خاتمة

2022-10-05 - 1444/03/09

التعريف

التعريف اللغوي: خاتِمة مفرد خاتمات وخَواتِمُ وخَواتِيمُ وهي:

عاقبة كلّ شيء وآخِرته ونهايته، عكسه: بدايته "خواتيم الأعمال- العبرة بالخواتم" الأعمال بخواتيمها والأمور بخواتيمها: الأمور مرهونة بنتائجها وعواقبها وخاتمة الحكاية: مثل أو حكمة يُختم بها السرد القصصيّ وخاتمة السورة: نهايتها، آخرها، قال تعالى: (خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ): أي آخر شُرْبه ونهايته، وخاتمة المطاف: النهاية، وما ينجلي عنه الأمر (معجم اللغة العربية المعاصرة؛ المؤلف: د أحمد مختار عبد الحميد عمر).

 

العناصر

1- معنى حسن الخاتمة وسوء الخاتمة.

 

2- حُسْنَ الخاتمة منوطٌ بمعرفتها.

 

3- كيفية الاستعداد للخاتمة.

 

4- علامات حسن الخاتمة.

 

5- علامات سوء الخاتمة.

 

6- أسباب حسن الخاتمة وسوء الخاتمة.

 

7- أثر العلم في حسن الخاتمة وقبحها.

 

8- ذنوب عقوبتها سوء الخاتمة.

 

9- صور سوء الخاتمة.

 

10- سؤال الله الثبات والحذر من سوء الخاتمة.

 

الايات

1- قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[البقرة: 217].

 

2- قوله تَعَالى: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)[آل عمران:8].

 

3- قوله تَعَالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

4- قوله تَعَالى: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)[آل عمران:169-170].

 

5- قوله تَعَالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ)[الأنعام:82].

 

6- قوله تَعَالى: (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)[الأنعام:110]

 

7- قوله تَعَالى: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)[الأعراف:99].

 

8- قوله تَعَالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)[الأنفال: 24]. قال مجاهد: "المعنى: يحول بين المرء وعقله، حتى لا يدري ما يصنع".

 

9- قوله تَعَالى: (تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)[يوسف:101].

 

10- قوله تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)[إبراهيم:27].

 

11- قوله تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)[الحجر:99].

 

12- قوله تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)[الكهف:103-104].

 

13- قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحدًا)[الكهف:110].

 

14- قال تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)[الأحزاب:23-24].

 

15- قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ)[فصلت:30-31].

 

الاحاديث

1- عَنْ أَنَسٍ بن مالك رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: “إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ”. فَقِيلَ كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: “يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ”(أخرجه الترمذي: 2143، وصححه الألباني).

 

2- عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: “لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تُعْجَبُوا بِأَحَدٍ حَتَّى تَنْظُرُوا بِمَم يُخْتَمُ لَهُ، فَإِنَّ الْعَامِلَ يَعْمَلُ زَمَانًا مِنْ عُمُرِهِ أَوْ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهِ بِعَمَلٍ صَالِحٍ لَوْمَاتَ عَلَيْهِ لَدَخَلَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ لِيَعْمَلَ عَمَلًا سَيِّئًا، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْبُرْهَةَ مِنْ دَهْرِهِ بِعَمَلٍ سَيِّئٍ لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ النَّارَ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ”، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ؟ قَالَ: “يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ “(رواه أحمد: 12214، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين).

 

3- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: “إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا غَسَلَهُ”، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ غَسَلَهُ؟ قَالَ: “يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَقْبِضُهُ عَلَيْهِ”(رواه الطبراني في الأوسط: 4812).

 

4- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ"(رواه ابن حبان في صحيحه (2/ 52) (340) وقال الألباني في الظلال 216: صحيح لغيره).

 

5- عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، قال: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل يقاتل المشركين، وكان من أعظم المسلمين غناء عنهم، فقال: “من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار، فلينظر إلى هذا” فتبعه رجل، فلم يزل على ذلك حتى جرح، فاستعجل الموت، فقال بذبابة سيفه فوضعه بين ثدييه، فتحامل عليه حتى خرج من بين كتفيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن العبد ليعمل، فيما يرى الناس، عمل أهل الجنة وإنه لمن أهل النار، ويعمل فيما يرى الناس، عمل أهل النار وهو من أهل الجنة، وإنما الأعمال بخواتيمها”(صحيح البخاري (6493) ).

 

6- عن مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “إِنَّمَا الْأَعْمَال بالخواتيم كَالْوِعَاءِ إِذَا طَابَ أَعْلاهُ طَابَ أَسْفَلُهُ وَإِذَا خبث أَعْلَاهُ خبث أَسْفَله”(رواه أحمد: 16358، وقال شعيب الأرناؤوط إسناده حسن).

 

7- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أنّ خَلْقَ أحَدِكُمْ يُجْمَعُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا أوْ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكونُ عَلَقَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يَكونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يُبْعَثُ إلَيْهِ المَلَكُ فيُؤْذَنُ بأَرْبَعِ كَلِماتٍ، فَيَكْتُبُ: رِزْقَهُ، وأَجَلَهُ، وعَمَلَهُ، وشَقِيٌّ أمْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يَنْفُخُ فيه الرُّوحَ، فإنّ أحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ حتّى لا يَكونُ بيْنَها وبيْنَهُ إلّا ذِراعٌ، فَيَسْبِقُ عليه الكِتابُ، فَيَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ النّارِ فَيَدْخُلُ النّارَ، وإنّ أحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ النّارِ، حتّى ما يَكونُ بيْنَها وبيْنَهُ إلّا ذِراعٌ، فَيَسْبِقُ عليه الكِتابُ، فَيَعْمَلُ عَمَلَ أهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُها"(رواه البخاري: ٧٤٥٤، ومسلم: ٢٦٤٣).

