" تأملات في الحشر "

ابو علي
1434/02/20 - 2013/01/02 05:30AM
خطبة
" تأملات في الحشر "
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــ
( أما بعد : فيا عباد الله )
" الحشر والحج "
تلكم الصعوبات التي تنال الحجاج ، وتلكم المواقف التي يجتمع فيها الحجاج في مكان واحد وفي زمان واحد ، وذلكم اللباس الموحَّد من إزار ورداء أبيضين ، وتلك الفوارق التي تتلاشى وتضمحل من الحجاج ، تلك المقامات تذكرنا بالحشر ، ولذا لما ذكر الله جل وعلا آيات الحج وذكر الأيام المعدودات وهي أيام التشريق ، أوضح في ختام الآية أن هذا الحج – وهو الاجتماع المصغر – رمز للاجتماع المكبر الذي يكون يوم القيامة ، قال الله عز وجل :
{وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }البقرة203
فالأيام المعدودات هي " أيام التشريق "
ولما ذكرت التقوى في ضمن هذه الآيات المتعلقة بالحج والمتعلقة بالحشر دل هذا دلالة واضحة على أن أعظم ما ينجي العبد من ذلك الحشر المهول هو " تقوى الله عز وجل " ولذا لما ذكر جل وعلا طرفاً من أحكام الحج في سورة المائدة ختم بذكر الحشر ليؤكد ويقرر ذلك ، قال عز وجل
{ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }المائدة96
" الحشر والاستكبار "
الجميع سيقف أمام الجبار ، مت بحادث ، مت بمرض ، مت بسكتة قلبية ، مت بأي نوع من أنواع الموت ، اسمع إلى ما قاله ربك عز وجل :
{وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ }آل عمران158
فيا هلاك ، ويا خيبة ، ويا عور من أعرض عن طاعة الله ، قال الله سبحانه وتعالى - وتأمل معي عبد الله ما أذكره من آيات ، فإن تلك الآيات يكون فيها ذكر للحشر ، لما ذكر الحشر ذكر الاستنكاف والاستكبار عن طاعة الله :
{ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً }النساء172
الكل سيقف أمام الله
{ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ{24} وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ{25}
هل من قوة ، هل من كبر ، هل من جبروت ؟!
{ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ{38} فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ{39}
إن كان لكم قوة ، منعة ، سلطان ، فامنعوا هذا الحشر ، أو امنعوا أهواله ، ولذلك تبرَّز الأرض فلا يبقى فيها شجر ولا حجر ولا جبل ولا معْلَم من معالم الدنيا لتسع هذه الأرض الخلق كلهم .
{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً }الكهف47
بل إنه عز وجل يذكر بالحشر من استمرأ معصية الله ، فإن تلك المعصية قد تحول بينه وبين الرجوع إلى طاعة الله ، كما أن من استحلى طاعة الله فإن تلك الطاعة تحول بينه وبين الوقوع في معصية الله ، قال الله جل وعلا :
{ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }الأنفال24
من لم يكن له القرآن واعظاً فلا واعظ له
ولذا الله جل وعلا يذكر بالحشر من في قلبه ميل إلى الهوى والذنب حتى يعود إلى رشده ، ولكن أتلك الهواتف المسماة بـ " الذكية " تركت لأكفنا مجالاً لقراءة هذا القرآن ؟
وإذا قرأنا هذا القرآن هل نتأمل آياته ؟
اسمع إلى ربك جل وعلا آمراً نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخاطب من مال إلى المعصية أن يتذكر ذلك الحشر حتى يعود إلى الله ، قال تعالى :
{وَأَنذِرْ بِهِ } أي بالقرآن { الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }الأنعام51
بل إن العجب العجاب أن الصلاة التي فُرِّط فيها في مجتمعات المسلمين من الصغير والكبير ، من الذكر والأنثى ، تلك الصلاة هي منجاة لك في يوم الحشر ، اقرأ وتدبر كلام الله جل وعلا :
{وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }الأنعام72
تذكر الصلاة مع أنها من تقوى الله ، تذكر الصلاة في سياق الحشر ، ما ذكرت إلا لخصيصة تميز هذه الصلاة ، فأين مقامك من هذه الصلاة ؟
" كل يسأل نفسه "
" الحشر والدواب كلها "
