تيامن

2022-10-04 - 1444/03/08

التعريف

التيامن لغة:

مصدر تيمّن وهو مأخوذ من مادّة (ى م ن) الّتي تدور في استعمالاتها المختلفة حول قياس واحد هو الجارحة أي يمين اليد، يقول ابن فارس: الياء والميم والنّون، كلمات من قياس واحد. فاليمين: يمين اليد ويقال: اليمين: القوّة يقول الأصمعيّ في قول الشّمّاخ:

إذا ما راية رفعت لمجد *** تلقّاها عرابة باليمين

 

أراد اليد اليمنى، واليمن: البركة، وهو ميمون (أي مبارك)، واليمين الحلف، وكلّ ذلك من اليد اليمنى، وكذلك اليمن، وهو بلد (لأنّه عن يمين الكعبة) ويقال (منه) رجل يمان وسيف يمان، وسمّي الحلف يمينا؛ لأنّ المتحالفين كأنّ أحدهما يصفّق بيمينه على يمين صاحبه (المقاييس لابن فارس (6/ 159)، وقال الرّاغب: اليمين أصله الجارحة... وقوله تعالى: (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ)[الحاقة: 45] أي منعناه ودفعناه فعبّر عن ذلك الأخذ باليمين كقولك خذ بيمين فلان عن تعاطي الهجاء، وقيل معناه بأشرف جوارحه وأشرف أحواله، وقوله سبحانه: (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ)[الواقعة: 27] أي أصحاب السّعادات والميامن وذلك على حسب تعارف النّاس في العبارة عن الميامن باليمين، واستعير اليمين للتّيمّن والسّعادة...وقوله: “الحجر الأسود يمين اللّه” أي به يتوصّل إلى السّعادة المقرّبة إليه، ومن اليمين يتأوّل اليمن.

 

يقال: هو ميمون النّقيبة أي مبارك، والميمنة ناحية اليمين (باختصار وتصرف يسير عن المفردات للراغب:552).

وجاء في الصّحاح: ويقال: أيمن الرّجل، ويمّن، ويامن: إذا أتى اليمين وكذلك إذا أخذ في سيره يمينا، يقال: يامن يا فلان بأصحابك، أي خذ بهم يمنة ولا تقل تيامن، والعامّة تقوله (انظر اللسان:4968).

 

واليمن: البركة، وقد يمن فلان على قومه فهو ميمون: إذا صار مباركا عليهم، والأيامن خلاف الأشائم... واليمنة بالفتح: خلاف اليسرة والأيمن والميمنة خلاف الأيسر والميسرة... وقوله تعالى: (تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ)[الصافات: 28]. قال ابن عبّاس رضي اللّه عنهما: أي من قبل الدّين فتزيّنون لنا ضلالتنا كأنّه أراد تأتوننا عن المأتى السّهل (الصحاح:6/2219، 2220)، وقيل من النّاحية الّتي كان فيها الحقّ فتصرفوننا عنها (المفردات للراغب:553)، وقال الزّجّاج: هذا قول الكفّار للّذين أضلّوهم أي كنتم تخدعوننا بأقوى الأسباب فكنتم تأتوننا من قبل الدّين فترونا أنّ الدّين والحقّ ما تضلّوننا به وتزيّنون لنا ضلالتنا: كأنّه أراد تأتوننا عن المأتى السّهل، وقيل معناه كنتم تأتوننا من قبل الشّهوة لأنّ اليمين موضع الكبد، والكبد مظنّه الشّهوة والإرادة، وقال أبو منصور (الأزهريّ): اليمن في كلام العرب على وجوه: يقال لليد اليمنى: يمين، واليمين: القوّة والقدرة، واليمين: المنزلة. يقول الأصمعيّ: هو عندنا باليمين أي بمنزلة حسنة، وقوله في الحديث: إنّه كان يحبّ التّيمّن في جميع أموره ما استطاع، التّيمّن: الابتداء في الأفعال باليد اليمنى والرّجل اليمنى، والجانب الأيمن وفي الحديث فأمرهم أن يتيامنوا عن الغميم أي يأخذوا عنه يمينا وفي حديث غيره: فينظر أيمن منه فلا يرى إلّا ما قدّم أي عن يمينه، قال ابن السّكيت: يقال: يامن بأصحابك وشائم بهم أي خذ بهم يمينا وشمالا، ولا يقال تيامن بهم ولا تياسر بهم... قال ابن الأنباريّ العامّة تغلط في معنى تيامن فتظنّ أنّه أخذ عن يمينه. وليس كذلك معناه عند العرب، إنّما يقولون: تيامن إذا أخذ ناحية اليمن، وتشاءم إذا أخذ ناحية الشّام، (ويقولون): يامن إذا أخذ عن يمينه (انظر لسان العرب:4967، 4971)، ويفهم من جملة ما ذكره الجوهريّ وابن منظور أنّه يقال تيمّن ويامن إذا أخذ جهة اليمين وهو المراد هنا ويقال تيامن إذا أخذ ناحية اليمن، ويستعمل في هذا المعنى الأخير أيضا الأفعال: أيمن ويمّن ويامن وتيمّن (انظر نضرة النعيم:4-1420).

