استسقاء

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

الاستسقاءُ لُغةً: اسْتِفْعالٌ مِن طَلب السُّقْيا، أَي: إنْزال الغَيْثِ عَلَى البلادِ والعِبادِ (النهاية؛ لابن الأثير:2-381، لسان العرب؛ لابن منظور:14-393).

 

الاستسقاءُ اصطلاحًا: طلبُ إنزالِ المطر من اللهِ تعالى بكيفيَّةٍ مخصوصةٍ، عندَ الحاجَةِ إليه إليه (الموسوعة الفقهية الكويتية:3-304، ويُنظر: تحفة المحتاج؛ للهيتمي:3-65)

العناصر

1- حاجة الناس وافتقارهم إلى ربهم   2- نعمة الماء   3- الابتلاء بحبس القطر   4- دعوة إلى المحاسبة   5- تتابع البشر على الاستسقاء   6- من أسباب منع المطر   7- من أسباب نزول المطر   8/ الدعاء بطلب الغيث  

الايات

1- قال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءامَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـاتٍ مّنَ السَّمَاء وَالأرْضِ)[الأعراف:96].   2- قال الله تعالى: (وَياقَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ مّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ)[هود:52]   3- قال الله تعالى: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّـهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ)[النحل:53].   4- قال الله تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ)[النمل:62].   5- قال الله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيء حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ)[الأنبياء:30].   6- قال الله تعالى: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَـادِرُونَ * فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّـاتٍ مّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَـابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ)[المؤمنون:18-19].   7- قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)[الروم: 24].   8- قال الله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[الروم:41].   9- قال الله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[الروم: 48-50].   10- قال الله تعالى: (مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ)[فاطر: 2].   11- قال الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِى يُنَزّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِىُّ الْحَمِيدُ)[الشورى:28].   12- قال الله تعالى: (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ)[الزخرف: 11].   13- قال الله تعالى: (وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ)[ق: 11].   14- قال الله تعالى: (وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)[الذاريات:22].   15- قال الله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ)[الواقعة: 68-69].   16- قال الله تعالى: (أَفَرَءيْتُمُ الْمَاء الَّذِى تَشْرَبُونَ * أَءنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاء جَعَلْنَـاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ)[المعارج:68-70]   17- قال الله تعالى: (قُلْ أَرَءيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَاء مَّعِينٍ)[ الملك:30].   18- قال الله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)[نوح:10-12].   19- قال الله تعالى: (فَلْيَنظُرِ الإِنسَـانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَـاكِهَةً وَأَبّاً * مَّتَـاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَـامِكُمْ)[عبس:24-32].   20- (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ)[الأنفال: 11]  

