تورية

2022-10-12 - 1444/03/16

التعريف

لغة: مأخوذة من: ورى الخبر، أى ستره، وأظهر غيره، والتورية: الستر كما فى اللسان.

 

واصطلاحا: أن يطلق لفظ له معنيان قريب وبعيد، ويراد البعيد منهما لقرينة خفية، فكأن المعنى القريب ساتر للمعنى البعيد المراد، وكانت القرينة خفية شحذا للخيال، وإثارة للتأمل، تتجاوز المعنى القريب إلى البعيد [موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - مصر] .

العناصر

1- تعريف التورية .

2- أقسام التورية .

3- حكم التورية .

4- الحذر من استخدام التورية من غير ضرورة .

الايات

1- قال تعالى: (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً) [آل عمران:28].

 

2- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة:119] .

 

3- قوله تعالى: (رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً) [الإسراء:80].

 

4- قوله تعالى: (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا) [مريم:26] .

الاحاديث

1- قال كعب بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «ولم يكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يريد غزوة إلا ورى بغيرها.. » [رواه البخاري، برقم 4418، ومسلم، برقم 2769] .

 

2- عن مطرف بن عبد الله قال صحبت عمران بن حصين من الكوفة إلى البصرة فما أتى عليه يوم إلا أنشدنا فيه شعرا وقال: « إن في معاريض الكلام مندوحة عن الكذب » [الأدب المفرد للبخاري وانظر فتح الباري (594/10 ) ] .

 

3- سويد بن حنظلة - رضي الله عنه - قال : خرجنا نريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، ومعنا وائل بن حُجْر ، فأخذه عدوٌّ له ، فتَحَرَّج القومُ أن يَحِلفوا ، وحلفتُ أنه أخي ، فَخَّلَوْا سبيله ، فأتينا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- ، فأخبرته أنَّ القوم تحرَّجوا أن يحلفوا ، وحلفتُ أنا أنه أخي ، فقال : «صدقتَ ، المسلم أخو المسلم» [أخرجه أبو داود رقم (3256) في الأيمان ، باب المعاريض في اليمين ، ورواه أيضاً ابن ماجة رقم (2119) في الكفارات ، باب من ورى في يمينه ، وفي إسناده جهالة ، وجملة " المسلم أخو المسلم " في آخر الحديث ثابتة بالأحاديث الصحيحة] .

الاثار

1- عن أنس رضي الله عنه قال : أقبل النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة وهو يردف أبا بكر رضي الله عنه وهو شيخ يعرف والنبي لا يعرف فكانوا يقولون : يا أبا بكر من هذا الغلام بين يديك ؟ فيقول : هاد يهديني السبيل [أخرجه البخاري وأحمد وابن أبي شيبة] .

 

2- عن مغيرة ؛ قال: كان إبراهيم إذا طلبه إنسان لا يحب أن يلقاه ؛ خرجت الجارية ، فقالت : اطلبوه في المسجد [المجالسة وجواهر العلم لإبي بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي (3056) ] .

 

3- قال إسحاق بن هانئ: كنا عند أحمد بن حنبل في منزله ومعه المروذي أحد طلبته ومهنا طالب آخر، فدق داق الباب فقال: المروذي هنا؟ فكأن المروذي كره أن يعلم موضعه، فوضع مهنا إصبعه في راحته وقال: ليس المروذي هاهنا، والطارق يسمع، وما يصنع المروذي هاهنا، فضحك أحمد ولم ينكر.

 

4- عن عمران بن حصين أنه قال: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب [رواه البخاري في الأدب المفرد (857)، وابن أبي شيبة (5/ 282) (26096)، والطحاوي في شرح المشكل (7/ 370) (2924). وصحح وقفه الألباني في صحيح الأدب المفرد (662) ] .

 

5- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما في المعاريض ما يغنى الرجل عن الكذب [رواه البيهقي في السنن الكبرى (10/ 335) (20841) ] .

 

6- قال النخعي رحمه الله: إذا بلغ الرجل عنك شيء قلته فقل: الله يعلم ما قلت من ذلك من شيء، فيتوهم السامع النفي، ومقصودك الله يعلم الذي قلته [الأذكار للنووي (ص: 381) ] . 7- كان الشعبي يخط دائرة ويقول للجارية: ضعي أصبعك فيها وقولي: ليس هو هاهنا [الأذكار للنووي (ص: 381) ] .

