تعاون

2022-10-10 - 1444/03/14

اقتباس

تعاون

التعريف

التعاون في اللغة من العون ، والعون هو الظهير على الأمر ، ويجمع على أعوان. وتقول العرب: إذا جاءت السنة جاء معها أعوانها ، ويعنون السنة الجدب وبالأعوان الجراد والذئاب والأمراض. والرجل المعوان من كان كثير العون وحسن المعونة. وسمي الإناء ماعونا لما فيه من عون الجاء والمحتاج ، كما جاء في التنزيل: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ)[الماعون: 7]. ومن مرادفات اللفظة المفيدة في هذا البحث: الوزير والردء.

 

ومنه قوله تعالى في حق موسى عليه السلام إذ سأل ربه: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي)[طه:29] (هَارُونَ أَخِي )[طه: 30] (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي)[طه:31] (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)[طه:32]، وقوله سبحانه في ذات الموضوع في مقام آخر: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ)[القصص:34]. والشاهد من الآيات الكريمات مفردات: الوزير والأزر والردء. أما الوزير فمشتق من الأزر وهو الظهر؛ لأن الظهر مجمع الحركة في الجسم وقوام استقامته، وسمي الإزار إزارا لأنه يشد به الظهر، ومنه يفهم التعبير القرآني: (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي)[طه:31] فهو مشدود بحزم وحزام وقوة ، ومنه قول الشاعر:

شددت به أزري وأيقنت أنه *** أخو الفقر من ضاقت عليه مذاهبه

 

(لسان العرب 5/282، 283)، 12-298، تفسير الماوردي 3/13،14).

 

أما الردء فمأخوذ من أردأه أي: أعانه. قال صاحب اللسان: فلان ردء لفلان أي ينصره ويشد ظهره ، فالردء هو العون والناصر (لسان العرب 1/84، 85).

 

التَّعاون اصطلاحًا:

التَّعاون هو: "المساعدة على الحقِّ ابتغاء الأجر مِن الله سبحانه"(موسوعة الأخلاق؛ لخالد الخراز: 441).

العناصر

1- معنى التَّعاون وأهميته

 

2- التَّرغيب في التَّعاون

 

3- أقسام التَّعاون

 

4- آثار التَّعاون على الإثم والعدوان

 

5- صورٌ مِن التَّعاون

 

6- الأسباب المعينة على اكتساب التَّعاون

الايات

1- قال الله تعالى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ * وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ)[البقرة:44-46].

 

2- قَالَ تَعَالَى: (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)[المائدة:2].

 

3- قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ * يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[آل عمران:100- 103].

 

4- قوله تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)[النساء:114].

 

5- قوله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً)[النساء:174-175].

 

6- قوله تعالى: (قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)[الأعراف: 128].

 

7- قوله تعالى: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا)[طه: 29-35].

 

8- قوله تعالى: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ)[القصص:34-35]

 

9- قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[الحجرات:10].

 

10- قوله تعالى: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا)[الإنسان:9].

 

11- قالَ تَعَالَى: (وَالْعَصْرِ إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)[العصر:1-2].

 

الاحاديث

1- عن عكرمة قال لي ابن عباس ولابنه علي انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه فانطلقنا فإذا هو في حائط يصلحه فأخذ رداءه فاحتبى ثم أنشأ يحدثنا حتى أتى ذكر بناء المسجد فقال: كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين فرآه النبي -صلى الله عليه وسلم- فينفض التراب عنه ويقول: "ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار" قال يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن (رواه البخاري:447).

 

2- عن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا حِلْفَ في الإسْلامِ، وأَيُّما حِلْفٍ كانَ في الجاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الإسْلامُ إلّا شِدَّةً"(رواه مسلم:٢٥٣٠).

 

3- عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قال النبي صلى الله عليه و سلم: "إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم"(رواه البخاري:2486).

 

4- عن ابن عباس -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "المسلمون تتكافأ دماؤهم. وهم يد على من سواهم. يسعى بذمتهم أدناهم وبرد على أقصاهم"(رواه ابن ماجه:2683، وصححه الألباني).

 

5- عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوادِّهِمْ، وتَراحُمِهِمْ، وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكى منه عُضْوٌ تَداعى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمّى"(أخرجه البخاري:٦٠١١، ومسلم:٢٥٨٦).

 

6- عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كالْبُنْيانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بيْنَ أَصابِعِهِ"(أخرجه البخاري:٢٤٤٦، ومسلم:٢٥٨٥).

 

7- عن جرير بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: كُنَّا عِنْدَ رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- في صَدْرِ النَّهَارِ، قالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ العَبَاءِ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِن مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِن مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- لِما رَأَى بهِمْ مِنَ الفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فأمَرَ بلَالًا فأذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الذي خَلَقَكُمْ مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) إلى آخِرِ الآيَةِ، (إنَّ اللَّهَ كانَ علَيْكُم رَقِيبًا) [النساء:١] وَالآيَةَ الَّتي في الحَشْرِ: (اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ)[الحشر:١٨] تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِن دِينَارِهِ، مِن دِرْهَمِهِ، مِن ثَوْبِهِ، مِن صَاعِ بُرِّهِ، مِن صَاعِ تَمْرِهِ، حتَّى قالَ، ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ قالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ بصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قدْ عَجَزَتْ، قالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِن طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- يَتَهَلَّلُ، كَأنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَن عَمِلَ بهَا بَعْدَهُ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أُجُورِهِمْ شيءٌ، وَمَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كانَ عليه وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَن عَمِلَ بهَا مِن بَعْدِهِ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أَوْزَارِهِمْ شيءٌ"(رواه مسلم:١٠١٧).

