بشاشة

2022-10-05 - 1444/03/09

التعريف

البشاشة لغة:

 

مصدر بشّ، وهو مأخوذ من مادّة (ب ش ش) الّتي تدلّ بحسب وضع اللّغة على معنى واحد هو اللّقاء الجميل والضّحك إلى الإنسان سرورا به، أنشد ابن دريد:

 

لا يعدم السّائل منه وفرا *** وقبله بشاشة وبشرا

 

بشّ يبشّ بشّا وبشاشة والبشاشة: طلاقة الوجه. والبشّ: اللّطف في المسألة، والإقبال على الرّجل، وقيل: هو أن يضحك له، وقيل فرح الصّديق بالصّديق، ولقاؤه لقاء جميلا. ويقال: رجل هشّ بشّ: أي طلق الوجه طيّب. ويقال للوجه: البشيش، فيقال فلان مضيء البشيش. ويقال: تبشبش به أي آنسه وواصله. لسان العرب (288- 289)، والصحاح (3-996)، وتاج العروس (4-283).

 

والبشّ: اللّطف في المسألة والإقبال على الرّجل وقيل: هو أن يضحك له ويلقاه لقاء جميلا، والبشاشة طلاقة الوجه، وبشاشة اللّقاء: الفرح بالمرء والانبساط إليه والأنس به، ورجل هشّ بشّ وبشّاشّ: طلق الوجه طيّب، وقد بششت به (بالكسر) أبشّ بشّا وبشاشة اللسان (مادة بشش وطلق).

 

واصطلاحا:

 

هي سرور يظهر في الوجه يدلّ به على ما في القلب من حبّ اللّقاء والفرح بالمقابلة.

 

العناصر

1- معنى البشاشة وطلاقة الوجه.

 

2- ثواب وعظم طلاقة الوجه عند الله.

 

3- بشاشة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

4- حاجة الأجيال لقادة ومعلمين ومربين يتصفون بالبشاشة.

 

5- من ثمرات البشاشة.

 

الايات

1- قال الله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ * إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة: 22- 23].

 

2- قوله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ) [عبس: 38- 39].

 

3- قوله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ * لِسَعْيِها راضِيَةٌ) [الغاشية: 8- 9].

 

4- قوله تعالى: (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) [المطففين: 24].

 

5- قوله تعالى: (وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً) [الانشقاق: 9].

 

الاحاديث

1- عن عبد الرّحمن بن عوف -رضي اللّه عنه- قال: رآني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعليّ بشاشة العرس.فقلت: تزوّجت امرأة من الأنصار. فقال: “كم أصدقتها؟” فقلت: نواة من ذهب. رواه البخاري: (5148) ومسلم: (1427.

 

2- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “ما توطّن رجل مسلم المساجد للصّلاة والذّكر إلّا تبشبش اللّه له كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم” رواه ابن ماجة: (800) وقال في الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله ثقات. وأحمد: (2/ 307) رقم: (8051) وقال شاكر: (15/ 204): إسناده صحيح.

 

3- عن عائشة - رضي اللّه عنها- أنّها قالت: إنّ رجلا استأذن على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فلمّا رآه قال:”بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة” . فلمّا جلس تطلّق النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في وجهه وانبسط إليه. فلمّا انطلق الرّجل قالت له عائشة: يا رسول اللّه حين رأيت الرّجل قلت له كذا وكذا. ثمّ تطلّقت في وجهه وانبسطت إليه. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم “يا عائشة متى عهدتني فاحشا؟ إنّ شرّ النّاس عند اللّه منزلة يوم القيامة من تركه النّاس اتّقاء شرّه” رواه البخاري: (6032) ومسلم: (2591).

 

4- عن جابر بن عبد اللّه - رضي اللّه عنهما- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “كلّ معروف صدقة، وإنّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك” رواه الترمذي: (1970) وقال: حسن. وأصله عند البخاري: (6021) ومسلم: (1005).

 

5- عن أبي ذرّ -رضي اللّه عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “لا تحقرنّ من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق” رواه مسلم: (2626).

 

6- عن أبي جريّ جابر بن سليم، قال: رأيت رجلا يصدر النّاس عن رأيه، لا يقول شيئا إلّا صدروا عنه، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. قلت: عليك السّلام يا رسول اللّه، مرّتين، قال: “لا تقل عليك السّلام؛ فإنّ عليك السّلام تحيّة الميّت، قل: السّلام عليك”. قال: قلت: أنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ قال: “أنا رسول اللّه الّذي إذا أصابك ضرّ فدعوته كشفه عنك، وإن أصابك عام سنة فدعوته أنبتها لك، وإذا كنت بأرض قفراء أو فلاة فضلّت راحلتك فدعوته ردّها عليك”. قلت: اعهد إليّ، قال: “لا تسبّنّ أحدا “ قال: فما سببت بعده حرّا ولا عبدا ولا بعيرا ولا شاة، قال: “ولا تحقرنّ شيئا من المعروف، وأن تكلّم أخاك، وأنت منبسط إليه وجهك إنّ ذلك من المعروف. وارفع إزارك إلى نصف السّاق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإيّاك وإسبال الإزار، فإنّها من المخيلة ، وإنّ اللّه لا يحبّ المخيلة. وإن امرؤ شتمك وعيّرك بما يعلم فيك فلا تعيّره بما تعلم فيه، فإنّما وبال ذلك عليه”. رواه أبو داود: (4084) وصححه الألباني).

 

7- عن كعب بن مالك -رضي اللّه عنه- أنّه قال: لم أتخلّف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في غزوة غزاها إلّا في غزوة تبوك ... الحديث. وفيه: قال كعب: فلمّا سلّمت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال، وهو يبرق وجهه من السّرور ويقول: “أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمّك”. قال فقلت: أمن عندك يا رسول اللّه، أم من عند اللّه؟ فقال: “لا، بل من عند اللّه” وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا سرّ استنار وجهه. كأنّ وجهه قطعة قمر. قال وكنّا نعرف ذلك. قال: فلمّا جلست بين يديه قلت ...الحديث). رواه البخاري: (4418) ومسلم: (2769) واللفظ له.