القصص

1- يذكر الإمام الذهبي رحمه الله عن ابن نجيد إسماعيل بن نجيد بن أحمد السلمي يقول: ومن محاسنه أن شيخه الزاهد أبا عثمان الحيري طلب في مجلسه مالا لبعض الثغور، فتأخر، فتألم وبكى على رؤوس الناس، فجاءه ابن نجيد بألفي درهم، فدعا له، ثم إنه نوه به، وقال:قد رجوت لأبي عمرو بما فعل، فإنه قد ناب عن الجماعة، وحمل كذا وكذا، فقام ابن نجيد، وقال:لكن إنما حملت من مال أمي وهي كارهة، فينبغي أن ترده لترضى. فأمر أبو عثمان بالكيس فرد إليه، فلما جن الليل جاء بالكيس والتمس من الشيخ ستر ذلك، فبكى، وكان بعد ذلك يقول:أنا أخشى من همة أبي عمرو [سير أعلام النبلاء (31/172) ] .

 

2- لما هَزم الحجاجُ عبدَ الرحمن بن الأشعث وقتَل أصحابَه وأسرَ بعضهم، كتب إليه عبدُ الملك بن مَرْوان أن يَعْرِض الأسرى على السيف، فمَن أقرَّ منهم بالكفر خلِّى سبيلَه، ومَن أبَى يَقْتله، فأُتي منهم بعامر الشًعبي ومطرِّف بن عبد الله بن الشخير وسعيد بن جُبَير؟ فأمّا الشعبي ومطرِّف فذَهبا إلى التعريض والكناية ولم يُصرِّحا بالكفر، فَقبِل كلامهما وعفا عنهما؟ وأمّا سعيد ابن جُبير فأبى ذلك فقتل. وكان مما عرَّض به الشعبي، فقال؛ أَصلح الله الأمير، نَبا المنزل، وأَحْزَن بنا الجَناب، واستَحلَسْنا الخوفَ، واكتَحلنا السهرَ، وخَبطتنا فتنةٌ لم نكن فيها برَرَة أتقياء، ولا فَجَرة أقوياء.

قال؛ صدقَ والله، ما بَرُّوا بخروجهم علينا ولا قَوُوا، خَلّيا عنه. ثم قُدِّم إليه مُطرِّف بن عبد الله، فقال له الحجّاج: أَتُقِرّ على نفسِك بالكفر؟ قال: إنّ مَن شق العصا، وسَفَك الدماء، ونكث البَيْعة، وأخاف المسلمين لجديرٌ بالكفر؟ قال: خليا عنه. ثمّ قُدّم إليه سعيد بن جُبير، فقال له: أتقِر على نفسك بالكُفر؟ قال: ما كفرتُ بالله مذ آمنت به؟ قال: اضربوا عُنقه [العقد الفريد لابن عبد ربه (2/ 297)] .

 

3- دُعِي أبو هريرة إلى طعام فقال: إني صائم - ما أراد أن يأكل من هذا الطعام- فرأوه يأكل بعد ذلك، فقالوا: ألم تقل إنك صائم؟ قال: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، فأنا أصوم ثلاثة أيام من كل شهر.

الاشعار

الدراسات

متفرقات

1- قسم الشيخ محي الدين بن أحمد مصطفى درويش التورية إلى أربعة أقسام القسم الأول: التورية المجردة وسميت بذلك لتحردها من اللوازم وهي قسمان أيضا:

 

أ- المجردة التي ذكر معها لازم المورّى به وهو المعنى القريب ولازم المورّى عنه وهو المعنى البعيد كقول مجير الدين بن تميم:

مدينة حمص كعبة الحسن أصبحت *** يطوف بها دان ويسعى بها قاصي

له حلة من نبتها سندسية *** تعلق في أذيال أستارها العاصي

فإن ذكر التعلق بأذيال الكعبة هنا على سبيل الاستعارة ترشيح للعاصي من العصيان كما سبق، وقد رد بعضهم على ابن خطيب داريا فقال:

مدينة حمص لم تكن قط كعبة *** يطوف بها دان ويسعى بها قاصي

ولكنها للهو والقصف حانة *** ألم تنظروها كيف جاورها العاصي

 

ب- التورية المبينة: هي التي ذكر فيها لازم من لوازم المورى عنه ومن أمثلتها ما يحكى أن نقيب الأشراف ببغداد كان يهوى غلاما اسمه صدقة أخذه ابن المنير الطرابلسي يوما وأضافه وجلسوا في طبقة وإذا بالشريف أتى إليهم مستخفيا وقال لهم:

يا من هم في الطبقة *** هل عندكم من شفقة؟

قد جاءكم متيّم *** يطلب منكم «صدقه»

فأجابه ابن المنير في الحال:

يا من أتانا سرقه *** بمهجة محترقة جدّك

يا ذا لم يجز *** أخذك منا «صدقه»

فخجل وذهب عنهما والشاهد في قول الشريف «متيم» يرشح المعنى المورى عنه في صدقة وهو اسم محبوبه والمعنى الثاني ظاهر وهو الصلة للفقراء.