الاحاديث

1- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله -عز وجل- ليضحك من إياس العباد وقنوطهم، وقربه منهم" قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي، أو يضحك ربنا؟ قال: "أي، والذي نفسي بيده، إنه ليضحك"، قال: فقلت إذا لا يعدمنا منه خيرا إذا ضحك.   2- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: شكا الناس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قحوط المطر، فأمر بمنبر، فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوما يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر، فكبر صلى الله عليه وسلم، وحمد الله -عز وجل-، ثم قال: "إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله -عز وجل- أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، لا إله إلا الله، يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين"، ثم رفع يديه، فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره، وقلب، أو حول رداءه، وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس ونزل، فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت، ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه، فقال: "أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله"(رواه أبو داود، وصححه الحاكم والنووي).   3- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: أصابت الناس سنة على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ؛ فبينا رسول الله  -صلى الله عليه وسلم- على المنبر يخطب الناس في يوم جمعة، إذ قام أعرابي؛ فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا، قال: فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه، وما نرى في السماء قزعة؛ فوالذي نفسي بيده ما وضعهما حتى ثار سحاب كأمثال الجبال، ثم لم ينزل عن المنبر حتى رأيت الماء ينحدر على لحيته، فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد، ومن بعد الغد الذي يليه حتى الجمعة الأخرى، فقام ذلك الرجل، أو قال: رجل غيره، فقال: يا رسول الله، تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه فقال: "اللهم حوالينا ولا علينا" قال: فما يشير بيديه إلى ناحية من السحاب إلا تمزقت حتى صارت المدينة مثل الجوبة، وسال الوادي وادي قناة شهرا، ولم يجئ رجل من ناحية البوادي إلا حدث بالجود (أخرجه البخاري).   4- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أن سليمان بن داود  عليه السلام خرج يستسقي، فرأى نملة مُستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء وهي تقولُ: اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن سقياك ورزقك، فإما أن تُسقينا وترزقنا، وإما أن تهلكنا، فقال: ارجعوا فقد سُقيتُمْ بدعوة غَيركم"(رواه الحاكم وضعفه الألباني).   5- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبلَ علينا رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقالَ: "يا معشرَ المُهاجِرينَ خمسٌ إذا ابتُليتُمْ بِهِنَّ وأعوذُ باللَّهِ أن تدرِكوهنَّ لم تَظهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قطُّ حتّى يُعلِنوا بِها إلّا فَشا فيهمُ الطّاعونُ والأوجاعُ الَّتي لم تَكُن مَضت في أسلافِهِمُ الَّذينَ مَضوا ولم ينقُصوا المِكْيالَ والميزانَ إلّا أُخِذوا بالسِّنينَ وشدَّةِ المئونَةِ وجَورِ السُّلطانِ عليهِم ولم يمنَعوا زَكاةَ أموالِهِم إلّا مُنِعوا القَطرَ منَ السَّماءِ ولَولا البَهائمُ لم يُمطَروا ولم يَنقُضوا عَهْدَ اللَّهِ وعَهْدَ رسولِهِ إلّا سلَّطَ اللَّهُ عليهم عدوًّا من غيرِهِم فأخَذوا بعضَ ما في أيدَيهِم وما لَم تَحكُم أئمَّتُهُم بِكِتابِ اللَّهِ ويتخيَّروا مِمّا أنزلَ اللَّهُ إلّا جعلَ اللَّهُ بأسَهُم بينَهُم"(أخرجه ابن ماجه:٤٠١٩، وصححه الألباني).  

الاثار

1- قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (وَفِى السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)[الذاريات:22] قال: "ما علِمتُ لكم غيرَ المطر"(تفسير البغوي).   2- عن عبد الله قال: " كاد الجعل أن يعذب في جحره بذنب ابن آدم، ثم تلا هذه الآية: ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة"(شعب الإيمان:9/544).   3- عن عكرمة -رحمه الله تعالى- في قوله -سبحانه-: (أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)[البقرة: 159] قال: "يلعنهم كل شيء حتى الخنافس والعقارب يقولون: منعنا القطر بذنوب بني آدم"( تفسير السيوطي).   4- قال مجاهد -رحمه الله تعالى- عند قوله تعالى: (وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)[البقرة:159]: "إذا أسنَتَتِ السنة قالت البهائم: هذا من أجل عصاة بني آدم، لعن الله عصاة بني آدم"(تفسير ابن أبي حاتم).  

القصص

لما خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستسقي لم يزد على الاستغفار، فقالوا له: ما رأيناك استسقيت!! فقال: "لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر"(رواه البيهقي في السنن الكبرى:6043).