 

8- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "ما مِن مسلمٍ يموتُ يومَ الجمعةِ أو ليلةَ الجمعةِ إلّا وقاهُ اللهُ فِتنةَ القبرِ"(رواه الترمذي: ١٠٧٤، وحسنه الألباني).

 

9- عن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "المؤمنَ يموتُ بعَرَقِ الجبينِ"(رواه الترمذي: ٩٨٢، وصححه الألباني).

 

10- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: "مَن قُتِلَ دُونَ مالِهِ فَهو شَهِيدٌ"(رواه البخاري: ٢٤٨٠، ومسلم: ١٤١).

 

11- عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الشُّهَداءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ، والمَبْطُونُ، والغَرِقُ، وصاحِبُ الهَدْمِ، والشَّهِيدُ في سَبيلِ اللهِ"(أخرجه البخاري: ٢٨٢٩، ومسلم: ١٩١٤).

 

12- عن جابر بن عتيك رضي الله عنه أنّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "الشَّهادةُ سبعٌ سوى القتلِ في سبيلِ اللهِ المطعونُ شَهيدٌ والمبطونُ شَهيدٌ والغريقُ شَهيدٌ وصاحبُ الهدمِ شَهيدٌ وصاحبُ ذاتِ الجنبِ شَهيدٌ وصاحبُ الحرقِ شَهيدٌ والمرأةُ تموتُ بجمعٍ شَهيدةٌ"(رواه النسائي: ١٨٤٥، وصححه الألباني).

 

13- عن شداد بن أوس رضي الله عنه أنّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ أنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا على عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلّا أنْتَ قالَ: ومَن قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بها، فَماتَ مِن يَومِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَن قالَها مِنَ اللَّيْلِ وهو مُوقِنٌ بها، فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ"(رواه البخاري: ٦٣٠٦).

 

14- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "من استطاع أن يموتَ بالمدينةِ فليمُت فإني أشفعُ لِمَن يموتُ بها"(أخرجه الترمذي: ٣٩١٧، وابن ماجه: ٣١١٢، وأحمد ٥٨١٨ واللفظ له وقال أحمد شاكر: إسناده حسن وهو صحيح لغيره)

 

15- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "أولياءُ اللهِ تعالى، الذينَ إذا رُؤُوا ذُكِرَ اللهُ تعالى"(صححه الألباني في صحيح الجامع: ٢٥٨٧).

 

16- عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه أنّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "للشَّهيدِ عِندَ اللهِ ستُّ خصالٍ: يُغفَرُ لَه في أوَّلِ دَفعةٍ ويَرى مقعدَه منَ الجنَّةِ ويُجارُ مِن عذابِ القبرِ ويأمنُ منَ الفَزعِ الأكبرِ ويُوضعُ على رأسِه تاجُ الوقارِ الياقوتةُ مِنها خيرٌ منَ الدُّنيا وما فِيها ويزوَّجُ اثنتَينِ وسبعينَ زَوجةً منَ الحورِ العينِ، ويُشفَّعُ في سبعينَ مِن أقاربِه"(رواه الترمذي: ١٦٦٣، وصححه الألباني).

 

17- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "الطّاعُونُ شَهادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ"(رواه البخاري: ٢٨٣٠، ومسلم: ١٩١٦).

 

18- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: عادَ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عبدَ اللهِ بنَ رواحةَ قالَ: فما تحوَّزَ لهُ عن فراشِهِ، فقالَ: "أتدري مَن شُهَداءُ أمَّتي؟" قالوا: قتلُ المسلِمِ شَهادةٌ. قالَ: "إنّ شُهَداءَ أمَّتي إذًا لقليلٌ قتلُ المسلِمِ شَهادَةٌ، والطّاعونُ شَهادةٌ، والمرأةُ يقتلُها ولدُها جَمعاءَ شَهادةٌ، يَجُرُّها ولدُها بسَررِهِ إلى الجنَّةِ"(صححه الألباني في أحكام الجنائز: ٥٣). وفي رواية عند أحمد (١٦٠٤١): "والنُّفساءُ يجرُّها ولدُها بسُرُرِها إلى الجنةِ".

 

19- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "لَقِّنُوا مَوْتاكُمْ لا إلَهَ إلّا اللهُ"(رواه مسلم: ٩١٦).

 

20- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ على ما ماتَ عليه"(رواه مسلم: ٢٨٧٨).

 

21- عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: أسْنَدتُ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- إلى صَدْري، فقال: "مَن قال: لا إلهَ إلّا اللهُ ابتِغاءَ وجْهِ اللهِ خُتِمَ له بها دَخَلَ الجَنَّةَ، ومَن صامَ يَومًا ابتِغاءَ وجْهِ اللهِ خُتِمَ له بها دَخَلَ الجَنَّةَ، ومَن تَصدَّقَ بصَدَقةٍ ابتِغاءَ وجْهِ اللهِ خُتِمَ له بها دَخَلَ الجَنَّةَ"(أخرجه أحمد: ٢٣٣٢٤، وصححه الألباني في أحكام الجنائز: ٥٨).

 

22- عن سهل بن حنيف رضي الله عنه أنّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "مَن سَأَلَ اللهَ الشَّهادَةَ بصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللهُ مَنازِلَ الشُّهَداءِ، وإنْ ماتَ على فِراشِهِ"(رواه مسلم: ١٩٠٩).

