أنبياء

2022-10-05 - 1444/03/09

التعريف

النبي جمعه أنبياء وهو في اللغة: مشتق من النبأ، وهو الخبر، قال تعالى: (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ العَظِيم) [النبأ: 1-2].

وإنما سُمي النبي نبياً لأنه منبأ، أي: مُخْبَر من الله - عز وجل - أ ي: يُوحي الله إليه نبأ من شرعه، قال تعالى: (قالت من أنبأك قال نبأني العليم الخبير) [التحريم: 3]، وهو أيضاً: مُخبِر عن الله - عز وجل - بما يوحيه الله إليه من أمره وشرعه، قال تعالى: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الحجر: 49].

وقيل: النبي مشتق من النَبْوَة، وهي: المكان المرتفع من الأرض، فإن العرب تطلق لفظ النبي على علم من أعلم الأرض التي يُهتدى بها. والربط بين لفظ النبي والمعنى اللغوي واضح، وذلك لأن النبي ذو رفعة عند الله تعالى في الدنيا والآخرة، وذو شرف وسؤدد في قومه، وهو مُنبّأٌ من الله تعالى بأمره الديني الشرعي الذي يهتدي به العباد ويسعدوا في دنياهم وأخراهم .

 

والنبي اصطلاحاً:

هو الذي ينبئه الله تعالى، أي: يوحي إليه أن يعمل بشريعة من قبله، ويبعثه الله إلى قوم مؤمنين بشريعة سابقة، ليبطل ما ابتدعوه، ويصحح ما أخطأوا فيه، ويحكم بينهم فيما اختلفوا فيه، ويكون قدوة لهم في اتباع الرسول السابق، فهو يحكم بشريعة من قبله، وقد يُوحى إليه وحي خاص في واقعة معينة. فالأنبياء يأتيهم وحي من الله تعالى فيما يفعلونه ويأمرون به المؤمنين بهم، لكن لا ينزل عليهم كتاب ولا يرسلون إلى قوم كفار مخالفين لأمر الله ليبلغوهم رسالة من الله إليهم، إنما يُرسلون إلى قوم موافقين مخطئين في بعض الأمور[أركان الإيمان ص30] .

العناصر

1- الفرق بين النبي والرسول .

 

 

2- الغاية من خلق الثقلين .

 

 

3- عصمة الأنبياء والعبودية لله صفتهم .

 

 

4- دعوة الأنبياء أقوامهم إلى توحيد الله تعالى بالمفهوم الشامل للتوحيد .

 

 

5- نماذج من منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله تعالى .

 

 

6- الاقتداء بهدي الأنبياء في القول والعمل .

 

 

7- صور من اعتداء الكفار على أنبياء الله تعالى وصبرهم وثباتهم في ذلك .

 

 

8- عاقبة الناكبين عن الاستجابة لدعوة الأنبياء والمرسلين .

 

 

9- صور من خوف أنبياء الله تعالى ورسله من سوء الخاتمة .

 

الايات

1- قال الله تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ * وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) [الأنعام: 83- 90] .

 

2- قوله تعالى: ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) [البقرة: 253 ] .

 

3- قوله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا * وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) [النساء: 163-164] .

 

4- قوله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [البقرة: 213] .

 

5- قوله تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [المائدة/19 ] .

 

6- قوله تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) [آل عمران: 144-145] .

 

7- قوله تعالى: (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المائدة: 75] .

 

8- قوله تعالى: (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) [إبراهيم: 10-12] .

 

9- قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم: 47] .

 

10- قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ) [غافر: 78] .

الاحاديث

1- عن جابر رضي الله عنه قال: " كان جذع يقوم إليه النبي صلى الله عليه وسلم فلما وضع له المنبر سمعنا للجذع مثل أصوات العشار حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه ".وَفِي روايةٍ: فَلَمَّا كَانَ يَومُ الجُمُعَةِ قَعَدَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى المِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُ عِنْدَهَا حَتَّى كَادَتْ أنْ تَنْشَقَّ. وفي رواية: فصَاحَتْ صِيَاحَ الصَّبيِّ، فَنَزَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أَخَذَهَا فَضَمَّهَا إلَيهِ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبي الَّذِي يُسَكَّتُ حَتَّى اسْتَقَرَّتْ، قال: "بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذَّكْرِ" [رواه البخاري] .

