حذر

2022-10-10 - 1444/03/14

التعريف

التعريف:

الحذر لغة:

 

تدور مادّة (ح ذ ر) حول معنى التّحرّز والتّيقّظ، يقول ابن فارس “الحاء والذّال والرّاء” أصل واحد، وهو التّحرّز والتّيقّظ. يقال: حذر يحذر حذرا. ورجل حذر وحذور، وحذريان: متيقّظ متحرّز. وحذار بمعنى احذر (المقاييس: 2-37).

 

ويرى الرّاغب أنّ الاحتراز مقيّد بكونه عن مخيف فيقول: الحذر: احتراز عن مخيف، يقال: حذر حذرا وحذرته (المفردات: 109).

 

وقد دارت كلّ تفريعات المادّة حول المعنيين السّابقين، يقول الجوهريّ: “الحذر والحذر: التّحرّز، وقد حذرت الشّيء أحذره حذرا. ورجل حذر وحذر أي متيقّظ متحرّز، والجمع حذرون وحذارى وحذرون (الصحاح: 2-626).

 

ويقول صاحب اللّسان: الحذر والحذر: الخيفة. حذره يحذره حذرا واحتذره (الأخيرة عن ابن الأعرابيّ).. ورجل حذر وحذر، وحاذورة وحذريان: متيقّظ شديد الحذر والفزع، متحرّز. والتّحذير: التّخويف، والحذار: المحاذرة. والمحذورة: الفزع بعينه (اللسان: مادة حذر: 5-175، وانظر القاموس: 2-6)، وجعل الفيّوميّ الحذر بمعنى الاستعداد والتّأهّب فقال: حذر حذرا من باب تعب واحتذر واحترز كلّها بمعنى استعدّ وتأهّب فهو حاذر... وحذر الشّيء إذا خافه، فالشّيء محذور أي مخوف (المصباح المنير: 4-176).

 

ومن قرأ قوله تعالى: (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ) [الشعراء: 56] أي مستعدّون، ومن قرأ: حذرون فمعناه: إنّا نخاف شرّهم، وقال الفرّاء في قوله: حاذِرُونَ: روي عن ابن مسعود أنّه قال: مؤدون، أي ذوو أداة من السّلاح.

 

وقال الزّجاج: الحاذر: المستعدّ والحذر: المتيقّظ. وقد حذّره الأمر، وأنا حذيرك منه أي محذّرك منه (اللسان: مادة حذر: 5-175).

 

وقال الفيروز آباديّ في قوله تعالى: (خُذُوا حِذْرَكُمْ) [النساء: 71]؛ أي ما فيه الحذر من السّلاح وغيره (بصائر ذوي التمييز: 2-441).

 

وقال ابن كثير في معنى الآية الكريمة: يأمر اللّه عزّ وجلّ عباده المؤمنين بأخذ الحذر من عدوّهم وهذا يستلزم التّأهّب لهم بإعداد الأسلحة والعدد، وتكثير العدد بالنّفير في سبيل اللّه” (تفسير ابن كثير: 1-137).

 

واصطلاحا:

 

قال الرّاغب: هو احتراز عن مخيف، قال تعالى: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) (الكليات للكفوي: 2-269).

 

وقال الكفويّ: الحذر هو اجتناب الشّيء خوفا منه (المفردات: 109)، والكليات للكفوي: 2-269).

 

العناصر

1- معنى الحذر ومن معاني الحذر في القرآن.

 

2- الفرق بين الحذر والرهبة.

 

3- الحذر من الأعداء وأهل النفاق واجب إيماني.

 

4- فوائد الحذر.

 

5- الحذر لا يرد القضاء.

 

6- الحذر لا ينافي التوكل.

 

7- المضار المترتبة على المبالغة في الحذر.

 

الايات

1- قوله تعالى: (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) [البقرة: 235].

 

2- قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) [البقرة: 243].

 

3- قوله تعالى: (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ  قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ  يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) [آل عمران: 28- 30].

