أولياء

2022-10-12 - 1444/03/16

التعريف

الولي بفتح فسكون: القرب والدنو، وحصول ثان بعد أول من غير فصل يقال: تباعد بعد ولى، وكل مما يليك أي يقاربك.

ويقال سقط الولي وهو المطر يلي الوسمي ويحصل بعده. والمطر الولي يقال أيضاً بوزن فعيل. والولاء بالفتح: القرابة والنصرة يقال بينهما ولاء.

وبالكسر الموالاة والمتابعة تقول أفعل هذه الأشياء على الولاء وتوالى عليه شهران.

والموالاة بين شخصين تكون أيضاً مضادة للمعاداة. والولاية بالكسر السلطان يقال وليت الأمر إليه فأنا وال. ونحن ولاة وبالفتح النصرة يقال هم على ولاية إذا اجتمعوا على النصرة. وتكون الولاية بالكسر على هذا المعنى عند الجمهور، وجعلها سيبويه اسماً لما توليته وقمت به. والمولى ابن العم، والعاصب، والحليف والناصر، والجار.

والولي وزان فعيل ضد العدو من وليه إذا قام به يكون بمعنى فاعل وبمعنى مفعول فمن الأول الله ولي الذين آمنوا، ومن الثاني المؤمن ولي الله للمطيع له. وكل من ولى أمر غيره فهو وليه. ويطلق على ابن العم والناصر والصديق والمحب.

تقول توليته إذا جعلته ولياً. ومنه: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم). [انظر الصحاح والقاموس والأساس والمصباح.

رسالة الشرك ومظاهره لمبارك بن محمد الميلي- ص: 112] . وأما تعريف الولي في الاصطلاح: فقد عرفه شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: وقد قيل إن الولي سمي ولياً من موالاته للطاعات أي متابعته لها ويقابل الولي العدو على أساس من القرب والبعد [الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص: 6)] .

وقال الإمام الشوكاني في تفسيره: والمراد بأولياء الله خلقه المؤمنين كأنهم قربوا من الله سبحانه بطاعته واجتناب معصيته وقد فسر سبحانه هؤلاء الأولياء بقوله: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ) [يونس: 63] أي يؤمنون بما يجب الإيمان به ويتقون ما يجب عليهم اتقاؤه من معاصي الله سبحانه [فتح القدير (2/ 457)].

وقال الدكتور إبراهيم هلال: وهذا المعنى الذي يدور بين الحب والقرب هو الذي أراده القرآن الكريم من كلمة ولي ومشتقاتها في كل موضع أتى بها فيه سواء في جانب أولياء الله أو في جانب أولياء أعداء الله وأعداء الشيطان [ولاية الله والطريق إليها لإبراهيم هلال (ص: 71)] .

وقد بين الله سبحانه وتعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن لله أولياء من الناس وللشيطان أولياء ففرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان فقد قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [يونس: 62 - 64].

وقال تعالى: (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة: 257].

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة: 51].

وذكر أولياء الشيطان فقال تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ) [النحل: 98 - 100]. وقال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) [النساء: 76].

وقال تعالى: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران: 175].

وعلى هذا فالتقسيم الصحيح للناس في هذه الحياة الدنيا هو أنهم ينقسمون إلى قسمين لا ثالث لهما وهو أن أي أحد من الإنس أو الجن في هذه الحياة إما أن يكون وليا لله وإما أن يكون عدواً لله وليست الولاية محصورة في أشخاص معينين كما يزعم الصوفية ذلك بل ما نعتقده هو أن أي مسلم يؤمن بالله وبرسوله وينفذ أوامر الله ويجتنب نواهيه فهو ولي من أولياء الله سبحانه وتعالى.

ثم إن من شرط ولاية الله سبحانه وتعالى هو أن يؤمن الإنسان بالله وبرسوله وأن يتبع الرسول في الظاهر والباطن وكل من يدعي محبة الله وولايته بدون متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كاذب مفتر دجال وليس من أولياء الله بل هو من أولياء الشيطان قال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) [آل عمران: 31] .

قال الحسن البصري رحمه الله: ادعى قوم أنهم يحبون الله فأنزل الله هذه الآية محنة لهم وقد بين الله فيها أن من اتبع الرسول يحبه ومن ادعى محبة الله ولم يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فليس من أولياء الله وإن كان كثير من الناس يظنون في أنفسهم أو غيرهم أنهم من أولياء الله ولا يكونون من أولياء الله. فاليهود والنصارى يدعون أنهم أولياء الله وأنه لا يدخل الجنة إلا من كان معهم بل يدعون أنهم أبناؤه وأحباؤه. وكان مشركو العرب يدعون أنهم أهل الله لسكناهم مكة ومجاورتهم البيت وكانوا يستكبرون على غيرهم [الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص: 9)] .

