حرية

2022-10-07 - 1444/03/11

التعريف

أولًا: المعنى اللغوي:   تدل مادة (ح ر ر) على معنين رئيسين: الأول: ما خالف العبودية، وبرئ من العيب والنقص.   الثاني: خلاف البرد (مقاييس اللغة، ابن فارس:١-١٨٨).   فالحُرَّ: خلاف العبد (جمهرة اللغة، ابن دريد:١-٩٦).   يقال: حرّ الرجل يحرّ من الحرية (مقاييس اللغة، ابن فارس:١-١٨٨).   ويقال: حَرَّره، أي: أعتقه، والمحرِّر الذي جعل من العبد حرًّا، فأعتقه (لسان العرب، ابن منظور: ص١١٨).   فالحرية: الخلوص من الشوائب، والقدرة على التصرف بملء الإرادة والاختيار (انظر: المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ١/١٦٥، التعريفات، الجرجاني، ص٨٦).   وجاءت الحرية في القرآن بمعناها اللغوي، وهو: الخلوص من الشوائب، والقدرة على التصرف بملء الإرادة والاختيار (انظر: المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ١/١٦٥، التعريفات، الجرجاني، ص٨٦)، والتحرير: جعل الشيء حرًّا خالصًا (انظر: التوقيف، المناوي، ص٩٢).   ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:   عرّفها الجرجاني بأنها: "الخروج عن رق الكائنات، وقطع جميع العلائق والأغيار"(التعريفات، الجرجاني: ص٤٣).   وعرّفها بعضهم بأنها: "حالة يكون عليها الكائن الحيّ الذي لا يخضع لقهر أو قيد أو غلبة ويتصرّف طبقًا لإرادته وطبيعته" (معجم اللغة العربية المعاصرة، أحمد مختار ١/٤٧٠).   ويرى ابن تيمية أن الحرية محلها القلب، فيقول: "الحرية حرية القلب، والعبودية عبودية القلب" ثم يعلل ذلك بقوله: "إن أسر القلب أعظم من أسر البدن؛ فإن من استعبد بدنه واسترق وأسر لا يبالي إذا كان قلبه مستريحًا، بل يمكنه الاحتيال والخلاص، أما إذا كان القلب وهو ملك الجسم رقيقًا مستعبدًا متيّمًا بغير الله، فهذا هو الذل والأسر المحض"(العبودية، ابن تيمية ص٦١).   "وحتى تتضح دلالات المفردة التي نعالجها، (الحرية) ينبغي الوقوف على مقابلاتها ومقارباتها في القرآن الكريم، فقد ورد في القرآن الكريم مفردات تدل على عكس الحرية في مواطن متعددة منها: الطغيان، والإكراه، والإفساد في الأرض، والاستخفاف بالقوم، والاستكبار في الأرض، والعلو، والظلم.. وكلها تشترك في قيد الإنسان والسيطرة عليه، سواء في تجاوز الحد معه، أو في الغلبة عليه وتقليل فرص اختياره، أو في إفساد الأرض أمامه فلا ينتفع بها، أو الاستخفاف بقيمته في الحياة، أو الكبر عليه، والعلو على مكانته التي خلقه الله عليها، أو ظلمه بأي صورة من صور الظلم"(الحرية وأثرها في الشهود الحضاري للأمة المسلمة في المنظور القرآني د. رمضان خميس زكي الغريب: 9).

العناصر

1- مصطلح الحرية بين المشروع والممنوع   2- الخلفاء الراشدون وحرية التعبير   3- ضوابط الحرية ومعانيها   4- كفل الإسلام الحرية للبشر كلهم   5- مظاهر الحرية في الإسلام   6- ضوابط الحرية في الإسلام   7- مفهوم الحرية عند فلاسفة الغرب   8- الطغيان الغربي على حريات وحقوق المسلمين   9- كيفية التعامل مع الاصطلاحات المستحدثة  

الايات

1- قال الله تعالى: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ العَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) [البقرة:49]. امتن االله على بني إسرائيل لما نالوا الحرية بعـد اسـتعبادهم، وقد ذاقـوا ذُلَّ العبودية من فرعون.   2- قال تعالى: (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) [البقرة:١٧٨].   3- قال تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)[البقرة:256].   4- قال تعالى: (رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا)[البقرة:285-286]؛ فدعاء المؤمنين يمثل شعورهم بنعمة الانطلاق والتحرر من العبودية للعبيد؛ كما يمثل خوفهم من الارتداد إلى ذلك الدرك السحيق.   5- قال تعالى: (فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ)[آل عمران:20]. مهمة النبي -صلى الله عليه وسلم- البلاغ لا الإجبار   6- قال تعالى: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [آل عمران:35].   7- قال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)[آل عمران:64]. نهى االله على أهل الكتاب أن يكونوا عبيداً لأحبارهم.   8- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ) [آل عمران:١٠٠-١٠٢].   9- قال تعالى: (وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ)[النساء:٩٢].   10- قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا)[المائدة:20].   11- قال تعالى : (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[المائدة:33]. إنزال العقوبة الشديدة لمن يقطع على الناس التمتع بالحرية.   12- قال تعالى: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ)[المائدة:89].   13- قال تعالى: (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)[الأنعام: 116]. مصطلح الأغلبية مرتبط بمفهوم حرية الرأي؛ ففي النظم الحديثة تمثل الأغلبية قوة راجحة في الأخذ بالرأي، ولا يلتفت إلى رأي الأقلية مهما بلغت صحته وصلاحيته للحياة العامة، أما في المجتمع الإسلامي فإن حرية الرأي ليست مرتبطة برأي الأغلبية، بل مرتبطة برأي أهل الحل والعقد، وأهل الشورى، ومن له الحق في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.   14- قال تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) [الأعراف:157]؛ فقد حررهم النبي -صلى الله عليه وسلم- الأغلال المقيدة عن النهضة.   15- قال تعالى: (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) [يونس: 99].   16- قال تعالى: (مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِئَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ * قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ * وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ * وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ * وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْرًا اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ)[هود: 27-31]. الحوار بين الأنبياء وأقوامهم دليل على الحرية   17- قال تعالى: (فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)[النحل: 35]. مهمة الأنبياء البلاغ لا الإجبار   18- قال تعالى: (وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[النحل: 93].   19- قال تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا)[الإسراء 18-20].   20- قال تعالى: (وَقُل لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ الشَّيطَانَ يَنزَغُ بَينَهُم إِنَّ الشَّيطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) [الإسراء: 53]. حرية الكلمة بشروط وقيود.   21- قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)[الإسراء:70].   22- قال تعالى: (فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ) [الكهف:29].   23- قال تعالى: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ)[الحج:41]. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الحرية الحقة   24- قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[النور: 19]. إشاعة الفاحشة بين المؤمنين ليس من الحرية بل هو تعدٍّ عليهم.   25- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النور:27].   26- قال تعالى: (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ * وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ * فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ * وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ)[الشعراء:18-22]. كان فرعون يمن على موسى أنه لم يستعبده كما اسـتعبد قومـه، فكان رد موسى (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) فأنـا واحد، وقومي هؤلاء جميعاً؛ فأين منتك علي في أن لم تستعبدني، وأنا فرد واحد، واستعبدت قومي على كثرتهم وعددهم.   27- قال تعالى: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ)[النمل:28-35]. المشورة والحرية   28- قال تعالى: (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ)[غَافِرٍ:29]. الاستبداد ضد الحرية   29- قال تعالى: (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ)[الشورى:20].   30- قال تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)[الجاثية:18]. حرية الرأي في الإسلام ملتزمة بالشريعة الإسلامية، غايتها تقرير الحق والتمكين لدين االله في الأرض.   31- قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[الذاريات:56]. ولا تستقيم حياة الإنسان إلا إذا كان عبداً لشيء واحد وهو االله -عز وجل-؛ فعندما يصبح الإنسان عبداً الله يتحرر من أسر المخلوقات، وعندما يصبح عبداً الله فإنه يكون في غاية الحرية في نفسه.   32- قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا)[المجادلة:3]. للحرية حدود فليس للإنسان تحريم ما أحل الله   33- قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ)[الملك:15]. دليل على أن الإنسان حر في السفر والتنقل داخل بلده وخارجه دون عوائق تمنعه. والتنقل بالغدو والرواح حق إنساني طبيعي، تقتضيه ظروف الحياة البشرية من الكسب والعمل وطلب الرزق والعلم ونحوه؛ ذلك أن الحركة من قوام الحياة وضرورتها.   34- قال تعالى: (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً) [المزمل:19].   35- قال تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)[الإنسان: 3].   36- قال تعالى: (ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا)[النبأ:37-39].   37- قال تعالى: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ)[الغاشية:21-22].   38- قال تعالى: (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ)[البلد:11-16].   39- قال تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)[الكافرون:6].