 

2-عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وأجمله وأكمله إلا موضع لبنة فجعل الناس يثيفون وقال به ويقولون ما رأينا أحسن من هذا لولا موضع هذه اللبنة ألا فكنت تلك اللبنة" [صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان المؤلف : محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي الناشر : مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة الثانية ، 1414 – 1993 تحقيق : شعيب الأرنؤوط (6407) قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين] .

 

3- عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال يا قوم إني رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان فالنجاء فأطاعه طائفة منهم فأدلجوا فانطلقوا على مهلهم فنجوا وكذبته طائفة فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم كذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق" [صحيح مسلم (6094) ] .

الاثار

1- قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله عز وجل: (واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبياً): كان الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة: نوح، وصالح، وهود، ولوط، وشعيب، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، ومحمد صلى الله عليه وسلم، ولم يكن من الأنبياء من له اسمان إلا إسرائيل، وعيسى؛ فإسرائيل يعقوب، وعيسى المسيح [المستدرك للحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه وقال الذهبي قي التلخيص : صحيح] .

القصص

1- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: جَاءَ إبراهيم صلى الله عليه وسلم بِأُمِّ إسْماعِيلَ وَبِابْنِهَا إسْمَاعِيل وَهِيَ تُرْضِعُهُ، حَتَّى وَضَعهَا عِنْدَ البَيْتِ، عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوقَ زَمْزَمَ في أعْلَى المَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَاكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَاباً فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقاً، فَتَبِعَتْهُ أمُّ إسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهذَا الوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أنِيسٌ وَلاَ شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَاراً، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، قَالَتْ لَهُ: آللهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: إذاً لاَ يُضَيِّعُنَا؛ ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرُونَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ البَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: (رَبِّ إنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) حَتَّى بَلَغَ (يَشْكُرُونَ) [إبراهيم: 37].

وَجَعَلَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ المَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ، وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى - أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ - فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ في الأرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الوَادِي تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أحَداً؟ فَلَمْ تَرَ أحَداً. فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الوَادِي، رَفَعَت طَرفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإنْسَانِ المَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الوَادِي، ثُمَّ أتَتِ المَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا، فَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أحَداً؟ فَلَمْ تَرَ أَحَداً، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. قَالَ ابن عباس رضي الله عنهما: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "فَلذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا"، فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى المَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتاً، فَقَالَتْ: صَهْ - تُريدُ نَفْسَهَا - ثُمَّ تَسَمَّعَتْ، فَسَمِعَتْ أَيضاً، فَقَالَتْ: قَدْ أسْمَعْتَ إنْ كَانَ عِنْدَكَ غَوَاثٌ، فَإذَا هِيَ بِالمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ - أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ - حَتَّى ظَهَرَ المَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ المَاءِ في سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ. وفي رواية: بِقَدَرِ مَا تَغْرِفُ.

