" الشرور والبشاعة في إدمان الخلاعة "

حسام بن عبدالعزيز الجبرين
1437/06/23 - 2016/04/01 19:53PM
[font="] 23 / 6 / 1437هـ " الشرور والبشاعة في إدمان الخلاعة " ويمكن أن يقال " الإدمان الجديد "
[/font]


الحمد لله حذر عباده من الشيطان والحبائل ، والحمد لله يتوب على من تاب فليس بينه وبين العباد حائل ، نعوذ به من الفتن في عاجل أمرنا والآجل وأشهد إلا إله إلا الله وحده لا شريك له منزه عن الشبيه والمماثل ، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأفاضل أما بعد : فأوصي نفسي وإياكم بارتداء لباس التقوى ، ومجاهدة الشيطان والنفس وما تهوى وتجديد التوبة دوما {وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ . يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ}.


إخوة الإيمان : معصية دنيئة ، آثارها بعيدة ، أضرارها إيمانية وصحية ونفسية واجتماعية ، إنها مشكلة حديثة أنتجها الغرب و روّج لها واليوم صار يدرسها عقلاؤهم ويطلقون تحذيراتهم منها ، و أما في مجتمعنا فصار المشايخ اليوم يسألون عنها و أخبر بعضهم السؤال عنها يتكرر ؛ مما يدل على فشوها وعموم بلائها بل يحلف بعض السائلين الأيمان المغلظة في أنهم حاولوا تركها ولكنهم يعودون لأوحال هذه المعصية كما أن مواقع الاستشارات تتلقى شكاوى تنشد الخلاص من هذا الشر ، انتشر شر هذا الذنب بعد سرعات الأنترنت العالية والأجهزة الذكية الكفية مما يحتّم التحدث عن هذا المستنقع الخبيث لعلاج المبتلى وليحذرها المعافى ويحذّر إن استطاع .. إنها معصية النظر إلى أفلام وصور الخلاعة وإدمانها !
أيها الإخوة : في مجلس الشيوخ الأمريكي أطلقت باحثة في مركز العلاج السلوكي تحذيرها وقالت عن هذه المشكلة : إنها أكبر مهدد للصحة النفسية وإنها أخطر من إدمان الكوكين .
و إدمان المخدرات خطير جدا ولكنه ليس متوفرا على خلاف هذا المواد الخليعة فهي في متناول اليد والمخدرات مستقر في نفوس الكبار والصغار عظم خطرها على خلاف هذه ، والمخدرات ليست مرتبطة بغريزة لدى الإنسان بخلاف هذه فلها ارتباط بغريزة فطرية، كما أن المخدرات غالية الثمن و أما هذه فصارت تتداول بعد شرائها بالمجان ، بل إنها تَعرِض لمن لا يريدها من خلال دعايات و روابط { وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيما } .
وإليكم إحصاءات محزنة نشرتها بعض المواقع الإخبارية قبل ثلاث سنوات :
عدد المواقع الإباحية على الإنترنت أربعة ملايين و200 ألف موقع ! 100 ألف موقع منها عن الأطفال ، إجمالي عدد الصفحات 420 مليون صفحة ! ، نسبة تحميل المواد الخليعة عبر الإنترنت 35% من إجمالي المواد المحملة ! علما أن هذه الإحصائية نشرت نهاية عام 2012 وهي بازدياد فإنا لله وإنا إليه راجعون وقال الطبيب السعودي وليد فتيحي في حلقة "الأفلام الإباحية" من برنامج "محياي" المذاع عام 1434هـ : " إنْ تتبعنا مسارات البحث في محرك البحث (جوجل)، نجد أن أكثر البحث يكون عن مفردات جنسية، 116 ألف بحث من الأطفال والمراهقين كل يوم، وكل ثانية واحدة يقوم 30 ألف شخص بتصفح مواقع إباحية، وفي كل نصف ساعة يتم تصوير فيلم إباحي بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي تنتج 89 في المائة من المواقع الإباحية على الأنترنت، وتقدر صناعة الأفلام الإباحية اليوم بأزيد من 100 مليار دولار أمريكي، وفي السعودية يسجل 50 مليون بحث عن كلمات جنسية بل وشاذة شهريا، أي ما يزيد عن مليون ونصف بحث يوميا، و70 بالمائة من الملفات المتبادلة بين المراهقين هي مواد إباحية " اهـ كلامه .. و البلد الأول في إنتاج المواد الخليعة أمريكا وهي البلد الأول في مشاهدتها ولكن المحزن أن المراكز التي بعدها دول إسلامية عربية .



إخوة الإيمان : و في موضوع إدمان مواد الخلاعة لقاءات فضائية وهي مسجلة منشورة في الإنترنت تناقش وتعالج هذا البلاء ، وقد اتفق عدد من المتحدثين عن هذه المشكلة إلى أنها تصل إلى الإدمان فأثرها على المخ كأثر المخدرات ؛ كما أفاد د .وليد فتيحي وهو المؤسس ورئيس مجلس إدارة المركز الطبي الدولي بجدة أن إدمان النظر لمواد الخلاعة يؤثر في الدماغ على غرار الكوكين إذ تفرِز خلايا دماغ المشاهد هرمون الدوبامين الذي يشعر بالنشوة و مع مرور الوقت وكثرة المشاهد يحصل تبلد لخلايا الدماغ فيبحث عما هو أكثر إثارة وغرابة لكي يفرز هذا الهرمون حتى يصل حضيض لا يصدق أنه يصله بشر ! وضرر هذه المواد الخليعة على خلايا الصغار أخطر .
و ذكر المختصون أنها تسبب العنّة والبرود الجنسي بعد الزواج ؛ لأن الدماغ اعتاد استثارته بهذه الخبائث المصطنعة ، ما أنه قد يجد إلى زهد المتزوج بالسلوك الحلال الفطري الطبيعي ؛ لأن ذهنه ارتبط بلذة اصطناعية وهمية غير حقيقة ، ناهيكم الأضرار الإيمانية و انتهاك حرمات الله ، قال عليه الصلاة والسلام :" إن الله يغار ، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله " أخرجه البخاري .