الاحاديث

1- قال -صلى الله عليه وسلم-: "كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع، وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده، وهي مسئولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده، وهو مسئول عن رعيته، ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته"(أخرجه البخاري:٨٩٣، ومسلم:١٨٢٩).   2- عن عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرِو بنِ العاصِ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقالَ: أَلَسْنا مِن فُقَراءِ المُهاجِرِينَ؟ فَقالَ له عبدُ اللهِ: أَلَكَ امْرَأَةٌ تَأْوِي إلَيْها؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: أَلَكَ مَسْكَنٌ تَسْكُنُهُ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فأنْتَ مِنَ الأغْنِياءِ، قالَ: فإنَّ لي خادِمًا، قالَ: فأنْتَ مِنَ المُلُوكِ"(رواه مسلم:٢٩٧٩).   3- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن أعْتَقَ رَقَبَةً، أعْتَقَ اللَّهُ بكُلِّ عُضْوٍ مِنْها عُضْوًا مِن أعْضائِهِ مِنَ النّارِ، حتّى فَرْجَهُ بفَرْجِهِ"(أخرجه البخاري:٦٧١٥، ومسلم:١٥٠٩).   4- عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أيُّما امرئٍ مسلمٍ أعتقَ امرأً مسلمًا كانَ فَكاكَهُ منَ النّارِ يُجزي كلُّ عضوٍ منْهُ عضوًا منْهُ، وأيُّما امرئٍ مسلمٍ أعتقَ امرأتينِ مسلِمتينِ كانتا فَكاكَهُ منَ النّارِ يجزئ كلُّ عضوٍ منْهما عضوًا منْهُ وأيُّما امرأةٍ مسلمةٍ أعتقت امرأةً مسلمةً كانَت فَكاكَها منَ النّارِ يجزئ كلُّ عضوٍ منْها عضوًا منْها"(رواه الترمذي:١٥٤٧، وصححه الألباني).   5- عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَثَلُ القائِمِ على حُدُودِ اللَّهِ والواقِعِ فيها، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا على سَفِينَةٍ، فأصابَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وبَعْضُهُمْ أسْفَلَها، فَكانَ الَّذِينَ في أسْفَلِها إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا على مَن فَوْقَهُمْ، فقالوا: لو أنّا خَرَقْنا في نَصِيبِنا خَرْقًا ولَمْ نُؤْذِ مَن فَوْقَنا، فإنْ يَتْرُكُوهُمْ وما أرادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وإنْ أخَذُوا على أيْدِيهِمْ نَجَوْا، ونَجَوْا جَمِيعًا"(رواه البخاري:٢٤٩٣). من حدود الحرية.   6- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت على أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ، وإن اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ"(رواه الترمذي:٢٥١٦، وصححه الألباني).   7- عن عبادة بن الصامت قال: دَعانا رَسولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم- فَبايَعْناهُ، فَكانَ فِيما أَخَذَ عَلَيْنا: أَنْ بايَعَنا على السَّمْعِ والطّاعَةِ في مَنْشَطِنا وَمَكْرَهِنا، وَعُسْرِنا وَيُسْرِنا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنا، وَأَنْ لا نُنازِعَ الأمْرَ أَهْلَهُ، قالَ: "إلّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَواحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فيه بُرْهانٌ"(رواه البخاري: 7055، ومسلم:١٧٠٩). مخالفة من فعل الكفر البواح من الحرية   8- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَحْقِرَنَّ أحدُكُمْ نفسَهُ"، قالوا: يا رسولَ اللهِ، وكَيْفَ يَحقِرُ أحدُنا نفسَهُ؟ قال: "يرى أمرًا للهِ عليهِ فيهِ مقالٌ ثُمَّ لا يقولُ فيهِ! فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ لهُ يومَ القيامةِ: ما منعَكَ أنْ تقولَ في كذا وكذا فيقولُ: خَشِيتُ الناسَ! قال: فأنا كُنْتُ أحقُّ أنْ تَخْشى"(رواه ابن ماجه:٨٠٠، وقال الشوكاني في الفتح الرباني:١١-٥٤٤٨: رجال إسناده ثقات، وضعفه الألباني). عدَّ رسول االله -صلى الله عليه وسلم- ترك المسلم الإدلاء برأيه فيما يرى أنه الحق أمراً محتقراً.   9- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قالَ اللَّهُ: ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ: رَجُلٌ أعْطى بي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفى منه ولَمْ يُعْطِ أجْرَهُ"(رواه البخاري:٢٢ ٢٧).   10- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تُنْكَحُ البِكْرُ حتّى تُسْتَأْذَنَ، ولا الثَّيِّبُ حتّى تُسْتَأْمَرَ" فقِيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ، كيفَ إذْنُها؟ قال"َ: إذا سَكَتَتْ"(رواه البخاري: ٦٩٦٨).   11- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِيّاكُمْ والجُلُوسَ على الطُّرُقاتِ"، فَقالوا: ما لَنا بُدٌّ، إنَّما هي مَجالِسُنا نَتَحَدَّثُ فِيها، قالَ: "فَإِذا أَبَيْتُمْ إِلّا المَجالِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّها"، قالوا: وَما حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قالَ: "غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأذى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ"(رواه البخاري: ٢٤٦٥). للحرية حدود   12- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إيّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوانًا"(رواه البخاري: ٦٠٦٦). التجسس انتهاك لحقوق الغير والتي منها : حرية صاحبه الشخصية بعدم الاطلاع على أسراره.   13- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أفضلُ الجهادِ كلمةُ عدلٍ عند سُلطانٍ جائرٍ -أو أميرٍ جائرٍ-"(أخرجه أبو داود:٤٣٤٤ واللفظ له، والترمذي:٢١٧٤، وابن ماجه:٤٠١١، وصححه الألباني).   14- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: جاءَ شيخٌ يريدُ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فأبطا القومُ أن يوسِّعوا لَه فقالَ: "ليسَ منّا من لم يرحَمْ صغيرَنا ولم يوقِّرْ كبيرَنا"(رواه الترمذي: ١٩١٩، وصححه الألباني). للحرية حدود.   15- عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أتَيانِي، قالا: الذي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذّابٌ، يَكْذِبُ بالكَذْبَةِ تُحْمَلُ عنْه حتّى تَبْلُغَ الآفاقَ، فيُصْنَعُ به إلى يَومِ القِيامَةِ (رواه البخاري: ٦٠٩٦). للحرية حدود.      