الاشعار

أصيبت الارض بجدب وقحط شديد عام 973هـ/1565م ، فخرج الناس للاستسقاء وأمّهم ابن عمر الضمدي، وكان رجلاً مسنّاً صالحاً على ما يُعرف، ثم وقف خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وارتجل قصيدة طويلة، ما كاد ينتهي من دعائه وإلقاء قصيدته حتى انهمر المطر غزيراً وحمله الرجال إلى بيته مهللين مكبّرين. يقول في بعض قصيدته:   إن مسَّنا الضُرُّ، أو ضاقت بنا الحِيَلُ *** فلنْ يخَيبَ لنا في ربِّنا أملُ   وإن أناخت بنا البلوى فإن لنا *** ربًّا يُحَوِّلُها عنّا فتنتقلُ   اللهُ في كلِّ خَطبٍ حسبنا وكفى *** إليه نرفعُ شكوانا ونبتهلُ   من ذا نلوذُ به في كشف كربتنا *** ومن عليه سوى الرحمن نتكلُ   وكيفَ يُرجى سوى الرحمن من أحدٍ *** وفي حياضِ نداهُ النهلُ والعَللُ   لا يُرتجى الخيرُ إلا من لديه، ولا *** لغيره يُتَوقّى الحادثُ الجللُ   خزائنُ اللهِ تُغني كلَّ مفتقرٍ *** وفي يدِ الله للسُّؤَّال ما سألوا   وسائلُ اللهِ ما زالت مسائلُهُ *** مقبولةٌ ما لها رَدٌّ ولا مَللُ   فافزع إلى الله واقرع بابَ رحمتهِ *** فهو الرجاءُ لمن أعيت بهِ السُبلُ   وأحْسِنِ الظنَّ في مولاكَ وارضَ بما *** أولاكَ يخل عنك البؤسُ والوجلُ   وإن أصابكَ عُسْرٌ فانتظرْ فرجًا *** فالعسرُ باليسرِ مقرونٌ ومتصل ُ   وانظر إلى قولهِ: ادعوني استجبْ لكُمُ *** فذاكَ قولٌ صحيحٌ مالهُ بدل ُ   كم أنقذَ اللهُ مضطراً برحمتهِ *** وكم أنالَ ذوي الآمالَ ما أملوا   يا مالكَ الملكِ فادفعْ ما ألمَّ بنا *** فما لنا بِتَولِّي دفعهِ قِبَلُ   ضاقَ الخناقُ فنفسي ضيقةٌ عَجْلى *** عنا فأنفعُ شيءٍ عندنا العَجَلُ   وَحُلَّ عُقدةَ مَحْلٍ، حَلَّ ساحتنا *** بضرِّه عَمَّت الأمصارُ والحللُ         وقُطِّعت منه أرحامٌ لشدتهِ *** فما لها اليومَ غيرُ الله من يصلُ   وأهملَ الخِلُّ فيه حق صاحبه ال *** أدنى وضاقت على كلٍّ به السُبلُ   فربَّ طفلٍ وشيخٍ عاجزٍ هرمٍ *** أمست مدامعُهُ في الخدِّ تنهملُ   وباتَ يرعى نجومَ الليل من قلقٍ *** وقلبُه فيه نارُ الجوعِ تشتعلُ   أمسى يعجُّ منَ البلوى إليكَ، ومنْ *** أحوالِهِ عندكَ التفصيلَ والجُملُ   فأنتَ أكرمُ مَنْ يُدعى، وأرحمُ مَنْ *** يُرجى، وأمرُك فيما شئت ممتثَلُ   فلا ملاذَ ولا ملجا سواكَ ولا *** إلا إليكَ لحيٍّ عنكَ مرْتحَلُ   فاشملْ عبادَكَ بالخيراتِ إنهمُ *** على الضرورةِ والشكوى قدِ اشتملوا   واسقِ البلادَ بغيثٍ مسبلٍ غَدَقٍ *** مباركٍ مُرجَحِن مزنُهُ هَطِلُ   سَحٍّ عميمٍ ملث القطر ملتعقٍ *** لرعدهِ في هوامي سُحبِهِ زَجَلُ   تُكسى به الأرضُ ألوانًا مُنمنمةً *** بها تعود بها أحوالُها الأُوَلُ   ويصبحُ الروضُ مُخْضَرًا ومبتسمًا *** من النباتِ عليه الوَشْيُ والحُللُ   وتخصبُ الأرضُ في شامٍ وفي يمنٍ *** به وتحيا سهولُ الأرضِ والجبلُ   يا ربِّ عطفًا فإن المسلمين معًا *** مما يقاسون في أكبادِهم شُعَلُ   وقد شكوا كلَّ ما لاقوهُ من ضررٍ *** إليكَ يا مالكَ الأملاكِ وابتهلوا   فلا يردكَ عن تحويلِ ما طلبوا *** جهلٌ لذاكَ ولا عجزٌ ولا بخلُ   يا ربِّ وانصر جنودَ المسلمينَ على *** أعدائهم وأعنهم أينما نزلوا   يا ربَّ فارحم مسيئاً مذنبا عظُمت *** منه المآثِمُ والعصيانُ والزللُ   قد أثقلَ الذنبُ والأوزارُ عاتقَهُ *** وعن حميدِ المساعي عاقَهُ الكسلُ   ولا تسوِّدْ له وجهًا إذا غشيتْ *** وجوهَ أهلِ المعاصي من لظى ظللُ   أستغفرُ اللهَ من قولي ومن عملي *** إني امْرؤٌ ساءَ مني القولُ والعملُ   ولم أقدِّم لنفسي قطُّ صالحةً *** يحطُّ عني من وزري بها الثقلُ   يا خجلتي من عتابِ اللهِ يومَ غدٍ *** إن قال خالفتَ أمري أيها الرجلُ   علمتَ ما علمَ الناجونَ واتصلوا *** به إليَّ ولم تعملْ بما عملوا   يا رب فاغفر ذنوبي كلها كرماً *** فإنني اليومَ منها خائفٌ وَجِلُ   واغفر لأهلِ ودادي كلَّ ما اكتسبوا *** وحطَّ عنهم من الآثامِ ما احتملوا   واعمم بفضلكَ كلَّ المؤمنين وتُبْ *** عليهم وتقبَّلْ كلَّ ما فعلوا   وصلِّ ربِّ على المختارِ من مضرٍ *** محمدٍ خيرِ مَنْ يحفى وينتعلُ   وآلهِ الغُّرِّ والأصحابِ عن طرفٍ *** فإنهم غُررُ الإسلامِ والحجلِ   (لامية ابن عمر الضمدي)   نظمها الشيخان الجليلان محمد فال بن أحمد المنجى وزياد بن حامدت، رحمة الله عليهما، أثناء موجة قحط ضربت المنطقة أواسط القرن الثالث عشر الهجري. وقد استجاب الله لدعائهما و هطل الطل والوبل وزال المحل. والشاعران خلان متلاطفان ولهما مساجلات