"حلال..حرام..مقيد بآداب"..جدل شرعي حول مظاهرات مصر

أبو عبد الرحمن
1432/02/24 - 2011/01/28 18:29PM
قضية للنقاش للإخوة الخطباء وأصدقائهم

"حلال..حرام..مقيد بآداب"..جدل شرعي حول مظاهرات مصر




الخميس, 27 يناير 2011 15:36




صبحي مجاهد
انطلقت المظاهرات الشعبية الاحتجاجية بمصر يوم 25 يناير محدثة دويا سياسيا بين الحزب الوطني الحاكم وقوى المعارضة التي أذهلتها أعداد المتظاهرين، غير أن أصداء مظاهرات 25 يناير لم تكن سياسية فقط، إذ أثارت جدلا شرعيا بين علماء الأزهر حول الخروج في تظاهرات بأعداد كبيرة لإحداث التغيير في مصر، خاصة قبل يوم من من دعوة لتكرار الغضب عقب صلاة الجمعة 28-1-2011.
وفي استطلاع للآراء اجرته شبكة "أون إسلام"، أيد فيه عدد من العلماء خروج الأفراد للتظاهر، فيما قيده آخرون بضوابط شرعية لا يجب الخروج عليها، كما رأى قسم ثالث أن التظاهر لا يعتبر طريقا مشروعا دينيا للتعبير عن الرأي، خاصة مع وجود قنوات أخرى شرعية مثل البرلمان والإعلام.

آداب التعبير

بداية، رأى الشيخ علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر أن الخروج في التظاهرات العامة للمطالبة بأمور "مشروعة شعبيا ولمجرد التعبير لا شيء فيه لا قانونا ولا شرعا، لكن هناك آدابا للخروج علمنا إياها الرسول لأن المظاهرات إن لم تلتزم بتلك الآداب قد تكون سببا من أسباب الفتن".
وأضاف موضحا: "لأن المنطق الجماهيري منطق لا يمكن السيطرة عليه، فمن الممكن أن يأتي واحد ويغير وجهة المظاهرة إلى وجهة أخرى، فالضابط هو الالتزام بوجهة معلنة وواضحة دون تغييرها".
وألمح الشيخ علي أبو الحسن إلى ضرورة أن يلتزم المسلم بآداب التعبير بعيدا عن التخريب والتدمير، وإلا وجب عليه ترك التظاهر فورا والمكوث في بيته إذا حدث تغير في وضع المظاهرة.
واستدل الشيخ أبو الحسن بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها ستكون فتن ثم تكون فتنة ثم تكون فتنة أخرى، المضطجع فيها خير من الجالس، والجالس خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي، فقال رجل: يا رسول الله، ما تأمرنا؟ قال: من كانت له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه، ومن لم يكن له شيء من ذلك فليعمد إلى سيفه فليضرب بحده على صخرة ثم لينج إن استطاع النجاة»".
وشدد أبو الحسن أنه "على كل من يخرج للتظاهر في مصر أو غيرها من الدول أن يخرج سلميا بلا سلاح، ويضمن أن المظاهرة لا تنقلب على غرضها وتنال من الآخرين وتدمر، فإذا تحولت لمظاهرة تدمير وتخريب فيجب على الإنسان أن ينصرف إلى بيته في الحال، لأن اللغة الجماعية عندما تتغير وجهتها يجب أن ينصرف المسلم عنها لأنها ستكون فتنة نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم".

"أبغض الحلال"!

الدكتور مصطفى الشكعة عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف رأى أن الخروج في مظاهرات عامة للتعبير عن المطالب المشروعة «أمر غير مرفوض شرعا» لكنه مثل «أبغض الحلال» عند الله الطلاق، ولكن لابد أن يتم الالتزام بحماية الممتلكات وعدم إحداث التخريب، فالتعبير عن الرأي مقبول شرعا لكن دون تدمير.
ونادى الدكتور الشكعة بضرورة أن "تتقابل جميع الأطراف في منتصف الطريق؛ فعلى القيادة السياسية أن تقدر موقف الناس ومطالبهم، وتجرى إصلاحات في الدستور محايدة، حتى يهدأ الشارع المصري، ويشعر باستجابة لمطالبه".

أمر مرفوض شرعا

على الجانب الآخر يؤكد الدكتور أحمد السايح أستاذ العقدية بجامعة الأزهر أن المظاهرات والإضراب العام أمر مرفوض شرعا، وقال: "لا يصح الخروج الذي يؤدي إلى عدم استقرار الأمن، وهذا غير مناسب على الإطلاق، ولا يتناسب مع شرع الله تعالى؛ لأن الله يدعو لاستقرار المجتمعات وأمنها وطمأنتها، فهذه المظاهرات والإضراب أمر مخالف لشرع الله لأن الله دعا لاستقرار المجتمع".
وأضاف أن "الأصل أن المظاهرات والاضراب ممنوعان في الشرع الإسلامي، وأن التعبير عن الرأي يكون بوسائل أخرى غير هذا، وما يحدث الآن مخالف لآداب التعبير لأن هناك قنوات كثيرة للتعبير عن الرأي، حتى لوكان الأمر مطالب بالتغيير، حيث إن التغيير يحتاج لقنوات شرعية كأعضاء البرلمان والعلماء والصحافة".
من جانبه، رفض الشيخ سعيد عامر أمين لجنة الفتوى بالأزهر اعتبار المظاهرات أو الوقفات الاحتجاجية السلمية وسيلة من الوسائل المشروعة للتعبير عن الرأي، مؤكدا أن جمهور العلماء أجمعوا على حرمة «المظاهرات التخريبية»، والتى تؤدي للعنف مستندا إلى قوله تعالى «ويفسدون فى الأرض أولئك هم الخاسرون»، مضيفا «هي حرام شرعا».
أما بالنسبة للمظاهرات السلمية فقال عامر لجريدة «الشروق» المصرية: إنها من الوسائل المرفوضة في الإسلام، مشيرا إلى أن الإسلام لم يعهد مثل هذه الظواهر، مؤكدا أن الناس أيام الخلفاء الراشدين كانوا يعبرون عن رأيهم دون تظاهر، ضاربا المثل بالمقولة الشهيرة «أخطأ عمر وأصابت امرأة» وذلك عندما راجعته إحدى نساء قريش فى مهر النساء.
وعن الرأي الشرعى فيمن قتل من أجهزة الأمن أو المتظاهرين قال عامر إن كان من الشرطة فهو يدافع عن الدولة، وإن كان من المتظاهرين فحكمه عند الله، مشيرا إلى أن الله وحده يعلم إذا كان قتيل الشرطة أو المتظاهر من الشهداء أم لا.

وسيلة مشروعة

في المقابل، قال الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى السابق إنه "لا مانع شرعا فى تنظيم مثل هذه المظاهرات السلمية"، معتبرا أنها "وسيلة مشروعة في التعبير عن الرأي، وأن الإسلام مع من يرفع صوته مطالبا إما بالحصول على حقه وإما بتصحيح الخطأ، وإما برد الظلم".
وأشار قطب إلى أن "كل ذلك درجة خفيفة أو درجة مخففة تمهيدية من درجات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مشيرا إلى أنه لا مانع فيها، وأنه على أولي الأمر أن يحسنوا الظن بمن يرغب في التعبير عن رأيه بالمظاهرات السلمية، وعلى الطرفين أن يتجنبا العنف أو ما يؤدي إليه".
ورأى أنه "في حالة سقوط قتلى سواء من الشرطة أو من المتظاهرين فالأمر ليس له حكم شرعي ولكن مرده إلى القضاء".
المشاهدات 6527 | التعليقات 7


شرعية المظاهرات السلمية

spacer.gifموقع القرضاوي/4-1-2009
تلقى فضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي - رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين - رسالة بإمضاء " عدد من طلاب العلم الشرعي" (بتاريخ 5 فبراير 2008) تحمل هذا السؤال:

ما رأي فضيلتكم فيما ذكره بعض العلماء من عدم مشروعية تسيير المسيرات والمظاهرات، تأييدا لمطالب مشروعة، أو تعبيرا عن رفض أشياء معينة في مجال السياسة، أو الاقتصاد، أو العلاقات الدولية، أو غيرها؟ وقال هذا العالم: إن تنظيم هذه المسيرات أو الدعوة إليها، أو المشاركة فيها حرام.
ودليله على ذلك: أن هذه بدعة لم يعرفها المسلمون، وليست من طرائق المسلمين، وإنما هي مستوردة من بلاد اليهود والنصارى والشيوعيين وغيرهم من الكفرة والملحدين. وتحدّى هذا العالم من يأتيه بواقعة واحدة، سارت فيها مظاهرة كبيرة أو صغيرة، في عهد الرسول أو الصحابة.
وإذا كانت هذه المسيرات تعبّر عن الاحتجاج على الحكومة، فهذا خروج على المنهج الإسلامي في إسداء النصيحة للحكام، والمعروف: أن الأولى في هذه النصيحة أن تكون بين الناصح والحاكم، ولا تكون على الملأ.
على أن هذه المسيرات كثيرا ما يستغلّها المخرّبون، و يقومون بتدمير الممتلكات، وتخريب المنشآت. ولذا وجب منعها سدا للذرائع.
فهل هذا الكلام مسلّم من الوجهة الشرعية؟ وهل يسوغ للناس في أنحاء العالم: أن يسيروا المظاهرات للتعبير عن مطالبهم الخاصة أو العامة، وأن يـؤثروا في الرأي العام من حولهم، وبالتالي يؤثِّرون على الحكام وأصحاب القـــرار، إلا المسلمين دون غيرهم، يحرم عليهم استعمال هذه الوسيلة التي أصبحت عالمية؟
نرجو أن نسمع منكم القول الفصل، الموثق بأدلة الشرع، في هذه الفضية الخطيرة، التي غدت تهم كل الناس في سائر الأقطار والقارات. وفقكم الله وسددكم.