 

4- قوله تعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ  أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة: 49- 50].

 

5- قوله تعالى: (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) [التوبة: 122].

 

6- قوله تعالى: (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [النور: 63].

 

7- قوله تعالى: (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ * ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ * وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المنافقون: 1- 4].

 

8- قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [التغابن: 14- 15].

 

9- قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً * وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً) [النساء: 71- 72].

 

10- قوله تعالى: (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً * وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً * فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) [النساء: 101- 103].

 

الاحاديث

1- عن عائشة -رضي اللّه عنها- قالت: قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الاية (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ  الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ إلى أُولُوا الْأَلْبابِ ) [آل عمران: 7]. قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “فإذا رأيت الّذين يتّبعون ما تشابه منه فأولئك الّذين سمّى اللّه فاحذروهم”(رواه البخاري: 4547، ومسلم: 2665).

 

2- عن البراء بن عازب -رضي اللّه عنهما- قال: اشترى أبو بكر -رضي اللّه عنه- من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما، فقال أبو بكر لعازب: مر البراء فليحمل إليّ رحلي. فقال عازب: لا حتّى تحدّثنا كيف صنعت أنت ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين خرجتما من مكّة والمشركون يطلبونكم قال: ارتحلنا من مكّة فأحيينا- أو سرينا ليلتنا- ويومنا حتّى أظهرنا وقام قائم الظّهيرة، فرميت ببصري هل أرى من ظلّ فآوي إليه، فإذا صخرة أتيتها، فنظرت بقيّة ظلّ لها فسوّيته، ثمّ فرشت للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فيه، ثمّ قلت له:اضطجع يا نبيّ اللّه، فاضطجع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ثم انطلقت أنظر ما حولي، هل أرى من الطّلب أحدا؟ فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصّخرة، يريد منها الّذي أردنا فسألته فقلت له:لمن أنت يا غلام؟ فقال: لرجل من قريش سمّاه فعرفته، فقلت: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، قلت: فهل أنت حالب لنا؟ قال: نعم. فأمرته فاعتقل شاة من غنمه، ثمّ أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار، ثمّ أمرته أن ينفض كفّيه، فقال: هكذا- ضرب إحدى كفّيه بالأخرى- فحلب لي كثبة من لبن، وقد جعلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إداوة على فمها خرقة، فصببت على اللّبن حتّى برد أسفله، فانطلقت إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فوافقته قد استيقظ، فقلت: اشرب يا رسول اللّه، فشرب حتّى رضيت، ثمّ قلت: قد آن الرّحيل يا رسول اللّه. فقال: “بلى”. فارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له فقلت: هذا الطّلب قد لحقنا يا رسول اللّه. فقال: “لا تحزن إنّ اللّه معنا”(رواه البخاري: 3652، ومسلم: 2019).    

 

3- عن سهل بن الحنظليّة -رضي اللّه عنه-: أنّهم ساروا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم حنين فأطنبوا السّير حتّى كانت عشيّة، فحضرت الصّلاة عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فجاء فارس فقال: يا رسول اللّه إنّي انطلقت بين أيديكم حتّى طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة آبائهم بظعنهم ونعمهم وشائهم اجتمعوا إلى حنين، فتبسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقال: “تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء اللّه”، ثمّ قال: “من يحرسنا اللّيلة؟”. قال أنس بن أبي مرثد الغنويّ: أنا يا رسول اللّه. قال: “فاركب”فركب فرسا له، فجاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “استقبل هذا الشّعب حتّى تكون في أعلاه، ولا نغرّنّ من قبلك اللّيلة”. فلمّا أصبحنا خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى مصلّاه فركع ركعتين، ثمّ قال: “هل أحسستم فارسكم؟”. قالوا: يا رسول اللّه ما أحسسناه فثوّب بالصّلاة، فجعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي، وهو يلتفت إلى الشّعب، حتّى إذا قضى صلاته وسلّم قال: “أبشروا فقد جاءكم فارسكم”. فجعلنا ننظر إلى خلال الشّجر في الشّعب، فإذا هو قد جاء حتّى وقف على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فسلّم فقال: إنّي انطلقت حتّى كنت في أعلى هذا الشّعب حيث أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فلمّا أصبحت اطّلعت الشّعبين كليهما فنظرت فلم أر أحدا، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “هل نزلت اللّيلة؟” قال: لا إلّا مصلّيا أو قاضيا حاجة، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “قد أوجبت  فلا عليك أن لا تعمل بعدها”(رواه النسائي: 2501 وصححه الألباني).   