 

8- عن بريدة الأسلميّ -رضي اللّه عنه- أنّه قال: إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان لا يتطيّر من شيء، وكان إذا بعث عاملا سأل عن اسمه. فإذا أعجبه اسمه فرح به ورؤي بشر ذلك في وجهه. وإذا دخل قرية سأل عن اسمها. فإن أعجبه اسمها فرح بها ورؤي بشر ذلك في وجهه. وإن كره اسمها رؤي كراهية ذلك في وجهه. رواه أبو داود: (3920) وقال الألباني (2/ 742): صحيح وهو في الصحيحة (2401) برقم (762)، وعزاه لابن حبان وتمام وغيرهما. وأحمد: (5/ 347- 348)\.

 

9- عن أبي طلحة الأنصاريّ -رضي اللّه عنه- أنّه قال: جاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يوما وهو يرى البشر في وجهه، فقيل: يا رسول اللّه، إنّا نرى في وجهك بشرا لم نكن نراه؟ قال: “أجل إنّ ملكا أتاني فقال لي: يا محمّد إنّ ربّك يقول لك: أما يرضيك أن لا يصلّي عليك أحد من أمّتك إلّا صلّيت عليه عشرا، ولا يسلّم عليك إلّا سلّمت عليه عشرا .. قال: قلت: بلى” رواه النسائي: (3/ 44). وقال الألباني (1/ 272): حسن. والدارمي: (2/ 408) رقم: (2773) واللفظ له. وأحمد: (3/ 332).

 

10- عن سعد بن أبي وقّاص -رضي اللّه عنه- قال: استأذن عمر بن الخطّاب -رضي اللّه عنه- على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وعنده نسوة من قريش يسألنه ويستكثرنه عالية أصواتهنّ على صوت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فلمّا استأذن عمر تبادرن الحجاب، فأذن له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فدخل والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يضحك، فقال أضحك اللّه سنّك يا رسول اللّه، بأبي أنت وأمّي. فقال: “عجبت من هؤلاء اللّاتي كنّ عندي، لمّا سمعن صوتك تبادرن الحجاب”. فقال: أنت أحقّ أن يهبن يا رسول اللّه. ثمّ أقبل عليهنّ فقال: يا عدوّات أنفسهنّ، أتهبنني ولم تهبن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ فقلن: إنّك أفظّ وأغلظ من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “إيه يا ابن الخطّاب، والّذي نفسي بيده ما لقيك الشّيطان سالكا فجّا إلّا سلك فجّا غير فجّك” رواه البخاري: (6085).

 

11- عن جرير بن عبد اللّه البجليّ -رضي اللّه عنه- أنّه قال: ما حجبني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم منذ أسلمت، ولا رآني إلّا تبسّم في وجهي ولقد شكوت إليه أنّي لا أثبت على الخيل. فضرب بيده في صدري وقال: “اللّهمّ ثبّته واجعله هاديا مهديّا”. رواه البخاري: (3035، 3036) ومسلم: (2475).

 

12- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ، غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ ضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. رواه البخاري: (3149).

 

13- عن عائِشةَ -رضِي اللهُ عنها- قالت: استأذَنَت هالةُ بنتُ خُوَيلدٍ؛ أختُ خديجةَ على رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فعرَف استِئذانَ خديجةَ، فارتاح لذلك، فقال: "اللَّهمَّ هالةُ بنتُ خُوَيلدٍ"! فغِرْتُ؛ فقلْتُ: وما تذكُرُ مِن عجوزٍ مِن عجائِزِ قُرَيشٍ، حمراءَ الشِّدقَينِ، هلكَتْ في الدَّهرِ، فأبدَلك اللهُ خيرًا منها؟! أخرجه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم: (3821)، ورواه موصولًا مسلم: (2437) واللَّفظُ له.

 

14- عن أنسٍ رضِي اللهُ عنه: أنَّ رجُلًا جاء إلى النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يومَ الجُمعةِ وهو يخطُبُ بالمدينةِ، فقال: قَحَط المطرُ، فاستسقِ ربَّك، فنظَر إلى السَّماءِ وما نرى مِن سحابٍ، فاستسقى، فنشأ السَّحابُ بعضُه إلى بعضٍ، ثُمَّ مُطِروا حتى سالت مثاعِبُ المدينةِ، فما زالت إلى الجُمعةِ المُقبِلةِ ما تُقلِعُ! ثُمَّ قام ذلك الرَّجلُ أو غَيرُه، والنَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يخطُبُ، فقال: غَرِقْنا، فادعُ ربَّك يَحبِسْها عنَّا، فضحِك، ثُمَّ قال: "اللَّهمَّ حَوالَينا.." أخرجه البخاري: (6093) واللَّفظُ له، ومسلم: (897).

 

15- عن عُروةُ بنُ الزُّبَيرِ، وفاطِمةُ بنتُ المُنذِرِ بنِ الزُّبَيرِ: أنَّهما قالا: خرجَت أسماءُ بنتُ أبي بكرٍ حينَ هاجرَت وهي حُبلى بعبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ، فقدِمَت قُباءً، فنُفِسَت بعبدِ اللهِ بقُباءٍ، ثُمَّ خرجَت حينَ نُفِسَت إلى رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ليُحنِّكَه، فأخَذه رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- منها، فوضَعه في حِجرِه، ثُمَّ دعا بتَمْرةٍ، قال: قالت عائِشةُ: فمكَثْنا ساعةً نلتمِسُها قَبلَ أن نجِدَها، فمضَغها، ثُمَّ بصَقها في فيه؛ فإنَّ أوَّلَ شيءٍ دخَل بَطنَه لَريقُ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، ثُمَّ قالت أسماءُ: ثُمَّ مسَحه، وصلَّى عليه، وسمَّاه عبدَ اللهِ، ثُمَّ جاء وهو ابنُ سَبعِ سنينَ أو ثمانٍ ليُبايِعَ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، وأمَره بذلك الزُّبَيرُ، فتبسَّم رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- حينَ رآه مُقبِلًا إليه، ثُمَّ بايَعه. أخرجه مسلم: (2146).