ولكن الصوفية خصصوا لولاية الله سبحانه وتعالى أعداداً معينة في حدود الأربعين أو الثلاثمائة أو غيرها من الأعداد التي يذكرها المتصوفة لمن يطلقون عليهم أنهم أولياء الله وأصبحوا يصفونهم بأوصاف لا تليق إلا بالله سبحانه وتعالى حيث ادعوا بأن الأولياء يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون تصرفاً مطلقاً ويدعون ويستغاث بهم من دون الله وهذه كلها معتقدات فاسدة دخيلة على الإسلام جلبها المتصوفة من الطوائف الوثنية الضالة التي تعبد البشر من دون الله. [مظاهر الانحرافات العقدية عند الصوفية وأثرها السيء على الأمة الإسلامية لإدريس محمود إدريس- 2/ 548] .

وولاية الله موافقته بأن تحب ما يحب وتبغض ما يبغض وتكره ما يكره وتسخط ما يسخط وتوالي من يوالي وتعادي من يعادي [الاستقامة (2/ 128) لابن تيمية] .

والمراد بولي الله العالم بالله المواظب على طاعته المخلص في عبادته [فتح الباري (10/ 350) لابن حجر] . وقال ابن القيم رحمه الله: فالولاية هي عبارة عن موافقة الولي الحميد في محابه ومساخطه [الجواب الكافي (ص: 137)، وانظر: شرح العقيدة الطحاوية (ص: 705) ] .

وقال أيضاً رحمه الله: فولي الله هو القريب منه المختص به [بدائع الفوائد (3/ 106) ] .

وقال ابن تيمية رحمه الله: والولاية هي الإيمان والتقوى المتضمنة للتقرب بالفرائض والنوافل [مجموعالفتاوى (10/ 440)] . وقال أيضاً رحمه الله: فولي الله من والاه بالموافقة له في محبوباته ومرضاته وتقرب إليه بما أمر به من طاعته [مجموع الفتاوى (11/ 62) ] .

وقال السيوطي رحمه الله: وهو العارف بالله حسب ما يمكن، المواظب على الطاعات المجتنب للمعاصي المعرض عن الانهماك في اللذات والشهوات [إتمام الدراية (ص: 7)، وانظر: مجموع الفتاوى (2/ 373)، (11/ 161)، و تفسير الخازن (2/ 451)]، [انظر التعريفات الاعتقادية لسعد بن محمد بن علي آل عبد اللطيف- ص: 322] .

العناصر

1- تعريف الولي.

 

 

2- الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان .

 

 

3- الصراع بين الحق والباطل، وبين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان قديم قدم البشرية ذاتها .

 

 

4- صفات أولياء الله الذي تولاهم بعنايته ونصرته في الدنيا وأنهم غير معصومين .

 

 

5- أولياء الله تعالى لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً

 

 

6- الواجب تجاه أولياء الله تعالى .

 

 

7- خطورة إيذاء أولياء الله تعالى.

 

 

8- جزاء الأولياء عند الله في الدنيا والآخرة .

 

 

9- خطورة ما يفعله بعض الناس مع أهل القبور بحجة أنهم أولياء أو سادة .

 

 

 

10- الروافض يوالون أعداء الدين الذين يعرف كل أحد معاداتهم من اليهود والنصارى والمشركين ، ويعادون أولياء الله الذين هم خيار أهل الدين .

 

الايات

1- قَالَ الله تَعَالَى: (ألا إنَّ أوْلِيَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ البُشْرَى في الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ) [يونس: 62- 64].

الاحاديث

1- عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر " [صحيح البخاري رقم (3689)].

 

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى: من عادى لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته" [البخاري في الرقاق، باب التواضع 5/2384 (6137)].