 

4- عن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ -رضي اللّه عنهما- قال: شهدت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صلاة الخوف، فصفّنا صفّين، صفّ خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والعدوّ بيننا وبين القبلة، فكبّر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وكبّرنا جميعا ثمّ ركع وركعنا جميعا، ثمّ رفع رأسه من الرّكوع ورفعنا جميعا، ثمّ انحدر بالسّجود والصّفّ الّذي يليه، وقام الصّفّ المؤخّر في نحر العدوّ، فلمّا قضى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم السّجود وقام الصّفّ الّذي يليه، انحدر الصّفّ المؤخّر بالسّجود وقاموا، ثمّ تقدّم الصّف المؤخّر وتأخّر الصّفّ المقدّم، ثمّ ركع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وركعنا جميعا، ثمّ رفع رأسه من الرّكوع ورفعنا جميعا، ثمّ انحدر بالسّجود والصّفّ الّذي يليه، الّذي كان مؤخّرا في الرّكعة الأولى، وقام الصّف المؤخّر في نحور العدوّ فلمّا قضى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم السّجود والصّفّ الّذي يليه.انحدر الصّف المؤخّر بالسّجود فسجدوا، ثمّ سلّم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وسلّمنا جميعا. (رواه البخاري: (4125). ومسلم).

 

5- عن أنس عن أبي بكر -رضي اللّه عنهما- قال: قلت للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأنا في الغار: لو أنّ أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال: “ما ظنّك يا أبا بكر باثنين اللّه ثالثهما”(رواه البخاري: 3653).

 

6- عن جبير بن مطعم -رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال في سفر له: “من يكلؤنا الليلة لا نرقد عن صلاة الصبح قال بلال أنا فاستقبل مطلع الشمس فضرب على آذانهم حتى أيقظهم حر الشمس فقاموا فقال “ توضئوا” ثم أذن بلال فصلى ركعتين وصلوا ركعتي الفجر ثم صلوا الفجر. (أخرجه النسائي: 624 وصححه الألباني).

 

7- عن جابر بن عبد اللّه -رضي اللّه عنهما- أنّه قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: “إذا استجنح اللّيل- أو كان جنح اللّيل- فكفّوا صبيانكم فإنّ الشّياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلّوهم، وأغلق بابك واذكر اسم اللّه، وأطفىء مصباحك واذكر اسم اللّه، وأوك سقاءك  واذكر اسم اللّه، وخمّر إناءك واذكر اسم اللّه ولو تعرض عليه شيئا” (رواه البخاري: 3280، ومسلم (2012).

 

8- عن أبي موسى الأشعريّ -رضي اللّه عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “إذا مرّ أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على نصالها بكفّه أن يصيب أحدا من المسلمين منها بشيء” (رواه البخاري: 452، ومسلم (2615).

 

9- عن جابر بن عبد اللّه -رضي اللّه عنهما-: أنّ رجلا مرّ بأسهم في المسجد قد أبدى نصولها، فأمر أن يأخذ بنصولها كي لا يخدش مسلما. (رواه البخاري: 451، ومسلم (2614).

 

10- عن سالم عن أبيه -رضي اللّه عنهما- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “لا تتركوا النّار في بيوتكم حين تنامون” (رواه البخاري: 6293، ومسلم (2015).

