"إقلاع" حجاب المضيفة التونسية أو لا إقلاع للطائرة.. // أمير سعيد
احمد ابوبكر
1436/07/20 - 2015/05/09 04:17AM
[align=justify]محال أن يكون ركاب طائرة الخطوط التونسية، مستعدين للتضحية بساعة من وقتهم من أجل أن يمارس قائد طائرة الرحلة رقم 722 من تونس إلى باريس غطرسته العلمانية على مضيفة الطائرة مشترطاً إما أن تخلع المضيفة حجابها، أو أنه لن يقلع بالطائرة!
قائد الطائرة الذي لا يعرف الفارق بين "القلع" و"الإقلاع"، هو أحد نماذج التردي العلماني في عالمنا العربي والإسلامي، والذي يريد وضع العربة أمام الحصان، واضعاً مصالح ركاب طائرة كبيرة تحت حذاء النظام العلماني المتخلف في تونس، وكأن ركاب الطائرة سيبتهجون لرؤية شعر مضيفة من المضيفات المتبرجات على الطائرة، وإن تسبب هذا في ضرب أوقاتهم ومصالحهم وارتباطاتهم الدقيقة عرض الحائط.
ليس من قبيل المصادفة أن يحصل هذا في تونس غير بعيد عن موعد مظاهرة (أو مليونية) خلع الحجاب التي كانت مزمعة؛ ففشلت في ميدان التحرير المصري؛ فالذي يشعل هذه القضية في هذا البلد أو ذاك هو واحد، والتوقيت يراه مناسباً للنيل من فريضة تمنح المرأة كرامتها وحريتها واعتزازها بنفسها في زمان يقرن فيه المغرضون بين تخلفهم وديننا وشعائره.
ينطلق القانون الداخلي لشركة الخطوط الجوية التونسية من مفهوم علماني يجعل من المضيفة سلعة ووسيلة للتمتع النظري من المتشوفين، وهذا النوع من التردي في تحويل الحرائر إلى جوارٍ هو لب التفكير الحيواني العلماني الذي تتكسر على عتبته أي قيمة للمرأة، أو أي قيمة أخلاقية، ويجعل من تعنته في فرض إرادته تلك – تلبيساً – هو قمة الحريات الشخصية والكرامة الإنسانية والتقدم الحضاري، وهو منافٍ في مظهره ومخبره من كل هذه المعاني.
المضيفة نبيهة الجلولي التي أرغمت على مغادرة الطائرة لكي يقلع قائد الطائرة مستمتعاً بصحبة الحسناوات المتبرجات، واستبدلت بأخرى، كشفت مشكلتها تلك عن الردة التي تريد مؤسسات تونسية متعددة تتحكم في سياساتها دولة عميقة تعيد إنتاج عفنها السابق، أن تعود إليها من جديد. فرغم أن المضيفة التي أخضعت لقانون داخلي متخلف يمنع الحجاب بين المضيفات، قد "ناضلت" من أجل رفع هذا الضيم عنها؛ فإن عمق المشكلة أماط لثام الألم عن دولة لا تريد أن تجد نفسها وهويتها بأمر من "المستعمر" الذي ما زال يحكمها حتى الآن.