كل الخلائق ، إنس ، جن ، حشرات ، طيور ، بهائم ، حيوانات ، يحشر الكل أمام الله جل وعلا ، فلا يمكن أن يفلت الظالم من ظلمه ، في هذه الدنيا حتى ولو كان في عالم الحيوان
{وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ }التكوير5
{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم }
ما تراه من نمل ، ما تراه من ذباب ، ما تراه من أسود ، من فهود ، قل ما تشاء ، هي أمم أمثالنا ، لها شؤونها في هذه الحياة
{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }الأنعام38
سبحان الله !
الخلائق كلها ، لو فكر الإنسان بعقله القاصر أيمكن أن يحشر الإنس في سنة واحدة ممن كان في المشرق ، ممن كان في المغرب ، من ذكور ، من إناث ، تلك هي قدرة ابن آدم ، لكن الحشر لجميع الخلائق هو يسير على الله عز وجل ، مع أنه جل وعلا ذرأهم في الأرض ، بثنا في الأرض آيات وعلامات على قدرة الله عز وجل
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ }الروم20
{وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }المؤمنون79
ألا تُقرأ مثل هذه الآيات ؟
تقرأ ، وإن قرئت فإن بعضا من الناس لا يتأمل فيها ، سبحان الله ! ذلكم العدد المهول من أول الخليقة إلى آخرها يسير على الله عز وجل
{يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ }ق44
ما اليسر ؟
بكلمة ( كن ) تجتمع الخلائق ، هذا هو اليسر ، دليلنا :
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }الأنعام73
" الحشر والأصدقاء "
الصديق من الإنس أو الصديق من الجن ، يحشر الجميع ، من أعان صاحبه على الوقوع في ذنب فإنه يحشر معه ويكون قرينا له يوم المعاد :
{ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ{22} مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ{23}
الأزواج : القرناء من إنس أو جن .
بل صُرِّح بذلك عن الجن
{فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً }مريم68
أوما سمعت إلى تلك المجادلة التي وقعت بين ذلك الإنسي الذي أزَّه الشيطاني ، فجعل الإنسي يجادل أمام الله علَّه أن يجد مخرجا ؟
{وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ }الأنعام128
فإذا اجتمع هؤلاء كأنهم ما لبثوا في هذه الدنيا إلا سويعة ، أين تلك الملاذ ؟ أين ذلكم النعيم ؟
"ذهبت لذاتها والإثم حل "
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ }يونس45
ثم يقال لمن أشرك بالله قف مكانك ، لم ؟
حتى تُميَّز أنت أيها الخبيث وبين الطيب ، قف في هذا المكان ، فهذا أوان العقاب ، هذا أوان العذاب .
{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ }
حتى تتميزوا عن المتقين
ولذا قال عز وجل في الآية الأخرى :
{وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ }يس59
الخطبة الثانية
( أما بعد : فيا عباد الله )
" الحشر والجوارح "
يوم يخرج من أشرك بالله في ساحة العرض على الله تذهب الأبصار ، لأنه لما كان أعمى عن طاعة الله عز وجل في هذه الدنيا ، فإن الله عز وجل يزيل عنه بصره في موقف من مواقف ذلكم العرض
{ وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى{124} قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً{125} قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى{126}
فالجزاء من جنس العمل
وليس عمى البصر فقط ، بل تصم الأذان وتبكم الألسن ويسيرون إلى الله جل وعلا ليس على الأقدام بل على الوجوه
{ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً }الإسراء97
يحشرون إلى الله على الوجوه ، تلك الوجوه مسودة ، وتلك الوجوه فيها أعين ، لكن اللون يختلف عن حاله الطبيعي " أعين زرقاء شديدة الزرقة " وهذا أسوأ ما يكون في الوجوه أن تكون سوداء وقد ازرقت عيونها .
{ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً{102} يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً{103} نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً{104}
يتسارون الحديث كم لبثتم ؟