 

8- عن الزبير بن العوام -رضي الله عنه- قال: أنَّهُ لمّا كانَ يَومُ أُحُدٍ أقبَلَتِ امرَأةٌ تَسعى، حتى إذا كادَتْ أنْ تُشرِفَ على القَتلى، قال: فكَرِهَ النَّبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- أنْ تَراهم. فقال: "المَرأةَ، المَرأةَ" قال الزُّبَيرُ: فتوَسَّمتُ أنَّها أُمِّي صَفيَّةُ، قال: فخرَجتُ أسعى إليها، فأدرَكتُها قَبلَ أنْ تَنتَهيَ إلى القَتلى، قال: فلَدَمَتْ في صَدري، وكانتِ امرَأةً جَلدةً، قالتْ: إليكَ، لا أرضَ لكَ. قال: فقلتُ: إنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- عزَمَ عليكِ قال: فوقَفَتْ، وأخرَجَتْ ثَوبَيْنِ معها، فقالتْ: هذان ثَوبانِ جِئتُ بهما لِأخي حَمزةَ، فقد بلَغَني مَقتَلُهُ، فكَفِّنوهُ فيهما. قال: فجِئْنا بالثَّوبَيْنِ لِنُكَفِّنَ فيهما حَمزةَ، فإذا إلى جَنبِهِ رَجُلٌ مِنَ الأنصارِ قَتيلٌ، قد فُعِلَ به كما فُعِلَ بِحَمزةَ، قال: فوجَدْنا غَضاضةً وحَياءً أنْ نُكَفِّنَ حَمزةَ في ثَوبَيْنِ، والأنصاريُّ لا كفَنَ له. فقُلْنا: لِحَمزةَ ثَوبٌ، ولِلأنصاريِّ ثَوبٌ. فقَدَرناهما فكانَ أحَدُهما أكبَرَ مِنَ الآخَرِ، فأقرَعْنا بَينَهما، فكَفَّنّا كُلَّ واحِدٍ منهما في الثَّوبِ الذي طارَ له (أخرجه أحمد:١٤١٨، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن).

 

9- عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليس المؤمِنُ الذي يشبَعُ وجارُه جائِعٌ"(أخرجه البخاري في الأدب المفرد:١١٢).

 

10- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كَمْ من جارٍ مُتَعَلِّقٍ بِجارِهِ يقولُ: يا رَبِّ سَلْ هذا لمْ أغلقَ عَنِّي بابَهُ، ومَنَعَنِي فضلهُ؟"(أخرجه البخاري في الأدب المفرد:١١١، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة:٢٦٤٦: له شاهد قوي).

 

11- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "بيْنَما نَحْنُ في سَفَرٍ مع النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- إذْ جاءَ رَجُلٌ على راحِلَةٍ له، قالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمالًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن كانَ معهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ به على مَن لا ظَهْرَ له، وَمَن كانَ له فَضْلٌ مِن زادٍ، فَلْيَعُدْ به على مَن لا زادَ له" قالَ: فَذَكَرَ مِن أَصْنافِ المالِ ما ذَكَرَ حتّى رَأَيْنا أنَّهُ لا حَقَّ لأَحَدٍ مِنّا في فَضْلٍ (رواه مسلم:١٧٢٨).

 

12- عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ واحِدٍ، إنِ اشْتَكى عَيْنُهُ، اشْتَكى كُلُّهُ، وإنِ اشْتَكى رَأْسُهُ، اشْتَكى كُلُّهُ"(أخرجه البخاري:٦٠١١ بمعناه، ومسلم:٢٥٨٦).

 

13- عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المؤمِنُ مِنْ أهلِ الإيمانِ بمنزلةِ الرأسِ مِنَ الجسدِ، يأْلَمُ المؤمِنُ لِأهلِ الإيمانِ، كما يأْلَمُ الجسدُ لِما في الرأسِ"(أخرجه أحمد:٢٢٩٢٨، وحسنه الألباني في صحيح الجامع:٦٦٥٩).

 

14- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كانَ يُؤْتى بالرَّجُلِ المُتَوَفّى عليه الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلًا؟" فإنْ حُدِّثَ أنَّه تَرَكَ وفاءً صَلّى، وإلّا قالَ لِلْمُسْلِمِينَ: "صَلُّوا على صاحِبِكُمْ" فَلَمّا فَتَحَ اللَّهُ عليه الفُتُوحَ، قالَ: "أنا أوْلى بالمُؤْمِنِينَ مِن أنْفُسِهِمْ، فمَن تُوُفِّيَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضاؤُهُ، ومَن تَرَكَ مالًا فَلِوَرَثَتِهِ"(رواه البخاري:٥٣٧١).

 

15- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: لَمّا قَدِمَ المُهاجِرُونَ، مِن مَكَّةَ، المَدِينَةَ، قَدِمُوا وَليسَ بأَيْدِيهِمْ شيءٌ، وَكانَ الأنْصارُ أَهْلَ الأرْضِ والْعَقارِ، فَقاسَمَهُمُ الأنْصارُ على أَنْ أَعْطَوْهُمْ أَنْصافَ ثِمارِ أَمْوالِهِمْ، كُلَّ عامٍ، وَيَكْفُونَهُمُ العَمَلَ والْمَؤُونَةَ ...(أخرجه البخاري:٢٦٣٠، ومسلم:١٧٧١).

 

16- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يؤمِنُ أحدُكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسِه"(أخرجه البخاري:١٣، ومسلم:٤٥).

 

17- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: لمّا قدمَ النبي ﷺ المدينةَ أتاهُ المُهاجرونَ فقالوا: يا رسولَ اللَّهِ ما رأينا قومًا أبذلَ من كثيرٍ ولاَ أحسنَ مواساةً من قليلٍ من قومٍ نزلنا بينَ أظْهرِهم لقد كفَونا المؤنةَ وأشرَكونا في المَهنإِ حتّى خِفنا أن يذْهبوا بالأجرِ كلِّهِ. فقالَ النبي ﷺ: "لاَ ما دعوتُمُ اللَّهَ لَهم وأثنيتُم عليْهِم"(رواه الترمذي:٢٤٨٧، وصححه الألباني).

 

18- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قالتِ الأنْصارُ للنبيِّ ﷺ: اقْسِمْ بيْنَنا وبيْنَ إخْوانِنا النَّخِيلَ، قالَ: "لا" فقالوا: تَكْفُونا المَئُونَةَ، ونَشْرَكْكُمْ في الثَّمَرَةِ، قالوا: سَمِعْنا وأَطَعْنا (رواه البخاري:٢٣٢٥).

 

19- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يَبْلُغُ به أَلا رَجُلٌ يَمْنَحُ أَهْلَ بَيْتٍ ناقَةً، تَغْدُو بعُسٍّ، وَتَرُوحُ بعُسٍّ، إنَّ أَجْرَها لَعَظِيمٌ"(رواه مسلم:١٠١٩).

 

20- عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن كانَتْ له أرْضٌ فَلْيَزْرَعْها، فإنْ لَمْ يَزْرَعْها، فَلْيُزْرِعْها أخاهُ"(أخرجه البخاري:٢٣٤٠، ومسلم:١٥٣٦).

 

21- عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "انصر أخاك ظالـمًا أو مظلومًا" قيل: يا رسول الله، هذا نصرته مظلومًا، فكيف ننصره ظالـمًا؟ قال: "تأخذ فوق يده"(رواه البخاري:2444).

 

22- عن أبي عبد الرَّحمن زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن جهَّز غازيًّا في سبيل الله فقد غزا، ومَن خلَّف غازيًا في أهله بخيرٍ فقد غزا"( رواه البخاري:2843، ومسلم:1895).