الاثار

1- خطب أبو بكر رضي الله عنه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أيها الناس أني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن رأيتموني على حق فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسددوني"(العقد الفريد ص 347).   2- قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- للناس: "لا خير فيكم إن لم تقولوها، ولا خير فينا إن لم نسمعها".   3- قال عمر -رضي الله عنه-: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا".   4- عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تكونوا إمَّعةً؛ تقولون: إن أحسنَ الناسِ أحسنّا، وإن ظلموا ظلمْنا، ولكن وطِّنوا أنفسَكم: إن أحسنَ الناسُ أن تُحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلِموا"(ضعيف الترغيب ١٤٩٤، وقال الألباني في تخريج مشكاة المصابيح: ٥٠٥٧: إسناده ضعيف وقد صح موقوفا).      

القصص

1- عن الأحنف بن قيس قال : كنا بباب عمر بن الخطاب ننظر أن يؤذن لنا فخرجت جارية فقلنا: سرية أمير المؤمنين فسمعت فقالت : ما أنا بسرية أمير المؤمنين، وما أحل له، إني لمن مال الله تعالى قال فذكر ذلك لعمر بن الخطاب، فدخلنا عليه فأخبرناه بما قلنا وبما قالت فقال: صدقت، ما تحل لي، وما هي لي بسرية، وإنها لمن مال الله وسأخبركم بما أستحل من هذا المال، أستحل منه حلتين: حلة للشتاء، وحلة للصيف، وما يسعني لحجي وعمرتي، وقوتي وقوت أهل بيتي، وسهمي مع المسلمين كسهم رجل لست بأرفعهم ولا أوضعهم"(السنن الكبرى للبيهقي: 6-353. وانظر: كنز العمال: 1-162).   2- دخل رِبعيٌّ بثيابٍ صفيقةٍ وسيفٍ وترسٍ وفرسٍ قصيرةٍ، ولم يَزَلْ راكبَها حتى داسَ بها على طرَف البساط، ثمَّ نزل وربطها ببعض تلك الوسائد وأقبل وعليه سلاحُه ودرعه، فقالوا له: ضعْ سلاحك، فقال: "إنِّي لم آتِكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلَّا رجعتُ"، فقال رستم: ائذنوا له، فأقبل يتوكَّأُ على رُمحه فوق النمارق فخرق عامَّتَها، فقالوا له: ما جاء بكم؟ قال: "الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سَعَتها، ومن جَوْرِ الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسَلَنا بدينه إلى خَلْقه لندعوَهم إليه فمن قَبِلَ ذلك قَبِلْنَا منه ورجَعْنا عنه، ومن أبى قاتَلْناه أبدًا حتى نفضيَ إلى موعود الله"، قالوا: وما موعود الله؟ قال: "الجنَّة لمن مات على قتالِ مَن أبى، والظفر لمن بقي"، فطلب رستم مهلةَ أيَّامٍ، فلمَّا غادر رِبعيٌّ اجتمع رستم برؤساء قومه فقال: هل رأيتم قطُّ أعزَّ وأرجح من كلام هذا الرجل؟ فقالوا: "معاذَ الله أن تميل إلى شيءٍ من هذا وتَدَعَ دينك إلى هذا الكلب، أما ترى إلى ثيابه؟ فقال: ويلكم لا تنظروا إلى الثياب، وانظروا إلى الرأي والكلام والسيرة (البداية والنهاية لابن كثير٧-٣٩).   3- أعطى رسول االله -صلى الله عليه وسلم- العباس بن مرداس أباعر يوم توزيع الغنائم في غزوة حنين فسخطها؛ لأنه تقالَّها، فأنشد شعراً يعاتب فيه رسول االله -صلى الله عليه وسلم-. قال ابن إسحاق: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اذهبـوا بـه فاقطعوا عني لسانه"، فأعطوه حتى رضي، فكان ذلك قطع لسانه، الذي أمر به رسول االله -صلى الله عليه وسلم- (انظر: السيرة النبوية، لابن هشام، 4-١٣٣).  