 

التيمن اصطلاحا:

قال ابن الأثير: التيمّن: الابتداء في الأفعال باليد اليمنى والرّجل اليمنى والجانب الأيمن (النهاية في غريب الحديث:5-302)، وقال ابن حجر: قال النّوويّ: قاعدة الشّرع المستمرّة استحباب البداءة باليمين في كلّ ما كان من باب التّكريم والتّزيين وما كان بضدّهما استحبّ فيه التّياسر (الفتح:1-325).

 

العناصر

1- مكانة اليد اليمنى في الإسلام

 

2- الحكمة من تفضيل اليمين والرفع من شأنها

 

3- مواضع التيامن

 

4- مواضع التياسر

 

الايات

1- قال الله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا * يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا * وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا)[الإسراء: 70- 72].

 

2- قوله تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا * وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا)[مريم: 51- 53].

 

3- قوله تعالى: (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى * إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً * فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي * إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى * فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى * وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى * قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى)[طه: 9- 18].

 

4- قوله تعالى: (قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى * قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى * قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى * وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى)[طه: 65- 69].

 

5- قوله تعالى: (يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى * كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى)[طه: 80- 81].

 

6- قوله تعالى: (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ * وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ)[العنكبوت: 46- 49].

 

7- قوله تعالى: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ * ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ * قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ * قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ)[الصافات: 22- 30].

 

8- قوله تعالى: (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ * إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ماذا تَعْبُدُونَ * أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ * فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ * فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ *فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ * ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ * فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ)[الصافات: 83- 93].

 

9- قوله تعالى: (وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)[الزمر: 67].

 

10- قوله تعالى: (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ * خافِضَةٌ رافِعَةٌ* إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا * فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا * وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً * فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ)[الواقعة: 1- 10].

 

11- قوله تعالى: (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَماءٍ مَسْكُوبٍ * وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ * إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً * فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً * عُرُباً أَتْراباً * لِأَصْحابِ الْيَمِينِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ * وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ * وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ * وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ * قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ)[الواقعة:27- 56].

 

12- قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ * فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ)[المدثر: 38-48].

 

13- قوله تعالى: (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ * وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ * يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ * قُطُوفُها دانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ * يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ * ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ *هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ)[الحاقة:13-32].

 

 

الاحاديث

1- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كَانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ في شَأنِهِ كُلِّهِ: في طُهُورِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وَتَنَعُّلِهِ “(رواه البخاري:168، ومسلم:268).

 

2- وعنها، قالت: "كَانَتْ يَدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم اليُمْنَى لِطُهُورِهِ وَطَعَامِهِ، وَكَانَتِ الْيُسْرَى لِخَلائِهِ وَمَا كَانَ مِنْ أذَىً”(رواه أبو داود:33، وصححه الألباني).

 

3- عن أم عطية رضي الله عنها: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لهن في غَسْلِ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ رضي الله عنها: "ابْدَأنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا “(رواه البخاري:165، ومسلم:2218).