الاثار

1- قال عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه-: "عليك بإخوان الصّدق فعش في أكنافهم فإنّهم زين في الرّخاء وعدّة في البلاء" (الإخوان لابن أبي الدنيا:116، وإحياء علوم الدين:2-171).

 

2- قال المغيرة بن شعبة- رضي اللّه عنه-: "التّارك للإخوان متروك" (أدب الدنيا والدين:211).

 

3- قال عطاء بن أبي رباح -رحمه اللّه تعالى-: "تفقّدوا إخوانكم بعد ثلاث فإن كانوا مرضى فعودوهم أو مشاغيل فأعينوهم أو كانوا نسوا فذكّروهم" (إحياء علوم الدين:2-176).

 

4- قال أبو جعفر بن صهبان- رحمه اللّه تعالى-: "كان يقال: أوّل المودّة طلاقة الوجه، والثّانية التّودّد، والثّالثة قضاء حوائج النّاس"(الإخوان لابن أبي الدنيا:194).

 

5- قال داود الطّائيّ لرجل طلب منه الوصيّة: "اصحب أهل التّقوى، فإنّهم أيسر أهل الدّنيا عليك مئونة، وأكثرهم لك معونة" (الإخوان لابن أبي الدنيا:124، والحلية:7-346).

 

6- قال التابعي الجليل أبو حازم الأعرج رحمه الله تعالى "لقد رأيتنا في مجلس زيد بن أسلم أربعين فقيها أدنى خصلة فينا التواسي بما في أيدينا"(سير أعلام النبلاء:٥-٣١٦).

 

7- قال مقاتل بن سليمان: "اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي يقول: اشدد به ظهري، وليكون عونًا لي، وأشركه في أمري الذي أمرتني به، يتَّعظون لأمرنا ونتعاون كلانا جميعًا"(تفسير مقاتل بن سليمان:3-26).

 

8- قال عطاء بن أبي رباح: "تفقَّدوا إخوانكم بعد ثلاث، فإن كانوا مرضى فعودوهم، أو مشاغيل فأعينوهم، أو نسوا فذكِّروهم"(إحياء علوم الدِّين:2-176).

القصص

1- عن جرير بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: كُنَّا عِنْدَ رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- في صَدْرِ النَّهَارِ، قالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ العَبَاءِ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِن مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِن مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- لِما رَأَى بهِمْ مِنَ الفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فأمَرَ بلَالًا فأذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الذي خَلَقَكُمْ مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) إلى آخِرِ الآيَةِ، (إنَّ اللَّهَ كانَ علَيْكُم رَقِيبًا) [النساء:١] وَالآيَةَ الَّتي في الحَشْرِ: (اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ)[الحشر:١٨] تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِن دِينَارِهِ، مِن دِرْهَمِهِ، مِن ثَوْبِهِ، مِن صَاعِ بُرِّهِ، مِن صَاعِ تَمْرِهِ، حتَّى قالَ، ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ قالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ بصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قدْ عَجَزَتْ، قالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِن طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- يَتَهَلَّلُ، كَأنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَن عَمِلَ بهَا بَعْدَهُ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أُجُورِهِمْ شيءٌ، وَمَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كانَ عليه وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَن عَمِلَ بهَا مِن بَعْدِهِ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أَوْزَارِهِمْ شيءٌ"(رواه مسلم:١٠١٧).

 

2- عن الزبير بن العوام -رضي الله عنه- قال: أنَّهُ لمّا كانَ يَومُ أُحُدٍ أقبَلَتِ امرَأةٌ تَسعى، حتى إذا كادَتْ أنْ تُشرِفَ على القَتلى، قال: فكَرِهَ النَّبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- أنْ تَراهم. فقال: "المَرأةَ، المَرأةَ" قال الزُّبَيرُ: فتوَسَّمتُ أنَّها أُمِّي صَفيَّةُ، قال: فخرَجتُ أسعى إليها، فأدرَكتُها قَبلَ أنْ تَنتَهيَ إلى القَتلى، قال: فلَدَمَتْ في صَدري، وكانتِ امرَأةً جَلدةً، قالتْ: إليكَ، لا أرضَ لكَ. قال: فقلتُ: إنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- عزَمَ عليكِ قال: فوقَفَتْ، وأخرَجَتْ ثَوبَيْنِ معها، فقالتْ: هذان ثَوبانِ جِئتُ بهما لِأخي حَمزةَ، فقد بلَغَني مَقتَلُهُ، فكَفِّنوهُ فيهما. قال: فجِئْنا بالثَّوبَيْنِ لِنُكَفِّنَ فيهما حَمزةَ، فإذا إلى جَنبِهِ رَجُلٌ مِنَ الأنصارِ قَتيلٌ، قد فُعِلَ به كما فُعِلَ بِحَمزةَ، قال: فوجَدْنا غَضاضةً وحَياءً أنْ نُكَفِّنَ حَمزةَ في ثَوبَيْنِ، والأنصاريُّ لا كفَنَ له. فقُلْنا: لِحَمزةَ ثَوبٌ، ولِلأنصاريِّ ثَوبٌ. فقَدَرناهما فكانَ أحَدُهما أكبَرَ مِنَ الآخَرِ، فأقرَعْنا بَينَهما، فكَفَّنّا كُلَّ واحِدٍ منهما في الثَّوبِ الذي طارَ له (أخرجه أحمد:١٤١٨، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن).

 

 

3- رُوِي أنَّ أكثم بن صيفي دعا أولاده عند موته، فاستدعى بضمامة مِن السِّهام، وتقدَّم إلى كلِّ واحدٍ أن يكسرها، فلم يقدر أحدٌ على كسرها، ثمَّ بدَّدها وتقدَّم إليهم أن يكسروها، فاستهلوا كسرها، فقال: كونوا مجتمعين؛ ليعجز مَن ناوأكم عن كسركم كعجزكم (صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم؛ لحسين المهدي:2-135)

 

4- دعا يزيد بن المهلَّب ولده حبيبًا ومَن حضر مِن ولده، ودعا بسهام، فحزمت، وقال: أفترونكم كاسريها مجتمعةً؟ فقالوا: لا. قال: أفترونكم كاسريها مفترقةً؟ قالوا: نعم، قال: هكذا الجماعة (صفحات مشرقة مِن حياة السَّابقين؛ لنذير محمد كتبي:362)

الاشعار

1- قال بعض الشّعراء:

هموم رجال في أمور كثيرة *** وهمّي من الدّنيا صديق مساعد

نكون كروح بين جسمين قسّمت *** فجسماهما جسمان والرّوح واحد

(أدب الدنيا والدين:200).