 

16- عن أبا هُرَيرةَ رضِي اللهُ عنه كان يقولُ: أللهِ الذي لا إلهَ إلَّا هو، إن كنْتُ لأعتمِدُ بكَبِدي على الأرضِ مِن الجوعِ، وإن كنْتُ لأشُدُّ الحَجرَ على بطني مِن الجوعِ، ولقد قعَدْتُ يومًا على طريقِهم الذي يخرُجونَ منه...، وفيه: ثُمَّ مرَّ بي أبو القاسِمِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فتبسَّم حينَ رآني، وعرَف ما في نَفسي، وما في وَجهي، ثُمَّ قال: "يا أبا هِرٍّ" قلْتُ: لبَّيك يا رسولَ اللهِ، قال: "الحَقْ"، ومضى، فتبِعْتُه، فدخَل، فاستأذَن، فأذِن لي، فدخَل، فوجَد لبنًا في قَدَحٍ، فقال: "مِن أين هذا اللَّبنُ؟"، قالوا: أهداه لك فلانٌ -أو فلانةٌ-، قال: "أبا هِرٍّ"، قلْتُ: لبَّيك يا رسولَ اللهِ، قال: "الحَقْ إلى أهلِ الصُّفَّةِ فادعُهم لي"، قال: وأهلُ الصُّفَّةِ أضيافُ الإسلامِ، لا يأوونَ إلى أهلٍ ولا مالٍ، ولا على أحدٍ، إذا أتَته صَدقةٌ بعَث بها إليهم، ولم يتناوَلْ منها شيئًا، وإذا أتَته هديَّةٌ أرسَل إليهم وأصاب منها، وأشرَكهم فيها، فساءني ذلك، فقلْتُ: وما هذا اللَّبنُ في أهلِ الصُّفَّةِ؟! كنْتُ أحَقَّ أنا أن أصيبَ مِن هذا اللَّبنِ شَربةً أتقوَّى بها! فإذا جاء أمَرني، فكنْتُ أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلُغَني مِن هذا اللَّبنِ؟! ولم يكنْ مِن طاعةِ اللهِ وطاعةِ رسولِه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بُدٌّ، فأتَيتُهم، فدعَوتُهم، فأقبَلوا فاستأذَنوا فأذِن لهم، وأخَذوا مجالِسَهم مِن البَيتِ، قال: "يا أبا هرٍّ"، قلْتُ: لبَّيك يا رسولَ اللهِ، قال: "خُذْ فأعطِهم"، قال: فأخذْتُ القَدَحَ، فجعلْتُ أعطيه الرَّجلَ، فيشرَبُ حتَّى يَروى، ثُمَّ يرُدُّ عليَّ القَدحَ، فأعطيه الرَّجلَ، فيشرَبُ حتَّى يَروى، ثُمَّ يرُدُّ عليَّ القَدحَ فيشرَبُ حتَّى يَروى، ثُمَّ يرُدُّ عليَّ القَدحَ، حتَّى انتهَيتُ إلى النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وقد رَوِي القومُ كُلُّهم، فأخَذ القَدحَ، فوضَعه على يدِه، فنظَر إليَّ، فتبسَّم! فقال: "أبا هرٍّ"، قلْتُ: لبَّيك يا رسولَ اللهِ، قال: بَقيتُ أنا وأنت، قلْتُ: صدقْتَ يا رسولَ اللهِ! قال: اقعُدْ فاشرَبْ، فقعَدْتُ فشرِبْتُ، فقال: اشرَبْ فشرِبْتُ، فما زال يقولُ: اشرَبْ حتَّى قلْتُ: لا والذي بعَثك بالحقِّ ما أجِدُ له مَسلَكًا! أخرجه البخاري: (6452).

 

الاثار

1- روي أنّ عمر بن الخطّاب -رضي اللّه عنه- دخل عليه قوم من مذحج فيهم الأشتر، فصعّد فيه النّظر وصوّبه وقال: أيّهم هذا؟ قالوا: مالك بن الحارث، فقال: ما له قاتله اللّه، إنّي لأرى للمسلمين منه يوما عصيبا، فكان منه في الفتنة ما كان. تفسير القرطبي: (10-44).

 

2- قال ابن عبّاس - رضي اللّه عنهما-: ما سألني أحد عن شيء إلّا عرفت أفقيه هو أو غير فقيه. تفسير القرطبي: (10-44).

 

3- قال ابن مسعود -رضي اللّه عنه-: أفرس النّاس ثلاثة: العزيز في يوسف، حيث قال لامرأته (أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) [يوسف: 21] وابنة شعيب حين قالت لأبيها في موسى: (اسْتَأْجِرْهُ) [القصص: 26]، وأبو بكر في عمر - رضي اللّه عنهما- حيث استخلفه، وفي رواية أخرى: وامرأة فرعون حين قالت: (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْنَتَّخِذَهُ وَلَداً) [القصص: 9]. مدارج السالكين (2-506).

 

4- قال عمر بن الخطاب: اقتربوا من أفواه المطيعين، واسمعوا منهم ما يقولون، فإنه تتجلى لهم أمور صادقة. موسوعة الرد على الصوفية (184-504).

 

5- عن عبدِ اللهِ بنِ المُبارَكِ أنَّه وصَف حُسنَ الخُلقِ، فقال: “هو بَسطُ الوَجهِ، وبَذلُ المعروفِ، وكَفُّ الأذى” رواه الترمذي: (2005).

 

6- وقال ابنُ المُبارَكِ أيضًا: “إنَّه ليُعجِبُني مِن القُرَّاءِ كُلُّ طَلْقٍ مِضحاكٍ، فأمَّا مَن تلقاه بالبِشرِ، ويَلقاك بالعُبوسِ كأنَّه يَمُنُّ عليك بعَملِه؛ فلا أكثَر اللهُ في القُرَّاء مِثلَه” شعب الإيمان للبيهقي: (10/ 408، 409) رقم: (7710).

 

7- قيل للأوزاعيِّ رحِمه اللهُ: ما كرامةُ الضَّيفِ؟ قال: طَلاقةُ الوَجهِ، وطِيبُ الحديثِ. يُنظر: إحياء علوم الدين للغزالي: (2-18).

 

القصص

1- عن قَتادةَ قال: سُئِل ابنُ عُمرَ: هل كان أصحابُ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يضحَكونَ؟ قال: “نعَم، والإيمانُ في قُلوبِهم أعظَمُ مِن الجِبالِ!” أخرجه عبد الرزاق: (20671)، وأبو نعيم في حلية الأولياء: (1-311).

 

2- عن بلالِ بنِ سَعدٍ قال: “أدرَكْتُهم يشتَدُّونَ بَينَ الأغراضِ، ويضحَكُ بعضُهم إلى بعضٍ، فإذا كان اللَّيلُ كانوا رُهبانًا” أخرجه ابن المبارك في الزهد والرقائق: (144).

 

3- عن سِماكِ بنِ حَربٍ، قال: قلْتُ لجابِرِ بنِ سَمُرةَ: “أكنْتَ تُجالِسُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-؟ قال: نعَم، كثيرًا كان لا يقومُ مِن مُصلَّاه الذي يُصلِّي فيه الصُّبحَ أو الغَداةَ حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ، فإذا طلعَت الشَّمسُ قام، وكانوا يتحدَّثونَ فيأخُذونَ في أمرِ الجاهليَّةِ، فيضحَكونَ، ويتبسَّمُ” أخرجه مسلم: (670).

 

4- عن أبي جَعفَرٍ قال: "كان أحمَدُ مِن أحيَى النَّاسِ وأكرَمِهم، وأحسَنِهم عِشرةً وأدبًا، كثيرَ الإطراقِ، لا يُسمَعُ منه إلَّا المُذاكَرةُ للحديثِ وذِكرُ الصَّالِحينَ في وَقارٍ وسُكونٍ، ولفظٍ حَسنٍ، وإذا لقِيه إنسانٌ بشَّ به وأقبَل عليه، وكان يتواضَعُ للشُّيوخِ شديدًا، وكانوا يُعظِّمونَه" سير أعلام النبلاء؛ للذهبي: (11-318).

 

5- "كان ابنُ قدامةَ المقدسيُّ لا يناظِرُ أحدًا إلَّا وهو يتبسَّمُ، حتَّى قال بعضُ النَّاسِ: هذا الشيخُ يقتُلُ خصمَه بتبسُّمِه". ذيل طبقات الحنابلة؛ لابن رجب الحنبلي: (3-288).

 

6- قال الذهبيُّ عن أبي عبد الله اليونيني: "قال ابنُ الحاجبِ: وكان -رحِمه الله- مليحَ الشيبةِ، حسنَ الشكلِ والصُّورةِ، زاهدًا وقورًا، ظريفَ الشَّمائلِ، مليحَ الحركاتِ، حميدَ المساعي، بشوشَ الوجهِ، له الصيتُ المشهورُ، والإفضالُ على المنتابينَ، وكان مِن المقبولينَ المعظَّمينَ عندَ الملوكِ.

قلتُ: هذا كلُّه قاله ابنُ الحاجبِ والشيخُ الفقيهُ كهلٌ، وعاش بعدَ ذلك ثلاثينَ سنةً في ازديادٍ، وكان الشيخُ بهيًّا، نورانيًّا، عليه جلالةٌ وهيبةٌ، لا يشبعُ الشخصُ مِن النَّظرِ إليه، فرحمةُ الله عليه" تاريخ الإسلام؛ (14-894).

 

7- بقول ابنُ القيِّمِ عن نبينا صلى الله عليه وسلم: "كان جُلَّ ضحِكِه التَّبسمُّ، بل كُلُّه التَّبسُّمُ، فكان نهايةَ ضحِكِه أن تبدوَ نواجِذُه، وكان يضحَكُ ممَّا يُضحَكُ منه، وهو ممَّا يُتعجَّبُ مِن مِثلِه، ويُستغرَبُ وُقوعُه ويُستندَرُ، وللضَّحِكِ أسبابٌ عديدةٌ هذا أحدُها. والثَّاني: ضحِكُ الفَرحِ، وهو أن يرى ما يسُرُّه أو يُبَشِّرُه. والثَّالثُ: ضحِكُ الغَضبِ، وهو كثيرًا ما يَعتري الغَضبانَ إذا اشتدَّ غَضبُه، وسَببُه تعجُّبُ الغَضبانِ ممَّا أَورَدَ عليه الغَضَبَ، وشُعورُ نَفسِه بالقُدرةِ على خَصمِه وأنَّه في قَبضتِه، وقد يكونُ ضحِكُه لمَلكِه نَفسَه عندَ الغَضبِ، وإعراضِه عمَّن أغضَبه، وعَدمِ اكتِراثِه به" زاد المعاد: (1-176).

 

8- "كان ابنِ بازٍ رحمه الله يُقابِلُ النَّاسَ كُلَّهم بالبَشاشةِ والتَّرحابِ، ولا فَرقَ في ذلك عندَه بَينَ أميرٍ أو وَزيرٍ، أو قريبٍ أو بعيدٍ، أو مَن يعرِفُه أو لا يعرِفُه". جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله؛ لمحمد بن إبراهيم الحمد: (ص: 114).

 

"لقد كرَّس ابنِ عُثَيمينَ رحمه الله حياتَه للتَّدريسِ والإفادةِ رحِمه اللهُ، وقد كان بشوشَ الوَجهِ، جميلَ المُحيَّا، يتواضَعُ للخاصَّةِ والعامَّةِ، رحِمه اللهُ وغفَر له" الدر الثمين في ترجمة فقيه الأمة العلامة ابن عثيمين؛ لعصام عبد المنعم المري (ص: 420).

 

الاشعار

1- قال ابن وكيع- رحمه اللّه تعالى-: 

لاق بالبشر من لقيت من النّاس *** وعاشر بأحسن الإنصاف 

لا تخالف وإن أتوا بمحال *** تستفد ودّهم بترك الخلاف 

الآداب الشرعية (3-573).

 

2- قال الشّاعر:

لا يعدم السّائل منه وفرا *** وقبله بشاشة وبشرا

لسان العرب: (1-289).

 

3- قال بعض الشّعراء:

أزور خليلي ما بدا لي هشّه *** وقابلني منه البشاشة والبشر

فإن لم يكن هشّ وبشّ تركته *** ولو كان في اللّقيا الولاية والبشر

وحقّ الّذي ينتاب داري زائرا *** طعام وبرّ قد تقدّمه بشر

(نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المؤلف : عدد من المختصين بإشراف الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد الطبعة الرابعة (3-822).

 

4- قال عبد اللّه بن رواحة للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: 

إنّي توسّمت فيك الخير أعرفه *** واللّه يعلم أنّي ثابت البصر

 

وقال آخر:

توسّمته لمّا رأيت مهابة *** عليه وقلت المرء من آل هاشم

تفسير القرطبي: (10-44).