 

4- عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "إِذَا انْتَعَلَ أحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى، وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدأْ بِالشِّمَالِ. لِتَكُنْ اليُمْنَى أوَّلَهُمَا تُنْعَلُ، وَآخِرُهُمَا تُنْزَعُ”(رواه البخاري:5856 ومسلم:2097).

 

5- عن حفصة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم "كَانَ يجعل يَمينَهُ لطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَثِيَابِهِ، وَيَجْعَلُ يَسَارَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ”(رواه أَبُو داود:32، وصححه الألباني).

 

6- عن أَبي هُريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "إِذَا لَبِسْتُمْ وَإِذَا تَوَضَّأتُمْ فَابْدَأوا بأيَامِنِكُمْ" (أخرجه أبو داود4141، وصححه الألباني).

 

7- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَتَى مِنًى فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ ثُمَّ قَالَ لِلْحَلاَّقِ "خُذْ ". وَأَشَارَ إِلَى جَانِبِهِ الأَيْمَنِ ثُمَّ الأَيْسَرِ ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ (رواه مسلم:3212).

 

8- عن ابن عمر -رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإنّ الشّيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله” وفي رواية: “لا يأكلنّ أحد منكم بشماله، ولا يشربنّ بها؛ فإنّ الشّيطان يأكل بشماله ويشرب بها”(رواه مسلم:2020).

 

9- عن سهل بن سعد السّاعديّ -رضي اللّه عنه- أنّه قال: “إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ. فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟” فقال الغلام: لا، واللّه لا أوثر بنصيبي منك أحدا. فتلّه. رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في يده (رواه البخاري:2451 ومسلم:2030).

 

10- عن سلمة بن الأكوع -رضي اللّه عنه- أنّه قال: إنّ رجلا أكل عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بشماله، فقال: “كل بيمينك” قال: لا أستطيع. قال:”لا استطعت” ما منعه إلّا الكبر قال: فما رفعها إلى فيه (رواه مسلم:2021).

 

11- عن أبي سعيد -رضي اللّه عنه- أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أبصر نخامة في قبلة المسجد فحكّها بحصاة، ثمّ نهى أن يبزق الرّجل بين يديه أو عن يمينه ولكن عن يساره أو تحت قدمه اليسرى (رواه البخاري:414 ومسلم:548).

 

12- عن أبي قتادة -رضي اللّه عنه- أنّه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: “الرّؤيا من اللّه، والحلم من الشّيطان، فإذا حلم أحدكم حلما يكرهه فلينفث عن يساره ثلاثا، وليتعوّذ باللّه من شرّها؛ فإنّها لن تضرّه”(رواه البخاري- الفتح 12 (6986). مسلم (2261) واللفظ له).

 

13- عن ابن عبّاس -رضي اللّه عنهما- أنّه قال: خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: “يا أيّها النّاس، إنّكم محشورون إلى اللّه حفاة عراة غرلا. ثمّ قال: (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ)[الأنبياء: 104]إلى آخر الآية. ثمّ قال: “ألا وإنّ أوّل الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم. ألا وإنّه يجاء برجال من أمّتي فيؤخذ بهم ذات الشّمال، فأقول: يا ربّ، أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصّالح: (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلمّا توفّيتني كنت أنت الرّقيب عليهم). فيقال إنّ هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم”(رواه البخاري:4625، ومسلم:2860).

 

14- عن أنس -رضي اللّه عنه- أنّه قال:قدم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة وأنا ابن عشر. ومات وأنا ابن عشرين، وكنّ أمّهاتي يحثثنني على خدمته فدخل علينا دارنا فحلبنا له من شاة داجن وشيب. له من بئر في الدّار. فشرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال له عمر- وأبو بكر عن شماله-: يا رسول اللّه أعط أبا بكر، فأعطاه أعرابيّا عن يمينه وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “الأيمن فالأيمن”(رواه البخاري- الفتح 5 (2571) مسلم (2029) واللفظ له).

 

15- عن عائشة- رضي اللّه عنها- أنّها قالت: “كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا اغتسل بدأ بيمينه فصبّ عليها من الماء فغسلها، ثمّ صبّ الماء على الأذى الّذي به بيمينه، وغسل عنه بشماله. حتّى إذا فرغ من ذلك صبّ على رأسه”(رواه مسلم:321).