 

11- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “لا يشير  أحدكم إلى أخيه بالسّلاح، فإنّه لا يدري أحدكم لعلّ الشّيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النّار” (رواه البخاري: 7072، ومسلم (2617).

 

12- عن المسور بن مخرمة ومروان قالا: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم زمن الحديبية حتّى إذا كانوا ببعض الطّريق قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: “إنّ خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين”، فو اللّه ما شعر بهم خالد حتّى إذا هم بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيرا لقريش ... إلى آخر الحديث. (رواه البخاري: 2731، 2732).

 

13- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرّتين” (رواه البخاري: 6133، ومسلم 2998).

 

14- عن عائشة -رضي اللّه عنها- أنّها قالت: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سهر فلمّا قدم المدينة قال: “ليت رجلا من أصحابي صالحا يحرسني اللّيلة”. إذ سمعنا صوت سلاح، فقال: “من هذا؟” فقال: أنا سعد بن أبي وقّاص جئت لأحرسك. فنام النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. (رواه البخاري: 2885، ومسلم (2410).

 

15- عن عائشة -رضي اللّه عنها- زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قالت: لم أعقل أبويّ قطّ إلّا وهما يدينان الدّين، ولم يمرّ علينا يوم إلّا يأتينا فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم طرفي النّهار: بكرة وعشيّة، ... الحديث وفيه: فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم للمسلمين: “إنّي أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين، وهما الحرّتان” فهاجر من هاجر قبل المدينة، ورجع عامّة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة وتجهّز أبو بكر قبل المدينة، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “على رسلك، فإنّي أرجو أن يؤذن لي” فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبي أنت؟. قال: “نعم”. فحبس أبو بكر نفسه على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السّمر ... قالت عائشة: فبينما نحن يوما جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظّهيرة. قال قائل لأبي بكر: هذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم متقنّعا- في ساعة لم يكن يأتينا فيها- فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمّي، واللّه ما جاء به في هذه السّاعة إلّا أمر. قالت: فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فاستأذن، فأذن له، فدخل فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لأبي بكر: “أخرج من عندك”، فقال أبو بكر: إنّما هم أهلك بأبي أنت يا رسول اللّه، قال: “فإنّي قد أذن لي في الخروج”، فقال أبو بكر: الصّحبة  بأبي أنت يا رسول اللّه، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم “نعم”. قال أبو بكر: فخذ بأبي أنت يا رسول اللّه إحدى راحلتيّ هاتين قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “بالثّمن” قالت عائشة: فجهّزناهما أحثّ الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب، فبذلك سمّيت ذات النّطاق. قالت: ثمّ لحق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأبو بكر بغار في جبل ثور، فكمنا فيه ثلاث ليال، يبيت عندهما عبد اللّه بن أبي بكر وهو غلام شابّ ثقف لقن، فيدلج من عندهما بسحر، فيصبح مع قريش بمكّة كبائت، فلا يسمع أمرا يكتادان به إلّا وعاه حتّى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظّلام، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء فيبيتان في رسل- وهو لبن منحتهما ورضيفهما- حتّى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس، يفعل ذلك كلّ ليلة من تلك اللّيالي الثّلاث واستأجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأبو بكر رجلا من بني الدّيل، وهو من بني عبد بن عديّ- هاديا خرّيتا- والخرّيت الماهر بالهداية- قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السّهميّ، وهو على دين كفّار قريش، فأمناه، فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث، وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدّليل، فأخذ بهم طريق السّواحل. (رواه البخاري: 3905).