 

23- عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "رِباطُ يَومٍ ولَيْلَةٍ خَيْرٌ مِن صِيامِ شَهْرٍ وقِيامِهِ، وإنْ ماتَ جَرى عليه عَمَلُهُ الذي كانَ يَعْمَلُهُ، وأُجْرِيَ عليه رِزْقُهُ، وأَمِنَ الفَتّانَ"(رواه مسلم: ١٩١٣).

 

الاثار

1- قال مجاهد: "ما من ميت يموت إلا مُثِّل له جلساؤه الذين كان يجالسهم"(الكبائر للذهبي).

 

2- عن علقمة، قال عبد الله رضي الله عنه: "موت المؤمن عرق الجبين، إن المؤمن تبقى عليه خطايا من خطاياه يجازى بها عند الموت، فيعرق من ذلك جبينه"(المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني: 821).

 

3- عن أنس بن مالك، قال: "ألا أخبركم بيومين وليلتين لم تسمع الخلائق بمثلهما؟ أول يوم يجيئك البشير من الله إما برضى الله وإما بسخطه، ويوم تقف فيه بين يدي الله يأخذ فيه كتابك إما بيمينك وإما بشمالك، وليلة يبيت الميت في قبره ولم يبت ليلة قبلها مثلها، وليلة صبيحتها يوم القيامة ليس بعدها ليلة"(شعب الإيمان للبيهقي 10295، والزهد أبي داود 366 صحيح موقوف).

 

القصص

1- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- دخلَ على شابٍّ وهوَ في الموتِ فقالَ: "كيفَ تجدُكَ"؟ قالَ: واللهِ يا رسولَ اللهِ إنِّي أرجو اللهَ وإنِّي أخافُ ذنوبي فقالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لا يجتَمِعانِ في قلبِ عبدٍ في مثلِ هذا الموطِنِ إلّا أعطاهُ اللهُ ما يرجو وآمنَهُ ممّا يخافُ"(رواه الترمذي ٩٨٣ وحسنه الألباني).

 

2- عن المسيب بن حزن لَمّا حَضَرَتْ أبا طالِبٍ الوَفاةُ دَخَلَ عليه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، وعِنْدَهُ أبو جَهْلٍ وعَبْدُ اللهِ بنُ أبِي أُمَيَّةَ، فَقالَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أيْ عَمِّ، قُلْ: لا إلَهَ إلّا اللهُ أُحاجُّ لكَ بها عِنْدَ اللهِ، فَقالَ أبو جَهْلٍ، وعَبْدُ اللهِ بنُ أبِي أُمَيَّةَ: يا أبا طالِبٍ أتَرْغَبُ عن مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ، فَقالَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: لَأَسْتَغْفِرَنَّ لكَ ما لَمْ أُنْهَ عَنْكَ، فَنَزَلَتْ: (ما كانَ للنبيِّ والذينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ولو كانُوا أُولِي قُرْبى، مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لهمْ أنّهُمْ أصْحابُ الجَحِيمِ) (رواه البخاري: ٤٦٧٥، ومسلم: ٢٤).

 

3- لَمَّا احتُضر أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه قالت عائشة:

لَعمرُك ما يُغني الثراء عن الفتى *** إذا حشرجت يومًا وضاق بها الصدرُ

 

فكشف أبو بكر رضي الله عنه عن وجهه وقال: ليس كذلك يا بنية، ولكن قولي: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ)[ق: 19]؛ (العاقبة في ذكر الموت لعبدالحق الإشبيلي صـ 122).

 

4- الحشرجة: الغرغرة عند الموت، وتردُّد النفَس؛ (النهاية في غريب الحديث: لابن الأثير جـ 1 صـ 389).

 

5- قال عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كان رأس عمر في حجري في مرضه الذي مات فيه، فقال لي: ضَعْ خدي على الأرض، فقلت: وما كان عليك كان في حجري أو على الأرض؟ فقال: ضعه لا أُمَّ لك، فوضعتُه، فقال: ويلي، ويلٌ لأمِّي إن لم يرحمني ربي؛ (المُحتَضَرين لابن أبي الدُّنيا صـ 54 رقم: 42).

 

6- وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيضًا لما حضرته الوفاة: (لو أن لي ما على الأرض لافتديتُ به من هول المطلع)؛ (المُحتَضَرين لابن أبي الدُّنيا صـ 55 رقم: 43).

 

7- لما احتُضر عثمان بن عفان رضي الله عنه جعل يقول ودمه يسيل: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، اللهم إني أستعين بك على أموري، وأسألك الصبر على بلائي؛ (العاقبة في ذكر الموت لعبدالحق الإشبيلي صـ 123).

 

8- قال محمد بن علي بن أبي طالب: إن عليًّا لما ضُرب، أوصى بنيه، ثم لم ينطق إلا بـ: (لا إله إلا الله) حتى قبضه الله؛ (المُحتَضَرين لابن أبي الدُّنيا صـ 61 رقم: 53).

 

9- لما احتُضر معاذ بن جبل رضي الله عنه، جعل يقول: أعوذ بالله من ليلة صباحها النار، مرحبًا بالموت، مرحبًا زائر مغب حبيب جاء على فاقة، اللهم إني قد كنت أخافك، وأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لكرى الأنهار ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالرُّكَب عند حلق الذكر؛ (التبصرة لابن الجوزي صـ 215).

 

10- لما احتُضر أبو الدرداء رضي الله عنه، جعل يقول: ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا؟! ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه؟! ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا؟! وبكى، فقالت له امرأته: تبكي وقد صاحبتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فقال: وما لي لا أبكي ولا أدري علامَ أهجم من ذنوبي؟!؛ (التبصرة لابن الجوزي صـ 216).