 

16- عن أبي قتادة -رضي اللّه عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “لا يمسكنّ أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسّح من الخلاء بيمينه. ولا يتنفّس في الإناء”(رواه مسلم:٢٦٧).

 

17- عن عمر بن أبي سلمى قال: كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك" فما زالت تلك طعمتي بعد (أخرجه البخاري:5061).

 

الاثار

سئل ابن مسعود عن الرجل يبدأ بمياسره قبل ميامنه في الوضوء، فقال: "لا بأس به"(أخرجه الدارقطني:1-89).

الدراسات

1- ثبت علمياً أن كل حركة في جسم الإنسان تدور حسب نظام دقيق، بحيث تبدأ الحركات من الجهة اليمنى إلى الجهة اليسرى، ثم تتلاشى وتنتهي .. من ذلك

 

حركة الدم التي تبدأ أول نقطة فيها داخل جهاز الدورة الدموية من القلب، عندما تتقلص العضلات القلبية، لتضخ الكتلة الدموية، فيبدأ سير الدم النقي من تجاويف البطين إلى الشريان الأبهر الذي يتجه بشكل مقوس من الجهة اليمنى إلى الجهة اليسرى، بحيث يجعل جريان الدم سائراً بهذا الاتجاه، مبتدئاً من اليمين ومنتهياً في اليسار، بعد أن تتشعب الأوعية الدموية من الدقيق إلى الأدق، حتى تتلاشى حركة الدم، وتصبح غير منظورة لا تبصرها العين إلا بمساعدة العدسات المجهرية المكبرة، حيث تشاهد حركة الكريات الدموية وهى تؤدى وظائفها في تغذية وإرواء الأنسجة بمساعدة السوائل الدموية.

 

حركة الأمعاء تبدأ من باب المعدة الاثنى عشر بحيث يكون اتجاه الحركة للمواد الغذائية من الجهة اليمنى، ثم تنعطف الحركة باتجاه اليسار .. وإلى أنحاء منطقة الامتصاص الشعرية في الأمعاء الدقيقة.

 

حركة القولون في منطقة الأمعاء الغليظة، تبدأ من نقطة الجهة اليمنى باتجاه الناحية اليسرى إذ تتقلص لدفع المواد المتبقية من عملية الامتصاص إلى الجهة اليسرى المقابلة بعد أن تجمعت في الخزان الأعور الكبير، فتتحرك المواد من الجهة اليمنى إلى اليسار .. وإلى القولون المستعرض المتوازي وهكذا.

 

 حركة التنبيهات العصبية العجيبة الصنع في المراكز العصبية، والأسلاك الحسية والحركية المتصلة بها، تبدأ دورتها من الجهة اليمنى، وتنتهي في الطرف الأيسر عند أداء وظائفها الطبيعية الفسيولوجية.

 

وهكذا أظهر الحديث الشريف تلك الظاهرة العلمية في الكيان البشرى، مما جعلها انطلاقة علمية لم تكتشف إلا بعد بضعة قرون من قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( الإعجاز العلمي في الإسلام – السنة النبوية للأستاذ : محمد كامل عبد الصمد).

 

2- قال د. محمد السقا عيد: "المخ ينقسم إلى قسمين أيمن وأيسر والجزء الأيمن منه مسؤول عن الحركات الصادرة من الجزء الأيسر في الجسم كذلك الجزء الأيسر من المخ هو المسؤول عن الحركات الصادرة من الجزء الأيمن من الجسم.

وقد اكشتف الأطباء مؤخراً أن الجزء المسؤول عن العنف والشر في الإنسان يقع في الجزء الأيمن من المخ وأن استخدام الجزء الأيسر من الجسم يقوي دافع العنف والشر الموجود مركزه في الجزء الأيمن من المخ .لذا نجد العبرة والجواب الشافي فيما امرنا به رسولنا الكريم (محمد صلى الله عليه وسلم) قبل1400 سنه ويزيد حينما قال ”تيمنوا فإن في اليمن بركة”(https://www.iijazforum.org/).