شعرية أخرى، وقد كتبنا باللون الأزرق الأبيات التي نظمها الشاعر المجيد محمد فال، في حين جعلنا أبيات الأديب الأريب زياد كالاحمرار عليها. قال الشاعر محمد فال بن أحمد المنجى: فــــلك الــــــحمد يا عــظـــــــــيم النوال *** قـــــــبل مــا بدء أو تــــــمام المقال وعلى الـــــمصــــــــــطفى أجـــل صلاة *** وســـــــــــــــلام وآلـــــه خــــــير آل وعــــلى صحــــــبه نجــــــــــوم الدرارى*** عـــــدد الــــترب والحـــصى والرمــال مـــــن رحيـــــم مهـــــيمـــــــــن ورؤوف *** ذى اقـــــــتــدار وعــــــزة وجـــــلال لم يــــــزل بالـــــعباد بــــرا عــــــــطوفا *** جــــــوده دائـــــــم بغــــــير انفــصال لأنــــت الغـــــــياث عــــــند الــــدواهى *** أو إذا الـــــدهر قـــــــد أتى بعـــضال لـــــيس إلا إلـــيك مـــــلــجا ومــــــنجا *** يا مــــــجيبا إذا دُعـــــى للـــــسؤال   ثم قال الأديب زياد بن حامدت: هـــــــؤلا نــحن بالـــــذنوب اعـــــترفنا *** ومــــــددنا الـــــــيـــدي بالإبتـــــــهال إن تـــلاشــــى العــــــيال أي تــــلاش *** رحـــمـــة رحمـــــة لـــذيا الـــعيـــال قد دهـــــتهم دهى الـــــدواهى بدهر *** ذى صــــروف شـــــــديدة وجــــوالي رب سقـــــيا بالغــــــيث غـــــيث أمان *** مرتـــــعى الأرجا كعــــيش الــــتوالى   ثم رد الشاعر محمد فال بن أحمد المنجى بقوله: متـــراخ الأطـــــلين يلقــــــهما هــــيد         دبـــــــــــه ذاك أيــــــــــما جـــــوال صـــــيب هاطــــــل ســــكــــوب مرئ*** طـــــبق الأرض صــــوبه ذا نـــــــهمال ديـــــمة ينـــتحي جـــــديــب الأراضي *** بعـــــد هـــــدء يــــجى بــــحم ثقال   ثم قال الأديب زياد بن حامدت: ولبـــيت الإلـــه يــــأتى عــــــميـــــما *** والعــــزالى مــــنه ذوات انــــــهــمال ذا انســـــكاب على الربى والعـــوالى *** وزعـــــيم يـــــأتى بســــــد الــخلال لا يرى ملـــقيا بــــأرض عـــــــن أرض *** زوره بــــــل يــــــعــــــم يا خـــير وال لقمــته الجـــــنــــــوب حــينا فـــحينا *** ومــــــرته يـــــد الصـــــبا والـــشمال بــذات الــــيــميــــــن يـــأتي مريــــعا *** وخصـــــيبا يــــــجى بـــذات الشمال يـــبغـــت النــــــــــاس آتـــيا يــــــأتى *** لا يبــــالى بشـــــــامخات الـــجبال يدع انبــــنب فالـــــمنار فـــــــــبئر النــــــــــــصف يــــوما قـــــيعانـــها كـــالتلال يتــــحرى بـــوكـــــــفـــــه أرض بـــترا *** فنـــــواحى الــــجما فـريع الــــجمال   ثم رد الشاعر محمد فال بن أحمد المنجى بقوله: وتحــــور القـــرى وأهــــل الـــــبوادي*** مـــن جــــدا وبــــله ذوات طـــــــلال فـــــترى كـــل روضــــة وغـــــــــــدير *** كـــــنضار اللـــــجين أو كـــــــــالآلى فتـــقــــــــر الــــعيون زرعــــا وضـرعا *** وبــــه تزدهى صنــــــوف البــــــقال   ثم قال الأديب زياد بن حامدت: وتــــرى الــــبرق عارضا مــــستطيرا *** مرح البـــــلق جلن فـــــــي الإجلال وحنـــــين العــــشار لاقــــت عشارا *** ولــــها بانفـــــــــصالـــــها والــــرئال   ثم رد الشاعر محمد فال بن أحمد المنجى بقوله: فاسْـــق أنــت الـــمغيث مــــا بذرنا *** من ربــــــوع العــــــهاد والأطــــــلال فـــتظل الغــــبراء غِـــــب الســوارى *** زانــــها صــــنع ربــــها المتــــــعالى نــشـرت فـــوقــها الســــماء حــلالا *** من جمـــــيع الأزهـــــار ذات الجمال واجـــعــــلنه بالـــهاشـمي وعــــمَّيْــ        ــه مــــغيثا لـــــنا حمـــــــيد المآل واجـــعلني لــــدى المـــــنايا منــيبا *** تـــــائبا نـــــاطقا بــــأفـــــــــضل قال ولدى القـــبر والقـــيامـــة فــــــضلا *** آمــــنا صــــائرا لأحــســــــن حـــــال رب مخضــــود السدر والطلح منضو *** دا غـــــدا أولــــــــني مــديد الظـــلال   ثم قال الأديب زياد بن حامدت: ذا اتكـــاء عـــلى أرائـــــك خــــضر *** بين حــــــور عـــــــين العــــيون خدال وصــــلاة بــــها الــــذنوب تـــمحى *** وســـــــــلام على النــــبي الـــجلال وعــــلى آلـــه شــــــموس الــزوال *** وعــــلى صـــحــــــبه بدور الــــكمال ثـــم قــــبلا أقــــول بــــل وأخــيرا *** أن لك الــــحـــــمد يا عــــــظيم النوال    