قصة الجلولي ليست حالة انفرادية؛ فكثيرات مثلها شغفن بالعودة للحجاب والستر في ظل أجواء ما بعد "ثورة الياسمين"، وهي – كغيرها – قررت ارتداء "الحجاب" (بغض النظر عن طبيعة عملها غير الشرعية بما يتلبس به من معاصٍ وربما كبائر إذا ما قامت بعرض الخمر على المريدين من الركاب، وبغض النظر عن شكل هذا "الحجاب")، وهي قد ارتدته منذ عام ونصف - لم يتعرض لها طواله أحد - عندما ظنت أن بلادها ماضية في تحقيق قدر أكبر من الحريات، في زمان الرئيس منصف المرزوقي وحكومة النهضة، لكنها وزميلاتها تفاجأن أن الدولة العميقة تعود أدراجها؛ فالجيش الذي سمح للرئيس التونسي المخلوع، الكاره للحجاب والدين، بن علي، والذي هرب إلى باريس متخفياً في زي امرأة منتقبة – وفقاً لصحيفة الوطن نيوز الأردنية 14 يناير 2011 – تقليداً لرأس العلمانية في بلاد المسلمين، مصطفى كمال، الذي فر هو الآخر من قصره ذات يوم من باب خلفي مرتدياً نقاباً كانت تملك زوجته المتبرجة (على عكس القيادات المسلمة دوماً)، هذا الجيش هو الذي لم يزل ممسكاً بتلابيب السلطة الفعلية في تونس، ويقوم بدوره كأقرانه من جيوش الدول العربية والإسلامية في الحفاظ على "علمانية الدولة"، وهو الذي يحرك الخيوط للعودة لروح بن علي وبورقيبة الخبيثتين من جديد، والتي كتمت أنفاس كل متدين في بلاد القيروان.
لكن بخلاف غيرها من دول "الربيع العربي" السلمي؛ فإنه أمكن لجلولي أن تثير الغبار في وجه متعنتي عملها، الذين لم يتذكروا أن ثمة لائحة داخلية تمنع الحجاب إلا حالما جاء الرئيس الرجعي قائد السبسي للسلطة؛ فلملمت أوراق مشكلتها وذهبت إلى البرلمان التونسي، وهناك تظلمت من تعنت الشركة معها أمام لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب، ومن ثم وعدت سارة رجب الرئيسة المديرة العامة للخطوط الجوية التونسية خلال حضورها لاجتماع بالبرلمان بمراجعة الأمر، قائلة: " لباس المضيفات محدد في شارة كاملة منذ سنة 2008 مضيفة لا شيئ يمنعنا حسب النظام الداخلي للشركة من تغيير القانون الداخلي ليستجيب لمتطلبات المرحلة".
ربما هذا يكون جيداً بعض الشيء، لكنه لا يعني سوى أن وجود برلمانيين مخلصين لقيم دينهم في البرلمان هو الذي حرك المياه الراكدة قليلاً، وشباب مسلم غيور تبنى قضيتها وأزعج منافقي تونس، للحد الذي جعل نشطاء الجالية التونسية في فرنسا يصدرون بياناً يحذرون فيه من أن "الجمعيات المدنية في الخارج وخاصة في فرنسا تنوي الاتصال بأفراد الجالية وتعلمهم بخطورة ما حدث، واذا لزم الأمر توجيه أغلبهم الى خطوط جوية أخرى تحترم فيها هويتهم وحرياتهم الدينية؛ فاليوم مضيفة الطائرة وغداً ركاب الطائرة"، متسائلين: "ماهذه الرجعية الفكرية والسلوك غير الحضاري؟! مع العلم ان الخطوط الماليزية والتركية والقطرية وغيرها من الشركات الجوية الأخرى لم تصل الى الرقي والازدهار في معاملاتها وخدماتها إلا بتجاوز هذا السلوك
المنحط من نزع الحجاب و قمع الحريات الدينية".. فيما بدا أن الأحزاب والقوى العلمانية تود في أي لحظة لو أتيح لها المجال للعودة بتونس لعهد الاستبداد السابق، وهي لم تزل، عبر أدواتها المنتشرة في كل صعيد أن تطلق بالونات اختبار، كتلك التي أطلقت باسم "مليونية خلع الحجاب" بميدان التحرير في مصر.
القضية شغلت الرأي العام بتونس، واستغلها المغرضون للخوض في عدم شرعية الحجاب – بنظرهم – والتسويق لفكرة العلمانية السافرة.. تلك التي لا يمكن العثور عليها إلا في بلاد المسلمين؛ فحتى الولايات المتحدة سمحت مؤخراً لمحجبة بإلقاء نشرة الأخبار في قناة رسمية أمريكية، ولم تجد تلك الغضاضة والتأفف التي يجدها العلمانيون بنسختهم الأقبح في بلداننا المسلمة.
[/align]
قائد الطائرة الذي لا يعرف الفارق بين "القلع" و"الإقلاع"، هو أحد نماذج التردي العلماني في عالمنا العربي والإسلامي، والذي يريد وضع العربة أمام الحصان، واضعاً مصالح ركاب طائرة كبيرة تحت حذاء النظام العلماني المتخلف في تونس، وكأن ركاب الطائرة سيبتهجون لرؤية شعر مضيفة من المضيفات المتبرجات على الطائرة، وإن تسبب هذا في ضرب أوقاتهم ومصالحهم وارتباطاتهم الدقيقة عرض الحائط.
ليس من قبيل المصادفة أن يحصل هذا في تونس غير بعيد عن موعد مظاهرة (أو مليونية) خلع الحجاب التي كانت مزمعة؛ ففشلت في ميدان التحرير المصري؛ فالذي يشعل هذه القضية في هذا البلد أو ذاك هو واحد، والتوقيت يراه مناسباً للنيل من فريضة تمنح المرأة كرامتها وحريتها واعتزازها بنفسها في زمان يقرن فيه المغرضون بين تخلفهم وديننا وشعائره.
ينطلق القانون الداخلي لشركة الخطوط الجوية التونسية من مفهوم علماني يجعل من المضيفة سلعة ووسيلة للتمتع النظري من المتشوفين، وهذا النوع من التردي في تحويل الحرائر إلى جوارٍ هو لب التفكير الحيواني العلماني الذي تتكسر على عتبته أي قيمة للمرأة، أو أي قيمة أخلاقية، ويجعل من تعنته في فرض إرادته تلك – تلبيساً – هو قمة الحريات الشخصية والكرامة الإنسانية والتقدم الحضاري، وهو منافٍ في مظهره ومخبره من كل هذه المعاني.
المضيفة نبيهة الجلولي التي أرغمت على مغادرة الطائرة لكي يقلع قائد الطائرة مستمتعاً بصحبة الحسناوات المتبرجات، واستبدلت بأخرى، كشفت مشكلتها تلك عن الردة التي تريد مؤسسات تونسية متعددة تتحكم في سياساتها دولة عميقة تعيد إنتاج عفنها السابق، أن تعود إليها من جديد. فرغم أن المضيفة التي أخضعت لقانون داخلي متخلف يمنع الحجاب بين المضيفات، قد "ناضلت" من أجل رفع هذا الضيم عنها؛ فإن عمق المشكلة أماط لثام الألم عن دولة لا تريد أن تجد نفسها وهويتها بأمر من "المستعمر" الذي ما زال يحكمها حتى الآن.
قصة الجلولي ليست حالة انفرادية؛ فكثيرات مثلها شغفن بالعودة للحجاب والستر في ظل أجواء ما بعد "ثورة الياسمين"، وهي – كغيرها – قررت ارتداء "الحجاب" (بغض النظر عن طبيعة عملها غير الشرعية بما يتلبس به من معاصٍ وربما كبائر إذا ما قامت بعرض الخمر على المريدين من الركاب، وبغض النظر عن شكل هذا "الحجاب")، وهي قد ارتدته منذ عام ونصف - لم يتعرض لها طواله أحد - عندما ظنت أن بلادها ماضية في تحقيق قدر أكبر من الحريات، في زمان الرئيس منصف المرزوقي وحكومة النهضة، لكنها وزميلاتها تفاجأن أن الدولة العميقة تعود أدراجها؛ فالجيش الذي سمح للرئيس التونسي المخلوع، الكاره للحجاب والدين، بن علي، والذي هرب إلى باريس متخفياً في زي امرأة منتقبة – وفقاً لصحيفة الوطن نيوز الأردنية 14 يناير 2011 – تقليداً لرأس العلمانية في بلاد المسلمين، مصطفى كمال، الذي فر هو الآخر من قصره ذات يوم من باب خلفي مرتدياً نقاباً كانت تملك زوجته المتبرجة (على عكس القيادات المسلمة دوماً)، هذا الجيش هو الذي لم يزل ممسكاً بتلابيب السلطة الفعلية في تونس، ويقوم بدوره كأقرانه من جيوش الدول العربية والإسلامية في الحفاظ على "علمانية الدولة"، وهو الذي يحرك الخيوط للعودة لروح بن علي وبورقيبة الخبيثتين من جديد، والتي كتمت أنفاس كل متدين في بلاد القيروان.
لكن بخلاف غيرها من دول "الربيع العربي" السلمي؛ فإنه أمكن لجلولي أن تثير الغبار في وجه متعنتي عملها، الذين لم يتذكروا أن ثمة لائحة داخلية تمنع الحجاب إلا حالما جاء الرئيس الرجعي قائد السبسي للسلطة؛ فلملمت أوراق مشكلتها وذهبت إلى البرلمان التونسي، وهناك تظلمت من تعنت الشركة معها أمام لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب، ومن ثم وعدت سارة رجب الرئيسة المديرة العامة للخطوط الجوية التونسية خلال حضورها لاجتماع بالبرلمان بمراجعة الأمر، قائلة: " لباس المضيفات محدد في شارة كاملة منذ سنة 2008 مضيفة لا شيئ يمنعنا حسب النظام الداخلي للشركة من تغيير القانون الداخلي ليستجيب لمتطلبات المرحلة".
ربما هذا يكون جيداً بعض الشيء، لكنه لا يعني سوى أن وجود برلمانيين مخلصين لقيم دينهم في البرلمان هو الذي حرك المياه الراكدة قليلاً، وشباب مسلم غيور تبنى قضيتها وأزعج منافقي تونس، للحد الذي جعل نشطاء الجالية التونسية في فرنسا يصدرون بياناً يحذرون فيه من أن "الجمعيات المدنية في الخارج وخاصة في فرنسا تنوي الاتصال بأفراد الجالية وتعلمهم بخطورة ما حدث، واذا لزم الأمر توجيه أغلبهم الى خطوط جوية أخرى تحترم فيها هويتهم وحرياتهم الدينية؛ فاليوم مضيفة الطائرة وغداً ركاب الطائرة"، متسائلين: "ماهذه الرجعية الفكرية والسلوك غير الحضاري؟! مع العلم ان الخطوط الماليزية والتركية والقطرية وغيرها من الشركات الجوية الأخرى لم تصل الى الرقي والازدهار في معاملاتها وخدماتها إلا بتجاوز هذا السلوك
المنحط من نزع الحجاب و قمع الحريات الدينية".. فيما بدا أن الأحزاب والقوى العلمانية تود في أي لحظة لو أتيح لها المجال للعودة بتونس لعهد الاستبداد السابق، وهي لم تزل، عبر أدواتها المنتشرة في كل صعيد أن تطلق بالونات اختبار، كتلك التي أطلقت باسم "مليونية خلع الحجاب" بميدان التحرير في مصر.
القضية شغلت الرأي العام بتونس، واستغلها المغرضون للخوض في عدم شرعية الحجاب – بنظرهم – والتسويق لفكرة العلمانية السافرة.. تلك التي لا يمكن العثور عليها إلا في بلاد المسلمين؛ فحتى الولايات المتحدة سمحت مؤخراً لمحجبة بإلقاء نشرة الأخبار في قناة رسمية أمريكية، ولم تجد تلك الغضاضة والتأفف التي يجدها العلمانيون بنسختهم الأقبح في بلداننا المسلمة.
[/align]