الاشعار

1- قال صاحب لامية العرب: ولكن نفسا حرة لا تقيم بي *** على الضيم إلا ريثما أتحول (لامية العرب للشنفري: 4)   2- قال بشار بن برد: والحر يعطيك عفوا من فواضله *** قبل السؤال وسيب العبد منكود (ديوان بشار بن برد: 319)   3- قال الرصافي: ومن مبكيات الدهر أو مضحكاته *** لدى الناس حر لم يكن خصمه حرا (ديوان الرصافي:483)   4- قال ابن أبي حصينة: لا ينقص الحر ما يعدوه من جدة *** ولا تحط كريما قلة القسم (مجمع الحكم والأمثال؛ للميداني: 99)   5- قال المتنبي: وما قتل الأحرار كالعفو عنهم *** ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا (ديوان المتنبي: 2)   6- الشريف المرتضى: كل الرجال إذا لم يخشعوا طمعا *** ولم تكدرهم الآمال أحرار (ديوان الشريف المرتضى:2-68)   7- أنشد أبو حاتم: أظن الدهر أقسم ثم برا *** بأن لا يكسب الأموال حرا لقد قعد الزمان بكـل حـرُ *** ونقـض مــن قــواه ما استمرا   8- قال ابن الرومي: أرى الحر يجري بره ويدوم *** وذو اللؤم يجري بره ويقوم (ديوان ابن الرومي)   9- قال أبو تمام: رأيت الحر يجتنب المخازي *** ويحميه عن الغدر الوفاء وما من شدة إلا سيأتي *** لها من بعد شدتها رخاء (أبو تمام - عصره حياته شعره؛ محمد رضا مروة:130)     10- قال الأصمعي: لعمرك ما الرزية فقد مال *** ولا فرس يموت ولا بعير ولكن الرزية فقد حر *** يموت لموته خلق كثير (مجمع الحكم والأمثال؛ للميداني: 100)   11- قال أبو الفتح البستي: إن كنت تطلب رتبة الأحرار *** فاعمد لحلم راجح ووقار واحذر من سفيه يشينك وصمه *** إن التسفه بالمروءة زاري وذر السفينة إذا تصدى لأمرئ *** متحلم ونحاه بالأضرار (مجمع الحكم والأمثال؛ للميداني: 100)   12- قال أحمد شوقي: وإذا سبى الفرد المسلط مجلسا *** ألفيت أحرار الرجال عبيدا ورأيت في صد ر الندي منوما *** في عصبة يتحركون رقودا الحق سهم لا ترشه بباطل *** ما كان سهم المبطلين مسددا (الشوقيات: 92-93)   13- قال عباس محمود العقاد: قالوا: تحرر جميل *** لم يعتقله اعتقاد يا حبذا ما ادعوه *** لو صح ما قد أرادوا ما كل خفة عبء *** حرية تستفاد قد يفلس المرء جدة *** وفي يديه القياد (خمسة دواوين للعقاد: 205)   14- قال جميل الزهاوي: ورب حر رأى الأوطان صائرة *** إلى الدمار بحكم العسف والنكب يقول قد وجب اليوم النزاع لها *** كأنه قبل هذا اليوم لم يجب ماذا على السلطان لو أجرى الذي *** تشتاقه الأحرار من إصلاح تالله لو منح الرعية حقها *** لفداه كل الشعب بالأرواح (مجمع الحكم والأمثال؛ للميداني: 98-99)   15- قال أحدهم: حر ومذهب كل حر مذهبي *** ما كنت بالغاوي ولا المتعصب إني لأغضب للكريم ينوشه *** من دونه وألوم من لم يغضب وأحب كل مهذب ولو أنه *** خصمي وأرحم كل غير العقرب لي أن أرد مساءة بمساءة *** لو أنني أرضى ببرق خلب حسب المسيء شعوره ومقاله *** في سره: يا ليتني لم أذنب (مجمع الحكم والأمثال؛ للميداني: 99)   16- قال الشيص الخزاعي: لقد قعد الزمان بكل حر *** ونقض من قواه المستمرا كأن صفائح الأحرار أردت *** أباه فحارب الأحرار طرا فأصبح كل ذي شرف ركوبا *** لأعناق الدجى برا وبحرا فهتك جيب الليل عنه *** إذا ما جيب درع الليل زرا يراقب للغنى وجها ضحوكا *** ووجها للمنية مكفهرا (مجمع الحكم والأمثال؛ للميداني: 100)   17- قال محمد الفراتي: الحر يأبى أن يبيع ضميره *** بجميع ما في الأرض من أموال ولكم ضمائر لو أردت شراءها *** لملكت أغلاها بربع ريال شتان بين مصرح عن رأيه *** حر وبين مخادع ختال يرضى الدناءة كل نذل ساقط *** إن الدناءة شيمة الأنذال (مجمع الحكم والأمثال؛ للميداني: 99-100)   18- قال أبو فراس الحمداني: الحر يصبر ما أطاق تصبرا *** في كل آونة وكل زمان ويرى مساعدة الكرام مروءة *** ما سالمته نوائب الحدثان ويذوب بالكتمان إلا أنه *** أحواله تنبي عن الكتمان فإذا تكشف واضمحلت حاله *** ألفيته يشكو بكل لسان وإذا نبا بي منزل فارقته *** والله يلطف بي بكل مكان (خصائص الخطاب الشعري في ديوان أبي فراس الحمداني: دراسة صوتية وتركيبية؛ لمحمد كراكبي:206)   19- قال أحمد شوقي: يا أيها السائل ما الحرية *** سألت عن جوهرة سنية تضئ أرواحا لنا زكية *** يا نعمت الحياة بالحرية لذاذة طاهرة نقية *** تبعث في قلوبنا الحمية تبعث فيها الهمة الأبية *** فتأنف المواقف الدنية وتألف المنازل العلية *** العز كل العز في الحرية يا جاهلا معاني الحرية *** يا فاقدا حس الحياة الحية عميت عن أنوارها البهية *** صممت عن أنغامها الشجية فأنت في غفلتك الغبية *** أشبه بالبهائم الوحشية لم ترد الموارد الشهية *** لم تعرف اللذائذ الهنية موردك المذلة القصية *** لذتك النقائص البذية تعيش عبدا حاله شقية *** مستضعفا تمقتك البرية يا سالبا نفوسنا الحرية *** يا راكبا مراكب الخطية الله أعطاك لنا عطية *** غريزة في خلقه فطرية لنبذلن دونها ضحية *** النفس والنفيس والذرية (الشوقيات المجهولة:218)

