تذكر

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

التذكر لغة:

مصدر تذكّر على وزن تفعّل وهذا الوزن يفيد التّدرّج والارتقاء شيئا فشيئا، يقول الجوهريّ: وذكرت الشّيء بعد النّسيان وذكرته بلساني وبقلبي، وتذكّرته وأذكرته غيري وذكّرته بمعنى (واحد) قال اللّه تعالى (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) [يوسف: 45] أي ذكره بعد نسيان وأصله اذتكر فأدغم، والتّذكرة ما تستذكر به الحاجة [الصحاح (2/ 565) ]  ... ونقل في اللّسان عن الفرّاء قوله: يكون الذّكرى بمعنى الذّكر، ويكون بمعنى التّذكّر، في قوله تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) [الذاريات: 55]، والذّكر والذّكرى، بالكسر: نقيض النّسيان، وكذلك الذّكرة [لسان العرب (4/ 308- 309)، المصباح المنير (1/ 223) ] .

واصطلاحا:

قال ابن القيّم- رحمه اللّه- في منزلة التّذكّر: والتّذكّر تفعّل من الذّكر، وهو ضدّ النّسيان، وهو حضور صورة المذكور العلميّة في القلب، واختير له بناء التّفعّل لحصوله بعد مهلة وتدرّج، كالتّبصّر والتّفهّم والتّعلّم.

 

العناصر

1- معنى التذكر .

 

 

2- الشقاء كل الشقاء أن يحرم العبد نعمة التذكر بالقرآن .

 

 

3- التذكر لا يكون للعبد إلا بعد الفهم لمدلولات القرآن .

 

 

4- التذكر ميدان عمله القلب والذكر ميدان عمله اللسان .

 

 

5- تذكر ما أعده الله للمؤمنين من أعظم ما يعين على التقوى والرجوع إلي الله .

 

 

6- أهمية تذكر العبد للموتى وما حصلوه من متاع الدنيا .

 

 

7- من أهم أسباب زيادة الإيمان في القلوب تذكر منازل الآخرة .

 

 

8- أهمية التذكر في إصلاح القلوب وما ران عليه من قسوة .

 

 

9- أقسام الناس في التذكر والتذكير .

 

 

10- عاقبة من ذُكر بآيات الله فلم يتذكر .

 

الايات

1- قول الله تعالى: (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) [الأنعام: 80] .

 

 

2- قوله تعالى: (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [هود: 24] .

 

 

3- قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) [فاطر: 36- 37] .

 

 

4- قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [الجاثية: 23] .

 

 

5- قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) [آل عمران: 7] .

 

 

6- قوله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الأنعام: 152] .

 

 

7- قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) [الأعراف: 201] .

 

 

8- قوله تعالى: (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) [ص: 29] .

 

 

9- قوله تعالى: (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى) [الأعلى: 9- 11] .

 

 

10- قوله تعالى: (كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِي ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) [ الفجر: 21- 23] .

 

الاحاديث

1- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: زار النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قبر أمّه، فبكى وأبكى من حوله، فقال: «استأذنت ربّي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور؛ فإنّها تذكّر بالموت»[رواه مسلم (976) ] .

 

 

2- عن حذيفة- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «أنّ رجلا مات فدخل الجنّة، فقيل له: ما كنت تعمل؟ (قال: فإمّا ذكر وإمّا ذكّر) فقال: إنّي كنت أبايع النّاس، فكنت أنظر المعسر وأتجوّز في السّكّة أو في النّقد. فغفر له» فقال أبو مسعود: وأنا سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.[رواه مسلم (1560) ].