 

5- قال الشَّاعِرُ:

وإنَّ مُحمَّدًا لرَسولُ حقٍّ *** حَسيبٌ في نبوَّتِه نَسيبُ

أمينٌ صادِقٌ بَرٌّ تقِيٌّ *** عليمٌ ماجِدٌ هادٍ وَهوبُ

يُريك على الرِّضا والسُّخطِ وَجهًا *** تروقُ به البَشاشةُ والقُطوبُ

يُضيءُ بوَجهِه المِحرابُ ليلًا *** وتُظلِمُ في النَّهارِ به الحُروبُ

ديوان البوصيري: (ص: 84).

 

6- وقيل عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:

بادي البَشاشةِ باسِمٌ لوُفودِه *** يهتَزُّ منه للنَّدى العِطفانِ 

كفَّاه أسخى بالعطاءِ لِمُجتَدٍ *** مِن وابِلِ الغيثِ المُسِفِّ  الدَّاني

سبعينَ ألفًا فَضَّها في مجلِسٍ *** لم يبقَ منها عندَه فَلْسانِ 

يُنظر: نونية الصرصري: (1-26).

 

7- وقال آخَرُ يُعاتِبُ صديقَه:

وكنْتَ إذا ما جئْتُ أدنَيتَ مَجلِسي *** ووَجهُك مِن تلك البَشاشةِ يَقطُرُ

فمَن ليَ بالعَينِ التي كنْتَ مرَّةً *** إليَّ بها في سالِفِ الدَّهرِ تَنظُرُ

يُنظر: المستطرف؛ للأبشيهي: (1-423).

 

8- وقال ابنُ أبى الدُّنيا: حدَّثني أبو عبدِ اللهِ؛ مُحمَّدُ بنُ خَلَفٍ التَّيميُّ، قال: كان سعيدُ بنُ عُبَيدٍ الطَّائيُّ يتمثَّلُ:

الْقَ بالبِشرِ مَن لَقِيتَ مِن النَّا *** سِ جميعًا ولاقِهم بالطَّلاقهْ

ودَعِ التِّيهَ والعُبوسَ عن النَّا *** سِ فإنَّ العُبوسَ رأسُ الحَماقهْ

كُلَّما شِئْتَ أن تُعاديَ عادَيـــ *** ـتَ صديقًا وقد تَعِزُّ الصَّداقهْ 

يُنظر: الإشراف في منازل الأشراف: (ص: 225).

 

9- وقال بعضُ بَني طيِّئٍ:

خالِقِ النَّاسَ بخُلقٍ واسِعٍ *** لا تكُنْ كَلبًا على النَّاسِ تهِرْ 

والقَهم منك ببِشرٍ ثُمَّ كُنْ *** للذي تسمَعُ منهم مُغتَفِرْ 

الموشى؛ لأبي الطيب الوشاء: (ص: 29).

 

10- وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: ولبعضِ أهلِ هذا العَصرِ:

أزورُ خليلي ما بدا ليَ هَشُّه *** وقابَلني منه البَشاشةُ والبِشرُ

فإن لم يكنْ هَشٌّ وبَشٌّ تركْتُه *** ولو كان في اللُّقيا الوِلايةُ والبشرُ

وحَقُّ الذي ينتابُ داريَ زائِرًا *** طعامٌ وَبِرٌّ قد تَقدَّمه بشرُ 

يُنظر: بهجة المجالس وأنس المجالس؛ لابن عبد البر: (1-261)، الآداب الشرعية؛ لابن مفلح: (4-282).

 

11- وقال البُحتُريُّ:

يا سعيدُ والأمرُ فيك عجيبُ *** أين ذاك التَّأهيلُ والتَّرحيبُ

نَضَبَت بَينَنا البَشاشةُ والوُدْ *** دُ وغارَا كما يغورُ القليبُ 

ديوان البحتري: (1-58).

 

12- وقال إيليا أبو ماضي:

قال: البَشاشَةُ ليس تُسعِدُ كائنًا *** يأتي إلى الدُّنيا ويَذهَبُ مُرغَما

قلْتُ: ابتَسِمْ ما دام بَينَك والرَّدى *** شِبرٌ؛ فإنَّك بَعدُ لن تتَبسَّما 

ديوان أبي ماضي: (ص: 656).

 

13- وقال آخَرُ:

إنَّ حُسنَ اللِّقاءِ والبِشرَ ممَّا *** يزرَعُ الوُدَّ في فُؤادِ الكريمِ

وهُما يزرَعانِ يومًا فيومًا *** أسوأَ الظَّنِّ في فُؤادِ اللَّئيمِ 

ربيع الأبرار ونصوص الأخيار؛ للزمخشري: (2-438).

 

14- وقيل:

إذا المرءُ وافى منزِلًا منك قاصِدًا *** قِراك وأرمَـتْه لديك المسالِكُ

فكنْ باسِمًا في وَجهِه مُتهلِّلًا *** وقُلْ مرحبًا أهلًا ويومٌ مُبارَكُ

وقدِّم له ما تستطيعُ مِن القِرى *** عَجولًا ولا تبخَلْ بما هو هالِكُ

فقد قيل بَيتٌ سالِفٌ مُتقدِّمٌ *** تداوَله زيدٌ وعَمرٌو ومالِكُ

بَشاشةُ وَجهِ المرءِ خَيرٌ مِن القِرى *** فكيف بمَن يأتي به وَهْو ضاحِكُ

يُنظر: المستطرف؛ للأبشيهي: (1-359).

 

متفرقات

1- قال المُبارَكفوريُّ: “وإنَّ مِن المعروفِ”؛ أي: مِن جُملةِ أفرادِه، “أن تلقى أخاك” أي: المُسلِمَ، “بوَجهٍ” بالتَّنوينِ، “طَلْقٍ” معناه: يعني تلقاه مُنبسِطَ الوَجهِ مُتهلِّلَه” مرعاة المفاتيح: (6-344).

 

2- قال ابنُ عَلَّانَ: “أي: بوَجهٍ ضاحِكٍ مُستبشِرٍ، وذلك لِما فيه مِن إيناسِ الأخِ المُؤمِنِ، ودَفعِ الإيحاشِ عنه، وجَبرِ خاطِرِه، وبذلك يحصُلُ التَّأليفُ المطلوبُ بَينَ المُؤمِنينَ” دليل الفالحين: (2-356).

 

3- قال أيضًا: “أي: مُتهلِّلٌ بالبِشرِ والابتِسامِ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ عُنوانُ الباطِنِ، فلُقياه بذلك يُشعِرُ بمحبَّتِك له، وفَرحِك بلُقياه، والمطلوبُ مِن المُؤمِنينَ التَّوادُّ والتَّحابُّ”  يُنظر: دليل الفالحين: (5-165).

4- قال ابن مفلح -رحمه اللّه تعالى-: “على المسلم أن ينزّه نفسه عن كلّ وصف مذموم شرعا أو عقلا أو عرفا كغلّ وحقد وحسد ونكد وغضب وعجب وخيلاء ورياء وهوى وغرض سوء وقصد رديء ومكر وخديعة ومجانبة كلّ مكروه للّه تعالى، وإذا جلست مجلس علم أو غيره فاجلس بسكينة ووقار وتلقّ النّاس بالبشرى والاستبشار”. الآداب الشرعية: (3- 556).

 

5- قال السَّعديُّ عند قوله تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) [النساء: 86] قال: "التَّحيَّةُ هي: اللَّفظُ الصَّادِرُ مِن أحدِ المُتلاقِيَينِ على وَجهِ الإكرامِ والدُّعاءِ، وما يقترِنُ بذلك اللَّفظِ مِن البَشاشةِ ونَحوِها، وأعلى أنواعِ التَّحيَّةِ ما ورَد به الشَّرعُ مِن السَّلامِ ابتِداءً وردًّا، فأمَر تعالى المُؤمِنينَ أنَّهم إذا حُيُّوا بأيِّ تحيَّةٍ كانت أن يرُدُّوها بأحسَنَ منها لفظًا وبَشاشةً، أو مِثلِها في ذلك"(تفسير السعدي).

 

6- قال الطَّاهِرُ بنُ عاشورٍ عند قوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) [البقرة: 245] قال: "القَرضُ الحَسنُ: هو القَرضُ المُستكمِلُ محاسِنَ نوعِه؛ مِن كونِه عن طِيبِ نَفسٍ، وبشاشةٍ في وَجهِ المُستقرِضِ، وخُلوٍّ عن كُلِّ ما يُعَرِّضُ بالمِنَّةِ أو بتضييقِ أجَلِ القضاءِ"().

 

7- قال الزحيلي عند قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا) [الأحقاف: 15] قال: "أي: وصَّيناه وأمرْناه أن يُحسِنَ إليهما إحسانًا في الحياةِ وبَعدَ المماتِ؛ بالحُنوِّ عليهما، وبرِّهما، والإنفاقِ عليهما عندَ الحاجةِ، والبَشاشةِ عندَ لِقائِهما" التفسير المنير للزحيلي (26-32).

 

8- قال ابن كثير عند قوله تعالى: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) [المائدة: 54] قال: "وهذه صفةُ المُؤمِنينَ؛ أن يكونَ أحدُهم شديدًا عَنيفًا على الكُفَّارِ، رحيمًا بَرًّا بالأخيارِ، غَضوبًا عَبوسًا في وَجهِ الكافِرِ، ضَحوكًا بَشوشًا في وَجهِ أخيه المُؤمِنِ" تفسير ابن كثير.

 

9- قال ابنُ القيِّمِ: "فليس الثُّقَلاءُ بخَواصِّ الأولياءِ، وما ثقُل أحدٌ على قُلوبِ الصَّادِقينَ المُخلِصينَ إلَّا مِن آفةٍ هناك، وإلَّا فهذه الطَّريقُ تكسو العبدَ حلاوةً ولَطافةً وظَرْفًا" مدارج السالكين: (3-171).

 

10- قال أبو حامِدٍ الغَزاليُّ في ذمِّ الكِبرِ: "وأدنى ذلك في العالِمِ أن يُصعِّرَ خدَّه للنَّاسِ كأنَّه مُعرِضٌ عنهم، وفي العابِدِ أن يُعَبِّسَ وَجهَه، ويُقطِّبَ جبينَه كأنَّه مُنزَّهٌ عن النَّاسِ، مُستقذِرٌ لهم، أو غَضبانُ عليهم، وليس يعلَمُ المِسكينُ أنَّ الوَرعَ ليس في الجَبهةِ حتَّى تُقطَّبَ، ولا في الوَجهِ حتَّى يَعبِسَ، ولا في الخدِّ حتَّى يُصعَّرَ، ولا في الرَّقبةِ حتَّى تُطأطَأَ، ولا في الذَّيلِ حتَّى يُضمَّ، إنَّما الوَرعُ في القُلوبِ!". إحياء علوم الدين: (3-351).

 

11- قال ابنُ حِبَّانَ: "لا يجِبُ للسُّلطانِ أن يُفرِطَ البَشاشةَ والهَشاشةَ للنَّاسِ، ولا أن يُقِلَّ منهما؛ فإنَّ الإكثارَ منهما يُؤدِّي إلى الخِفَّةِ والسُّخْفِ، والإقلالُ منهما يُؤدِّي إلى العُجبِ والكِبرِ" روضة العقلاء: (ص: 269).

 

12- قال ابنُ القيِّمِ: "طَلاقةُ الوَجهِ والبِشرُ المحمودُ وسَطٌ بَينَ التَّعبيسِ والتَّقطيبِ وتصعيرِ  الخدِّ وطيِّ البِشْرِ عن البَشَرِ، وبَينَ الاستِرسالِ معَ كُلِّ أحدٍ؛ بحيثُ يُذهِبُ الهَيبةَ، ويُزيلُ الوَقارَ، ويُطمِعُ في الجانِبِ، كما أنَّ الانحِرافَ الأوَّلَ يوقِعُ الوَحشةَ والبِغْضةَ والنُّفرةَ في قُلوبِ الخَلقِ، وصاحِبُ الخُلقِ الوَسطِ مَهيبٌ محبوبٌ، عزيزٌ جانِبُه، حبيبٌ لِقاؤُه. وفي صفةِ نبيِّنا: مَن رآه بديهةً  هابه، ومَن خالَطه عِشرةً أحبَّه" مدارج السالكين: (2-311).