إخوة الإيمان : والعلماء حين تكلموا عن أضرار النظر المحرم وأنها سهم مسموم فإنهم يقصدون النظر إلى يد امرأة ليست محرما أو وجهها أو جسمها جاء عن ابن عباس في قوله : ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم ، وفيهم المرأة الحسناء ، أو تمر به وبهم المرأة الحسناء ، فإذا غفلوا لحظ إليها ، فإذا فطنوا غض ، فإذا غفلوا لحظ ، فإذا فطنوا غض [ بصره عنها ] وقد اطلع الله من قلبه أنه ود أن لو اطلع على فرجها . رواه ابن أبي حاتم . أما هذه الخلاعة اليوم فتفري الإيمان وتصيب القلب بالقسوة والعين بالجفاف {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِين إٌِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}
بارك الله لي ولكم بالقرآن والسنة ...

الحمد لله المنزل على نبيه {قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} وصلى الله على نبيه القائل " العينان تزنيان، وزناهما النظر " أما بعد إخوة الإسلام:

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كنا عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فضحك فقال " هل تدرون مما أضحكُ ؟ " قال قلنا : اللهُ ورسولُه أعلمُ . قال " من مخاطبة العبدِ ربَّه . يقول : يا ربِّ ! ألم تُجِرْني من الظلمِ ؟ قال يقول : بلى . قال فيقول : فإني لا أُجيزُ على نفسي إلا شاهدًا مني . قال فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا . وبالكرامِ الكاتبين شهودًا . قال فيختُم على فيه . فيقال لأركانِه : انطِقي . قال فتنطق بأعمالِه . قال ثم يُخلّى بينه وبين الكلامِ . قال فيقول : بُعدًا لكُنَّ وسُحقًا . فعنكنَّ كنتُ أناضلُ " . أخرجه مسلم .
و في التنزيل {حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }


أيها المصلون : من الضروري أن يُغرس حب الله ومراقبته وخوفه ورجاؤه في نفوس أولادنا وطلابنا ، ليكون سياجا مانعا بإذن الله فنحن في زمن صارت فيه فتن النظر في متناول كل يد وهذا ابتلاء واختبار {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، ومن المهم أيضا أن نتحدث عن علاج لمن ابتلى بدنس مواد الخلاعة .

أولا :اتق الله وإياك أن تأمن مكر الله وأنت على معصيتك ، عليك بالتوبة لله بالندم على ما فات و الإقلاع عنها والعزم على عدم العودة توبة لله والمسلم يبعثه على التوبة محبته لربه وخوفه ورجاؤه ، ثم إياك إياك من نشر أي مادة خليعة ففي الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه : " إنَّ من أشرِّ النَّاسِ عندَ اللَّهِ منزلةً يومَ القيامةِ الرَّجُلَ يفضي إلى امرأتِهِ وتُفضي إليْهِ ثمَّ ينشُرُ سرَّها" . بالله عليكم إذا كان من أشر الناس من ينشر بالكلام فقط أسرار فراش الزوجية الحلال ؛ فكيف بمن يتكلم عن الحرام ثم كيف بمن بنشر صور ومقطع الزنا و عمل قوم لوط والعياذ بالله ! وفي حديث آخر " ومن سنَّ في الإسلامِ سُنَّةً سيئةً ، كان عليه وزرُها ووزرُ مَن عمل بها من بعده . من غير أن يَنقصَ من أوزارهم شيءٌ " أخرجه مسلم

ثانيا : أكثر من الدعاء والتضرع لله وعليك بهذه الدعوة النبوية : " اللهم إني أسألُك الهُدَى و التُّقَى ، و العفافَ و الغِنى " . وأحسن الظن بربك ففي الحديث القدسي " أنا عند ظن عبدي بي " .
ثالثا : غذّ إيمانك ، اجعل لك نصيبا من تلاوة وتدبر القرآن واستماعه ، زر المقابر و عد المرضى واحضر مجالس الذكر أو استمعها .

رابعا : أقم عمود الإسلام فقد قال الحق سبحانه {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} واتباع الشهوات مرتبط بتضييع الصلوات قال سبحانه {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا}

خامسا : تخلص وابتعد ما استطعت عن كل ما يجرك إلى مستنقع و دنس الخلاعة إن كان صديقا أو زميلا أو موقعا أو برنامجا أو جهازا أو حسابا.

سادسا : اشغل وقت فراغك واحرص على خدمة الآخرين ونفعهم ، وُجد في دراسة أن الذين يكرسون أنفسهم لخدمة الآخرين يُفرز عندهم هرمون الدوبامين بنسبة عالية جدا وهو هرمون النشوة والسعادة .
سابعا : لو حصل منك رجعة فلا تقنط أو تنقطع عن التوبة وإياك والاستسلام للشيطان وتذكر {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} وإياك واليأس من روح الله وتذكر "لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم" أخرجه مسلم

وختاما : يا من عُوفيت أحمد الله واسأله العصمة وإياك والشماتة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
المشاهدات 1465 | التعليقات 0