 

16- عن البراء بن عازب -رضي اللّه عنهما- أنّه قال: جعل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على الرّجّالة يوم أحد- وكانوا خمسين رجلا- عبد اللّه بن جبير فقال: “إن رأيتمونا تخطّفنا الطّير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتّى أرسل إليكم وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتّى أرسل إليكم”. فهزموهم، قال: فأنا واللّه رأيت النّساء يشددن، قد بدت خلاخلهنّ وأسوقهنّ، رافعات ثيابهنّ. فقال أصحاب ابن جبير: الغنيمة أي قوم الغنيمة ، ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟ فقال عبد اللّه بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ قالوا: واللّه لنأتينّ النّاس فلنصيبنّ من الغنيمة فلمّا أتوهم صرفت وجوههم، فأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهم الرّسول في أخراهم، فلم يبق مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم غير اثني عشر رجلا، فأصابوا منّا سبعين، وكان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه أصاب من المشركين يوم بدر أربعين ومائة، سبعين أسيرا وسبعين قتيلا، فقال أبو سفيان: أفي القوم محمّد؟ ثلاث مرّات. فنهاهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يجيبوه. ثمّ قال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ ثلاث مرّات. ثمّ قال أفي القوم ابن الخطّاب؟ ثلاث مرّات. ثمّ رجع إلى أصحابه فقال: أمّا هؤلاء فقد قتلوا. فما ملك عمر نفسه فقال: كذبت واللّه يا عدوّ اللّه. إنّ الّذين عددت لأحياء كلّهم، وقد بقي لك ما يسوؤك. قال: يوم بيوم بدر، والحرب سجال. إنّكم ستجدون في القوم مثلة لم آمر بها ولم تسؤني. ثمّ أخذ يرتجز: اعل هبل، أعل هبل. قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: “ألا تجيبونه؟”. قالوا: يا رسول اللّه ما نقول؟. قال: “قولوا: اللّه أعلى وأجلّ”. قال: إنّ لنا العزّى ولا عزّى لكم. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: “ألا تجيبونه” قال: قالوا يا رسول اللّه ما نقول؟ قال: “قولوا: اللّه مولانا ولا مولى لكم” (رواه البخاري: 3039).

 

عن عبد الله بن عباس وعائشة رضي الله عنهم قالا: لَمّا نَزَلَ برَسولِ اللهِ صلّى اللّه عليه وسلّم، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً على وجْهِهِ، فإذا اغْتَمَّ كَشَفَها عن وجْهِهِ، فقالَ: وهو كَذلكَ: "لَعْنَةُ اللهِ على اليَهُودِ، والنَّصارى اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيائِهِمْ مَساجِدَ" يُحَذِّرُ ما صَنَعُوا (رواه البخاري: ٣٤٥٣).

 

الاثار

1- قال أبو بكر -رضي اللّه عنه- في خطبته: أوصيكم بتقوى اللّه والاعتصام بأمر اللّه الّذي شرع لكم وهداكم به”... إلى أن قال: وإيّاكم واتّباع الهوى فقد أفلح من حفظ من الهوى والطّمع والغضب، وإيّاكم والفخر وما فخر من خلق من تراب وإلى التّراب يعود ثمّ يأكله الدّود، ثمّ هو اليوم حيّ وغدا ميّت، فاعملوا يوما بيوم وساعة بساعة، وتوقّوا دعاء المظلوم، وعدّوا أنفسكم في الموتى، واصبروا فإنّ العمل كلّه بالصّبر، واحذروا فإنّ الحذر ينفع، واعملوا والعمل يقبل، واحذروا ما حذّركم اللّه من عذابه، وسارعوا فيما وعدكم اللّه من رحمته، وافهموا وتفهّموا، واتّقوا وتوقّوا، فإنّ اللّه قد بيّن لكم ما أهلك به من كان قبلكم، وما نجّى به من نجّى قبلكم، قد بيّن لكم في كتابه حلاله وحرامه، وما يحبّ من الأعمال وما يكره، فإنّي لا آلوكم ونفسي واللّه المستعان ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه. واعلموا أنّكم ما أخلصتم للّه من أعمالكم فربّكم أطعتم وحظّكم حفظتم للّه من أعمالكم فربّكم أطعتم وحظّكم حفظتم واغتبطتم وما تطوّعتم به لدينكم فاجعلوه نوافل بين أيديكم تستوفوا سلفكم وتعطوا جرايتكم حيث فقركم وحاجتكم إليها ثمّ تفكّروا عباد اللّه في إخوانكم وصحابتكم الّذين مضوا قد وردوا على ما قدموا، فأقاموا عليه وحلّوا في الشّقاء والسّعادة فيما بعد الموت، إنّ اللّه ليس له شريك وليس بينه وبين أحد من خلقه سبب يعطيه به خيرا ولا يصرف عنه سوءا إلّا بطاعته واتّباع أمره فإنّه لا خير في خير بعده النّار ولا شرّ في شرّ بعده الجنّة (جواهر الأدب: 374-375).