 

11- لما احتُضر أبو هريرة رضي الله عنه، بكى، فقيل له: وما يبكيك؟ فقال: بعد المفازة (أي الصحراء) وقلة الزاد، وعقبة كَؤُود، المهبط منها إلى الجنة أو إلى النار؛ (التبصرة لابن الجوزي صـ 216).

 

12- لما حضرت حذيفةَ بن اليمان رضي الله عنهما الوفاةُ، قال: اللهم إني كنت أخافك وأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر، وقيام الليل، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء في حلق الذكر، ولما اشتد به النزع جعل كلما أفاق من غمرة فتح عينيه وقال: يا رب، شد شداتك، واخنق خنقاتك، فوعزتك إنك لتعلم أني أحبك؛ (العاقبة في ذكر الموت لعبدالحق الإشبيلي صـ 126).

 

13- لما حضرت معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه الوفاة، قال: أقعِدوني، فأقعدوه، فجعل يذكر الله تعالى ويسبِّحه ويقدسه، ثم قال: الآن تذكر ربك يا معاوية بعد الانحطام والانهدام، ألا كان ذلك وغصن الشباب نضير ريان، وبكى حتى علا بكاؤه، ثم قال:

هو الموتُ لا منجَى من الموتِ والذي *** أحاذرُ بعد الموت أدهى وأفظعُ

 

ثم قال: يا رب، ارحمِ الشيخ العاصي، ذا القلب القاسي، اللهم أقِلِ العثرة، واغفرِ الزلة، وجُدْ بحِلمك على من لم يرجُ غيرك، ولا وَثِقَ بأحد سواك؛ (العاقبة في ذكر الموت لعبدالحق الإشبيلي صـ 125).

 

14- لما دنا الموت من عمرو بن العاص رضي الله عنه، دعا بحرسه ورجاله، فلما دخلوا عليه قال: هل تُغنون عني من الله شيئًا؟! قالوا: لا، قال: فافترقوا عني، ثم دعا بماء فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم قال: احملوني إلى المسجد، ففعلوا، فقال: استقبلوا بي القبلة، ففعلوا، فقال: اللهم إنك أمرتني فعصيتُ، وائتمنتني فخنتُ، وحددت لي فتعديت، اللهم لا بريء فأعتذر، ولا قوي فأنتصر، بل مذنب مستغفر، لا مُصرٌّ ولا مستكبر، ثم قال: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فلم يزل يرددها حتى مات؛ (العاقبة في ذكر الموت لعبدالحق الإشبيلي صـ 125).

 

15- قال محمد بن علي بن الحسين: لما حضَر الحسنَ بن علي الموتُ، بكى بكاءً شديدًا، فقال له الحسين: ما يبكيك يا أخي وإنما تقدَمُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى عليٍّ وفاطمة وخديجة وهم ولدوك، وقد أجرى الله لك على لسان نبيه أنك ((سيد شباب أهل الجنة))، وقاسمت الله مالك ثلاث مرات، ومشيت إلى بيت الله على قدميك خمس عشرة مرةً حاجًّا؟ وإنما أراد أن يطيِّبَ نفسه، قال: فوالله ما زاده إلا بكاءً وانتحابًا، وقال: (يا أخي، إني أقدَمُ على أمر عظيم، وهولٍ لم أقدَمْ على مثله قط)؛ (المُحتَضَرين لابن أبي الدُّنيا صـ 173).

 

16- لما حضَر الموتُ عبدَالملك بن مروان رحمه الله، نظر في موضع له مشرف إلى رجل وبيده ثوب وهو يضرب به المغسلة، فقال: يا ليتني كنت مثل هذا الرجل، أعيش من كسب يدي يومًا بيوم، ولم أَلِ مِن هذا الأمر شيئًا، وقال له رجل: كيف تجدك يا أمير المؤمنين؟ قال: تجدني كما قال الله تبارك وتعالى: (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) [الأنعام: 94]؛ (العاقبة في ذكر الموت لعبدالحق الإشبيلي صـ 127).

 

17- لما احتُضر الرشيد رحمه الله أمر بحفر قبره، ثم حمل إليه، فاطلع فيه، فبكى حتى رحم، ثم قال: يا من لا يزول ملكه، ارحَم مَن قد زال ملكه؛ (التبصرة لابن الجوزي صـ 216).

 

18- قالت فاطمة بنت عبدالملك - امرأة عمر بن عبدالعزيز -: كنت أسمع عمر في مرضه الذي مات فيه يقول: اللهم أخفِ عليهم موتي ولو ساعةً من نهار، فلما كان اليوم الذي قبض فيه، خرجت من عنده، فجلست في بيت آخر، بيني وبينه باب، وهو في قبة له، فسمعته يقول: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [القصص: 83]، ثم هدأ، فجعلت لا أسمع له حركةً ولا كلامًا، فقلت لوصيف كان يخدمه: ويلك انظر أمير المؤمنين أنائم هو؟ فلما دخل عليه صاح، فوثبتُ، فدخلت، فإذا هو ميت، قد استقبل القبلة، وأغمض نفسه، ووضع إحدى يديه على فيه، والأخرى على عينيه؛ (المُحتَضَرين لابن أبي الدُّنيا صـ 81 رقم: 86).

 

19- قال عمرو بن قيس: قالوا لعمر بن عبدالعزيز لما حضره الموت: اعهد يا أمير المؤمنين، قال: (أحذركم مثل مصرعي هذا؛ فإنه لا بد لكم منه، وإذا وضعتموني في قبري، فانزعوا عني لبنةً، ثم انظروا ما لحقني من دنياكم هذه)؛ (المُحتَضَرين لابن أبي الدُّنيا صـ 82 رقم: 87).

