﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ﴾

محمد البدر
1438/07/17 - 2017/04/14 01:53AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
أمابعد، قَالَ تَعَالَى :﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ .
وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ﴾[الذاريات: 41-42].
وقد سمَّاها اللهُ تعالى (عاتيةً) في قَوله تَعَالَى :﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ [الحاقة: 6]، قال المفسِّرون: عَتتْ عليهمْ بغيرِ رحمةٍ ولا بركةٍ. وقيل: عتتْ على الخزنةِ فخرجتْ بغيرِ حسابٍ.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ عُرِفَ ذَلِكَ فِى وَجْهِهِ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ وَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ « إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي ». وَيَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ « رَحْمَةٌ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وكان النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ « اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
عِبَادَ اللهِ:إنَّ الريحَ جُندٌ مِن جنودِ اللهِ تعالى التي لا يُقاوِمُها شيءٌ ، وقد توالتْ علينا منذ أيام رياحٌ شديدةٌ مصحوبةٌ بأتربةٍ كثيفةٍ تَأذَّى منها الناسُ وتضرَّروا، واغلقت المدارس وتعطلت بعض المصالح وبانَ عَجزُهُمْ عن ردِّها ودفعِ ضَرَرِها، حتى بإغلاقِ الأبوابِ والنوافذِ! فهي تصلُ لكلِّ مكانٍ ولو كان مُغلَقاً.
واحذروا - يا عِبَادَ اللهِ - من نسبةُ هذه الظواهرِ إلى الطبيعةِ! كما يُسميها بعضُهم: (غضبَ الطبيعةِ)!! وكما يقول بعضُهم: إنَّ هذه ظواهرُ طبيعيَّةٌ، لها أسبابٌ معروفة، لا علاقةَ لها بأفعالِ الناسِ ومعاصيهم!! كما يَجرى ذلك على ألسنةِ بعضِ الصحفيِّينَ والإعلامِيِّين، حتى صار الناسُ لا يَخافون عند حدوثِها، ولا يَعتبِرون بها. قال العلامة ابنُ عثيمينَ -رحمه الله- : (ونحن لا ننكرُ أنْ يكونَ لها أسبابٌ حِسِّيَّةٌ، ولكنْ: مَنِ الذي أوجدَ هذه الأسبابَ الحسيَّةَ؟؟ إنَّ الأسبابَ الحسيةَ لا تكونُ إلا بأمرِ اللهِ عز وجل، واللهُ بِحكمتِه جعل لكلِّ شيءٍ سببًا؛ إما سببًا شرعيًّا، وإمَّا سببًا حسيًّا. هكذا جرَتْ سُنَّةُ اللهِ عز وجل) [خطبة هذا نذير-موقع الشيخ].
فلْنَتَّقِ اللهَ - عِبَادَ اللهِ - ولْنأخذْ بأسبابِ النجاةِ؛ فإنَّ هلاكَ الإنسانِ ونَجاتَه مُقَيَّدٌ بما كسبتْ يداه، ولْنَعتبرْ بِمَن حولنا، ولْنَتَّعِظْ بما يَجري بالأقوامِ مِن غيرِنا، كان عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ يُحدِّثُ في المسجدِ: (إنَّ الشقيَّ مَنْ شَقِيَ في بطنِ أمِّه، والسعيدُ مَن وُعِظَ بغيرِه). [ظلال الجنة. صحيح].


أقول قولي هذا...

الخطبة الثانية :
قَالَ تَعَالَى :﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ . [الشورى: 30].
وَقَالَ تَعَالَى :﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ .
عِبَادَ اللهِ: اعلموا أن كُلُّ ما يحصلُ للعبادِ مِنْ مِحَنٍ، وكوارثَ ومَصائبَ؛ فبما كسبتْ أيديهم .
فينبغي علينا أن نتوب إلى الله وأن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب وأن لا نتمادى في غفلتنا وإعراضنا ويكون حظنا من هذه الأحداث إنما هو ترديدها في الأخبار وفي وسائل الإعلام من دون أن نخاف من دون أن نحدث توبة لله عز وجل من دون أن نحاسب أنفسنا يجب على الراعي والرعية وعلى جميع المسلمين أن يغيروا من أحوالهم من المعصية إلى الطاعة ومن الغفلة إلى الانتباه وحضور القلب والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى وإلا فالعقوبة عند الله أشد لمن لم يتب إلى الله سبحانه ولكنه من رحمته ورأفته بعباده لا يعاجلهم بالعقوبة وإنما يحدث لهم منها شيئاً فشيئاً لعلهم يتوبون إلى الله فيتوب الله عليهم ويستغفر لهم ويرفع ما بهم قَالَ تَعَالَى :﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ . الا وصلوا...
[/align]
المشاهدات 860 | التعليقات 0