متفرقات

1- قال النسفي -رحمه الله- عند قوله تعالى: (وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ) قال: "لما أخرج نفسا مؤمنة من جملة الأحياء لزمه أن يدخل نفسا مثلها في جملة الأحرار؛ لأن إطلاقها من قيد الرق كإحيائها، من قبل أن الرقيق ملحق بالأموات؛ إذ الرق أثر من آثار الكفر، والكفر موت حكما. (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ)[الأنعام:122] (النسفي تفسير:1-233).   2- قال ابن تيمية: "الحرية فطرة في النفس البشرية، ولدت مع خلافة الإنسان في الأرض، وتحمّله للأمانة دون السماوات والأرض والجبال، قال تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) [الأحزاب: ٧٢]. وهي من الصفات التي اختص بها الإنسان كالعقل والعلم والتفكير التصوري"(مجموع فتاوى ابن تيمية ٨-٤٨٢).   3- قال الماوردي عن العقوبة في الشريعة هي: "الجزاء المقرر لمصلحة الجماعة على عصيان أمر الشارع، فهي جزاء مادي مفروض سلفا يجعل المكلف يُحجم عن ارتكاب الجريمة فإذا ارتكبها زجر بالعقوبة حتى لا يعاود الجريمة مرة أخرى كما يكون عبرة لغيره؛ والمقصود من هذا الجزاء هو إصلاح حال البشر وحمايتهم من المفاسد واستنقاذهم من الجهالة وإرشادهم عن الضلالة وكفِّهم عن المعاصي وبعثهم على الطاعة"(الأحكام السلطانية، ص:213).   4- قال الراغب الأصفهاني: "الحرية ضربان: الأول من لم يجر عليه حكم الشيء نحو (الحر بالحر) والثاني من لم تتملكه الصفات الذميمة من الحرص والشره على المقتنيات الدنيوية، وإلى العبودية التي تضاد ذلك أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: " تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار " وقول الشاعر: ورق ذوي الأطماع رق مخلد * وقيل عبد الشهوة أذل من عبد الرق والتحرير جعل الانسان حرا، فمن الأول: (فتحرير رقبة مؤمنة) ومن الثاني: (نذرت لك ما في بطني محررا) قيل هو أنه جعل ولده بحيث لا ينتفع به الانتفاع الدنيوي المذكور في قوله عز وجل: (بنين وحفدة) بل جعله مخلصا للعبادة، ولهذا قال الشعبي معناه مخلصا. وقال مجاهد: خادما للبيعة، وقال جعفر: معتقا من أمر الدنيا، وكل ذلك إشارة إلى معنى واحد وحررت القوم أطلقتهم وأعتقتهم عن أسر الحبس، وحر الوجه ما لم تسترقه الحاجة"(مفردات غريب القرآن:١١١).   5- قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله في قوله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)[البقرة:256] "في هذه الآية بيان لكمال الدين الإسلامي، وإنه لكمال براهينه، واتضاح آياته، وكونه هو دين العقل والعلم، ودين الفطرة والحكمة، ودين الصلاح والإصلاح، ودين الحق والرشد، فلكماله وقبوله الفطرة له لا يحتاج إلى الإكراه عليه، لأن الإكراه، إنما يقع على ما تنفر عنه القلوب، ويتنافى مع الحقيقة والحق، أو لما تخفى براهينه وآياته، وإلا فمن جاءه هذا الدين، ورده ولم يقبله، فإنه لعناده، فإنه قد تبين الرشد من الغي، فلم يبق لأحد عذر ولا حجة، إذا رده ولم يقبله"(تيسير الكريم الرحمن).   6- قال أبو بكر الجزائري: "مشروعية السير في البلاد للعظة والاعتبار تقوية للإيمان، وأن القوى المادية لا تغني عن أصحابها شيئا إذا أرادهم الله بسوء، وبيان سنة بشرية وهي أن الماديين يغترون بمعارفهم المادية ليستغنوا بها عن العلوم الروحية في نظرهم إلا أنها لا تغني عنهم عند حلول العذاب بهم في الدنيا وفي الآخرة"(أيسر التفاسير؛ أبو بكر الجزائري: ٥٥٨). وقال د. رمضان خميس زكي الغريب معلقا على هذا الكلام "أقول: ليس لتقوية الإيمان فحسب، وإن كان غرضا مطلوبا، وهدفا مرغوبا، بل لإتاحة الحرية لهؤلاء أن ينظروا في الكون وما فيه، والحضارات السابقة، وأسباب عمرانها وخرابها، وعلل بقائها وفنائها، فيروا دون مانع، ويتعرفوا دون حاجز، فتكون قناعتهم داخلية لا إملائية، ورؤيتهم علمية لا حلمية"(الحرية وأثرها في الشهود الحضاري للأمة المسلمة في المنظور القرآني:33).   7- يقول أحد المفكرين: "والشرط الذي يشترطه النص للكف عن قتالهم ليس أن يسلموا؛ فلا إكراه في الدين. ولكن أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون؛ فما حكمة هذا الشرط؟ ولماذا كانت هذه هي الغاية التي ينتهي عندها القتال؟ إن أهل الكتاب بصفاتهم تلك حرب على دين الله اعتقاداً وسلوكاً؛ كما أنهم حرب على المجتمع المسلم بحكم طبيعة التعارض والتصادم الذاتيين بين منهج الله ومنهج الجاهلية الممثلة في عقيدة أهل الكتاب وواقعهم -وفق ما تصوره هذه الآيات- كما أن الواقع التاريخي قد أثبت حقيقة التعارض وطبيعة التصادم؛ وعدم إمكان التعايش بين المنهجين؛ وذلك بوقوف أهل الكتاب في وجه دين الله فعلاً، وإعلان الحرب عليه وعلى أهله بلا هوادة خلال الفترة السابقة لنزول هذه الآية وخلال الفترة اللاحقة لها إلى اليوم أيضاً. والإسلام -بوصفه دين الحق الوحيد القائم في الأرض- لا بد أن ينطلق لإزالة العوائق المادية من وجهه؛ ولتحرير الإنسان من الدينونة بغير دين الحق؛ على أن يدع لكل فرد حرية الاختيار، بلا إكراه منه ولا من تلك العوائق المادية كذلك. وإذن فإن الوسيلة العملية لضمان إزالة العوائق المادية، وعدم الإكراه على اعتناق الإسلام في الوقت نفسه، هي كسر شوكة السلطات القائمة على غير دين الحق؛ حتى تستسلم؛ وتعلن استسلامها بقبول إعطاء الجزية فعلاً".   