قَالَ ابن عباس رضي الله عنهما: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ اللهُ أُمَّ إسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ - أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ المَاءِ - لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْناً مَعِيناً" قَالَ: فَشَرِبَتْ وَأرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا المَلَكُ: لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ فَإنَّ هاهُنَا بَيْتاً للهِ يَبْنِيهِ هَذَا الغُلاَمُ وَأَبُوهُ، وإنَّ اللهَ لاَ يُضَيِّعُ أهْلَهُ، وكان البَيْتُ مُرْتَفِعاً مِنَ الأرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأتِيهِ السُّيُولُ، فَتَأخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمٍ، أَوْ أهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمٍ مُقْبِلينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءَ، فَنَزلُوا في أسْفَلِ مَكَّةَ؛ فَرَأَوْا طَائِراً عائِفاً، فَقَالُوا: إنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بهذا الوَادِي وَمَا فِيهِ مَاء. فَأَرْسَلُوا جَرِيّاً أَوْ جَرِيَّيْنِ، فَإذَا هُمْ بِالمَاءِ. فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ؛ فَأَقْبَلُوا وَأُمُّ إسْمَاعِيلَ عِنْدَ المَاءِ، فقالوا: أتَأذَنِينَ لَنَا أنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، وَلَكِنْ لاَ حَقَّ لَكُمْ في المَاءِ، قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ ابن عباس: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "فَألْفَى ذَلِكَ أُمَّ إسْمَاعِيلَ، وهي تُحِبُّ الأنْسَ" فَنَزَلُوا، فَأرْسَلُوا إِلَى أهْلِهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِهَا أهْلَ أبْيَاتٍ وَشَبَّ الغُلاَمُ وَتَعَلَّمَ العَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِيْنَ شَبَّ، فَلَمَّا أدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأةً مِنْهُمْ: وَمَاتَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إبْرَاهِيمُ بَعْدَما تَزَوَّجَ إسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إسْمَاعِيلَ؛ فَسَأَلَ امْرَأتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: خرَجَ يَبْتَغِي لَنَا - وفي روايةٍ: يَصِيدُ لَنَا - ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ؛ وَشَكَتْ إِلَيْهِ، قَالَ: فَإذَا جَاءَ زَوْجُكِ اقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ. فَلَمَّا جَاءَ إسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئاً، فَقَالَ: هَلْ جَاءكُمْ مِنْ أحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، جَاءنا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي: كَيْفَ عَيْشُنَا، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا في جَهْدٍ وَشِدَّةٍ. قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَمَرَنِي أنْ أقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ: ذَاكَ أبِي وَقَدْ أَمَرَنِي أنْ أُفَارِقَكِ! الْحَقِي بِأَهْلِكِ.

فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأتِهِ فَسَألَ عَنْهُ. قَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا قَالَ: كَيفَ أنْتُمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيرٍ وَسَعَةٍ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللهِ. فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتْ: اللَّحْمُ، قَالَ: فمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَت: الماءُ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالمَاءِ. قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ، قَالَ: فَهُمَا لاَ يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلاَّ لَمْ يُوَافِقَاهُ" وَفِي رواية: فجاء فَقَالَ: أيْنَ إسْمَاعِيلُ؟ فَقَالَتْ امْرأتُهُ: ذَهَبَ يَصِيدُ؛ فَقَالَتْ امْرَأتُهُ: ألاَ تَنْزِلُ، فَتَطْعَمَ وَتَشْرَبَ؟ قَالَ: وَمَا طَعَامُكُمْ وَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتْ: طَعَامُنَا اللَّحْمُ وَشَرَابُنَا المَاءُ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرابِهِمْ. قَالَ: فَقَالَ أَبُو القاسم صلى الله عليه وسلم: "بَرَكَةُ دَعوَةِ إبْرَاهِيمَ". قَالَ: فإذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ وَمُرِيِهِ يُثَبِّتُ عَتَبَةَ بَابِهِ. فَلَمَّا جَاءَ إسْمَاعِيلُ قَالَ: هَلْ أتاكُمْ مِنْ أحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أتانَا شَيْخٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ، وَأثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَألَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرتُهُ، فَسَألَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ. قَالَ: فَأوْصَاكِ بِشَيءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَيَأمُرُكَ أَنْ تُثَبِّتَ عَتَبَةَ بَابِكَ. قَالَ: ذَاكَ أبِي، وأنْتِ العَتَبَةُ، أمَرَنِي أنْ أُمْسِكَكِ.

ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعدَ ذَلِكَ وإسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلاً لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَريباً مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الوَالِدُ بِالوَلَدِ وَالوَلَدُ بِالوَالدِ. قَالَ: يَا إسْمَاعِيلُ، إنَّ اللهَ أمَرَنِي بِأمْرٍ، قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أمَرَكَ رَبُّكَ؟ قالَ: وَتُعِينُنِي، قَالَ: وَأُعِينُكَ، قَالَ: فَإنَّ اللهَ أمَرَنِي أَنْ أَبْنِي بَيْتاً هاهُنَا، وأشَارَ إِلَى أكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ، فَجَعَلَ إسْمَاعِيلُ يَأتِي بِالحِجَارَةِ وَإبْرَاهِيمُ يَبْنِي حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ البِنَاءُ، جَاءَ بِهذَا الحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَبْنِي وَإسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الحجارة وَهُمَا يَقُولاَنِ: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ) [البقرة:127] .