 

20- قال يحيى بن أبي كثير: لما حضر عمر بن عبدالعزيز الموت، بكى، فقيل له: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ أبشِرْ؛ فإن الله قد أحيا بك سننًا، وأظهر بك عدلًا، فبكى ثم قال: أليس أوقف فأسأل عن أمر هذا الخلق؟ فوالله لو رأيت أني عدلت فيهم، لخفتُ على نفسي ألا تقوم بحجتها بين يدي الله إلا أن يلقنها حجتها، فكيف بكثير مما صنعنا؟ قال: ثم فاضت عيناه، فلم يلبث إلا يسيرًا بعدها حتى مات، رحمه الله؛ (المُحتَضَرين لابن أبي الدُّنيا صـ 83 رقم: 89).

 

21- لما احتُضر هشام بن عبدالملك، أبصر أهله يبكون حوله، فقال: (جاد عليكم هشام بالدنيا، وجدتم عليه بالبكاء، وترك لكم ما جمع، وتركتم عليه ما حمل، ما أعظمَ متقلَّبَ هشام إن لم يُغفَر له!)؛ (المُحتَضَرين لابن أبي الدُّنيا صـ 87 رقم: 94).

 

22- لما حضرت محمد بن سيرين رحمه الله الوفاة، بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أبكي لتفريطي في الأيام الخالية، وقلة عملي للجنة العالية، وما يُنجيني من النار الحامية؛ (العاقبة في ذكر الموت لعبدالحق الإشبيلي صـ 133).

 

23- لما حضرت إبراهيم النخَعي رحمه الله الوفاة، بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أنتظر رسولًا من ربي يبشرني بالنار أو بالجنة؛ (العاقبة في ذكر الموت لعبدالحق الإشبيلي صـ 133).

 

24- لما حضرت الوفاة فُضَيل بن عياض رحمه الله، غُشي عليه، ثم أفاق، وقال: يا بُعد سفري، وقلة زادي؛ (العاقبة في ذكر الموت لعبدالحق الإشبيلي صـ 133).

 

25- قال المُزَنيُّ: دخلت على الشافعي رحمه الله في علته التي مات فيها، فقلت له: أبا عبدالله، كيف أصبحت؟ قال: أصبحت من الدنيا راحلًا، ولإخواني مفارقًا، وبكأس المنية شاربًا، وعلى الله تعالى واردًا، ولا أدري نفسي تصير إلى الجنة فأهنئها، أم إلى النار فأعزيها، ثم بكى؛ (التبصرة لابن الجوزي صـ 217).

 

26- بكى يزيد الرقاشي رحمه الله عند موته، فقيل: ما يبكيك؟ فقال: أبكي على ما يفوتني من قيام الليل وصيام النهار، ثم جعل يقول: يا يزيد، مَن يصلي لك ومن يصوم عنك؟ ومن يتقرب إلى الله عز وجل بالأعمال بعدك؟ ويحكم يا إخواني، لا تغتروا بشبابكم، فكأن قد حل بكم مثل ما قد حل بي؛ (التبصرة لابن الجوزي صـ 217).

 

27- لما احتضر الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- قال لمن حوله: "اخرجوا عني فلا يبقى أحد"، فخرجوا فقعدوا على الباب، فسمعوه يقول: "مرحبًا بهذه الوجوه، ليست بوجوه إنس ولا جان، ثم قال: (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)[القصص:83]"، ثم قُبض.

 

28- لما حضرت الوفاة أبا الوفاء بن عقيل الحنبلي بكى أهله، فقال لهم: "لي خمسون سنة أعبده، فدعوني أتهنّى لمقابلته".

 

29- عامر بن عبد الله بن الزبير المؤذن يجود بنفسه في سكرات الموت، وأهله حوله يبكون، وبينما هو يصارع الموت، إذ سمع المؤذّن ينادي لصلاة المغرب، فقال لمن حوله: "خذوا بيدي"، فقالوا: إنك عليل، قال: "أسمع داعي الله فلا أجيبه"، فأخذوا بيده فدخل مع الإمام في المغرب فصلى ركعة ثم مات في الركعة الثانية.

 

30- كان سفيان الثوري يشتد قلقه من السوابق والخواتم، فكان يبكي ويقول: أخاف أن أكون في أم الكتاب شقيا، ويبكي ويقول: أخاف أن أسلب الإيمان عند الموت (جامع العلوم والحكم: 57).

 

31- قال عبد الحق -رحمه الله- "قيل لشخص ممن أعرفه قل: لا إله إلا الله، فجعل يقول: الدار الفلانية أصلحوا فيها كذا، والبستان الفلاني افعلوا فيه كذا، وقيل لآخر: قل: لا إله إلا الله، فجعل يقول: أين الطريق إلى حمام منجاب، قال: وهذا الكلام له قصة، وذلك أن رجلا كان واقفا بإزاء داره، وكان بابها يشبه باب هذا الحمام، فمرت به جارية لها منظر، فقالت أين الطريق إلى حمام منجاب؟ فقال: هذا حمام منجاب، فدخلت الدار، ودخل وراءها، فلما رأت نفسها في داره، وعلمت أنه قد خدعها، أظهرت له البشر والفرح باجتماعها معه، وقالت - خدعة منها له، وتحيلا لتتخلص مما أوقعها فيه، وخوفا من فعل الفاحشة، - يصلح أن يكون معنا ما يطيب به عيشنا، وتقربه عيوننا، فقال لها: الساعة آتيك بكل ما تريدين وتشتهين، وخرج وتركها في الدار ولم يغلقها، فأخذ ما يصلح ورجع، فوجدها قد خرجت وذهبت، ولم تخنه في شيء، فهام الرجل، وأكثر الذكر لها، وجعل يمشي في الطرق والأزقة ويقول:

يا رب قائلة يوما وقد تعبت *** أين الطريق إلي حمام منجاب

 

فبينا يقول ذلك، وإذا بجاريته أجابته من طاق قرنان:

هل لا جعلت سريعا إذ ظفرت بها *** حرزا على الدار أو قفلا على الباب

 

فازداد هيمانه، واشتد هيجانه، ولم يزل كذلك حتى كان هذا البيت آخر كلامه من الدنيا"(الجواب الكافي:388).