 

 

3- عن حنظلة الأسيّديّ  قال: (وكان من كتّاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت؟ يا حنظلة، قال: قلت: نافق حنظلة. قال: سبحان اللّه ما تقول؟، قال: قلت: نكون عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، يذكّرنا بالنّار والجنّة، حتّى كأنّا رأي عين ، فإذا خرجنا من عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، عافسنا  الأزواج والأولاد والضّيعات. فنسينا كثيرا، قال أبو بكر: فو اللّه إنّا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر، حتّى دخلنا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قلت: نافق حنظلة، يا رسول اللّه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «وما ذاك؟»، قلت: يا رسول اللّه نكون عندك تذكّرنا بالنّار والجنّة، حتّى كأنّا رأي عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضّيعات، نسينا كثيرا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «والّذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذّكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة» ثلاث مرّات.[رواه مسلم (2750) ] .

 

 

4- عن بريدة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنّ في زيارتها تذكرة»[رواه مسلم (977)، وأبو داود (3235) واللفظ له، وقال الألباني صحيح- الأحكام (188) ] .

 

الاثار

1- قال عصام بن المصطلق: دخلت المدينة فرأيت الحسن بن عليّ- عليهما السّلام- فأعجبني سمته وحسن روائه، فأثار منّي الحسد ما كان يجنّه صدري لأبيه من البغض، فقلت: أنت ابن أبي طالب، قال: نعم، فبالغت في شتمه وشتم أبيه، فنظر إليّ نظرة عاطف رءوف، ثمّ قال: أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم بسم اللّه الرّحمن الرّحيم (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) [الأعراف: 199- 201] فقرأ إلى قوله (تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ)، ثمّ قال لي: خفّض عليك، استغفر اللّه لي ولك، إنّك لو استعنتنا أعنّاك، ولو استرفدتنا أرفدناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، فتوسّم فيّ النّدم على ما فرط منّي فقال: (قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف: 92] أمن أهل الشّام أنت؟ قلت: نعم. فقال:«شنشنة أعرفها من أخزم» حيّاك اللّه وبيّاك، وعافاك، وآداك ؛ انبسط إلينا في حوائجك وما يعرض لك، تجدنا عند أفضل ظنّك، إن شاء اللّه، قال عصام: فضاقت عليّ الأرض بما رحبت، ووددت أنّها ساخت بي، ثمّ تسلّلت منه لواذا، وما على وجه الأرض أحبّ إليّ منه ومن أبيه.[ تفسير القرطبي مج 2، ج 9، ص (350- 351) ] .

 

 

2- قال سعيد بن جبير في قوله تعالى: (تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) [الأعرافك 201] هو الرّجل يغضب الغضبة فيذكر اللّه تعالى فيكظم الغيظ. وقال مجاهد: الرّجل يهمّ بالذّنب فيذكر اللّه فيدعه. وقال مقاتل: «إنّ المتّقي إذا أصابه نزغ من الشّيطان تذكّر وعرف أنّه معصيه فأبصر فنزع عن مخالفة اللّه [ تفسير البغوي، مج 5، ج 9، ص (225) ] .

 

القصص

الاشعار

1- لله در ابن المبارك حيث قال:

إن الذي دفن الأباعد *** والأقربين صاعدا فصاعدا

عساك يوما تذكر الملاحدا *** يا من يرمي أن يكون خالدا

شربت فاعلمه حديدا باردا *** لا بد تلقى طيبا و زائدا

[فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف: محمد نصر الدين محمد عويضة (2/279) ]

 

2- كان عمر بن عبد العزيز ينشد هذه الأبيات:

من كان حين تصيب الشمس جبهته *** أو الغبار يخالف الشين والشعثا

ويألف الظل كي تبقى بشاشته *** فكيف يسكن يوما راغما جدثا

في ظل مقفرة غبراء مظلمة *** يطيل تحت الثرا في غمه اللبثا

تجهزي بجهاز تبلغين به *** يا نفس قبل الردى لم تخلقي عبثا

[فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف: محمد نصر الدين محمد عويضة (2/279) ] .

 

3- أخرج الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء عن ميمون بن مهران أنه قال:

دخلت على عمر بن عبد العزيز يوما وعنده سابق البربري الشاعر، وهو ينشد شعرا، فانتهى في شعره إلى هذه الأبيات:

فكم من صحيح بات للموت آمنا *** أتته المنايا بغتة بعد ما هجع

فلم يستطع إذ جاءه الموت بغتة *** فرارا ولا منه بقوته امتنع

فأصبح تبكيه النساء مقنعا *** ولا يسمع الداعى وإن صوته رفع

وقرب من لحد فصار مقيله *** وفارق ما قد كان بالأمس قد جمع

فلا يترك الموت الغنى لماله *** ولا معدما في المال ذا حاجة يدع

[فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف: محمد نصر الدين محمد عويضة (2/287) ] .

الدراسات

متفرقات

1- قال ابن القيّم: فمنزلة التّذكّر من التّفكّر منزلة حصول الشّيء المطلوب بعد التّفتيش عليه، ولهذا كانت آيات اللّه- المتلوّة والمشهودة ذكرى، كما قال في المتلوّة (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ* هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) [غافر: 53- 54] وقال عن القرآن: (وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) [الحاقة:48]، وقال في آياته المشهودة: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ* وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ* تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) [ق: 6- 8].فالتّبصرة آلة البصر، والتّذكرة آلة الذّكر، وقرن بينهما وجعلهما لأهل الإنابة؛ لأنّ العبد إذا أناب إلى اللّه أبصر مواقع الايات والعبر، فاستدلّ بها على ما هي آيات له. فزال عنه الإعراض بالإنابة، والعمى بالتّبصرة، والغفلة بالتّذكرة؛ لأنّ التّبصرة توجب له حصول صورة المدلول في القلب بعد غفلته عنها.

فترتيب المنازل الثّلاثة أحسن ترتيب، ثمّ إنّ كلّا منها يمدّ صاحبه ويقوّيه ويثمره.وقال تعالى في آياته المشهودة: (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ  إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) [ق: 36- 37] .

والنّاس ثلاثة: رجل قلبه ميّت، فذلك الّذي لا قلب له، فهذا ليست الاية ذكرى في حقّه.

الثّاني: رجل له قلب حيّ مستعدّ، لكنّه غير مستمع للايات المتلوّة، الّتي يخبر بها اللّه عن الايات المشهودة، إمّا لعدم ورودها، أو لوصولها إليه، ولكنّ قلبه مشغول عنها بغيرها، فهو غائب القلب ليس حاضرا، فهذا أيضا لا تحصل له الذّكرى، مع استعداده ووجود قلبه.

والثّالث: رجل حيّ القلب مستعدّ، تليت عليه الايات، فأصغى بسمعه، وألقى السّمع وأحضر قلبه، ولم يشغله بغير فهم ما يسمعه، فهو شاهد القلب، ملقي السّمع، فهذا القسم هو الّذي ينتفع بالايات المتلوّة والمشهودة .

فالأوّل: بمنزلة الأعمى الّذي لا يبصر.

والثّاني: بمنزلة البصير الطّامح ببصره إلى غير جهة المنظور إليه، فكلاهما لا يراه.

والثّالث: بمنزلة البصير الّذي قد حدّق إلى جهة المنظور، وأتبعه بصره، وقابله على توسّط من البعد والقرب، فهذا هو الّذي يراه.فسبحان من جعل كلامه شفاء لما في الصّدور.

فاعلم أنّ الرّجل قد يكون له قلب وقّاد، مليء باستخراج العبر، واستنباط الحكم، فهذا قلبه يوقعه على التّذكّر والاعتبار، فإذا سمع الايات كانت له نورا على نور. وهؤلاء أكمل خلق اللّه. وأعظمهم إيمانا وبصيرة، حتّى كأنّ الّذي أخبرهم به الرّسول مشاهد لهم.