8- يقول أحد المفكرين: "هذا الذي خطه ذو القرنين، هو دستور الحكم الصالح، فالمؤمن الصالح ينبغي أن يجد الكرامة والتيسير، والجزاء الحسن عند الحاكم، والمعتدي الظالم يجب أن يلقى العذاب والإيذاء.. وحين يجد المحسن في الجماعة جزاء إحسانه جزاءً، ويجد المعتدي جزاء إفساده عقوبة وإهانة وتيسيرا وعونا كريما حسنا، ومكانا وجفوة.. عندئذ يجد الناس ما يحفزهم إلى الصلاح والإنتاج. أما حين يضطرب ميزان الحكم فإذا المعتدون المفسدون مقربون إلى الحاكم مقدمون في الدولة؛ وإذا العاملون الصالحون منبوذون أو محاربون، فعندئذ تتحول السلطة في يد الحاكم سوط عذاب وأداة إفساد، ويصير نظام الجماعة إلى الفوضى والفساد"(في ظلال القرآن:5-79).   9- يقول أحد المفكرين: "لا تستقيم حياة يذهب فيها كل فرد إلى الاستمتاع بحريته المطلقة إلى غير حد ولا مدى، يغذيها شعوره بالتحرر الوجداني المطلق من كل ضغط، وبالمساواة المطلقة التي لا يحدها قيد ولا شرط، فإن الشعور على هذا النحو كفيل بأن يحطم المجتمع كما يحطم الفرد ذاته. فيجب أن تقف حرية الفرد عند أمام صراعات ونزاعات لا تنتهي. وقد منح الإسلام الحرية في أحلى صورها والمساواة الإنسانية في أدق معانيها، لكنه لو يتركهما فوضى؛ فللمجتمع حسابه وللإنسانية اعتباراتها، وللأهداف العليا للدين قيمتها. لذلك يقر الحرية الفردية وإلى جانبها التبعة الجماعية التي تشمل الفرد بتكاليفها، وهذا ما ندعوه بالتكافل الاجتماعي   10- قال محمد رشيد رضا: "هذه المزية الحرية من مزايا الإسلام هي نتيجة المزايا التي تجعل الإسلام دين الفطرة، فأما منع الإكراه فيه وعليه، فالأصل فيه قوله (تعالى) لرسوله -صلى الله عليه وسلم- بمكة : (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين * وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون * قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) علم الله تعالى رسوله بهذه الآيات أن من سننه في البشر أن تختلف عقولهم وأفكارهم في فهم الدين، وتتفاوت أنظارهم في الآيات الدالة عليه فيؤمن بعض ويكفر بعض وأما منع الفتنة، وهي اضطهاد الناس لأجل دينهم حتى يتركوه، فهو السبب الأول لشرعية القتال في الإسلام، وأما منع رياسة السيطرة الدينية كالمعهودة عند النصارى ففيها آيات مبينة في القرآن، وهي معلومة بالضرورة من سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه الراشدين"(تفسير المنار:11-224، 225).   11- قال محمد رشيد رضا: "إن من يفهم العربية حق الفهم يجزم بأنه ليس المراد أنه جعل أولئك المخاطبين رؤساء للأمم والشعوب يسوسونها ويحكمون بينها، ولا أنه جعل بعضهم ملوكا؛ لأنه قال: (وجعلكم ملوكا) ولم يقل: وجعل فيكم ملوكا، كما قال: (جعل فيكم أنبياء)؛ فظاهر هذه العبارة أنهم كلهم صاروا ملوكا، وإن أريد بـ " كل " المجموع لا الجميع؛ أي إن معظم رجال الشعب صاروا ملوكا، بعد أن كانوا كلهم عبيدا للقبط، بل معنى الملك هنا الحر المالك لأمر نفسه وتدبير أمر أهله، فهو تعظيم لنعمة الحرية والاستقلال بعد ذلك الرق والاستعباد"(تفسير المنار:6-323).   12- قال محمد رشيد رضا: "إن قاعدتي الحرية والاستقلال، هما الأساس الذي قام عليه بناء الإسلام، وإن علماء الشعوب الشمالية التي سادت في هذا العصر علينا، يعترفون بأنهم أخذوا هاتين المزيتين استقلال الفكر والإرادة ـ عنا وأقاموا بناء مدنيتهم عليهما"(تفسير المنار:5-73).   13- قال محمد رشيد رضا: "أمر الله تعالى رسوله فيما قبل هذه الآيات بتبليغ وحيه بالقول والفعل، وبالإعراض عن المشركين بمقابلة جحودهم وطعنهم في الوحي بالصبر والحلم، وعلل ذلك بأن من مقتضى سنته في خلق البشر متفاوتي الاستعداد، مختلفي الفهم والاجتهاد، أن لا يتفقوا على دين، ومن مقتضى هدايته في بعثة الرسل أن يكونوا مبلغين لا مسيطرين وهادين لا جبارين، فعليهم أن لا يضيقوا ذرعا بحرية الناس في اعتقادهم، فإن خالقهم هو الذي منحهم هذه الحرية ولم يجبرهم على الإيمان إجبارا وهو قادر على ذلك"(تفسير المنار:7-549).   14- قال محمد رشيد رضا: "الإسلام والاستبداد السياسي ضدان لا يلتقيان، فتعاليم الدين تنتهي بالناس إلى عبادة ربهم وحده، أما مراسيم الاستبداد فترتد بهم إلى وثنية سياسية عمياء"(الإسلام والاستبداد السياسي: المقدمة).   15- قال محمد الغزالي: "ولا تعرف دينا صب على الاستبداد سوط عذاب، وأسقط اعتبارهم وأغرى الجماهير بمناوأتهم والانقضاض عليهم كالإسلام، وكما فعل ذلك نبي الإسلام -صلى الله عليه وسلم- لقد كسر القيود، وحرر العبيد، ووضع التعاليم التي تجعل الحاكم يتحرى العدل، والمحكوم يكره الضيم"(الإسلام والأوضاع الاقتصادية: 41).   16- "تلك المذاهب اتفقت في الأصول، ولكنها اختلفت في الفروع، نتيجة لما أباحه الإسلام من حرية أدت ّ بمؤسسيها وعلمائها إلى أن يجتهدوا في استخراج الأحكام من مداركها، كل بحسب منهجه وظروفه الزمانية والمكانية، لينتهي إلى رأي تنامى ليصبح بمرور الأيام مذهبا قائما يختلف عن مذهب غيره فيما هو من مجال الاجتهاد، فليست المذهبية إذن إلا ثمرة من ثمرات الحرية الدينية كما جاءت في الشريعة الإسلامية"(الحرية الدينية للنجار: 16).   