 

ج- التورية المهيئة: وهي التي لا يتهيأ معها في الكلام تورية إلا باللفظ قبله أو الذي بعده كقول الدماميني:

يا عذولي في مغن مطرب *** حرّك الأوتار لما سفرا

لم تهز العطف منه طربا *** عند ما تسمع منه وترا

فإن لفظة تسمع هيأت قوله «وترا» للتورية بالرؤية وهو المعنى البعيد وأما المعنى القريب فأحد الأوتار للطنبور [إعراب القرآن وبيانه لمحيي الدين بن أحمد مصطفى درويش (4/296) ] .

 

2- سئل الشيخ سعيد بن مسقر عن حكم التورية فأجاب: التورية أن يقول الإنسان كلاماً يفهم منه غيره غير ما يعنيه هو، يقول العلماء فيها إنها من الكذب، ولكنها جائزة فقط عند الضرورة، أما بغير الضرورة فلا تجوز. ما هي التورية؟ التورية شخص من السلف أظنه الذهبي، كان عنده في بيته غرفة اسمها دمشق، وكان إذا دق عليه أحد وما أراد أن يخرج ذهب إلى الغرفة التي اسمها دمشق، وإذا سأل الناس زوجته أو بنته عنه، قالت: في دمشق، فيفهم الناس أنه في دمشق الشام، وهي تعني أنه في غرفته دمشق. وأحدهم كان يقول لزوجته ضعي دائرة في الجدار وهي عند الباب ترد عليه، فيقولون: فلان موجود فتضع إصبعها في الدائرة وتقول: ليس هنا، يعني قصدها ليس في الدائرة، وذاك يفهم ما هو هنا يعني ليس في البيت، هذه عند الضرورة تجوز، لكن بغير الضرورة لا تجوز؛ لأنها تعلم الكذب.

 

3- قال الإمام ابن العربي رحمه الله: الخديعة في الحرب تكون بالتورية، وتكون بالكمين يعده الجيش، وتكون بخلف الوعد، وذلك كذب من المستثنى الجائز من المحرم [عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي، 4/ 146] .

 

4- قال ابن قتيبة - رحمه الله -: وقد رُخِّص في الكذب في الحرب، لأنها خُدعة، وفي الإصلاح بين النّاس، وفي إرضاء الرَّجل أهله. ورُخص له أن يُوريَ في يمينه إلى شيء، إذا ظُلم أو خاف على نفسه، والتّورية أن ينويَ غير ما نوى مُسْتَحْلِفُهُ [انظر: تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، ص85] .

التحليلات

الإحالات

1- القائد إلى العقائد و هو القسم الرابع من كتاب (( التنكيل بما تأنيب الكوثري من الأباطيل )) للعلامة : عبد الرحمن المعلمي اليماني (1/101) .

2- البيان والبديع المؤلف: مناهج جامعة المدينة العالمية الناشر: جامعة المدينة العالمية (1/447) .

3- موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة المؤلف: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – مصر أعده للشاملة/ عويسيان التميمي البصري (1/168) .

4- فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري المؤلف: سعيد بن علي بن وهب القحطاني أصل الكتاب: رسالة دكتوراه، من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الناشر: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد الطبعة: الأولى، 1421هـ (2/733) .

5- شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم المؤلف: نشوان بن سعيد الحميرى اليمني (المتوفى: 573هـ) المحقق: د حسين بن عبد الله العمري - مطهر بن علي الإرياني - د يوسف محمد عبد الله الناشر: دار الفكر المعاصر (بيروت - لبنان)، دار الفكر (دمشق - سورية) الطبعة: الأولى، 1420 هـ - 1999 م (11/7141) .

6- موسوعة الأخلاق الإسلامية إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف الناشر: موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net (2/499) . 7- الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة المؤلف: حسين بن عودة العوايشة الناشر: المكتبة الإسلامية (عمان - الأردن)، دار ابن حزم (بيروت - لبنان) الطبعة: الأولى، من 1423 - 1429 هـ (ينظر التفصيل بأول كل جزء) (7/73) .

8- كتاب الآداب المؤلف : فؤاد بن عبد العزيز الشلهوب (1/114) .

9- رياض الصالحين المؤلف : النووي المحقق : د. ماهر ياسين الفحل رئيس قسم الحديث - كلية العلوم الإسلامية - جامعة الأنبار (2/196) .

10- خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : تقي الدين أبي بكر علي بن عبد الله الحموي الأزراري الناشر : دار ومكتبة الهلال – بيروت الطبعة الأولى ، 1987 تحقيق : عصام شعيتو (2/5-251) .

11- الموسوعة الفقهية الكويتية صادر عن : وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت الطبعة : ( من 1404 - 1427 هـ) (18/329) .

12- فتح الباري شرح صحيح البخاري المؤلف : أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي الناشر : دار المعرفة - بيروت ، 1379 تحقيق : أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي (10/594) .

13- عون المعبود شرح سنن أبي داود المؤلف : محمد شمس الحق العظيم آبادي أبو الطيب الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة الثانية ، 1415 (13/213) .