﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾
محمد البدر
1437/04/05 - 2016/01/15 01:20AM
[align=justify]الْخُطْبَةُ الأولى :
أَمَّا بَعْدُ : عباد الله : قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ البقرة 143..
يقول العلام السعدي رحمه الله – في تفسير هذه الآية أي: عدلا خيارا، وما عدا الوسط، فأطراف داخلة تحت الخطر، فجعل الله هذه الأمة، وسطا في كل أمور الدين، وسطا في الأنبياء، بين من غلا فيهم، كالنصارى، وبين من جفاهم، كاليهود، بأن آمنوا بهم كلهم على الوجه اللائق بذلك، ووسطا في الشريعة، لا تشديدات اليهود وآصارهم، ولا تهاون النصارى.
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ» متفقٌ عَلَيْهِ .
وهذه الآية إنما دلت على أن الوسطية التي وصفت بها الأمة إنما هي اتباع السنَّة وطريق الصحابة رضي الله عنهم وما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة وهم أهل العلم .
وقال صلى الله عليه وسلم : « لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ »رواه مسلم .
وهذا يقتضي من المسلم أن يعبد الله بعلم، وأن يحذر مكائد الشيطان الذي يُحيد عن الطريق المستقيم، ويُزيغ عن الهدي القاصد، الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ »رواه البخاري.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (فتاوى 3/375) في تفضيل طريق أهل السنَّة والجماعة : (وكذلك في سائر أبواب السنَّة هم وسط، لأنه متمسكون بكتاب الله وسنَّة رسوله وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان).
عباد الله : للوسطية في الإسلام مزايا وفوائد تميزها عن غيرها، والواقع أن معرفة هذه الأمور على قدر كبير من الأهمية؛ لأنها تعتبر ضوابط لتحديد الوسطية ومعرفة حقيقتها، كما وردت في الكتاب والسنة، وكما طبقها السلف الصالح من هذه الأمة، وفيما يلي نورد أهم مزايا وفوائد الوسطية في الإسلام :
أولا : أن الإسلام وسطا بين الملل، فلا شرك و لا إلحاد ولا وثنية، ولا توجد عبادة للأصنام والأوثان والحجارة وغيرها ، بل توحيد لله جل وعلا وعبادة خالصة لله تعالى، على الوجه المشروع، الذي دل عليه الدليل الصحيح، في ألوهيته، وربوبيته، وأسمائه وصفاته، من غير تشبيه، ولا تمثيل، ولا تحريف، ولا تعطيل .
ثانياً : الإسلام وسط بين المغالين الذين يجعلون العبد مجبورا على فعله، والمفرطين الذين يجعلونه خالق أفعاله، لينطلقوا بعد ذلك إلى الحكم على الناس بالتكفير والإخراج من الملة، بمجرد أفعال صدرت من هذا أو ذاك، وإن لم يستحلوها. قال صلى الله عليه وسلم : «هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ » قالها ثَلاثاً .رواه مسلم .
ثالثاً : المسلمين وسَط في اعتقاداتهم بأنبياء الله، يؤمنون بهم جميعا، لا يفرقون بين أحد منهم، ولكنهم يجزمون بأن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم خاتمتُهم، والمأمورُ باتباعه بعد بعثته دون سواه. قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً ، وَلَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلا اتِّبَاعِي » حسنه الالباني.
فالمسلمون لا يغلون في نبيهم غلو النصارى في عيسى عليه السلام، ولا يجفون عنه جفاء اليهود لأنبيائهم، انطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم : « فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا ،عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ » رواه البخاري.
رابعاً : الاسلام وسط في العبادات فيقيم الصلاة والصيام والزكاة والحج اذا استطاع وفق ما جاء في الشرع .
عباد الله : لقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من مغبة الغلو في العبادة بما يخالف هديه صلى الله عليه وسلم فقال : « أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّى أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّى وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي » متفقٌ عَلَيْهِ.
وقال عليه الصلاة والسلام : « إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا» رواه البخاري.
أقول قولي هذا ....
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ :
عباد الله : الاسلام كفل الحقوق والحريات، فلن تجد أعظم من الإٍسلام وسطية واعتدالا، فللرجل حقوقه، وللمرأة حقوقها، وللزوج حقوقه، وللزوجة حقوقها، وللآباء حقوقهم، وللأبناء حقوقهم، وللإخوة حقوقهم، وللأقارب حقوقهم، وللجيران حقوقهم، كل ذلك في إطار من التوازن، يضمن تماسك المجتمع، ويحقق التكامل بين أفراده. قال تعالى : ﴿ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 190]. وأقر النبي صلى الله عليه وسلم قول سلمان لأبي الدرداء رضي الله عنهما : « إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ» رواه البخاري.
وهذه الحقوق ضابط لمعنى الحرية، التي يجب أن تصب في معنى هذا التماسك والتوازن، لا أن تكون إطلاقا لعنان النفس، تعب من الشهوات، وتكرع من النزوات والنزغات، من اجل ذلك شرعت العقوبات الزاجرة، مراعاة لمصالح البلاد والعباد.قال تعالى : ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [المائدة: 15، 16].