 

2- قال أحدهم:

واذكر له فضل التعاون يقتفي *** فيه طريق شقيقه المفضال

رأي به إفلاح مصر وعزّها *** نسجاه من برّ على منوال

عمر إليه دعا وأحمد لم يدع *** سعياً يسير به إلى الإكمال

فاليوم إذ بلغ التعاون ما نرى *** في مصر من شأن ومن إقبال

فليذك في القوم الثناء عليهما *** طيباً كما يذكو نسيم غوالي

(المختارات؛ لخالد مطران:2-261)

 

3- قال أحمد شوقي:

ذاد الكرى عن مقلتيك حمامُ *** لباه شوقٌ ساهرٌ وغرام

حيرانُ، مشبوبُ المضاجعِ، ليلُه ***حربٌ، وليلُ النائمين سلام

بين الدُّجى لكما وعادية ِ الدّجى *** مهجٌ تُؤلِّفُ بينها الأَسقام

تتعاونان، وللتعاون أمة *** لا الدهرُ يخذلها ولا الأَيام

يا أيها الطيرُ الكثير سميرة *** هل ريشة جناحه فيقام؟

عانقت أغصاناً، وعانقت الجوى *** وشكوتَ، والشكوى عليَّ حرام

أمحرمَ الأجفانِ إدناء الكرى *** يَهْنِيكَ ما حرَّمتْ حين تنام

حاولن منه إلى خيالك سلماً *** لو سامحتْ بخيالك الأحلام

فأْذَنْ لِطَيْفِك أَن يُلِمَّ مُجامِلاً *** ومؤمَّلٌ من طيفك الإلمام

(ديوان أحمد شوقي:137)

4- قال غانم الروحاني:

بفضل التعاون أرست أمم *** صروحاً من المجد فوق القمم

فلم يبن مجد على فرقة *** ولن يرتفع باختلاف علم

معاً للمعالي يداً باليد *** نشيد البناء بكل الهمم

فمبدأ التعاون من ديننا *** به الله في محكمات حكم

فمدو أياديكم إخوتي *** نعيد بنا مجدنا في شمم

فهذا المعلم جيلاً يربي *** وهذا طبيب يزيل الألم

وهذا المهندس ينشأ صروحاً *** وجهد المزارع بالخير عم

كل الأيادي إذا اجتمعت *** دنا المجد حتما لنا وابتسم

بغير التعاون لن نرتقي *** وليس لنا ذكر بين الأمم

 

5- قال أحمد شوقي:

يَحكون أَن أُمَّة الأَرانِبِ *** قد أخذت من الثرى بجانبِ

وابتَهجَتْ بالوطنِ الكريمِ *** ومثلِ العيالِ والحريمِ

فاختاره الفيلُ له طريقاً *** ممزِّقاً أصحابنا تمزيقاً

وكان فيهم أرنبٌ لبيبُ *** أذهبَ جلَّ صوفهِ التَّجريب

نادى بهم يا مَعشرَ الأَرانبِ *** من عالِمٍ، وشاعرٍ، وكاتب

اتَّحِدوا ضِدَّ العَدُوِّ الجافي *** فالاتحادُ قوّة الضِّعاف

فأقبلوا مستصوبين رايهْ *** وعقدوا للاجتماعِ راية

وانتخبوا من بينِهم ثلاثه *** لا هَرَماً راعَوْا، ولا حَداثه

بل نظروا إلى كمالِ العقلِ *** واعتَبروا في ذاك سِنَّ الفضْل

فنهض الأولُ للخطِاب *** فقال إنّ الرأيَ ذا الصواب

أن تُتركَ الأرضُ لذي الخرطومِ *** كي نستريحَ من أَذى الغَشوم

فصاحت الأرانبُ الغوالي *** هذا أضرُّ من أبي الأهوال

ووثبَ الثاني فقال إني *** أَعهَدُ في الثعلبِ شيخَ الفنِّ

فلندْعُه يُمِدّنا بحِكمتِهْ *** ويأخذ اثنيْنِ جزاءَ خدمتِه

فقيلَ لا يا صاحبَ السموِّ *** لا يدفعُ العدوُّ بالعدوِّ

وانتَدَبَ الثالثُ للكلامِ *** فقال يا معاشرَ الأقوامِ

اجتمِعوا؛ فالاجتِماع قوّة *** ثم احفِروا على الطريق هُوَّه

يهوى إليها الفيلُ في مروره *** فنستَريحُ الدهرَ من شرورِه

ثم يقولُ الجيلُ بعدَ الجيلِ *** قد أَكلَ الأَرنبُ عقلَ الفيل

فاستصوبوا مقالهُ، واستحسنوا *** وعملوا من فورهم، فأحسنوا

وهلكَ الفيلُ الرفيعُ الشَّانِ *** فأَمستِ الأُمَّة ُ في أَمان

وأقبلتْ لصاحبِ التدبير *** ساعيةً بالتاجِ والسرير

فقال مهلا يا بني الأوطانِ *** إنّ محلِّي للمحلُّ الثاني

فصاحبُ الصَّوتِ القويِّ الغالبِ *** منْ قد دعا يا معشرَ الأرانب

(ديوان الشوقيات1-405)

 

6- قال قيس بن عاصم لبنيه:

بصلاح ذات البين طول بقائكم *** إن مدَّ في عمري وإن لم يمدد

حتى تلين جلدوكم وقلوبكم *** لمسود منكم وغير مُسَود

إن القداح إذا جمعن فرامها *** بالكسر ذو حنق وبطش أيِّد

عزَّت ولم تكسر وإن هي بددت *** فالوهن والتَّكسير للمتبدِّد

(ديوان المعاني:1-151)

 

7- قال الشَّاعر:

لولا التَّعاونُ بينَ النَّاسِ ما شرفتْ *** نفسٌ ولا ازدهرتْ أرضٌ بعمرانِ

(صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم؛ لحسين المهدي: 303)

 

8- قال شوقي:

إنَّ التَّعاون قوَّةٌ عُلويةٌ *** تبني الرِّجالَ وتبدعُ الأشياءَ

(صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم؛ لحسين المهدي: 303)

 

9- وقال آخر:

لعمرُك ما مال الفتى بذخيرةٍ *** ولكن إخوانَ الثِّقاتِ الذخائرُ

(عيون الأخبار؛ لابن قتيبة الدينوري:3-4)

 

10- وقال آخر:

يُعرِّفُك الإخوانُ كلٌّ بنفسِه *** وخيرُ أخٍ ما عرَّفتك الشدائدُ

(صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم؛ لحسين المهدي: 87)

 

11- وقال آخر:

أُعِين أخي أو صاحبي في بلائِه *** أقومُ إذا عضَّ الزَّمانُ وأقعُدُ

ومَن يفردِ الإخوانَ فيما ينوبُهم *** تَـنُـبْه الليالي مرَّةً وهو مفردُ

(التذكرة السعدية؛ لمحمد بن عبد الرحمن العبيدي: 321)

 

12- وقال حافظ إبراهيم:

لا تعجبنَّ لملكٍ عَزَّ جانبُه *** لولا التَّعاونُ لم تنظرْ له أثرَا

(صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم؛ لحسين المهدي: 303)

 

13- وقال آخر:

أخاك أخاك إنَّ مَن لا أخًا له *** كساعٍ إلى الهيجا بغيرِ سلاحِ

وإنَّ ابنَ عمِّ المرءِ - فاعلمْ – جناحُه *** وهل ينهضُ البازي  بغيرِ جناحِ

(عيون الأخبار؛ لابن قتيبة الدينوري:3-4)

 

14- ولله درُّ القائل:

كونوا جميعًا يا بَنيَّ إذا اعترَى *** خَطبٌ ولا تتفرَّقوا آحادَا

تأبى القِداحُ إذا اجتمعن تكسُّرًا *** وإذا افترقن تكسَّرت أفرادَا

(صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم؛ لحسين المهدي: 86)

 

15- وقال آخر:

النَّاسُ للنَّاسِ مِن بَدوٍ وحاضرةٍ *** بعضٌ لبعضٍ وإن لم يشعروا خدمُ

(موارد الظمآن لدروس الزمان؛ لعبد العزيز السلمان:4-155)

 

16- وقال آخر:

إذا العبءُ الثَّقيلُ توزَّعته *** رقابُ القومِ خفَّ على الرِّقابِ

(صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم؛ لحسين المهدي: 303)

 

17- وقال آخر:

إذا ما تأمَّلنا الأمورَ تبيَّنتْ *** لنا وأميرُ القومِ للقومِ خادمُ

(موارد الظمآن لدروس الزمان؛ لعبد العزيز السلمان:4-156)

 

18- وقال أحد الشُّعراء:

همومُ رجالٍ في أمورٍ كثيرةٍ *** وهمِّي مِن الدُّنْيا صديقٌ مساعدُ

نكونُ كروحٍ بينَ جسمين قُسمتْ *** فجسماهما جسمان والرُّوحُ واحدُ

(صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم؛ لحسين المهدي: 666)

 

19- وقال آخر:

إنِّي رأيتُ نملةً *** في حيرةٍ بين الجبال

لم تستطعْ حملَ الطَّعامِ *** وحدَها فوق الرِّمال

نادت على أختٍ لها *** تعينُها فالحملُ مال

لم يستطيعا حملَه *** تذكَّرا قولًا يُقَال

تعاونوا جميعكم *** فالخير يأتي بالوصال

نادت على إخوانِها *** جاءوا جميعًا بالحبال

جرُّوا معًا طعامَهم *** لم يعرفوا شيئًا محال

 

20- وقال حافظ إبراهيم:

إذا ألـمَّت بوادي النِّيلِ نازلةٌ *** باتت لها راسياتُ الشَّامِ تضطربُ

وإن دعا في ثرى الأهرام ذو ألمٍ *** أجابه في ذرا لبنان منتحبُ

لو أخلص النِّيلُ والأردنُ ودَّهما *** تصافحتْ منهما الأمواهُ والعشبُ

(ديوان حافظ إبراهيم: 269)

 

21- وقال آخر:

وكلُّ عضوٍ لأمرٍ ما يمارسُه *** لا مشي للكفِّ بل تمشي به القدمُ

(موارد الظمآن لدروس الزمان؛ لعبد العزيز السلمان:4-156)

 

22- وقال أحمد محرم:

وبلوتُ أسبابَ الحياةِ وقستُها *** فإذا التَّعاونُ قوَّةٌ ونجاحُ

(ديوان محرَّم؛ لأحمد محرم:1-592)

 

23- وقال آيضًا:

وإن ضاع التَّعاونُ في أناسٍ *** عَفت آثارُهم في الضَّائعينا

(ديوان محرَّم؛ لأحمد محرم:1-592)

 


 

الحكم

1- "يدٌ الله مع الجماعة"(حديث نبوي؛ رواه الترمذي وصححه الألباني)

 

2- "لا يعجز القوم إذا تعاونوا"(معجم الأمثال العربية: فصحى وعامية:المحررون: رأفت علام)

 

3- "الجبل لا يحتاج إلى جبل لكن الإنسان يحتاج إلى الإنسان"(عيون الكلام: معجم في الأقوال و الأمثال العربية و العالمية:73)

 

4- "اليد تغسل الأخرى والاثنتان تغسلان الوجه"(الحكايات؛ ميخائيل سالطيكوف)

 

5- "اجتماع السواعد يبني الوطن واجتماع القلوب يخفف المحن" مثل اسكتلندي (طلال ابن أديبة:27)

 

6- "النمل إذا اجتمع ، انتصر على السبع"(موسوعة نور الحكمة:67)

 

7- "نحلة واحدة لا تجني العسل" مثل روسي (عيون الكلام: معجم في الأقوال والأمثال العربية والعالمية:73)

 

8- "لا يبنى الحائط من حجر واحد"(موسوعة روائع الاقوال من خلال الحكم والامثال؛ لمحمد ابن منصور:2-218)

 

9- "في الجريرة تشترك العشيرة" يُضْرَب في الحثِّ على المواساة والتَّعاون (المعجم الوسيط:116)

 

10- "هل ينهض البازي بغير جناحٍ؟" يُضْرَب في الحثِّ على التَّعاون والوِفَاق (مجمع الأمثال؛ للنيسابوري:2-404)

 

11- "بالسَّاعدين تبطش الكفَّان" يُضْرَب في تعاون الرَّجلين وتساعدهما وتعاضدهما في الأمر (مجمع الأمثال؛ للنيسابوري:1-95).

 

12- "بال حمارٌ فاستبال أَحْمِرَةً" أي حملهنَّ على البول. يُضْرَب في تعاون القوم على ما تكرهه (مجمع الأمثال؛ للنيسابوري:1-98)

 

13- "مَن جاد لك بمودَّته فقد جعلك عديل نفسه، فأوَّل حقوقه اعتقاد مودَّته، ثمَّ إيناسه والانبساط إليه في غير محرَّم، ثمَّ نصحه في السِّرِّ والعلانية، ثمَّ تخفيف الأثقال عنه، ثمَّ معاونته فيما ينوبه مِن حادثة، أو يناله مِن نكبة، فإنَّ مراقبته في الظَّاهر نفاق، وتركه في الشِّدَّة لُؤْم"(أدب الدُّنْيا والدِّين؛ للماوردي:ص 176).