وفي رده على السائل أفاد فضيلته بقوله:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن ابتع هداه...أما بعد
فمن حق المسلمين – كغيرهم من سائر البشر- أن يسيروا المسيرات وينشئوا المظاهرات، تعبيرا عن مطالبهم المشروعة، وتبليغا بحاجاتهم إلى أولي الأمر، وصنّاع القرار، بصوت مسموع لا يمكن تجاهله. فإن صوت الفرد قد لا يسمع، ولكن صوت المجموع أقوى من أن يتجاهل، وكلما تكاثر المتظاهرون، وكان معهم شخصيات لها وزنها: كان صوتهم أكثر إسماعا وأشد تأثيرا. لأن إرادة الجماعة أقوى من إرادة الفرد، والمرء ضعيف بمفرده قوي بجماعته. ولهذا قال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة:2]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا" وشبّك بين أصابعه .

ودليل مشروعية هذه المسيرات: أنها من أمور (العادات) وشؤون الحياة المدنية، والأصل في هذه الأمور هو: الإباحة.

وهذا ما قررته بأدلة – منذ ما يقرب من نصف قرن- في الباب الأول من كتاب: (الحلال والحرام في الإسلام) الذي بين في المبدأ الأول أن القاعدة الأولى من هذا الباب: (أن الأصل في الأشياء الإباحة). وهذا هو القول الصحيح الذي اختاره جمهور الفقهاء والأصوليين.
فلا حرام إلا ما جاء بنص صحيح الثبوت، صريح الدلالة على التحريم. أما ما كان ضعيفا في مسنده أو كان صحيح الثبوت، ولكن ليس صريح الدلالة على التحريم، فيبقى على أصل الإباحة، حتى لا نحرم ما أحل الله.

ومن هنا ضاقت دائرة المحرمات في شريعة الإسلام ضيقا شديدا، واتسعت دائرة الحلال اتساعا بالغا. ذلك أن النصوص الصحيحة الصريحة التي جاءت بالتحريم قليلة جدا، وما لم يجئ نص بحله أو حرمته، فهو باق على أصل الإباحة، وفي دائرة العفو الإلهي.

وفي هذا ورد الحديث: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا". وتلا: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم:64].
وعن سلمان الفارسي: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال: "الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرّم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا لكم" ، فلم يشأ عليه الصلاة والسلام أن يجيب السائلين عن هذه الجزئيات، بل أحالهم على قاعدة يرجعون إليها في معرفة الحلال والحرام، ويكفي أن يعرفوا ما حرم الله، فيكون كل ما عداه حلالا طيبا.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها" .

وأحب أن أنبه هنا على أن أصل الإباحة لا يقتصر على الأشياء والأعيان، بل يشمل الأفعال والتصرفات التي ليست من أمور العبادة، وهي التي نسميها: (العادات أو المعاملات) فالأصل فيها عدم التحريم وعدم التقييد إلا ما حرّمه الشارع وألزم به، وقوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ}[الأنعام:119]، عام في الأشياء والأفعال.

وهذا بخلاف العبادة فإنها من أمر الدين المحض الذي لا يؤخذ إلا عن طريق الوحي، وفيها جاء الحديث الصحيح: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد" ، وذلك أن حقيقة الدين تتمثل في أمرين: ألا يُعبد إلا الله، وألا يُعبد إلا بما شرع، فمن ابتدع عبادة من عنده – كائنا من كان- فهي ضلالة ترد عليه، لأن الشارع وحده هو صاحب الحق في إنشاء العبادات التي يُتقرب بها إليه.
وأما العادات أو المعاملات فليس الشارع منشئا لها، بل الناس هم الذين أنشأوها وتعاملوا بها، والشارع جاء مصححا لها ومعدلا ومهذبا، ومقرا في بعض الأحيان ما خلا عن الفساد والضرر منها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم، فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع.

وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه. والأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالى، وذلك لأن الأمر والنهي هما شرع الله، والعبادة لا بد أن تكون مأمورا بها، فما لم يثبت أنه مأمور به – أي من العادات – كيف يحكم عليه بأنه محظور؟
ولهذا كان أحمد وغيره من فقهاء أهل الحديث يقولون: إن الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله، وإلا دخلنا في معنى قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}[الشورى:21].
والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرّمه الله، وإلا دخلنا في معنى قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً}[يونس:59].

وهذه قاعدة عظيمة نافعة، وإذا كان كذلك فنقول:

البيع، والهبة، والإجارة، وغيرها من العادات التي يحتاج الناس إليها في معاشهم – كالأكل والشرب واللباس- فإن الشريعة قد جاءت في هذه العادات بالآداب الحسنة، فحرمت منها ما فيه فساد، وأوجبت ما لا بد منه، وكرهت ما لا ينبغي، واستحبت ما فيه مصلحة راجحة في أنواع هذه العادات ومقاديرها وصفاتها.

وإذا كان كذلك، فالناس يتبايعون ويستأجرون كيف يشاءون، ما لم تحرم الشريعة، كما يأكلون ويشربون كيف شاءوا ما لم تحرم الشريعة – وإن كان بعض ذلك قد يستحب، أو يكون مكروها - وما لم تحد الشريعة في ذلك حدا، فيبقون فيه على الإطلاق الأصلي) .انتهى.
ومما يدل على هذا الأصل المذكور ما جاء في الصحيح عن جابر بن عبد الله قال: "كنا نعزل والقرآن ينزل، فلو كان شيء ينهى عنه لنهى عنه القرآن" .

فدل على أن ما سكت عنه الوحي غير محظور ولا منهي عنه، وأنهم في حل من فعله حتى يرد نص بالنهي والمنع، وهذا من كمال فقه الصحابة رضي الله عنهم، وبهذا تقررت هذه القاعدة الجليلة، ألا تشرع عبادة إلا بشرع الله، ولا تحرم عادة إلا بتحريم الله.

والقول بأن هذه المسيرات (بدعة) لم تحدث في عهد رسول الله ولا أصحابه، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار: قول مرفوض؛ لأن هذا إنما يتحقق في أمر العبادة وفي الشأن الديني الخالص. فالأصل في أمور الدين (الاتباع) وفي أمور الدنيا (الابتداع).
ولهذا ابتكر الصحابة والتابعون لهم بإحسان: أمورا كثيرة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك ما يعرف بـ (أوليات عمر) وهي الأشياء التي ابتدأها عمر رضي الله عنه، غير مسبوق إليها. مثل: إنشاء تاريخ خاص للمسلمين، وتمصير الأمصار، وتدوين الدواوين، واتخاذ دار للسجن، وغيرها.

وبعد الصحابة أنشأ التابعون وتلاميذهم أمورا كثيرة، مثل: ضرب النقود الإسلامية، بدل اعتمادهم على دراهم الفرس، ودنانير الروم، وإنشاء نظام البريد، وتدوين العلوم وإنشاء علوم جديدة مثل: علم أصول الفقه، وعلوم النحو والصرف والبلاغة، وعلم اللغة، وغيرها.
وأنشأ المسلمون (نظام الحسبة) ووضعوا له قواعد وأحكاما وآدابا، وألّفوا فيه كتبا شتّى.
ولهذا كان من الخطأ المنهجي: أن يطلب دليل خاص على شرعية كل شأن من شؤون العادات، فحسبنا أنه لا يوجد نص مانع من الشرع.

ودعوى أن هذه المسيرات مقتبسة أو مستوردة من عند غير المسلمين: لا يثبت تحريما لهذا الأمر، ما دام هو في نفسه مباحا، ويراه المسلمون نافعا لهــم." فالحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق الناس بها" .
وقد اقتبس المسلمون في عصر النبوة طريقة حفر الخندق حول المدينة، لتحصينها من غزو المشركين، وهي من طرق الفرس.

واتخذ الرسول صلى الله عليه وسلم خاتما. حيث أشير عليه أن يفعل ذلك، فإن الملوك والأمراء في العالم، لا يقبلون كتابا إلا مختوما.
واقتبس الصحابة نظام الخراج من دولة الفرس العريقة في المدنية والتنظيم.
واقتبسوا كذلك تدوين الدواوين، من دولة الروم، لما لها من عراقة في ذلك.
وترجم المسلمون الكتب التي تتضمن (علوم الأوائل) أي الأمم المتقدمة، التي طورها المسلمون وهذبوها وأضافوا إليها، وابتكروا فيها مثل: (علم الجبر) بشهادة المنصفين من مؤرخي العلم.
ولم يعترضوا إلا على (الجانب الإلهي) في التراث اليوناني؛ لأن الله تعالى أغناهم بعقيدة الإسلام عن وثنية اليونان وما فيها من أساطير وأباطيل.

ومن نظر إلى حياتنا المعاصرة في شتى المجالات: وجد فيها كثيرا جدا مما اقتبسناه من بلاد الغرب: في التعليم والإعلام والاقتصاد والإدارة والسياسة وغيرها.

ففكرة الدستور، والانتخابات بالصورة المعاصرة، وفصل السلطات، وإنشاء الصحافة والإذاعة والتلفزة، بوصفها أدوات للتعبير والتوجيه والترفيه، وإنجاز الشبكة الجبارة للمعلومات (الإنترنت).
والتعليم بمؤسساته وتقسيماته وترتيباته ومراحله وآلياته المعاصرة، مقتبس في معظمه من الغرب.
والشيخ رفاعة الطهطاوي، حين ذهب إلى باريس إماما للبعثة المصرية، ورأى من ألوان المدنية ما رأى، بهرته الحضارة الحديثة، وعاد لينبه قومه إلى ضرورة الاقتباس مما سبق به الأوربيون، حتى لا يظلوا يتقدمون ونحن نتأخر.

ومن يومها بدأ المصريون، وبدأ معهم كثير من العرب، وقبلهم بدأ العثمانيون في اقتباس ما عند الغربيين.