 

القصص

1- ذكر ابن هشام في السّيرة فقال: أتى جبريل عليه السّلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: لا تبت هذه اللّيلة على فراشك الّذي كنت تبيت عليه قال: فلمّا كانت عتمة من اللّيل  اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام، فيثبون عليه، فلمّا رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مكانهم، قال لعليّ بن أبي طالب: «نم على فراشي وتسجّ ببردي هذا الحضرميّ الأخضر، فنم فيه فإنّه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم»، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ينام في برده ذلك إذا نام. (سيرة ابن هشام: 2-124، تفسير ابن كثير: 2-315).

 

2- قال معاذ- رضي اللّه عنه- عند موته يوصي الحارث بن عميرة: اسمع منّي فإنّي أوصيك بوصيّة، إنّ الّذي تبكي عليّ من غدوّك ورواحك فإنّ العلم المصحف فإن أعيا عليك تفسيره فاطلبه بعدي عند ثلاثة: عويمر أبي الدّرداء، أو عند سلمان الفارسيّ، أو عند ابن أمّ عبد. واحذر زلّة العالم وجدال المنافق، ثمّ إنّ معاذا اشتدّ به نزع الموت فنزع نزعا لم ينزعه أحد، فكان كلّما أفاق من غمرة فتح طرفه (اختفني حقتك) فوعزّتك لتعلم أنّي أحبّك.

 

فلمّا قضى نحبه انطلق الحارث حتّى أتى أبا الدّرداء بحمص فمكث عنده ما شاء اللّه أن يمكث، ثمّ قال الحارث: أخي معاذ أوصاني بك وسلمان الفارسيّ وابن أمّ عبد، ولا أراني إلّا منطلقا إلى العراق، فقدم الكوفة فجعل يحضر مجلس ابن أمّ عبد بكرة وعشيّة، فبينا هو كذلك ذات يوم في المجلس قال ابن أمّ عبد: من أنت. قال: امرؤ من الشّام. قال ابن أمّ عبد: نعم الحيّ أهل الشّام لولا واحدة. قال الحارث: وما تلك الواحدة. قال: لولا أنّهم يشهدون على أنفسهم أنّهم من أهل الجنّة. قال: فاسترجع الحارث مرّتين أو ثلاثا. قال: صدق معاذ فيما قال لي. فقال ابن أمّ عبد: ما قال لك يا ابن أخي؟ قال: حذّرني زلّة العالم واللّه ما أنت يا ابن مسعود إلّا أحد رجلين: إمّا رجل أصبح على يقين يشهد أن لا إله إلّا اللّه، فأنت من أهل الجنّة، أو رجل مرتاب لا تدري أين منزلك. قال ابن مسعود: صدق أخي، إنّها زلّة فلا تؤاخذني بها. فأخذ ابن مسعود بيد الحارث فانطلق به إلى رحله فمكث عنده ما شاء اللّه، ثمّ قال الحارث: لا بدّ لي أن أطالع أبا عبد اللّه سلمان الفارسيّ بالمدائن، فانطلق الحارث حتّى قدم على سلمان الفارسيّ بالمدائن فلمّا سلّم عليه قال: مكانك حتّى أخرج إليك. قال الحارث: واللّه ما أراك تعرفني يا أبا عبد اللّه. قال بلى، عرفت روحي روحك قبل أن أعرفك، إنّ الأرواح جنود مجنّدة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها في غير اللّه اختلف، فمكث عنده ما شاء اللّه أن يمكث ثمّ رجع إلى الشّام. فأولئك الّذين يتعارفون في اللّه ويتزاورون في اللّه (الهيثمي في مجمع الزوائد: 2-313، وقال: رواه البزار وروى أحمد بعضه. وفي إسناد البزار شهر بن حوشب وفيه كلام. وقد وثقه غير واحد وروى الطبراني في الكبير طرفا منه. وورد طرف منه في الحلية: 1-198).

