إسراف

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

1 - من معاني الإسراف في اللغة: مجاوزة القصد ، يقال: أسرف في ماله أي أنفق من غير اعتدال ، ووضع المال في غير موضعه. وأسرف في الكلام ، وفي القتل: أفرط. وأما السرف الذي نهى الله تعالى عنه فهو ما أنفق في غير طاعة الله ، قليلا كان أو كثيرا. [لسان العرب ، والمصباح المنير مادة: (سرف) ].

أما في الاصطلاح الشرعي ، فقد ذكر القليوبي للإسراف المعنى اللغوي نفسه ، وهو: مجاوزة الحد. وخص بعضهم استعمال الإسراف بالنفقة والأكل. يقول الجرجاني في التعريفات: الإسراف تجاوز الحد في النفقة. وقيل: أن يأكل الرجل ما لا يحل له ، أو يأكل ما يحل له فوق الاعتدال ومقدار الحاجة.

وقيل: الإسراف تجاوز الكمية ، فهو جهل بمقادير الحقوق. [القليوبي 3 / 248 ، وابن عابدين 5 / 484 ، والتعريفات للجرجاني].

والسرف: مجاوزة الحد بفعل الكبائر ، ومنه قوله تعالى: (ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا) [سورة آل عمران: 147].[الموسوعة الفقهية الكويتية 4/176].

العناصر

1- معنى الإسراف وحده المنهي عنه . 2- ذم الإسراف والتبذير وعكسه التقتير والبخل . 3- النهي عن الإسراف والتبذير والتكلف للضيف وعن إعطاء المال للسفهاء . 4- الإسراف والترف من أسباب ضعف الإيمان . 5- العلة في تحريم الذهب للرجال هو الإسراف والخيلاء . 6- التحذير من الإسراف والغلو في الوضوء والغسل . 7- عاقبة الإسراف في الذنوب والمعاصي في الدنيا والآخرة . 8- عزوف كثير من الشباب عن الزواج سببه الإسراف في المهور وتكاليف الزواج الباهظة . 9- حسن التدبير مع العفاف خير من الغنى مع الإسراف . 10- صور من الإسراف في الطاعات، الوصية، سفك دماء العدو في القتال، المباحات، الملبس والزينة... 11- الدوافع الباعثة على الإسراف . 12- دعوة إلى الاعتدال في الأمور كلها .

الايات

1- قال الله تعالى: (كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ * فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران: 146- 148]. 2- قوله تعالى: (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) [الزمر: 53- 59]. 3- قوله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً) [النساء: 6]. 4- قوله تعالى: (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف: 31] . 5- قوله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) [الإسراء: 33] . 6- قوله تعالى: (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [يونس: 12]. 7- قوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى * قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى * وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى) [طه: 124- 127] . 8- قوله تعالى: (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ * فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ * قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ * قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ * قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ * فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ) [الذاريات: 24- 37] . 9- قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) [سورة الفرقان: 67]. 10- قوله تعالى: (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا) [سورة الإسراء: 29] . 11- قوله تعالى: (وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [سورة البقرة: 190] . 12- قوله تعالى: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [سورة المائدة: 2]. 13- قوله تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) [سورة النحل: 126]. 14- قوله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [سورة البقرة: 194]. 15- قوله تعالى: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا) [سورة النساء:20 ، 21].