وفي روايةٍ: إنَّ إبْرَاهِيمَ خَرَجَ بِإسْمَاعِيلَ وَأُمِّ إسْمَاعِيلَ، مَعَهُمْ شَنَّةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنَّةِ فَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَوَضَعَهَا تَحْتَ دَوْحَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ إبْرَاهِيمُ إِلَى أهْلِهِ، فَاتَّبَعَتْهُ أُمُّ إسْماعيلَ حَتَّى لَمَّا بَلَغُوا كَدَاءَ نَادَتْهُ مِنْ وَرَائِهِ: يَا إبْرَاهِيمُ إِلَى مَنْ تَتْرُكُنَا؟ قَالَ: إِلَى اللهِ، قَالَتْ: رَضِيْتُ باللهِ، فَرَجَعَتْ وَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنَ الشِّنَّةِ وَيَدُرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، حَتَّى لَمَّا فَنِيَ المَاءُ قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَداً. قَالَ: فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا، فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ هَلْ تُحِسُّ أحداً، فَلَمْ تُحِسَّ أَحَداً، فَلَمَّا بَلَغَتِ الوَادِي سَعَتْ، وأتَتِ المَرْوَةَ، وَفَعَلَتْ ذَلِكَ أشْوَاطَاً، ثُمَّ قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ الصَّبِيُّ، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَإذَا هُوَ عَلَى حَالِهِ، كَأنَّهُ يَنْشَغُ لِلْمَوْتِ، فَلَمْ تُقِرَّهَا نَفْسُهَا فَقَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أحَداً، فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا، فَنَظَرَتْ ونظَرتْ فَلَمْ تُحِسَّ أَحَداً، حَتَّى أتَمَّتْ سَبْعاً، ثُمَّ قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ، فَإذَا هِيَ بِصَوْتٍ، فَقَالَتْ: أَغِثْ إنْ كَانَ عِنْدَكَ خَيْرٌ، فَإذَا جِبْرِيلُ فَقَالَ بِعقِبِهِ هَكَذَا، وَغَمَزَ بِعَقِبِهِ عَلَى الأرْضِ، فَانْبَثَقَ المَاءُ فَدَهِشَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ، فَجَعَلَتْ تَحْفِنُ … وَذَكَرَ الحَديثَ بِطُولِهِ، [أخرجه : البخاري 4/172 (3364) و175 (3365) ] .

الاشعار

1-قال كعب بن زهير بن أبي سلمى:

إنَّ الرَّسُولَ لَسَيْفٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ *** مُهَنَّدُ مِنْ سُيُوفِ اللهِ مسْلُولُ

[دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف: أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الفارسي الأصل، الجرجاني الدار (المتوفى: 471ه) المحقق: محمود محمد شاكر أبو فهر الناشر: مطبعة المدني بالقاهرة - دار المدني بجدة الطبعة: الثالثة 1413ه - 1992م (1/23) ] .

 

2- قال أَبِو عَزَّةَ الْجُمَحِيِّ:

أَلا أَبْلِغَا عَنِّي النَّبِيَّ مُحَمَّدًا *** بِأَنَّكَ حقٌّ وَالمَلِيكَ حَميدُ

وَأَنْتَ امْرؤٌ تَدْعُو إِلَى الرُّشْدِ وَالتُّقَى *** عَلَيْكَ مِن اللهِ الكَرِيمِ شَهِيدُ

وَأَنْتَ امْرُؤٌ بُوِّئْتَ فِينَا مَبَاءةً *** لَهَا دَرَجَاتٌ سَهْلَةٌ وَصُعُودُ

وَإنك مِنْ حَارَبْتَهُ لَمُحَارَبٌ *** شَقِيٌّ وَمَنْ سَالَمْتَهُ لَسَعِيدُ

[طبقات فحول الشعراء المؤلف : محمد بن سلام الجمحي الناشر : دار المدني - جدة تحقيق : محمود محمد شاكر (1/254) ] .