كل هذه مقتبسات من الغرب الذي تفوق علينا وسبقنا بها، ولم نجد بدا من أن نأخذها عنه، ولم تجد نكيرا من أحد من علماء الشرع ولا من غيرهم فأقرها العرف العام. وقد أخذ الغرب عنا من قبل واقتبس منا، وانتفع بعلومنا أوائل نهضته {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[آل عمران:140].
المهم أن نأخذ ما يلائم عقائدنا وقيمنا وشرائعنا، دون ما يناقضها أو ينقضها. فالناقل هو الذي يأخذ من غيره ما ينفعه لا ما يضره. وأهم ما يأخذه المسلم من غيره: ما كان متعلقا بشؤون الحياة المتطورة، وجله يتصل بالوسائل والآليات التي طابعها المرونة والتغير، لا بالأهداف والمبادئ التي طابعها الثبات والبقاء.

على أن ما ذكره السائل أو السائلون، من نسبة هذه المظاهرات أو المسيرات إلى الشيوعيين الملحدين: غير صحيح، فالأنظمة الشيوعية لا تسمح بهذه المسيرات إطلاقا؛ لأن هذه الأنظمة الشمولية القاهرة تقوم على كبت الحريات، وتكميم الأفواه، والخضوع المطلق لسلطان الحكم وجبروته.


قاعدتان مهمتان


وأود أن أقرر هنا قاعدتين في غاية الأهمية:

1- قاعدة المصلحة المرسلة:

الأولى هي: قاعدة المصلحة المرسلة، فهذه الممارسات التي لم ترد في العهد النبوي، ولم تعرف في العهد الراشدي، ولم يعرفها المسلمون في عصورهم الأولى، وإنما هي من مستحدثات هذا العصر: إنما تدخل في دائرة (المصلحة المرسلة) وهي التي لم يرد من الشرع دليل باعتبارها ولا بإلغائها.
وشرطها: أن لا تكون من أمور العبادات حتى لا تدخل في البدعة، وأن تكون من جنس المصالح التي أقرها الشرع، والتي إذا عرضت على العقول، تلقتها بالقبول، وألا تعارض نصا شرعيا، ولا قاعدة شرعية.
وجمهور فقهاء المسلمين يعتبرون المصلحة دليلا شرعيا يبنى عليها التشريع أو الفتوى أو القضاء، ومن قرأ كتب الفقه وجد مئات الأمثلة من الأحكام التي لا تعلل إلا بمطلق مصلحة تجلب، أو ضرر يدفع.
وكان الصحابة – وهم أفقه الناس لهذه الشريعة- أكثر الناس استعمالا للمصلحة واستنادا إليها.
وقد شاع أن الاستدلال بالمصلحة المرسلة خاص بمذهب المالكية، ولكن الإمام شهاب الدين القرافي المالكي (684هـ ) يقول – ردا على من نقلوا اختصاصها بالمالكي-:
(وإذا افتقدت المذاهب وجدتهم إذا قاسوا أو جمعوا أو فرقوا بين المسألتين، لا يطلبون شاهدا بالاعتبار لذلك المعنى الذي جمعوا أو فرقوا، بل يكتفون بمطلق المناسبة، وهذا هو المصلحة المرسلة، فهي حينئذ في جميع المذاهب) .

2- للوسائل حكم المقاصد:

والقاعدة الثانية: هي أن للوسائل في شؤون العادات حكم المقاصد، فإذا كان المقصد مشروعا في هذه الأمور، فإن الوسائل إليه تأخذ حكمه، ولم تكن الوسيلة محرمة في ذاتها.
ولهذا حين ظهرت الوسائل الإعلامية الجديدة، مثل (التلفزيون) كثر سؤال الناس عنها: أهي حلال أم حرام؟
وكان جواب أهل العلم: أن هذه الأشياء لا حكم لها في نفسها، وإنما حكمها بحسب ما تستعمل له من غايات ومقاصد. فإذا سألت عن حكم (البندقية) قلنا: إنها في يد المجاهد: عون على الجهاد ونصرة الحق ومقاومة الباطل، وهي في يد قاطع الطريق: عون على الجريمة والإفساد في الأرض، وترويع الخلق.
وكذلك التلفزيون: من يستخدمه في معرفة الأخبار، ومتابعة البرامج النافعة ثقافيا وسياسيا واقتصاديا، بل والبرامج الترفيهية بشروط وضوابط معينة، فهذا لا شك في إباحته ومشروعيته، بل قد يتحول إلى قربة وعبادة بالنية الصالحة. بخلاف من يستخدمه للبحث عن الخلاعة والمجون وغيرها من الضلالات في الفكر والسلوك.
وكذلك هذه المسيرات والتظاهرات، إن كان خروجها لتحقيق مقصد مشروع، كأن تنادي بتحكيم الشريعة، أو بإطلاق سراح المعتقلين بغير تهمة حقيقية، أو بإيقاف المحاكمات العسكرية للمدنيين، أو بإلغاء حالة الطوارئ التي تعطي للحكام سلطات مطلقة. أو بتحقيق مطالب عامة للناس مثل: توفير الخبز أو الزيت أو السكر أو الدواء أو البنزين، أو غير ذلك من الأهداف التي لا شك في شرعيتها. فمثل هذا لا يرتاب فقيه في جوازه.
وأذكر أني كنت في سنة 1989م في الجزائر، وقد شكا إلي بعض الأخوات من طالبات الجامعة من الملتزمات والمتدينات، من مجموعة من النساء العلمانيات أقمن مسيرة من نحو خمسمائة امرأة، سارت في شوارع العاصمة، تطالب بمجموعة من المطالب تتعلق بالأسرة أو ما يسمى ( قانون الأحوال الشخصية) مثل: منع الطلاق، أو تعدد الزوجات، أو طلب التسوية بين الذكر والأنثى في الميراث، أو إباحة تزوج المسلمة من غير المسلم، ونحو ذلك.
فقلت للطالبات اللائي سألنني عن ذلك: الرد على هذه المسيرة العلمانية: أن تقود المسلمات الملتزمات مسيرة مضادة، من خمسمائة ألف امرأة! أي ضعف المسيرة الأولى ألف مرة! تنادي باحترام قواطع الشريعة الإسلامية.
وفعلا بعد أشهر قليلة أقيمت مسيرة مليونية عامتها من النساء تؤيد الشريعة، وإن شارك فيها عدد محدود من الرجال.
فهذه المسيرة – بحسب مقصدها- لا شك في شرعيتها، بخلاف المسيرة الأخرى المعارضة لأحكام الشريعة القطعية، لا يستطيع فقيه أن يفتي بجوازها.


سد الذرائع


أما ما قيل من منع المسيرات والتظاهرات السلمية، خشية أن يتخذها بعض المخربين أداة لتدمير الممتلكات والمنشآت، وتعكير الأمن، وإثارة القلاقل. فمن المعروف: أن قاعدة سد الذرائع لا يجوز التوسع فيها، حتى تكون وسيلة للحرمان من كثير من المصالح المعتبرة.
ويكفي أن نقول بجواز تسيير المسيرات إذا توافرت شروط معينة يترجح معها ضمان ألا تحدث التخريبات التي تحدث في بعض الأحيان. كأن تكون في حراسة الشرطة، أو أن يتعهد منظموها بأن يتولوا ضبطها بحيث لا يقع اضطراب أو إخلال بالأمن فيها، وأن يتحملوا المسؤولية عن ذلك. وهذا المعمول به في البلاد المتقدمة ماديا.

في السنة دليل على شرعية المسيرات

أعتقد أن فيما سقناه من الأدلة والاعتبارات الشرعية، ما يكفي لإجازة المسيرات السلمية إذا كانت تعبر عن مطالب فئوية أو جماهيرية مشروعة.
وليس من الضروري أن يطلب دليل شرعي خاص على ذلك، مثل نص قرآني أو نبوي، أو واقعة حدثت في عهد النبوة أو الخلافة الراشدة.
ومع هذا، نتبرع بذكر واقعة دالة، حدثت في عهد النبوة، وذلك عندما أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
فبعد أن يسرد عمر رضي الله عنه قصة إسلامه، ولنستمع إلى عمر نفسه، وهو يقص علينا نبأ هذه المسيرة. حتى إذا دخل دار الأرقم ابن أبي الأرقم معلنا الشهادتين يقول: (فقلت: يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا ؟ قال: "بلى، والذي نفسي بيده، إنكم على الحق إن متم وإن حييتم" قال: فقلت: ففيم الاختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن، فأخرجناه في صفين: حمزة في أحدهما، وأنا في الآخر، له كديد ككديد الطحين، حتى دخلنا المسجد، قال: فنظرت إليّ قريش وإلى حمزة، فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها. فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الفاروق) .
ومن تتبع السيرة النبوية، والسنة المحمدية، لا يعدم أن يجد فيها أمثلة أخرى.
والحمد لله رب العالمين.



فتاوى العلماء في المظاهرات والاعتصامات

موقع السكينة 12/01/2011 21:35:00



فتوى الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله:

السؤال : هل تعتبر المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة ، وهل من يموت فيها يعتبر شهيداً في سبيل الله ؟

الجواب: المظاهرات الرجالية والنسائية من أسباب الفتن وظلم الناس والتعدي على بعض الناس ، ولكن الأسباب الشرعية النصيحة والدعوة إلى الخير التي شرعها أهل العلم وأصحاب النبي بالمكاتبة والمشافعة مع الأمير والسلطان ومكاتبته ومناصحته دون التشهير به.




فتوى الشيخ صالح الفوزان:

سؤال: أحسن الله إليكم هناك من يرى ويدعوا إلى الاعتصامات والمظاهرات ضد الحكام والعلماء فما هو رأيكم في هذه الوسيلة؟ الجواب: الضرر لايزال بالضرر إذا حدث حادث فيه ضرر أو منكر فليس الحل في أن تكون مظاهرات أو اعتصامات أو تخريب ، وهذا ليس حل ، هذا زيادة شر ، ولكن الحل مراجعة المسؤلين ومناصحتهم وبيان الواجب عليهم لعلهم أن يزيلوا هذا الضرر.


