثيرها في انتشار هذا الدين في بعض المناطق التي لم يصلها الفتح؛ إذ دخل في هذا الدين الحنيف شعوب بكاملها لما رأوا القدوة الحسنة مرتسمة خلقًا حميدًا في أشخاص مسلمين صالحين، مارسوا سلوكهم الرشيد، فكانوا كحامل مصباح ينير طريقه لنفسه بمصباحه، فيرى الآخرون ذلك النور ويرون به، وليس أجمل منه في قلب الظلام، وبناء على ذلك الإقبال سريعًا دون دافع سوى القدوة الحسنة، فَرُبَّ صفة واحدة مما يأمر بها الدين تترجم حية على يد مسلم صالح يكون لها أثر لا يمكن مقارنته بنتائج الوعظ المباشر؛ لأن النفوس قد تنفر من الكلام الذي تتصور أنَّ للناطق به مصلحة، وأحسن من تلك الصفات التمسك بالأخلاق الحميدة التي هي أول ما يرى من الإنسان المسلم، ومن خلالها يحكم له أو عليه”(موسوعة الأخلاق؛ لخالد الخراز: 39).

 

22- قال عبد الرحمن الميداني: “أدرك أعداء المسلمين الحقائق عن مكارم الأخلاق، فعملوا على إفساد أخلاق المسلمين بكلِّ ما أوتوا من مكر ودهاء، وبكلِّ ما أوتوا من وسائل مادية وشياطين إغواء، ليبعثروا قواهم المتماسكة بالأخلاق الإسلامية العظيمة، وليفتتوا وحدتهم التي كانت مثل الجبل الراسخ الصلب قوة، ومثل الجنة الوارفة المثمرة خضرة وبهاء وثمرًا وماء.

 

إن أعداء المسلمين قد عرفوا أن الأخلاق الإسلامية في أفراد المسلمين تمثل معاقد القوة، فجندوا لغزو هذه المعاقد وكسرها جيوش الفساد والفتنة.

 

ولقد كان غزوهم للأخلاق الإسلامية من عدة جبهات:

1- لقد عرفوا أن النبع الأساسي الذي يزود الإنسان المسلم بالأخلاق الإسلامية العظيمة، إنما هو الإيمان بالله واليوم الآخر، فصمموا على أن يكسروا مجاري هذا النبع العظيم، ويسدوا عيونه، ويقطعوا شرايينه.

 

2- وعرفوا أن تفهم مصادر الشريعة الإسلامية تفهمًا سليمًا هو الذي يمدُّ نبع الإيمان بما يتطلبه من معارف، فمكروا بالعلوم الإسلامية، وبالدراسات المتعلقة بها مكرًا بالغًا، وذلك ما بين حجب لها تارة، وتلاعب بمفاهيمها أخرى، وتشويه لها أو جحود ومضايقة لروادها ومبلغيها، كلُّ ذلك في حرب مستمرة لا تعرف كللًا ولا مللًا.

 

3- وعرفوا قيمة الإفساد العملي التطبيقي، فوجهوا جنودهم لغمس أبناء المسلمين في بيئات مشحونة بالانحلال الخلقي، بغية إصابتهم بالرذائل الخلقية عن طريق العدوى، وسراية الفساد بقوة تأثير البيئة، واستمراء الشهوات المرتبطة برذائل الأخلاق.

 

4- وعرفوا قيمة إفساد المفاهيم والأفكار، فجندوا جيوش المضللين الفكريين، الذين يحملون إلى أبناء المسلمين الأفكار والمفاهيم والفلسفات الباطلة، ضمن واردات المعارف المادية الصحيحة، ذات المنجزات الحضارية المدهشة، وعن طريق هذا الغزو الفكري الخطير يدخلون السم في الدسم.

 

من أقوال أعداء الإسلام والمسلمين:

1- جاء في خطاب... (صموئيل زويمر) رئيس إرسالية التبشير في البحرين منذ أوائل القرن العشرين الميلادي، الذي خطبه في مؤتمر القدس التبشيري، الذي انعقد برئاسته سنة (1953م) ما يلي:

ولكن مهمة التبشير التي ندبتكم دول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هداية لهم وتكريمًا، وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام، ليصبح مخلوقًا لا صلة له بالله، وبالتالي فلا صلاة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها، وبذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية، وهذا ما قمتم به خلال الأعوام المائة السالفة خير قيام، وهذا ما أهنئكم عليه وتهنئكم دول المسيحية والمسيحيون جميعًا كل التهنئة...!!