متفرقات

1- قال ابن رجب -رحمه الله تعالى-: "والمعنى أنه -سبحانه- يعجب من قنوط عباده عند احتباس القطر عنهم، وقنوطهم ويأسهم من الرحمة، وقد اقترب وقت فرجه ورحمته لعباده، بإنزال الغيث عليهم، وتغييره لحالهم وهم لا يشعرون، وقد قال -تعالى-: (الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون * وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين * فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير)[الروم:48-50]".   2- قال القرطبي -رحمه الله تعالى- عند قوله تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ)[النمل:62]: "ضمن الله تعالى إجابة المضطر إذا دعاه، وأخبر بذلك عن نفسه، والسبب في ذلك أن الضرورة إليه باللجاء ينشأ عن الإخلاص، وقطع القلب عما سواه، وللإخلاص عنده سبحانه موقعٌ وذمةٌ، وجد من مؤمنٍ أو كافرٍ، طائعٍ أو فاجرٍ".(تفسير القرطبي).   3- قال الذهبي -رحمه الله تعالى-: "دعاء المضطر مجابٌ في أي مكانٍ اتفق"(سير أعلام النبلاء:9-344).      

الإحالات

صلاة الاستسقاء؛ سعيد بن علي بن وهف القحطاني.   تبصير الأصدقاء بصلاة الاستسقاء؛ محمد بن عبد الحي عوينة.