17- "الإسلام يدعو إلى احتكاك الآراء وسعة الاطلاع وتنوع الثقافات، واعتبرها إرثا إنسانيا مشتركا بين الأمم وهذا ما جعل العرب في العصور الإسلامية الزاهرة َيقبسون من علوم الأمم السالفة والمعاصرة وثقافاتها المتنوعة ما يجدونه نافعا وصالحا لبناء أمتهم"(حرية التعبير الفرفور:10).   18- "من أشد الدلائل صراحة على قبول قيمة الحرية وعلاقتها بالتعددية وأثر ذلك في الحضارة: إباحة الإسلام للمسلم زواج الكتابية، وحل طعام أهل الكتاب، وبيعهم وشرائهم ومعاملاتهم، بل إشراكهم في بعض مهام الدولة كما عاشت دول وحضارات إسلامية كثيرة هذا المعنى، وحركة الترجمة، وبلاط الأمراء في كثير من حواضر دولة الإسلام يشهد بذلك"(الحرية وأثرها في الشهود الحضاري للأمة المسلمة في المنظور القرآني:58).   19- "هل تحسب أن الذكاء الياباني وحده وراء هذا النجاح الرائع كلا: إن الاستقرار النفسي والاجتماعي في طول البلاد وعرضها كان نعم العون في ذلك المضمار كأن الحكومة جسد روحه الشعب أو كأن الشعب جسد روحه الحكومة لا انشطار في عزم ولا اختلاف على هدف ولا تحاقد على منصب"(الطريق من هنا:33).   20- قال محمد الخضر حسين: "فقد امتد بالعرب حب الاستقلال الشخصي والتجرد من كل ما فيه ضغط أو حجر، ومن أجل ذلك كانوا لا يألفون الحواضر ويفرون من الإقامة بها؛ قال أبو العلاء المعري: الموقدون بنجد نار بادية *** لا يحضرون وفقد العز في الحضر (الحرية في الإسلام:13)   21- قال د. رمضان الغريب: "جعل الإسلام مصرفا من مصارف الزكاة الثمانية: تحرير الأرقاء؛ أي: إحياؤهم بالحرية من موات الاسترقاق.. كما جعل بقية المصارف المالية تحريرا للفقراء من رق الفقر والعوز والحاجة؛ فكأنما كل مصارف الزكاة موجهة للحرية والتحرير؛ فكل قيد على الإنسان، كل الإنسان، سواء كان مسلما أو كافرا، حد من حريته وتقليل من طلاقة رغبته، وكما أن العبودية رق حقيق فالفقر والعوز رق قاهر، ومذلة مقعدة، وحاجة تحول بين الإنسان وإرادته، فلا يفكر تفكيرا سويا، ولا يعمل عملا منطقيا، وكما قال الشافعي : لا تشاور من ليس في بيته دقيق؛ لأنه مدله العقل "(الحرية وأثرها في الشهود الحضاري للأمة المسلمة في المنظور القرآني: 28-29).   22- "والأحاديث الشريفة ثرية بتوضيح أبعاد متعددة للحرية السياسية، والمدنية، والعقدية، تعجز البشرية عن التوصل إلى مرادها، أو مفهومها العميق، ويعجز القلم عن تسجيل دورها في إصلاح الأمة والرقي بها إلى مدارج عالية من الحضارة المعنوية والمادية وتحقيق النضج والإيجابية، والأمن والطمأنينة للشعوب الإسلامية"(موسوعة أصول الفكر الساسي والاجتماعي والاقتصادي من نبع السنة الشريفة وهدي 3 الخلفاء الراشدين؛ د خديجة النبراوي).   23- قال د. عبد العظيم الديب: "ولقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منذ فجر المجتمع الإسلامي بالمدينة يفسح للآراء مع رأيه، وأخذ يدرب أصحابه، ويستشيرهم، ويعمل بمشورتهم، ويكل إليهم الأعمال التي يتصرفون فيها برأيهم، بل يسألهم أن يحكموا في القضايا، ويطلب منهم أن يقضوا بين يديه. كان ذلك دينا ووحيا يبلغه -صلى الله عليه وسلم- لأمته؛ لتعمل به وتلتزمه وتتعبد الله به.   24- "إن الشورى والاستماع إلى الرأي الآخر يعتبر دينا؛ أي أنها أبعد وأخطر من أن تكون وسيلة نجاح في الدنيا، وإصلاحها، والوصول إلى القرار الصائب فحسب، بل هي دين وعبادة، يثاب عليها من يلتزم بها، من الله سبحانه في أخراه، فإذا استحضرنا منزلة الآخرة من الدنيا، وأنها الباقية الدائمة، وأن الدنيا هي الفانية الذاهبة، أدركنا قيمة أن يكون الاستماع للرأي الآخر عبادة"(الحوار والتعددية في الفكر الإسلامي، بحث في مؤتمر تجديد الفكر الإسلامي: نحو مشروع حضاري؛ د عبد العظيم الديب: 6).   25- تتمثل الضوابط التي وضعها الإسلام في الآتي: 1- ألا تؤدي حرية الفرد أو الجماعة إلى تهديد سلامة النظام العام وتقويض أركانه. 2- ألا تفوت حقوقاً أعظم منها، وذلك بالنظر إلى قيمتها في ذاتها ورتبتها ونتائجها. 3- ألا تؤدي حريته إلى الإضرار بحرية الآخرين. وبهذه القيود والضوابط ندرك أن الإسلام لم يقر الحرية لفرد على حساب الجماعة ،كما لم يثبتها للجماع ة على حساب الفرد، ولكنه وازن بينهما، فأعطى كلاً منهما حقه (انظر: مفهوم الحرية؛ علي فقيهي:14).   26- آيات كثيرة في القرآن تدعو إلى إعمال العقل وتحرير الفكر من التبعية لغير الله، ولذلك أُعطي الرأي في الإسلام أهمية ومكانة سامية، وانطلقت حرية الرأي لتكتسب معنى سامياً، يتاح بموجبه لكل إنسان أن يقول رأيه دون تمييز بين فرد وآخر (انظر: ، حرية الرأي في الإسلام؛ لمحمد يوسف مصطفى: 75)   27- "لكل مسلم أن يقول رأيه بصراحة ووضوح، ويبدي وجهة نظره بثقة ودونما خوف، فالإسلام لا يقيد حرية، ولا يكبت رأياً، ولا يجبر على السكوت، فالمسلم يبدي رأيه سواء أُخذ بهذا الرأي أم لم يؤخذ به"(انظر: الرأي العام في الإسلام؛ لمحيي الدين عبدالحليم: 100-160).   