 

3- "اكتشف العلم الحديث أن الأحماض الأمينية التي تعتبر اللبنات الأساسية لتكوين الجزيء البروتيني والتي لها القدرة على ترتيب ذراتها ترتيبا يساريا في أجساد جميع الكائنات الحية، هذه الأحماض تعاود ترتيب تلك الذرات ترتيبا يمينيا بمعدلات ثابتة بمجرد وفاة الكائن الحى!! وبحساب نسبة الترتيب اليميني إلى اليساري في أية فضلة عضوية من قطعة خشب أو جلد مثلا بها أية آثار من الأحماض الأمينية يمكن تحديد زمن وفاة ذلك الكائن، ولا يستطيع أحد من العلماء أن يفسر كيف يحدث هذا.... ولكنها القدرة الإلهية المنزهة عن كل نقص فإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن كل شيء في هذا الوجود يسبح بحمد الله ويسجد له وينطق بعظمته"(صور من تسبيح الكائنات لله - للدكتور زغلول النجار).

 

متفرقات

1- قال النووي رحمه الله: "هذه قاعدة مستمرة في الشرع وهي إنما كَانَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ وَالتَّشْرِيفِ؛ كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالسِّوَاكِ، وَالِاكْتِحَالِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَقَصِّ الشَّارِبِ، وَتَرْجِيلِ الشَّعْرِ وَهُوَ مَشْطُهُ، وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَحَلْقِ الرَّأْسِ، وَالسَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ، وَغَسْلِ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ، وَالْخُرُوجِ مِنَ الْخَلَاءِ، وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْمُصَافَحَةِ، وَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ يُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ فِيهِ. وَأَمَّا مَا كَانَ بِضِدِّهِ؛ كَدُخُولِ الْخَلَاءِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَالِامْتِخَاطِ وَالِاسْتِنْجَاءِ، وَخَلْعِ الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَيُسْتَحَبُّ التَّيَاسُرُ فِيهِ، وَذَلِكَ كُلَّهُ بِكَرَامَةِ الْيَمِينِ وَشَرَفِهَا وَاللَّهُ (شرح النووي على صحيح مسلم:3-160).

 

2- قال بعض المفسّرين: اليمين ورد في القرآن على أوجه منها: الأوّل: بمعنى القوّة، قال تعالى: (فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ) [الصافات: 93]. أي بالقوّة، قيل: ومنه قوله تعالى: (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) [الحاقة: 45].

 

الثّاني: بمعنى القسم: قال اللّه تعالى: (وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) [البقرة: 224]، (لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) [البقرة: 225]، (وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ) [المائدة: 89]، (بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) [المائدة: 89].

 

الثّالث: بمعنى العهد: قال اللّه تعالى: (أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا) [القلم: 39]. أي عهود.

 

الرّابع: بمعنى الجارحة: (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) [طه: 17]، (يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) [الحديد: 12]، (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) [الحاقة: 19، الانشقاق: 7].

 

الخامس: بمعنى ناحية الشّيء قال تعالى: (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ) [المعارج: 37]. (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) [مريم: 52]، (بصائر ذوي التمييز:5/ 406-410).

 

3- قال ابن قتيبة الينوري: "وما قول النبي صلى الله عليه وسلم: “كلتا يديه يمين” فإنه أراد معنى التمام والكمال لأن كل شيء مياسره تنقص عن ميامنه في القوة والبطش والتمام وكانت العرب تحب التيامن وتكره التياسر لما في اليمين من التمام وفي اليسار من النقص ولذلك قيل اليمن والشؤم. فاليمن في اليد اليمنى، والشؤم في اليد الشؤمى وهي اليسار. وقالوا فلان ميمون من اليمين ومشؤوم من الشؤمى وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإبل: “إن أدبرت أدبرت وإن أقبلت أدبرت ولا يأتي نفعها من جانبها الأشأم” يعني الأيسر. ويمكن أيضاً أن يريد العطاء باليدين جميعاً لأن اليمنى هي المعطية فإذا كانت اليدان يمينين كان العطاء بهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يمين الله سخاء لا يغيضها شيء الليل والنهار” أي تصب العطاء ولا ينقصها ذلك وإلى هذا المعنى ذهب المرار حيث يقول: وإن على الأوانة من عقيل ... فتى كلتا اليدين له يمين (الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة:1-43).