الاثار

1- قال اليافعي رحمه الله: لا يلزم أن يكون كل من له كرامة من الأولياء أفضل من كل من ليس له كرامة منهم بل قد يكون بعض من ليس له كرامة منهم أفضل من بعض من له كرامة لأن الكرامة قد تكون لتقوية يقين صاحبها ودليلاً على صدقه وعلى فضله لا على أفضليته وإنما الأفضلية تكون بقوة اليقين وكمال المعرفة بالله تعالى [حياة الحيوان الكبرى - كمال الدين محمد بن موسى بن عيسى الدميري دار النشر : دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان - 1424 هـ - 2003 م الطبعة : الثانية تحقيق : أحمد حسن بسج (1/289)].

 

2- عن قتادة قال: أُمطر قبر هرم بن حيان من يومه وأنبت العشب [حلية الأولياء وطبقات الأصفياء - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني الناشر : دار الكتاب العربي – بيروت الطبعة الرابعة ، 1405 (2/122)].

 

3- عن أبي خلدة، قلت لأبي العالية: سمع أنس من النبي صلى الله عيله وسلم؟ قال: خدمه عشر سنين، ودعا له، وكان له بستان يحمل في السنة الفاكهة مرتين، وكان فيها ريحان يجيء منه ريح المسك [رواه الترمذي (3833) وقال الشيخ الألباني : صحيح].

 

4- قال المثنى بن سعيد سمعت أنسا يقول: قل ليلة تأتي علي إلا وأنا أرى فيها خليلي صلى الله عليه وسلم. وأنس يقول ذلك وتدمع عيناه [مسند أحمد بن حنبل وقال المحققون إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي سعيد -وهو مولى بني هاشم- فمن رجال البخاري. المثنى: هو ابن سعيد الضبعي الذارع (13268)].

 

5- قال عبد الملك بن عمير: كان أبو مسلم الخولاني إذا استسقى سُقي [كرامات أولياء الله عز وجل - هبة الله بن الحسن الطبري اللالكائي الناشر : دار طيبة – الرياض الطبعة الأولى ، 1412 تحقيق : د. أحمد سعد الحمان (1/185)].

 

6- قال سعيد بن عبد العزيز وغيره: استسقى الضحاك بن قيس بيزيد بن الأسود فما برحوا حتى سقوا [سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي المحقق : مجموعة محققين بإشراف شعيب الأرناؤوط الناشر : مؤسسة الرسالة (7/149)].

القصص

1- عن أبي البختري قال: بينا أبو الدرداء يوقد تحت قدر له؛ إذ سمعت في القدر صوتاً ينشج، كهيئة صوت الصبي، ثم انكفأت القدر، ثم رجعت إلى مكانها، لم ينصب منها شيء، فجعل أبو الدرداء ينادي: يا سلمان، انظر إلى ما لم تنظر إلى مثله أنت ولا أبوك! فقال له سلمان: أما إنك لو سكت، لسمعت من آيات ربك الكبرى [سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي المحقق : مجموعة محققين بإشراف شعيب الأرناؤوط الناشر : مؤسسة الرسالة (3/305)].

 

2- عن عمرو بن الحارث قال : بينما عمر يخطب يوم الجمعة إذ ترك الخطبة فقال : يا سارية الجبل - مرتين أو ثلاثا ، ثم أقبل على خطبته ، فقال بعض الحاضرين : لقد جن ، إنه لمجنون فدخل عليه عبد الرحمن بن عوف وكان يطمئن إليه فقال : إنك لتجعل لهم على نفسك مقالا ، بينا أنت تخطب إذ أنت تصيح : يا سارية الجبل ، أى شىء هذا قال : والله إنى ما ملكت ذلك رأيتهم يقاتلون عند جبل يؤتون من بين أيديهم ومن خلفهم فلم أملك أن قلت : يا سارية الجبل ليلحقوا بالجبل. فلبثوا إلى أن جاء رسول سارية بكتابه أن القوم لقونا يوم الجمعة فقاتلناهم حتى إذا حضرت الجمعة سمعنا مناديا ينادى : يا سارية الجبل مرتين ، فلحقنا بالجبل ، فلم نزل قاهرين لعدونا إلى أن هزمهم الله وقتلهم. فقال : أولئك الذين طعنوا عليه : دعوا هذا الرجل ، فإنه مصنوع له [رواه أبو نعيم فى الدلائل وكنز العمال (35790) وذكر الألباني في السلسلة الصحيحة (3/184) أن ابن كثير ذكره في البداية (7 /131) ثم قال ابن كثير: و هذا إسناد جيد حسن. و هو كما قال ، ثم ذكر له طرقا أخرى وقال: فهذه طرق يشد بعضها بعضا].