فتوى الشيخ أبو اسحاق الحويني:

السؤال : ماحكم المظاهرات؟



الجواب : هي غير مشروعة وعلى هذا سائر علماؤنا ، وقدعلمنا بالتجربة أن هذه المظاهرات لا قيمة لها ولا أرجعت حق مغصوب وإحراق العلم الاسرائيلي والأمريكي و صور الرؤساء لم يغير أي قرار سياسي ، بل إن إعتقالات و إصابات و حوادث هي نتاج تلك المظاهرات فقط .

وفتوى أخرى للحويني أكثر وضوحاً :


في غزة بدأنا نسمع أن هناك مسيرات تنظم و هتافات و إحراق للمكتات و الأعلام و الأخت تطالب يمكن العلماء أن يسيروا بمسيرة سلمية هي ترى ذلك أنه مناسب أنها مسيرة سلمية ، طيب الحكم الشرعي في مثل هذه الأمور يا شيخنا ؟؟؟؟

الحويني : لا.... أنا أقول ...أنا أقول بمنتهى الوضوح و الصراحة هذا من الأمراض التي دبت إلى الأمة و كان سببها السلبية ، عدونا لا يحترم هذا كله ، عدونا لا يحترم لا إحراق مكتات و لا إحراق أعلام و لا فعل مسيرات و لا أي شيء ، عدونا رجل عملي عدونا عملي يفعل ما يريد ، كفايانا ، بالعكس يمكن هذه المسيرات لها أثر سلبي و هو أن شحنة الغيض بتذهب من نفوس الجماهير ، أنا لا أنسى يعني يوم ما شارون دخل برضه في جنين و الكلام ده .. في مثل عندنا في مصر حصل مظاهرة في استاد القاهرة أكثر من مئة و عشرين ألف إنسان دخلوا استاد القاهرة علشان يصرخوا حتى يصرخوا و بعضهم ممكن يكون خلاص كاد أن يصير جثة هامدة من الصراخ أيه اللي استفدناه ؟ ما الذي استفدناه ؟ خلاص أخرجنا شحنة الغضب و خلصت القضية !

لا .. أنا لما آجي علشان ألم الناس علشان يصرخوا في مكان مغلق ما هي الفائدة ؟ كفايانا تهريج ! ده تهريج . و أنا شايف إن ده طول ما إحنا بنصرخ عدونا يعلم أننا على الخط الغلط . طول ما إحنا بنحرق الأعلام و نجيب الرصاص و نضرب المكتات بالنار عدونا يعرف أن نحن مشيين في السكة الغلط ، لكن لا بد من تغيير هذا المنهج ، ده كله لا قيمة له فكيف يخرج أهل العلم اللي هم يناط بهم الإصلاح و المفروض يرجعوا الناس المنحرفين إلى جادة الصواب كيف يجرون الداء إلى أممهم ؟! كيف يخرجون هم أيضاً ويصرخون في الطرقات كمان عشان يناشدوا العدو أنو يرفع ... لا .



إن السلام حقيقة مكذوبةُ *****والعدل فلسفة اللهيب الخابي


لا عدل إلا إن تعادلت القوى *****و تصادم الإرهاب بالإرهابِ


هو ده النهاية ((و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم )) يبأه أنا أمام عدو لا يحترم أي شيء .

النهارده لما غُزيت العراق أو ما يحدث لأخواننا في غزة الآن مفيه مظاهرات في العالم كله . أمام مجالس الوزراء و أمام مجالس الدول الغربية لا قيمة لهذا كله .

إن العالم الآن لا يحترم إلا القوي إن لم نكن أقوياء و يرجع المسلمون إلى رشدهم و يعرفوا حتى يقوموا بدورهم تجاه هذه البلاد التي تحمل دين الله تبارك و تعالى سيحدث لنا ما يحدث لكل أمة منحرفة تركت وساط الله عز و جل بتقوى الله عز و جل و الوقوف عند حدوده و فعلت ما تريد من التهريج اللي شايفينه ده كله في بلاد المسلمين الشيء الطبيعي إن هم يرتفعوا و إحنا ننزل فعشان كده أنا بقول للأخت لا قيمة مطلقا..أنا أستهجن جداً أن يخرج أي إنسان من أهل العلم في مقدمة الجماهير التي لا تملك شيئاً عشان يقول أنا قليل الحيلة أيضاً لا أملك أن أناشد عدوي إن هو يكف عني أو أن يرحمني لا الكلام ده كله....

قاطعه مقدم البرنامج قائلاً: ربما لو قصدت و قالت لمناشدة أولي الأمر في الدول المنوط بها الأمر يعني الإسلامية أن يخرج العلماء يناشدون أولي الأمر بهذه المسيرة .. فما رأي فضيلة الشيخ؟؟؟

قال الشيخ أبو إسحاق : معلش أنا برضه شايف إن أولي الأمر لا يعتبرون هذه المسيرات أبداً و هذه المسيرات لا تؤثر في القرار السياسي بكل أسف ! يعني هذه قراءاتي أنا للمشهد السياسي .

أن هذه المسيرات لا قيمة لها ، المفروض يحصل من تواصل العاقل القيادة السياسية تحترم أهل العلم و تستشير أهل العلم : يا جماعة يا أهل العلم تعالوا عشان نجلس كلنا أحبة .. ليه بنتقاتل ؟ ليه بنتصادم ؟ ليه قفانا لبعض علطول ؟ ما فيش في نوع من التواصل !

إحنا كلنا عايزين ننجوا و كلنا عايزين نسعد كلنا عايزين نسود العالم عشان العالم يستمتع بالإسلام .. فالنهارده نقعد نتواصل .. يا جماعة الوضع كذا كذا .. أنا رؤيتي بما عندي من مخابرات و أمن قومي و أنظمة كذا بقول الصورة موجودة هكذا .. وإحنا متكتفين من هنا و من هنا و من هنا و مش عارفين نعمل حاجة طب هل ممكن عندكوا انتوا مثلاً في رؤية نستطيع إحنا نعملها يحصل نوع من تلاقح الأراء ؟ أيه الإشكال أن يحصل حاجة زي كده و يحصل نوع من التعاون وليس نوع من التنافر .. وده يتم في الغرف المغلقة .. مش في الشارع .

الشارع ده نوع من الهياج الذي تزول فيه العقول .. إنما الجلسات دي لا بد أن تكون جلسات عاقلة و مدروسة و يستعان بكل ذي رأي ويكون مؤتمناً على مثل هذا ، لكن الحقيقة يعني حكاية مظاهرات و بتاع و الكلام دهوت عادةً لا يكون لها أي قيمة في تغير القرار السياسي. انتهى كلامه.




فتوى الإمام الألباني رحمه الله ( بتصرف ) :




السؤال: فضيلة الشيخ ماحكم هذه المظاهرات؟ مثلا يجتمع كثير من الشباب أو الشابات ثم يخرجون إلى الشارع.


الألباني: والشابات أيضا ؟


السائل: نعم .


الألباني: ماشاء الله !


السائل: قد حدث هنا، يخرجون إلى الشوارع مستنكيرين لبعض الأفعال التي يفعلها الطواغيت أو لبعض ما يأمر به هؤلاء الطواغيت أو مايطالب به غيرهم من الأحزاب الأخرى السياسية المعارضة، ماحكم هذا العمل في شرع الله ؟

الألباني: أقول وبالله التوفيق : الجواب عن هذا السؤال يدخل في قاعدة ألا وهي قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أو من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، الشك مني الآن، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بعثت يبن يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم).

الشاهد من الحديث قوله عليه الصلاة والسلام (ومن تشبه بقوم فهو منهم)، فتشبه المسلم بالكافر لا يجوز في الاسلام، وهذا التشبه له مراتب من حيث الحكم ابتداء من التحريم وأنت نازل إلى الكراهة، وقد فصل في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه العظيم المسمى : اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم ; تفصيلا لا نجده عند غيره -رحمه الله-، وأريد ان أنبه إلى شيء آخر ، ينبغي على طلاب العلم أن ينتبهوا له وأن لا يظنوا أن التشبه هو فقط المنهي عنه في الشرع،،فهناك شيء آخر أدق منه ألا وهو مخالفة الكفار، ................................... هذه التظاهرات التي كنا نراها بأعيننا في زمن فرنسا وهي محتلة لسوريا ونسمع عنها في بلاد أخرى، وهذا ماسمعناه الآن في الجزائر، لكن الجزائر فاقت البلاد الأخرى في هذه الضلالة وفي هذا التشبه ، لأننا ما كنا نرى أيضا الشابات يشتركن في التظاهرات، فهذا منتهى التشبه بالكفار والكافرات، لأننا نرى في الصورة أحيانا وفي الأخبار التي تذاع في التلفاز والراديو ونحو ذلك، بيقولوا في التعبير الشامي وسيعجبكم هذا التعبير ، يخرجون رجالا ونساءا( خليط مليط)، يتزاحمون الكتف بالكتف وربما العجيزة بالقبل، ونحوذلك، هذا هو تمام التشبه بالكفار، أن تخرج الفتيات مع الفتيان يتظاهرون، أنا أقول شيئا آخر بالاضافة إلى أن التظاهر ظاهرة فيها تقليد للكفار في أساليب استنكارهم لبعض القوانين التي تفرض عليهم من حكامهم أو إظهار منهم لرضا بعض تلك الأحكام أو القرارات ،أضيف إلى ذلك شيئا آخر ألا وهو: هذه التظاهرات الأروبية ثم التقليدية من المسلمين، ليست وسيلة شرعية لإصلاح الحكم وبالتالي إصلاح المجتمع ،


ومن هنا يخطئ كل الجماعات وكل الأحزاب الاسلامية الذبن لا يسلكون مسلك النبي صلى الله عليه وسلم في تغيير المجتمع.