 

4- قال القاضي عياض: وأمره -عليه السلام- بالأكل والشرب باليمين ونهيه عن ذلك بالشمال ، وزاد في حديث نافع: “ولا يعطى بها ، ولا يأخذ بها” على ما تظاهرت به سنته -عليه السلام- من أمره بذلك في غير شيء، وحبه التيامن في أمره كله ، ولما في اللفظة من اليُمن ، ولثناء الله على أصحاب اليمين ، واختصاصه أصحاب اليمين باليمين ؛ لأخذهم كتبهم بذلك ، ولكونهم عن يمين العرش وتشريفهم بذلك ، وتفضيل اليمين فى قوتها وبطشها ، واضافة العرب كل خير لها ، وضد ذلك لضدها ، وتسميتهم إياها شوما ، وقد قال الله فى أصحاب الشمال: (أَصْحَابُ الْمَشْأَمَة)، وقال الشاعر: 

أبيني أفي يميني يديك جعلتني فافرح اْو صيرتني في شمالِك (إكمال المعلم شرح صحيح مسلم:8-250).

 

5- قال النووي رحمه الله: "قولها: كان صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في طهوره إذا تطهر وفى ترجله إذا ترجل وفى انتعاله إذا انتعل . هذه قاعدة مستمرة فى الشرع وهى انما كان من باب التكريم والتشريف كلبس الثوب والسراويل والخف ودخول المسجد والسواك والاكتحال وتقليم الاظفار وقص الشارب وترجيل الشعر وهو مشطه ونتف الابط وحلق الرأس والسلام من الصلاة وغسل أعضاء الطهارة والخروج من الخلاء والأكل والشرب والمصافحة واستلام الحجر الأسود وغير ذلك مما هو فى معناه يستحب التيامن فيه وأما ما كان بضده كدخول الخلاء والخروج من المسجد والامتخاط والاستنجاء وخلع الثوب والسراويل والخف وما أشبه ذلك فيستحب التياسر فيه وذلك كله بكرامة اليمين وشرفها والله أعلم وأجمع العلماء على أن تقديم اليمين على اليسار من اليدين والرجلين في الوضوء سنة لو خالفها فاته الفضل وصح وضوءه وقالت الشيعة هو واجب ولا اعتداد بخلاف الشيعة واعلم أن الابتداء باليسار وان كان مجزيا فهو مكروه نص عليه الشافعي وهو ظاهر وقد ثبت فى سنن أبى داود والترمذي وغيرهما بأسانيد حميدة عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا لبستم أو توضأتم فابدؤوا بأيامنكم” فهذا نص في الأمر بتقديم اليمين ومخالفته مكروهة أو محرمة وقد انعقد اجماع العلماء على أنها ليست محرمة فوجب أن تكون مكروهة ثم اعلم أن من أعضاء الوضوء ما لا يستحب فيه التيامن وهو الاذنان والكفان والخدان بل يطهران دفعة واحدة فان تعذر ذلك كما فى حق الأقطع ونحوه قدم اليمين والله أعلم (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج:3/160-161).

 

6- ذكر النووي فيما يكون التيامن بقوله: كالوضوءِ وَالغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ، وَلُبْسِ الثَّوْبِ وَالنَّعْلِ وَالخُفِّ وَالسَّرَاوِيلِ وَدُخولِ الْمَسْجِدِ، وَالسِّوَاكِ، وَالاكْتِحَالِ، وَتقليم الأظْفار، وَقَصِّ الشَّارِبِ، وَنَتْفِ الإبْطِ، وَحلقِ الرَّأسِ، وَالسّلامِ مِنَ الصَّلاَةِ، وَالأكْلِ، والشُّربِ، وَالمُصافحَةِ، وَاسْتِلاَمِ الحَجَرِ الأَسْوَدِ، والخروجِ منَ الخلاءِ، والأخذ والعطاء وغيرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ في معناه. ويُسْتَحَبُّ تَقديمُ اليسارِ في ضدِ ذَلِكَ، كالامْتِخَاطِ وَالبُصَاقِ عن اليسار، ودخولِ الخَلاءِ، والخروج من المَسْجِدِ، وخَلْعِ الخُفِّ والنَّعْلِ والسراويلِ والثوبِ، والاسْتِنْجَاءِ وفِعلِ المُسْتَقْذرَاتِ وأشْبَاه ذَلِكَ (رياض الصالحين 1-405 باب استحباب تقديم اليمين في كل مَا هو من باب التكريم).