 

3- عن صلة بن أشيم قال: خرجنا في قرية وأنا على دابتي في زمان فيوض الماء، فأنا أسير على مسناة، فسرت يوماً لا أجد ما آكل، فلقيني علج يحمل على عاتقه شيئاً، فقلت: ضعه، فإذا هو خبز، قلت: أطعمني. فقال: إن شئت ولكن فيه شحم خنزير، فتركته، ثم لقيت آخر، فقلت: أطعمني، قال: هو زادي لأيام؛ فإن نقصته أجعتني، فتركته، فو الله إني لأسير، إذ سمعت خلفي وجبة كوجبة الطير، فالتفت، فإذا هو شيء ملفوف في سب أبيض، فنزلت إليه، فإذا دوخلة من رطب في زمان ليس في الأرض رطبة، فأكلت منه، ثم لففت ما بقي، وركبت الفرس، وحملت معي نواهن [حلية الأولياء وطبقات الأصفياء - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني الناشر : دار الكتاب العربي – بيروت الطبعة الرابعة ، 1405 (2/239)].

 

4- عن أبي مسلم الخولاني، أنه كان إذا غزا أرض الروم، فمروا بنهر، فقال: أجيزوا بسم الله، ويمر بين أيديهم، فيمرون بالنهر الغمر، فربما لم يبلغ من الدواب إلا الركب، فإذا جازوا قال: هل ذهب لكم شيء؟ فمن ذهب له شيء فأنا ضامن له، فألقى بعضهم مخلاته عمداً، فلما جاوزوا قال الرجل: مخلاتي وقعت، قال: اتبعني فاتبعه، فإذا بها معلقة بعود في النهر، قال: خذها [سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي المحقق : مجموعة محققين بإشراف شعيب الأرناؤوط الناشر : مؤسسة الرسالة (7/6)].

 

5- عن الحسن قال: مات هرم بن حيان في يوم حار، فلما نفضوا أيديهم عن قبره، جاءت سحابة حتى قامت على القبر، فلم تكن أطول منه ولا أقصر منه ورشّته حتى روته ثم انصرفت [سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي المحقق : مجموعة محققين بإشراف شعيب الأرناؤوط الناشر : مؤسسة الرسالة (7/51)].

 

6- قال عبد الرحمن بن عمارة بن عقبة بن أبي معيط : حضرت جنازة الأحنف بن قيس بالكوفة فكنت فيمن نزل قبره. فلما سويته رأيته قد فسح له مد بصري فأخبرت بذلك أصحاب فلم يروا ما رأيت [مختصر تاريخ دمشق المؤلف : ابن منظور (1/1530)].

 

7- عن سليم بن عامر قال: خرج معاوية يستسقي، فلما قعد على المنبر، قال: أين يزيد بن الأسود؟ فناداه الناس، فأقبل يتخطاهم. فأمره معاوية، فصعد المنبر، فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك بخيرنا وأفضلنا يزيد بن الأسود؛ يا يزيد! ارفع يديك إلى الله، فرفع يديه ورفع الناس فما كان بأوشك من أن ثارت سحابة كالترس، وهبت ريح، فسقينا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم [سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي المحقق : مجموعة محققين بإشراف شعيب الأرناؤوط الناشر : مؤسسة الرسالة (7/148)].

 

8- عن أنس - رضي الله عنه - { أن رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خرجا من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مظلمة ومعهما مثل المصباحين يضيئان بين أيديهما فلما افترقا صار مع كل واحد منهما واحد حتى أتى أهله [صحيح البخاري المناقب (3440) وأحمد (3/133،3/185،3/263)]. والرواية التي صرحت باسميهما عزاها ابن حجر إلى أحمد والحاكم وهما أُسَيْدُ بنُ حُضير، وَعَبّادُ بنُ بِشْرٍ رضي الله عنهما.

 

9- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة عينا وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري جد عاصم بن عمر بن الخطاب حتى إذا كانوا بالهدأة بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فنفروا لهم بقريب من مائة رجل رام فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم التمر في منزل نزلوه فقالوا تمر يثرب فاتبعوا آثارهم فلما حس بهم عاصم وأصحابه لجئوا إلى موضع فأحاط بهم القوم فقالوا لهم انزلوا فأعطوا (فأعطونا) بأيديكم ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدا فقال عاصم بن ثابت أيها القوم أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر ثم قال اللهم أخبر عنا نبيك صلى الله عليه وسلم فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما ونزل إليهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق منهم خبيب وزيد بن الدثنة ورجل آخر فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها قال الرجل الثالث هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء أسوة (إسوة) يريد القتلى فجرروه وعالجوه فأبى أن يصحبهم فانطلق بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بعد وقعة بدر فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل خبيبا وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر فلبث خبيب عندهم أسيرا حتى أجمعوا قتله فاستعار من بعض بنات الحارث موسى يستحد بها فأعارته فدرج بني لها وهي غافلة حتى أتاه فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده (في يده) قالت ففزعت فزعة عرفها خبيب فقال أتخشين أن أقتله ما كنت لأفعل ذلك قالت والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب والله لقد وجدته يوما يأكل قطفا من عنب في يده وإنه لموثق بالحديد وما بمكة من ثمرة وكانت تقول إنه لرزق رزقه الله خبيبا فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب دعوني أصلي ركعتين فتركوه فركع ركعتين فقال والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع لزدت ثم قال اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا ثم أنشأ يقول:

فلست أبالي حين أقتل مسلما *** على أي جنب كان لله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ *** يبارك على (في) أوصال شلو ممزع

ثم قام إليه أبو سروعة (أبو سروعة) عقبة بن الحارث فقتله وكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صبرا الصلاة وأخبر أصحابه يوم أصيبوا خبرهم وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت حين حدثوا أنه قتل أن يؤتوا بشيء منه يعرف وكان قتل رجلا عظيما من عظمائهم فبعث الله لعاصم مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم فلم يقدروا أن يقطعوا منه شيئا. وقال كعب بن مالك ذكروا مرارة بن الربيع العمري وهلال بن أمية الواقفي رجلين صالحين قد شهدا بدرا [صحيح البخاري (8939)].

الاشعار

وأثبتن للأوليا كرامه *** ومن نفاها فانبذن كلامه
[...........]

الدراسات

متفرقات

1- قال أبو حنيفة رحمه الله: والآيات ثابتة للأنبياء والكرامات للأولياء حق ، وأما التي تكون لأعدائه مثل إبليس وفرعون والدجال مما روي في الأخبار أنهُ كان وتكون لهم لا نسميها آيات ولا كرامات ، ولكن نسميها قضاء حاجات لهم، وذلك لأن اللهَ تعالى يقضي حاجات أعدائه استدراجاً لهم وعقوبة لهم، فيغترُّونَ بهِ ويزدادون طغياناً وكفراً وذلك كله جائزُ وممكن [(الفقه الأكبر) الشرح الميسر على الفقهين الأبسط والأكبر المنسوبين لأبي حنيفة محمد بن عبد الرحمن الخميس الناشر مكتبة الفرقان سنة النشر 1419هـ - 1999م مكان النشر الإمارات العربية].

 

2- قال النووي: قال أبو المعالي إمام الحرمين: والمَرْضِيُّ عندنا جواز خوارق العادات في معارض الكرامات [بستان العارفين. (1/21)].

 

3- يقول ابن تيمية رحمه الله: ومن أصول أهل السنة والجماعة: التصديق بكرامات الأولياء، وما يجري على أيديهم من خوارق العادات، في أنواع العلوم والمكاشفات؛ كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر قرون الأمة، وهي موجودة فيها إلى يوم الدين [مجموع الفتاوى (3/156)].

 

4- قال القشيري: واعلم أن من أجل الكرامات التي تكون للأولياء دوام التوفيق للطاعات، والحفظ من المعاصي والمخالفات [الرسالة القشيرية. (1/160)].

 

5- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه : وليس لأولياء الله شيء يتميزون به عن الناس في الظاهر من الأمور المباحات فلا يتميزون بلباس دون لباس ولا بحلق شعر أو تقصيره أو ضفره إذا كان كلاهما مباحاً كما قيل: كم من صديق في قباء وكم من زنديق في عباء " الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان [مجموع الفتاوى (11/194)].

 

6- قال علي بن الحسن بن عساكر الحافظ: بلغني أن يزيد بن الأسود كان يصلي العشاء الآخرة بمسجد دمشق، ويخرج إلى زبدين، فتضيء إبهامه اليمنى، فلا يزال يمشي في ضوئها حتى يبلغ زبدين [تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام -: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي دار النشر: دار الكتاب العربي مكان النشر: لبنان/ بيروت سنة النشر: 1407هـ - 1987م. الطبعة: الأولى. تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمري. (5/540)].