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ .
[/align]
أَمَّا بَعْدُ : عباد الله : قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ البقرة 143..
يقول العلام السعدي رحمه الله – في تفسير هذه الآية أي: عدلا خيارا، وما عدا الوسط، فأطراف داخلة تحت الخطر، فجعل الله هذه الأمة، وسطا في كل أمور الدين، وسطا في الأنبياء، بين من غلا فيهم، كالنصارى، وبين من جفاهم، كاليهود، بأن آمنوا بهم كلهم على الوجه اللائق بذلك، ووسطا في الشريعة، لا تشديدات اليهود وآصارهم، ولا تهاون النصارى.
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ» متفقٌ عَلَيْهِ .
وهذه الآية إنما دلت على أن الوسطية التي وصفت بها الأمة إنما هي اتباع السنَّة وطريق الصحابة رضي الله عنهم وما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة وهم أهل العلم .
وقال صلى الله عليه وسلم : « لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ »رواه مسلم .
وهذا يقتضي من المسلم أن يعبد الله بعلم، وأن يحذر مكائد الشيطان الذي يُحيد عن الطريق المستقيم، ويُزيغ عن الهدي القاصد، الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ »رواه البخاري.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (فتاوى 3/375) في تفضيل طريق أهل السنَّة والجماعة : (وكذلك في سائر أبواب السنَّة هم وسط، لأنه متمسكون بكتاب الله وسنَّة رسوله وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان).
عباد الله : للوسطية في الإسلام مزايا وفوائد تميزها عن غيرها، والواقع أن معرفة هذه الأمور على قدر كبير من الأهمية؛ لأنها تعتبر ضوابط لتحديد الوسطية ومعرفة حقيقتها، كما وردت في الكتاب والسنة، وكما طبقها السلف الصالح من هذه الأمة، وفيما يلي نورد أهم مزايا وفوائد الوسطية في الإسلام :
أولا : أن الإسلام وسطا بين الملل، فلا شرك و لا إلحاد ولا وثنية، ولا توجد عبادة للأصنام والأوثان والحجارة وغيرها ، بل توحيد لله جل وعلا وعبادة خالصة لله تعالى، على الوجه المشروع، الذي دل عليه الدليل الصحيح، في ألوهيته، وربوبيته، وأسمائه وصفاته، من غير تشبيه، ولا تمثيل، ولا تحريف، ولا تعطيل .
ثانياً : الإسلام وسط بين المغالين الذين يجعلون العبد مجبورا على فعله، والمفرطين الذين يجعلونه خالق أفعاله، لينطلقوا بعد ذلك إلى الحكم على الناس بالتكفير والإخراج من الملة، بمجرد أفعال صدرت من هذا أو ذاك، وإن لم يستحلوها. قال صلى الله عليه وسلم : «هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ » قالها ثَلاثاً .رواه مسلم .
ثالثاً : المسلمين وسَط في اعتقاداتهم بأنبياء الله، يؤمنون بهم جميعا، لا يفرقون بين أحد منهم، ولكنهم يجزمون بأن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم خاتمتُهم، والمأمورُ باتباعه بعد بعثته دون سواه. قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً ، وَلَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلا اتِّبَاعِي » حسنه الالباني.
فالمسلمون لا يغلون في نبيهم غلو النصارى في عيسى عليه السلام، ولا يجفون عنه جفاء اليهود لأنبيائهم، انطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم : « فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا ،عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ » رواه البخاري.
رابعاً : الاسلام وسط في العبادات فيقيم الصلاة والصيام والزكاة والحج اذا استطاع وفق ما جاء في الشرع .
عباد الله : لقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من مغبة الغلو في العبادة بما يخالف هديه صلى الله عليه وسلم فقال : « أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّى أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّى وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي » متفقٌ عَلَيْهِ.
وقال عليه الصلاة والسلام : « إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا» رواه البخاري.
أقول قولي هذا ....
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ :
عباد الله : الاسلام كفل الحقوق والحريات، فلن تجد أعظم من الإٍسلام وسطية واعتدالا، فللرجل حقوقه، وللمرأة حقوقها، وللزوج حقوقه، وللزوجة حقوقها، وللآباء حقوقهم، وللأبناء حقوقهم، وللإخوة حقوقهم، وللأقارب حقوقهم، وللجيران حقوقهم، كل ذلك في إطار من التوازن، يضمن تماسك المجتمع، ويحقق التكامل بين أفراده. قال تعالى : ﴿ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 190]. وأقر النبي صلى الله عليه وسلم قول سلمان لأبي الدرداء رضي الله عنهما : « إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ» رواه البخاري.
وهذه الحقوق ضابط لمعنى الحرية، التي يجب أن تصب في معنى هذا التماسك والتوازن، لا أن تكون إطلاقا لعنان النفس، تعب من الشهوات، وتكرع من النزوات والنزغات، من اجل ذلك شرعت العقوبات الزاجرة، مراعاة لمصالح البلاد والعباد.قال تعالى : ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [المائدة: 15، 16].
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ .
[/align]
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق