"وتحبون المال"
ناصر بن علي القطامي
1437/07/01 - 2016/04/08 00:11AM
"وتحبون المال"
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أ محمدا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد عباد الله:
فإن المال زينة من زينة الحياة التي أوكل الله تعالى حبه في الفطرة الإنسانية، فحب المال غريزة في فطرة الإنسان، وهذا ما أكده لنا رب العزة سبحانه وتعالى، حيث قال: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46].
وينظر الإسلام للمال على أن حبه والرغبة في اقتنائه دافع من الدوافع الفطرية التي تولد مع الإنسان وتنمو معه {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر: 20]، وقال جل شأنه: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: 8].
وبين الله سبحانه وتعالى أن المال متاع من متاع الحياة التي أباحه الله تعالى لعباده، فقال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: 14].
والمال مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية التي جاءت للحفاظ عليها، فالإسلام حافظ على الأموال، وأمر بعدم إضاعتها أو تبديدها، وشرع من العقوبات ما يمنع الاعتداء على أموال الغير، فأمر بعدم أكل أموال الناس بالباطل، وشرع حد السرقة، وقطع الطريق، وبين النبي أن العبد يسأل يوم القيامة عن ماله، فقال: ((لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ، عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ))[الترمذي].
عباد الله:
إن من مقاصد الشريعة في المال أن يكون المال عوناً للإنسان على طاعة الله، فلا يتصرف الإنسان فيه إلا في حدود المشروع والمأمور به، ولا يجوز له أن يتصرف في المال بأي تصرف غير مشروع، لأنه مال الله وليس مال العبد، ولهذا امتدح النبي -- المال الصالح في يد الرجل الصالح، فقال: ((نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحِ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ)) [صحيح لأدب المفرد]، ويقول : ((لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا))[البخاري].
عباد الله:
في مشهد عجيب ومؤثر غاية التأثير، يجتمع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليشكوا إليه جوعا أصابهم، وقد رفعوا عن بطونهم فإذا كل منهم قد ربط حجرا على بطنه ! فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بطنه فإذا بحجرين !
إنه الرسول القدوة، ونبي الأمة بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، إذ كان يستثمر المواقف والأحداث لتربية أصحابه، وتوجيه أمته من بعده، إذ توجه إلى أصحابه في موقف كهذا قائلا لهم : "أبشروا فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم".وفي لفظ: "فتلهيكم كما ألهتهم".
ولقد صدق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم , فقد وقع كثيرٌ مما أخبر عنه وخشيه, فكم ألهى المال من أقوام؟ وتنافس لأجله من فئام؟ بل وكم أهلك المال من أناس, حينما بسطت الدنيا على الناس.
وها هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخاطب عبد الرحمن بن عوف، ويقول له عن الدنيا وانفتاحها على الناس، فيقول: "إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم فأي قوم أنتم؟ فقال نقول كما أمر الله ورسوله، فقال: "أو غير ذلك؟ تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتباغضون ثم تتدابرون". وفي لفظ: "ثم يعمد بعضكم إلى بعض فيقتله".
أيها المسلمون:
إن المال في الحقيقة، لا يطلب لذاته في هذه الدنيا، وإنما يطلب عادة، لما يضمنه من مصالح، ولما يحققه من منافع، إنه في حد ذاته وسيلة لا غاية، والوسيلة عادة تحمد أو تعاب بمقدار ما يترتب عليها من نتائج حسنة وآثار سيئة، فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : (إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ) رواه البخاري ومسلم
وقد قال تعالى عن المال، وما يسوقه من خير أو شر: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى وَمَا يُغْنِى عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} [الليل :5-11].
أيها المؤمنون:
كما أن من نافلة القول أن ينبه على أنه لا تعارض بين السعي باعتدال لتحصيل المال، وتكوين الثروة، والزهد في الدنيا، إذ أن الزهد عمل قلبي لا علاقة له بالجوارح، فكثير من كبار الصحابة والسلف كانوا تجارا كأبي بكر، وعثمان بن عفان، وعبدالرحمن بن عوف وغيرهم وكانوا مع ذلك أئمة زهادا ! فالزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة .
الخطبة الثانية
الحمدلله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، أحمده سبحانه على على جزيل فضله ، وكريم إنعامه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له تعظيماً لشأنه ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله ، الداعي إلى رضوانه ، بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين ، فصلاة الله وتسليماته عليه وعلى إخوانه ، وأزواجه ، وذريته ، والتابعين لهم ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليماً، أمابعد:
فلقد جاءت الشريعة الإسلامية موافقة للطبيعة الفطرية، منسجمة مع الرغبات الإنسانية، إلا فيما حرمه الله "عز وجل" ومن ذلك أن الشريعة أباحت للمسلم السعي في تحصيل المال بالطرق المشروعة دون إفراط أو تفريط، وجعل السعي للمال غاية لا وسيلة، مع ضرورة الثقة بوعد رب العالمين، وتمام التوكل عليه وحسن الظن به .
قال : «إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته» [رواه ابن ماجة وابن حبان والحاكم].
قال ابن القيم: جمع النبي في قوله «فاتقوا الله وأجملوا في الطلب» بين مصالح الدنيا والآخرة ونعيمها ولذاتها، إن ما ينال بتقوى الله وراحة القلب والبدن وترك الاهتمام والحرص الشديد والتعب والعناء، والكد والشقاء في طلب الدنيا إنما ينال بالإجمال في الطلب، فمن اتقى الله فاز بلذة الآخرة نعيمها، ومن أجمل في الطلب استراح من نكد الدنيا وهمومها ) .
ألا وإن من تمام العقل والدين أن يقنع أيها المسلم بما أعطاك الله ، فكم ترى من أقوامٍ لم يقنعوا بما أعطاهم ربهم, ربما جرّهم ذلك إلى تحصيل المال من أوجه محرمة.
ولو تفكر المرء لأيقن أن ما يقدره ربه فهو الخير والحكمة, قدّر على الغني الغنى وهو خير له, وقدر على الفقير الفقر وهو خير له, وله في كل تقدير حكمة.
وفي الأثر: "إن من عبادي من لا يُصلِحُ دينَه إلا الفقرَ, ولو أغنيته لطغى أو لأفسده ذلك".
فيا أيها المبارك: إن رُمتَ راحة البالٍ فاقنع بما أعطاك ذو الجلال, وإن قلّ . وفي الصحيح: "قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما أعطاه".
وتفكر في من هم دونك, فكم نلتَ وحرموا, وأعطيتَ ومنعوا.
ففي الصحيح: "انظروا إلى من هم دونكم، ولا تنظروا إلى من هم فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم".
ورحم الله ابن وهب إذ يقول: صحبت أهل الترف، فلم أجد أكبر همّاً مني, أرى دابة خيرا من دابتي، وثوبا خيراً من ثوبي, ثم صحبت الفقراء، فاسترحت.
ثم صلوا وسلموا ...
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أ محمدا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد عباد الله:
فإن المال زينة من زينة الحياة التي أوكل الله تعالى حبه في الفطرة الإنسانية، فحب المال غريزة في فطرة الإنسان، وهذا ما أكده لنا رب العزة سبحانه وتعالى، حيث قال: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46].
وينظر الإسلام للمال على أن حبه والرغبة في اقتنائه دافع من الدوافع الفطرية التي تولد مع الإنسان وتنمو معه {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر: 20]، وقال جل شأنه: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: 8].
وبين الله سبحانه وتعالى أن المال متاع من متاع الحياة التي أباحه الله تعالى لعباده، فقال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: 14].
والمال مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية التي جاءت للحفاظ عليها، فالإسلام حافظ على الأموال، وأمر بعدم إضاعتها أو تبديدها، وشرع من العقوبات ما يمنع الاعتداء على أموال الغير، فأمر بعدم أكل أموال الناس بالباطل، وشرع حد السرقة، وقطع الطريق، وبين النبي أن العبد يسأل يوم القيامة عن ماله، فقال: ((لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ، عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ))[الترمذي].
عباد الله:
إن من مقاصد الشريعة في المال أن يكون المال عوناً للإنسان على طاعة الله، فلا يتصرف الإنسان فيه إلا في حدود المشروع والمأمور به، ولا يجوز له أن يتصرف في المال بأي تصرف غير مشروع، لأنه مال الله وليس مال العبد، ولهذا امتدح النبي -- المال الصالح في يد الرجل الصالح، فقال: ((نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحِ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ)) [صحيح لأدب المفرد]، ويقول : ((لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا))[البخاري].
عباد الله:
في مشهد عجيب ومؤثر غاية التأثير، يجتمع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليشكوا إليه جوعا أصابهم، وقد رفعوا عن بطونهم فإذا كل منهم قد ربط حجرا على بطنه ! فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بطنه فإذا بحجرين !
إنه الرسول القدوة، ونبي الأمة بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، إذ كان يستثمر المواقف والأحداث لتربية أصحابه، وتوجيه أمته من بعده، إذ توجه إلى أصحابه في موقف كهذا قائلا لهم : "أبشروا فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم".وفي لفظ: "فتلهيكم كما ألهتهم".
ولقد صدق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم , فقد وقع كثيرٌ مما أخبر عنه وخشيه, فكم ألهى المال من أقوام؟ وتنافس لأجله من فئام؟ بل وكم أهلك المال من أناس, حينما بسطت الدنيا على الناس.
وها هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخاطب عبد الرحمن بن عوف، ويقول له عن الدنيا وانفتاحها على الناس، فيقول: "إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم فأي قوم أنتم؟ فقال نقول كما أمر الله ورسوله، فقال: "أو غير ذلك؟ تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتباغضون ثم تتدابرون". وفي لفظ: "ثم يعمد بعضكم إلى بعض فيقتله".
أيها المسلمون:
إن المال في الحقيقة، لا يطلب لذاته في هذه الدنيا، وإنما يطلب عادة، لما يضمنه من مصالح، ولما يحققه من منافع، إنه في حد ذاته وسيلة لا غاية، والوسيلة عادة تحمد أو تعاب بمقدار ما يترتب عليها من نتائج حسنة وآثار سيئة، فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : (إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ) رواه البخاري ومسلم
وقد قال تعالى عن المال، وما يسوقه من خير أو شر: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى وَمَا يُغْنِى عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} [الليل :5-11].
أيها المؤمنون:
كما أن من نافلة القول أن ينبه على أنه لا تعارض بين السعي باعتدال لتحصيل المال، وتكوين الثروة، والزهد في الدنيا، إذ أن الزهد عمل قلبي لا علاقة له بالجوارح، فكثير من كبار الصحابة والسلف كانوا تجارا كأبي بكر، وعثمان بن عفان، وعبدالرحمن بن عوف وغيرهم وكانوا مع ذلك أئمة زهادا ! فالزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة .
الخطبة الثانية
الحمدلله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، أحمده سبحانه على على جزيل فضله ، وكريم إنعامه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له تعظيماً لشأنه ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله ، الداعي إلى رضوانه ، بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين ، فصلاة الله وتسليماته عليه وعلى إخوانه ، وأزواجه ، وذريته ، والتابعين لهم ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليماً، أمابعد:
فلقد جاءت الشريعة الإسلامية موافقة للطبيعة الفطرية، منسجمة مع الرغبات الإنسانية، إلا فيما حرمه الله "عز وجل" ومن ذلك أن الشريعة أباحت للمسلم السعي في تحصيل المال بالطرق المشروعة دون إفراط أو تفريط، وجعل السعي للمال غاية لا وسيلة، مع ضرورة الثقة بوعد رب العالمين، وتمام التوكل عليه وحسن الظن به .
قال : «إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته» [رواه ابن ماجة وابن حبان والحاكم].
قال ابن القيم: جمع النبي في قوله «فاتقوا الله وأجملوا في الطلب» بين مصالح الدنيا والآخرة ونعيمها ولذاتها، إن ما ينال بتقوى الله وراحة القلب والبدن وترك الاهتمام والحرص الشديد والتعب والعناء، والكد والشقاء في طلب الدنيا إنما ينال بالإجمال في الطلب، فمن اتقى الله فاز بلذة الآخرة نعيمها، ومن أجمل في الطلب استراح من نكد الدنيا وهمومها ) .
ألا وإن من تمام العقل والدين أن يقنع أيها المسلم بما أعطاك الله ، فكم ترى من أقوامٍ لم يقنعوا بما أعطاهم ربهم, ربما جرّهم ذلك إلى تحصيل المال من أوجه محرمة.
ولو تفكر المرء لأيقن أن ما يقدره ربه فهو الخير والحكمة, قدّر على الغني الغنى وهو خير له, وقدر على الفقير الفقر وهو خير له, وله في كل تقدير حكمة.
وفي الأثر: "إن من عبادي من لا يُصلِحُ دينَه إلا الفقرَ, ولو أغنيته لطغى أو لأفسده ذلك".
فيا أيها المبارك: إن رُمتَ راحة البالٍ فاقنع بما أعطاك ذو الجلال, وإن قلّ . وفي الصحيح: "قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما أعطاه".
وتفكر في من هم دونك, فكم نلتَ وحرموا, وأعطيتَ ومنعوا.
ففي الصحيح: "انظروا إلى من هم دونكم، ولا تنظروا إلى من هم فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم".
ورحم الله ابن وهب إذ يقول: صحبت أهل الترف، فلم أجد أكبر همّاً مني, أرى دابة خيرا من دابتي، وثوبا خيراً من ثوبي, ثم صحبت الفقراء، فاسترحت.
ثم صلوا وسلموا ...
المرفقات
1027.doc
وتحبون المال.doc
وتحبون المال.doc