 

23- قال الإمام القرطبي: "حُكي لنا أن بعض السماسرة جاءه الموت فقيل له قل: لا إله إلا الله، فجعل يقول: ثلاثة ونصف، أربعة ونصف، غلب عليه حب السمسرة، ولقد رأيت بعض الحُسَّاب وهو في غاية المرض، يعقد بأصابعه ويحسب، قال: ولقد حكى ابن المظفر في كتاب النصائح له قال: كان يونس بن عبيد - رحمه الله تعالى - بزازاً وكان لا يبيع في طرفي النهار، ولا في يوم غيم، فأخذ يوماً ميزانه فرضَّه بين حجرين، فقيل له: هلا أعطيته الصانع فأصلح فساده؟! فقال: لو علمت فيه فساداً لما أبقيت من مالي قوت ليلة . قيل له: فلم كسرته؟ قال: حضرت الساعة رجلاً احتضر، فقلت له: قل: لا إله إلا الله، فامتعض، فألححت عليه، فقال: أدع الله لي، ثم قال: هذا لسان الميزان على لساني يمنعني من قولها، قلت: أفما يمنعك إلا من قولها؟ فقال: نعم، قلت: وما كان عملك به؟ قال: ما أخذت ولا أعطيت به إلا حقاً في علمي، غير أني كنت أقيم المدة لا أتفقده ولا أختبره، فكان يونس بعد ذلك يشترط على من يبايعه أن يأتي بميزان، ويزن بيده وإلا لم يبايعه"().

 

33- يقول أحد المؤذنين دخلت المسجد لأؤذن الفجر، فلما أذنت قام شاب ليصلي سنة الفجر، فلما سجد، أطال السجود، فقلت لعله استغرق في الدعاء، فلما أطال وأطال حَرَّكتُهُ، فإذا بروحه قد خرجت وهو ساجد بين يدي الله، وسيبعث هذا الشاب ساجدًا بين يدي الله، يغبطه أهل المحشر بهذه الخاتمة الحسنة.

 

34- كان عامر بن ثابت بن عبد الله بن الزبير إذا صلى رفع يديه قائلاً: "اللهم أسألك المِيتة الحسنة"، فقال أبناؤه: وما هي المِيتة الحسنة؟ قال: أن يتوفاني وأنا ساجد، فقام وصلى فقبض الله روحه وهو ساجد. رحمه الله.

 

35- قال ابن كثير -رحمه الله تعالى- في أحداث سنة 426: "وممن توفي فيها من الأعيان "أحمد بن كليب الشاعر" وهو أحد من هلك بالعشق؛ روى ابن الجوزي في المنتظم بسنده، أن أحمد بن كليب هذا المسكين المغتر، عشق غلاما يقال له أسلم بن أبي الجعد من بنى خالد -وكان فيهم وزارة أي كانوا وزراء للملوك وحجابا-، فأنشد فيه أشعارا، تحدث الناس بها، وكان هذا الشاب أسلم يطلب العلم في مجالس المشايخ، فلما بلغه عن ابن كليب ما قال فيه، استحى من الناس، وانقطع في دارهم، وكان لا يجتمع بأحد من الناس، فازداد غرام ابن كليب به، حتى مرض من ذلك مرضا شديدا، بحيث عاده منه الناس، ولا يدرون ما به، وكان في جملة من عاده بعض المشايخ من العلماء، فسأله عن مرضه، فقال: أنتم تعلمون ذلك، ومن أي شيء مرضي، وفي أي شيء دوائي، لو زارني أسلم، ونظر إليَّ نظرة، ونظرته نظرة واحدة لبرأت، فرأى ذلك العالم من المصلحة أن لو دخل على أسلم، وسأله أن يزوره ولو مرة واحدة مختفيا، ولم يزل ذلك الرجل العالم بأسلم حتى أجابه إلى زيارته، فانطلقا إليه، فلما دخلا دربه ومحلته، تجتن الغلام واستحى من الدخول عليه، وقال للرجل العالم: لا أدخل عليه، وقد ذكرني ونوه باسمي، وهذا مكان ريبة وتهمة، وأنا لا أحب أن أدخل مداخل التهم، فحرص به الرجل كل الحرص ليدخل عليه، فأبى عليه . فقال له: إنه ميت لا محالة، فإذا دخلت عليه أحييته، فقال: يموت، وأنا لا أدخل مدخلا يسخط الله علي ويغضبه، وأبى أن يدخل وانصرف راجعا إلى دارهم . فدخل الرجل على ابن كليب، فذكر له ما كان من أمر أسلم معه، وقد كان غلام ابن كليب دخل عليه قبل ذلك، وبشره بقدوم معشوقه عليه، ففرح بذلك جدا، فلما تحقق رجوعه عنه اختلط كلامه، واضطرب في نفسه، وقال لذلك الرجل الساعي بينهما: اسمع يا أبا عبد الله واحفظ عنى ما أقول ثم أنشده:

أسلم يا راحة العليل *** رفقا على الهائم النحيل

وصلك أشهى إلى فؤادا *** من رحمة الخالق الجليل

 

فقال له الرجل: ويحك اتق الله تعالى ما هذه العظيمة؟! فقال: قد كان ما سمعت، أو قال: القول ما سمعت، قال: فخرج الرجل من عنده، فما توسط الدار حتى سمع الصراخ عليه، وسمع صيحة الموت، وقد فارق الدنيا على ذلك.