الاحاديث

1- عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما أنّه قال: إنّ رجلا أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: إنّي فقير ليس لي شيء، ولي يتيم. قال: «كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مباذر ولا متأثّل» [رواه النسائي (6/ 256) واللفظ له وقال الألباني: حسن صحيح (2/ 779) رقم (3429) ]. 2- عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «كلوا وتصدّقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة»[رواه النسائي (5/ 79) واللفظ له، وقال الألباني: حسن. صحيح النسائي (2/ 540 برقم 2399) ]. 3- عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه أنّه قال: أتى رجل من بني تميم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه؛ إنّي ذو مال كثير وذو أهل ومال وحاضرة، فأخبرني كيف أصنع وكيف أنفق؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «تخرج الزّكاة من مالك فإنّها طهرة تطهّرك، وتصل أقرباءك وتعرف حقّ المسكين والجار والسّائل» فقال: يا رسول اللّه؛ أقلل لي. فقال: «آت ذا القربى حقّه والمسكين وابن السّبيل ولا تبذّر تبذيرا». فقال: يا رسول اللّه؛ إذا أدّيت الزّكاة إلى رسولك فقد برئت منها إلى اللّه ورسوله، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «نعم، إذا أدّيتها إلى رسولي فقد برئت منها، فلك أجرها وإثمها على من بدّلها» [قال ابن حجر في الفتح: رواه أبو داود والطيالسي والحارث بن أسامة في مسنديهما وأيضا رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر، وذكره البخاري معلقا مجزوما به (10/ 253). وقال محقق جامع الأصول (11/ 717): وهو حديث صحيح]. 4- عن المغيرة بن شعبة رضي اللّه عنه أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ اللّه- عزّ وجلّ- حرّم عليكم عقوق الأمّهات، ووأد البنات، ومنعا وهات، وكره لكم ثلاثا: قيل وقال، وكثرة السّؤال، وإضاعة المال» [رواه البخاري- الفتح 3 (1477). ومسلم (593). واللفظ له]. 5- عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، لمّا بعثه إلى اليمن: «إيّاي والتّنعّم، فإنّ عباد اللّه ليسوا بالمتنعّمين» [رواه أحمد (5/ 244). وذكره المنذري في ترغيبه بلفظ: «إياك» وقال: رواه أحمد والبيهقي ورواة أحمد ثقات (3/ 142). وذكره الألباني في الصحيحة (1/ 621) رقم (353) .. وكذا في صحيح الجامع وقال: حسن (1/ 382) رقم (2665)]. 6- عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما أنّه قال: جاء أعرابيّ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يسأله عن الوضوء، فأراه الوضوء ثلاثا ثلاثا ثمّ قال: «هكذا الوضوء. فمن زاد على هذا، فقد أساء وتعدّى وظلم»[رواه النسائي (1/ 88) واللفظ له، وقال الألباني: حسن صحيح (1/ 30) رقم (136)]. 7- عن ابن عمر رضي اللّه عنهما أنّه: كان لا يأكل حتّى يؤتى بمسكين يأكل معه، فدخل رجل يأكل معه فأكل كثيرا، فقال لمولاه نافع: يا نافع لا تدخل هذا عليّ. سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء»[رواه البخاري- الفتح 9 (5393)]. 8- عن المقدام بن معد يكرب رضي اللّه عنه أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما ملأ آدميّ وعاء شرّا من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه» [رواه الترمذي (2380) واللفظ له، وقال: حسن صحيح وقال الألباني صحيح انظر حديث رقم ( 5674) في صحيح الجامع]. 9- عن أنس أنه جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها ، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فأنا أصلي الليل أبدا ، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله ، وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني».[أخرجه البخاري واللفظ له ، ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه (فتح الباري 9 / 104 ط السلفية ، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 1020 ط عيسى الحلبي)].