قال بعضهم " عشرة أيام "
فقال أعدلهم طريقة في هذا الحكم وإلا فكلهم ظلمة { إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً }
سبحان الله !
يحشرون إلى الله على الوجوه ، ثم يحشرون إلى جهنم على الوجوه سحبا
{الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً }الفرقان34
وإذا سيقوا على وجوههم يساقون ليسوا فرادى وإنما جماعات ، وينتظر بالجماعة الأولى حتى تقدم الأخيرة حتى يجتمعوا جميعا
{وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ }النمل17
يجمع أولهم مع آخرهم
{وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ }النمل83
" الرؤساء والزعماء في الكفر لهم حشر آخر مميز في السوء "
اسمع إلى قوله عز وجل :
{ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً }مريم69
فإذا سيقوا إلى جهنم جماعات على وجوههم يقفون على شفيرها ، فإذا وقفوا على شفيرها أبصروها ، فتنطق ألسنتهم بهذا القول ، والرب جل وعلا يصف لك هذه الحال كأنها واقعة علَّ قلبك أن يعود .
{وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }الأنعام27
ثم قال تعالى :
{بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ }
ظهر لهم ما كانوا يخفونه من قبل في هذه الدنيا من الظلم ، من التجبر ، من عصيان الله عز وجل .
وإذا وقفوا أمامها وقالوا هذا القول ، يكونون على حالة " القعود على الرُّكب " علامة الذل في ذلك الموقف أنهم يقعدون على شفير جهنم على الركب
{فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً }مريم68
قبل أن أقرأ هذه الآيات وأتأمل ما فيها أقول سبحان الله – كل هذا في كلام الله عز وجل ، أين نحن ؟ أين قلوبنا ؟ أين تعلقنا بهذا القرآن ؟ أسأل الصغير والكبير ما نصيب قراءة القرآن من يومك ؟
ملامستنا للجوالات أكثر من مصافحتنا للقريب والحبيب ، أكثر من ملامسة المطعوم والمشروب ، أكثر من ملامستنا لكتاب الله ، بل تيسرت السبل في هذه الجوالات فوجدت فيها المصاحف ، فأين نحن من قراءة كتاب الله ؟!
وأنا لم آت بشيء ، فكل ما ذكرته لكم من كتاب الله عز وجل .
ثم إذا وقفوا وهم قعود على الرُّكب يدفعون في النار حتى يسقطوا فيها
{ يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً{13}
يعني يدفعون بعنف .
{ يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً{13} هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ{14} أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنتُمْ لَا تُبْصِرُونَ{15} اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاء عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{16}
" فإذا قذفوا فيها يتقون العذاب بالوجوه "
لو ضربك شخص ضربا مبرحا على جسمك هو أهون من أن يصفعك على وجهك أو أن يتفل في وجهك ، لم ؟
لأن الوجه هو أشرف الأعضاء ،فإذا أهين الوجه أهين الجسم كله – سبحان الله – يحشرون إلى الله على الوجوه ، ثم يساقون إلى جهنم سوقا على الوجوه ، ثم إذا قذفوا في جهنم يتقون بهذه الوجوه النار التي تصيبهم .
{أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ }الزمر24
هذه إمرارة سريعة لحشر أولئك الذين خالفوا أمر الله ، فاختر لنفسك - عبد الله – أي الحشرين ؟
هذا الحشر الذي سمعته آنفا ، حشر مهول مهين ، أم حشر طيب رفيق رحيم ، كما قال عز وجل :
{ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً{85}
يعني جماعات .
وقال بعض المفسرين : لا يمشون على الأقدام ، بل يمشون إلى الله جل وعلا على المركوبات إذا خرجوا من قبورهم .
وسماهم بأنهم " وفد " والوفد الذي يقدم على الكريم يؤمل عنده حسن الظن وعظيم العطاء .
{ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً{85} وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً{86}
نسأل الله عز وجل أن يجعل حشرنا وحشركم حشرا مسهلا رفيقا رحيما ، حتى نلقى الله عز وجل ونحن سعداء .
المشاهدات 2700 | التعليقات 3