 

3- قال النابِغة الجعدي:

أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ إِذْ جَاءَ بِالهُدَى *** وَيَتْلُو كِتَابًا كَالْمَجَرَّةِ نَيِّرا

وَجَاهَدْتُ حَتَّى مَا أُحِسُّ وَمَنْ مَعِي *** سُهَيْلاً إِذَا مَا لاحَ ثَمَّتَ عَوَّرا

[الفانيد في حلاوة الأسانيد للحافظ جلال الدين السيوطي (1/8)] .

 

4- رحم الله من قال:

نُورٌ مِنَ الرَّحْمَنِ أَرْسَلَهُ هُدًى *** لِلنَّاسِ فَازْدَهَرَ الزَّمَانُ وَأيْنَعَا

دَعْ عَنْكَ إِيوَاناً لِكِسْرَى عِنْدَمَا *** هَتَفُوا بِمَوْلِدِهِ هَوى وَتَصَدَّعَا 

وَاذْكُرْهُ كَيْفَ أَتَى شُعُوبًا فُرِّقَ *** أَهْوَاؤُهَا كُلٌّ يُصَحِّحُ مَا ادَّعَا

فَهَدَاهُمُ لَلْحَقِّ حَتَّى أَصْبَحُوا *** فِي اللهِ إِخْوانًا تَرَاهُمْ رُكَّعَا

[مجموعة القصائد الزهديات المؤلف: أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن السلمان (المتوفى: 1422ه) الناشر: مطابع الخالد للأوفسيت – الرياض الطبعة: الأولى، 1409 ه (2/57) ] .

 

5- حسان بن ثابت:

مِنَ النَّاسِ بين النَّاسِ ما سار سائِرٌ *** أَجَلّ وأَعْلَى قِمَّةً من مُحَمَّدِ

وما وَطِئتْ رِجلان هامَةَ أَرْضِنَا *** أَجَلّ وأَهْدَى هِمَّةً من مُحمَّدِ

وَمَا حَمَلَتْ مِنْ نَاقَةٍ فَوْقَ كُورِهَا *** أَعَزَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً مِنْ مُحَمَّدِ

وما مِنْ إِمامٍ أَمَّه النَّاسُ بُرْهةً *** أَبرّ وأَرْبَى أُمَّةً من مُحَمَّد

[بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز للفيروزابادى (1/1717] .

 

6- أَحْمَدُ الهَادِي إِلى سُبُلِ الْهُدَى *** كَمبَدَى مِنْهُ لأَهْلِ الأَرْضِ نُصْحْ

هَاشِمِيٌّ قُرَشِيٌّ طَاهِرٌ *** حَسَن الأَخْلاقِ زَاكِي الأَصْلِ سَمْحْ

جَاءَ بالدِّينِ الحَنِيفِي وَقَدْ *** طَبَّقَ الأَرْضَ مِنَ الإِشْرَاكِ جُنْحْ

فَأرَى النَّاس الْهُدَى بَعْدَ الرَّدَى *** فَإِذَا الْحَقُّ تَجَلَّى مِنْهُ صُبْحْ

[ديوان ابن مشرف (1/102) ] . 

 

7- قال حسان بن ثابت:

وَمَا فَقَدَ الْمَاضُونَ مِثْل مُحَمَّدٍ *** وَلا مِثْلُهُ حَتَّى القِيَامَةِ يُفْقَدُ

[التَّنويرُ شَرْحُ الجَامِع الصَّغِيرِ المؤلف: محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني، الكحلاني ثم الصنعاني، أبو إبراهيم، عز الدين، المعروف كأسلافه بالأمير (المتوفى: 1182ه) المحقق: د. محمَّد إسحاق محمَّد إبراهيم الناشر: مكتبة دار السلام، الرياض الطبعة: الأولى، 1432 ه - 2011 م (1/572) ] .