فصاحب هذا القلب إذا سمع الايات وفي قلبه نور من البصيرة ازداد بها نورا إلى نوره. فإن لم يكن للعبد مثل هذا القلب فألقى السّمع وشهد قلبه ولم يغب حصل له التّذكّر أيضا.[مدارج السالكين (1/ 474- 477) باختصار ] .

 

 

2- قال ابن كثير في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) [الأعراف: 201] أي تذكّروا عقاب اللّه وجزيل ثوابه ووعده ووعيده، فتابوا وأنابوا واستعاذوا باللّه ورجعوا إليه من قريب.[تفسير ابن كثير، مج 2، ج 9، ص (290) ] .

 

 

3- ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة عمرو ابن جامع من تاريخه أنّ شابّا كان يتعبّد في المسجد فهويته امرأة فدعته إلى نفسها فما زالت به حتّى كاد يدخل معها المنزل، فذكر هذه الاية (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) [الأعراف: 201] فخرّ مغشيّا عليه ثمّ أفاق فأعادها فمات، فجاء عمرو فعزّى فيه أباه وكان قد دفن ليلا فذهب فصلّى على قبره بمن معه ثمّ ناداه عمرو فقال يا فتى، (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) [الرحمن: 46] فأجابه الفتى من داخل القبر: يا عمرو قد أعطانيها ربّي- عزّ وجلّ- في الجنّة مرّتين.[ تفسير ابن كثير، مج 2، ج 9، ص (291) ] .

 

التحليلات

الإحالات

1- إثبات عذاب القبر المؤلف : أحمد بن الحسين البيهقي أبو بكر الناشر : دار الفرقان - عمان الأردن الطبعة الثانية ، 1405 تحقيق : د. شرف محمود القضاة (1/47) .

2- الأسماء والصفات المؤلف : البيهقي أحمد بن الحسين أبو بكر 458 هجرية المحقق : عبد الله بن محمد الحاشدي الناشر : مكتبة السوادي – جدة الطبعة : الأولى (1/555) .

3- كتاب أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : نخبة من العلماء الطبعة : الأولى الناشر : وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية تاريخ النشر : 1421هـ (1/52) .

4- البرزخ - رسالة دكتوراة للشيخ محمد حيدر .

5- الشرح الميسر لكتاب التوحيد تأليف: عبد الملك بن محمد بن عبد الرحمن القاسم (1/188) .

6- الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ) حققه: مُحَمَّد أجمل الإصْلاَحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري الناشر: مجمع الفقه الإسلامي بجدة، ط دار عالم الفوائد بجدة الطبعة: الأولى، 1429 (1/94) .

7- مجلة البحوث الإسلامية - مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة الإرشاد المؤلف: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد (63/183) .

8- مجموع رسائل الحافظ ابن رجب الحنبلي المؤلف: زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن، السَلامي، البغدادي، ثم الدمشقي، الحنبلي (المتوفى: 795هـ) المحقق: أبو مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني الناشر: الفاروق الحديثة للطباعة والنشر (4/119) .

9- دروس للشيخ عبد الله الجلالي المؤلف: د. عبد الله بن حمد الجلالي مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية http://www.islamweb.net - من عوامل الاستقامة: تذكر الحياة الآخرة.

10- صلاح البيوت في جهد الرسول - صلى الله عليه وسلم المؤلف: محمد علي محمد إمام الناشر: مطبعة السلام - ميت غمر، مصر الطبعة: الأولى، 2009 م (1/108) .

11- موسوعة الرقائق والأدب المؤلف: ياسر بن أحمد بن محمود بن أحمد بن أبي الحمد الكويس الحمداني (1/3973) .

12- يا صاحب الستين المؤلف: علي بن سعيد بن دعجم الناشر: دار القاسم (1/8) .

13- نظرات في التربية الإيمانية المؤلف: مجدي الهلالي (1/78) .

14- فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف: محمد نصر الدين محمد عويضة (2/279) .