الاثار

1- قال عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه لجابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما لمّا مرّ عليه ومعه حامل لحم: أما يريد أحدكم أن يطوي بطنه لجاره وابن عمّه؟ فأين تذهب عنكم هذه الآية (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها).[ الترغيب والترهيب للمنذري (3/ 141، 142)، ونقل قول الحليمي رحمه اللّه: هذا الوعيد من اللّه تعالى وإن كان للكفار الذين يقدمون على الطيبات المحظورة، فقد يخشى مثله على المنهمكين في الطيبات المباحة لأن من يتعودها مالت نفسه إلى الدنيا فلم يأمن أن يرتكب في الشهوات والملاذ كلما أجاب نفسه إلى واحد منها دعته إلى غيرها، فيصير إلى أن لا يمكنه عصيان نفسه في هوى قط فإذا آل به الأمر إلى هذا لم يبعد أن يقال له الآية، فلا ينبغي أن تعود النفس فربما تميل به إلى الشره ثم يصعب تداركها، ولترض من أول الأمر على السداد فإن ذلك أهون من أن تدرب على الفساد ثم يجتهد في إعادتها إلى الإصلاح]. 2- قال ابن عبّاس رضي اللّه عنهما في تفسير قوله تعالى: (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) يعني في غير إسراف ولا تقتير.[الأدب المفرد للبخاري (1/ 388، 389) ]. 3- قال عطاء بن أبي رباح رحمه اللّه تعالى في معنى قوله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) نهوا عن الإسراف في كلّ شيء.[ الأدب المفرد للبخاري (2/ 182)]. 4- قال إياس بن معاوية رحمه اللّه تعالى ما جاوزت به أمر اللّه فهو سرف.[تفسير ابن كثير (2/ 182)]. 5- قال سفيان رحمه اللّه تعالى ما أنفقت في غير طاعة اللّه فهو سرف وإن كان قليلا.[بصائر ذوي التمييز (3/ 216)]. 6- قال بعض السّلف: جمع اللّه الطّبّ كلّه في نصف آية (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) [ تفسير ابن كثير (2/ 210) ]. 7- عن مجاهد قال: لو كان جبل أبي قبيس ذهبا لرجل ، فأنفقه في طاعة الله لم يكن مسرفا ، ولو أنفق درهما أو مدا في معصية الله كان مسرفا. [تفسير القرطبي 7 / 110]. 8- روي أن ثابت بن قيس بن شماس أنفق جذاذ خمسمائة نخلة ، ولم يترك لأهله شيئا ، فنزلت الآية السابقة. [تفسير القرطبي 7 / 110، والمغني والشرح الكبير 2 / 706]. وقيل: إنها نزلت في معاذ بن جبل بفعله مثل ذلك. 9- قال سفيان الثوري رحمة الله الحلال لا يحتمل السرف. [المنهج المسلوك في سياسة الملوك – عبد الرحمن الشيزري ص 384]. 10- عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لا أعلم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قام ليلة حتى الصباح ، ولا صام شهرا قط غير رمضان [أخرجه مسلم ضمن حديث طويل عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ولا أعلم نبي الله قرأ القرآن كله في ليلة ، ولا صلى ليلة إلى الصبح ، ولا صام شهرا كاملا غير]. 11- عن ابن عباس قال: كل ما شئت والبس (واشرب) ما شئت ما أخطأتك اثنتان سرف أو مخيلة [صحيح البخاري (77)]. 12- عن وهيب بن الورد , قال: لقي عالم عالما هو فوقه في العلم , فقال: يرحمك الله , أخبرني عن هذا الطعام الذي نصيبه لا إسراف فيه , ما هو؟ قال: ما سد الجوع دون الشبع. وسئل عن اللباس الذي لا إسراف فيه فقال: هو ما يستر عورتك , وأدفأك من البرد [إصلاح المال ابن ابي الدنيا ص82، 405]. 13- عن عبد الله بن عامر اليحصبي , قال: ثوبان من صنف واحد إسراف [إصلاح المال ابن ابي الدنيا ص82، 410].