 

8- قال محمود سامي البارودي:

مُحَمَّدٌ خَاتَمُ الرُّسُلِ الَّذِي خَضَعَتْ *** لَهُ الْبَرِيَّةُ مِنْ عُرْبٍ وَمِنْ عَجَمِ

سَمِيرُ وَحْيٍ ومَجْنى حِكْمَةُ وَنَدى *** سَمَاحَة وقِرَى عَافٍ وَرِيُّ ظَمِ

[قصائد من عيون الشعر المؤلف : نخبة من الشعراء (1/2) ] .

 

9- قال قطرب تلميذ سيبويه:

وَمَا جَاءَ يَدْعُونَا بِغَيْرِ دِلالَةٍ *** وَلَكِنْ بِآيَاتِ تَدُلُّ وَتَشْهَدُ 

وَمَنْ ذَاكَ جِذْعٌ حَنَّ شَوْقًا إلى الرِّضَى *** فَمَا زَالَ سَاعَاتٍ يَميلُ وَيُسْنَدُ

وَقَدْ سَمِعُوا صَوْتًا مِنَ الْجِذْعِ بَيِّنَا *** فَيَا عَجَبًا مِمَّنْ يَشُكُّ ويُلْحِدُ

ومِنْ ذَاكَ شَاةُ خِلْوَةُ الضَّرْعِ مَسَّهَا *** فَدَرَّتْ بِغَزْرٍ حَافِلٍ يَتَربَّدُ

فَقَامَ إِليْهَا الحَالِبَانِ فَأَتْرَعَا *** أَوَانِيهَا وَالضَّرْعُ رَيَّانُ أَبْرَدُ

وَسَارَ إِلى البَيْتِ المُقَدَّسِ لَيْلَةً *** مَسِيرةً شَهْرٍ وَارِدٌ لَيْس يُطْرَدُ

يُخَبِّرُ بِالبَعيِر الَّتِي فِي طَريقِهِ *** لِيُوقِنَ أَهْلُ الشِّرْكِ ذَاكَ فَيَسْعَدُوا

[مجموعة القصائد الزهديات المؤلف: أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن السلمان (المتوفى: 1422ه) الناشر: مطابع الخالد للأوفسيت – الرياض الطبعة: الأولى، 1409 ه (1/545) ] .

متفرقات

1- قال البيهقي: والإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم يتضمن الإيمان له، وهو قبول ما جاء به من عند الله عنه، والعزم على العمل به؛ لأن تصديقه في أنه رسول الله التزام لطاعته، وهو راجع إلى الإيمان بالله، والإيمان له؛ لأنه من تصديق الرسل، وفي طاعة الرسول طاعة المرسل؛ لأنه بأمره أطاعه. قال الله تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) .

 

قال: والنبوة: اسم مشتق من النبأ، وهو الخبر إلا أن المراد به في هذا الموضع خبر خاص، وهو الذي يكرم الله عز وجل به أحدا من عباده فيميزه عن غيره بإلقائه إليه، ويوقفه به على شريعته بما فيها من أمر ونهي ووعظ وإرشاد، ووعد ووعيد، فتكون النبوة على هذا الخبر والمعرفة بالمخبرات الموصوفة، والنبي صلى الله عليه وسلم هو المخبر بها، فإن انضاف إلى هذا التوقيف أمر بتبليغه الناس ودعائهم إليه كان نبيا رسولا، وإن ألقي إليه ليعمل به في خاصته، ولم يؤمر بتبليغه، والدعاء إليه كان نبيا، ولم يكن رسولا، فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً [شعب الإيمان المؤلف: أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي حققه وراجع نصوصه وخرج أحاديثه: الدكتور عبد العلي عبد الحميد حامد أشرف على تحقيقه وتخريج أحاديثه: مختار أحمد الندوي، صاحب الدار السلفية ببومباي – الهند الناشر: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع بالرياض بالتعاون مع الدار السلفية ببومباي بالهند الطبعة: الأولى، 1423 ه - 2003 م (1/279) ] .