 

7- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وأولياء الله الذين هم أولياؤه: هم الذين آمنوا وكانوا يتقون، فقد أخبر سبحانه أن أولياءه هم المؤمنون المتقون، وقد بين المتقين في قوله تعالى: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) [البقرة:177]، والتقوى: هي فعل ما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه [شرح الوصية الكبرى لابن تيمية المؤلف: عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن الراجحي (11/5)].

 

8- قال الشوكاني رحمه الله: واعلم أن من أعظم ما يتبين به من هو من أولياء الله سبحانه أن يكون مجاب الدعوة راضياً عن الله عز وجل في كل حال، قائماً بفرائض الله سبحانه، تاركاً لمناهيه زاهداً فيما يتكالب عليه الناس من طلب الغلو في الدنيا لنفسه، شغل بملاذ الدنيا، ولا بالتكاثر منها، ولا بتحصيل أسباب الغنى وكثرة اكتساب الأموال والعروض، إذا وصل إليه القليل صبر، وإن وصل إليه الكثير شكر، يستوي عنده المدح والذم والفقر الغنى، والظهور والخمول، غير معجب بما منَّ الله عليه من خصال الولاية، إذا زاده الله رفعة، زاد في نفسه تواضعاً وخضوعاً، حسن الأخلاق، كريم الصحبة، عظيم الحلم، كثير الاحتمال، ومن كان فيه بعض هذه الخصال؛ فله من الولاية بقدر ما رزقه الله سبحانه منها [قطر الولي وانظر الأولياء والكرامات (1/16)].

التحليلات

الإحالات

1- كتاب أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة المؤلف : نخبة من العلماء الطبعة : الأولى الناشر : وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية تاريخ النشر : 1421هـ (ص277) .

2- الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف تأليف الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني تحقيق عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (ص 27) .

3- أولياء الله بين المفهوم الصوفي والمنهج السني السلفي تأليف عبد الرحمن دمشقية (ص51) .

4- الموسوعة العقدية إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف الناشر: موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net عدد الأجزاء: 11(8/273) .

5- فتاوى نور على الدرب المؤلف: عبد العزيز بن عبد الله بن باز (المتوفى: 1420هـ) جمعها: الدكتور محمد بن سعد الشويعر قدم لها: عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ عدد الأجزاء: 22 (2/185) .

6- موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف الناشر: موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net عدد الأجزاء: 10- المبحث الرابع: الأولياء والكرامات (7/124) .

7- تصحيح المفاهيم في جوانب العقيدة لفضيلة الشيخ محمد أمان بن علي الجامي رحمه الله تعالى (عميد كلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية سابقاً) (1/3) .

8- مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة المؤلف : الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (16/251) .

9- شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة المؤلف : هبة الله بن الحسن بن منصور اللالكائي أبو القاسم الناشر : دار طيبة - الرياض ، 1402 تحقيق : د. أحمد سعد حمدان (3/468) .

10- الأسماء والصفات المؤلف : البيهقي أحمد بن الحسين أبو بكر 458 هجرية المحقق : عبد الله بن محمد الحاشدي الناشر : مكتبة السوادي – جدة الطبعة : الأولى (2/461) .

11- أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة المؤلف : حافظ بن أحمد الحكمي ، تحقيق حازم القاضي الطبعة : الثانية الناشر : وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية تاريخ النشر : 1422هـ (1/301 - 303) .

12- الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان تأليف: شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية 728هـ تحقيق: د. عبدالرحمن بن عبدالكريم اليحيى الناشر: دار الفضيلة – الرياض .

13- ما قاله الثقلان في أولياء الرحمن بقلم عبد الله بن جوران الخضير حقوق الطبع محفوظة الطبعة الثانية (1426هـ - 2005م) .

14- تقديس الأولياء إعداد مهدي بن إبراهيم مبجر - سعود بن سالم السفري - عبد اللطيف بن هاجس الغامدي تقديم سماحة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين .

15- نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم المؤلف : عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي الناشر : دار الوسيلة للنشر والتوزيع، جدة الطبعة : الرابعة .

16- صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان المؤلف: محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ) المحقق: شعيب الأرنؤوط الناشر: مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة: الثانية، 1414 – 1993 - ذكر الخبر الدال على أن أولياء المصطفى صلى الله عليه وسلم، هم المتقون دون أقربائه إذا كانوا فجرة (2/414) .