 

متفرقات

1- قال ابن إسحاق -رحمه اللّه تعالى-: "كان أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا صلّوا ذهبوا في الشّعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم، فبينا سعد بن أبي وقّاص في نفر من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في شعب من شعاب مكّة إذ ظهر عليهم نفر من المشركين، وهم يصلّون، فناكروهم وعابوا عليهم ما يصنعون حتّى قاتلوهم، فضرب سعد بن أبي وقّاص يومئذ رجل من المشركين بلحي  بعير فشجّه فكان أوّل دم هريق في الإسلام"(سيرة ابن هشام: 1-296).

 

2- قال القرطبيّ -رحمه اللّه تعالى- في قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) "أمر اللّه أهل الطّاعة ... أن لا يقتحموا على عدّوهم على جهالة حتّى يتحسّسوا ما عندهم ويعلموا كيف يردون فذلك أثبت لهم"(تفسير القرطبي (5/ 273).

 

3- وقال القرطبيّ -رحمه اللّه تعالى- في معنى قوله تعالى: (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ ) "هذه وصيّة بالحذر وأخذ السّلاح، لئلّا ينال العدوّ أمله ويدرك فرصته، إنّهم يودّون ويحبّون غفلتكم عن أخذ السّلاح ليصلوا إلى مقصودهم، فبيّن اللّه تعالى بهذا وجه الحكمة في الأمر بأخذ السّلاح. ثمّ قال: في هذه الآية دليل على تعاطي الأسباب واتّخاذ كلّ ما ينجّي ذوي الألباب ويوصّل إلى السّلامة ويبلّغ دار الكرامة. ثمّ قال اللّه تعالى: (وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) أي كونوا متيقّظين وضعتم السّلاح أو لم تضعوه، وهذا يدلّ على تأكيد التّأهّب والحذر من العدوّ في كلّ الأحوال وترك الاستسلام. فإنّ الجيش ما جاءه مصاب قطّ إلّا من تفريط في حذر"(تفسير القرطبي (5/371- 372).

 

4- قال ابن كثير في معنى قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) يأمر اللّه تعالى عباده المؤمنين بأخذ الحذر من عدوّهم وهذا يستلزم التّأهّب لهم بإعداد الأسلحة والعدد وتكثير العدد بالنّفير في سبيل اللّه. (تفسير ابن كثير (1-537).

 

5- قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) [آل عمران: 30]: أي يخوّفكم عقابه"(تفسير ابن كثير: 1-366).

 

الحكم

1- اصحب الناس كما تصحب النار، خذ منفعتها واحذر أن تحترق (سليمان بن وهب)

 

2- أحزم الحازمين من عرف الأمر قبل وقوعه فاحترس منه (لقمان الحكيم)

 

3- اتق شر من أحسنت إليه (مثل عربي)

 

4- شجاعة بلا حذر حصان اعمى (مثل فارسي)

 

5- إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب (مثل عربي)

 

6- لا يصاب بالبلل من يبقى بعيدا عن الماء (عبد القادر المغربي)

 

7- من مأمنه يؤتى الحذر (مثل عربي)

 

8- الحذر لا يدفع القدر

 

9- الاحتراس حسن في ذاته و لكن التمادي فيه سراب (فلوريان)

 

10- حذار أن تركن إلى صديق خذلك ساعة الضيق (جمال الدين الأفغاني)

 

11- الضربة المتوقعة أقل قسوة (فاسكو دي غاما)