28- قال أ. د. محمد بن سعود البشر: "حرية الرأي في الإسلام منطلقة من نصوص الشريعة الإسلامية في أهدافها ومقاصدها، وليس للمسلمين حق إصدار تشريعات، أو سن قـوانين تخالف نصوص الشرع، ولكن لهم حق الاجتهاد، وسـن بعـض الأنظمـة والأحكام فيما سكت عنه الشرع أو لم يرد فيه نص. والاجتهاد في التشريع فيما لم يرد فيه نص مشروط بعدم مخالفته لروح الشرع ومقاصده. كمـا أن الاجتهاد في التشريع لا يكون لآحاد الناس، بل لذوي العلم والفقه، الـذين تتوافر فيهم شروط الاجتهاد التي قررها العلماء، فهـم المبلغـون عـن االله والموقِّعون عنه، وكل ما يستجد على الأمة في شؤون حياتهم لا بد أن يـرد الأمر إليهم فيه"(حرية الرأي في الإسلام والنظم الحديثة؛ أ. د. محمد بن سعود البشر:130).   29- قال د. إبراهيم الحقيل: "أقل خطأ من هؤلاء من قرروا حرية الرأي لكنهم قيدوها بقيود، وهم على أنواع: 1- من قيدوها بما جاء في المواثيق والإعلانات الدولية والقوانين الوضعية، وأعرضوا عن الشريعة الربانية، وهؤلاء هم أفحش هذه الطائفة خطأ. 2- من قيدوها ببعض قيودها، لكنهم أهملوا قيوداً أخرى، فأدى ذلك إلى إباحة شيء من الرأي المحرم، وهذا خطأ. 3- من قيدوها بقيود شرعية كلية كالتقييد بعدم مخالفة الشريعة، وبعض التفصيلية كالمنع من السب والشتم ونحو ذلك، وكانت تكفيهم القيود الكلية عن التفصيلية. 4-من اقتصروا في تقييدها على القيود الكلية، وهؤلاء -وإن أراحوا أنفسهم من تبعة التفصيل في الرأي المباح والرأي المحرم- فإنهم قد أتوا من حيث لا يشعرون على أصل القضية التي دعوا إليها بالإبطال؛ لما سبق تقريره من أن الأصل في الإسلام منع الرأي إلا ما كان منه خيراً، والخير من الآراء أقل من الشر. ويبدو لي أن سبب هذا الاضطراب الكبير في ضبط الرأي وتقييده بين الكتاب المسلمين أنهم وافقوا على حرية الرأي -وهي مصطلح حادث منقول عن الكفار- وحشدوا ما يرونه يدعمها من أدلة الشريعة، ثم اصطدموا بكثرة ما فيها مما يخالف الشريعة، وتورطوا باللوازم التي تلزم لتقريرها، فراحوا يبحثون عن قيود شرعية تقيدها، فوقعوا في هذا الاضطراب الكبير. وكان من الأسهل عليهم قلب القضية بمنع الرأي إلا ما أذنت به الشريعة، ولو أنهم فعلوا ذلك لأراحوا واستراحوا"(حرية الرأي.. رأي آخر؛ د. إبراهيم الحقيل).   30- قال أيضا: "العجيب أن من قرروا حرية الرأي من الكتاب المسلمين قد شنوا حملة شعواء على التقليد بلغت في كثير من الأحيان حد التطرف؛ إذ انتقدوا التقليد بكل أشكاله، حتى التقليد في فيما هو حق مع أن الشريعة أمرت به وأثنت على من فعله، وحشدوا الأدلة لذلك، ودعوا بقوة إلى إعمال العقل مستدلين بكم هائل من الآيات والأحاديث على ذلك، لكن المؤسف أنهم خالفوا ما يقولون، ووقعوا من حيث لا يشعرون  في تقليد الغربيين والعلمانيين العرب في تقريرهم لحرية الرأي دون نقد ولا تمحيص، مما أوقعهم في اضطراب كبير في ضبط الرأي وتقييده، كما أنهم قلبوا هذه القضية رأساً على عقب"(حرية الرأي.. رأي آخر؛ د. إبراهيم الحقيل).   31- قال أيضا: "من تأمل مقام العبودية لله تعالى علم أن المؤمن متعبد لله تعالى في أقواله وأفعاله وشئونه كلها، والعبودية قيد تقيد صاحبها بعمل ما يرضي الله تعالى ومجانبة ما يسخطه، ولو حاكمنا الرأي والقول إلى العبودية لعلمنا أننا متعبدون لله تعالى  في هذا الأمر العظيم بكف اللسان وحبسه ومنعه إلا فيما هو خير، والخير هو ما بينته الشريعة وهو ثابت في الأصل، وليس هو الخير المتغير في الفكر الغربي"(حرية الرأي.. رأي آخر؛ د. إبراهيم الحقيل).   32- قال أيضا: "كثير ممن يقررون الحريات أو حقوق الإنسان بمفهومها الغربي، ويستدلون لها بنصوص الكتاب والسنة، يقصرون نظرتهم في تقريرها على الأحكام الدنيوية، ويُخرِّجون ما يتعارض منها مع الحرية كالحدود تخريجات باردة، وإذا أُتي لهم بما يعارض الحرية مما له تعلق بالجزاء الأخروي، قالوا نحن لا نريد الأحكام الأخروية، فوافقوا الغربيين في قصر نظرتهم على الدنيا فقط من جهة، ومن جهة أخرى ارتكبوا جناية في حق الإسلام وفي حق من يقرأ لهم؛ لأنهم حين يقررون الحريات أو حقوق الإنسان يعلنون أنهم ينطلقون فيها من الإسلام، ويستدلون لها بنصوص من الكتاب والسنة، ومعلوم أن الإسلام لا يفصل بين الدنيا والآخرة"(حرية الرأي.. رأي آخر؛ د. إبراهيم الحقيل).  

الإحالات

1- الحرية الدينية في الشريعــة الإسلاميــة أبعادها ضوابطها؛ أ.د. سليمان بن عبد الله أبا الخيل.   2- الحرية في الإسلام، للعلامة محمد الخضر حسين.   3- مفهوم الحرية، دراسة تأصيلية، بحث تكميلي لمرحة الماجستير، علي أحمد فقيهي   4- الحقوق والحريات السياسية في الشريعة الإسلامية، د رحيل محمد غرايبة.   5- حرية الرأي في الإسلام والنظم الحديثة؛ أ. د. محمد بن سعود البشر.   6- الحرية الدينية في الشريعة الإسلامية أبعادها وضوابطها د عبد المجيد النجار، ضمن بحوث مؤتمر منظمة المؤتمر الإسلامي، الدورة التاسعة عشر   7- مناهج الحرية في الحضارة الإسلامية، د. محمد عبد اللطيف صالح الفرفور بحث مقدم إلى منظمة المؤتمر الإسلامي الدورة التاسعة عشرة.