 

14- "فضيلة الفلَّاحين التَّعاون بالأعمال، وفضيلة التِّجَّار التَّعاون بالأموال، وفضيلة الملوك التَّعاون بالآراء والسِّياسة، وفضيلة العلماء التَّعاون بالحِكَم"(الكشكول؛ لبهاء الدين الهمذاني:2-289).

متفرقات

1- قال الماورديّ- رحمه اللّه تعالى-: تنقسم أحوال من دخل في عداد الإخوان أربعة أقسام: منهم من يعين ويستعين، ومنهم من لا يعين ولا يستعين، ومنهم من يستعين ولا يعين، ومنهم من يعين ولا يستعين. فأمّا المعين والمستعين فهو معاوض منصف يؤدّي ما عليه ويستوفي ماله، فهو كالمقرض يسعف عند الحاجة ويستردّ عند الاستغناء، وهو مشكور في معونته، ومعذور في استعانته، فهذا أعدل الإخوان. وأمّا من لا يعين ولا يستعين فهو متروك قد منع خيره وقمع شرّه فهو لا صديق يرجى، ولا عدوّ يخشى، وإذا كان الأمر كذلك فهو كالصّورة الممثّلة، يروقك حسنها، ويخونك نفعها، فلا هو مذموم لقمع شرّه، ولا هو مشكور لمنع خيره، وإن كان باللّوم أجدر. وأمّا من يستعين ولا يعين فهو لئيم كلّ، ومهين مستذلّ قد قطع عنه الرّغبة وبسط فيه الرّهبة، فلا خيره يرجى ولا شرّه يؤمن، وحسبك مهانة من رجل مستثقل عند إقلاله، ويستقلّ عند استقلاله فليس لمثله في الإخاء حظّ، ولا في الوداد نصيب. وأمّا من يعين ولا يستعين فهو كريم الطّبع، مشكور الصّنع، وقد حاز فضيلتي الابتداء والاكتفاء، فلا يرى ثقيلا في نائبة، ولا يقعد عن نهضة في معونة. فهذا أشرف الإخوان نفسا وأكرمهم طبعا فينبغي لمن أوجد له الزّمان مثله، وقلّ أن يكون له مثل؛ لأنّه البرّ الكريم والدّرّ اليتيم، أن يثني عليه خنصره، ويعضّ عليه بناجذه ويكون به أشدّ ضنّا منه بنفائس أمواله، وسنيّ ذخائره؛ لأنّ نفع الإخوان عامّ، ونفع المال خاصّ، ومن كان أعمّ نفعا فهو بالادّخار أحقّ، ثمّ لا ينبغي أن يزهد فيه لخلق أو خلقين ينكرهما منه إذا رضي سائر أخلاقه، وحمد أكثر شيمه؛ لأنّ اليسير مغفور والكمال معوز (أدب الدنيا والدين للماوردي:211- 213 بتصرف).

 

2- قال أبو حمزة الشّيبانيّ- رحمه اللّه تعالى- لمن سأله عن الإخوان في اللّه من هم؟ قال: "هم العاملون بطاعة اللّه- عزّ وجلّ- المتعاونون على أمر اللّه- عزّ وجلّ- وإن تفرّقت دورهم وأبدانهم" (الإخوان لابن أبي الدنيا (126- 127).

 

3- قال ابن المعتزّ-رحمه اللّه تعالى-: "من اتّخذ إخوانا كانوا له أعوانا" (أدب الدنيا والدين:200).

 

4- قال بعض الحكماء: "من جاد لك بمودّته، فقد جعلك عديل نفسه، فأوّل حقوقه اعتقاد مودّته، ثمّ إيناسه بالانبساط إليه في غير محرّم، ثمّ نصحه في السّرّ والعلانية، ثمّ تخفيف الأثقال عنه، ثمّ معاونته فيما ينوبه من حادثة، أو يناله من نكبة، فإنّ مراقبته في الظّاهر نفاق، وتركه في الشّدّة لؤم" (أدب الدنيا والدين:216).

 

5- قال القرطبيُّ عند قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى): "هو أمرٌ لجميع الخَلْق بالتَّعاون على البرِّ والتَّقوى، أي ليُعن بعضكم بعضًا، وتحاثُّوا على ما أمر الله تعالى واعملوا به، وانتهوا عمَّا نهى الله عنه وامتنعوا منه، وهذا موافقٌ لما رُوِي عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "الدَّالُّ على الخير كفاعله. وقال الماورديُّ: "ندب الله سبحانه إلى التَّعاون بالبرِّ، وقرنه بالتَّقوى له؛ لأنَّ في التَّقوى رضا الله تعالى، وفي البرِّ رضا النَّاس، ومَن جمع بين رضا الله تعالى ورضا النَّاس فقد تمَّت سعادته، وعمَّت نعمته (الجامع لأحكام القرآن).

 

6- قال ابن كثير عند قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى): "يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات، وهو البرُّ، وترك المنكرات وهو التَّقوى، وينهاهم عن التَّناصر على الباطل، والتَّعاون على المآثم والمحارم"(تفسير القرآن العظيم).

 

7- قال ابن باز عند قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى): "والمعنى: احذروا مغبَّة التَّعاون على الإثم والعدوان، وترك التَّعاون على البرِّ والتَّقوى، ومِن العاقبة في ذلك: شدَّة العقاب لمن خالف أمره، وارتكب نهيه وتعدَّى حدوده"(مجموع فتاوى ومقالات متنوعة:5-93).

 

8- قال أبو جعفر الطَّبري عند قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ): "يعني بذلك جلَّ ثناؤه: وتعلَّقوا بأسباب الله جميعًا. يريد بذلك -تعالى ذكره-: وتمسَّكوا بدين الله الذي أمركم به، وعهده الذي عهده إليكم في كتابه إليكم، مِن الألفة والاجتماع على كلمة الحقِّ، والتَّسليم لأمر الله"(تفسير الطبري).

 

9- قال السعدي عند قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ): "فإنَّ في اجتماع المسلمين على دينهم، وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم، وبالاجتماع يتمكَّنون مِن كلِّ أمر مِن الأمور، ويحصل لهم مِن المصالح التي تتوقَّف على الائتلاف ما لا يمكن عدُّها، مِن التَّعاون على البرِّ والتَّقوى"(تيسير الكريم الرحمن).