 

2- وجاء في نشرة المشرق الأعظم الماسوني الفرنسي لسنة (1923م) ما يلي:

... وبغية التفريق بين الفرد وأسرته عليكم أن تنتزعوا الأخلاق من أسسها، لأن النفوس تميل إلى قطع روابط الأسرة والاقتراب من الأمور المحرمة، لأنها تفضل الثرثرة في المقاهي على القيام بتبعات الأسرة...

 

3- وجاء في البروتوكول الثاني من المقررات اليهودية السرية ما يلي:

... إن الطبقات المتعلمة ستختال زهوًا أمام أنفسها بعلمها، وستأخذ جزافًا في مزاولة المعرفة التي حصلتها من العلم الذي قدمه إليها وكلاؤنا، رغبة في تربية عقولهم حسب الاتجاه الذي توخيناه.

 

ولا تتصوروا أن كلماتنا جوفاء، ولاحظوا هنا أن نجاح (دارون) و(ماركس) و(نيتشه) والأثر غير الأخلاقي لاتجاه هذه العلوم في الفكر الأممي -أي عند غير اليهود- سيكون واضحًا لنا على التأكيد!!

 

4- وجاء في البيان الشيوعي الذي أصدره معلم الشيوعية الأول اليهودي (كارل ماركس) ورفيقه (انجلز) ما يلي:

إن القوانين والقواعد الأخلاقية والأديان أوهام بورجوازية تتستر خلفها مصالح بورجوازية”(الأخلاق الإسلامية؛ لعبد الرحمن الميداني: 1-32).

 

23- قال عبد الرحمن الميداني: “أما طريقة دهاة التضليل لهدم الأبنية الأخلاقية فهي تتلخص بما يلي:

1- أن يقنعوا الأجيال بأن الأخلاق نسبية اعتبارية لا ثبات لها، وليس لها حقائق ثابتة في ذاتها، فهي خاضعة للتبدل والتغير.

 

2- أن يستغلوا بخبث بعض النظريات الفلسفية التي من شأنها تقليل قيمة الأخلاق في نفوس الناس، إذ تقيمها على أسس واهنة ضعيفة، أو على شفا جرف هار!! ومتى قامت في نفوس الناس على مثل ذلك تداعت الأبنية الأخلاقية التقليدية، ثم انهارت، وحلت محلها أنانيات فوضوية، تعتمد على القوة والحيلة، والإباحية المطلقة لكلِّ شيء مستطاع، فلا خير إلا ما تدعمه القوة، ولا شر إلا ما تضعف القوة عن تحقيقه.

 

3- أن يلفقوا من عند أنفسهم نظريات فلسفية يخدعون بها الناس، لاسيما الناشئون منهم، ويستغلون فيهم رغبات المراهقة بالتمرد على الحقِّ والواجب، تطلعًا لمجد موهوم، وقد تطول فترة المراهقة عند بعض الناشئين، حتى تكتسح عمر الشباب منهم، وجزءًا من عمر الكهولة، وسبب ذلك الاستسلام التام لعواطف طور المراهقة، ووجود المغذيات الشيطانية الخبيثة، وضعف التربية الإسلامية أو انعدامها. ومتى وجدت هذه الظروف المواتية لنمو الشر، فليس من البعيد أن يصير الإنسان شيخًا في سنه وجسمه ويبقى مراهقًا في عقله ونفسه.

 

4- اتخاذ الوسائل العملية التطبيقية لإفساد أخلاق الأمم، وأهمها الغمس في بيئات موبوءة بالأخلاق الفاسدة، حتى تكون الانحرافات عادات مستطابات”(الأخلاق الإسلامية؛ لعبد الرحمن الميداني: 1-98).

 

الإحالات

1- الأخلاق الإسلامية وأسسها؛ لعبد الرحمن حبنكة الميداني.

 

2- الأخلاق الإسلامية؛ لحسن السعيد المرسي.

 

3- مباحث في فلسفة الأخلاق؛ د. محمد يوسف موسى‎.

 

4- الأخلاق في الشريعة الاسلامية‎؛ لأحمد عليان.

 

5- الأخلاق مفتاح المحبة‎؛ لعبدالله عباس الحجي.

 

6- كتاب الأخلاق؛ لأحمد أمين.

 

الحكم

1- "إذا لم تستحي فافعل ما تشاء"(حديث نبوي).

 

2- "المؤمنُ مألفَةٌ، ولا خيرَ فيمن لا يَألفُ ولا يُؤلَفُ"(حديث نبوي).

 

3- "مِن حسن إسلام المرء تَرْكُهُ ما لا يعنيه"(حديث نبوي).

 

4- قال يحيى بن حيان: "الشريف إذا تقوى تواضع والوضيع إذا تقوى تكبر"(العقد الفريد: ج2-200).