 

ثم قال الحافظ ابن كثير-رحمه الله تعالى- بعد ذكره لهذه لقصة: "وهذه زلة شنعاء، وعظيمة صلعاء، وداهية دهياء، ولولا أن هؤلاء الأئمة ذكروها ما ذكرتها، ولكن فيها عبرة لأولي الألباب، وتنبيه لذوي البصائر والعقول أن يسألوا الله رحمته وعافيته، وأن يستعيذوا بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأن يرزقهم حسن الخاتمة عند الممات، إنه كريم جواد"().

 

36- قال ابن كثير: "ويروى أنه كان بمصر رجل يلزم المسجد للأذان والصلاة فيه، وعليه بهاء الطاعة، ونور العبادة، فرقى يوما المنارة -على عادته للأذان- وكان تحت المنارة دارا لنصراني، فاطلع فيها، فرأى ابنة صاحب الدار، فافتتن بها، فترك الأذان، ونزل إليها، ودخل الدار عليها، فقالت له: ما شأنك؟ وما تريد؟، قال: أريدك. قالت: لماذا؟ قال: قد سلبت لبي، وأخذت بمجامع قلبي، قالت: لا أجيبك إلى ريبة أبدا، قال: أتزوجك، قالت: أنت مسلم، وأنا نصرانية، وأبي لا يزوجني منك، قال: أتنصر. قالت: إن فعلت أفعل، فتنصر الرجل ليتزوجها، وأقام معهم في الدار، فلما كان في أثناء ذلك اليوم، رقى إلى سطح كان في الدار، فسقط منه فمات، فلم يظفر بها، وفاته دينه".

 

37- حادثة وقعت في هذا الزمان، يقول أحد المشايخ: "كنت أسير مع صاحبي على الطريق، وعند أحد الدوارات رأينا حادث سيارة، وفيه شاب ممدد على الأرض، قال لي صاحبي: لنبتعد عن هذا المكان، فقلت له: لا؛ لعل الله أن ينفع بنا، نزلت من السيارة، وإذا بشاب عمره قرابة السابعة عشرة كان يركب دراجة فدهسته إحدى السيارات، نظرت إلى الشاب، وإذا به يحتضر، اقتربت منه بهدوء، وحاولت تطمينه وتثبيته: "السلام عليكم، أنا أخوك، إن شاء الله إنك طيب"، يقول ووضعت يدي على رأسه، فأزاحها بيده وتبسم في وجهي، فقلت له: ما رأيك أن نقول: "لا إله إلا الله"، فقال: "لا إله إلا الله"، وما هي إلا لحظات حتى خرجت روح هذا الشاب في نفس المكان".

 

الاشعار

قال الشافعي في مرضه الذي مات فيه:

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي *** جعلت رجائي دون عفوك سلما

تعاظمني ذنبي فلما قرنته *** بعفوك ربي كان عفوك أعظما

فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل *** تجود وتعفو منة وتكرما

فإن تنتقم مني فلست بآيس *** ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما

ولولاك لم يغوى بإبليس عابد *** فكيف وقد أغوى صفيك آدما

وإني لآتي الذنب أعرف قدره *** وأعلم أن الله يعفو ترحما

(تاريخ الإسلام للإمام الذهبي: 14-340).

 

متفرقات

1- قال ابن دقيق العيد -رحمه الله-: "وَالْمُرَاد بِهَذَا الْحَدِيث أَنَّ هَذَا قَدْ يَقَع فِي نَادِر مِنْ النَّاس، لَا أَنَّهُ غَالِب فِيهِمْ، ثُمَّ أَنَّهُ مِنْ لُطْف اللَّه -تَعَالَى- وَسَعَة رَحْمَته اِنْقِلَابَ النَّاس مِنْ الشَّرّ إِلَى الْخَيْر فِي كَثْرَة، وَأَمَّا اِنْقِلَابُهمْ مِنْ الْخَيْر إِلَى الشَّرّ فَفِي غَايَة النُّدُور، وَنِهَايَة الْقِلَّة"(شرح الأربعين حديثا النووية: 25).

 

2- قال ابن القيم -رحمه الله-: "وسوء الخاتمة لا تكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه، إنما تكون لمن له فساد في العقيدة، أو إصرار على الكبيرة، أو إقدام على العظائم، فربما غلب ذلك عليه حتى ينزلَ عليه الموت قبل التوبة، فيأخذَه قبل إصلاح الطوية، ويصطدمَ قبل الإنابة، والعياذ بالله"(الانتفاع بالقرآن).

 

3- قال ابن القيم -رحمه الله-: "إذا نظرت إلى حال كثير من المحتضرين وجدتهم يحال بينهم وبين حسن الخاتمة؛ عقوبة لهم على أعمالهم السيئة"(الجواب الكافي: 212).

 

4- قال الحافظ أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الاشبيلي -رحمه الله-: "واعلم أن لسوء الخاتمة -أعاذنا الله منها- أسباباً ولها طرق وأبواب أعظمها: الانكباب على الدنيا وطلبها، والحرص عليها، والإعراض عن الأخرى، والإقدام والجرأة على معاصي الله -عز وجل-، وربما غلب على الإنسان ضرب من الخطيئة ونوع من المعصية وجانب من الإعراض، ونصيب من الجرأة والإقدام، فملك قلبه وسبى عقله وأطفأ نوره وأرسل عليه حجبه، فلم تنفع فيه تذكرة ولا نجعت فيه موعظة، فربما جاءه الموت على ذلك، فسمع النداء من مكان بعيد فلم يتبين له المراد ولا علم ما أراد، وإن كرر عليه الداعي وأعاد"(الجواب الكافي: 174).