 

10- قال السعدي عند قوله تعالى: (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي...) الآيات "عَلِم عليه الصَّلاة والسَّلام أنَّ مدار العبادات كلِّها والدِّين على ذكر الله، فسأل اللهَ أن يجعل أخاه معه، يتساعدان ويتعاونان على البرِّ والتَّقوى، فيكثر منهما ذكر الله مِن التَّسبيح والتَّهليل وغيره مِن أنواع العبادات"(تيسير الكريم الرحمن).

 

11- قال أبو الفرج ابن الجوزي عند حديث: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا": "ظاهره الإخبار، ومعناه الأمر، وهو تحريضٌ على التَّعاون"(كشف المشكل مِن حديث الصَّحيحين:1-405).

 

12- قال ابن بطَّال في شرح هذا الحديث: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه" قال: "فيه حضٌّ على التَّعاون، وحسن التَّعاشر، والألفة، والسِّتر على المؤمن، وترك التَّسمع به، والإشهار لذنوبه"(شرح صحيح البخاري:6-571).

 

13- قال ابن بطَّال عند حديث: "انصر أخاك ظالـمًا أو مظلومًا" قال: "والنُّصرة عند العرب: الإعانة والتَّأييد، وقد فسَّره رسول الله أنَّ نصر الظالم منعه مِن الظُّلم؛ لأنَّه إذا تركته على ظلمه ولم تكفه عنه أدَّاه ذلك إلى أن يُقْتَصَّ منه؛ فمنعك له مما يوجب عليه القصاص نصره، وهذا يدلُّ مِن باب الحكم للشَّيء، وتسميته بما يؤول إليه"(شرح صحيح البخاري:6-572).

 

14- قال العيني عند حديث: "انصر أخاك ظالـمًا أو مظلومًا" قال: "النُّصرة تستلزم الإعانة"(عمدة القاري:12-289).

 

15- قال ابن بطَّال عند حديث: "مَن جهَّز غازيًّا في سبيل الله فقد غزا" قال: "قال الطَّبري: وفيه مِن الفقه أنَّ كلَّ مَن أعان مؤمنًا على عمل برٍّ فللمُعِين عليه أجر مثل العامل، وإذا أخبر الرَّسول أنَّ مَن جهَّز غازيًا فقد غزا، فكذلك مَن فطَّر صائمًا أو قوَّاه على صومه، وكذلك مَن أعان حاجًّا أو معتمرًا بما يتقوى به على حجِّه أو عمرته حتى يأتى ذلك على تمامه فله مثل أجره. ومَن أعان فإنَّما يجيء مِن حقوق الله بنفسه أو بماله حتى يغلبه على الباطل بمعونة، فله مثل أجر القائم، ثمَّ كذلك سائر أعمال البرِّ، وإذا كان ذلك بحكم المعونة على أعمال البرِّ فمثله المعونة على معاصي الله وما يكرهه الله، للمعين عليها مِن الوزر والإثم مثل ما لعاملها"(عمدة القاري؛ للعيني:12-289).

 

16- قال ابن عثيمين: عند حديث: "مَن جهَّز غازيًّا في سبيل الله فقد غزا ومَن خلَّف غازيًا في أهله بخيرٍ فقد غزا" قال: "هذا مِن التَّعاون على البرِّ والتَّقوى، فإذا جهَّز الإنسان غازيًا، يعني براحلته ومتاعه وسلاحه، إذا جهَّزه بذلك فقد غزا، أي كُتِب له أجر الغازي؛ لأنَّه أعانه على الخير. وكذلك مَن خَلَفَه في أهله بخير فقد غزا، يعني لو أنَّ الغازي أراد أن يغزو ولكنَّه أُشْكِل عليه أهله من يكون عند حاجاتهم، فانتدب رجلًا مِن المسلمين وقال: اخلفني في أهلي بخير، فإنَّ هذا الذي خلفه يكون له أجر الغازي؛ لأنَّه أعانه"(شرح رياض الصالحين:2-374).

 

17- قال النَّوويُّ في تعليقه على حديث: "مثل المؤمنين في توادهم..." قال: "صريحٌ في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم بعضًا، وحثِّهم على التَّراحم والملاطفة والتَّعاضد في غير إثمٍ ولا مكروهٍ"(شرح النووي على مسلم:8-395).

 

18- قال ابن تيمية: "حياة بني آدم وعيشهم في الدُّنْيا لا يتم إلَّا بمعاونة بعضهم لبعضٍ في الأقوال أخبارها وغير أخبارها وفي الأعمال أيضًا"(الفتاوى الكبرى:6-364).

 

19- قال أبو حمزة الشَّيباني لمن سأله عن الإخوان في الله مَن هم؟ قال: "هم العاملون بطاعة الله عزَّ وجلَّ المتعاونون على أمر الله عزَّ وجلَّ، وإن تفرقت دورهم وأبدانهم"(الإخوان؛ لابن أبي الدُّنْيا: 99).

 

20- قال أبو الحسن العامري: "التَّعاون على البرِّ داعية لاتِّفاق الآراء، واتِّفاق الآراء مجلبة لإيجاد المراد، مكسبة للوداد"(البصائر والذخائر؛ لأبي حيان التَّوحيدي:9-148).

 

21- قال ابن تيمية: "فإنَّ التَّعاون نوعان: الأوَّل: تعاونٌ على البرِّ والتَّقوى: مِن الجهاد وإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، وإعطاء المستحقِّين؛ فهذا ممَّا أمر الله به ورسوله. ومَن أمسك عنه خشية أن يكون مِن أعوان الظَّلمة فقد ترك فرضًا على الأعيان، أو على الكفاية متوهِّمًا أنَّه متورِّعٌ. وما أكثر ما يشتبه الجبن والفشل بالورع؛ إذ كلٌّ منهما كفٌّ وإمساكٌ.

والثَّاني: تعاونٌ على الإثم والعدوان، كالإعانة على دمٍ معصومٍ، أو أخذ مالٍ معصومٍ، أو ضرب مَن لا يستحقُّ الضَّرب، ونحو ذلك؛ فهذا الذي حرَّمه الله ورسوله. نعم، إذا كانت الأموال قد أُخِذَت بغير حقٍّ، وقد تعذَّر ردُّها إلى أصحابها، ككثيرٍ مِن الأموال السُّلطانيَّة؛ فالإعانة على صرف هذه الأموال في مصالح المسلمين كسداد الثُّغور، ونفقة المقاتلة، ونحو ذلك: مِن الإعانة على البرِّ والتَّقوى"(السياسة الشَّرعية:40).