 

13- قال الكَرمانيُّ في شرح حديث: "يا أبا عُمَيرٍ، ما فعَل النُّغَيرُ": "النُّغَيرُ مُصغَّرُ النُّغَرِ: طائرٌ صغيرٌ كالعُصفورِ له صوتٌ حَسنٌ، ومِنقارُه أحمَرُ، "و ما فعَل"، أي: ما شأنُه وحالُه. وفي الحديثِ فوائِدُ: بيانُ جوازِ تكنيةِ الطِّفلِ ومَن لم يولَدْ له، وأنَّه ليس كَذِبًا، وجوازُ المُزاحِ والسَّجعِ في الكلامِ والتَّصغيرِ، ولعِبِ الصَّبيِّ بالعُصفورِ، وتمكينِ الوَليِّ له، والسُّؤالِ عمَّا هو عالِمٌ به، وكمالُ خُلقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، واستِمالةُ قُلوبِ الصِّغارِ، وإدخالُ السُّرورِ على قُلوبِهم". الكواكب الدراري: (22-5).

 

14- قال ابنُ المُلقِّنِ: كان عليه السَّلامُ أحسَنَ الأمَّةِ أخلاقًا، وأبسَطَهم وَجهًا، فكان ينبسِطُ إلى الصِّبيانِ، ويُمازِحُهم، ويُداعِبُهم. يُنظر: التوضيح: (28-508).

 

15- عن سعيد بن عبد الرّحمن الزّبيديّ، قال: يعجبني من القرّاء كلّ سهل طلق مضحاك: فأمّا من تلقاه ببشر ويلقاك بضرس، يمنّ عليك بعمله فلا كثّر اللّه في النّاس أمثال هؤلاء" كتاب الإخوان لابن أبي الدنيا: (ص 196).

 

16- يقول محمد المختار الشنقيطي: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم داعيةً إلى الله خرج إلى الناس طليق الوجه، دائم البشر والسرور صلى الله عليه وسلم، ما كان يلقى الناس مكفهر الوجه أو عابساً أو محتقراً لهم، بل كان يلقاهم صلوات الله وسلامه عليه بالوجه الطليق والقول الرقيق، قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه وأرضاه: «ما لقيت النبي صلى الله عليه وسلم إلا تبسمَ في وجهي» فالداعية إلى الله، يتحلى بمثل هذا الأدب النبوي الكريم". (نصائح غالية من الشيخ حفظه الله لطلبة العلم).

 

17- يقول أبو عبد الملك خالد بن عبد الرحمن الحسينان: "وأما طلاقة الوجه: فهي أن يكون الإنسان طليق الوجه، وضد طليق الوجه عبوس الوجه، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: "لا تحقرنّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق". فطلاقة الوجه تُدخل السرور على من قابلك. وتجلب المودة والمحبة، وتوجب انشراح القلب،- وجرب تجد-. لكن إذا كنت عبوسًا فإن الناس ينفرون منك، ولا ينشرحون بالجلوس إليك، ولا بالتحدث معك، وربما تصاب بمرض خطير يسمى بالضغط. فإن انشراح الصدر وطلاقة الوجه من أكبر العقاقير المانعة من هذا الداء داء الضغط. ولهذا فإن الأطباء ينصحون من ابتلي بهذا الداء بأن يبتعد عما يثيره ويغضبه؛ لأن ذلك يزيد في مرضه، فطلاقة الوجه تقضي على هذا المرض؛ لأن الإنسان يكون منشرح الصدر محبوبًا إلى الخلق". دروس تربوية من الأحاديث النبوية: (1-6).

 

 

 

الإحالات

1- الأخلاق الإسلامية وأسسها؛ لعبدالرحمن الميداني.

 

2- موسوعة الأخلاق؛ لخالد الخراز.

 

1- نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم- المؤلف : عدد من المختصين بإشراف الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي .

 

الحكم

1- وقال أبو جَعفَرٍ المنصورُ: “إذا أحبَبْتَ المحمَدةَ مِن النَّاسِ بلا مَؤونةٍ، فالْقَهم ببِشرٍ حَسنٍ” الموشى لأبي الطيب الوشاء: (ص: 29).

 

2- قال الأحنَفُ: “رأسُ المُروءةِ: طَلاقةُ الوَجهِ، والتَّودُّدُ إلى النَّاسِ” يُنظر: التذكرة الحمدونية لابن حمدون: (1-204).

 

3- وكان يُقالُ: “أوَّلُ المُروءةِ طَلاقةُ الوَجهِ، والثَّانيةُ: التَّودُّدُ إلى النَّاسِ، والثَّالثةُ: قضاءُ حوائِجِ النَّاسِ” الموشى لأبي الطيب الوشاء: (ص: 29).

 

4- قال لُقمانُ لابنِه: “خَصلتانِ يَزينانِك: اعلَمْ أنَّه لا يطَأُ بِساطَك إلَّا راغِبٌ فيك، أو راهِبٌ منك؛ فأمَّا الرَّاهِبُ منك فأَدْنِ مَجلِسَه، وتهلَّلْ في وَجهِه، وإيَّاك والغَمزَ مِن ورائِه، وأمَّا الرَّاغِبُ فيك فابذُلْ له البَشاشةَ، وابدَأْه بالنَّوالِ قَبلَ السُّؤالِ؛ فإنَّك متى تُلجِئْه إلى مَسألتِك تأخُذْ مِن حُرّ وَجهِه ضِعْفَيْ ما تُعطيه” يُنظر: الجليس الصالح والأنيس الناصح للمعافى بن زكريا: (1-449).

 

5- قال العَتَّابيُّ: “مَن ضَنَّ ببِشرِه كان بمعروفِه أضَنَّ” يُنظر: ربيع الأبرار للزمخشري (2-429).

 

6- قال أبو الطَّيِّبِ الوَشَّاءُ: “اعلَمْ أنَّ أحسَنَ ما تألَّف به النَّاسُ قُلوبَ أخلَّائِهم، ونفَوا به الضِّغنَ عن قُلوبِ أعدائِهم: البِشرُ بهم عندَ حُضورِهم، والتَّفقُّدُ لأمورِهم، وحُسنُ البَشاشةِ؛ فذلك يُثبِتُ المحبَّةَ والإخاءَ” الموشى لأبي الطيب الوشاء: (ص: 28).

 

7- قيل: "حُسنُ البِشرِ اكتِسابُ الذِّكرِ" محاضرات الأدباء؛ للراغب الأصفهاني: (1-340).