 

5- قال ابن كثير -رحمه الله-: "إن الذنوب والمعاصي والشهوات تخذُل صاحبها عند الموت"(البداية والنهاية في التاريخ: 9-163).

 

6- قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: " فكيف يُوفق لحسن الخاتمة من أغفل الله سبحانه قلبه عن ذكره، واتبع هواه، وكان أمره فرطا، فبعيد من قلب بعيد من الله تعالى، غافل عنه، متعبد لهواه، مُسَيَّرٌ لشهواته، ولسانه يابس من ذكره، وجوارحه معطلة من طاعته، مشتغلة بمعصية الله، أن يوفق لحسن الخاتمة"، قال: "وإذا نظرت إلى حال كثير من المحتضرين، وجدتهم يحال بينهم وبين حسن الخاتمة، عقوبة لهم على أعمال السيئة"(الجواب الكافي: 103).

 

8- قال الغزالي: "سوء الخاتمة على رتبتين: إحداهما أعظم من الأخرى، فأما الرتبة العظيمة الهائلة فهي أن يغلب على القلب عند سكرات الموت وظهور أهواله إما الشك وإما الجحود، فتقبض الروح على تلك الحالة، فتكون حجاباً بينه وبين الله تعالى أبداً، وذلك يقتضي البعد الدائم والعذاب المخلد. والثانية: وهي دونها أن يغلب على قلبه عند الموت حب أمر من أمور الدنيا أو شهوة من شهواتها، فيتمثل ذلك في قلبه، ويستغرقه حتى لا يبقى في تلك الحالة متسع لغيره، فمهما اتفق قبض الروح في حالة غلبة حب الدنيا، فالأمر مخطر، لأن المرء يموت على ما عاش عليه، وعند ذلك تعظم الحسرة إلا أن أصل الإيمان وحب الله تعالى إذا كان قد رسخ في القلب مدة طويلة، وتأكد ذلك بالأعمال الصالحة، يمحو عن القلب هذه الحالة التي عرضت له عند الموت، فإن كان إيمانه في القوة إلى حد مثقال أخرجه من النار في زمان أقرب، وإن كان أقل من ذلك طال مكثه في النار، ولكن لو لم يكن إلا مثقال حبة فلا بد وأن يخرجه من النار، ولو بعد آلاف السنين، وكل من اعتقد في الله تعالى وفي صفاته وأفعاله شيئاً على خلاف ما هو به إما تقليداً وإما نظراً بالرأي والمعقول فهو في هذا الخطر، والزهد والصلاح لا يكفي لدفع هذا الخطر، بل لا ينجي منه إلا الاعتقاد الحق على وفق الكتاب العزيز والسنة المطهرة، والبُلْهُ بمعزل عن هذا الخطر"(المذهب من إحياء علوم الدين: 2-318).

 

9- قال ابن القيم: "ولهذا -والله أعلم- كثيراً ما يعرض للعبد عند موته لهجه بما يحبه، وكثرة ذكره له، وربما خرجت روحه، وهو يلهج به"(طريق الهجرتين وباب السعادتين: ص308).

 

10- قال ابن كثير: "وإنما يقع سوء الخاتمة لمن فسد باطنه عقداً، وظاهره عملاً، ولمن له جرأة على الكبائر، وإقدام على الجرائم، فربما غلب ذلك عليه حتى ينْزل به الموت قبل التوبة"(البداية والنهاية: 9-170).

 

11- قال الشيخ صديق حسن خان: "طول الإلف بالمعاصي يقتضي تذكرها عند الموت وعودها في القلب، وتمثلها فيه، وميل النفس إليها، وإن قبض روحه في تلك الحال يختم له بالسوء"(يقظة أولي الاعتبار مما ورد في ذكر النار وأصحاب النار: 212).

 

12- قال الشيخ أحمد فريد: "والمقصود أن محبة الدنيا من أضر الأمور على العبد، في الدنيا والآخرة، إذ أنها من أعظم أسباب سوء الخاتمة، فمن غلب على قلبه حب الله تعالى والدار الآخرة حسنت خاتمته في الغالب، ومن غلب على قلبه حب الدنيا والتعلق بأسبابها ساءت خاتمته في الغالب، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم"(سكب العبرات للموت والقبر والسكرات: 1-98).

 

الإحالات

1- تذكرة الإخوان بخاتمة الإنسان – عادل السعيدان الطبعة الأولى 1410 .

2- تلخيص أحكام الجنائز – محمد ناصر الدين الألباني ص 21 المكتبة الإسلامية الطبعة الثانية 1403 .

3- حسن الخاتمة – عبدالله المطلق جامعة الإمام 1407 .

4- فتح الباري – ابن حجر 11/330 دار الفكر .

5- مصائب الإنسان من مكائد الشيطان – ابن مفلح ص 178 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1404 .

6- نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء – محمد حسن موسى ص 1778 دار الأندلس جدة الطبعة الأولى 1411 .

7- التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة – القرطبي تحقيق أحمد السقا ص 53 المكتبة العلمية 1402 .

8- الجواب الكافي (أو) الداء والدواء – ابن القيم تحقيق يوسف بديوي ص 170، 289 مكتبة دار التراث الطبعة الثالثة 1410 .

9- صيد الخاطر – ابن الجوزي ص 378 .

10- محاسبة النفس والإزراء عليها – ابن أبي الدنيا ص 110 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1406 .

11- موارد الظمآن لدروس الزمان – عبد العزيز السلمان 2/255 الطبعة الثامنة عشرة 1408 .