لا يكون تغيير المجتمع في النظام الاسلامي بالهتافات وبالصيحات وبالتظاهرات، وإنما يكون ذلك على الصمت وعلى بث العلم بين المسلمين وتربيتهم على هذا الاسلام حتى تؤتي هذه التربية أكلها ولو بعد زمن بعيد، فالوسائل التربوية في الشريعة الاسلامية تختلف كل الاختلاف عن الوسائل التربوية في الدول الكافرة، لهذا أقول باختصار : إن التظاهرات التي تقع في بعض البلاد الاسلامية، أصلا هذا خروج عن طريق المسلمين وتشبه بالكافرين ، وقد قال رب العالمين( ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوليه ماتولى ونصليه جهنم وساءت مصيرا).


فتوى فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله

السؤال : ما مدى شرعية مايسمّونه بالاعتصام في المسـاجــد وهم -كما يزعمون- يعتمدون على فتوى لكم في أحوال الجزائر سابقاً أنَّها تجوز إن لم يكن فيها شغب ولا معارضة بسلاح أو شِبهِه، فما الحكم في نظركم؟ وما توجيهكم لنا ؟

الجواب: أمَّا أنا، فما أكثر ما يُكْذَب علي! وأسأل الله أن يهدي من كذب عليَّ وألاّ يعود لمثلها.

والعجبُ من قوم يفعلون هذا ولم يتفطَّنوا لما حصل في البلاد الأخرى التي سار شبابها على مثل هذا المنوال ! ماذا حصل ؟ هل أنتجوا شيئاً ؟ بالأمس تقول إذاعة لندن: إن الذين قُتلوا من الجزائريين في خلال ثلاث سنوات بلغوا أربعين ألفاً! أربعون ألفاً!! عدد كبير خسرهم المسلمون من أجل إحداث مثل هذه الفوضى!.

والنار ـ كما تعلمون ـ أوّلها شرارة ثم تكون جحيماً؛ لأن الناس إذا كره بعضُهم بعضاً وكرهوا ولاة أمورهم حملوا السلاح ، ما الذي يمنعهم؟ فيحصل الشرّ والفوضى .، وقد أمر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من رأى من أميره شيئا يكرهه أن يصــبر ، وقال: « من مات على غير إمام مات ميتة جاهلية» الواجب علينا أن ننصح بقدر المستطاع، أما أن نُظْهر المبارزة والاحتجاجات عَلَناً فهذا خلاف هَدي السلف، وقد علمتم الآن أن هذه الأمور لا تَمُتّ إلى الشريعة بصلة ولا إلى الإصلاح بصلة. ما هي إلا مــضرّة ...، الخليفة المأمون قَتل مِن العلماء الذين لم يقولوا بقوله في خَلْق القرآن قتل جمعاً من العلماء وأجبر الناسَ على أن يقولوا بهذا القول الباطل، ما سمعنا عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أن أحداً منهم اعتصم في أي مسجد أبداً، ولا سمعنا أنهم كانوا ينشرون معايبه من أجل أن يَحمل الناسُ عليه الحقد والبغضاء والكراهية... ولا نؤيِّد المظاهرات أو الاعتصامات أو ما أشبه ذلك، لا نؤيِّدها إطلاقاً، ويمكن الإصلاح بدونها، لكن لا بدّ أن هناك أصـــابع خفيّة داخلـــــــية أو خارجية تحاول بثّ مثل هذه الأمور.

فتوى فضيلة الشيخ عبدالعزيز الراجحي حفظه الله

السؤال: مارأيكم فيمن يجوز المظاهرات للضغط على ولي الأمر حتى يستجيب له ؟

الجواب: المظاهرات هذه ليست من أعمال المسلمين ، هذه دخيلة، ماكانت معروفة إلا من الدول الغربية الكافرة...


فتوى معالي الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله قال -سلمه الله -:

إذن ماذكر من أن الغاية تبرر الوسيلة هذا باطل وليس في الشرع ، وإنما في الشرع أن الوسائل لها أحكام المقاصد بشرط كون الوسيلة مباحة ، أما إذا كانت الوسيلة محرمة كمن يشرب الخمر للتداوي فإنه ولوكان فيه الشفاء ، فإنه يحرم فليس كل وسيلة توصل إلى المقصود لها حكم المقصود بل بشرط أن تكون الوسيلة مباحة ، ليست كل وسيلة يظنها العبد ناجحة بالفعل يجوز فعلها مثال ذلك المظاهرات, مثلاً : إذا أتى طائفة كبيرة وقالوا: إذا عملنا مظاهرة فإن هذا يسبب الضغط على الوالي وبالتالي يصلح ، وإصلاحه مطلوب ، والوسيلة تبرر الغاية نقول :هذا باطل ، لأن الوسيلة في أصلها محرمة فهذه الوسيلة وإن صلحت وإصلاحها مطلوب لكنها في أصلها محرمة كالتداوي بالمحرم ليوصل إلى الشفاء ، فثم وسائل كثيرة يمكن أن تخترعها العقول لاحصر لها مبررة للغايات وهذا ليس بجيد ، بل هذا باطل بل يشترط أن تكون الوسيلة مأذوناً بها أصلاً ثم يحكم عليها بالحكم على الغاية إن كانت الغاية مستحبة صارت الوسيلة مستحبة وإن كانت الغاية واجبة صارت الوسيلة واجبة.

فتوى الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله :

سؤال: ما حكم المظاهرات في الإسلام؟ ألها أصل شرعي أم أنها بدعة اقتبسها المسلمون من أعداء الإسلام؟

جـواب: لا، هي بدعة ، وقد تكلمنا على هذا في «الإلحـاد الخميني في أرض الحرمين»، وذكرنا أن الآيات القرآنية تدل على أن التظاهر يكون على الشر، وهناك آية وهي قوله تعالى: ( وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) (التحريم: 4) والظاهر أنها من باب المشاكلة، فليراجع في مقدمة «الإلحـاد الخميني في أرض الحرمين»، وهي نعرة جاهلية اقتدى المسلمون بأعداء الإسلام، وصدق الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول: «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» . وإنني أحمد الله سبحانه وتعالى فما تجد سنيًّا يحمل لواء هذه المظاهرة، ولا يدعو إلى هذه المظاهرات إلا الهمج الرعاع، وماذا يستفيد المجتمع، فالعراق يقصف بالطائرات والمظاهرات في شوارع اليمن أو غيره، ولقد أحسن أحدهم إذ يقول:


هيهات لا ينفع التصفيق ممتلأ = به الفضاء ولا صوت الهتافات


فليحي أو فليمت لا يستقيم بها = شعب ولا يسقط الجبار والعاتي


يا أسكت الله أفواهًا تصيح له = فكم بلينا بتصفيق وأصوات


وكم خطيب سمعنا وهو مندفع = وما له أثر ماضٍ ولا آت

فضيلة الشيخ العلامة مُقْبِلُ بْنُ هَادِي الوَادِعِيِّ رَحِمَهُ الله تَعَالى


وهذه فتوى (( أخرى)) للشيخ العثيمين رحمه الله.

السائل: إذا كان حاكم يحكم بغير ما أنزل الله ثم سمح لبعض الناس أن يعملوا مظاهرة تسمى عصامية مع ضوابط يضعها الحاكم ويمضي هؤلاء الناس على هذا الفعل و يقولون نحن ما عرضنا الحاكم و نعمل هذا بإذنه...

الجواب : عليهم باتباع السلف ، إن كان هذا موجودا عند السلف فهو خير ، وإن لم يكن موجودا فهو شر ، ولا شك أن المظاهرات شر لأنها تؤدي إلى الفوضى لا من المتظاهرين و لا من الآخرين ، وربما يحصل فيها اعتداء إما على الأعراض أو الأموال وإما على الأبدان لان الناس في خضم هذه الفوضوية قد يكون الإنسان كالسكران لا يدري ما يقول و لا ما يفعل فالمظاهرات كلها شر سواء أذن الحاكم أم لم يأذن.....

فتوى الشيخ أبي المعز محمد علي فركوس

الفتوى رقم: 320


الصنف: فتاوى منهجية في حكم عموم الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات .

السؤال: شيخنا الفاضل إنّي أستاذ في قطاع التربية وفي الأيام المقبلة سيدخل عماله في إضراب من أجل مطالب موضوعية، فما حكم الشرع في الإضراب؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:

فالإضرابات بمختلف أنواعها من أساليب النظم الديمقراطية التي يمارس فيها الشعب مظاهر سيادته المطلقة، وتعد الإضرابات في عرف الديمقراطيين على الأوضاع القائمة ظاهرة صحة، يصحح بها الوضع السياسي أو الاجتماعي أو المهني من السيئ إلى الحسن، أو من الحسن إلى الأحسن.

أما المنظور الشرعي للنظم الديمقراطية بمختلف أساليبها فهي معدودة من أحد صور الشرك في التشريع، حيث تقوم هذه النظم بإلغاء سيادة الخالق سبحانه وحقه في التشريع المطلق لتجعله من حقوق المخلوقين، وهذا المنهج سارت عليه العلمانية الحديثة في فصل الدين عن الدولة والحياة، والتي نقلت مصدرية الأحكام والتشريعات إلى الأمة بلا سلطان عليها ولا رقابة والله المستعان.

وهذا بخلاف سلطة الأمة في الإسلام فإن السيادة فيها للشرع، وليس للأمة أن تشرع شيئًا من الدين لم يأذن به الله تعالى، قال سبحانه: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: 21]. وعليه، فإن الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات وسائر أساليب الديمقراطية هي من عادات الكفار وطرق تعاملهم مع حكوماتهم، وليست من الدين الإسلامي في شيء، وليس من أعمال أهل الإيمان المطالبة بالحقوق ولو كانت مشروعة بسلوك طريق ترك العمل ونشر الفوضى وتأييدها وإثارة الفتن والطعن في أعراض غير المشاركين فيها وغيرها مما ترفضه النصوص الشرعية ويأباه خلق المسلم تربيةً ومنهجًا وسلوكًا.

وإنما يتوصل إلى الحقوق المطلوبة بالطرق المشروعة، وذلك بمراجعة المسؤولين وولاة الأمر، فإن تحققت المطالب فذلك من فضل الله سبحانه، وإن كانت الأخرى وجب الصبر والاحتساب والمطالبة من جديد حتى يفتح الله وهو خير الفاتحين، فقد صحَّ من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه ما يؤيد ذلك، حيث يقول فيه: «دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَبَايَعْنَاهُ فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ» وزاد أحمد: «وَإِنْ رَأَيْتَ أَنَّ لَكَ» أي: "وإن اعتقدت أنّ لك في الأمر حقًّا، فلا تعمل بذلك الظن، بل اسمع وأطع إلى أن يصل إليك بغير خروج عن الطاعة" وفي رواية ابن حبان وأحمد: «وَإِنْ أَكَلُوا مَالَكَ، وَضَرَبُوا ظَهْرَكَ» ، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال؟: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا اللهَ حَقَّكُمْ».

وأخيرًا، نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما .



الجزائر في: 16 ذي الحجة 1426ﻫ الموافق لـ: 16 جانفي 2006م

و هذه فتوى الشيخ مصطفى العدوي من ضمن تقديمه لكتاب الشيخ أحمد سليمان عن أحكام المظاهرات في الإسلام :

هذا، وقد قام أخي أحمد -حفظه الله تعالى- بالبحث في كثير من المذكور والمشار إليه، وما يحيط به، وقد وفق إلى حدٍ كبيرٍ جزاه الله خيراً على ما قام به وأفاد وعلى ما قدَّم من خير وأجاد.

هذا، وفى الجملة بالنسبة لما يحدث من مظاهرات في بلادنا: نرى أن شرها أعظم من خيرها، وذلك من جراء نظرنا إلى ما حدث من مظاهرات وما يحدث، وما يصاحب ذلك من سفك لدماء، وإتهام لأبرياء، ودمار لمحلات، وسلب واختلاس واحتكاك رجال بنساء، واستغلال ذلك لمصالح ومآرب أشخاص.

كل ذلك يحدو بنا إلى القول بأن اعتزالها- في هذه الآونة وبهذه المثابة- أسلم لدين الشخص وأسلم لعرضه، وأقرب للورع وأحفظ للجهد والوقت. والمحفوظ من حفظه الله ، والمعصوم من عصمه الله؛ وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب.

وصل اللهم على نبينا محمد وسلم، والحمد لله رب العالمين

كتبه : أبو عبد الله/ مصطفى بن العدوي




رابط الموضوع : http://www.assakina.com/fatwa/6255.html#ixzz1CMDZjG00


بسم الله الرحمن الرحيم
التعليق على أدلة فتوى الشيخ القرضاوي في تجويزه المظاهرات

الحمد لله
لستُ في صدد ذكر حكم المظاهرات ولا أدلتها ، لكن استوقفتني أدلة الشيخ القرضاوي في ردِّه على " إخوانه " العلماء مستهجناً فتاواهم في المنع ، وذلك في حلقة أمس 2 / صفر / 1423 هـ من برنامج " الشريعة والحياة " ، وسأذكر أدلته وما فيها دون التعرض للمسألة ذاتها .
وأما قناعتي : فإنني أرى ما جاء في جواب الشيخ المنجد تحت السؤال رقم ( 11469 ) ، وفيه بيان محظورات التظاهر ، وأظن أنه يفرق بين الاحتجاح والمظاهرات ، وقد عدّ مفاسد المظاهرات ، وهو قوله :
وأما التظاهرات فإن فيها عدداً من المحذورات الشرعية يجب الحذر منها ، ومن ذلك :
خروج النساء متبرجات - واستعمال أصوات موسيقية أثناء المظاهرة - والهتاف بشعارات غير صحيحة مثل القدس عربية وستبقى عربية ( والصحيح أن القدس إسلامية وليست للعرب فقط ) - ووقوف المظاهرة أمام ضريح كافر أو لوضع إكليل من الزهور على قبره - التوسل للكفار بعبارات فيها مذلة للمسلمين - رفع صور أو دمى ذوات الأرواح - ظلم الآخرين كسد الطريق وتعطيل مرور الناس - استخدام سباب وشتائم لا تجوز شرعاً - اختلاط الرجال بالنساء أثناء المظاهرة - التشبه بالكفار بشيء من خصائصهم من لباس أو إشارة يضعها أو يرتديها المتظاهرون المسلمون - الاعتداء على ممتلكات الأبرياء كتحطيم محلاتهم أو نوافذهم أو إيقاد النار في المرافق العامة ونحو ذلك من المحرمات والله تعالى أعلم.
انتهى
قلت : وإذا خلت المظاهرات من هذا : فلن تكون هناك مظاهرات !

دليله الأول :
خروج النساء والأولاد في مجيء النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة !
الرواية :
" فلما دنا رسول الله من المدينة خرج الناس لتلقيه وخرج النساء والصبيان والولائد يقلن طلع البدر علينا *** من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا *** ما دعا لله داع
الرد :
قال ابن القيم – رحمه الله - :
وبعض الرواة يهم في هذا ويقول إنما كان ذلك عند مقدمه إلى المدينة من مكة وهو وهم ظاهر لأن ثنيات الوادع إنما هي من ناحية الشام لا يراها القادم من مكة إلى المدينة ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام .
" زاد المعاد " ( 3 / 551 ) .
وقال ابن حجر – رحمه الله - :
وأخرج أبو سعيد في شرف المصطفى ورويناه في فوائد الخلعي من طريق عبيد الله بن عائشة منقطعا لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة جعل الولائد يقلن :
طلع البدر علينا *** من ثنية الوداع
وجب الشكر علينا *** ما دعا لله داع
وهو سند معضل ، ولعل ذلك كان في قدومه من غزوة تبوك …
" فتح الباري " ( 7 / 261 ) .
وقال :
وقد روينا بسند منقطع في الحلبيات قول النسوة لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة طلع البدر علينا من ثنيات الوداع فقيل كان ذلك عند قدومه في الهجرة وقيل عند قدومه من غزوة تبوك .
" فتح الباري " ( 8 / 129 ) .
وانظر : "أحاديث القصاص" لابن تيمية (17) . "تذكرة الموضوعات" (196).

دليله الثاني :
هجرة عمر رضي الله عنه العلنية !
الرواية :
((و لم يهاجر أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا متخفياً غير عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه و تنكب قوسه و انتضى في يده أسهماً – (و فيه أنه قال: ((من أراد أن يثكل أمه، أو يوتم ولده، أو ترمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي)) قال علي: فما اتبعه إلا قوم من المستضعفين علمهم ما أرشدهم ثم مضى لوجهه. أسد الغابة ج4 ص 58).
الرد :
قال شيخنا الألباني :
قلت: و عليه مؤاخذتان:
أولاً:
قوله: ((و لم يهاجر …)) هذا النفي ما مستنده؟ فإن الرواية التي ذكرها عن علي رضي الله عنه ليس فيها شيء من ذلك، و إن كان عمدة الدكتور فيه إنما هو أنه لم يعلم ذلك إلا عن عمر، فالجواب أن العلماء يقولون: إن عدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه. و هذا إذا صدر النفي من أهل العلم، فكيف إذا كان من مثل الدكتور البوطي؟!
ثانياً:
جزمه بأن عمر رضي الله عنه هاجر علانية اعتماداً منه على رواية علي المذكورة، وجزمه بأن علياً رواها و ليس صواباً، لأن السند بـها إليه لا يصح، و صاحب ((أسد الغابة))، لم يجزم أولاً بنسبتها إليه رضي الله عنه، و هو ثانياً قد ساق إسناده بذلك إليه لتبرأ ذمته، و لينظر فيه من كان من أهل العلم، و قد وجدت مداره على الزبير بن محمد بن خالد العثماني: حدثنا عبد الله بن القاسم الأملي (كذا الأصل و لعله الأيلي) عن أبيه بإسناده إلى علي، و هؤلاء الثلاثة في عداد المجهولين، فإن أحداً من أهل الجرح و التعديل لم يذكرهم مطلقاً، فهل وجدهم الدكتور، و عرف عدالتهم و ضبطهم، حتى استجاز لنفسه أن يجزم بصحة الرواية عن علي أم شأنه فيها كشأنه في غيرها إنما هو جماع حطاب، أو كما تقول العامة عندنا في الشام: (خبط لزء)! ثم هو إلى ذلك يدعي أنه اعتمد على الروايات الصحيحة!
" الرد على البوطي " .