جزاك الله خيرا


أبا علي
الشكر لك على حسن الانتقاء
حقيقةً أعجبتي خطبة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ليتك توصل شكري وسلامي إليه
وليتك تطالبه بالمزيد من الخطب.
[ لكن : ليتك لم تُنسِّقها بهذه الكيفية الصعبة نوعًا ما]

أخي العزيز:
من فرط إعجابي الشديد بها
أعدتُ كتابتها وصياغتها على النحو التالي :


~ هذه بضاعتكم رُدَّتْ إليكم ~


تأملات في الحشر


أيها الإخوة المسلمون: تعالوا في دقائق محدودةٍ نتأمَّل في آيات الحشر من كتاب الله U. فإنَّ الله تعالى دعانا إلى تذكُّرِ الحشر بهذا القرآنِ الكريمِ، فقال: {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}.
يا مؤمن! هذه آياتٌ نقرأُها من كتاب الله، فتعالَ نتأمَّلْها.
إنَّنا سنموت كلُّنا، وسنُحْشر أمامَ الجبار جميعُنا، سواءً مُتَّ يا أخي بحادثٍ أو مرضٍ أو سكتةٍ أو بأي نوع من أنواع الموت، إنَّ يوم الحشر لا مفر منه ولا وزر. قال تعالى: {وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ}.
نحن في عصر القوة والتكنولوجيا، فهل هناك قوة تستطيع منعَ يومِ الحشر؟! هل من حيلة؟! هل من جبروت؟! قال تعالى: {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ* فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ} إن كان لكم منعةٌ وتحدٍّ واختراعٌ، فامنعوا وقوع يوم الحشر، ولكنَّكم لا تستطيعون.
أيها الإخوة المسلمون: كل الخلائق محشورةٌ، لا يمكن أن يفلت مخلوقٌّ من نشْرٍ وحشْرٍ. إنسٌ وجِنٌّ وطيرٌ وحيوانٌ، قال تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}، وقال سبحانه: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم}، ما نراه من نَمْلٍ ونَحْلٍ، وذبابٍ وغرابٍ، وأسودٍ وقرودٍ، وغيرها، هذه أممٌ أمثالُنا، ولها شؤونها، ولكنَّها ستُحْشر: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}.
يا سبحان الله! لو فكر الإنسان بعقله القاصر: كيف تُحشر كلُّ هاته المخلوقات، من كلِّ مكانٍ، وفي كلِّ زمان. يا لقدرةَ الله Y: {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ* وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}.
الله أكبر! ذلكم العدد المهول من أول الخليقة إلى آخرها حَشْرُها على الله I يسيرٌ! ما أعظمك يا خالق! {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ}، ما اليسير؟ إنه كلمة "كن"، "فَبِــكُنْ" تجتمع الخليقةُ عن بكرة أبيها، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ، قَوْلُهُ الْحَقُّ، وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ، عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}.
أيها الإخوة المسلمون: إن الله تعالى يحشر العبادَ على أرضٍ غيرِ هذه الأرض التي عشنا عليها وعرفناها، {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} أرض المحشر لا يبقى فيها شجر ولا حجر ولا جبل ولا معْلَم من معالم الدنيا لِتَسَعَ الخلقَ كلَّهم، قال تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً}،
قال سهل بن سعد t: سمعت رسول الله r يقول:«يُحْشر الناسُ يومَ القيامة على أرضٍ بيضاءَ عفراءَ كقُرْصَةِ النَّقِيِّ قال الرَّاوي: ليس فيها مَعْلمٌ لأحدٍ. رواه البخاري ومسلم.
أرضُ المحشر بيضاءُ عفراءُ كرَغِيفٍ مصنوعٍ من دقيقٍ خالصٍ، ليس عليها علاماتٌ وتقاسيمُ لم يُسْفَكْ عليها دمٌ ولم يُعملْ فيها خطيئة.
وأما العباد فإنهم يُحشرون حفاةً غيرَ منتعلين عراةً غيرَ مكتسين، غُرْلاً غيرَ مختونين، كما خلقك الله أول مرة من بطن أمك: حافياً عارياً أَغْرَل.
قالr: «يا أيُّها النَّاسُ، إنَّكم مَحْشُورون إِلى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا» ثم قرأ قوله تعالى:{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} متفق عليه.
وعندما سمعت عائشة t رسول الله r يقول: « يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا» قالت: يا رسول الله! الرجال والنساء جميعاً، ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال r: «يَا عَائِشَةُ الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ» متفق عليه.
أيها الإخوة المسلمون: كيف يُحشر الكفرة الفجرة؟ وكيف يُحشر التقاة البررة؟
أولا لابدَّ من التمايز بين الفريقين عند المحشر، قال تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ}.
قِفْ مكانَك أيها المشرك الخبيث! تَمَايَزْ عن الطيبين،{وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ}
انفصلوا وابتعدوا عن المتقين, لأنكم صاحبتم الأشرار الفجَّار، فلْتُحشروا معهم: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ* مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} وأزواجَهم: أي أَشْبَاهَهُمْ وقرناءَهم.
الزناة مع الزناة، وأَكَلَةُ الرِّبا مع أَكَلَةِ الرِّبا، والعلمانيون مع العلمانيين، والليبراليون مع الليبراليين، والمرء يُحشر مع من أحبَّ.
إنَّهم يحشرون زُرْقًا في وجوههم وعيونهم حتى تسْوَدَّ وتَعْمى من شدة الخوف والعطش: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً}، وقال I {يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً} إنَّهم أذلَّاءُ جاثون على ركبهم على شفير جهنم: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً}.
أمَّا التقاة البررة فحشرهم حَشْرٌ طيِّبٌ كريمٌ رحيم، {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً} وفود الرحمن يقْدُمُون على الرحمن راكبين في كرامة وحسن استقبال، يُؤَمِّلون عند ربِّهم حُسْنَ الرفادة وعظيمَ العطاء، {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً}.
يا عبد الله: هذه إمرارة سريعة لحشر المجرمين وحشر المتَّقين، فأي الحشرين يختار العاقلُ لنفسه؟.
أسأل الله بمنِّه وكرمه أن يحشرنا حشرا كريما رحيما، وأن يجعلنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. أقول ما تسمعون ...