 

2- قال ابن تيمية : وقد اتفق المسلمون على ما هو معلوم بالاضطرار من دين الإسلام وهو أنه يجب الإيمان بجميع الأنبياء والمرسلين وبجميع ما أنزله الله من الكتب فمن كفر بنبي واحد تُعلم نبوته مثل إبراهيم ولوط وموسى وداود وسليمان ويونس وعيسى فهو كافر عند جميع المسلمين حكمه حكم الكفار وإن كان مرتداً استتيب فإن تاب وإلا قتل. ومن سب نبياً واحداً من الأنبياء قتل أيضاً باتفاق المسلمين وما علم المسلمون أن نبياً من الأنبياء أخبر به فعليهم التصديق به كما يصدقون بما أخبر به محمد وهم يعلمون أن أخبار الأنبياء لا تتناقض ولا تختلف وما لم يعلموا أن النبي أخبر به فهو كما لم يعلموا أن محمداً أخبر به صلى الله عليهم أجمعين ولكن لا يكذبون إلا بما علموا أنه كذب كما لا يجوز أن يصدقوا إلا بما علموا أنه صدق وما لم يعلموا أنه كذب ولا صدق لم يصدقوا به ولم يكذبوا به كما أمرهم نبيهم محمد وبهذا أمرهم المسيح عليه السلام فقال الأمور ثلاثة أمر تبين رشده فاتبعوه وأمر تبين غيه فاجتنبوه وأمر اشتبه عليكم فكلوه إلى عالمه [الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ابن تيمية دراسة وتحقيق: علي بن حسن بن ناصر الألمعي وغيره الناشر:دار الفضيلة، الرياض، المملكة العربية السعودية الطبعة الأولى، 1424ه/ 2004م (3/46) ] .

 

3- وقال رحمه الله: الأنبياء -صلوات الله عليهم- معصومون فيما يخبرون به عن الله -سبحانه-، وفي تبليغ رسالاته باتفاق الأمة؛ ولهذا وجب الإيمان بكل ما أوتوه [مجموع الفتاوى (10/289) ] .

الإحالات

1- النبوة والأنبياء في القُرآنِ والسنَّةِ إعداد: علي بن نايف الشحود .

2- جامع الرسائل المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس – مصر تحقيق : محمد رشاد رفيق سالم - فصل في أن دين الأنبياء واحد .

3- أعلام النبوة المؤلف : أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي الناشر : دار الكتاب العربي – بيروت الطبعة الأولى ، 1987 تحقيق : محمد المعتصم بالله البغدادي .

4- تثبيت دلائل النبوة المؤلف : عبد الجبار بن أحمد الهمذانى .

5- كتاب دلائل النبوة المؤلف : إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني الناشر : دار طيبة – الرياض الطبعة الأولى ، 1409 تحقيق : محمد محمد الحداد .

6- دلائل النبوة ـ للبيهقى تحقيق : وثق أصوله وخرج أحاديثه وعلق عليه : الدكتور / عبد المعطى قلعجى الناشر : دار الكتب العلمية ـ ودار الريان للتراث الطبعة الأولى 1408 هـ / 1988 م .

7- دلائل النبوة المؤلف : جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي أبو بكر الناشر : دار حراء - مكة المكرمة الطبعة الأولى ، 1406 تحقيق : عامر حسن صبري . 8- دلائل النبوة المؤلف: منقذ بن محمود السقار الناشر: رابطة العالم الإسلامي - مكة المكرمة عدد الأجزاء: 1 .

9- التفسير الواضح المؤلف : الدكتور / محمد محمود حجازى دار النشر : دار الجيل الجديد (1/258) .

10- العظمة المؤلف : عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني أبو محمد الناشر : دار العاصمة – الرياض الطبعة الأولى ، 1408 تحقيق : رضاء الله بن محمد إدريس المباركفوري .

11- مباحث في العقيدة تأليف: فضيلة الدكتور/ أ. عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار الأستاذ بجامعة القصيم .

12- معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول المؤلف : حافظ بن أحمد حكمي الناشر : دار ابن القيم – الدمام الطبعة الأولى ، 1410 – 1990 تحقيق : عمر بن محمود أبو عمر .