أيام التشريق

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

سميت هذه الايام بأيام التشريق إما لأن لحوم الأضاحِي تُشرَّق، أي تُشرَّر في الشّمس، أي: إن اللحم يقطع لأجزاء صغيرة، ويوضع في الشمس لتجفيفه، وفي هذه الحالة يصبح اسم اللحم القديد، وتقديد اللحم عند العرب يعرف بالتشريق، ولهذا السبب قد يكون سميت هذه الأيام بالتشريق، وإما لأن العرب كانوا قديماً يقولون "أشرق ثبير كيما نغير" وثبير أحد جبال منى، وكيما نغير أي: لكي ندفع للنحر، وإما لأن الهَدْي لا يُذْبح حتى تشرق الشّمس"(لسان العرب:١٠-١٧٦).

 

 

أيامُ التَّشريقِ هي: الحادِيَ عَشَرَ، والثَّانيَ عَشَرَ، والثَّالِثَ عَشَرَ، مِن شَهرِ ذي الحِجَّةِ (حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح:1-640، مواهب الجليل؛ للحطاب:3-238، شرح منتهى الإرادات؛ للبهوتي:1-329).

 

العناصر

  1- المراد بأيام التشريق   3- فضل أيام التشريق   4- أعمال أيام التشريق   5- بين أيام التشريق ونعيم الجنة        

الايات

  1- قال الله تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا..)[البقرة:200].   2- قال الله تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ)[البقرة:203].   3- قال الله تعالى: (ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله)[الحج:34].   4- قال الله تعالى: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ)[الحج:37].   5- قال الله تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)[الجاثية:18].    

الاحاديث

  1- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنَّ أبا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، دَخَلَ عَلَيْها، وعِنْدَها جارِيَتانِ في أيّامِ مِنًى تُغَنِّيانِ، وتُدَفِّفانِ، وتَضْرِبانِ، والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- مُتَغَشٍّ بثَوْبِهِ، فانْتَهَرَهُما أبو بَكْرٍ، فَكَشَفَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عن وجْهِهِ، فَقالَ: دَعْهُما يا أبا بَكْرٍ، فإنَّها أيّامُ عِيدٍ. وتِلْكَ الأيّامُ أيّامُ مِنًى. وَقالَتْ عائِشَةُ: رَأَيْتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَسْتُرُنِي، وأَنا أنْظُرُ إلى الحَبَشَةِ، وهُمْ يَلْعَبُونَ في المَسْجِدِ، فَزَجَرَهُمْ فَقالَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: دَعْهُمْ، أمْنًا بَنِي أرْفِدَةَ يَعْنِي مِنَ الأمْنِ"(رواه البخاري:٣٥٢٩، ومسلم:٨٩٢).   2- عبد الله بن قُرط -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القَرِّ"(رواه أبو داود:١٧٦٥، وصححه الألباني).   3- عن زياد بن جبير أن رجلًا سأل ابنَ عمرَ عن رجلٍ نذر أن يصومَ يومًا فوافق يومئذٍ عيدَ أضحى أو يومَ فطرٍ فقال ابنُ عمرَ: أمر اللهُ بوفاءِ النذرِ ونهانا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عن صومِ هذا اليومِ (رواه أحمد في مسنده:٧-١٥٨، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح).   4- أن عُمَرَ بنِ الخَطّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- قالَ: هذانِ يَومانِ نَهى رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عن صِيامِهِما: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِن صِيامِكُمْ، واليَوْمُ الآخَرُ تَأْكُلُونَ فيه مِن نُسُكِكُمْ"(رواه البخاري:١٩٩٠، ومسلم:١١٣٧).   5- عن نبيشة الخير الهذلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أَيّامُ التَّشْرِيقِ أَيّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ" وفي رواية: زاد فيه: "وذكرٍ لله"(رواه مسلم:١١٤١).   6- عن حبيبةَ بنتِ شَرِيقٍ أنها كانت معَ أمِّها ابنةِ العجماءِ في أيامِ الحجِّ بمِنًى قال فجاءَ بُدَيْلُ بنُ وَرْقاءَ على راحلةِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِرَحْلِهِ فنادى إنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: "من كان صائمًا فليُفطرْ فإنهنَّ أيامُ أكلٍ وشربٍ"(السلسلة الصحيحة ٧‏/١٥٤٠: إسناده جيد).   7- عن ابنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عنهما- قال: "لم يُرخَّصْ في أيَّامِ التَّشريقِ أن يُصَمْنَ، إلَّا لِمَن لم يجِدِ الهَدْيَ"(رواه البخاري:1998).      

الاثار

  1- قال أبو بكرٍ رضي الله عنه: "حقٌّ على كلِّ ذاتِ نِطاقٍ الخروجُ إلى العيدَينِ"(السلسلة الصحيحة:٥-٥٣٢، وقال الألباني: رجاله ثقات رجال الشيخين).   2- عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أنه كان يقول: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد"(رواه ابن أبي شيبة في مصنفه كتاب صلاة العيدين. وقال الألباني في إرواء الغليل 3-125: وإسناده صحيح).   3- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه كان يقول: الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر وأجل، الله أكبر على ما هدانا"(السنن الكبرى للبيهقي، كتاب صلاة العيدين. وقال الألباني في إرواء الغليل 3-125: وسنده صحيح).   4- عن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه: "أنَّه كان يُكبِّرُ في قُبَّتِه بمنًى، فيَسمَعُه أهلُ المسجدِ، فيُكبِّرونَ، فيكبِّرُ أهلُ الأسواقِ، حتى تَرتجَّ مِنًى تكبيرًا"(رواه البخاريُّ معلَّقًا بصيغة الجزم قبلَ حديث:970، ورواه موصولًا البيهقي:3-312 (6489)).   5- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّه كان يُكبِّرُ بمنًى تلك الأيَّامَ، وخَلْفَ الصَّلواتِ، وعلى فِراشِه، وفي فُسطاطِه ومجلسِه، وممشاه تلك الأيَّامَ جميعًا"( رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث 970، ورواه موصولًا ابن المنذر في الأوسط:4/344).   6- عن عُمرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه: "أنَّه كان يُكبِّر دُبرَ صلاةِ الغداةِ من يومِ عَرفةَ إلى صلاةِ العصرِ مِن آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ"(رواه ابن المنذر في الأوسط:2200، والبيهقي:3-314، (6496).    

متفرقات

  1- قال المهلب عند قوله -صلى الله عليه وسلم-: "يا أبا بكر، إن لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا": "وفيه دليل أن العيد موضوع للراحات، وبسط النفوس إلى ما يحل من الدنيا، والأخذ بطيبات الرزق وما أحل الله من اللعب والأكل والشراب والجماع؛ ألا ترى أنه أباح الغناء من أجل عذر العيد؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "دعهما يا أبا بكر، فإنها أيام عيد".   2- قال ابنُ قُدامة: "قيل لأحمد رحمه الله: بأيِّ حديث تذهب، إلى أنَّ التكبيرَ من صلاة الفجر يومَ عرفةَ إلى آخِرِ أيَّام التشريق؟ قال: بالإجماع: عمر، وعلي، وابن عبَّاس، وابن مسعود- رضي الله عنهم"(المغني: 2-292).   3- قال الحافظ بن رجب -رحمه الله تعالى-: "وفي قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل" إشارة إلى أن الأكل في أيام الأعياد والشرب إنما يستعان به على ذكر الله تعالى وطاعته، وذلك من تمام شكر النعمة أن يستعان بها على الطاعات، وقد أمر الله تعالى في كتابه بالأكل من الطيبات والشكر له، فمن استعان بنعم الله على معاصيه فقد كفر نعمة الله وبدلها كفراً وهو جدير أن يسلبها كما قيل:   إذا كنت في نعمة فارعها *** فإن المعاصي تزيل النعم وداوم عليه بشكر الإله *** فشكر الإله يزيل النقم   وخصوصاً نعمة الأكل من لحوم بهيمة الأنعام، كما في أيام التشريق؛ فإن هذه البهائم مطيعة لله لا تعصيه، وهي مسبحة لله قانتة كما قال تعالى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ)[الإسراء:44] وإنها تسجد له كما أخبر بذلك في قوله تعالى: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ)[النحل:49] وقال تعالى: (السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ)[الحج:18] وربما كانت أكثر ذكراً لله من بعض بني آدم، وفي المسند مرفوعاً(رب بهيمةٍ خير من راكبها وأكثر لله منه ذكراً)(مسنده أحمد).   وقد أخبر الله تعالى في كتابه أن كثيراً من الجن والأنس كالأنعام بل هم أضل، فأباح الله -عز وجل- ذبح هذه البهائم -المطيعة الذاكرة له- لعباده المؤمنين حتى تتقوى بها أبدانهم، وتكمل لذاتهم في أكلهم اللحوم، فإنها من أجل الأغذية وألذها، مع أن الأبدان تقوم بغير اللحم من النباتات وغيرها، لكن لا تكمل القوة والعقل واللذة إلا باللحم، فأباح للمؤمنين قتل هذه البهائم والأكل من لحومها، ليكمل بذلك قوة عباده وعقولهم، فيكون ذلك عوناً لهم على علومٍ نافعة، وأعمالٍ صالحة يمتاز بها بنو آدم على البهائم، ويتقوون بها على ذكر الله -عز وجل- .... فلا يليق بالمؤمنين مع هذا إلا مقابلة هذه النعم بالشكر عليها، والاستعانة بها على طاعة الله عز وجل وذكره، حيث فضل الله ابن آدم على كثير من المخلوقات وسخر له هذه الحيوانات قال الله تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[الحج:36].   فأما من قتل هذه البهائم المطيعة الذاكرة لله عز وجل ثم استعان بأكل لحومها على معاصي الله عز وجل، ونسي ذكر الله عز وجل فقد غلب الأمر وكفر النعمة. فلا كانت البهائم خيراً منه وأطوع" (لطائف المعارف:303).   4- في النهي عن صيام أيام التشريق بعد العمل الصالح في عشر ذي الحجة لمن لم يحج، وبعد أعمال الحج، في هذا النهي عن الصيام والتمتع بما أحل الله من الطيبات إشارة إلى حال المؤمنين في الدنيا. فإن الدنيا كلها أيام سفر كأيام الحج، وهي زمان إحرام المؤمن عما حرم الله عليه من الشهوات، فمن صبر في مدة سفره على إحرامه، وكف عن الهوى، فإذا انتهى سفر عمره، ووصل إلى منى المُنى فقد قضى تفثه ووفى نذره، فصارت أيامه كلها كأيام منى، أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل ،وصار في ضيافة الله عز وجل في جواره أبد الأبد، ولهذا يقال لأهل الجنة: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[الطور:19] (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ)[الحاقة:24] من صام اليوم عن شهواته أفطر عليها غداً بعد وفاته، ومن تعجل ما حرم عليم من لذاته عوقب بحرمان نصيبه من الجنة وفواته وشاهد ذلك: من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة، ومن لبس الحرير لم يلبسه في الآخرة (انظر: لطائف المعارف)   5- قال ابنُ باز: "أمَّا التكبير في الأضحى فمشروعٌ من أوَّل الشهر إلى نهاية اليوم الثَّالث عشرَ من شهر ذي الحجَّة؛ لقول الله سبحانه: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)[الحج: 28]، وهي أيَّام العشر، وقوله عزَّ وجلَّ: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ)[البقرة: 203]، وهي أيَّام التشريق"(مجموع فتاوى ابن باز:13-18).   6- قال الشيخ إبراهيم الحقيل: "الواجب على المسلمين تقوى الله تعالى، وعمارة أوقاتهم بذكره تعالى وشكره وطاعته. فكما تنقضي هذه الأيام الفاضلة على المفرط والمحسن معاً مع الفارق الكبير بين عملهما فكذلك الدنيا تنقضي على الجميع لا تقدم المحسن قبل حلول أجله، ولا تؤخر العاصي ليتوب، بل إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، ولكن الطائع ينسى مشقة الطاعة، وصبره عليها، وصبره عن الشهوات، ويجد حلاوة الأجر والثواب. وكذلك العاصي ينسى حلاوة الشهوات ويجد مرارة السيئات التي كتبت عليه من أجر تضييعه للفرائض وارتكابه للنواهي"(مقال: فضل أيام التشريق).