دليله الثالث :
قول الصغار والمراهقين ! لجيش مؤتة لما رجع للمدينة : يا فرار يا فرار مع ضربهم بالحصى !
الرواية :
((فلما سمع أهل المدينة بجيش مؤتة قادمين، تلقوهم بـ (الجرف)، فجعل الناس يحثون في وجوههم التراب و يقولون: يا فرار (!) أفررتم من سبيل الله؟! فيقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: ليسوا بفرار، و لكنهم كرار إن شاء الله؟)).
الرد :
قال شيخنا الألباني – رحمه الله - :
فقلت : فهذا منكر بل باطل ظاهر البطلان، إذ كيف يعقل أن يقابل الجيش المنتصر مع قلة عدده و عدده على جيش الروم المتفوق عليهم في العَدد و العُدد أضعافاً مضاعفة، كيف يعقل أن يقابل هؤلاء من الناس المؤمنين بحثو التراب في وجوههم و رميهم بالفرار من الجهاد و هم لم يفروا، بل ثبتوا ثبوت الأبطال حتى نصرهم الله و فتح عليهم، كما في حديث البخاري: ((… حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم))؟!
و من العجائب أن الدكتور – أي : البوطي – بعد أن ذكر هذا الحديث الصحيح و أتبعه بقوله:
((و هذا الحديث يدل كما ترى أن الله أيد المسلمين بالنصر أخيراً)). فإنه مع ذلك أورد هذه الزيادة المنكرة فقال (2/180):
((و أما سبب قول الناس للمسلمين بعد رجوعهم إلى المدينة: يا فرار … فهو أنـهم لم يتبعوا الروم و من معهم في هزيمتهم …))!
فنقول:
إن هذا التأويل بعيد جداً، ثم إن التأويل فرع التصحيح، كما هو مقرر في ((الأصول))، فهلا أثبت هذه الرواية يا فضيلة الدكتور! حتى يسوغ لك أن تتأولها لتقضي به على هذا المعنى المستنكر الظاهر منها؟! و إلا فالواقع أن الأمر كما تقول العامة: هذا الميت لا يستحق هذا العزاء!
و إن كان هذا التأويل يدل على شيء، فهو أن الدكتور، لا يفرق بين ما صح و ما لم يصح من الأخبار، فهو يسوقها كلها مساقاً واحداً، و يعاملها معاملة واحدة! فهو مثلاً لا يفرق بين ما رواه البخاري و ما رواه ابن سعد و لو بدون إسناد؟ و ما هكذا يكون صنيع العلماء!
و إذا شئت مثالاً على نقيض صنيعه، مصدره حافظ من حفاظ المسلمين، فخذ الحافظ ابن كثير مثلاً، فإنه ذكر هذه الرواية المستنكرة، في كتابه ((البداية))، (4/248) من رواية ابن إسحاق عن عروة مرسلاً، ثم قال: ((و هذا مرسل من هذا الوجه، و فيه غرابة، و عندي أن ابن إسحاق قد وهم في هذا السياق، فظن أن هذا الجمهور: الجيش، و إنما كان الذين فروا حين التقى الجمعان، و أما بقيتهم فلم يفروا، بل نصروا كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم المسلمين و هو على المنبر، فما كان المسلمون ليسمونـهم فراراً بعد ذلك، و إنما تلقوهم إكراماً و إعظاماً)).
فليت أن الدكتور رجع إلى كتاب هذا الحافظ، فاستعان به على تجلية ما قد يغمض عليه من الحقائق و المعارف، لا سيما و موضوعه في نفس موضوع كتابه و في متناول يده، ولكن العجلة في التأليف و عدم التروي في البحث، و العجز عن التحقيق فيه و شهوة التأليف فيما ليس من اختصاصه هو الذي يوقع صاحبه في مثل هذه الأخطاء الظاهرة، و الله المستعان.
" الرد على البوطي " .
ملاحظة :
جاء في سؤال بعض السائلين في الحلقة نفسها قسمه بـ " والنبي " ! فلم يُعلِّق عليه الشيخ ، وكنتُ أرى كثيراً من العلماء يعلِّقون حتى على أسماء السائلين ! إذا كان فيها مخالفة فضلا عن المحاذير في أقوالهم .
والله أعلم

تعليق من الشيخ رضا أحمد صمدي
كل الردود التي ساقها الأخ إحسان لم ترد على محل الاستدلال ...
أما الرد الأول ... ففيه تضعيف لمقالة الشعر التي زعم أنها قيلت في الهجرة ... وليس فيه
تعرض لتضعيف خروج الصبية والنساء والرجال ... فتأمل ...
أما الرد الثاني ...فالشيخ الألباني نفسه قرر أن الزعم بأن كل الصحابة هاجر متخفيا إلا عمر
زعم فاسد ... ومدلول خطابه أن من هاجر علانية أمر ممكن ، وغاية ما هناك أن الشيخ ضعف
رواية هجرة عمر علانية ... مع عدم إنكاره أن يكون عمر أو غيره هاجر علانية .... فتامل .
أما الرد الثالث فإن ما نقله الشيخ الألباني عن الحافظ ابن كثير يفيد أن الشيخ الألباني لا ينكر
خروج الناس وتلقيهم للجيش ، ولكنه ينكر كون هذا الخروج في غزوة مؤتة ، وأنه خروج
لأجل الإنكار والتعيير ....
وسؤال بسيط : أين باقي الأدلة يا أخ إحسان ؟؟؟

قال الشيخ إحسان العتيبي :
الحمد لله
أولاً :

لا يوجد غير هذه الأدلة حتى تطلب مني غيرها ، وهذه حلقته بيني وبينك ، فتأمل !!
ثانياً :

خروج النساء والولدان والرجال : لم يحدث عند مجيء النبي صلى الله عليه وسلم ، لأسباب :
الأول :
أن الحديث كاملاً - بقصته وشعره - ضعيف .
الثاني :
أن الذي خرج هم الرجال ! لكن خرجوا لاستقبال النبي صلى الله عليه وسلم باللأمة والسلاح ! وأحاطوا به في مظهر عزة وكرامة ، لا مظاهرة ! وعلى من ستكون المظاهرة أصلاً ؟؟
عن أنس بن مالك قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فنزل أعلى المدينة في حي يقال لهم بنو عمرو بن عوف فأقام النبي صلى الله عليه وسلم فيهم أربع عشرة ليلة ثم أرسل إلى بني النجار
فجاءوا متقلدي السيوف
كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته وأبو بكر ردفه وملأ بني النجار حوله حتى ألقى بفناء أبي أيوب وكان يحب أن يصلي حيث أدركته الصلاة ... .
رواه البخاري ( 418 ) ومسلم ( 524 ) .
وقد جاء ذكر عددهم وأنهم كانوا ( 500 ) أنصاري ، كما ذكره الحافظ ابن حجر ، والباقي من الرجال صعد فوق بيته – كما سيأتي - .
الثالث :
أنه ثبت أن النساء لم يخرجن بل صعدوا فوق بيوتهم ويقولون " هذا رسول الله جاء " و " قدم رسول الله " فقط من غير خروج ! والذي خرج في الطرقاتهم الأولاد والخدم ! فتأمل .
عن البراء رضي الله عنه قال : أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم فجعلا يقرئاننا القرآن ، ثم جاء عمار وبلال وسعد ، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين ، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به
حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء
" .
رواه البخاري ( 4657 ) و في ( 3710 ) " قدم رسول الله " .
وفي مسلم ( 2009 ) :
" فصعد الرجال والنساء فوق البيوت ، وتفرق الغلمان والخدم في الطرق ينادون : يا محمد يا رسول الله ، يا محمد يا رسول الله " !

وأعلى ما جاء خروجهم على الطرقات وليس فيه اجتماعهم ، ثم لو صحَّ أنهم اجتمعوا فلم يكن الرجال معهم ، ولم يرفعوا أعلام الجاهلية ، ولا كتابات الجاهلية ، ولم يغلقوا طريقا ولم يحطموا أشياء غيرهم ، ولم يكن بينهم كفار ... الخ فتأمل .
وعلى كل حال فاستقبال الفاتحين أو القادمين من حج أو سفر أو سجن ... الخ : لا أعلم أحداً يمنعه ، وليس هو بحثنا ، فالاستدلال به على خروج النساء والرجال والمسلمين والكفار وأصحاب الطاعة والمعصية بالإسلام والجاهلية : من أبعد ما يكون عن الفقه والعلم .
ثالثاً :
قد سقنا كلام الشيخ الألباني في تضعيف قصة هجرة عمر علانية ، فمن أراد أن يثبت عكس ذلك وأنه خرج في مظاهرة ! فعليه الدليل ! وكان الكلام واضحاً والرد عليه غير واضح إنما هي احتمالات لا يثبت بها دليل فضلا عن استدلال ، بل إن عمر رضي الله عنه لما أعلن إسلامه ثار عليه المشركون فقاتلوه ! حتى أصابه الإعياء فقعد ! بل ثبت أن عمر رضي الله عنه كان خائفاً من المشركين أن يقتلوه لذا لزم بيته ، ولولا إجارة العاص بن وائل السهمي له لهموا بقتله ، ولعل هذا مما يرجح أنه لم يهاجر علانية
– ولا أجزم به –
عن زيد بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال بينما هو – أي : عمر -
في الدار خائفاً إذ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو ، عليه حلة حبرة وقميص مكفوف بحرير ، وهو من بني سهم ، وهم حلفاؤنا في الجاهلية ، فقال له : ما بالك ؟ قال : زعم قومك أنهم سيقتلوني إن أسلمت ! قال : لا سبيل إليك ، بعد أن قالها أمِنتُ !