الخطبة الثانية

أما بعد : فيا عباد الله بم يُستعان على يوم الحشر؟
إنَّ صلاح القلب أساس النجاة والفلاح، رَبَطَ المولى U بين تحوُّلِ القلب والحشر، فقال: {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}، انتبهوا للقلوب المتقلِّبة، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}.
أعظم ما يُنْجِي العبدَ من ذلك الحشر المهول "تقوى القلوب" {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}، فلابدَّ يا مسلم من تحقيق التقوى، وما ينبثق عنها من شعائرَ وأعمالٍ صالحةٍ.
عباد الله: يُستعان على يوم الحشر: بالصلاة والتقوى. عجب عجاب هل هذه الصلاة العظيمة والركن الركين من هذا الدين تكون منجاةً لك في يوم الحشر؟ إي وربِّي، واقرؤوا وتدبروا كلام الله Y: {وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}. هذه الصلاة التي فُرِّط فيها بعض المسلمين والمسلمات بكلِّ أسفٍ شديد، هذه الصلاة تُذْكَرُ في سياق الحشر مع أنها من تقوى الله! نعم، ما ذكرت إلا لخصيصة تميزت به، فأين مقامك من هذه الصلاة يا عبد الله؟
أيها الإخوة المسلمون: ويُستعان على يوم الحشر: بالحج والتقوى. الحجُّ نعم المذكِّرُ بالحشر، جاء ذكر الحشر في آيات الحج. يجتمع الناس في المشاعر في مكان واحد وزمان واحد ولباس واحد ونداء واحد، لا فرقَ بين واحدٍ وواحد، تلك المقامات تذكرنا بالحشر، هذا الحج اجتماع مصغر يذكِّر بالاجتماع المكبر، قال تعالى:{وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.
يا عباد الله: يَا لخَيْبَةَ من أعرض عن طاعة الله، قال الله: {وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً}، تأمَّلْ هذا الوعيد والتهديد في هذا الاستنكاف والاستكبار عن عبادة الله، إنَّه لن يمنعهم من الحشر والمثول أمام الله الحق المعبود.
حذارِ حذارِ من الإعراضِ عن ذكر الله وعن هجر كتاب الله، وإلا فتأمَّل هذا المشهد في الحشر: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى* وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل. اللهم إنا نسألك أن تجعل خير أعمارنا آخرها وخير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم لقائك واجعل القبور بعد فراق الدنيا خير منازلنا.
اللهم ارحم في موقف العرض عليك ذل مقامنا، وثبت على الصراط أقدامنا، ونجنا من كرب يوم القيامة وبيض وجوهنا إذا اسودت وجوه العصاة، يوم الحسرة والندامة برحمتك يا أرحم الراحمين.
ربنا اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار. ربنا اغفر لآبائنا وأمهاتنا، ولجميعِ من له حقٌّ علينا، وأصلح اللهم زوجاتنا وذرياتنا، ووفِّق أولادنا لما تحبه وترضاه في الدين والدنيا والآخرة.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله: إن الله وملائكته يصلون ...