 

8- قال ابنُ حِبَّانَ: “البَشاشةُ إدامُ العُلَماءِ، وسَجيَّةُ الحُكَماءِ؛ لأنَّ البِشرَ يُطفِئُ نارَ المُعانَدةِ، ويُحرِقُ هَيَجانَ المُباغَضةِ، وفيه تَحصينٌ مِن الباغي، ومَنجاةٌ مِن السَّاعي، ومَن بَشَّ للنَّاسِ وَجهًا لم يكنْ عندَهم بدونِ الباذِلِ لهم ما يَملِكُ” يُنظر: روضة العقلاء لابن حبان: (ص: 75).

 

9- قيل: "البَشاشةُ خَيرٌ مِن القِرى" يُنظر: المستطرف في كل فن مستطرف للأبشيهي: (ص: 191).

 

10- قيل: "البَشاشةُ فخُّ المودَّةِ" يُنظر: نثر الدر في المحاضرات؛ للآبي: (1-194).

 

11- أكَسْفًا وإمساكًا؟

قال أبو هِلالٍ: "أصلُه: أن يلقاك بعُبوسٍ معَ بُخلٍ، والبِشرُ الحَسنُ إحدى العَطيَّتَينِ، وقيل: البِشرُ عَلَمٌ مِن أعلامِ النُّجْحِ" جمهرة الأمثال؛ لأبي هلال العسكري: (1-101).

 

12- بِشرٌ كحَنَّةِ العَلوقِ الرَّائِمِ.

البِشرُ: رَونَقُ الوَجهِ وصفاءُ لونِه، والعَلوقُ: النَّاقةُ التي ترأمُ الولدَ بأنفِها، وتمنَعُه دَرَّها.

يُضرَبُ لمَن يُحسِنُ القولَ ويقتصِرُ عليه. مجمع الأمثال؛ لأبي الفضل الميداني: (1-109).

 

13- وقيل: "أربعةٌ تُؤكِّدُ المحبَّةَ: حُسنُ البِشرِ، وبَذلُ البِرِّ، وقَصدُ الوِفاقِ، وتَركُ النِّفاقِ" لباب الآداب؛ لأسامة بن منقذ: (1-65)..

 

14- سُئِل أعرابيٌّ عن الكَرمِ، فقال: "أمَّا الكَرَمُ في اللِّقاءِ فالبَشاشةُ، وأمَّا في العِشرةِ فالهَشاشةُ، وأمَّا في الأخلاقِ فالسَّماحةُ، وأمَّا في الأفعالِ فالنَّصاحةُ، وأمَّا في الغِنى فالمُشارَكةُ، وأمَّا في الفَقرِ فالمُواساةُ" يُنظر: أخلاق الوزيرين؛ للتوحيدي: (ص: 391)..

 

15- قال بعضُ الحُكَماءِ: "الْقَ صاحِبَ الحاجةِ بالبِشرِ، فإن عَدِمْتَ شُكرَه لم تعدَمْ عُذرَه" يُنظر: أدب الدنيا والدين؛ للماوردي: (1-239)..

 

16- عن هِشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيه، قال: "مكتوبٌ في الحِكمةِ: لِيكُنْ وَجهُك بَسطًا، وكلمتُك طيِّبةً؛ تكُنْ أحَبَّ إلى النَّاسِ مِن الذي يُعطيهم العطاءَ" رواه ابن أبي الدنيا في مداراة الناس: (42)، وأبو نعيم في حلية الأولياء: (2-178)، والبيهقي في شعب الإيمان: (8057) واللَّفظُ له.

 

17- وقال الجاحِظُ: "زعَمَت الحُكَماءُ أنَّ القليلَ معَ طَلاقةِ الوَجهِ أوقَعُ بقُلوبِ ذَوي المُروءاتِ مِن الكثيرِ معَ العُبوسِ والانقِباضِ" يُنظر: الرسائل؛ للجاحظ: (1-30)..

 

18- وقيل: البَشاشةُ في الوَجهِ خيرٌ مِن القِرى، قالوا: فكيف بمَن يأتي بها وهو ضاحِكٌ؟! يُنظر: المستطرف؛ للأبشيهي: (1-359)..

 

19- وقيل: "البَشاشةُ أوَّلُ قِرى الأضيافِ" يُنظر: ربيع الأبرار؛ للزمخشري: (2-428)..

 

20- وقيل: "مَن أحَبَّ المَحمَدةَ مِن النَّاسِ بغَيرِ مَرْزِئةٍ  ، فليَتلَقَّهم ببِشرٍ حَسنٍ" يُنظر: ربيع الأبرار؛ للزمخشري: (2-428).

 

21- وقيل: "حُسنُ البِشرِ مَخِيلةُ  النُّجْحِ" يُنظر: ربيع الأبرار؛ للزمخشري: (2-429).

 

22- كان يُقالُ: "حُسنُ البِشرِ واللِّقاءِ رِقٌّ للأشرافِ والأكْفاءِ" يُنظر: ربيع الأبرار؛ للزمخشري: (2-431).

 

23- وقيل: "مِن حُسنِ الخُلقِ أن يُحدِّثَ الرَّجلُ صاحِبَه وهو مُبتسِمٌ" يُنظر: التذكرة الحمدونية؛ لابن حمدون: (1-204).

 

24- وقيل: "البِشرُ دالٌّ على السَّخاءِ كما يدُلُّ النَّورُ  على الثَّمَرِ" يُنظر: التذكرة الحمدونية؛ لابن حمدون: (2-228).

 

25- قال أبو جعفر بن صهبان -رحمه اللّه تعالى-: "كان يقال: أوّل المودّة طلاقة الوجه، والثّانية التّودّد، والثّالثة قضاء حوائج النّاس". الإخوان لابن أبي الدنيا: (194).

 

26- قال بعض الحكماء: "من جاد لك بمودّته، فقد جعلك عديل نفسه. فأوّل حقوقه اعتقاد مودّته، ثمّ إيناسه بالانبساط إليه في غير محرّم، ثمّ نصحه في السّرّ والعلانية، ثمّ تخفيف الأثقال عنه، ثمّ معاونته فيما ينوبه من حادثة، أو يناله من نكبة، فإنّ مراقبته في الظّاهر نفاق، وتركه في الشّدّة لؤم". أدب الدنيا والدين: (216).