فخرج العاص فلقي الناس قد سال بهم الوادي ، فقال : أين تريدون ؟ فقالوا : نريد هذا ابن الخطاب الذي صبا ، قال : لا سبيل إليه فكرَّ الناس .
رواه البخاري ( 3651 ) .
فتأمل !
رابعاً :
ومن الذي يمنع من استقبال الجيش العائد ليسارع كل واحد برؤية أهله فيه ؟ وهل يقول عاقل فضلا عن عالم إنه عليهم أن يمكثوا في بيوتهم حتى يأتيهم الجيش ؟ هذا الخروج – ولا يمنع منه شيء – هو أمر فطري لا يمكن أن تأتي الشريعة بما يضاده ، وليس خروجهم خروجَ عبادة ولا خروج مظاهرة للإنكار عليهم في رجوعهم ، كيف والرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر على منبره أن الراية أخذها سيف من سيوف الله ، وأنه قد فتح الله عليهم أي : أنهم منتصرون ، فأين المظاهرة ؟
خامساً :
أعجب من عالِم يأتي بمثل هذه الأدلة – وهي ضعيفة كلها ! – ليستدل به على أمرٍ لا نرى فيه إلا منكرات ، ثم ليرد على إخوانه العلماء الذين يمنعون منها لما فيها من مفاسد ، ولا أظن أنه إن خلت من هذه المفاسد أن يوجد من يمنع منها ، لكن هل ستبقى هذه مظاهرة ؟؟؟
ولا أظن عاقلا فضلاً عن عالم يرى ما رأينا ويسمع ما سمعنا من مظاهر المظاهرات عندنا في الأردن ويفتي بجوازها ! إذ فيها تذكية للعنصرية وإحياء للجاهلية عدا عن الفساد المادي من حرق الأشجار وتحطيم المحلات وتكسير السيارت ، ثم إن الفئات التي تقوم بها ما بين مسقيم مغفل أو مستغفل وما بين سكران أو شيوعي أو سبَّب رب ودين ، وحدِّث عن ترك الصلاة ولا حرج ، بل إنهم يبقون خارج المساجد انتظارا لانتهاء الصلاة ليسوقوا ! المصلين معهم !
وأخيراً :
يبدو أن القائل بالجواز قد أعيته الحجة في ذِكر دليل واضح صريح على المظاهرات الموجودة في زماننا فراح يأتي بأدلة ضعيفة دليلا واستدلالاً ، والواضح أنه يبحث عن أدلة فيها اجتماع للمسلمين ، وإذا كان كذلك فإننا ننصحه أن يستدل بما هو صحيح وهو اجتماع المسلمين في الجمعة وفي عرفة !!!
وأنا لا أرى أن المنع منها بسبب أنها تشبه ! ولا من باب أنها عبادة ! بل لما يترتب عليها من مفاسد ولما فيها من منكرات
فتأمل !
والله أعلم
كتبه
إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي
أبو طارق


http://www.saaid.net/Doat/ehsan/115.htm


[align=justify]
ما أحرانا أن نحيي شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالطرق والوسائل المشروعة وبالدرجات التي ذكرت في الحديث ، وأن ننظر في المآلات قبل الإقدام على ما قد نراه نافعًا وقد يكون هو عين المضرة ، وإن في فتاوى كبار علمائنا من أمثال الإمامين ابن باز وابن عثيمين لكفاية لمن أراد الحق ، والله أعلم .
[/align]


المظاهرات بغض النظر عن شرعيتها كالنار تأكل الأخضر واليابس ...
ولا يمكن حصر نتائجا ولا توقع ما ينتج عنها فهي كالناقة العشواء تدوس بغير علم بما تطأ عليه .
وخير منها ما ذكره الشيخ عبدالله ... الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ...
دعونا نتصور لو أن كل واحد رأى منكرا فغيره ... هل سيحتاج المجتمع إلى مظاهرات ...؟؟؟ لن يحتاج ، لأنه لن يجتمع في صدورهم ما يدفعهم للتظاهر والخروج عن طورهم وعقولهم ،، ستبقى المنكرات مختفية ... وسيعى الراعي للإصلاح أولا بأول ...
فعسى الله يقيض لولاة أمرنا منا من ينصحهم ويوجهم ويبين لهم الصواب ...قبل أن يحتاج المجتمع إلى التفكير في هذه الأساليب .
وأقترح أن يكتب خطبة عن هذا الموضوع أعني استبدال هذه المظاهرات بالعمل على تثقيف الأمة بثقافة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاحتساب على المسؤولين ...


بداية أتوجه بالشكر الجزيل والتقدير الجميل لأبي عبدالرحمن على إبداعه في الجمع والنقل للأقوال ونحن بدورنا طلبة علم نوازن بين الآراء وإن كان من المرجح عندي ماذهب إليه جملة علمائنا من تحريم المظاهرات وهنا أيها الكرام ألفت النظر إلى أنه من الحكمة أن يظر المرء إلى المآلات وأن يوازن الأمور بمقاصد الشريعة الكبرى التي جاءت بحفظ الضروريات الخمس وأن يرجع إلى شروح العلماء الراسخين لأحاديث الفتن التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيها بعدم الاستشراف للفتن واعتزالها وعدم الخوض فيها والصبر على جور الحاكم مع نصحه
والشيخ القرضاوي مع احترامي له وإقراري بفقهه إلا أن موقفه معروف مسبقا من خلال تشبعة بفكر الإخوان المسلمين ونتيجة تعرضه للسجن والتعذيب مما يشعرني بأن تقريراته أقرب لرد الفعل من التأصيل الشرعي الموضوعي


أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بلاء الأمة من داخلها وأن فناءها على يد بعضها فقال في حديث ثَوْبَانَ رضي الله عنه قال : ((.... وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عليهم عَدُوًّا من سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ وَإِنَّ رَبِّي قال يا محمد إني إذا قَضَيْتُ قَضَاءً فإنه لَا يُرَدُّ وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عليهم عَدُوًّا من سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ وَلَوْ اجْتَمَعَ عليهم من بِأَقْطَارِهَا حتى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا )) رواه مسلم . وفي حديث ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا وُضِعَ السَّيْفُ في أُمَّتِي لم يُرْفَعْ عنها إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )) رواه الترمذي . وقد وقع السيف في أمة محمد صلى الله عليه وسلم بمقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، فلم يُرفع إلى يومنا هذا، ولن يرفع إلى آخر الزمان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وقد حث الإسلام على اجتناب الفتن واعتزال أهلها وكَفِّ اليد واللسان فيها ، فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فيها خَيْرٌ من الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فيها خَيْرٌ من الْمَاشِي وَالْمَاشِي فيها خَيْرٌ من السَّاعِي وَمَنْ يُشْرِفْ لها تَسْتَشْرِفْهُ وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أو مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ )) رواه الشيخان .
وإنما أمر باعتزال الفتن والهرب منها واجتناب أهلها صيانة لدين المرء وسلامة ليده ولسانه من دماء المسلمين وأعراضهم ، ولتسلم الأمة أيضًا ، وأعظم الفتن وهي فتنة الدجال قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالبعد عنها فقال : (( من سمع بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ منه ، فإن الرَّجُلَ يَأْتِيهِ وَهْوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَلاَ يزال بِهِ لِمَا معه مِنَ الشُّبَهِ حتى يَتَّبِعَهُ )) رواه أحمد .
وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على اعتزال الفتن حتى ولو أن يلحق المؤمن بالبادية هربا منها ، وذلك مع ما في البادية من الجفاء وتعطيل الدعوة والحسبة ، والتخلف عن الجمع والجماعات ، ولكن ذلك أيسر من الوقوع في الفتن ؛ ففي حديث أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بها شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ من الْفِتَنِ )) رواه البخاري . بل لقد بالغ عليه الصلاة والسلام في التحذير من المساهمة في الفتن ، فأوصى صلى الله عليه وسلم المرء بأن يلزم بيته في حال الفتن ويتخلص من سلاحه ؛ لئلا يقتل به مسلما فيبوء بإثمه ؛ ففي حديث أبي مُوسَى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال في الْفِتْنَةِ : (( كَسِّرُوا فيها قَسِيَّكُمْ وَقَطِّعُوا فيها أَوْتَارَكُمْ وَالْزَمُوا فيها أَجْوَافَ بُيُوتِكُمْ وَكُونُوا كَابْنِ آدَمَ )) رواه الترمذي . وروى مُحَمَّدُ بن مَسْلَمَةَ رضي الله عنه قال : إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ وَفُرْقَةٌ وَاخْتِلَافٌ فإذا كان كَذَلِكَ فَأْتِ بِسَيْفِكَ أُحُدًا فَاضْرِبْهُ حتى يَنْقَطِعَ ثُمَّ اجْلِسْ في بَيْتِكَ حتى تَأْتِيَكَ يَدٌ خَاطِئَةٌ أو مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ )) رواه ابن ماجه . وفي حديث أَبي بَكْرَةَ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ، ألا ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فيها خَيْرٌ من الْمَاشِي فيها وَالْمَاشِي فيها خَيْرٌ من السَّاعِي إِلَيْهَا، ألا فإذا نَزَلَتْ أو وَقَعَتْ فَمَنْ كان له إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ وَمَنْ كانت له غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ وَمَنْ كانت له أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ، قال: فقال رَجُلٌ: يا رَسُولَ الله، أَرَأَيْتَ من لم يَكُنْ له إِبِلٌ ولا غَنَمٌ ولا أَرْضٌ، قال: يَعْمِدُ إلى سَيْفِهِ فَيَدُقُّ على حَدِّهِ بِحَجَرٍ ثُمَّ لِيَنْجُ إن اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ، اللهم هل بَلَّغْتُ، اللهم هل بَلَّغْتُ، اللهم هل بَلَّغْتُ، قال: فقال رَجُلٌ: يا رَسُولَ الله، أَرَأَيْتَ إن أُكْرِهْتُ حتى يُنْطَلَقَ بِي إلى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ أو إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ أو يجئ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِي قال: يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ وَيَكُونُ من أَصْحَابِ النَّارِ )) رواه مسلم . وفي حديث أبي ذَرٍّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في قتال الفتنة: (( اقْعُدْ في بَيْتِكَ وأغلق عَلَيْكَ بَابَكَ، قال: فإنْ لم أُتْرَكْ؟ قال: فَائْتِ من أنت منهم فَكُنْ فِيهِمْ، قال: فَآخُذُ سلاحي؟ قال: إِذن تُشَارِكَهُمْ فِيمَا هُمْ فيه وَلَكِنْ إنْ خَشِيتَ أن يَرُوعَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ فألق طَرَفَ رِدَائِكَ على وَجْهِكَ حتى يَبُوءَ بِإِثْمِهِ وإثمك )) رواه أحمد .
وقد امتدح النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما فقال: (( ابْنِي هذا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بين فِئَتَيْنِ من الْمُسْلِمِينَ )) رواه البخاري . فوقع ما أخبر به من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم ؛ فوضع الحسن رضي الله عنه السلاح وترك القتال ، وبايع معاوية رضي الله عنهم أجمعين ؛ فاجتمعت الأمة بعد افتراق ، وحُقنت دماؤها ، وكان الحسن رضي الله عنه كما قال جده سيدا بكفه عن القتال وجمعه كلمة المسلمين .