 

7- قال النووي: "وأجمع العلماء على أن تقديم اليمين على اليسار من اليدين والرجلين في الوضوء سنة، لو خالفهما فاته الفضل، وصح وضوءُه"(شرح مسلم:3-160).

 

8- قال ابن عبد البر: "جاءت السنة المجتمع عليها أن اليمين للأكل والشرب والشمال للاستنجاء ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستنجى باليمين كما نهي أن يؤكل أو يشرب بالشمال وما عدى الأكل والشرب والاستنجاء فبأي يديه فعل الإنسان ذلك فلا حرج عليه إلا أن التيامن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه في الأمر كله فينبغي للمؤمن أن يحب ذلك ويرغب فيه ففي رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة على كل حال"(التمهيد:١١-١١٣).

 

9- قال ابن الرعبي: "البداءة باليمين مشروعة في جميع الأعمال الصالحة لفضل اليمين حساً في القوة وشرعا في الندب إلى تقديمها، وبيّن وهو يحبب التيامن إلى المؤمنين الذين يعمر الإيمان قلوبهم أن الشيطان الذي يسكن الكفر والجحود في قلبه يستحب التياسر والميول ناحية استخدام الجهة اليسرى في شؤونه"(فتح الباري لابن حجر: 10-311).

 

الإحالات

1- الأسماء والصفات المؤلف : البيهقي أحمد بن الحسين أبو بكر 458 هجرية المحقق : عبد الله بن محمد الحاشدي الناشر : مكتبة السوادي – جدة الطبعة : الأولى (2/161) .

2- الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة المؤلف : ابن قتيبة الدينوري ( 276 هـ ) المحقق : عمر بن محمود أبو عمر الناشر : دار الراية الطبعة : الأولى 1412 هـ - 1991 م (1/42) .

3- المجتبى من السنن المؤلف : أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي الناشر : مكتب المطبوعات الإسلامية – حلب الطبعة الثانية ، 1406 – 1986 تحقيق : عبدالفتاح أبو غدة (1/ 78، 8/133) .

4- مسند الإمام أحمد بن حنبل المؤلف : أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى : 241هـ) المحقق : شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد ، وآخرون إشراف : د عبد الله بن عبد المحسن التركي الناشر : مؤسسة الرسالة الطبعة : الأولى ، 1421 هـ - 2001 م (42/443) .

5- معرفة السنن والآثار المؤلف : أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي [ ت : 10/جمادى الأولى/ 458] المحقق : سيد كسروي حسن الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت (1/184) .

6- كتاب الأربعين في إرشاد السائرين إلى منازل المتقين أو الأربعين الطائية المؤلف : أبو الفتوح مجد الدين محمد بن محمد بن علي الطائي الهمذاني (475- 555هـ) المحقق : عبدالستار أبوغدة الناشر : دار البشائر الإسلامية الطبعة : الأولى 1420 هـ - 1999 م الْحَدِيث الثالث عشر .

7- الاستذكار المؤلف : أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة الأولى ، 1421 – 2000 تحقيق : سالم محمد عطا ، محمد علي معوض (1/128) .

8- التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد المؤلف : أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري الناشر : وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية - المغرب ، 1387 تحقيق : مصطفى بن أحمد العلوي ,‏محمد عبد الكبير البكري (2/87) .

9- تطريز رياض الصالحين فَيْصَلْ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ آل مُبَارَك (1/463) .

10- المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج المؤلف : أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي الناشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت الطبعة الطبعة الثانية ، 1392 (3/160) .

11- نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار المؤلف : محمد بن علي بن محمد الشوكاني الناشر : إدارة الطباعة المنيرية (1/212) .

12- فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف: محمد نصر الدين محمد عويضة (10/131) .