 

22- قال أبو هلال العسكري: "أجود ما قيل في التَّضافر والتَّعاون قول قيس بن عاصم المنقري يُوصي ولده وقومه: وجدت في كتاب غير مسموع لما حضر عبد الملك بن مروان الوفاة وعاينته، وقال: يا بني، أُوصيكم بتقوى الله، وليعطف الكبير منكم على الصَّغير، ولا يجهل الصَّغير حقَّ الكبير، وأكرموا مسلمة بن عبد الملك؛ فإنَّه نابكم الذي عنه تعبرون، ومِجَنَّكم الذي به تستجيرون، ولا تقطعوا مِن دونه رأيًا ولا تعصوا له أمرًا، وأكرموا الحجاج ابن يوسف؛ فإنَّه الذي وطَّأ لكم المغابر، وذلَّل لكم قارب العرب، وعليكم بالتَّعاون والتَّضافر، وإيَّاكم والتَّقاطع والتَّدابر"(ديوان المعاني:1-151)

 

23- قال ابن تيمية: "فإنَّ الإمام ليس هو ربًّا لرعيته حتى يستغني عنهم، ولا هو رسول الله إليهم حتى يكون هو الواسطة بينهم وبين الله. وإنَّما هو والرَّعية شركاء يتعاونون هم وهو على مصلحة الدِّين والدُّنْيا، فلا بدَّ له مِن إعانتهم، ولا بدَّ لهم مِن إعانته، كأمير القافلة الذي يسير بهم في الطَّريق: إن سلك بهم الطَّريق اتبعوه، وإن أخطأ عن الطَّريق نبَّهوه وأرشدوه، وإن خرج عليهم صائلٌ يصول عليهم تعاون هو وهم على دفعه"(منهاج السُّنَّة:5-463).

 

24- قال ابن خلدون: "فلابد للإنسان في تحصيل الغذاء والدفاع عن النفس من التعاون عليهم بأبناء جنسه، وما لم يكن هذا التعاون، فلا يحصل لهم قوت ولا غذاء ولا تتم حياته. وإذا كان له التعاون حصل له القوت للغذاء، والسلاح للمدافعة"(مقدمة ابن خلدون).

 

25- قال ابن خويز منداد: "والتعاون على البر والتقوى يكون بوجوه: فواجب على العالم أن يعين الناس بعلمه، ويعينهم الغنى بماله، والشجاع بشجاعته في سبيل الله، وأن يكون المسلمون كاليد الواحدة لقوله - صلى الله عليه وسلم - " المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم"(الجامع لأحكام القرآن؛ للقرطبي:6-46).

 

26- قال الإمام الشافعي في سرة العصر: "إن الناس أو أكثرهم في غفلة عن تدبر هذه السورة، والتواصي بالحق تعاون عليه، والتواصي بالصبر تعاون عليه كذلك وكلاهما يقوى الروابط بين الناس"(دليل الفالحين:1-339).

 

27- قال الماوردي: "واعلم أن الدنيا لم تكن قط لجميع أهلها مسعدة، ولا عن كافة ذويها معرضة، لأن إعراضها عن جميعهم عطب، وإسعادها لكافتهم فساد، لائتلافهم بالاختلاف والتباين، واتفاقهم بالمساعدة والتعاون، فإذا تساوى حينئذ جميعهم، لم يجد أحدهم إلى الاستعانة بغيره سبيلا، وأما إذ تباينوا واختلفوا، صاروا مؤتلفين بالمعونة متواصلين بالحاجة، لأن ذا الحاجة وصول والمحتاج إليه موصول قال تعالى: (ولا يزالون مختلفين* إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم)[هود 118-119] قال الحسن: مختلفين في الرزق، هذا غنى وهذا فقير ولذلك خلقهم يعنى لاختلافهم بالغنى والفقر"(أدب الدنيا والدين: ص 135).

 

28- "مخلوقات جعل الله في فطرتها نوع تعاون، إمَّا لتأمين غذائها أو الدِّفاع عن نفسها وجماعتها، ويظهر ذلك في جنسي النَّمل والنَّحل.

فقد شُوهِد أنَّ النَّمل إذا عثر على عسل في وعاء، ولم يتمكَّن مِن الوصول إليه مباشرة؛ لوجود ماء أو سائل يحول بينه وبين هذا العسل، فإنَّه يتعاون بطريقة فدائيَّة انتحاريَّة؛ فتتقدَّم فِرَقٌ بعد أخرى فتلتصق بالسَّائل وتموت، وتتقدَّم غيرها مثلها حتى تتكون قنطرة مِن جثث النَّمل الميِّت يعبر عليها الأحياء الباقون، فيدخلون الوعاء، ويصلون إلى العسل، ويبلغون مأربهم. هذا في حال اليُسْر والغذاء.

أمَّا في حال العُسْر والتَّعرُّض للمخاطر: فإنَّ مجاميع النَّمل إذا تعرَّضت لتيَّار مائي داهم - مثلًا - فإنَّ بعضها يمسك ببعض ثمَّ تكوِّن كتلة كرويَّة متماسكة تتحمَّل اندفاع التَّيَّار، ثمَّ تعمل حركتين في آن واحد، إحداهما: تتحرَّك فيها الأرجل كالمجاديف في اتجاه واحد نحو أقرب شاطئ، والثَّانية: حركة دائريَّة مِن أعلى إلى أسفل؛ ليتم تقاسم التَّنفُّس بين الجميع، فإذا ما تنفَّس مَن في الأعلى حصل انقلاب؛ ليرتفع مَن في جهة القاع، فيأخذ حظه مِن النَّفس، وهكذا في حركة دائريَّة حتى يبلغوا شاطئ الأمان.

فسبحان الذي أعطى كلَّ شيء خَلْقَه ثمَّ هدى. وسبحان مَن وهب الإنسان العقل المفكِّر ليتأسَّى ويعتبر ويكتشف ويرقى بفكره - بعد هداية الله وتوفيقه - ليكون خيرًا مِن الأنعام.

أمَّا النَّحل فنظامه في تكوين مملكته، وإنتاج عسله، وترتيب الأعمال بين أفراد خليَّته، فعَجَبٌ عُجَاب في التَّعاون والتَّناوب، ولله في خلقه شؤون"(مجلة البحوث الإسلامية)) العدد (51)، ربيع الأول - جمادى الثانية، 1418هـ، (198-199).

 

 

 

 

الإحالات

1- كتاب التعاون؛ تأليف الدكتور يحي أحمد الدرديري.

 

2- رسالة مهمة في التعاون والتناصح بين أهل الإسلام على اختلافهم؛ يزن الغانم.

 

3- الصوارف عن الحق ويليه دراسة نقدية لقاعدة المعذرة والتعاون (نتعاون فيما اتفقنا عليه ، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه) د. حمد بن إبراهيم العثمان.

 

4- جهاد الأعداء ووجوب التعاون بين المسلمين؛ الشيخ عبدالرحمن السعدي.