القصص

1- المعتمد بن عَبَّاد -رحمه الله- كان من ملوك الأندلس، ويملك الأموال الطائلة، والقصور العظيمة، ولما اشتهت زوجتُه وبعضُ بناته أن يتخوَّضن في الطين أمر بالعنبر والعود فوُضع في ساحة قصره، ورُشَّ عليه ماءُ الورد وأنواع من الطيب، وعُجِن حتى صار مثل الطين؛ فتخوَّضت فيه أسرته المترفة, وما ماتت تلك الأسرة المترفة حتى ذاقت طعم الفقر وألم الجوع؛ إذ استولى يوسف بن تاشفين على مملكة ابن عباد، وكان النسوة اللائي تخوَّضن في العود والعنبر لا يجدن ما يأكلن إلا من غزل الصوف بأيديهن الذي لا يسد إلا بعض جوعهن.   2- أبو عبد الله الزغل من آخر ملوك غرناطة الأندلسية باع أملاكه فيها بعد أن استولى عليها النصارى، وحمل مالاً عظيماً قُدِّر بخمسة ملايين من العملة المعروفة آنذاك، ورحل إلى إفريقيا، فقُبِض عليه وصودرت أمواله، وسُملت عيناه، ورمي في السجن بسبب بيعه غرناطة للنصارى وتخليه عنها، ولما خرج من السجن لم يجد من يطعمه ويؤويه، فأخذ يستعطي الناس في الأسواق، ويطوف وعلى ثيابه رق غزال مكتوب عليه: (هذا سلطان الأندلس العاثر المجد) لعل من يراه يرحمه ويعطيه بعض المال. لقد أبان لنا التاريخ عاقبة المسرفين كانت ذلاً وخسراً؛ فواجب علينا أن لا نطغى إذا أُعطينا؛ بل نشكر المنعم سبحانه بتسخير نعمه لطاعته والاقتصاد في الإنفاق؛ فذلك خير لنا في الدنيا والآخرة، وهو سبب حفظ المال. اللهم احفظ علينا نعمك، ووفقنا لشكرك وطاعتك، وأعنَّا على ذكرك وحسن عبادتك، واجعل ما أنعمت به علينا من الخيرات معينة على ما أمرتنا به من الطاعات. [http://www.albayrag.com/?p=31079]   3- قال عبد الله بن محمد بادابود: محمد رجل ضعيف ومسكين، لا مال، لاجاه، لا زوجة، لا ولد. محمد رجل معدم، رث الثياب والمنظر، ينام في العراء على ضوء القمر. محمد رجل للمعاصي فاعل، وعن العمل عاطل, وعن الطاعة متكاسل. محمد بالذكاء المفرط تميز، وبالدهاء العالي تفرد. استخدم هذا الذكاء والدهاء في الشر، وفي كسب المال الحرام، الذي كان مقتاً عليه وعار، فكان حاله من فقر لفقر ومن حاجة لحاجة وفي نقص بلا زيادة. طرق أبواب المقتدرين فطرد في كل وقت حين، وطرق باب الأغنياء فلم يستفد سوى العناء، وطرق باب الأصدقاء فكانت حياته شقاء في شقاء. في إحدى الليالي، كان محمد كعادته يجوب شوارع المدينة في ظلمة الليل وسكونه، عله يجد لقمة أو شربة، لقمة من طعام زائد عن الحاجة؛ ليسد بها جوعه أو شربة حتى ولو من ماء حار! فالحاجة لم يكن له فيها قرار. وعندما العقل حار، وفي تقلبات الأيام طار، كان هناك إعصار. لم يكن إعصار في المدينة، كيف ذلك وكان الناس في سكينة. بل كان إعصار فكري وعقلي. إعصار في هذه الأمصار. الأمصار التي كانت في داخل هذا الرجل، الذي طالما لقب بالثرثار. جلس ينظر إلى السماء متأملاً بفطنة وذكاء، من خلق هذا الكون بلا عناء؟ ومن رزقنا وكان منه العطاء؟ ومن أحيانا وأوجدنا وأنشأ هذه السماء؟ من يطعمنا ويسقينا و إذا مرضنا هو يشفينا؟ من يرزقنا ويكفينا وإذا دعونا يستجيب لنا؟ من يرحمنا ويرحم أهلنا ومن يسعدنا ويسعد أهلنا؟ من بيده حياتنا وموتنا وبعد الموت نشورنا؟ سقطت دمعات حارة. هذه الدمعات كانت بداية البداية وكانت النور الأول. بعد أن صرخ الوجدان، فكان الحب لله عنوان ربي.. خالقي.. مولاي ربي سيدي.. مبتغاي يا من أكرمتني بعينين ولسانأ وشفتين يا من كنت عليم بحالي فلم تخذلني في كل أحوالي. عصيتك كثيراً، ليس جهلاً ولا استخفافاً ولكن شهوة ونزوة وضعف نفسي البشرية، ألم نكن نحن أهل الخطأ والنسيان؟ جئتك، تائباً، منيبا ً، ضعيفاً، فقيراً، ذليلاً. ربي كان في خاطري الكثير من الأماني وطرقت أبواب البشر كلهم، من صغيرهم لكبيرهم، ربي لم تتحقق لي أمنية. ربي اتكلت على غيرك و أنت موجود، فكانت النتيجة الخسران ونقض العهود. ربي كثير هم الذين أغلقوا الباب دون حاجاتي وأغلقوا الباب دون مرادي. ربي كثير هم الضعفاء ولكن ذلي جعلني أنظر إليهم أنهم أقوياء وبعدي عنك كان لي شقاء. ربي أضعت الصلاة، فلا صيام ولا قيام ولكن سوء خلق وكفران للملك العلام. ربي في القلب حسرة وفي العين دمعه وفي خاطري كسرة. ربي.. ألم تأمرنا بالدعاء ووعدت بالإستجابة، فحقق لي يا ربي الحاجة. ربي هذه بدايتي وهذه قصتي وأنت عالم بسري وعلانيتي. ربي اغسل الخطايا وتجاوز عن الرزايا، يا عالم الخفايا. ربي هذا دعائي وهذا رجائي، فاغفر يا غفور وارحم يا رحيم واستر يا ستّير. وبينما هو في حالة من الذل والخضوع، سمع صوت يدعوه للرجوع. حي.. لتقول له هيا. حي على الصلاة.. لتقول له هيا إلى الفلاح. طالما سمع هذه العبارة ولكن كان يعرض عنها فكانت الخسارة. ذهب محمد للمسجد، فتوضأ وكان له مع النور موعد. صلى للمسجد تحية، فأحس براحة نفسية وكان السكون له هدية. بدأت الصلاة التي هي للدين عماد وللإنسان رشاد. فبدأ الإمام بقراءة الفاتحة التي هي أم الكتاب ثم بعدها كان هذا الخطاب. (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) فسُمع صوت بكاء حار، لمحمد المعروف بسوء الفعل و الأفكار. فتهللت أسارير المصلين، بتوبة محمد وعودته لطريق المتقين. فأصبح بعد سنين، الشيخ محمد الحافظ للقران صاحب العلم الدين. وتغيرت الأحوال وأصبحت السعادة شعاره ودثاره. هذا هو النجاح الحقيقي، عندما يتعرف الإنسان على طريق الخير والصلاح ولا يكفي أن يتعرف فقط عليه، بل عليه أن يسلك هذا الطريق. طريق الاستقامة يا أحباب، للجنة باب فاعتبروا يا أولي الألباب. طريق الاستقامة يا أحباب، أن تطيع رب الأرباب وتتبع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من الأصحاب وأن تعمل ليوم الحساب. فسلك محمد الطريق.. رغم ما كان من حاله من ضيق، فانفرج الهم وزال الكرب وسعدت النفس. هذه قصة وفيها عظه وعبرة. محمد.. الذي كان ذليل وبعد الهداية عز وارتفع، بتمسكه بهذا الدين ليكون من عباد الله المتقين. قصة كتبتها من وحي أفكاري لثقتي أنها تتكرر في مشاهد أخرى وصور أخرى. والجميل أن الصور مهما كانت قاتمة في البداية ومؤلمة لكن النهاية تكون سعيدة بإذن الله. عندما تكون النهاية مثل نهاية محمد ولكن فليحذر من يتمادى في المعاصي بين جهر وسر. أن يختم الله له بالسوء وأن يتذكر مع تذكره أن الله غفور رحيم أنه شديد العقاب. ربي.. أسرفت في المعاصي، ليس استهتار بجلالك الكريم فأنت والله عظيم ولكن جهلاً ونسياناً. فالنفس أمارة بالسوء والعقل غطته الشهوة والنزوة. فيا كريم أكرمني بالتوبة واجعلني مفتاح لكل خير مغلاق لكل شر.

الاشعار

1- قال الشيخ محمد الحسن السالم: ويكره المنام بعد الفــجر *** إلى طلوع الشمس طول الدهر لضَجِ الأرض منه للخلاق *** ونقصـه للعــمر والأرزاق والنـوم ضَحْوةً لمن ينـــوم *** بليله تعَمُّـــقٌ مشئــوم إذ هو معدودٌ من الإسـرافَ *** مكَدِّرٌ لكل قلبً صــافي وإن يكن لتعـبٍ أو لسـهر *** فليس من كراهــةٍ ولا حظر والنوم بعد الظهر أو في القائلة *** شرعاً وطبعاً لاتذم فاعله لإنه ينـور البصــيرة *** كنومنا بعد العشا الأخــيرة مالم يطُل, فالنوم إن زاد على *** ثمان ساعات يؤدى العِلــَلا من ضررً وبخرٍ ومن كــدر *** في القلب ذاك الشيخ زرُّوق ذكر 2- رحم الله من قال: وكان المال بأتينا فكنا *** نبذره وليس لنا عقول فلما أن تولى المال عنا *** عقلنا حين ليس لنا فضول [المنهج المسلوك في سياسة الملوك – عبد الرحمن الشيزري ص 385].

الدراسات

1- أشارت نتائج دراسة حديثة إلى ان اللحوم الحمراء - وليس جميع أنواع البروتينات الأخرى- ترتبط بزيادة احتمالات الاصابة بالسكتة الدماغية فيما تزداد فرص هذه الاصابة مع زيادة كميات اللحوم الحمراء المستهلكة. قام الباحثون بتحليل بيانات من 11 ألف شخص من متوسطي العمر لم يتعرضوا لأي مخاطر أخرى مسببة للسكتة الدماغية مثل داء السكري وأمراض القلب ثم تابعوا حالات نصف هذا العدد على امتداد 23 عاما. وبينت النتائج ان من استهلكوا اللحوم الحمراء بكميات كبيرة ارتفعت لديهم مخاطر الاصابة بالسكتة الدماغية -الناجمة عن انسداد أو ضيق الشرايين المغذية للمخ- بنسبة 47% بالمقارنة بمن تناولوا الحد الأدني من هذه اللحوم. ولم ترتبط البروتينات الأخرى - مثل الدجاج والمأكولات البحرية أو المصادر النباتية مثل البقول والمكسرات- بأي مخاطر اضافية. وقال برنارد هانينتش من مركز علاج الأزمات القلبية بجامعة فيرتسبورج بألمانيا إنه على الرغم من ان دراسات سابقة ربطت الاصابة بالسكتة الدماغية بتناول مأكولات ذات محتوى عال من البروتين - فيما كانت نتائجها متباينة- إلا ان الدراسة الحالية تؤكد الأدلة التي تشير الى ان اللحوم الحمراء بالذات هي التي تمثل مثل هذا الخطر. وقال في رسالة بالبريد الالكتروني: تناول اللحوم الحمراء - ويحبذ اللحوم عديمة الدهن- ما دمت قادرا على التحكم في الحد الأدنى من الكمية. وحتى يتسنى تقييم العلاقة بين استهلاك البروتين ومخاطر الاصابة بالسكتة الدماغية قام هانينتش وفريقه البحثي بمراجعة بيانات من استبيانات خاصة بالتغذية جرت لدى مقيمين بالولايات المتحدة تتراوح أعمارهم بين 45 و64 عاما بدءا من عام 1987 وتمت متابعة حالاتهم الصحية حتى عام 2011 لرصد عدد من أصيبوا بالسكتة الدماغية. وقسمت المجموعة الخاضعة للدراسة الى أربع فئات حسب كميات البروتين المستهلكة يوميا ونوعها وعدد السعرات الحرارية. وأكدت الدراسة ان تناول المزيد من البيض ارتبط بتزايد فرص الاصابة بالسكتة الدماغية النزفية - التي تتميز بانفجار الاوعية الدموية في المخ وهي اقل شيوعا- بنسبة 41%. وأدت زيادة تناول اللحوم المصنعة مثل لحوم الخنازير والنقانق الى تزايد مخاطر الاصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 24%، مشيرة البيانات نشرت في الآونة الاخيرة الى ان مبيعات اللحوم المصنعة من النقانق ولحوم الخنازير واللحوم الحمراء سجلت تراجعا حادا في كبرى المتاجر البريطانية في أعقاب تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية والذي نبه إلى أنه يتعين إدراج هذه اللحوم ضمن قائمة الأغذية التي يحتمل أن تكون مسببة للسرطان. كانت المراجعة التي أجرتها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان ومقرها باريس التابعة لمنظمة الصحة العالمية قد صنفت اللحوم المصنعة على أنها مسببة لسرطان القولون والمستقيم لدى البشر وذلك في الفئة الأولى من قائمتها المسببة للمرض التي تشمل ايضا التبغ والحرير الصخري (الاسبستوس) وهي مواد توافرت بشأنها أدلة كافية عن علاقتها بالاصابة بالأورام.   2- قال عبد الدائم الكحيل: الإسراف في الأكل يعطل شبكات كاملة من الجينات في الجسم فيسبب ليس فقط البدانة ولكن السكري وأمراض القلب. وطور باحثون طريقة جديدة لتحليل الحامض النووي "دي ان ايه". وقال اريك سخادت المدير التنفيذي لقسم علم الوراثة بمعامل ميريك للأبحاث "إن البدانة ليست مرضاً ينجم عن تغير فردي في جين واحد. إنها (البدانة) تؤدي إلى تغيير شبكات كاملة." وحدَّد الفريق شبكات تضم المئات من الجينات بدت وكأنها خرجت عن القاعدة عندما تم إطعام فئران بوجبة غنية بالدهون. وقال سخادت "اهتزت هذه الشبكة بالكامل نتيجة تعرضها لوجبة على النمط الغربي غنية بالدهون." ثم انتقل الفريق إلى قاعدة بيانات عن أناس من أيسلندا تجري عليهم مؤسسة ديكود جيناتكس انكوربورشن دراسات ووجد الفريق أن الأشخاص لديهم نفس الشبكات. وأعد الفريقان دراسة مفصلة عن ألف عينة دم وقرابة 700 نسيج دهني من نفس المتطوعين الأيسلنديين. وأظهرت الدراسة أن الأشخاص الذي سجلوا درجات مرتفعة على مؤشر كتلة الجسم (لقياس البدانة) أظهروا أنماطاً مميزة لنشاط جينات بأنسجتهم الدهنية لم تظهر باختبار الحامض النووي المأخوذ من الدم. يؤكد الباحثون أن الإفراط في الأكل يعطل شبكات كاملة من الجينات بالجسم فيسبب ليس فقط البدانة ولكن البول السكري وأمراض القلب. وإن أفضل طريقة لعلاج الكثير من الأمراض هي الاعتدال في الطعام والشراب وعدم الإسراف. الإقلال من الدهون والاعتماد على الخضروات والفواكه أحد أسباب العلاج. في زمن الجاهلية وقبل مجيء الإسلام كان الاعتقاد السائد أن كثرة الأكل هي أمر جيد، بل تجدهم يأكلون بشراهة ويتبارون أيهم يأكل أكثر. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقرّهم على هذه العادة السيئة، بل قال: «ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن! حسب الآدمي لقيمات يقمن صلبه، فإن غلبت الآدمي نفسه فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفَس» [السلسلة الصحيحة للألباني 2265]. هذا الحديث الشريف هو قاعدة أساسية في علم التغذية، والأطباء اليوم ينصحون بذلك، وانظروا معي إلى البلاغة النبوية: «ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن» فهذا تأكيد من النبي أنك عندما تملأ بطنك طعاماً وشراباً فإن هذا شرّ لك، وبالفعل هذا ما يؤكده الأطباء اليوم! كذلك عندما نتأمل كتاب الله تعالى نجد قاعدة طبية رائعة، يقول تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف: 31]. حيث جعل الله عدم الإسراف عبادة يُثاب المؤمن عليها! وهذه روعة الإسلام، لم يقل لك لا تسرف لأنك ستُصاب بالأمراض فحسب، بل اعتبر أن الإسراف أمر لا يحبه الله ولا يرضى عنه، وهذا يساعد الإنسان على الاعتدال في الطعام والشراب. إن هذه الآيات والأحاديث هي دليل صادق على صدق رسالة الإسلام وأن هذا النبي إنما بُعث رحمة للعالمين، وصدق الله عندما قال: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 107].

متفرقات

1- قال ابن كثير- رحمه اللّه تعالى-: في معنى قوله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) لا تسرفوا في الأكل لما فيه من مضرّة العقل والبدن[ الأدب المفرد للبخاري (2/ 182)]. 2- قال ابن القيّم رحمه اللّه تعالى إنّ مجاوزة الحدّ في كلّ أمر يضرّ بمصالح الدّنيا والآخرة، بل يفسد البدن أيضا، إذ إنّه متى زادت أخلاطه عن حدّ العدل والوسط ذهب من صحّته وقوّته بحسب ذلك، وهذا مطّرد أيضا في الأفعال الطّبيعيّة كالنّوم والسّهر والأكل والشّرب والجماع والحركة والرّياضة والخلوة والمخالطة وغير ذلك.[بتصرف من الفوائد (139)]. 3- وقال أيضا رحمه اللّه تعالى في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا): أي ليسوا بمبذّرين في إنفاقهم فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم فيقصّرون في حقّهم، فلا يكفونهم، بل عدلا خيارا، وخير الأمور أوسطها، لا هذا ولا هذا.[ تفسير ابن كثير (3/ 125)]. 4- قال الفيروزأباديّ رحمه اللّه تعالى في قوله تعالى: (وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ) هم المتجاوزون في أمورهم الحدّ.[بصائر ذوي التمييز (3/ 216)]. 5- قال الشّنقيطيّ رحمه اللّه تعالى نهى اللّه عن الإسراف في القتل وهو يشمل ثلاث صور: (1) أن يقتل اثنين أو أكثر بواحد، كما كانت العرب تفعله. (2) أن يقتل بالقتيل واحدا فقط ولكنّه غير قاتله، لأنّ قتل البريء بذنب غيره إسراف في القتل منهيّ عنه. (3) أن يقتل نفس القاتل لكن يمثّل به لأنّ زيادة التّمثيل إسراف في القتل.[أضواء البيان (3/ 455)]. 6- قال الغزالي: صرف المال إلى الأطعمة النفيسة التي لا يليق بحاله تبذير. [الوجيز للغزالي (1 / 176)]. 7- يقول ابن القيم رحمه الله: فأما المطعم والمشرب، فلم يكن من عادته صلى الله عليه وسلم حبس النفس على نوع واحد من الأغذية لا يتعداه إلى ما سواه، فإن ذلك يضر بالطبيعة جدا، وقد يتعذر عليها أحيانا، فإن لم يتناول غيره، ضعف أو هلك، وإن تناول غيره، لم تقبله الطبيعة، واستضر به، فقصرها على نوع واحد دائما- ولو أنه أفضل الأغذية- خطر مضر. بل كان يأكل ما جرت عادة أهل بلده بأكله من اللحم، والفاكهة والخبز، والتمر، وغيره مما ذكرناه في هديه في المأكول، فعليك بمراجعته هناك. وإذا كان في أحد الطعامين كيفية تحتاج إلى كسر وتعديل، كسرها وعدلها بضدها إن أمكن، كتعديل حرارة الرطب بالبطيخ، وإن لم يجد ذلك، تناوله على حاجة وداعية من النفس من غير إسراف، فلا تتضرر به الطبيعة [الطب النبوي ص 161]. 8- قال ابن أبي الدنيا: وبلغني عن بعض الحكماء , قال: صاحب الدنيا يطلب أمورا ثلاثة , لا يدركها إلا بأمور أربعة , فالثلاثة: السعة في المعيشة , والمنزلة في الناس , والزاد إلى الآخرة , والأربعة: اكتساب المال من أحسن وجهه , وحسن القيام عليه , وإنفاقه في مواضعه , من غير إسراف ولا تقتير , فمن أضاع الأربعة لم يدرك الثلاثة [إصلاح المال ابن ابي الدنيا ص81]. 9- قد نسرف أحياناً في واجب دعوي على حساب واجبات أخرى هامة أو أهم, ولعل من أمثلة ذلك ما قد يحدث في إسراف في الوقت المعطى للدعوة عن طريق الإنترنت على حساب واجبات أخرى,.. وأيضاً إنكار المنكرات فعلى الرغم من أهميته إلا أنه يجب الانتباه إلى أن لا ننشغل أكثر من اللازم في إنكار منكر معين فيشغلنا ذلك عن منكرات أخرى أهم, أو عن واجبنا الدعوي التربوي الذي هو الأكبر فعالية في الإصلاح. بل يبدو لي أحياناً أن بعض المفسدين قد يفرحون بانشغال الدعاة انشغالاً أكثر من اللازم في إنكار منكر (وقد يكونوا قصدوا ذلك الإشغال) , فحتى الكثير من أعداء الدين يعلمون بأهمية وفعالية العمل الدعوي التربوي فيفرحون بانشغالنا عنه, وباختلاط الأولويات علينا [كلمة للدعاة والمصلحين]. 10- قال الدكتور محمد بن أحمد الصالح: لقد أمرنا الله عز وجل بالاعتدال في الإنفاق فلا إسراف ولا تقتير، قال تعالى: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) [الإسراء:29] ، وقال تعالى: (يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف:31] ، ويقول عز وجل: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) [ الفرقان:67]. ومن هنا فإن المال في الإسلام هو نعمة ينبغي للإنسان أن يشكر الله عليها فيبذل قصارى جهده في حسن التصرف والبذل للمستحقين دون إسراف أو تقتير [وسطية الإسلام وسماحته ودعوته للحوار ص 54].

الإحالات

1- الموسوعة الفقهية الكويتية - وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت (4/178) . 2- مشكلة السرف في المجتمع المسلم وعلاجها في ضوء الإسلام - عبد الله بن إبراهيم الطريقي الطبعة : الأولى - الناشر : وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية تاريخ النشر : 1421هـ . 3- تفسير القرطبي (7 / 110) . 4- شرح فتح القدير ( 1 / 20 ) . 5- صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ( 1 / 258 – 2/692 - 2/1020 – 3/1250، 1251 طبعة عيسى الحلبي 1347 هـ ) . 6- فتح الباري ( 3/164 - 9 / 104 ) المطبعة السلفية . 7- بلغة السالك ( 4 / 752 ) . 8- الوجيز لمحمد الغزالي ( 1 / 176 ) . 9- الآداب الشرعية ( 3 / 200 - 203 ) . 10- المفردات في غريب القرآن (ص230 ) - تحقيق محمد سيد الكيلاني .